|
المنتدى الأدبي ميدان للإبداع خاطرة أدبية أوقصة أو رواية أو تمثيلية معبرة أو مسرحية أو ضروب الشعر وأشكاله |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
مختطفات من الإخوانيات في الأدب السوقي (بحث تخرج)
معكم أمح محمد أحمد السوقي ، أرجو أن تكون مشاركتي الأولى في هذا المنتدى بإرسال مختطفات من بحث تخرجي الذي بعنوان ( الإخوانيات في الأدب السوقي خلال القرنين الرابع والخامس عشر الهجريين ) فأرسل لكم الفصل الأول من هذا البحث وهو عبارة عن مقدمة تاريخية للسوقيين ، راجيا قراءة هذا الفصل ، وإبداء آراءكم فيه ، وبعد ذلك أرسل لكم بقية الفصول الفصل الأول : التعريف بالسوقيين ، وتحته مبحثان : المبحث الأول : الناحية التاريخية للتسمية ، وتحته مطالب : المطلب الأول : السوق المطلب الثاني : السوقي المطلب الثالث : أنساب السوقيين المطلب الرابع : مناطق وجودهم المطلب الخامس : الأصالة العربية للسوقيين للوقوف على المدلول الحقيقي للتسمية (السوق) أو المنطقة المعنية بهذا الإطلاق ، وفي هذا المقام بالذات ، وللتنقيب عن الجذور الأصلية للقب (السوقي) يجدر بنا : أولا : أن نجرد الكلمة من ياء النسبة حتى يتسنى تناول الطرفين (المنسوب إليه ، المنسوب) لوضع كل منهما – على حدة – فوق بساط البحث وتحت يد التفتيش . ثانيا : أن نناقش الطرفين من منظر تاريخي حتى يتأتي تحديد الموقع الجغرافي للمدينة التي ينتسب إليها هذا الجيل ، وتمييزها بين مثيلاتها المشاركة لها في الاسم 1 ، وحتى نتمكن من التنبيه على مراحل التدرج أو أطوار التنقل التي مرت على هذا اللقب قبل أن يستقر على المشهورين به أخيرا ويثبت لهم بوجه خاص دون غيرهم من أبناء المدينة الأم ، أولا : السوق بغض النظر عن الخلاف الذي أثير حول تعيين المدينة المعنية بهذا الإسم (السوق) والتي سكنها أجداد السوقيين في العهود الأولى لوصول الإسلام إلى الصحراء الكبرى وشمال إفريقيا ذلك الخلاف الذي أنتجه تعدد الأماكن المعروفة بهذا الاسم في شمال إفريقيا والوطن العربي بوجه عام وإن لم يحظ هذا الخلاف بتأييد علماء البلد ومؤرخي المنطقة ولم يكن له صدى يذكر في اوساط سكان الصحراء الكبرى ، فثنيت عنه عنان اليراعة ، وصرفت عنه زمام العناية ، فالتحقيق أن السوق المقصود هنا هي : مدينة بربرية قديمة تعرف عند الطوارق باسم (السوك) ويطلق عليها لدى العرب (السوق) وهي عبارة عن تعريب للتسمية الطارقية ، واشتهرت المدينة بعد وصول الإسلام إليها بتسمية جديدة (تادمكة) 2 وتقع شمال مالي تحديدا قرب مدينة (كيدال) الحالية في محاذاة حدود مالي مع الجزائر 3 وحول أصل التسمية الجديدة أو الإطلاق الطارئ على المدينة (تادمكة) يقال بأن وفدا1 من المغرب قد مر على المدينة في طريقه إلى الحج ، وذلك أيام ازدهارها وتحت ظل اشتهارها فتأثر الوفد بأناقة وروعة المنظر العام للمدينة بشكليه (المعماري ، والسكاني) وفي أثناء إعجابهم بذلك المظهر أطلق أحدهم مقولته الشهيرة مشبها المدينة بأم القرى ، فقال باللغة الطارقية : (تادمكة) ومعني الجملة بالعربية ( هذه مكة ) فتداول الأقلام والألسنة الجملة حتى أصبحت لقبا غالبا على المدينة بل علما اشتهرت بها بدرجة تكاد أن تطغي على التسمية الأولى (السوق) ويقول الشيخ العتيق بن سعد الدين السوقي هي القاعدة لما بين (آيير) وبلاد (السودان ) وإليها ينسب من كان تحت حكم أهلها ، وهم أمم لا تحصى وأجيال لا يجمعهم اسم واحد إلا أهل (تادمكة) ويقال أصلهم من (صنهاجة) من قبائل البربر أو العرب المتبربرة ثم انتقل إليهم كثير من قبائل البربر من المغرب والجزائر وليبيا ، فاختلط الكل وتكونت منهم إمارة عظيمة ثم انتقل إليهم كثير من العلماء والشرفاء والأنصار حتى صارت منهم قبائل عديدة ينتمون إلى الشرفاء وأخرى ينتمون إلى الأنصار وازدهر المدينة وسار أهلها بسيرة أهل الصدر الأول حتى لقبت بـ (مكة الجديدة ) لتمسك أهلها في سيرة السلف الصالح . وقد وصل الإسلام إلى المدينة في القرن الأول الهجري ، إلا أن المصادر لم تسعفنا بطريقة وصوله إليها ، وإن كان الغرض لا يتعلق بطريقة ولا بكيفية وصوله ، وأيا ما كانت الطريقة أو الوسيلة ، فما أن قرع الإسلام أبواب المدينة حتى تفتحت له الصدور ، وانفتحت الدور ، واحتضنته بكل قبول وآوته بكل معاني السخاء والرضا ، فانبلج نور الإيمان وانبثت معالم الهداية وساد جو من التراحم والتكافل والتعاضد بفضل هذا الدين الحنيف وما ينطوي عليه من مبادئ فاضلة ويحتويه من تعاليم سمحا ، ويدل عليه من أخلاق نبيلة ، فأضافت المدينة إلى أهميتها الاقتصادية القديمة التي حازتها بفضل الله ثم بسبب توفر وجودة ذهبها وكرم أهاليها ، أضافت إليها أهمية جديدة ثقافية أفرزتها المكانة العلمية التي يمتاز بها أبناؤها ، فقد اشتهر علمهم وزاع صيتهم حتى أضحت المدينة قبلة للنخب المثقفة في كثير من البلدان ، وموئلا سخيا لطلبة العلم وملاذا آمنا لعلماء الدين ورجال الدعوة وأطباء اللغة ، الذين لم يألوا جهدا في بث علومهم ولم يدخروا وسعا في خدمة الإسلام وعلومه ، ، كما تشهد به المراجع التاريخية وكتابات المؤرخين ورحالة العرب قبل شهادات أبناء المنطقة 2 ، ومدينة (تادمكة) تضاهي مدينة (شنقيط) في عراقتها وتشاركها في دورها المميز ، إلا أنها لم يكتب لها من العناية في السابق ، ما كتب لأختها 3 فقد ذكر الشيخ العتيق أنها تعتبر في عصر إزدهارها من أهم مدن الإسلام ويعتبر أهلها من أهم حاملي رايات العلم ومقيمي السنة ومحاربي البدعة ، ولم يزالوا على تلك الحال إلى أن تفرقوا عنها وتشتتوا في البلاد بعد خرابها ، ومغادرة السكان لها ، فبقيت اطلالا لا أنيس فيها ولا اثر إلا الأسماء المنقوشة على الحجر ، وما هي إلا ذكرى للبشر وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس (1) أما خراب المدينة(2) ، أو السبب من وراء جلاء السكان عنها فظل دائما يكتنفه الغموض مما أدى بدوره إلى تباين الروايات واختلاف الأراء بشأنه ، فهناك رواية تفيد بأن حاكم دولة سنغاي المعروف بـ (سني علي ) والمشهور بمناوءة ومعاداتهم ومهاجمتهم في ديارهم وتخريبها عليهم ، كما حصل لمدينة (تيمبكتو) هو الذي أغار على المدينة وخربها ، إلا أن هذه الرواية مردودة قطعا ، ولم نوردها هنا لتخليدها ولا للانجراف مع تيار مثلها ، وتقليدها ، فعلى من يريد الوقوف على الحجج القاطعة والآراء الساطعة التي دحضت بها من علماء البلاد ومؤرخيها المحققين أن يراجع كتابي ، الجوهر الثمين ، وإتحاف المودود ، وحسب المصادر الموثوقة ، فإن السبب الوحيد من وراء مغادرة السكان للمدينة يرجع إلى عوامل طبيعية من الجفاف وقلة الأمطار وكثرة الجدب ، وظروف إقتصادية من نقصان الذهب ، وتراجع الحركة التجارية ، وقلة إقبال التجار عليها ، علاوة على أن موقع المدينة يأتي بين جبال وأودية في صحراء قاحلة لا تنبت ولا توجد فيها مزارع ولا مراع تساعد على إقامة السكان فيها ،1 (3) ويمكن تأييد هذا الرأي بأن استمرار الحياة في مدينة كبيرة على غرار (تادمكة) بمواصفاتها المذكورة صعب جدا في هذا العصر بتقنياته المتطورة ووسائل نقله المتقدمة ، فكيف بتلك العصور التي لا توجد فيها وسائل نقد إلا بدائية ، كسفينة الصحراء (الجمل) ، أما التقنية فلم تزل تحت استار الغيب محجوبة عن أنظار أبناء المنطقة وبعيدة التناول والاستخدام ثانيا : السوقي انطلاقا من كون هذا الإطلاق نسبة إلى مكان يعرف بالسوق ، مرورا بوجود خلاف قليل بشأن تحديد هذا المكان ، هل هو سوق لزام بتونس أم لا 1 ؟ لاحتمال أن يكون أجدادهم سكنوه ثم تحولوا إلى (السوك) المعروف بعد ذلك بـ (تادمكة) ، حاملين معهم هذا الاسم ، فانسحب على المدينة ، وانتهاء بكون هذا الاحتمال بعيدا جدا باعتبار المدينة قد اشتهرت باسم (السوك) قبل الإسلام مما لا يتصور معه أن تكون قد أخذت هذه التسمية من جماعة وافدة بعد وصول الإسلام ، فإن هذا اللقب إذا اطلق يقصد به كل من ينتسب إلى مدينة (السوك)2 أو (السوق) أو (تادمكة) التي مر علينا تحديد موقعها آنفا ، وقد قطع هذا اللقب مراحل تدرج وعاش فترات تنقل أو انحسار عبر تقادم الزمن وتعاقب الأجيال وعقب تفكك الجوار وتباعد الأوطان وحسب معايير جغرافية أحياننا وثقافية تارة أخرى ، ذلك التدرج الذي أدى إلى انحسار اللقب عن بعض أصحابه ، بل انتقاله على غالبيتهم حتى أن كثيرا منهم لا يعرف باندراجه تحت اللقب ، ولا يدرك انسحابه على قبيلته يوما من الأيام ، وذلك ناتج عن انتشار سكان المدينة بعد خرابها في البلاد ، فاستقلت كل مجموعة باسم جديد يخصها ، مأخوذ من الجبل أو التل أو الوادي أو البئر الذي تسكنه بشكل دائم أو بصورة دورية بأن تحله في موسم معين من السنة ، وتتحول عنه في موسم آخر ، فبقي الانتساب إلى السوق في التطور أو التدرج المرحلي أو الانتقال الأخير على القاطنين في القرب من أطلال المدينة من أبنائها ، ثم شهد التطور النهائي أو التحول الجزري ، فأطلق على المتعلمين من أبناء المدينة أو أبناء الأجداد الذين انضموا إلى السوقيين فيما بعد ، فاندمجوا فيهم اجتماعيا وجغرافيا ، وعرفوا بهذا اللقب 3 . وبهذا يتبين أن هذا اللقب مر على ثلاث مراحل : المرحلة الأولى : يطلق فيها على كل من سكن أجداده السوق (السوك) (تادمكة) في الفترة ما قبل الفتوحات الإسلامية وما بعدها إلى خرابها . المرحلة الثانية: يعرف به كل مستوطن قريبا من أطلالها بعد الخراب من أبنائها وانجلاء سكانها. المرحلة الثالثة : يطلق على كل متعلم من أبناء المنتسبين إليها ، أو أبناء الذين انضم أجدادهم إلى المنتسبين إليها بعد خرابها ، واندمجوا فيهم اجتماعيا وثقافيا ، حتى أن كثيرا من سكان المناطق التي تعرف السوقيين في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو ، يطلق هذا اللقب على كل متعلم ، ولو كان مخالفا للسوقيين في النسب ، العرقي والجغرافي ومغايراً لهم في اللون والزي وهذا من شدة تمسكهم واشتهارهم بالعلم والتعليم والدعوة الإرشاد ، نحمد الله على ذلك ونتضرع إليه في الاستمرار فيه ، وإخلاصه له ، والثبات عليه ، وللاطلاع على من تنطبق عليهم هذه الأوصاف ، راجع الجوهر الثمين (1) إذا علمت هذا ، فاعلم أن هذا اللقب ، إذا أطلق على الفرد باللغة الطارقية ، يقال له (أوسوك) فـ (أو) في لغة الطوارق بمثابة ياء النسبة في اللغة العربية ، وإذا اطلقته على الجمع بهذه اللغة أيضا ، قلت (كل أسوك) فـ (كل) في لغة الطوارق عبارة عن تفسير لكلمة (أهل) في لغة العرب ، فإذا أضفنا السوق إلى (أهل) نقول ( أهل السوق) وأهل تساوى (آل) ، فنقول (آل السوق) ، والاستعمالات الثلاث مستخدمة في كتاباتهم النثرية والشعرية ، وكذلك من قبل إخوانهم من أهالي المنطقة ، العرب والعجم ، قال الشيخ الكبير الكنتي محمد المختار : ولو كنت بوابا على باب جنة لقلت لأهل السوق أنتم لها أهل (2) وقال حفيده سيدي البكاي بن محمد : وينصر ضيفي من (كل اسوك) فتية لهم أسد في النائبات وأسود (3) ويقول الشيخ سيدحم بن بادي الكنتي : وذا سؤالي وآل السوق أول من فالعرب فالعجم من ندب ومنتدب (4) ويقول الشيخ محمد العاقب بن سيدي محمد السوسي من أهل (سيقو) : يا آل سوق فزتم بمآثر الـ ـعليآ عليـــــــــكم وقفها من واقف (5) أنساب السوقيين : مما سبق يتضح أن للسوقيين إطلاقين ، عاما ، وخاصا ، فالعام هو الذي يدخل فيه كل من حل أجداده تلك المدينة القديمة ، وإن زالت التسمية عن غالبيتهم ، والخاص هو من بقي فيهم العلم ومدارسته ، وهو المعني في هذا البحث ، وهم أبناء الجاليات العربية التي سكنت السوق في العهود الأولى لوصول الإسلام إليها ، أو بعدها ، ومن انضم إليهم من بني عمهم بعد ذلك ، وهم فصائل من بني الشرفاء والأنصار والفهريين ، فأما الشرفاء منهم فينقسمون باعتبار النسبة إلى الجد الأعلى إلى ثلاث طوائف : 1- أدارسة ، ينتمون إلى إدريس الثاني بن إدريس ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثني ابن حسن بن علي بن ابي طالب ، رضي الله عنهم أجمعين 2- أدارعة ، ينتمون إلى عبيد الله الأدرع بن عبد الله بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثني بن حسن بن علي بن أبي طالب 3- بيت منهم ينتمي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن طريق ابنه الحسين بالتصغير لا الحسن بالتكبير أما الفهريون ، فهم بنو عقبة بن نافع المستجاب الفهري أما الأنصار منهم ، فيصنفون أيضا تحت طائفتين : - من ينتمي إلى أيوب الأنصاري - من ينتمي إلى يعقوب الأنصاري (1) وهؤلاء الذين اشرنا إليهم ، هم الذين بارك الله فيهم ، وفي نسلهم ، وانتهت إليهم القيادة العلمية في بلدهم من القرن التاسع الهجري ، إلى يومنا هذا ، وهو آخر القرن الرابع عشر الهجري (2) ونفع الله بعلم هؤلاء من شاء من سكان الصحراء الكبري في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو ، حيث تمكنوا من مواصلة أداء دورهم الدعوي والإرشادي والتعليمي إلى جانب القضاء والإفتاء عبر تسلسل السلطنات والإمارات التي تعاقبت في البلاد بعد خراب مدينتهم ، انطلاقا من سلطنات (إولمدن) ومرورا بدولة (سنغاي ) وخاصة في عهد القائد الراشد محمد الحاج محمد اسكيا ، الذي أقرهم في أدوارهم وشجعهم ورعى حرمتهم وحقوقهم لعدالته المشهورة ، ولأنه من تلاميذهم في بداية أمره ، وانتهاء بعهد الاستعمار الفرنسي ، فقد أجبر الله سبحانه وتعالي الحكام الفرنسيين في فترة الاحتلال على ترك السوقيين في مراكزهم العلمية ووظائفهم القضائية والتعليمية ، وكذلك في الفترة ما بعد الاستقلال إلى الآن ، فهم دائما يحظون باحترام القادة والمتغلبين لتميزهم بخصائص جديرة بالتقدير والإحترام ، ولإعراضهم عن مزاحمة الناس في أمر السياسة والإمارة وانكبابهم على الشؤون الدينية والعلمية ، وتفوقهم في ذلك المجال ، راجع الجوهو الثمين . مناطق وجودهم : تتكون قبيلة السوقيين من عشائر عديدة ، وتعرف كل عشيرة باسمها الخاص الذي يؤخذ في الغالب من المكان الذي تقطنه أو من جد معين من أجدادها ، وكانت عشائرهم قبل متجولة ورحالة في ربوع الصحراء الكبرى ، كل منها تتنقل حول مكان معين ، تنطلق منه وتعود إليه ، حسب المصلحة ، ووفق تقلب مواسم السنة ، وتغير أحوال المناخ من حرارة وبرودة ، إلا أن غالبيتهم قاطنون في مالي قديما وحديثا ، أما في الوقت الراهن فكلهم مستقرون في قرى سكنية ،(1) متفاوتة الابتعاد عن ضفتي نهر النيجر الشرقية والغربية ، في كل من مالي والنيجر بالإضافة إلى مجموعات في بوركينافاسو ، وبيوتات في (تامرست) بالجزائر ، و (غدامس) في ليبيا ، كما توجد عائلات أخرى ذات عدد في السعودية ، قد هاجرت أجدادهم منذ عشرات السنين وتجنسوا في السعودية وتلاحق إليهم بعض أهاليهم ، وبإمكان من يرغب في معرفة أسماء عشائرهم وأوطانهم الخاصة ، مطالعة كتاب ( أسرع الزوارق إلى المدارس الأدبية في صحراء الطوارق ) لمحمد أحمدا الإدريسي السوقي ، فقد بسط الكلام حول الموضوع وحول مدارسهم وشخصياتهم العلمية . الأصالة العربية للسوقيين : سنتناول هذا العنوان ، إن شاء الله بشكل اسرع من الخاطف ، وبوجه أدني من المختصر ، فما قصدت من وراء هذا العنوان إلا الإجابة عن سؤال مطروح فعلا ، سواء طرح تعلما أو تعنتا ، حول إمكانية إنتساب قبيلة كبيرة كهذه إلى أصول عربية ، وهي في منئً عن البلاد العربية ، ويتأكد هذا السؤال كما يتزايد التعنت ، إذا كانت القبيلة تنطق بلغة غير عربية ، وتتزيأ بزي مخالف ايضا ، أ- الانتساب إلى العرب والتمسك بالأصالة العربية ، يقول الشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد بعد كلام طويل جلب فيه نقولا كثيرة تدل على الأصالة العربية للسوقيين ، واعتراف علماء البلاد وقادتهم لهم بذلك ، واحترامهم من أجله : وعلى كل حال فقد تمسكوا بأصالتهم العربية ، واعترف لهم بها القاصي والداني ، وأقر لهم بها الأول والثاني ، ولم ينازعهم فيها الحبيب الناصح ، ولا العدو الكاشح ، (1) ومن الأثار التي نقلها ، هو وغيره بهذا الصدد ، رسالة وجهها أحد من أجداد السوقيين ، وهو محمد بن عال الإدريسي السوقي المتوفي 1030 هجري إلى أحد حكام دولة سنغاي ، وهو (إسكيا إسحاق بن إسكيا داوود ، يذكر فيها أصول السوقيين ، وأنهم من ذرية من الصحابة وأنهم لم يزالوا أهل علم وعمل به ، وليسوا كغيرهم ممن لم يتصف بهذه الصفات ، فكتب جانبا من صفاتهم التي تميزهم عن غيرهم من أهل البلد ، ومما كتب : ( تجد صبيا صغيرا منهم يغلب الكبار من غيرهم كحال أجدادهم من أهل الحجاز يحفظون فنون العلم كلها وما تغير دينهم منذ أسلموا إلى هذا اليوم وبذلك يعرفون في جميع البلاد ، وكل من شهد عند القاضي التقي صاحب تينمبكتو محمود يطلب تزكيته إلا السوقيين ، فإنه قطع بدينهم وأمانتهم وعدالتهم وقال : لا نطلب تزكيتهم فقد جربناهم ووجدنا أصلهم خالصا ، ووجدانهم تابعين لأجدادهم في العلم والدين الخالص ، ومنهم أولياء كبار كالحاج الشيخ الكبير أبي الهدي ، وقاضي جدك أبي عمرو الداني ، ومن لا يحصى كثرة )2 والغرض من سوق هذه القطعة من تلك الرسالة الطويلة إلفات الإنتباه إلى إعتراف القاضي محمود بفضيلة السوقيين ، علميا ودينا ، وبأصالتهم العربية ، فأجدادهم الذين جزم باتباعهم لهم أجداد عربية لا غير ، وبعد أن سقنا لك أثرا منثورا في هذا المجال ، سنقدم لك آخر منظوماً إن شاء الله كدليل على توفر هذه الآثار في الموروث الثقافي السوقي ، يقول الشيخ الكبير محمد المختار الكنتي في الثناء على السوقيين والتنويه بقدرهم والإعتراف بمآثرهم: جز ى الله أهل السوق عنا بفضله فما حسدو فضلا ولا نطقوا هجرا(3) فإنهم ذاقوا عسيلة علمهم فأورثهم فضلا واعقبهم ذخرا حووا كل فضل عن كرام أجلة رووه عن آباء مداولة دهرا لهم عقبة جد تهدوا بهديه ويحي ولم يلبث أعارقه خسرا تشاركنا ثدي الكرام وننتمي إلى بازخ من جذم عدنان لا فخرا ومن خلال ما اختطفنا لك من الثمار اليانعة في هذه القصيدة البديعة الرائعة ا ، يتجلى ما يكن ذلك الشيخ بجلالته وعلمه وعدالته للسوقيين من التقدير والإحترام والمودة والتوقير والإكرام ، والقصيدة طويلة وهناك قصائد أخرى ورسائل وجهها إليهم تسير في نفس الإتجاه ، فكلها تدور في فلك الإعتراف بهم وتحوم أحيانا حول الإعتزاز بهم وبقرابته منهم نسبا وجوارا2 أما خؤولة غير العرب أو التزيي بزي أجنبي عنهم ، فلا يقدح في الانتماء إلى العروبة ، فلم يبلغنا في جاهلية ولا في الإسلام أن عربيا منعته خؤولة غير العرب من إنتمائه العربي ، ولا من تعززه بعشيرته وفخره بآبائه مع كثرة أولاد السراري في أشرافهم وأبطالهم ، وشعرائهم ، وخطبائهم ، وعلمائهم ، يقول عنترة العبسي إني إمرؤ من خير عبس منصبا شطري وأحمي سائري بالمنصل 1 وتجد مثل هذا في صدر الإسلام وفيما بعده من أشعار العرب وخطبهم 2 قال ابن تيمية في سياق تقسيم البلاد والأنساب بعد انتشار الإسلام والعرب في الأمصار ... كما انقسم الأنساب إلى ثلاثة أقسام : قوم من نسل العرب باقون على العربية لسانا ودارا ، أو لسانا لا دارا ، أو دارا لا لسانا وقوم من نسل العرب ، صارت العجمية لسانهم ودارهم 3 ومنه نستشف بسهولة أن كل من إنحدر من أصول عربية ، وبقي على العروبة لسانا ، فهو عربي محض ، اصلا وحالا ، ومن لم يبق لا على اللسان ولا في الدار فهو عربي الأصل ، أعجمي الحال فالسكنى في البلاد العربية ليست شرطا في بقاء الأصالة العربية ، كما أنها ليست وسيلة إلى حيازتها بالنسبة لفاقدها ، وكذلك التزي بزي الآخرين ، لا يناقض الأصالة العربية ، لما هو معلوم من إقتداء الغالب بالمغلوب ، كما أفاده ابن خلدون 4 والجماعة التي نتحدث عنها مغلوبة بالضرورة ، لأنهم وصلوا إلى البلاد فردا فردا ، ومثنى مثنى ، ووفدوا على مماليك وعمارات كثيرة لا يتصور أن يكون الداخل إليها إلا مغلوبا 5 وبهذا القدر نكتفي بشأن أصالتهم العربية ، ولكن بعد أن ننشد البيت الذي يردده لسان حالهم : إنا بنو نهشل لا ندعي لأب عنه ولا هو بالأبناء يشرينا ( 5) وتمسكهم بأصالتهم العربية واعتزازهم بها ، وإظهارهم لمزاياهم من شرف النسب وغزارة العلم لا يتعارض مع التواضع في بعض الأحيان(6) ، ولا يتصادم مع الوفاء بعهد أخوالهم الطوارق ، ولا يتنافي مع إخلاص الود لهم ، فهو أحيانا ، يكون كرد على من استخف بهم وبأنسابهم الشريفة ، وتارة يدفع في صدر مناوئ يضمر السوء ، فيتذرع بأمور تستدعي التصدي له والتعريف بمقامهم ومناقبهم ، ويأتي مثل هذا الإظهار من باب شكران النعمة أو لطلب المصلحة العامة ، ولهم قدوة في نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، حيث آنس من عزيز مصر الإستخفاف به ، وعدم المبالاة بقدره ، وادرك عدم احتفال أهل مصر بشأنه ، فأخبر الله سبحانه وتعالي عنه بإظهار فضله بقوله : ( لا يأتيكما طعام ترزقانه ، إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ، ذلكما مما علمني ربي ) 1 فعلم من هذا أن إظهار الفضل في مثل هذه المواقف مطلوب ، بل هو مزية وسنة ، وهو أيضا من باب الإعتراف بالنعم ، والشكر للمنعم ، وكذلك إذا دعت الحاجة إلى إظهار الفضل لمصلحة فإنه يتعين حينئذ كي لا تفوت المصلحة . كما به أخبر الله سبحانه وتعالي عن يوسف عليه السلام بقوله : (قال اجعلني على خزائن الأرض ، إني حفيظ عليم ) 2 مراعيا في ذلك مصلحة العدل والبلاد ، ووضع الميزان بالقسط بين العباد 3 وعلى كل حال فالتواضع المشهور عنهم أعظم من أن يتفاخروا بالنسب ولا بالحسب بصورة غير شرعية علاوة على أن الفخر بالعروبة في بلاد تفتخر بغير العرب ، أمر لا يرد من شخص حكيم ولا يصدر عن فكر سليم. ولا يدعين أحد أنهم يعلنون أصالتهم العربية ويحافظون عليها تنكرا لوشائجهم القوية مع أخوالهم الطوارق ، ولا استهانة بأصولهم ، ولا انسلالا من عهودهم القديمة الوطيدة التي شهد بها أجداد السوقيين بألسنتهم وأقلامهم ، وبالجميل الذي لا قوه من قبل أجداد الطوارق على مدى برهة زمنية تعد بالقرون ، فهذا الشيخ محمد أحمد بن وانفدنسن الجنهاني ، يقول في إحدى رسائله : ( لا نعرف أحدا من النواحي القاصية إلا ومن جاورناهم وساكناهم (الطوارق) أفضل لنا منه ، وأرفق وارحم ، إذ لا يعتدون علينا ولا يكلفوننا أن نحارب معهم ، ولا أن نهجر من هجروه ، ولا أن نكثر سوادهم في أي شيء يخالف الشريعة ، بل يبجلوننا ويوقروننا أشد التوقير ) 4 فهذا التوقير والرفق والرحمة لم تزل قائمة بحمد لله ، وعرى الصداقة ما زالت وطيدة وأواخي العهد مشدودة ، والاندماجُ الاجتماعي والثقافي في بعض صوره دائم ، فالأرض واحدة والدم مختلط ، والعروق مترابطة ، والأرحام متشابكة ، حتى أن كثيرا من شعراء السوقيين ينسب نفسه إلى الجيلين معا ( السوقيين والطوارق) في قصيدة واحدة فيقول : أنا قرشي أو أنا أنصاري ، وانا أيضا طارقي أو لثام ، قال الشيخ الحاج بن محمد أحمد الأدرعي السوقي : إليكم يا بني بــــــــــــــغداد مني تحايا عمـــــــت القطر الزكيا (1) يبلغها بني عمــــــــــــــي إليكم فتى منــــــــكم تــــحول طارقيا وقال الشيخ المرتضي بن محمد الإدريسي السوقي ولهجتي طارقية وفي المغرب الـ أقصى وبغداد والأردن أعمام (2) وجدي السادس المرحوم حرفته علم وتـــــعليم علم وهو لثام فالتلاحم الودي بين الجيلين أبدي إن شاء الله ، ما بقي منهما أثنان ، إذ لا يتأتي نسيان ذلك العهد فضلا عن تناسيه ، ولا ينبغي اختلال الوفاء به ، فكيف بالإنسلال منه ، ولا يجوز التهاون به ، فضلا عن نبذه ، فبمرصاد من فعل ذلك أو يفعل متي وأين وكيف فعله قوله تعالي : ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا ) 1 (3) وأحاديث الوفاء بالعهد وصلة الرحم كثيرة ، أمح محمد أحمد السوقي خريج الجامعة الإسلامية بالنيجر |
04-15-2009, 04:49 AM | #2 |
مشرف المنتدى العام
|
أهلا وسهلا بك و بإنضمامك لباقة زهورنا الفواحة آملين ان تسعد بيننا ونسعد بك اخاً جديداً كل التراحيب و التحايا لا تعبر عن مدى سرورنا بإنضمامك لنا ها هي ايادينا نمدها لك ترحيبا وحفاوه آملين أن تقضي بصحبتنا أسعد و أطيب الأوقات اما موضوعك قيم وموفيد جدا ونرجو ان ترسل الفصل الثاني في اسرعع وقت لأننا ننتظره على احر من الجمر وتقبل منا أعذب وارق تحايانا |
إذا انت لم تنفع بودك اهله ولم تنكى بالبؤسى عدوك فابعدي
|
04-16-2009, 12:02 AM | #3 |
عضو مؤسس
|
من القلب
نرحب بالضيف الكريم أمح السوقي .
أخي الحبيب دعني أقول لك بكل صراحة : إنني أعجبت بالحلقة الأولى من هذا البحث المبارك وأتمنى أن تواصل حلقاتك . البحث أعجبني جدا لأنني رأيت فيه الموضوعية والتجرد عن العقد النفسية التي يعيشهاالكثير من المتكلمين في موضوع العروبة والطارقية والسوقية . كما تتسم لهجتكم أيضا بالعفويةوعدم التكلف مما يجعل مصداقيتكم أكثر . فجزاكم الله خيرا وننتظر منكم الجديد . أخوكم الإدريسي أبو الحسن. |
قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).
|
04-16-2009, 06:25 PM | #4 |
عضو مؤسس
|
[size=5]لن أعلق وأرجو من غيري من الإخوان مثل ذلك حتى يتم تسلسل الكتاب لئلا يفصل بينه ما ليس منه وبحسبك من التشجيع ما عندي ، ومعذرة على هذا التعليق [/size]
|
[marq="3;right;3;scroll"]
شعارنا اعتزاز بالجميع وحب في الجميع اورسالتنا الإحسان إلى الماضي بخدمة صوره المشرقة وإلى الحاضربتتويجه بكرم الأخلاق وإلى المستقبل بالإسهام في إشراقته وفي احترام قناعات الآخرين ما يشغلنا عن الاختلاف وفي حلاوة الائتلاف سلوة عن مرارة الاختلاف ،فإن أصبنا فمن الرحمن وإن أخطأنا فمن الشيطان، ومن الله التأييد ومنه التسديد [/marq]
التعديل الأخير تم بواسطة الشريف الأدرعي ; 04-16-2009 الساعة 07:48 PM
|
04-25-2009, 02:50 AM | #5 |
|
مختطفات من الإخوانيات في الأدب السوقي (بحث تخرج)
[size=5]]المبحث الثاني : دورهم في نشر الثقافة العربية والدعوة الإسلامية
وتحته مطالب : المطلب الأول : التعليم عند السوقيين المطلب الثاني : العلاقة العلمية معهم ومع غيرهم المطلب الثالث : الخط السوقي [/size] سبق أن أشرنا إلى دورهم الدعوي والإرشادي عبر تعاقب السلطنات ، والقادة من عهد (إولمدن) إلى دولة (سنغاي) إلى فترة الإحتلال الفرنسي ، ولم يزل ذلك الدور متواصلا بحمد الله ، وبهذا الصدد يقول صاحب الجوهر الثمين في سياق حالتهم مع ســـلطنة (إولمدن) في عصرها الذهبي : ( وأما السيادة من جهة التمسك بالعلوم والقيام بالوظائف الدينية ، واتخاذ المساجد ولمدارس ونصب القضاة والوعاظ ، فهي في جيل أهل السوق ) (1) قال شاعرهم العالم ، محمد الحاج بن محمد أحمد السوقي في وصف جهدهم في ذلك ولهم في نشر دين الله في *** قطرهم دور إذا عد يطول وناهيك من مطابقة البيت للواقع ، فالحفرة الوحيدة والوظيفة الخاصة ، والسمة المشهورة لديهم ، هي التعلم والتعليم ، والدعوة ، كما قال الشيخ المرتضي بن محمد والشيخ الكبير الكنتي في أبياتهما السابقة [/align] وقد شقوا طريقهم في أداء هذه الوظيفة وتحت راية الإخلاص إن شاء الله ، من تاريخ وصول أجدادهم إلى بلاد التكرور ، حتي الآن ، بل مهارتهم العلمية ، وخبرتهم الدعوية مهدتا لهم الطريق حتى زالوا حرفة التعليم وأنيطت بهم مهام الدعوة ونشر العلم في بلاد عربية بما فيها بلاد الحرمين الشريفين ، فشخصياتهم العلمية هنالك مشهورة حتى في دار الإفتاء والقضاء، كالشيخ إسماعيل بن سيدي محمد الأنصاري وغيره. [/align] التعليم عند السوقيين : لا نعني هنا بذكر مناهجهم التعليمية ، ولا شرح أساليبهم بدرجة وافية ، فعلى من يرغب في الاستزادة مراجعة كتبهم ذات العلاقة بالموضوع ، كاللؤلؤ المنسوق في تعاليم آل السوق للشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد ، والجوهر الثمين للشيخ العتيق بن سعد الدين ، واسرع الزوارق للأستاذ محمد أحمدا فلعلها موجودة في جناح التراث في جامعة ساي بالنيجر ، فالصبي،(1) بعد حفظ القرآن ودراسة العقيدة ، وتحديدا مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيروان، يقرأ الأجرومية بإتقان ، فيميز بين الاسم والفعل والحرف ، بحفظ علامات كل ، ويحفظ إعراب الأمثلة ، حتي يكمل الأجرومية ، تحت مراقبة أستاذه ومناظرة زملائه ، حتي يصبح ماهرا فيه ، ثم يواصل دراسة النحو على الترتيب الآتي بعد الأجرومية : وسنختصر هنا بالإشارة إلى مادة واحدة من المواد التي تشكل منهجهم ، كمثال نموذجي على بقية المواد ألا وهي مادة النحو ، - ملحة الإعراب للحريري أو قطر الندي لإبن هشام أو هما معاً. - الألفية لابن مالك فلامية الأفعال له فهذا هو المستوى الأدنى عندهم في مادة النحو، ومن لم يصل إلى هذا المستوى لا يناقش في المجالس ، ولا يزاول من مهام التعليم ، إلا تحفيظ القرآن - الكافية لابن مالك ، ومنهم من يتوسع في المطولات بعد ذلك ، فهذا هو المستوى الأعلى عندهم واهتمام السوقيين بالنحو ظاهرة أفرزها تضلع أسلافهم في العلوم ، مما ساعدهم على إدراك أن النحو وسيلة إلى إتقان العلوم الأخرى بكل سهولة ، وفي وقت قصير ، كما دفعهم مستواهم النحوي إلى استهجان اللحن في الإعراب ، ولذلك لا يجترأ أحد منهم ، ولا من غيرهم على قراءة الكتاب في مجلسهم إلا إذا كان معه ، رصيد نحوي يتفادى به الأخطاء في القراءة ، وكدليل على اهتمامهم بالنحو ومعرفتهم به وتحصيلهم له في سن مبكر، نقدم قصة ذلك الطفل السوقي2 الذي وجد نفسه بين أقرانه ، في يوم عيد وهم يمرحون ، في ثيابهم الجديدة ولم يجد لنفسه ثوبا جديدا من القماش ، ولكنه وجد ثوبا فاخرا من مادة غير القماش وهي مادة النحو، فانبرى يبرد الحرقة التي انتابته آن ذاك بقوله : ثيابنا إعرابنا هذان في (إن هذان لساحران) (3) إدراكا منه لحقيقيتين ، الأولى ، أن التنافس عند السوقيين لا يكون بالثياب الكتانية بل بالثياب العلمية ، الثانية أنه يعرف أن إعراب هذه الآية ، لا يتقنه ، ولا يتقصى جوانبه ، ووجوهه المتعددة إلا مستحق للاعتزاز به في موقف يعتز به غيره بالخيوط الكتانية ، وعلى كل حال فلسان حالهم دائما يرفع عقيرته منشدا : النحو زين للــفتى *** يكرمه حيث أتى(1) من لم يكن يحسنه *** فحقه أن يـــــــسكتا واهتمامهم بالعلوم الأخرى الدينية ، واللغوية والتاريخية ، على المستوى نفسه والدقة والكيفية يقول الأستاذ أحمد محمد بن الحاج الأدرعي السوقي ، من عرف حال السوقيين فيما مضى ، أيقن أن مجاراتهم العالم ، ليس لتوفر الوسائل ، بل كان تلقيهم ومنادمتهم للعلم في معاناة مريرة لا يكاد يصدقها إلا من رآها ، ومع هذا ، فهم بحور الصحراء ، ولا يراهنهم على مكانة التحصيل والإفادة إلا علماء شنقيط (2) . العلاقة العلمية معهم ومع غيرهم قال صاحب الجوهر الثمين : ( مقتضى ما وقفت عليه(2) من أخبار المدينة (تادمكة) في المدة ما بين القرنين الأول والحادي عشر الهجريين ، أنها لم تزل دار علم ، وعز ، واتصالات لأمهات المدن في السودان والمغرب ، فقد ذكر عياض في المدارك في الكلام على مختصر ابن المواز أنه أخذه عنه بتمامه قوم من تادمكة وكذا ابن فرحون ذكره في ديباجه ، وقد افصحت المصار بوجود علاقة علمية معها ومع مصر ، حيث شهدت المخطوطات السوقية بمعاصرة الشيخ ، أبي الهدى الأدرعي ، للشيخ السيوطي ، وأخذه عنه بلا واسطة ، ومرافقته له في الحج ، وأبو الهدي هذا عاش في القرن التاسع ، وأدركه العاشر ، وهو معاصر لمحمد بن عبد الكريم الغيلي التلمساني ، وأخذ عنه أيضا ، وإشارة إلى ذلك قال الشيخ إسماعيل بن محمد الصالح : وأبي الهدى هو ثامن الأجداد في *** خط لأقربهم إلي محمد وهو الذي تدري المسائل أنه ****علم الدراية مشهدا عن مشهد من حج وهو مع السيوطي مرافق *** لهم المغيلي أخو التقى والسؤدد(3) ولها علاقة علمية في تلك الفترة مع علماء إغديز كمحمود البغدادي ، فقد أخذ عنه الشيخ أبو الهدى المذكور ، والشيخ محمد بن يوسف الأنصاري ، أما علاقتهم العلمية مع الشعوب المجاورة بعد خراب تادمكة ، فواسعة جدا ، ولا سيما قبيلة كنة ، فعلاقتهم العلمية لا تحصى ، فبينهم تبادل علمي ، كبير ، طيلة حياتهم ، وجوارهم في الصحراء الكبرى وصلت تلك العلاقة إلى ترابط اجتماعي أدي إلى اندماج عائلات كنتية في السوقيين ، حتى شملهم لقب السوقي ، وقد جرت بينهم مباحثات علمية ، وأشعار ، ورسائل ، يطول ذكرها ، وهناك روابط علمية أيضا بينهم وبين علماء مورتانيا سنشير إليها إن شاء الله في فصل بالإخوانيات معهم ومع غيرهم ، وكذلك علماء سكتو ، فهناك أبيات لغز وجهها أحد من عائلة عثمان بن فودي إلى السوقيين في صورة سؤال حيث قال : إني سائل فحول الــزمان الـ *** مهتدين وهو ثقاة نجاب وأقول لهم فما أمة تخــــــــــ***لف مالكها وذاك صواب وهي وارثه له دون أخت *** فليصل منكم إلينا جواب (1) فأجابه أحد من عائلة أحمد بن الشيخ السوقي بقوله : سنجيبكم بحق جلي *** فاسمعوا وليقل منكم عتاب(2) إنها صلة تعاقب (أل)في *** حكمــــها ولها عليها مناب أحرزت حركات إعرابها من *** دون من أختها فذاك الجواب ومن ذلك أن أحد(2) أبناء عثمان بن محمد بن فودي ، أرسل سؤال لغزيا أيضا إلى محمود بن أحمد بن هماهما السوقي الإدريسي ، فقال : الا يا ايها المجلي التعامي *** تكون به الخواطر في وثاق(3) فما تحليق إبهام بتلو *** وبسط وفرق هاتيك البواقي ومن يدر الثلاثة ينل مناه *** ويوق بها الدواهي والبواقي فأجابه بقوله : أقول الله فرد لا يكون *** له شرك بذا نفي الوثاق(4) بيان اللغز أن الإبهام إذا حلق بالسبابة ومدت الأصابع الثلاث ، يشبه ذلك خط لفظة الجلالة ، كما أن السبابة إذا رفعت وحدها ، فذلك إشارة إلى التوحيد . الخط السوقي : عرف السوقيون بالمهارة في الخط ، حيث تمكنوا من تطوير الحرف العربي والإستقلال بخط خاص بهم منذ القرن الثاني عشر الهجري ، ويتميز خطهم بالأناقة والتناسق ، وبتقويم الحروف واستواء السطور واستقامتها بدون استخدام المساطر ، مما مكنهم في نسخ كميات هائلة من الكتب ، حتى أصبحت مكتباتهم مكتظة بالمخطوطات القديمة والجديدة، القيمة النادرة والثمينة ، التي تدل على تقدمهم وتفننهم في هذا المجال ، حيثما كنت باريا لليراعة *** ومليقا للنون مجت براعه(2)ولا يحسن هذا الخط إلا أبناؤهم أو من تعلم منهم ، ولهم أساليب خاصة في الكتابة ، فالمداد متعدد الألوان ويتخذ بشتى ألوانه من مواد بدائية ( أحجار ، وأوراق الأشجار ) وعلى طريقة خاصة ، وهناك كتب تنسخ على مستوى راق في الجودة ، حتى تبدو مزركشة منمقة مرونقة باستخدام الألوان العديدة ، كالمصحف الشريف ، وتفسير الجلاليين ، والشفاء لعياض وتضاف إلى الأخيرين أطرار في الهامش في غاية من الدقة ، وروعة الصناعة ، تحتوي على معلومات تتعلق بالموضوع ، ولكنها منقولة من كتب أخرى ،(1) وحول الاهتمام بتحسين الخط ، والتمسك بالعلم ، أنشأ الشيخ محمد إغلس بن اليماني الإدريسي السوقي قصيدة يحرض فيها شباب السوقيين على التمسك بتراثهم الإسلامي ، وعدم نبذ الدواة والقلم ، ومطلع القصيدة : إلى أن قال إنما الخط أس كل أســـاس *** يحفظ الدين بل يقل بعاعه(3) ربب راو في الخــــــــــــــــط يروي متونا *** لو تتـــبعتها أطلت بقــــــــاعه فأجابته طائفة منهم بقصائد تفيد عدم إهمالهم لتعلم ولا للدواة والقلم ، منهم الشيخ المحمود بن يحي الأنصاري ، ومطلع قصيدته فاجأتكم إحدى بناة قضاعة *** فاقبلوها وجنبوها الإضاعه(4) إلى أن قال : فنخط الحروف خطا أنيقا *** لم يقرمط مجودين ارتصاعه(5) ونمد الممدود فيهونوفي *** كل حرف حقوقه وطباعه لا ترى الألفات تشكوا اعوجاجا ***لا ولا الميم تشتكي الطمس ساعه اسطر تستوي كأسنان مشط *** قومت أسهما تمام الصناعه فإذا كان هذا الخط إضافة سوقية ، واسهاما منهم في التراث العربي ، بصورة رائعة وفائقة في الجودة فإنه يستحق بكل جدارة أن يصنف ضمن الخطوط العربية ، تحت اسم (الخط السوقي) لأنه يتمتع لا محالة بخصوصية واضحة ، ويتسم باستقلالية تامة ، [[aldl]b]نموذج من الخط السوقي (1)[/b][/aldl] الصورة : لا يمكن عرضها وبعد أن رفرفنا بك في هذا التعريف وتعمقنا في أخبار هؤلاء وما لهم من المآثر والتشريف ، وقبل الانتقال إلى جانب من تراثهم الثري الطريف ، مما أبدعه من أعلامهم كل مصقع ظريف ، لنقتبس من سواطع أفكارهم الوقادة ، ونقتطف من يوانع ثمار قرائحهم النقادة لا الرقادة ، فلنشد معا هذين البينين وإذا السعادة لاحظتك عــــيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان(4) واصــــــــــطد بها العنقاء فهي حبالة *** واقتد بها الجــــــــوزاء فهي عنان [/size] الفصل الثاني : الإخوانيات وتحته مباحث : المبحث الأول : تعريف الإخوانيات لغة واصطلاحا المبحث الثاني : الإخوانيات في الأدب العربي المبحث الثالث : الإخوانيات في الأدب السوقي المبحث الرابع : الإخوانيات بين شعراء السوقيين المبحث الخامس : الإخوانيات بينهم وبين غيرهم أخوكم أمح محمد أحمد السوقي] |
|
04-25-2009, 10:07 AM | #6 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
جهد طيب وخطوة مباركة إلى الأمام
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد سعدت بموضوعك ياأمح و كان في عمومه يصب في نفس الاتجاه الذي أنشأ من أجله هذا الموقع, ونشكرك على هذه الهبة المباركة, وننتظر المزيد من البحوث في هذا المجال. ونطلب منك ومن الشباب أن تنظموا أنفسكم في ما تنشرونه في الموقع وركزوا فيه على الموروث فإننا بالرغم من أننا لانقدر على إهمال مادبجته أيدي الشباب السوقي فإننا نأمل أن يكون للأسلاف نصيب الأسد من كل ما يكتب وبخاصة في هذه الفترة حتى نستطيع بذلك أن نعرف بهم من لايعرفهم وشكرا لك على بحثك الجيد وإلى الأمام. |
غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 05-11-2009 الساعة 08:52 PM
سبب آخر: تغيير لون الخط
|
05-11-2009, 06:09 PM | #7 | |||||||||
مشرف منتدى الحوار الهادف
|
أخي الكريم أمح محمد أحمد السوقي
بارك الله فيك مازلنا ننتظر بقية البحث أعاننا الله وإياك على طاعته |
|||||||||
|
05-11-2009, 08:04 PM | #8 |
|
شكر وتقدير
أخي الكريم امح
كلي سرور واعجاب بما سطره يراعك وأملاه فكرك واستجادته قريحتك واستنتجه تحليلك القيم إلى الأمام ونحن على أحر من الجمر في انتظار باقي اللآلئ والدرر . وفقنا الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه |
|
05-15-2009, 06:56 PM | #9 |
|
الجزء الثاني من الترجمة (بحث الإخوانيات)
ب_ الدعاء والاستغاثة وفي عام 1364 هـ وقع وباء في منطقته فمات كثير من الناس ، ففزع إلى الله ، وأنشد هذه القصيدة فاستجاب الله دعاءه ، فزال عن الناس ما نزل بهم ، وبدايتها بعزة الله باسم الله بالله بك استجرنا رجاء أن تعافينا إلى آخرها وبلغت ثمانين بيتا ندعوك ربي ومن ندعوا سوى الله مما دهى واعتمادنا على الله ج – الاستسقاء في عام 1323 هـ ، أنشأ إحدى قصائده في الاستسقاء فقال : مني السؤال ومنك البذل يا كافي لم يخف عنك الذي قاسى عبادك من ومن شدائد أدناها الجلاء ومن فارحم بفضلك ناسا ما لهم وزر والطــــف بهم ربي كي لا يطحنوا والأمن سولي وسقي ورده صاف ضر أتى بخروق عزت الرافي بؤس هو الموت لو لا مس ألطاف إلا ك أو سيد يرجى لإتحاف براحي شــــهبائهم فيموتوا حتف آناف د- الشعر العلمي والجواب عن سؤال منظوم قد وجه الشيخ سيدي محمد بن بادي الكنتي سؤالا عاما إلى العلماء ، ثم خصص السوقيين فيه ، والسؤال يتمثل في قصيدة يستفسر فيها عن حكم الحج في الطائرة(1) مع ما يستلزم من إجراءات حكومية كالتصوير واتخاذ البطاقة الشخصية ، وإعانة الكافر بالمال ، وغيرها من الأمور التي لم تكن موجودة في الصدر الأول ، هل هذه الأمور تلزم وتكون من الاستطاعة الموجبة للحج أو لا تجوز لكونها لم توجد في الصدر الأول ، فيسقط الحج لتوقفه على أمور شاقة ، لم ينص العلماء الأولون على وجوب التزامها ، فأجابته جماعة من شعراء وعلماء السوقيين ومن بينهم هذا الشيخ ، ومطلع قصيدته : ما لذة الراح هزتني فما طربي إلى أن قال فما الطوائر إلا كالمواخر من قسها بعلة ما كانت توصل من ولا تقل مركب يعلو بجسته فمثل ذا شبهي لا اعتبار به فلا تخل غير من لم يجتهد أبدا لو لا مزامير من آل ابنة العرب(2) أباح تيك يبحها أو يعب يعب يسير فيها كفلك البحر للأرب جسما يشف ويجري لا على الترب مع المخيل بنص غير مضطرب أبى عليه قياس الفرع كل أبي وأجاب على قول الشيخ الكنتي السائل فرجحوا لي من ذا الخلف واحدة بقوله وازنت ما بين أطراف الخلاف فلم وقال قبل ختامها بأبيات أهديتها وأنا المحمود واسم ابي من كفتي منع ذا الطيار والطلب(3) يرجح لدى الوزن إلا كفة الطلب حماد ثم إلى إدريس منتسبي وله قصيدة في التوحيد مطلعها ربي الله ذو الجلال الممجد والرسول إلي طه محمد ونهاية كل بيت منها اسم محمد صلى الله عليه وسلم ، وله كثير من القصائد الأراجيز غير ما هنا ، وله إخوانيات بليغة مع بعض أحبابه وسيأتي جزء منها إن شاء الله . وقد اشتهر بالورع والتقوى ، وحب المسلمين ، واحترام العلماء وتقديرهم ، وغير ذلك من الفضائل أما زهده في الدنيا وكرمه ، وجوده فيكفي منها أنه لا يجمع الأموال بل أشاع في الناس أن كل مسلم رأى شيئا من ماله ورغب فيه ، فهو له ، وكان يكرر ذلك في المجالس ، وأما أخلاقه ، فتتمثل في هذه الأبيات لتي كتبها لواحد من إخوانه كان قد طلب منه أن يقدم له إرشادا ونصيحة فقال : عليك بذكر الله والخمس أدها إلى أن قال ورع واتضع واقنع وأخلص لتجتبي وقف إن نويت الفعل وقف تثبت وحاسب بأطراف النهار مناقشا فمهما وجدت الخير فاشكر أو الذي ومن كل بر فاغتنم كل ممكن وخذ بهدى المختار لا تأتي غيرما إلى آخرها بآدابها واللغو فاتركه جانبا وإياك ما رمت الصفآ والشوائبا فإن جاز أو لا فاعتزله مجانبا لتنجو نفسا أقحمتك المعاطبا يريبك فاستغفر إلهك تائبا صباحا ومسيا واجتهد أن تواظبا يوافقه إن كنت للنجح طالبا وفاته : توفي 13 شعبان 1407 هـ ودفن في مقبرة وادي الشرف(1)على مسافة 3 ك م شرقي غاوا شمال مالي أخوكم / أمح محمد أحمد السوقي |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تساؤلات......حول الأدب السوقي | محمد أغ محمد | المنتدى الأدبي | 14 | 11-04-2010 02:09 PM |
نبذة عن الأدب السوقي | alsoque.net | المنتدى الأدبي | 26 | 09-16-2009 04:29 PM |
صور من الإعتداء على الأدب السوقي | أبو ياسر الأنصاري | المنتدى العام | 18 | 07-15-2009 06:06 PM |