268. حَامّ / مُحمد بن مَحمد الإدريسي التبورقي السوقي

268. حَامّ / مُحمد بن مَحمد الإدريسي التبورقي السوقي :
هو الشيخ مُحمد المعروف بحام بن محمد المعروف بحمنٌ بن سيدي بو بكر بن القاري ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) .
قال الشيخ العتيق : هو من أشهر علماء البلد في القرن الثالث عشر الهجري وهو الذي انتهت إليه رياسة قومه في العلوم الشرعية وفي القيام بأمور جماعته ، وكان معظما في الصدور ولا فرق في تعظيمه بين السلاطين والجبابرة وبين غيرهم ، وله كثير من القصائد في موضوعات شتى من المديح النبوي والدعاء في المهمات وقد جرب في وقته وبعده أن من الدعاء المستجاب دعواته في قصائده ، وكان يأتي فيها بأنواع من الدعاء لا تخطر على البال إلا لمثله . ومن قصائده المشهورة والمجرب قضاء الحوائج عند قراءتها التي أولها :
حصني الحصين إذا ما السوء أخشاه
تبارك الله وا غوثاه غوثاه


والتي أولها :
إذا ما ألمّ وعمّ البلا
فلا حول إلا برب العلي

فرب العلي دائما لم يزل
رحيما بنا محسنا مفضلا

يدافع عنا برحمته
ويعطي المؤمّل ما أملا


والتي أولها :
إياك يا مالكي إذ منك حمانا
أدعو لها ، وإليك منك منجانا


وله قصيدة في الوعظ والإرشاد أولها :
غضوا عيونكم يا حزب إخوان
وراقبوا الله في سر وإعلان


وقد شرحها شيخنا المفسر محمد الصالح بن محمد ميدِ شرحا واسعا سماه " مسلك الذاهب ومرتع الراغب " وله قصيدة في مدح شيخه حَنَّ بن أمّتَّال والإنكار على إخوان له انتقلوا عن البلد الذي فيه إلى بلاد أرَبَنْدَ وأولها :
ألا لا تروا ما ذا كم الرأي هجرة
إلى منزل يأباه أسلافنا الكيسي


وقد اتفقت كلمة معاصريه ومجاوريه على تقديمه في الفضائل والإقرار له بالسبق منهم الشيخ الأنصاري اليعقوبي سيدي محمد والد التقي النقي هاني من أهل تِنَقَّسَا فإنه خاطبه بقوله :
إلى لى سيدي مني السلام سيادة
تسمى بها لفظا وأحرزها معنى

سلاما يليق بارتفاع مكانه
ويعلو عن أن يهدى إلى غيره ، مغنى


مر إلى أن قال :
وهل أنت إلا سيد عمّ نفعه
فمن تُقص نُقصِه ومن تُدنه يدنى

وإن كان أمر في الأمور أتيتَه
صوابا فخطاناك في الأمر ، أخطأنا

فأنت غياث العالمين وغوثهم
وغيث به تجبى الرغائب أو تجنى

وكهف به تكفى المكاره كلما
أظلت ويستشفى به الداء إن عنا

فسكن نوائر الزمان وقم بها
وإلا فمن يعرى لذلك أو يعنى

وأنتم رعاة الكون سرا أو جهرة
وإن نمتم عنا ولو ساعة ضعنا


انتهى ما وقفت عليه من القصيدة في تأليف الشيخ الخضر بن الشيخ حماد ناقلا له من خط شيخه محمد بن محمد محمود وكلاهما ثقة عدل رضي فنقلهما لا شك فيه كما لا شك في أن هذا الشاعر ما أخبر عن شيء من أخبار الشيخ عن ظن وتخمين ، بل عن بصيرة ويقين .
ورأيت من إخواني المعاصرين من عقد له ترجمة واسعة لكن اخترت عليها شهادة هذا الشاعر لأنه عاصر الشيخ الذي يخاطبه وصاحبه وأحاط علما بكثير من شمائله . ولم يرحل في طلب العلم بل أخذ العلوم الشرعية عن شيوخ حيه وأخذ ورد القادرية عن الشيخ حَنَّ بن أمَّتَّالْ الأنصاري وهو أخذه عن الشيخ سيدي المختار بن أحمد الكنتي ، ثم صار شيخا في القادرية ، وأخذها عنه قومه وأكبر الآخذين عنه أخوه نوح بن محمد وهو الذي خلفه في إعطاء الورد القادري وعن الشيخ نوح أخذها شيخ الشيوخ حماد بن محمدُ الذي صار شيخا مربيا لجميع من يتأهل لذلك في البلاد القريبة منه والبعيدة . وأما ولادة الشيخ المترجم ففي أوائل القرن الثالث عشر تقريبا ووفاته في أوائل الذي بعده ، ولم أطلع على تعيين يومها لكن اطلعت على ما يفيدأنه حي عام عشر من القرن الرابع عشر ، وسمعت أنه عاش مائة ، وله أربعة من الإخوة سوى خليفته نوح ، وهم : محمد المعروف باسم أَمَّ ، ومحمدُ والد الشيخ حماد ، ومحمد الصالح والد عمران وإخوته وهم : محمد آيَّ ومحمد أحمد وعيسى وأحمد المعروف باسم حَمَتَّ ، وجميع المذكورين من أولاد مَحمد ـ بفتح الميم ـ والد مُحمد ـ بضمها ـ وأولادهم من كبار العلماء على ما بلغني لكن لم أقف لهم على أثر منظوم ولا منثور إلا ما ساذكره(2) .