233. محمد المصطفى بن محمد إكنن الأنصار التكيراتي السوقي

233. محمد المصطفى بن محمد إكنن الأنصار التكيراتي السوقي :
هو الشيخ محمد المصطفى بن محمد إكنَن بن مَحمد سيدي بن محمد بن أحمد بن نان َّبن محمد بن عثمان ينتهي نسبه إلى الشيخ أشلوم الأنصاري(1) .
قال الشيخ العتيق : هو من الفقهاء المشهورين في زمانه يؤخذ عنه الفقه ويرحل إليه في طلبه وممن رحل إليه في طلبه سيدي بو بكر بن القاري جد أهل تَبُورَقْ ، قيل لما وصل إليه أخبره بما يطلب رحب به ثم باتا فرأى الشيخ الضيف في منامه أن النبي  أتاه بإناء من لبن فأمره بشربه فجعل يشربه حتى بقيت منه بقية في فمه فانتبه وفي فمه تلك البقية فكوشف مضيفه بذلك فناده يا فتى ابتلع تلك البقية ثم أغد إلى أهلك فقد قضيت حاجتك فامتثل أمره ورجع إلى أهله وكان ممن يشار إليه في الفقه . ومما يحكى من فقاهته ما تقدم في الباب الرابع عند الكلام على أحمد بن همّهمّ من سفرهما إلى أرض دنَّكْ وملاقاتهما لعلماء ذلك القطر ومغالبتهما معهما لأولئك العلماء ، والذين يروى من سبب تلك السفرة ورويناه عن الثقات من أسلافنا أن خَتُوتُ سلطان إولّمّدنْ في دِنَّكْ غزا بلانا بجيوش لا قبل لأحد من أهل الدفاع والقتال بها فكيف بالضعفاء والرعايا فنهبوا ما اطلعوا عليه من المواشي وغيرها وكان من أكثر من نهبوا أموالهم جماعة تتبع الشيخ محمد المصطفى بن محمد إكْنَنْ ومنهم جماعة من دبّاكرْ فشق ما ناب دَبَّاكَرْ على محمد المصطفى فوق ما يشق عليه ما نابه هو وحيّه فتفكر فيما يصنع بهم ثم انتجت له فكرته المباركة أن يذهب إلى أخيه أحمد بن همّهمّ ليتعاونا على تخليص بعض أموال ضغفاء المسلمين الذين أغار عليهم خَتُوتُ وجنوده فوافقه الشيخ أحمد على السفر إلى بلاد الأعداء المغيرين في زمن لا يجترئ أحد من أهل البلد فيه أن يتوجه إلى تلك الجهة ولا أحد من أهل تلك الجهة أن يتوجه إلى الجهة الغربية منهم إلا في جيش عرمرم من شدة ما كان بين أهل البلدين من التباغض والتناحر بحيث لا يأمن أحد أن يلقى أخر فينجو منه ولكن الشيخين لم يلتفتا إلى تلك المخاوف بل غلبّا جانب التوكل مع الحرص على نفع المسلمين فسارا مع المخاوف حتى وصلا إلى السلطان خَتُوتُ فتعجب الناس من وصولهما إليه مع كونهما من أهل البلد الذي يحارب أهله ومع كونهما من أشياخ أعدائه الذين يعتبرونهم أقوى قوة لهم فأنزلهما السلطان وأكرمهما ثم سألهما عن سبب سفرهما وإلى أين يتوجهان فقالا له لا نقصد غيرك ولا حاجة لنا إلا أن تشفعنا في المساكين الذين سبقت إليك أموالهم فقال لهما إني لم أغر على بلادكم إلا بأمر علماء بلدي وهم الذين قالوا لي لا حرج عليّ في غزو بلادكم ولا نهب أموال أهلها بل دماء أهل بلدكم حلال فضلا عن أموالهم لأنهم خوارج بغاة ولا فرق بين السلاطين والرعايا ، وأما علماء بلادكم فهم الذين يقوون السلاطين ويتعاونون معهم على المناكر فهم أشد ظلما فلا بد لي من إحضارهم وجمعهم ومناظرتكما لهم حتى يتبين إلى المحق من المبطل فجمع علماء بلده وناظراهم حتى غلباهم فقالوا للأمير نريد أن تحبس لنا هذين الضيفين مدة حتى نستفيد منهما فقد علمنا أن عندهما ما ليس عندنا فأخذ أحمد يعلمهم من العلوم ما سوى الفقه وأما الفقه ففوض أمر طلبته إلى أخيه محمد المصطفى فكان يدرسهم مختصر خليل وشروحه وكان ماهرا في ذلك وكان أولاده بعده كذلك حتى اعترف لهم إخوانهم من أحياء السوقيين بأنهم أشد اعتناء بعلم الفقه حتى كأنهم لا يعرفون غيره أو لا يعرفه غيرهم ولكن لا يعتنون بالتصنيف فيه كما هو العادة الغالبة في بلادهم ، وقد ترك مخطوطات كثيرة منها ما هي بيده ومنها ما كتبه إخوانه(2) .