إيناس القادم بلطائف من سيرة الإدريسي محمد أبي عاصم

إيناس القادم بلطائف من سيرة الإدريسي محمد أبي عاصم
المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الحي القيوم ـ عز وجل، الذي خلق الخلق كل إلى جل.
فسبحان من كتب الفناء للدنيا ومن فيها فيموتون، فصلوات الله وسلامه على من أوحي إليه: إنك ميت وإنهم ميتون.
وبعد:
بادئ ذي بدء ـ فإني لا أتناول بالتفصيل ـ بإذن الله تعالى ـ ما تناوله غيري ـ كل مشكور على حسن وفائهم، وما يتعلق بواجبهم التاريخي في حق بعضهم لبعض، كما نشر في منتديات مدينة السوق من المشاركة من الذكر الحسن، كل أدلى بدلوه بعد الدعاء بالمرحة، ثم ما أتحف به من المعلومات التاريخية التي منها ما ورد بالتفصيل، من ذكر النسب وسرده ـ لصاحب هذه السيرة ـ وما في معناه كذر ذريته الكريمة ـ حفظهم الله بحفظه الكريم.
فأنا سأنحو نحو منحاهم في غير ما بسطوا فيه القول نوعا ما ـ إن شاء الله ـ بل أنا بجمل تتعلق بسيرة بقريبنا وحبيب وأنيس كان بين أظهرنا ـ رحمه الله تعالى ـ جد واجتهد مع أهل وده بصورة شخصية كريمة رجل ذي رحم ودود، وصاحب بار صديق كريم طيب العشرة زكي العود، ذلكم هو:
أبو عاصم في السطور ـ رحمه الله البر الرءوف الغفور.
اسمه:
محمد بن محمد...
كنيته:
أبو عاصم...
لقبه:
بُسَّتْ...
نسبه:
من بيت النبوة من الأدارسة فيهم...
قبيلته:
كَلْ مَرْسي ـ إحدى قبائل: ((كَلْ تَمُوكَسِينْ)) من قبائل السوقيين الشهيرات.
وبقبيلته ((كل مرسي)) لقب نفسه: بـ((فتى مرسي)) في منتديات مدينة السوق...
عقيدته:
من أهل السنة والجماعة، على نهج السلف الصالح في التمسك بالكتاب والسنة، ومحاربة البدع...
أخلاقه:
رجل كريم عزيز النفس، سخي اليد، بر بقرابته، بل بمعارفه، طيب العشرة، سليم الصدر...

مآثره:

· كان من أوائل أعياننا الخيرة، الذين أدركتهم، ممن ذاع صيته بين من له صلة به، قرابة كانت أو غيرها، حتى أصبح لقبه: بست، في البلاد بين من له صله به لقبا كأحد ألقاب الأعيان المشاهير البررة بمعارفهم، كما اشتهرت كنيته: أبو عاصم، بمثل ذلك لما تحمله من معاني الفضل في داخل بلاد الحرمين، وخارجها في محيط معارفه...
· ومما يذكر فيشكر، مكانته الاجتماعية أن جعلته همزة وصل لمعارفه، حتى أصبح رمز بريده وهاتفه في تلك الفترة التي قل وجود مثل هاتين الوسيلتين لكل واحد من بني أفقه، هما الوسيلتان في سبيل التواصل في الداخل والخارج لمن له صله به في كثير من القبائل محيط أفقه...
· وأما إذا جئته في منزله أحيى في نفسك معنى قول الشاعر:
نحن الضيوف وأنت رب المنزل.
من الأنس، والبشاشة، وكرم الضيافة، والمحادثة الأخوية الكريمة...
فإن كنت من أهل العلم، يحاول جاهدا أن لا يبخل عليك بما عنده من المعارف في ذلك، ولا سيما كتاب التاريخ، والأدباء، بل والدعاة إلى الله تعالى، فيما يتعلق بالتمسك والكتاب والسنة على نهج السلف الصالح الرضي...
كلا يمده بتخصصه ـ حسب ما لديه من المعرفة ـ إضافة إلى تزويدك بأسماء المصادر، بل وبالمصادر نفسها إن كانت لديه نسخ في الوقت نفسه...
كما يقل أن يمدك بمصدر من عنده إلا وتجد فيه تعليقات له ـ حسب ما يستظرفه ـ ولقد شكرت له ذلك خاصة في المصادر ذات العلاقة بالدعوة إلى الله تعالى...
ولقد مدني بشيء من ذلك، منها كتب التصوف، عامتها عليها تعاليق له موفقة، وقد أعلم على كثير من مواضعها لتوقف القارئ الكريم على تلك الموضوعات الهامة...
· هذا جانب، وجانب آخر، هو ما يتعلق بإعارة كتبه لمعارفه من طلاب العلم، وجانب ما يتعلق بالإهداء لهم، وجانب ما يتعلق بتصوير ما لديه من الآثار من تاريخ وغيره لهم...
ولقد بلغ في ذلك مبلغا كبيرا لم أر من بلغه، خاصة أنه هو الذي يقوم في كثير من الأحايين بتصوير كل ما لديه، مما يراه يهم تخصصك فيمدك به كهدية، ويدفع ثمن تلك المصورات، مهما كلفته...
بل ويفعل الشيء الكثير من ذلك في موسم الحج عند ما يرى بعض أهل العلم من أهل أفقنا على مختلف قبائلهم من السوقيين وغيرهم من أهل العلم.
أما من كان في بلاد الحرمين من طلاب العلم من أهل أفقنا، فقد قام بجهد كبير جدا تجاه حثهم على القيام بواجبهم، من جمع التراث لقبائل السوقيين وغيرهم ونشره، خاصة في مجال التاريخ...
ولقد بلغ في ذلك الغاية القصوى في حثهم بذلك، ومدهم بما عنده من ذلك، ما جعل الكثير يفر من ملاقاته، لكثرة متابعته للجديد بدورهم، مما هو من واجبهم، وكثرة إلحاحه عليهم بالكتابة ـ حسب تخصصاتهم، ولا سيما التاريخ، بعد أن مدهم بالغالي والنفيس مما عنده في ذلك...
بل ومن العجيب النادر لدى الكثيرين أن مدني بقطعتين كبيرتين من نسخ الجرائد التي تناولت الثورة الطارقية 1990ميلادية.
وكاد أن لا يفوته شيء مما نشر عن الثورة الطارقية في تلك الفترة.
وكل ذلك في سبيل اهتمامه بتاريخ أمة أفقه في القديم والحديث، وتلك النسخ من الجرائد التي تفضل علي بمصورات منها عندي الآن وغيرها، ولمادتها وقت الفراغ لها ـ بإذن من بيده ملكوت كل شيء.
وما أعارني من الكتب التي ناولت تاريخ أمة أهل أفقنا فالشيء الكثير، بل ولقد استقبلني بعد مجيئي من تنغاكلي مباشرة، وما أدري ما التاريخ، فضلا أن يكون لي إلمام به، لقلة بضاعتي العلمية في المعارف عموما وخصوصا التاريخ، فكان لي مثلا حيا لمن قال:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى***فصادف قلبا خاليا فتمكنا
ومن الأدلة على ذلك أن زمن الثورة الطارقية السابقة التاريخ كنت في تنغاكلي، ولكن بعد قدومي منها إلى بلاد الحرمين حنكني بالكتابة في التاريخ التي منه ما بدأني به في تلك الفترة أيضا من إهداء نسخة مصورة من تعليقات الشيخ إكات الإدريسي السوقي المرسي، وكان من العلماء المعلقين على كتبهم بفوائد متنوعة، وطلب مني صاحب هذه السيرة أن أعلق على تعليقات الشيخ إكات ـ رحمهما الله تعالى ـ وأنا وقتئذ ليس لدي من المعرفة سوى ما يتعلق بالقواعد.
لذا فلا أنكر معروفه علي، بل لو قلت لصدقت في أنني من صناعته ـ بعد مشيئة الله النافذة ـ في حب التاريخ والاهتمام به، والكتابة فيه ـ فجزاه الله عني كل خير.
هذا وليس من التاريخ في شيء أن يلغي أحد في كتابة تاريخ نسفه فضائل غيره، خاصة فيما له تعلق به بالضرورة، فالأمر كما قال الشاعر:
فاخدع الأحياء إن شئت فلن***تخدع التاريخ في المنخدعين
فإن لم يكشف اللثام ـ في وقت من الأوقات ـ عن تلك الفضائل المحذوفة مبالغة في إخفائها، فلن تعدم ـ بإذن الله تعالى ـ من يبرزها بالقلم البار للعيان، ككنز مسروق ثمين الدرر الحسان، لأن كتاب التاريخ منهم من ليس بينه وبين الحق عداوة...
بل من العدل والإنصاف ـ وإن كان عزيزا ـ أن تذكر لأهل الفضل فضلهم، كما قال حسان:
واذكر أبا بكر بما فعلا.
فحقا ما قيل: لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه ـ فرضي الله عنك يا حسان ورضي عن أبي بكر الصديق، وعن سائر الصحابة أجمعين.
ومهما يكن من أمر من لم يبر بذكر الفضل لأهله في تاريخه، بل ولو مر على ذكر ذلك الفضل على استحياء، بطرف خفي مما لا يستقيم لنقله إلا به، فإن من يفعل ذلك الصنيع، يوعظ بقول من قال:
ومهما تكن عند امرء من خليقة***ولو خالها تخفى على الناس تعلم
فالتاريخ هو نشر مالك من محاسن وفضل، إن شرعت في ذكرها، ونشر ما لغيرك إن تعلقت بها سواء بسواء، بل إن كانت محاسن غيرك لها صدر الصلة في الموضوع نفسه على محاسنك لتعلقها بها تقدم في الذكر غيرك أداء للأمانة العلمية التاريخية، لقول من قال:
والابتداء بالأهم ملتزم
هذا ومما يذكر فيشكر لصاحب هذه السيرة نقلا وعقلا، أنني زرته في فترتين متباعدتين حسب ما بينهما من الزمان، فطلبت منه تصوير نسخة رأيتها عنده من تاريخ المنطقة، قال لي: إن مؤلف النسخة طلب مني أن لا أصورها لأحد، فعاهدته على ذلك.
فاعتذر لي بذلك، فأعذرته بعد إلحاح مني قابله بالاعتذار السابق الذكر، وكذلك صنع معي في الفترة الثانية، حينما رأيت عنده نسخة أخرى لمؤلف آخر من أهل أفقنا، فاعتذر لي بعد طلبي بمثل اعتذاره السابق ـ اللهم أكرم مثواه واجعل قبره روضة من رياض الجنة.
هذا في غير مثل المثالين السابقين فإنه قد تجاوز الحد في تصوير النسخ لمعارفه، وإهدائها لهم، لخواص معارفه، بل ولعمومهم في الجامعات، والنوادي الأدبية، بل والقنوات والجرائد والمجلات، ولما جاء عصر الجوال استعمله في الرسالة التاريخية نفسها...
هذا ولما جاء عصر الانترنت، خاصة بعد أن أنشئ موقع: منتديات مدينة السوق، قام بإيصال الرسالة نفسها إلى إدارة المنتدى بل ورواده في أهمية نشر تاريخ أفقنا المنظوم والمنثور.
ولقد كفاني ذكر شيء من ذلك أثر قلمه المأثور في موقع منتديات مدينة من يوم بدأ في الكتابة فيه إلى يوم غيابه عنه بسبب ما لازمه من أمراض حتى أتاه أجله ـ رحمه الله رحمة واسعة...
· هذا أمر، وأمر آخر: ما قام به من الدور الكبير في مد يد العون لقومه من قرابة ومن في معناهم، من بذل ما في يده لهم، والقيام بدور الشفاعة لهم خاصة فيما يتعلق بالدوائر الحكومية، والمستشفيات تجاه المرضى من قومه...
وقد حقق الله في يده الشيء الكثير في ذلك، وهو في ذلك سيحيى صنيعه لدى من له علم بذلك معنى قول الشاعر:
وما كان قيس هلكه هلك واحد***ولكنه بنيان قوم تهدما

رحمه الله رحمة واسعة نشكر الاخ الشيخ الاسدي على ما قاله وسطره بنانه عن هذا العلم و لايوجد من يعرف اباعاصم الا ويبصم بالعشرة على ما قلته فزدنا من سيرته العطرة بارك الله في جهودكم.

الشكر والتقدير

بعد أسمى التحيات:

الأستاذ الأديب السوقي الخرجي ـ بارك الله فيك وفي مرورك الكريم.

ومن اللطائف في هذه السطور:
أن الكتاب الأول الذي اعتذر لي فقيدنا أبو عاصم ـ رحمه الله تعالى ـ هو كتاب: أسرع أزوارق...
أول نسخة منه رأيتها مصورة للغير تلك، فحاولت اقتناءها بتلك المحاولة التي لم توفق.
وأن الكتاب الثاني للأستاذ الصحفي عمر الأنصاري تناول فيه لطائف تاريخ طفولته، وما بعدها وهو أيضا رأيت عند فقيدنا ـ رحمه الله تعالى ـ نسخة منه مطلع هذه السنة1433هـ.
فحاولت اقتناءها بتلك المحاولة التي لم توفق أيضا.
فجزى الله فقيدنا أبا عاصم خير الجزاء كلما وفى الله المثوبات من وفى بوعده...
فالوفاء بالوعد عزيز وجليل، وصدق الله إذ يقول عن أحد أنبيائه ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام: إنه كان صادق الوعد.

أبو عاصم ـ رحمه الله تعالى ـ في سطور التاريخ المجيدة:
زبرها بعض مواقفه التاريخية الجليلة النبيلة الحميدة

إن مما يمدح به الرجل الدفاع عما يتعلق بعرضه، وما في معناه مما جاء الشرع بعظم جانبه...
وحام عن عرضك واستبقه***كما يحامي الليث عن لُبدتيه
فكان صاحب السيرة رجلا طيب النفس، لين الجانب، جميل العشرة إلا أنه لا يقر المنكر عن نفسه، ولا عمن يمت به من صلة قرابة، بل وأفقية...
فكان من ذلك موقفه العزيز تجاه كتاب الدكتور عبد الله الأنصاري ـ الانتصري ـ الذي تناول فيه آل السوق بسوء من القول ظلما وزورا...
فكان أبو عاصم ـ رحمه الله تعالى ـ ممن له موقف جليل الإنكار، شديد الاستنكار، فكان ذلك الموقف العزيز سببا لمحاولة بعض جماعة ذلك الدكتور النيل منه، ومن غيره بسوء من القول، بل بلغ بعضهم حد الفحش في القول المنكر، مما تناوله شذاذ كل اتنصر في قوافلهم الضعيفة الحديث، من هجاء باطل...
فلولا أنه منشور في مواقعهم بعبارات سيئة، سمحوا لأنفسهم بنشر تلك المقالات المنكرة المتعلقة بأسماء منها اسم صاحب هذه السيرة ـ رحمه الله تعالى ـ ولولا ذلك الصنيع المنكر لما تعرضت لذكرهذا لقبحه، فتعرضي له هنا من باب التنبيه على نكت حسان حول: حقائق الهجاء والمذمة غير المعتبرين نقلا وعقلا:
علما أنه قديما قيل: ما زالت الأشراف تهجى وتمدح.
كما نقله محمد حسين السيد، في حق العلامة المفسر البقاعي الشافعي، في مقدمة تحقيقه لكتاب: ملح اللسان، للبقاعي الشافعي نفسه ـ رحمه الله ـ ص 18 دار الفضيلة.
قلت: ولو كان ذلك الهجاء والمذمة وقعا تحت حادثة اجتماعية منكرة ذات بال، لعقلها العاقلون، وإنما وقعت تحت حقيقة قول من قال:
والناس كلهم يغدو بحاجـــتــه***من بين ذي فرح منها ومهموم
ومالك ظل مشغولا بنسبتــــه***يروم منها بناء غير مــــــروم
يبني بيوتا خرابا لا أنيس بها***ما بين طوق إلى عمر بن كلثوم
كما قاله دعبل في معرض الطعن في مالك بن طوق...
لذا فما قيل من سوء القول في حق أبي عاصم مما سبقت الإشارة إلى ذكر سببه، فإنه يقال فيه ما قاله ضياء الدين ابن الأثير الجزري، المتوفى 637هـ ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله: وليس الهجاء دليلا على إساءة المهجو، ولا صدق الشاعر فيما رماه به، فما كل مذموم بذميم، ولا كل ملوم بمليم، وقد يهجى بهتا وظلما...
وليس في ذلك كله عار يلحق الأعقاب.
كتاب: مؤنس الوحدة، ص21-22.
تحقيق الدكتور يحيى الجبوري.
دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.
وقال ابن الأثير: ومن هذا الفن أن شاعرا في زماننا هذا هجا بعض الأعيان بأبيات مطبوعة، تداولها الناس، فحبس وعزر، وأراد الوزير أبو علي بن صدقة أن يستكفّه عن الزيادة، فقال له: ما أردت من هجاء هذا الرجل، هل اجتديته فمنعك، أو مدحته فحرمك، أو كانت لك حكومة فمال فيها عليك، قال: كل ذلك لم يكن.
المصدر نفسه ص25-26.
ومما يزيد ذلك وضوحا اعترافات بعض من وقع منه الهجاء ظلما وبهتانا، من ذلك لما قتل جعفر بن يحيى ـ البرمكي ـ بكاه أبو نواس، وجزع عليه، وقال: اليوم ذهبت المروءة والأدب، فقيل له: أتقول هذا وكنت تهجوه وتقطّعه من قبل؟
فقال: ذاك لركوب الهوى، أيكون أكرم من جعفر.
قلت: بل من الناس من ابتلي بحب الهجاء ابتلاء بلغ الغاية المنكرة، من ذلك: ما روي أن الحطيئة هم بهجاء، فلم يدر من يستحقه، فجعل يجول، ويقول:
أبت شفتاي اليوم إلا تكلما***بسوء فما أدري لمن أنا قائله
ثم اطلع في ركي ـ بئر ـ فرأى وجهه فقال:
أرى لي وجها شوه الله خلقه***فقبح من وجه وقُبِّح حامله
بل وهجا أباه وأمه، فقال:
ولقد رأيتك في النساء فسُؤتني***وأبا بنيك فساءني في المجلس
المصدر نفسه ص24-25.
هذا ومما يذكر من الترفع عما لا يليق بالكريم النبيه النبيل، فتراه دائما متعلقا بذيول مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، فيجل نفسه من أن تقع في مستنقع العبث بأعراض الناس هجاء وذما، من ذلك قول صخر بن عمر بن الشريد السلمي...:
تقول ألا تهــــجو فوارس هــــــــاشم***وما لي إذ أهجوهم ثم مـا ليا
أبى الشتم أني قد أصابوا كريمتي***وأن ليس إهداء الخنا من شِماليا
المصدر نفسه ص26
فتخلصا من هذه النكت الدقيقة إلى أن صاحب هذه السيرة أبي عاصم هو ممن يقال في حقهم :ما زالت الأشراف تهجى وتمدح.

حديث البين ـ خاتمة اللطائف:

حقا ما قاله الشاعر:
لا مرحبا بغد ولا أهلا به***إن كان تفريق الأحبة في غد
وذلك أنني جئته زيارة في يوم 17/7/1433هـ.
ليلة رحلتي الدعوية إلى إفريقيا هذه السنة، فوافق زيارتي له بداية شدة المرض معه ـ المرض الذي توفي فيه بعدي.
وعلى كل حال فإنني لما جئته في تلك الزيارة آنسته بحديث ذي شجون، لأخفف عنه بعض الشيء من آلام المرض.
ففعلا إنه بادلي بالحديث الأخوي الكريم، حتى بلغ أن أخبرني بمن اتصل عليه من أصحابه بعد أن رقد في المستشفى في مرضه الأخير، الذي عاد بعدي إلى المستشفى الذي وافاه فيه الأجل ـ رحمه الله رحمة واسعة...
قلت: فلما أخبرني بمن اتصل عليه من أهل مودته، استشعرت عظم صلة القرابة والأصدقاء بمرضاهم، كحق واجب عظيم القدر لدى المرضى...
ولقد أصبح الناس بلا عذر لهم أمام صلة مرضاهم في هذه الأزمنة، لتوفر وسائل الاتصالات المتنوعة التي سهلت التواصل بين المريض وذويه إن تباعدت بهم المواطن، وتعذرت الزيارة العزيزة الود، العظيمة الأجر في القرب والبعد...
هذا وفي أثناء حديث البين، كنت أذكره بالله على وجه: فضل ذكر الله ـ جل في علاه.
فكلما ذكرته بالذكر، شرع في التسبيح بعقد أصابع يده اليمنى، وفتحها كالمسبح، ثم يختم فتحها برفع السبابة ـ إشارة التوحيد لله رب العالمين ـ فاحشره يا ربي مع البررة الميامين، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وفي يوم الحساب ممن يقال لهم: ادخلوها بسلام آمنين ـ اللهم آمين.
وبهذا يتوقف بنا قلم سيرته ـ رحمه الله تعالى ـ على هذا الحد، إيجازا واختصارا ـ لله الأمر من قبل ومن بعد.
اللهم لا تفتنا بعده، ولا تضلنا بعده، واغفر له وارحمه، وارحمنا واغفر لنا إذا صرنا إلى ما صار إليه...

هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بدموع قلم أحد أحبائه وأقاربه.
ذلكم أبو العباس يحيى السوقي

رحمه الله وأسكنه الفردوس الاعلى ...وجزاك الله كل خير على هذا الطرح المبارك البار...
ذرفت دمعي بحبر دموعك وخاصة في تصوير رفع السبابه ..
رحل وترك لنا فراغا كبيرا ...ادام الله وجودكم ..