317. السلطان / مَدِيدُ بن القُطْب الطارقي

317. السلطان / مَدِيدُ بن القُطْب الطارقي :
هو السلطان مديد بن القُطْب بن كاوا بن أمَّا بن أك الشيخ بن كَرِدَنَّ(1) .
قال عنه الشيخ العتيق : لما مات الإنصار خلفه مَدِيدُ وحمد الناس سيرته ومكث أعواما قلائل ثم فاجأهم أمر فرنسا واضطرب أمر الناس لأجل دخولهم في البحر ومداخلة أهله من السودان وإغرائهم على حرب التوارق وجميع البيض ، ثم داخلهم أمير العرب حماد بن محمد وصالحهم ونصحهم بأن قال لهم إن البلد لا تملكونه مادامت في قوة التوارق ، ولا تقدرون على مقاومتهم في صحاريهم لأن جيشكم لم يأنف إلا البحر وتتعمه ، فإن رأيتم أن تعينوني بالسلاح والخيل تبعتهم وتتبعهم فإني أعرف بلادهم ومكامنها ، فلا زال بهم وبأتباعهم إلى أن ألجأهم إليكم حيث كنتم ، وأما الرجال فحسبي منهم ما معي لا أطالبكم بفرد واحد من عسكركم ، ففعلوا وأمدوه بسلاحهم التي تقتل من بعيد ، وجمع رجال العرب فأعطاهم السلاح ، وأذن لهم بأمر فرنسا في أخذ ما شاءوا من الخيل حتى تم استعدادهم وسلاطين البلد غافلون عن هذه المكيدة ، وقد علموا أن الأمير العربي يحاربهم ولكن لا يعبئون بحربه فصارت العرب والسودان وفرنسا حربا للتوارق وحالوا بينهم وبين منافع البحر ، فهمّ السلطان مَدِيدُ بأن يفد على القائد الفرنسي في كَاوَ ويصالحه ، ويشارطه ليتفرغ لحرب الخارجين عليه من أهل مملكته وشاور أصحابه فاستنكفوا عن بيعته أحدا أيا كان فلم يفعل ، ثم بدا له أن يسير إليه بعد ما كثرت الزلازل والغارات وهجر الناس عن أوطانهم إلى حيث كان حتى اجتمعت عليه خلائق لم يكونوا يجاورونه ، وعم الضيق الجماعات الكائنة معه بالأصالة والمهاجرة إليه فعزم على ملاقاة القائد الفرنسي فسار حتى بلغ شرقي حوض نَقْ فمات ودفن هناك .
ومما جرى بينه وبين الفرنسي أنه لما وصل إلى كاو عام 1317هـ سأل عن سلطان تلك البلاد وكان سأل نه قيل في تنبكت فاتفقت له الكلمة أن جميع البلاد تحت حكم مَدِيدُ فأهدى له سرجا ولجاما من ذهب ، فلما وصلت إليه الهدية تردد في قبولها وردها ثم قبلها ، فلما أتى على ذلك عام رجع ذلك الفرنسي إلى كَاوَ للاستيطان ، فأرسل إلى مَدِيدُ يأمره أن يأتي إليه ليفاهمه ويتصالحا في أمر إقامته بالبلاد ولم يقدر لقائهما .
ولم يصل إلي كثير من أخباره على التفصيل إلا أن من يعرفونه ممن أدركتهم يثنون عليه خيرا ، وقد رأيت رسالة منه إلى أمير تَنْكَرِإكِفْ في وقته تتضمن شكره له ما عمل من نصحه وقيامه بمن معه من رعايا في أرض تنبكت وحسن طاعته له وذكرله أن ذلك ديدن أسلافه مع أسلافه(2) .
قال الشيخ محمد حب : وفي أيامه جاء النصراني الأول وأرسل إليه إكَافا مذهبا مفضضا فقال له قضاته من كُلسُّوكْ لا تركبه فإن ركبته ملك النصارى حكم بلادنا وخالفهم وركبه فلم ينشب النصارى أن استولوا على هذه البلاد كلها ومات الأمير مدِيدُ ولم يصالحهم ثم صالحهم الأمير فِهر بعد خلع عمه لاَوَيْ(3) .