|
المنتدى الإسلامي خاصة بطلاب العلم الشرعي ومحبيه، والقضايا الدينية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||
|
||||||
أهمية التخطيط في العمل الدعوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ...
أما بعد : فإن الدعوة إلى الله عز وجل من أجلّ القربات والأعمال الصالحة ، وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين ومن اختارهم الله ليكونوا من الهداة الدالين عليه سبحانه ، وأي شرف أعظم من أن يكون المسلم حلقة وصل بين رسالة الله وخلقه ، ويتشرف بإبلاغ دين الله إلى الناس ، ويكسب بذلك الفضل العظيم والأجر الجزيل منه سبحانه ، يقول الرسول e : (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً )) . ومن الظواهر التي تبعث الأمل للرقي بهذه الأمة ، وجود العمل الدعوي المؤسسي ، وإن من أهم المهمات في هذا الصدد التوازن والجمع بين الخصائص الإدارية المؤسسية الحديثة وبين الثوابت والمظاهر الدعوية التي تستند إلى الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة . ومن هذا المنطلق أتقدم لإخواني الدعاة بطرح مواضيع دعوية أريد إثارة الحديث لنستفيد مما عندهم من الخبرة العملية والعلمية في هذا المجال، وفي هذه العجالة سأسلط الضوء على مسألة مهمة وهي: التخطيط في العمل الدعوي: تأصيل فكرة التخطيط في المجال الدعوي: لا شك أن التخطيط وإن كان جانباً إدارياً مهنياً تخصصت فيه شركات ومؤسسات أسهمت في التطور والتقدم المادي ، فإنه في أمر الدعوة إلى الله مبدأ شرعي ومطلب دعوي ؛ لأن فهم الواقع المعاش للتأثير في الناس أصبح أمراً ضرورياً لتحقيق أهداف الدعوة إلى الله وتنفيذ البرامج الدعوية بصورة أكثر فاعلية وجذب للناس للوصول إلى أكبر أثر يتركه هذا البرنامج الدعوي أو ذلك ، وفيما يلي محاولة لتأصيل فكرة التخطيط في المجال الدعوي: · قال تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة ) ولا شك أن كثرة المستهدفين وتنوعهم واختلاف توجهاتهم ووسائل التأثير ، يجعل البصيرة بهم أمراً لا يدرك بمجرد معرفة سطحية أو تصور مقتضب ، وإنما يتم من خلال ما نحن بصدده . · لاشك أن العناية الإلهية والرعاية الربانية أحاطت بالنبي e في دعوته وتبليغه للرسالة ، ومع ذلك نجد في كثير من جوانب سيرته مجالاً واسعاً للتأسي والاقتداء ، وأخذاً بالوسائل والأسباب ، ومن ذلك اختياره أبا بكر لمرافقته أثناء عرضه نفسه على القبائل ، وكان لمعرفة أبي بكر بقبائل العرب أثر كبير في نجاح هذه الخطوة ، فجدير بالدعاة أن يكونوا على علم بالخصائص الاجتماعية وغيرها للمدعوين ، وهذا ما قد لا يتأتى إلا بدراسة معمقة مع اختلاف ناس اليوم عن ناس أمس . · قال e لمعاذ t : (( إنك تأتي قوماً أهل كتاب... )) فهو e يرشد معاذاً إلى أقوم الطرق وأرشد السبل للدعوة إلى الله ويوضح له الأولوية ويرتب له أمر الدعوة إلى الله حتى يقبل الناس دعوته ويعرفوا الحق الذي جاء به إليهم ، صح في الحديث أن النبي e لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له : وهذا الحديث العظيم يمثل خطة مستقبلية ودراسة شاملة لما سيقدم عليه معاذ t ، وتنبيه النبي e لمعاذ أن من سيأتيهم هم من أهل الكتاب إشارة إلى معرفة النبي e بأحوال الأقوام الذين يدعوهم إلى الله وما يحملون من أفكار وعقائد وهو ما يجعل مخاطبتهم ودعوتهم يقوم على أساس المعرفة المسبقة التي تساعد على إيصال كلمة الحق الهادفة. ولئن كانوا في ذلك الوقت يكفي - لمعرفة ما يناسبهم من وسائل - معرفةُ مصادر ثقافتهم وتوجهاتهم ، فإن الناس اليوم لا تحصى مشاربهم ولا مصادرهم ولا اتجاهاتهم – المسلمين منهم فضلاً عن غيرهم – فيلزم عليه السعي إلى الإحاطة بما أمكن من ذلك كي نعرف ما يناسبهم . ومن تأمل سيرة النبي e ومنهجه في دعوته وقف على كثير من الأمثلة والشواهد الدالة على ما ذكرنا طرفاً منه من باب التذكرة والإيحاء، مما لا يخفى على المهتمين والمتخصصين . أهمية التخطيط والبحث في النهوض بالأعمال الدعوية والارتقاء بها: يمكن أن نبرز أهم ما يسهم به التخطيط والبحث للنهوض بالأعمال الدعوية والارتقاء بها حتى تحقق أهدافها من خلال النقاط التالية: 1) تحديد أهداف الدعاة وغايات البرامج والمشروعات الدعوية ، ولا زال هذا الأمر وهو وضوح الهدف غائباً عن كثير من العاملين في الدعوة ، فهو لا شك يدرك الهدف العام وهو تبليغ دين الله ولكنه قد يجهل الأهداف الخاصة لكل برنامج دعوي مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى سلبيات على هذه البرامج ، أو أخطاء تُذهب بفوائد تلك البرامج الدعوية . 2) سهولة توقع معوقات البرنامج الدعوي التي قد يفاجأ بها الداعية أثناء أو قبل تنفيذ البرنامج ، ويتم هذا بالاستفادة من المعلومات والبيانات التي يجمعها واضع الخطة الدعوية مما يجعله بإذن الله أقل عرضة للمفاجآت التي قد تُذهب جهوده أو تضعف ثمارها إضافة إلى أنه يعالج الخطأ في الوقت المناسب وقبل أن يتراكم فيمنع الرؤية وتصعب معالجته . 3) التجديد في الأساليب والوسائل الدعوية و البعد عن الرتابة والتمسك بالأساليب التقليدية ، مع التمسك بثوابت المنهج الصحيح في الدعوة . 4) ترتيب الأوليات والأولويات لدى العاملين والقائمين على البرنامج الدعوي مما يساعد في اختيار الأهم منها عند حدوث تضارب أو تداخل ، أو عند الحاجة لتقديم برنامج على الآخر ، أو إلغاء أحدهما، أو غير ذلك . 5) توفير كثير من النفقات المالية والجهود البشرية التي توضع في غير موضعها بسبب ضعف التخطيط أو انعدامه ، ولاشك أن عدم وجود تصور واضح للميزانيات المتوقعة لتنفيذ البرنامج هو من آثار ضعف التخطيط . 6) التنسيق بين العاملين أو الجهات الدعوية في الساحة الدعوية ، سواء في التنسيق في توزيع المواقع الجغرافية ، أو التخصص في البرامج الدعوية ..، كما يفيد في منع التكرار في البرامج ويحول دون إضاعة الجهود أو إغفال برامج أخرى قد تكون الحاجة إليها أكثر . 7) حسن الأداء أثناء تنفيذ العمل الدعوي، والتقويم الدقيق بعد ذلك للواقع الدعوي في المواقع المختلفة التي تنفذ فيها الخطط الدعوية ، وفي تحديد مواطن الضعف في الخطة أو في أسلوب التنفيذ ليتم تلافيها في الخطط القادمة ، وهذا مما يؤكد أهمية التخطيط في أنه يساعد في عدم تكرار الأخطاء التي ترتكب ، وفي عمل مراجعات شاملة في نهاية كل خطة دعوية ليتم تقويم النتائج والنسب المتحققة من أهدافها وأبرز سلبياتها وإيجابياتها . 8) يساعد التخطيط في استغلال الفرص الدعوية حيث يفيد في الإعداد المبكر وحسن التوقيت للبرامج وجمع المعلومات الخاصة بالبرامج وخصوصاً مواعيد إقامتها ، وتحديد ذلك مسبقاً والإعداد الجيد له . 9) يساعد التخطيط القائمين على الأعمال الدعوية في وضع معايير وأسس لمتابعة أداء الدعاة والعاملين في البرامج، ومعرفة مواضع الضعف فيهم ومن ثَمَّ في تحديد البرامج التدريبية اللازمة للارتقاء بالكفايات الدعوية من كافة الجوانب العلمية والإدارية والقيادية ، ومدى تحقيقهم لأهداف البرنامج تحديد مهام العاملين في البرنامج الدعوي أو الخطة الدعوية عموماً ، وطريقة أدائهم . 10) جعل البرامج والخطط أكثر شمولية وتكاملاً ، ويلاحظ أثر ذلك في جهود بعض الدعاة أو الجهات الدعوية حيث تركز على شرائح معينة من المجتمع أو على موضوعات وجوانب معينة في برامج ، وتهمل غيرها ، بينما التخطيط يجعل للعمل الدعوي والجهود الدعوية سمة الشمولية في طروحاتها وبرامجها . 11) استمرار الجهود الدعوية بإذن الله فكثيراً ما تتوقف الأنشطة وتتعطل البرامج بسبب حدوث المفاجآت كانقطاع الدعم ، أو سوء التنفيذ ، أو سوء التوقيت ، ولعدم وضع بدائل لهذه الحالات الطارئة .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ما قيل في العلم والعالم والمتعلم | أداس السوقي | منتدى المكتبات والدروس | 13 | 08-06-2010 09:31 PM |
وصية مرغبة في العلم مزهدة في الدنيا | أبو حفص السوقي | المنتدى الأدبي | 1 | 09-28-2009 10:39 PM |
إثارة الهمة لطلب العلم | أبو حفص السوقي | المنتدى الأدبي | 2 | 09-12-2009 11:17 AM |
من أنفع أنواع العلم | م الإدريسي | المنتدى الإسلامي | 1 | 05-09-2009 10:20 PM |
من أحوال العلماء وطلبة العلم | الأمبراطور | المنتدى الإسلامي | 2 | 12-12-2008 01:13 AM |