العودة   منتديات مدينة السوق > قسم اللغة والدروس العلمية > منتدى المكتبات والدروس

منتدى المكتبات والدروس أغنى المكتبات على النت ,وجديد دور النشر وتعريف ببعض الكتب , ودروس في علوم الآلة

Untitled Document
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-11-2013, 02:59 PM
مشرف منتدى الحوار الهادف
أبوعبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل : Dec 2008
 فترة الأقامة : 5596 يوم
 أخر زيارة : 01-01-2024 (10:11 AM)
 المشاركات : 1,671 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : أبوعبدالله is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مقدمة إبن خلدون



في طبيعة العمران في الخليقة

وما يعرض فيها من البدو والحضر والتغلب والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ونحوها وما لذلك من العلل والأسباب اعلم أنه لما كانت حقيقة التاريخ أنه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها، وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصنائع، وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال. ولما كان الكذب متطرقاً للخبر بطبيعته وله أسباب تقتضيه. فمنها التشيعات للأراء والمذاهب، فإن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها عن الإنتقاد والتمحيص، فتقع في قبول الكذب ونقله. ومن الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار أيضاً الثقة بالناقلين، وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح. ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع، وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه فيقع في الكذب. ومنها توهم الصدق وهو كثير، وإنما يجيء في الأكثر من جهة الثقة بالناقلين. ومنها الجهل بتطبيق الأحوال على الوقائع لأجل ما يداخلها من التلبيس والتصنع، فينقلها المخبر كما رأها، وهي بالتصنع على غير الحق في نفسه. ومنها تقرب الناس في الأكثر لأصحاب التجلة والمراتب بالثناء والمدح وتحسين الأحوال وإشاعة الذكر بذلك، فتستفيض الأخبار بها على غير حقيقة، فالنفوس مولعة بحب الثناء، والناس متطلعون إلى الدنيا وأسبابها من جاه أو ثروة، وليسوا في الأكثر براغبين في الفضائل ولا متنافسين في أهلها. ومن الأسباب المقتضية له أيضاً وهي سابقة على جمبع ما تقدم الجهل بطبائع الأحوال في العمران، فإن كل حادث من الحوادث ذاتاً كان أو فعلاً لا بد له من طبيعة تخصه في ذاته وفيما يعرض له من أحواله، فإذا السامع عارفاً بطبائع الحوادث والأحوال في الوجود ومقتضياتها، أعانه ذلك تمحيص الخبر على تمييز الصدق من الكذب، وهذا أبلغ في التمحيص من كل وجه يعرض.
وكثيراً ما يعرض للسامعين قبول الأخبار المستحيلة وينقلونها وتؤثر عنهم. كما نقله المسعودي عن الإسكندر لما صدته دواب البحر عن بناء الإسكندرية، وكيف اتخذ تابوت الخشب وفي باطنه صندوق الزجاج وغاص فيه إلى قعر البحر، حتى كتب صور تلك الدواب الشيطانية التي رآها، وعمل تماثيلها من أجساد معدنية، ونصبها حذاء البنيان ففرت تلك الدواب حين خرجت وعاينتها، وتم له بناؤها، في حكاية طويلة من أحاديث خرافة مستحيلة من قبل اتخاذه التابوت الزجاجي، ومصادمة البحر وأمواجه بجرمه، ومن قبل أن الملوك لا تحمل أنفسها على مثل هذا الغرر، ومن اعتمده منهم فقد عرض نفسه للهلكة وانتقاض العقدة واجتماع الناس إلى غيره، وفي ذلك إتلافه، ولا ينتظرون به رجوعه، عن غروره ذلك طرفة عين، ومن قبل أن الجن لا يعرف لها صور ولا تماثيل تختص بها، إنما هي قادرة على التشكل، وما يذكر من كثرة الرؤوس لها فإنما المراد البشاعة والتهويل لا أنه حقيقة.
وهذه كلها قادحة في تلك الحكاية. والقادح المحيل لها من طريق الوجود أبين من هذا كله. وهو أن المنغمس في الماء ولو كان في الصندوق يضيق عليه الهواء للتنفس الطبيعي وتسخن روحه بسرعة لقلته، فيفقد صاحبه الهواء البارد المعدل لمزاج الرئة والروح القلبي، ويهلك مكانه. وهذا هو السبب في هلاك أهل الحمامات إذا أطبقت عليهم عن الهواء البارد، والمتدلين في الأبار والمطامير العميقة المهوى إذا سخن هواؤه بالعفونة ولم تداخلها الرياح فتخلخلها، فإن المتدلي فيها يهلك لحينه. وبهذا السبب يكون موت الحوت إذا فارق البحر، فإن الهواء لا يكفيه في تعديل رئته إذ هوحار بإفراط، والماء الذي يعدله بارد، والهواء الذي خرج إليه حار، فيستولي الحار على روحه الحيواني ويهلك دفعة ومنه هلاك المصعوقين وأمثال ذلك.
http://www.4shared.com/office/sbsLZli-/____.html



 توقيع : أبوعبدالله


العقول العظيمه تناقش الافكار , والعقول المتوسطه تناقش الاحداث , والعقول الصغيره تناقش الاشخاص


رد مع اقتباس
قديم 12-12-2013, 08:52 PM   #2
مراقب عام القسم الأدبي


الصورة الرمزية السوقي الخرجي
السوقي الخرجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 06-03-2016 (12:32 AM)
 المشاركات : 780 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مقدمة إبن خلدون



شكرا لك وإن تعجب فاعجب من هؤلاء العلماء الذين اتصلوا للعلم بكل سبب, وسلكوا من ينابيع المعارف كل سرب, فحين تقرأ هذه المقدمة يخيل إليك أنك تقرأ لعلماء وعباقرة هذا العصر
إنه ابن خلدون مالئ الدينا وشاغل الناس.


 
 توقيع : السوقي الخرجي

غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقدمة إرشادالغلام إلي مثلثات اﻷسام العلوي السوقي المنتدى الأدبي 1 12-08-2013 10:22 AM
ماذا تقرأ هذه الأيام ولمن أبوعبدالله منتدى المكتبات والدروس 26 06-11-2013 10:11 PM
الذاكرة المرابطية: ماذا بقي منها وكيف؟ أبوعبدالله المنتدى التاريخي 2 05-18-2013 10:19 PM
قراءات في مفهوم الدستور,, عبادي السوقي منتدى الحوار الهادف 6 12-11-2012 12:33 PM