275. محمد بن محمد الأمين الحسني الإسكني السوقي :
هو الشيخ محمد بن محمد الأمين المعروف بخدو ابن الصالح بن إتس بن مَحمد بن بن محمد حام بن إسحاق ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) . كذا حدثني البعض ومن يعرف سلسلته فليفدني بها .
قال الشيخ العتيق : ويعرف أبوه باسم خَدُو وهو أعلم من الجميع مشارك في الفنون وغلب عليه الفقه أصولا وفروعا ، وكان متشددا في التقيد بمذهب مالك ، وله تآليف منها " القول الأسبغ الأشبع في المسائل الأربع " ومنها تأليفه " في الرد على عبد الله بن المحمود " ومنها " رسالة في القبض والسدل " يتعصب فيها لمن يرى كراهية القبض وسنية السدل وينكر فيها على من خالف قول ابن القاسم في المدونة وبسط فيها الأقوال وأفاد ، وكم باحث في ذلك الموضوع من خالفه من أصحابه الذين يرون سنية القبض ويعملون به ، ومنها رسالة في الرد على من يدعون رؤية الله بأبصارهم في هذه الدار ويرون أنه حال في كل موجود أو متحد به " وله رسائل في الردود على من يفتون بخلاف المشهور ، وكان من أحسن الناس خلقا ما لم ينكر شيئا من جهة الشرع فإذا أنكره ملكته الحمية والغضب ولا يخاف ذا سطوة ولا يداهن على المنكر . أما جوده : فمما لا يختلف فيه اثنان وانتفع به الناس دينا ودنيا ونال مرتبة عظيمة عند الرؤساء ونفع المسلمين وعلم كثيرا من الناس ، وأحب المجالس إليه وأحسنها عنده مجالس العلماء حتى كأنه لا يعتبر غيرهم من أهل الغنى والرياسات ، ومن رسائله " رسالة يذكر فيها شيئا من أخبار أسلافه موجبها أن ابن عمه حمّدا بن محمد بن حدي من حي أهل تَكَلَلْتْ لما قام بتدوين آثار بني علي بن يحي وأخبارهم كتب إليه يريد منه أن يفيده ما يتعلق بأهل بيته الأقربين فكتب في جوابه الرسالة المذكورة ، ومما كتبه فيها أن أصل تسمية حيهم باسم أهل إسَكَنْ أن قبيلة عظيمة من أهل السوق لهم إمارة كبيرة وأتباع كثيرون وكانوا يسكنون في الموضع المسمى إسَكَنْ وهو قريب من بُرَمْ كانت تلك القبيلة أخوال محمد حَامَّ الذي هو الجامع لأهل إسَكَنْ الدغوغيين الذين هم الموجودون الآن ، فلما شب محمد حامَّ وكانت تلك القبيلة على عادة غيرهم من قبائل البربر التي اعتادت توارث الإمارة بالأمهات مالت الرعية إلى عزل من كان أميرهم قبل وتأمير الشريف الذي جمع بين كونه شريفا وبين كونه من أولاد النساء اللاتي لا يتأمر إلا أولادهن فاستنكف أمير القبيلة أن يعزل وغضب على الرعية وعلى الشاب الذي يريدون تسويده فلما علم الشريف بذلك ذهب إلى موضع خال وجلس فيه ثم قال من كان لي فليلحق إلي ومن كان لغيري فليذهب إليه فلحق به بعض الناس وتخلف البعض عند أميرهم فبنى مسجدا له ولمن تبعه وانعزل عن جماعة الأمير ، ثم لم تزل جماعته تتزايد وجماعة الأمير تنتقص ، فلما مات الأمير اجتمع الكل على الشريف وتقدم وحسده قوم الأمير الذي قبله ولكن لم يتمكنوا من إيصال شيء من الأذى إليه ولما انتقلت إمارة القبيلة إلى هذا الشريف وأولاده لم ترجع إلى من كانت فيهم قبل بل بقيت في أهل البيت الشريف إلى الآن وانقرضت تلك القبيلة تماما وورث بنوا محمد حَامَّ اسمهم كما ورثوا إمارتهم ، وهذا رويته بالمعنى إذ لم يحضرني اللفظ وقت الكتابة . ويقول من يقص الأخبار الماضية من حي أهل بَكُ إن هذا الحي السوقي المنقرض كان من أتباع إمارتهم يأخذون من رعيتهم شيئا من الأوات فيؤدونه إلى أمير السوقيين في بَكُ ثم يؤديه ذلك الأمير إلى سلطان البلد من السودان ثم الرماة ثم من التوارق ولم يزالوا في تبعية أمارة بَكُ حتى آلت إمارتهم إلى أهل البيت الشريف فأسقطوا وساطة أهل بَكُ بينهم وبين السلاطين واستقلوا بأنفسهم ولا أمير عليهم إلا سلطان البلد من التوارق . وذكر الشيخ محمد بن محمد الأمين في رسالته هذه كثيرا من الكرامات التي وقعت لأسلافهم ، ومنها أن بعض أجدادهم طلب منه بعض المتجبرين شيئا فلم يسعفه به فغضب المتجبر وانصرف عنه ولم ينله بأدنى أذى . وللشيخ محمد بن محمد بن الأمين أجوبة فقهية في مسائل عديدة سوى تآليفه المذكورة ، مات عام ألف وثلاث مائة وتسعين 1390هـ وخلف من حيه تلاميذ يرجى أن ينتفع الناس بهم وهم في قيد الحياة وقت الكتابة(2) .