|
المنتدى التاريخي منتدى يهتم بتاريخ إقليم أزواد . |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية
قبيلة المدلش أو المجلس
قيل أنها مشتق من مجلس العلم ، و قيل أن جدهم كان قاضي مجلس أبي بكر بن عامر اللمتوني المتوفي عام 840هـ/1087م قائد فتوحات المرابطين الإسلامية في أفريقيا. و جدهم القاضي هذا , هو إبراهيم الأموي ، يرجع نسبه إلى عمر بن عبد العزيز ، كما يقول العلامة عبد القادر بن محمد سالم في ترجمته لنفسه في شرحه على قرة الأبصار ، حيث يقول : " المجلسي المالكي الأشعري ، عبد القادر بن محمد بن محمد سالم بن محمد سعيد بن محمد عامر بن أبي السيد بن أبي بكر بن علي بن يمغدش (السالم) بن وديعة الله بن عبد الله بن أحمد يفت (أخيار) بن يدر (يعيش) بن إبراهيم الأموي . و إبراهيم هذا يقال و الله أعلم أنه من ولد عمر بن عبد العزيز ، كانت لهم كثرة و عمارة و مسكة عظيمة ، حتى أنه يحكى أن المسافر يمكنه أن لا ينزل إلا بحي من أحيائهم في كل مرحلة فيما بين تيرس و كنار ، كما ورد في تاريخ إدوعيش لسيدي بن محمد بن سيدي ، فكانوا ملجأ الضعيف و المضطهد ، حتى قيل : أنهم أصل الزوايا يكل ما لذلك المدلول من محامل خلقية و دينية ، وقيم ثقافية و حضارية و شيم نبيلة ، من ذلك إيواؤهم لرجال تشمش الخمسة الذين اكتسبوا الكثير من أخلاقياتهم السامية. إلا أن هذا العمران أخذ في الإضمحلال من بداية القرن الحادي عشر بأريعن سنة قبل شرببه ، و من أسباب ذلك الإنحطاط ، الحرب التي دارت رحاها بين المجلس و تندغه ، والتي انتهمت بهزيمة المجلس. اعتزل هذه الحرب محمد ساعيد جد أهل محمد سالم الذي ذهبا حاجا ، و اتخذ شمال الصحراء وطنا ، حيث تأسست أهم مدارس الفقه المالكي الموريتانية بأسم أهل محمد و لد محمد السالم ، و التي بلغت من الشهرة درجة التبريز ، فأصبح التخرج منها ضروريا لكل فقيه يرشجح نفسه للصدارة و التفوق .... تتحدث المصادر عن امرابط المدلش ، وأمير المدلش لأداء نفسى المعنى و محلة مدلش كما ورد في باب الأمثلة ((زوايا المدلش)) أي مهاجرهم ، و المشهور أنه لا يعود ، و تتركب قبيلة المدلش اليوم من البطون التالية : 1-إدوعمر وفيهم بيت الرئاسة 2-ادوجان 3-أهل أبوكرشل 4-أهل بواحمد 5-أولاد بوسيد (محمد ساعيد) وهم أهل محمد ولد محمدسالم. هذه أهم فصائل هذه المجموعة التي لا نستطيع أستيفاء حقها من البحث. نشأة قبيلة المدلش ( مجلس العلم ) لقد ولدت ونشأت قبيلة المدلش ( مجلس العلم ) في الجنوب الغربي من القطر المرابطي الشنقيطي ، وخصوصا فيما يعرف منه حاليا بولاية اترارزة ، بعد منتصف القرن الخامس الهجري ، من أب جامع هو المعلم الكبير والقاضي الشهير إبراهيم الأموي حفيد الراشد الأموي عمر بن عبد العزيز رحمهم الله جميعا. سبب تسمية القبيلة " مجلس العلم " ثم " المدلش " لقد سميت هذه القبيلة بمجلس العلم اشتقاقا من وظيفتها الاجتماعية التاريخية لا شتغالها بالعلم تعلما وتعليما ، لأن حلقات العلم فيهم كانت سمة بارزة ومظهرا من مظاهر الحياة القبلية منذ نشأتهم ، ولم يزالوا كذلك حتى أصبحوا يعرفون بمجلس العلم وأصبح علما عليهم ووسما لهم ، هكذا كتب بعض أعيان هذه القبيلة عنها وعن اشتقاق تسميتها وهو الشائع في الحكايات عندهم بل وعند غيرهم ، فممن اشار إلى ذلك العالم الأديب أحمد بن الأمين العلوي الشنقيطي في كتابه " الوسيط " حيث قال في حديثه عن المدلش : " لقبوا بمجلس العلم لأن الناس كانت ترحل إليهم لطلب العلم .. " ونص عليه أيضا العالم المؤرخ محمد فال بن عبد الله المكي بن سعيد الأبييري في نظمه للدولة الأموية - كما مر قريبا - ويقول محمد مولود بن أغشممت المجلسي من قصيدة له : فنحن المجالس شق اسمنا °°°°° من العلم والعز أن تسالوا و يقول المؤرخ المختار بن حامد في حياة موريتانيا : " المدلش تصحيف مجلس العلم أو مجلس القضاء ، لأن جدهم إبراهيم الأموي كان قاضي مجلس الأمير أبي بكر بن عمر اللمتوني ، فكان المجتمع آنذاك إذا اختلفوا في حكم أو أشكل عليهم يقولون اذهبوا بنا إلى مجلس القضاء - يعنون مجلس إبراهيم - فتوسع فيه حتى قيل مجلس العلم وصار علما على بنيه " . ويقول القاضي المحقق والمؤرخ المدقق محمد سالم بن المختار بن المحبوبي الشمشوي اليدالي : " المجلس مشتق من مجلس العلم قيل إن جدهم كان قاضي مجلس الأمير أبي بكر بن عامر قائد فتوحات المرابطين الإسلامية في إفريقيا ، وجدهم هو القاضي إبراهيم الأموي يرجع نسبه إلى عمر بن عبد العزيز " ويقول الخليل النحوي الزينبي : " إن إبراهيم الأموي كان يقضي ويعلم الناس في مجلس الأمير أبي بكر بن عمر ومن مجلسه العلمي اشتق " مدلش " التي صارت علما على قبيلة من أطول القبائل الشنقيطية لها يدا في العلوم لأنها تنحدر من إبراهيم صاحب مجلس العلم ". ويقول الكاتب الفرنسي " بول مارتي " في إحدى كتاباته عن ولاية اترارزة متحدثا عن قبيلة المجلس . " وكان دخولهم إلى جنوب البلاد مع جيش المرابطين بقيادة أبي بكر بن عمر اللمتوني ، وقد عرفوا بألقاب منها " شمس الزوايا " و " مجلس العلم " واشتهروا باللقب الأخير أكثر من غيره قبل أن يختزل إلى صيغته الحالية " المدلش " التي أصبحت علما عليهم يميزهم عن كل سكان البلاد ، وهو لقب جاء نظرا لغلبة وجود حلقة أو أكثر للعلم فيهم " وهكذا ظل هذا الاسم تتداوله الألسنة لكثرة الاهتمام بذويه حتى ناله من التحريف عبر التطور اللغوي المحلي ما نال غيره من أسماء المسميات ، حيث أصبحوا يعرفون باسم " المدلش " . ومماقيل في هذا الشأن من الشعر العربي الفصيح والشعر الحساني حيث كان الشعراء والأدباء يذكرون في شعرهم العربي الاسم القديم الفصيح " مجلس العلم " ، وفي شعرهم الشعبي الحساني الاسم الحديث " المدلش " الذي اشتهر شهرة غطت على الأول ، بحيث أصبح أكثر استعمالا عند سكان القطر . ومن نماذج ذلك في الشعر العربي قول العلامة المختار بن بونه الجكني من قطعة شعر له في مدحهم : يا مجلـــس العلم والمجد المؤثل والد °°° ين المورث من ماحية املل وقول الأديب الشاعر محمد بن سيد احمد التندغي المالكي من قصيدة له في مدحهم أيضا : حتى تلاقي أزوالا جهابذ °°° من مجلس العلم مأوى الخائف الجاني وقوله : ومن لم يكن من مجلس العلم أصله °°° فليس عليه أن يضن جناح وقوله : إلى عصبة من مجلس العلم أحرزت °°° سبيل المعالي كابرا بعد كابر وقوله : إن الركاب إذا ألقت كلا كلها °°° في مجلس العلم لم ترجع بحرمانا وقوله : ولو أنها في مجلس العلم عرست °°° لنالت نوالا لا قليلا ولا كدا وقول العلامة باب بن الشيخ سيدي الانتشائي في مدح بعض أعيان المجلس : وكان من مجلس للعلم من نفر °° هم مجلس العلم أسلافا ومن خلقا وقول المؤرخ المختار بن حامد الديماني : مجلس العلم مجلس العلم حقا °°° مجلس كان للثنا مستحقا وقول محمد عبد الله بن أحمد الواثق التندغي المالكي : يا حبذا مجلس العلم الذين هم °°° أهل السيادة والعلماء والبهم ومن نماذج ذلك في الشعر الحاساني في الاسم الحديث " المدلش" قول الشاعر الكبير رائد الأدب الشعبي ومؤسس مدرسة الحراكات باباه بن حوب الحركي : المدلش حتت عفاكم °°° الفوك ألاه مكتوم ... الخ وقول الآخر : المدلش حسبتكم حرُ °°° قديم من ذيك المرٌ واحديدتكــــــم ماه مرُ °°° يبل الخيط بلقلـــوم ايبل امال تكـــــــــــرٌ °°° عويص ماه مفهــــوم وقول الآخر : غير أمٌـــــــونك لحراك ج °°° لجماع يلحكه مدلش وقول الآخر : الشكر اعل المدلش معطوف °°° والله مانحتاج احلوف وقول الآخر : وخير ألاه من لرداد °°° بيكم يالمدلش لجواد .... الخ
|
01-22-2018, 11:37 AM | #2 |
|
رد: قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية
زاوية إبراهيم الأموي العلمية
أول زاوية عرفها هذا القطر المرابطي الشنقيطي أو الناحية الجنوبية الغربية منه على الاقل هي زاوية ابراهيم الاموي جد قبيلة المجلس " المدلش " التي أسسها في الجنوب الغربي من هذا القطر في أواسط القرن الخامس الهجري ، ذلك لأن الفاتح الأول الحقيقي لهذا القطر هو أبوبكر بن عامر اللمتوني المرابطي الذي كانت إليه وظيفة القيادة والسيف ، وكان لقاضي مجلسه إبراهيم الأموي وظيفة القضاء والتعليم والقلم فأسس إبراهيم انذاك مؤسسة علمية عرفت بزاوية إبراهيم الأموي فكان يأوي إليها التائبون الذين يريدون الانقطاع للعلم والعبادة وترك أمر الحرب وحمل السلاح . وقد كانت زاوية ابراهيم الاموي تنتهج نهج سابقاتها من الزوايا في في كل من القكر الشامي والاندلسي والمغربي في تعليم الفقه والحث على الجهاد طيلة فترة التحالف القائم بين الحاكم والفقيه منذ قيام هذه الدولة الى سقوطها بموت أميرها أبي بكر اللمتوني ولما توفي وبدأت الخلافات داخل فصائل صنهاجة وصارت تتزايد وسادت الفوضى في في المجتمع و انقطعت العلاقة بين المتغلبين والعلماء المرشدين وتوجه إبراهيم الاموي وبنوه إلى الجمهور مباشرة وأنشأوا معه تحالفا جديدا في الحواضر والقرى والأرياف وغيرت زاويته بعض المناهج السابقة وأصبحت تحث على نشر العلم وتعاليم الدين الإسلامي سلميا ، لعدم وجود خليفة خاص يقود الجهاد ويوحد العباد وانزووا فيها بدينهم وفتحت زاويته أبوابها من جديد أمام الجميع لمن يريد الإنقطاع للتعلم والعبادة وترك أمر الحرب وحمل السلاح وتجنب الفوضى والإقتتال . وأصبحت منطلقا وعلما للطبقة المتعلمة في هذا القطر وموردا لها ، كما مثلت استمرارا وامتدادا للنهج المرابطي المحافظ والمقاوم لكل انحراف عن منهج الاسلام السني الوسطي ، ونظرا للفوضى الشاملة التي اعقبت سقوط دولة المرابطين فقد اتخذت هذه المقاومة لنفسها انماطا وطرقا أخرى غير الطابع المسلح كما أن ذلك الطابع المرابطي ظل ظاهرا في بعض المصطلحات الخاصة بتلك الحقبة مثل المرابط والزاوية ليتوسع هذان المفهومان فيما بعد. تفرعت من زاوية الجد إبراهيم الاموي زوايا ومؤسسات علمية في أحياء المجلس القروية والبدوية وقصدها الناس من كل حدب وصوب ، وشدوا إليها من مختلف النواحي لتعاطي العلوم والدؤوب على دراستها وتدريسها وتناقل الركبان حديثها وكان لها صيت عظيم ، وكانت مفتوحة الأبواب أمام جميع العناصر من سكان القطر من زنوج وبربر وصنهاجيين وفاتحين وغيرهم ، فكانت لهم مثابة وأمنا وأما حنونا احتضنتهم وأنقذتهم من ظلمات الجهل وبؤس الحروب وشقاء الفرقة ، ألفت بين قلوبهم وصهرت جهودهم في بوتقة واحدة تحدد لهم الطريق القويم في خدمة الإسلام وجمع المسلمين . وممن كان يرتاد هذه الزاوية رجال كانوا بعد ذلك أجداد قبائل من زوايا هذا القطر فصار يقال لهم " أهل الزاوية " ومن ذلك اشتق اسم الزوايا وهي الشريحة التي تقوم بوظيفة التعلم والتعليم وإقامة الدين والمحافظة على تعاليمه وترسيخ الأخلاق الفاضلة في النفوس . ولما كان المجلس هم المؤسسون الأوائل لهذه الزوايا وهم أصلها وقدوة من تفرع منها وشمسها ومنارها العالي ورأسها والمحافظون على الدين والمروءة والمنتصبون للتعليم في مدارسهم المنتشرة في القطر والقائمون بوظيفة الإفتاء والقضاء ، صاروا يعرفون في المنطقة بأنهم أصل الزوايا أو أصل زوايا ناحيتهم كما هو شائع على ألسنة المؤلفين الأقدمين والكتبا والمؤرخين ويقول الشيخ محمد اليدالي المتوفي سنة 1166هـ في كتابه شيم الزوايا : " المجلس قبيلة زاوية يقال لها مجلس العلم هم أصل الزوايا في هذه البلاد ..." ويقول صالح بن عبد الوهاب الناصري المتوفي سنة 1278 هـ في كتابه الحسوة البيسانية : " .. ومعنى مدلش بالصنهاجية مجلس العلم ، وهم زوايا تلك الجهة في ذلك الزمن .." يعني زمن قدوم أجداد تشمشه عليهم وهو أوائل القرن الثامن الهجري وذكر ذلك أيضا العلامة باب بن الشيخ سيدي الانتشائي المتوفي سنة 1342 هـ في كتابه إمارتا إدوعيش ومشظوف . وذكره المؤرخ الكبير المختار بن حامد الديماني في موسوعته التاريخية حياة موريتانيا . والأستاذ الباحث محمد بن باباه في كتابه محيط اليدالي ، وغير هؤلاء الكثير . وهذه الزاوية قد استمرت في ولده وأحفادهم وانتشرت في جميع أحيائهم المجلسية الحضرية والقروية والبدوية طيلة مايربو على خمسة قرون ، أي من أواسط القرن الخامس هجري إلى مطلع القرن الحادي عشر الهجري ، فكانت زواياهم هذه تشكل المدرسة العليا في البلاد طيلة القرون المذكورة وكانت أصلا للمحاظر الشنقيطية التي ظهرت في القرن الحادي عشر الهجري وإن كانت قد ظهرت إلى جانبها في تلك الفترة مؤسسات علمية أخرى في المدن الاثرية واخرى لبعض القبائل المحلية . ومن الممكن أن نسمي زاوية إبراهيم الاموي ب "جدة المحاظر الشنقيطية " لأنها هي أم الزوايا التي انتشرت من مطلع القرن السادس الهجري إلى نهاية القرن العاشر حيث تفرعت من أغصان شجرتها المحاظر التي ولدت في مطلع القرن الحادي عشر ثم انتشرت فيما بعد واستمرت إلى اليوم . ولقد قام ابناء ابراهيم الاموي واحفادهم على مر العصور برعاية تلك الزوايا في القرون المذكورة ثم قام ابناء اولئك الاحفاد واحفادهم برعاية تلك المحاظر من القرن الحادي عشر إلى العهد الحالي ( الربع الاول من الخامس عشر الهجري ) وظل جميع من يسعى وراء طلب العلم يأتي إلى هذه الزوايا والمحاظر من كل حدب وصوب إلى يومنا هذا . بعض علماء المجلسية من أصحاب الزوايا العلمية في المرحلة المباشرة بعد وفاة جد ومؤسس هذه القبيلة ابراهيم الاموي لقد أنجبت قبيلة المجلس الكثير من العلماء الأجلاء اصحاب الزوايا والمدارس فيما بين القرن الخامس والحادي عشر الهجريين وكانت لهذه القبيلة في هذه الفترة دولة علمية عظيمة ازدهرت بعلمائها الكثيرين وزواياها العلمية المنتشرة التي أسسها جدهم الأعلى ابراهيم الاموي وبنوه الأثنا عشر ثم تعاقب عليها بعدهم بنوهم واحفادههم ورعوها حق رعايتها على مر العصور . ونظرا لعدم اعتناء المجتمع المرابطي في القديم بكتابة التاريخ وتدوينه خصوصا في هذه المنطقة التي تسكنها هذه االقبيلة منذ نشأتها في منتصف القرن الخامس الهجري فقد ضاع الكثير من تاريخ مؤسساتهم الزاوية وحلقاتهم العلمية كما ضاعت اسماء وحياة وتاريخ اصحابها , فمن علماء هذه القبيلة في تلك الفترة _ كما ذكرنا _ المؤسس الأول للزاوية العلمية بالقطر الشنقيطي في العهد المرابطي وهو القاضي الكبير والمعلم الشهير إبراهيم الاموي ، فقد كانت مدرسته هي أقدم المدارس البدوية في هذا القطر ، وزاويته هي أول زاوية فيه حيث أسسها في العقود الوسطى من القرن الخامس الهجري في الشمال الغربي ، لما يعرف حاليا ب " مدينة القوارب " 1-عبد الله بن ابراهيم الاموي عبد الله بن ابراهيم الاموي كان صاحب المدرسة والزاوية بعد أبيه ، وكان من أعيان قومه وقادتهم ، قيل إنه كان يقيم الحدود في أهل الناحية مما يدل على مكانته العلمية ونفوذ أمره في محيطه ، وكان في نهاية القرن الخامس وصدر السادس الهجريين تقريبا , 2- أك بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابراهيم الاموي أك المكنى " أكتاوشني " باللغة الصنهاجية هو اك بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابراهيم الاموي وأك - بضم الهمزة وسكون الكاف - ربما كان مختصرا أو مختزلا من اسمه " اكتاوشني " ومعناه باللغة الصنهاجية العالم أو السيد ، وكان كثيرا ما يغلب اللقب الناشئ عن الصفة على الاسم , وقد كان أك هذا من أهل العلم والسيادة والفضل ، وكانت إليه مدرسة وزاوية جده إبراهيم الاموي وهو أحد أجداد المجلسية الكبار وإليه يرجع نسب أكثر قبائل الملجلس القديمة وفصائلها وأسرها الحالية وكان من أهل القرن السادس أو صدر السابع الهجري تقريبا , وأك هذا هو الذي يشير إليه الشاعر اللغوي العلامة مولود بن أحمد الجواد اليعقوبي الجوادي وهو يرقص ابنه أبا محمد ويدعو له حيث يقول : ألا كلأ الله مـــــن يكــــلؤك ------- ولا زال يشنأ من يشنؤك أيا ابن ذرى المجد من عامر ------ وديمان والغر من آل أك وكان لأبي محمد هذا خؤولة من المجلس وخصوصا منهم أل ألفغ مهندلل بن أك وخصوصا منهم آل مرابط العيل , 3- بادل بن أك - وهو بمد الموحدة وكسر الدال المهملة ، وتروى بالاعجام أيضا ثم لام مكسورة مشددة - وكان بادلي هذا من أهل العلم والفضل والسيادة والكرم ، وكان غرة إخوته وإليه مدرسة وزاوية جده ابراهيم الاموي وكان من أهل الثراء وإليه رئاسة قبيلة المجلس في زمنه وتركها في عقبه وبنوه اربعة هم : يحي وكان من أهل الفضل والصلاح والورع ثم عمرا وكان من أهل السيادة وإليه رئاسة المجلس بعد أبيه وتركها في بنيه ثم عبد الله وكان من أهل العلم والسيادة والاستقامة وترك ذلك في عقبه ثم ألفغ وكان من أهل العلم والفضل ، وتسلسل العلم في أحفاده فكانوا أهل كرم ونجابة وقد قيل إن لبادلي ابنا خامسا اسمه أحمد ويلقب ب " أحمد الصغير " للاحتراز من عمه أحمد بن أك وبالجملة فقد كان بيت بادلي هذا بيت علم وسيادة وعز و وزعامه وتسلسل ذلك في بنيه وإلى ذلك يشير العلامة الكبير والشاعر الشهير سيد احمد بن الشيخ بن الامام بن محمدا بن ابي احمد الملقب " اجكاني " المتوفي سنة 1305 ه عن قرن كامل من العمر بقوله من قصيدة له : بنى المجد آباء لنا قد تقدمت ----- فنحن سماء المجد نحن المحافل وشمس سماء المجد بادل جدنا ---- وبدر ليالي التم إذ ذاك بادل ودفن بادل هذا مع ابيه اك بموضع يعرف ب "" أنوجج " ( على بعد 21 كلم جنوب مقاطعة وادي الناقة الحالية ) وكان في القرن السابع الهجري . 4-الفقيه المشهور ألفغ مهندلل بن بادلي بن أك وكان من أهل العلم والفضل والسيادة وهو الذي صاهره أو صاهر بنيه الرجال الخمسة أجداد الشمشويين وكان في صدر القرن الثامن ودفن رحمه الله ب " تنوارته " على بعد 21 كلم شمال غربي روصو ) وتضم مقبرته الكثير من علماء المجلس في تاريخهم القديم بالمنطقة , 5-العالم الجليل يحيي بن عثمان بن ابراهيم الاموي المجلسي كان يقطن في شمال البلاد وبالذات في منطقة ادرار وكانت له زاوية علمية كزاوية الجد الاكبر ابراهيم الاموي يعلم الناس فيها ومن المؤرخين والكتاب الشنقيطيين من يلتبس عليه بابراهيم الاموي الجد الاعلى للمجلس فينسب المجلس اليه وهو خطأ وكان فيما بين القرن السابع والثامن الهجريين كما في الأزهار الشذية وكان ايضا من علماء المجالسة واصحاب الزوايا في ذلك العهد أبوبكر بن عبد الله بن بادل كان من اهل العلم والفضل وكذلك ابنه ابراهيم وكان في القرن الثامن وصدر التاسع الهجري تقريبا وايضا أبو يعلى يحيى بن ابراهيم بن ابي بكر ويلقب بأبيال وكان في القرن التاسع الهجري ومنهم في القرن العاشر الهجري محنض " محمد " بن ابيال وابنه احمد بن محنض وكانا فاضلين عارفين صالحين وكان أحمد منهما من أهل العلم والاستقامة ذا مكانة في مجتمعه ومن أبرز أعيان المجلسية سيادة و فضلا واشتهر أحفاده ومن انضم اليهم من المجلس بالانتساب اليه فكانو يعرفون ب " ال احمذن محنض " اي ال احمد بن محنض ومحنض في الاصل : محمد وكان أحمد هذا في القرن العاشر وصدر الحادي عشر تقريبا وقد استمرت محظرة احمد بن محنض هذا في بنيه بعده لهذا العهد وتفرعت إلى عدة محاظر كما سيأتي إن شاء الله في المرحلتين الثانية والثالثة من هذه الدراسة وهكذا ظلت مدارس وزوايا هذه القبيلة متواصلة عبر هذه العصور وعلى هذه الرقعة الأرضية المرابطية فكانوا على جانب عظيم من العناية بالعلم والتعليم وكانت مدارسهم تكثر وتنتشر باتساع وكثرة القبيلة المجلسية وانتشرت في بطونها وأفخاذها وتنتشر باتساع وكثرة القبيلة المجلسية وانتشرت في بطونها وأفخاذها وفاصائلها وعشائرها وحواضرها وبدوها في الجنوب والشمال على طول الشريط المرابط بين نهر السينغال جنوبا والساقية الحمراء " عيون المدلش " شمالا ، يدرسون ويدرسون في الأعرشة والحظائر الشجرية في الحواضر والمراكز القروية وفي خيم البادية المتنقلة فوق ظهور الجمال بحثا عن الكلأ لمواشيهم المتنقلة في الوهاد وفوق الأنجاد وبين الرمال وأقاموا على تلك الحال ما يربو على ستة قرون في ازدهار منقطع النظير وظل ديدن مشائخهم بث العلم وبذله بكل سخاء ومجانية لجميع شعوب المنطقة بمختلف عناصرها ونسج روح التآخي والرحمة بينها يقول العلامه الشيخ المختار بن بون الجكني رحمه الله : يامجلس العلم والمجد المؤثل وال@دين المورث من ماحية الملل@الناس في شغل مما تعيش به@وانتم في اكتساب المجد في شغل@تغنون عن كل تقريظ بحليكم @غنى الظباء عن التكحيل بالكحل@لو ولم تك الرسل بالمختار قد ختمت @آليت انكم من جملة الرسل |
|
01-22-2018, 11:39 AM | #3 |
|
رد: قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية
حياة قبيلة المجلس السياسية
بداية من دولة المجلس في القطر المرابطي عندما استشهد أمير دولة المرابطين أبوبكر بن عمر اللمتوني سنة 480 ه بدأت الفوضى والاضطرابات وتفككت وحدة القبائل الصنهاجية وأصبحت عاجزة عن تولية أمير يدير أمورها ويناط به حكمها كما كانت أيام أبي بكر وصارت فرقا متعددة تنتظم فيها الائتلافات تارة وتتمزق وتحدث فيها الفتن والحروب الداخلية وتتوقف وبدأت الحروب بين صنهاجة والسودان وبين صنهاجة بعضها مع البعض ، فعند ذلك اعتزلهم معظم أهل العلم والثقافة وكان على رأسهم آنذاك القاضي الكبير المرابطي إبراهيم الاموي وبنوه فانقطعوا لخدمة العلم وإحياء السنة ونشر التعاليم الدينية والأحكام الشرعية وأقبلوا على تعمير الأرض بعدل وإنصاف وتركوا التعرض لتلك المجموعات المتحاربة ورفضوا التدخل في خلافاتهم فعند ذلك عاملهم المتحاربون والمتغلبون بالاحترام والتقدير لموقعهم الديني والعلمي وبرز بجلاء التقسيم الثلاثي الذي بذر نواته الأمير أبوبكر بن عمر اللمتوني المتمثل في فئة تحاول فرض سيطرتها على الوضع سياسيا وهي الأنباط ، أي طبقة النبلاء من المجموعات الحربية الصنهاجية وفئة تسيطر ثقافيا وروحيا وهي فئة الزوايا التي انقطعت لخدمة العلم في حين تعتني الطبقة الثالثة بالجانب التنموي خاصة الانتاج الرعوي وعليها اعتماد جل الفئات الأخرى في توفير مستلزمات الحياة اليومية من مأكل ومشرب ومركب ,, مقابل توفير الحماية لها دنيويا من طرف الأنباط وروحيا من طرف الزوايا . وكان لابراهيم الاموي وبنيه وأحفاده بعد سقوط هذه الدولة المرابطية الجنوبية الدور البارز والحضور المشهور في مختلف الجوانب وخصوصا في الجانب العلمي والشرعي ، لما كانوا عليه من الاشتغال بالعلم والتعليم والاستقلالية عن الغير والأنفة وإباية الضيم والجود والكرم والنفوذ الكبير في كافة طبقات المجتمع المحلي من صنهاجيين وبربر وزنوج وغيرهم . وأصبح لقبيلة المجلس في هذا القطر الدوري الذي لا يخفى ولا ينكر وكثروا واتسعت بطونهم وانتشرت أفخاذهم واشتغلو في أمور دينهم ودنياهم وبنوا مجتمعهم على أسس ثابتة ودعائم راسخة تتمثل في بث العلوم وفي الانضباط والاستقامة والمحافظة على الدين والمروءة والجود والكرم ومكارم الاخلاق والتكسب الحلال مع الاجمال في الطلب والقناعة بما عندهم والرغبة في أن تكون يدهم العليا فكانت لهم حضارة بدوية تعثر بتقاليدها العتيدة في استقلالية واسعة وثقافة عالية حتى صارت لهم دولة عظيمة دينية ودنيوية تنظر إليها سائر طبقات المجتمع بالاحترام والتقدير. وقد شكلت قبيلة المدلش في هذه المرحلة من تاريخها كما بشريا هائلا مترابطا ومتراصا يرجى ويرهب ، وظلت لهم سلطة قوية لا تعرف ضعفا ولا تقهقرا مبنية على العلم والقضاء الذين حلا محل قائد المرابطين وجنده وأصبحوا مثابة وأمنا يلتجأ إليهم المظلوم والضعيف والمضطهد فرارا من طائلة الظلم والنهب ويحتمى بهم وأصبحت لهم دولة ذات صيت طائر وشهرة واسعة أشار إليها بعض المصادر القديمة والحديثة والحكايات الشعبية بالفاظ مختلفة مثل : " دولة المدلش ، محلة المدلش ، أمير المدلش ، امرابط المدلش ، مملكة المدلش " ... وغيرها الكثير ولقد كان لهذه القبيلة فيما بين نهاية القرن الخامس وصدر الحادي عشر الهجريين أي مايربو على خمسة قرون - انتشار منقطع النظير من جنوب البلاد إلى شمالها فكانت لهم كثرة وعمارة في الجانب الغربي من هذا القطر ، المعروف آنذاك باسم " صحراء الملثميين " و اسم" بلاد المرابطين " قبل أن يعرف ببلاد شنقيط . فـاقامو عليه خلال تلك الفترة نظاما زاويا ولعبوا فيه دورا سلميا بارزا علميا وسياسيا واجتماعيا وبسطو نفوذهم وسيادتهم عليه . وقد ظلت هذه القبيلة في تلك العصور من أوفر قبائل القطر عددا وأعزها جانبا وأكبرها صيتا وكانت كريمة النجار عزيزة الجار ومعلوم أن القبيلة تقوى بالكثرة والقوة والمال وكثرة العلماء والزعماء ووفرة الرجال . ولابد من ذكر أن يكون مسمى المجلس هنا يتناول من انضم اليهم ودخل فيهم لأي سبب وكانت هناك اسباب موضوعية وظروف واقعية أدت إلى ذلك منها المكانة الخاصة التي كانت تتمتع بها هذه القبيلة بين سكان المنطقة وفي الأوساط القيادية والشعبية في مجال القضاء والفتوى ونشر العلم وبثه بطريقة سلمية بالإضافة الى الأخلاق النبيلة التي تستميل قلوب الناس وتكسب صاحبها الحب والمودة بينهم ومنها الأضطرابات التي شهدتها المنطقة بعد سقوط دولة المرابطين وما نجم عن ذلك من أزمات اقتصادية واجتماعية وثقافية بسبب انتشار الحروب الداخلية والتنافس على الزعامة داخل المجموعة اللمتونية ومنها الحروب والاحداث التي وقعت في جنوب المغرب التي نشأت عنها تغيرات كبيرة مثل نزوح الباحثين عن الملاذ الآمن والمنتجع الخصب الذي يمثله الرابط المجلسي أو الزاوية المجلسية والتي أقبلت على مهمة التعليم وفتح الباب للراغبين فيما به صلاح الدارين وتحقيق السعادة الأبدية ونبذ الخلاف والتنازع إلى غير ذلك من الأمور التي شجعت الناس الى الانضمام الى الزاوية المجلسية مما نتج عنه هذا الائتلاف والتجمع الكبير المجلسي المنضوي تحت مسمى المدلش . وهذا النوع من التجمعات الكثير الفضفاضة شائع في هذا القطر مثل قبيلة تندغه العظيمة ذات العراقة في تاريخ المنطقة فهي عبارة عن ائتلاف كبير حمل اسم إحدى مكوناته التي هي النواة الاصلية له وفيها جزء كبير من أصل مجلسي هو اركاكنه ، وقد ظل جزء كبير منهم وهم أهل بوحبيني محافظين على نفوذهم في الخط الغربي من المنطقة الشاسعة من شواطئ النهر السنغالي إلى قلب الصحراء وظلو يجوبون هذا الخط بطوله ويمتد نفوذهم على مصائده الشاطئية ومنطقة آفطوط عموما وإن كان ذلك ضمن مسمى تندغه فلا ينفي المشاركة لهذه المجموعة المجلسية الأصل , ومن الروايات المشهورة عند بعض مشائخ ال بوحبيني وغيرهم وذكرها بعض الباحثين الذين كتبوا عن هذا البلد أنه قد جرى بين آل بوحبيني وبين بعض مجموعات زوايا القطر نزاع على ملكية الشاطئ المحيط فترافعوا على النابغة الغلاوي فاثبتوا أنهم هم أهل الأرض الذين يعرفون خصائصها وخفاياها فحكم لهم وقال في ذلك قوله المشهور : واعلم بأن الارض ارض تندغا __ من أراد سبقهم فقد بغا فتندغ المعنيون هنا هم آل بوحبيني التندغيون عصبا المجلسيون نسبا ، ولعل نفوذهم على هذه المنطقة يعتبر امتدادا للنفوذ المجلسي على الخط الساحلي القديم والله سبحانه تعالى اعلم . وقد ورد في بعض عبارات من ذكروا دولة المجلس هذه أو أشاروا إليها أنها تبدأ جنوبا من ضفاف المحيط أو من " كنار " أو من " تكماطين " أو " الدكيرة " بأرض " برويت " وتمتد شمال إلى جنوب المغرب أو السمارة " أو " تنبراهيم " أو " تيرس " أو عيون المدلشي " وعيون المدلشي هي " عيون الصحرا حاليا . يقول العلامة باب بن الشيخ سيدي الإنتشائي المتوفي 1342ه في كتابه أمارتا إدوعيش ومشظوف : " وكانت للمجلس عمارة عظيمة وكثرة حتى أن المسافر فيما بين تيرس واندكيرة بأرض برويت - وهي حاضرتهم - لا ينزل إلى عند حي منهم ... الخ " والمدلش اصل زوايا القبلة ولهم صيت عرفوا به منذ كانوا وإليهم لجأ أجداد تشمشه وغيرهم من القبائل ، وكانت للمدلش عمارة عظيمة وكثرة حتى أن المسافر فيما بين تيرس واندكيره لا ينزل إلا عند حي منهم بل قيل إنه يولد غلام منهم في تيرس فيفرح به من يومه عند انكيره من اتصال العمارة وذلك بأن ينقر الدف نقرا معروفا على ولادة الذكر وتزغرد الإماء فيسمع ذلك من يليهم من الأحياء فيضربون الدف هم أيضا كذلك وهكذا إلى أن ينتهي إلى آخر أحيائهم بالجنوب . وفي بعض الروايات أنه كان يولد فيهم الغلام عند " تنبراهيم في " تجريت " شمالا فيفرح له قبل انقضاء اليوم الذي ولد فيه بتكماطين لاتصال العمارة من أحيائهم , ويقول الاديب المؤرخ ابراهيم بن الشيخ سيديا باب بن الشيخ سيديا المتوفي 1984ه في كتابه ( النفحات في العوائد البيظانية ) : " المدلش كانوا اقدم الزوايا دولة في هذه البلاد في العلم والدين والجود والفضائل كلها وهم الذين سنوا كل ذلك للزوايا فاقتدوا بآثارهم وجروا في مضمارهم . وكانت دولتهم أعظم دول قبائل الزوايا وكان يولد منهم الغلام في كنا فتبشر به كل قبيل مجاورتها من قبائلهم حت يصل الخبر إلى تيرس في ليلة واحده وقد تلاشت دولتهم قبل شرببه بأربعين سنة كما هو الشائع " ويقول القاضي العلامة المؤرخ محمد سالم بن المختار بن المحبوبي الشمشوي اليدالي : " كانت للمجلس كثرة وعمارة ومملكة حتى إنه يحكى أن المسافر يمكنه أن ينزل على حي من أحيائهم في كل مرحلة فيما بين تيرس وكنار " ويقول العلامة اشبيه ( محمد الأمين ) بن محمد سالم بن ابوه اليعقوبي الموسوي : إن الإقليم في هذه البلاد ( موريتانيا ) كانت تمثله حواضر المدلش إذ يولد فيهم الغلام ف " اندوكلات " جنوبا فتفرح به أحياؤهم ب " عيون المدلشي " شمالا في تلك الليلة ولم يوجد ذلك في غيرهم في تلك البلاد " ويقول الأستاذ الباحث محمد بن باباه في كتابه الدراسات الشنقيطية عن محمد اليدالي ووسطه الاجتماعي : " كانت للمجلس أمراء يرجع إليهم في النوائب وكانو الجيل الأول من البيظان بكل مالهذا المفهوم من محامل حضارية وثقافية واجتماعية وفي الجزء الثاني من هذه الدراسة أيضا : " إن المجلس أوان قدوم أجداد الشمشويين عليهم كانوا في أوج عزهم وازدهارهم تمتد أحياؤهم متواصلة فيما بين اكمين إلى الساقية الحمراء " ويمضي قائلا : " واكمين هو "اندر" أو " سان لويس " الذي يقع في خليج نهر السنغال - الذي اسسه الفرنسيون سنة ثمان وأربعين وألف هجري وهو عاصمة المستعمرتين موريتانيا والسنغال إلى أن استقل كل من البلدين في 1380ه ثم يقول : ومن مواضع المدلش في الساقية الحمراء اعيون المدلش " وهي عاصمة اقليهم الصحراء الغربية اليوم ( العيون ) . هذا وكانت للمدلش محلة في الجنوب قاطنة تعرف ب " محلة المدلش " تتركز على أميرهم ( امرابط المدلش ) ومن تعلق به ويلتف فيها كل من دخل فيهم وكانت عاصمتهم التاريخية المنطقة المعروفة ب " برويت " حيث يوجد أكبر تجمع لهم منتظم حول قيادتهم . وكان من في الجنوب منهم يطبعه طابع المحضر والإقامة نسبيا ويجمع بين الزراعة والتجارة وتسيير القوافل الاقتصادية وكانت بقيتهم تمتد على طول الخط الرابط بين الجنوب إلى أقصى الصحراء الكبرى شمالا وكانو اهل تنمية جل مواشيهم الإبل . وكانت هذه القبيلة على طول هذا الخط وفي نواحيه منتشرة بحللها وخيمها معروفة العين والأثر لا تدخل تحت حكم سلطان ولا أمير ولا تنالها أية سلطة بهضيمة ولا غرم ولا تؤدي أية ضريبة ، مشهورة بإباية الضيم والامتناع من التبعية ، مشتغلة على العموم في الجنوب والشمال بالعلم وقرى الضيف وحفظ الجار وحمايته وتعمير الأرض بحفر الآبار وتسيير القوافل وديدنهم ومطلبهم في هذا القطر بث العلم وتوفير الأمن لهم ولمن جاورهم . وعايشوا في تلك المناطق طيلة تلك القرون مختلف الأجناس البشرية وخصوصا السودان والبربر وصنهاجة وغيرهم ، وكانو محل احترام وتقدير الجميع ينظر إليهم من طرف الكل كأساتذة و مرشدين وقضاة ومعلمين في كل مايتصل بالدين ويستنار برأيهم فيما يتعلق بالأمور الدنيوية . واشتهرت دولتهم هذه في شتى المحاولات وأدركوا بالاشتغال بالعلم ونشره وبالكرم والسخاء والاستقامة والاستقلالية وحسن الخلق والخصال الحميدة والشيم النبيلة مالم يدركه غيرهم بالسلاح ، فأسسوا دولة في القلوب واشتهر فضلهم في الآفاق وصار اثبت في صحائف الأيام من الاطواق وسار مسير الشمس في كل بلدة وهب هبوب الريح في البر والبحر ، وأقاموا في المنطقة في ذلك العهد نحو ستة قرون في غاية مايكون من العمارة والدين والعلم والعز والمال وبذلك صاروا أصل الزوايا ومحط رحال الوافدين وشهد لهم بذلك القاصي والداني في القديم والحديث . وهنا نماذج شهادات بعض أعيان القطر من المؤرخين والباحثين والعلماء العاملين لهم بذلك الشهادات التالية على سبيل المثال لا الحصر : يقول محمد اليدالي الشمشومي المتوفي 1160ه : " المجلس قبيل زاوية يقال لها مجلس العلم وهم أصل الزوايا في هذه البلاد ..." ويقول عبد الوهاب الناصري المتوفي سنة 1278 هـ " مدلش معناه بالصنهاجية مجلس العلم وهم زوايا تلك الجهة .. " ويقول الشيخ سيديا الكبير بن المختار بن الهيبة الإنتشائي المتوفي 1284 هـ " إلى الجماعة المحروسة بعين العناية المحفوظة بسور الحفظ والرعاية جماعة السادات الأكارم ذوي الفضل والكرم المرتقين في المكارم والفواضل ارتقاء لم يعهد مثله من عهد إرم ، الجماعة الذين بنوا قواعد الدين والمجد والفضل والشرف على أساسها واستضاءات الزوايا بإصلاح الدين والدنيا بنور نبراسها ، جماعة المجلسيين عموما وخصوصا أكابرها وذو عقدها وحلها ، الحاملون عن العشيرة أعباء كلها ، القائمون بالأمور عن بعضها وكلها ، وسائر الجماعة كل باسمه وصالح وسمه ... بسلام لا يحصى كثرة ويزداد طول الدهر حسنا ونضرة ، وتحية شاملة وبركة كاملة ... الخ " ويقول حفيده باب بن الشييخ سيدي محمد بن الشييخ سيدي المتوفي 1342 هـ " المجلس اصل الزوايا " ويقول ابنه الأديب المؤرخ إبراهيم بن الشيخ سيديا : " قبيلة المدلش هي أصل قبائل الزوايا في موريتانيا وعلمها وكرمها هما أصل العلم والكرم في موريتانيا " ويقول العلامة والمؤرخ المختار بن جنكي في نظمه لشيم الزوايا في الحديث عن اجداد الشمشويين الخمسة وسبب تسميتهم بهذا الاسم : تمت بعدما تعاقدوا ------ على سلوك سببل خير من قد ارسلا صاروا مع المجلس هم قبيله ----- زاوية في أرضنا جليله ومجلس العلم سماهم بادي ------ أصل الزوايا هم بذي البلاد ويقول العالم والمؤرخ محمذ فال بن عبد الله المكي الأبييري المتوفي سنة 1340 هـ : أول من دخل أرض القبله ----- من الزوايا عند أهل الخبره قبيلة قد عرفت بمجلس ال ----- علم الذين أمرهم أمر جلل ويروى أن العلامة الكبير والصالح الشهير الشيخ أحمد بمبه السينغالي الامبكي لما أجلاه الفرنسيون إلى القطر الموريتاني وعبر البحر ركب فرسا له أو بغله إلى منطقة القبله فلما كان في موضع يعرف ب " سهوة الماء تلقاه الناس يسلمون عليه فرحا بقدومه فجعل يسلم عليهم وهو راكب على بغلته وكان ممن تلقاه العالمان الفاضلان سيد أحمد بن محمد بن الصبار ومحمد مولود بن محمد بن المختار " امرابط اغشمت " المجلسيان فلما عرفهما نزل عن بغلته تعظيما لهما وقال : مثلكما يحق أن ينزل له الراكب ويقول العالم بن العلامة أحمد سالم بن المامي من أباب التندغي الايشكالي : " المدلش هوما ازوايت اتراب " ويقول الاستاذ الباحث محمد بن باباه الحيبلي : " المجلس مشتق من مجلس العلم وجدهم إبراهيم الاموي يرجع نسبه إلى عمر بن عبد العزيز وهو قاضي مجلس قائد فتوحات المرابطين الإسلامية في افريقيا أبي بكر بن عامر اللمتوني كانت لهم كثرة وعمارة ومملكة عظيمة وكانوا ملجأ الضعيف والمضطهد حتى قيل إنهم أصل الزوايا بكل مال لذلك المدلول من محامل خلقية ودينية وقيم ثقافية وحضارية وشيم نبيلة " ويقول الدكتور الباحث جمال ( أحمد ) بن محمد عبد الله بن الحسن الديماني " المدلش من أعرق قبائل الزوايا في الجنوب الغربي من البلاد ذو دور كبير في نشر العلم والمحافظة عليه " ويقول الباحث المؤرخ يحيى بن البراء الديماني : " المدلش من أقدم الزوايا في المنطقة ولهم دور كبير في الساحة العلمية والسياسية للبلد " ويقول الدكتور حماه الله ول السالم في كتابه تاريخ موريتانيا نقلا عن باب ولد الشيخ سيديا : " إن ابراهيم الأموي جد المدلش كان مجلسه يسمى مجلس القضاء وبه سميت القبيلة "المجلس ثم كانت له زاوية يأوي إليها التائبون الذين يريدون الانقطاع للعلم والعبادة وترك أمر الحرب وحمل السلاح وأنه كان منهم أجداد قبائل من الزوايا فصار يقال لهم الزاوية أي أهل الزاوية أو نحو هذا وأن هذا هو معنى ما أشتهر أن المجلس أصل الزوايا " ويقول العالمان الجليلان محمد فال بن الفغ عبد الله ومحمد بن احويبل الحسنيان " المدلش مدينة علم وأهل فضل وكرم وأصاله في هذا القطر " وممن شهد لهم بذلك من المؤرخين الاجانب الباحث الفرنسي بول مارتي حيث يقول ( والحق ما شهدت به الأعداء ) :المدلش هم إحدى مكونات فئة الزوايا ومن شيمهم إكرام الضيف والحفاوة به ويعود نسبهم إلى عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الأموي ورغم أصلهم العربي فإنهم لا يرضون بكونهم من فئة الزوايا وذات الأغلبية البربرية بديلا ولا يقبلون فئة حسان عوضا عنهم رغم اشتراكهم وإياهم في محتد واحد " هذا وقد كانت هذه القبيلة تسكن في هذه المنطقة الممتدة من الجنوب إلى الشمال متمنعة عن مجال النفوذ للدول القائمة آنذاك تمارس نشاطاتها بحرية مطلقة وسلطة مستقلة وأمات مؤسساتها في ظل القبيلة وحققت من خلال ذلك العديد من مطامحها الاجتماعية والسياسية وحافظت على كثير من التقاليد العربية الرافضة للخنوع والهزيمة وعملوا على ما يضمن لهم الأمن والاطمئنان والاستقرار والرخاء وعدم الاصطدام بالآخرين ورغم الطابع البدوي فقد شكلوا ركنا قبليا شديدا ودورا رياديا مهما وفر لهم الأمان في بلادهم معنويا واجتماعيا وسياسيا حماهم من الذوبان في الآخرين وضمن لهم الحفاظ على أخلاقهم العربية الأصيلة يقول الاديب محمدن ول باباه:اباش افشي مدلشي كود@متمدلش ماه كود اتعود@والل كود الازين العود@اباش اتعود انكولولك@عود الل واحل فيه اشود @لروه هي مدلولك@فيك امن اجدود اجدوداجدود@الين آدم ينعدولك@ؤعود بدينك زين ومعهود@اخلاقك ما ينكصرولك@ؤعود امونك فالروح ؤعود@ذاك الل فيدك ماهولك الرئاسة في قبيلة المجلس وأصلها وشروطها كان أهل القطر المرابطي الشنقيطي يعيشون قبائل وشعوبا رحلا لكل مجموعة أو قبيلة رئيسها أو زعماؤها ، فقد يكون في القبيلة شخص محنك مجرب يسيطر على القبيلة ويبقي لها وحدتها ويحفظ كيانها يسمى بالقائد أو الزعيم أو أو الأمير أو الرئيس أو شيخ القبيلة ، ويختار عادة لشجاعته أو حنكته أو تجربته أو سيادته أو لجمعه لتلك الصفات وغيرها من الصفات المحمودة وربما كان العامل الوراثي فيها دور بارز . وهكذا كانت قبيلة المجلس من بين هذه القبائل في شأن هذه الوظيفة ويروى أنهم كانوا يشترطون في رئيسهم إضافة إلى الشروط السابقة أن يكون متصفا بالكرم والحلم ويحفظ المدونة عن ظهر قلب . وكان يطلق على رئيسهم في تلك العصور القديمة اسم " امرابط المدلش " أو " أمير المدلش " ولعله مأخوذ من المرابطين وإن كان المدلول العامل لـ " المرابط " المدرس والمسن من الزوايا . وكان اختياره يتم من طرف جماعة أهل الحل والعقد وكانو ينظرون في الغالب في عامل السن كمعيار أساسي في اختيارهم وكانت زعامتهم وراثية غالبا يرثها الابن الاكبر عن الأب وإن لم تجتمع فيه الشروط أو تعذر تقديمه لأمر ما ورثها الأقرب إليه ثم الأقرب . وقد كان مما حفظه لنا مؤرخوا المجلسية أن الرئاسة العامة في المجلس كانت في القرن الخامس الهجري بيد إبراهيم الأموي ثم انتقلت إلى ابيه عبد الله وممن وليها من ذريته في القرن السادس أك ( اكتاوشني )بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابراهيم الاموي .ثم وليها ابنه بادل في القرن السابع ثم كانت في بيت بادل بن اك ولما توفي بادل أرادوا بها ابنه الأكبر يحيى فأعرض عنها تورعا وزهدا وقال لهم بالصنهاجية : " أنا توجن ال " أي عيال الله فمن ذلك لقب " إدوجان الل " فكانت علما على عقبه المعروف اليوم بإدوجان . ولما أعرض عنها جعلوا فيها أخاه أعمر وكان أصغر منه ثم صارت في بنيه بعده فكانت الرئاسة العامة في المجلس بعد ذلك في بيت عمر بن بادل بن أك . هذا وقد كان من المعروف في هذه القبيلة سيادة البيت على غيره من البيوت بسعيه في الخصال الحميدة وبكثرة المال والولد وكثرة العصبة كما كانت هذه الأشياء في الجاهلية من أكبر أسباب السيادة بعد شرف النسب وإذا توالى من البيت الواحد ثلاثة رؤساء سادة عرف البيت بالشرف والمجد في القبيلة . وقد أنجبت قبيلة المجلس هذه كثيرا من العلماء الأجلاء والمشائخ الأولياء الذين ساهموا في تكوين وتوحيد القبيلة وجدوا أنفسهم في خدمة العلم وتعمير الأرض وحفر الآبار بل وساهموا في تأسيس هذا القطر المرابطي ثم الشنقيطي عبر العصور المختلفة وقد تورعوا عن طلب الشهرة والإطراء مخافة الكبرياء والمن بما قدموا من تضحيات في سبيل الله فما أذاعوا تصنيفا ولا تبجحوا بأيام حتى كان المتتبع لآثارهم لا يكاد يجد شيئا عنهم . ومما رواه لنا بعض أعيان القبيلة الضابطين نقلا عن الثقات المؤرخين أن منطقة القبلة مكثت عدة قرون يرأسها ثلاثة رؤساء رئيس من الزوايا يكون من المجلس ورئيس من العرب يكون من أولاد رزك ورئيس من السودان من زونوج الوولف يسمى جوب ويعرف بـ " جوبات " وكلما أرادت إحدا الطوائف تقديم رئيس عليها لا يتم إلا بحضرة الطوائف الثلاث والله أعلم . |
|
01-22-2018, 11:41 AM | #4 |
|
رد: قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية
علاقة المجلس العامة بسكان قطرهم
لقد ظل يسكن هذا القطر المرابطي وخصوصا في الشريط الساحلي منه في تلك العصور البعيدة والقرون القديمة ( الخامس والسادس والسابع للهجرة ) مزيج من الصنهاجيين والبربر والزنوج وغيرهم .وكانت صنهاجة والبربر أكثر تواجدا في وسط وشمال القطر ، وكانو رحلا يعيشون تحت الخيام ينمون مواشيهم ويعتمدون على غلالها . وكان السودان أكثر تواجدا في الوسط والجنوب وخصوصا في شواطئ النهر الصنهاجي ( السنغالي ) وكان معظمهم أهل قرى وأخصاص يمتهنون الزراعة والتنمية . وقد ظلت علاقة المجلس بجميع هذه الشعوب علاقة طيبة وعرفت لهم بين كل هذه الفئات المكانة السامية والتقدير والإحترام وعلى الجملة فقد ظلت علاقة طيبة يطبعها طابع السلم وحسن الجوار وظلت كل هذه الطبقات تعترف للمجلس بالزعامة الدينية والثقافية وترجع إليهم في تعاليم الدين الإسلامي . ولم يكن ذلك من الغريب لما كان يتمتع به إبراهيم الأموي من الاحترام التام في طبقة السلطة العليا المرابطية فضلا عن غيرها لأنه كان قاضيا عام للأمير ومدرسا ومفتيا لكل الطبقات ترجع إليه في حل المشكلات وتسمي مجلسه مجلس القضاء ومجلس العلم مما جعله ذا مكانة عالية في محيطه وكذلك بنوه وحفدته وبالإضافة إلى ما كانوا يقومون به من التعليم والقضاء وما كانوا يتحلون به من الكرم والسخاء وماكانوا يتصفون به من الأنفة والإباء فقد كانوا ينحدرون من بيت شرف وملك في الحجاز والشام والأندلس وكانوا من ذرية الخليفتين العادلين عمر بن عبد العزيز وعمر بن عبد الخطاب بالإضافة إلى عمومة الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهم. علاقة قبيلة المجلس بصنهاجة صنهاجة جيل من الناس كانوا يسكنون المغرب والصحراء الكبرى مابين المحيط الأطلسي في الغرب و " غدامس " في الشرق ولهم شعوب وقبائل وبطون أكثر من أن تحصى ، وقد ذكر بعض المؤرخين أنهم انتهوا إلى سبعين قبيلة وقد انتشروا في البلاد فلا يكاد قطر من أقطارها يخلو من بطن من بطونهم في جبل أو بسيط وكانوا في القرن الثامن الهجري يشكلون غالبية سكان المغرب . وذكر بعض المؤرخين أن التجمع البشري الصنهاجي يضم فرعين رئيسيين : فرع يعرف بـ " صنهاجة الظل " وهم القاطنون بالجبال ، وفرع يعرف باسم " صنهاجة القبلة " وهم القاطنون بالبسائط القاحلة المعرضون للشمس والترحال المستمر وهم الذين يعرفون بالملثمين أصحاب اللثام وقد قسم ابن خلدون صنهاجة إلى أصحاب مدر غالبهم في الشمال يسكنون الدواوير والقرى وأصحاب وبر يسكنون الخيام وهؤلاء إنما هم قبائل الملثمين الرحل سكان الصحراء . وكانت مواطنهم مابين المغرب الأوسط وإفريقية وهم أهل مدر إلا لمتونة وكدالة ومسوفة فقد كانت مواطنهم بالصحراء وجنوبها وهم أهل وبر ولذا أطلق عليهم " صحراء الصنهاجيين وصحراء الملثمين " وأخذو في التغلغل إلى الجنوب لانتجاع المراعي وكانوا يخالطون البربر في منازلهم ومساكنهم ويجاورون السودان في قراهم وديارهم . وذكر ابن حوقل والبكري : أنهم كانوا قبائل بدوية متفرقة على المراعي وطرق القوافل وارتياد مدن التجارة الصغيرة ، وكانو يعيشون مابين القرن الثامن ومنتصف القرن الحادي عشر الميلاديين مابين بداة يرعون الإبل يعانون من الفاقة ، وأصحاب بقر ودواوير مستقرين في الجنوب اتخذو اللثام شعارا بين الأمم ، انتبذوا العمران واستأنسوا بالانفراد والتوحش مشكلين حاجزا ما بين بلاد البربر وبلاد السودان يدينون بالمجوسية حتى كان إسلامهم بعد فتح الأندلس في بداية القرن الثاني الهجري " الثامن ميلادي " في خلافة هشام بن عبد الملك بن مروان لكن إسلامهم كان سطحيا وغير متمكن . وكان قوام حياتهم ألبان الأنعام ولحومها ينتقلون مابين التخوم الجنوبية لأدرار التمور ووادي درعة في الشمال طلبا للمرعى والكلأ . ثم بمرور الزمن ظهر منهم قسم شبه حضري بجوار نهر صنهاجة ( الذي عرف بعد بنهر السنغال ) فكان أكثر يسرا وأقوى تماسكا وهو القسم الذي استوسل لهم فيه ملك ضخم أيام العصر الأموي في الأندلس ابتداء من العقد الأول من القرن الثالث الهجري وإلى غاية 414 هـ (1022 م ) تاريخ وفاة الأمير " ترسينا " منذ دولة عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأموي . وقد توارث دولتهم هذه نحو الثلاثين ملكا توالوا على كرسي الإمارة قبل أن يصل الأمر إلى أبي بكر بن عمر اللمتوني حوالي 443 هـ ( 1053 م ) وفي هذه القبائل الثلاث كانت الدولة الثانية الصنهاجية وهي دولة المرابطين على يد مؤسسها الأول يحيى بن ابراهيم الكدالي ثم يحيى وأبي بكر بني عمر اللمتونيين اللذين اتسع نطاقها على يديهما بالفتوح الإسلامية العظيمة كما مر . وكانت هذه القبائل تنتشر في هذا القطر وخصوصا في شماله ووسطه وكانت قبائل وبطون المجلسية تجاورهم فيه ، وظلت العلاقة بينهم طيبة يطبعها السلم وحسن الجوار وظل الصنهاجيون يعترفون للمجلس بالزعامة الدينية والثقافية ويرجعون إليهم في تعاليم الدين الإسلامي ويعظمونهم وقد ورث الصنهاجيون ذلك من أميرهم العادل أبي بكر اللمتوني كما ورث المجلس تلك المكانة وذلك الدور من جدودهم إبراهيم الأموي وبنيه ، وهكذا ظلت قبيلة المجلس محل تقدير واحترام واعجاب سائر أجداد المرابطين والصنهاجيين الموجودين في المنطقة آنذاك من نهاية القرن الخامس إلى أواخر القرن الثامن الهجريين أي مايقارب ثلاثة قرون .علاقة قبيلة المجلس بالبربر (البربر) جيل من الناس هم سكان المغرب القديم ملأوا البسائط والجبال من تلولها وأريافها وضواحيها وأمصارها يتخذون البيوت من الحجارة والطين والخوص والشجر ومن الشعر والوبر ، يظعن أهل العز منهم والغلبة لانتجاع المراعي في الريف والصحاري والقفار ومكاسبهم البقر والشاء والخيل في الغالب للركوب والإنتاج ، وكانت الإبل من مكاسب أهل النجعة منهم ، شأن العرب ، وهي معاش المعتزين منهم ، ينتجعون لها ويظعنون عليها ، ومعاش المستضعفين منهم بالفلاحة ودواجن السائمة . ولقد كانت للقبائل البربرية أهمية كبرى في توطيد تاريخ المغرب العربي وتشعبوا إلى بطون كثيرة وشكلوا أول فوج غزا الصحراء في القرن الثالث الميلادي وانتشروا فيها ، وكانت لهم قبائل كثيرة منها مغراوة وبدو يفرن وبنوا بزال .. الخ ، وكان لقبيلة مغراوة البربرية في بدوهم ملك كبير أدركهم عليه الإسلام فأقره لهم وحسن إسلامهم وهاجر أميرهم صولات بن وزمار إلى المدينة ووفد على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأسلم على يده فلقاه برا وقبولا وعقد له على قومه ووطنه وانصرف إلى بلاده محبورا مغتبطا بالدين مظاهرا لقبائل مضر ، فلم يزل هذا دأبه ، وقد اختص صولات هذا وسائر الأحياء من مغراوة بولاء عثمان وأهليته من بني أمية وكانوا خاصة لهم دون قريش وظاهروا دعوة المروانية بالأندلس رعيا لهذا الولاء . ولما هلك صولات قام ابنه حفص بأمر مغراوة وكان من أعظم ملوكهم ثم خلفه في الأمر بعده ابنه خزر ، ولم يزالوا يحفظون العهد للأمويين ، فكانت ذريتهم وخصوصا ملوكهم المغراويون منحازين إلى ملوك الأندلس المروانيين لقرابتهم من عثمان بن عفان رضي الله عنه . ومن ملوك البربر حميد بن يصليان البربري ولاه الناصر الأموي على المغرب الأوسط فكان من قواد الأمويين به سنة 333 هـ وكذلك كانت بين عبد الرحمن الناصر الأموي علاقة طيبة وتوليه للخير بن محمد بن خزر المغراوي على قومه وليعلى بن محمد البربري اليفرني على قومه . ولما هلك الناصر وقام بالأمر بعده لابنه الحكم المستنصر الأموي استأنف مخاطبة ملوك العدوة فأجابه محمد بن الخير بن محمد بن خزر المغراوي بما كان من أبيه الخير وجده محمد في ولاية الناصر والولاية التي كانت لبني أمية على آل خزر بوصية عثمان بن عفان رضي الله عنه لصولات بن وزمار جدهم . ومن ملوك مغراوة البربريين زيري بن عطية بن عبد الله بن خزر أمير ال خزر في وقته ووارث ملكهم البدوي الذي مهد الدولة بفاس والمغرب الأقصى وأورثها بنيه إلى عهد لمتونة وجده عبد الله أخو محمد داعية الناصر الأموي . وكان مقاتل وزيري ابنا عطية أشد الناس قياما بطاعة المروانيين ، وكان زيري قد أقام الدعوة في المدن التي فتحها مثل " تاهرت " و " تلمسان " وغيرهم للمؤيد هشام بن الحكم الأموي من آخر الملوك المروانيين بالأندلس . ومن ملوكهم خزرون بن فلفول المغراوي المتغلب على " سجلماسه " والمغرب الأقصى الذي كان هو وبنوه يدينون بالدعوة المروانية ، وكان خزرون هذا قد استولى على " سجلماسة " ومحا منها دولة آل مدرار والخوارج وأقام الدعوة بها للمؤيد هشام المرواني ، فكانت أول دولة أقيمت للمروانيين بذلك الصقع وكتب للخليفة بذلك فعقد له الخليفة هشام على سجلماسة وأعمالها وعهد إليه بذلك فضبطها وقام بأمرها إلى أن هلك فوليها بعده ابنه والودين المغراوي . وفي تلك الفترة استولى زيري بن عطية على المغرب وملك فاسا بعهد هشام المرواني ، ولم يزالوا على ذلك حتى انتثر سلك الخلافة بقرطبة وبدأ عهد ملوك الطوائف ، وعند ذلك بدأوا يتغلبون على البلاد ويحاولون ضبطها لأنفسهم حتى ظهر عبد الله بن ياسين ومن اجتمع عليه من المرابطين من لمتونة ومسوفة وسائر الملثمين . ومن مغراوة هؤلاء الأمير لقوط بن يوسف كانت تحته زينب بنت إسحاق النفراوية المشهورة بالجمال والرياسة التي خلفه عليها أبوبكر بن عمر اللمتوني ثم يوسف بن تاشفين . ومن قبائل البربر أيضا بنو يرنيان اخوة مغراوة كانت لهم صولة واعتزاز وكانوا من افحل جند الأندلس وأشدهم شوكة ، وقد أجاز الحكم من المستنصر الأموي منهم فيمن أجازوه من زناتة في المائة الرابعة . ومن قبائل البربر أيضا بنو برزال الزنانيون ، كان الحكم المستنصر الأموي قد استخدمهم ، وكانت لزنانة دولة كبيرة إلى جانب دولة صنهاجة وكانت تقع بينهما حروب سجال تظهر هذه تارة وهذه أخرى وكانت دولة زنانة تقوم بدعوة الأمويين لمكان جدودهم : صولات وبنيه من الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأمراء الأندلس المروانيين . وكانت البربر وصنهاجة يجمعهم وطن واحد ولكن كان العداء مزمنا فيما بينهم وكانت زنانة تتعصب لبني أمية فيما بعد وصنهاجة للعلويين . وهكذا ظلت قبائل وبطون البربر منتشرة في هذا القطر وخاصة في وسطه وشماله يعيشون تحت الخيام وينمون مواشيهم ويعتمدون على غلاتها يرحلون لانتجاع الكلأ والمراعي وظلت قبائل وبطون المجلسية الأموية تجاورهم في هذا القطر وظلت العلاقة بينهما طيبة يطبعها السلم وحسن الجوار وكانت القبائل البربرية تعترف للمجلس بالزعامة الدينية والثقافية وتكن لهم التقدير والاحترام والتعظيم والإجلال وترجع إليهم في تعاليم الدين الإسلامي وكانت تلك العلاقة المشتملة على ذلك ضاربة في عمق التاريخ ومستمرة في جميع الشعوب عبر العصور وقد ورثوا ذلك من آبائهم وأجدادهم وملوكهم منذ عند خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ومن بعده من المروانيين الشاميين والأندلسيين كما مر .علاقة قبيلة المدلش بـ السودان والزنوج لقد كانت تقطن في هذا القطر شعوب من السودان منذ القدم تعد من أعرق شعوب الزنوج وكانوا يسكنون في أكثر نواحيه وقد كان لهم على الخصوص تواجد من منطقتي " تجريت " و " اكشار " و " ايكيدي " و " كنار " و " برويت " ويروي ابن زهر وهو صاحب كتاب " روض القرطاس " أن أقصى الجنوب المغربي في القرنين الثامن والتاسع للميلاد كان مأهولا ما بين أقوام سود متقرين أصحاب مداشر وقرى ، وقبائل بدوية متنقلة اشتهرت باسم الملثمين وهي لمتونة وكدالة ومسوفة ، وكان جلهم يسكن الصحراء الغربية شمال المناطق التي يسكنها السود . وقد تتبع المؤرخون مسيرة أهل " كنار " من الشمال إلى ما وراء النهر انطلاقا من " تنبراهيم " في " تجريت " إلى " كص همر فال " و " دارا " في " جولف " وراء النهر مرورا " تندكسم " ثم بحيرة اركيز ثم " ابصينت " ( كرك ) و " تنكن " و " تيكماطين " في برويت ، وقد مكثوا في هذه المناطق قرونا كثيرة وكانت توجد فيها آثار مساكنهم كالخزف والحجارة وأنواع من الصور والعظام وغير ذلك . وكانت لهم عدة تجمعات بشرية من مختلف فصائل الزنوج يتألفون من السرغلات والتكارير والفلان وقلة من الوولف وغيرهم ، وأغلبهم فلاحون و منمون . ومن تلك التجمعات التي كانت تسكن هذه البلاد أهل امبطار وأهل دوراكه وأهل انبل وأهل انبليل ويقال لهما ولما حولهما " انبليلات " وأهل انتينو وأهل ابصينت وأهل انتيكان وأهل بميري وأهل المصطف جوب واهبيب وأهل مصر جوب ، وادوفال الولفيون ، وأهل والو وأهل فوته وأهل نارا وغيرهم وجل هذه المسميات عبارات عن تجمعات قروية ( كصور ) ، تسكنها مجموعات من السودان وقد سميت بأسمائها قصور في جنوب النهر الصنهاجي لعل أهلها كانوا من سكان هذا القطر فنزحوا إلى الجنوب فسكنوا أماكن سموها بأسماء أماكنهم الأصلية التي نزحوا منها مثل قبيلة " مصار اجيوب " التي كانت تسكن برويت فنزحت إلى الجنوب ونزلت ب " جولف " السنغال وأسسوا القرية المعروفة اليوم باسم " إنكك " وكان من رؤسائها في القديم ببكر جوب . وقد نزح معظم السودان الذين كانوا بهذا القطر اتجاه الجنوب في أزمنة متفاوتة وخصوصا إبان الفتح المرابطي لهذه البلاد ، ومن أخرجهم نزوحا من هذه البلاد شعب ادوفال الذين ينتمون إلى الولف ، وقد سكن معظم ناحيهم جنوب النهر ومنهم أهل والو وأهل فوته ودارا وغيرهم . وقد كانت هذه العناصر الزنجية تجاور القبائل والبطون المجلسية في هذا القطر وظلت تدين للمجلس بالولاء قبل أن تهاجر أحياؤهم من هذه الأماكن التي كانت تقطنها إلى الجنوب وكانت بينهم علاقة ودية يعيش الجميع فيها في أمن واطمئنان ونسج الحوار بينهم خيوط الألفة والمحبة بل ربما تطورت في بعض الأحيان إلى علاقة عائلية وما زالت بقاياهم حتى الآن تعترف بتلك العلاقة الخاصة التي كانت تربطهم بالمجلس كما كانت للمجلس علاقات خاصة مع العائلات العلمية منهم التي كانت تسكن بهذه الأماكن المذكورة . ولقد كان سودان هذا القطر وما جاوره على جانب كبير من التدين بدين الإسلام من لدن تلك العصور ومن أحسن الأمم إسلاما وأقومهم دينا وأكثرهم للعلم وأهله تحصيلا ومحبة . ومن الحكايات الشائعة عند أعيان وأكابر الزنوج ويرويها أيضا بعض مشايخ المجلس المسنين أن المنطقة الواقعة إلى الجنوب الغربي من "تكماطين " المعروفة بـ " انجل بور " وكان يقال لها أيضا " طول بوركبان " ومعناها : نفقة المدلشي ) إنما سميت لهذا الاسم لأحياء الزنوج القاطنين في الجنوب وخاصة الأحياء القريبة من هذه المنطقة كانوا يجتمعون إبان موسم الزراعة المطرية فيزرعونها لـ " امرابط المدلش " فإذا نزل المطر ونبتت الأرض تجمعوا لها أيضا فيتقسمون كل فرقة تبدأ من جهة معينة من تلك المنطقة لقلع النبات الذي يضر بالزراعة ويتجه الجميع إلى نقطة الوسط فيلتقون عندها فعند ذلك يرفعون آلاتهم ويرجعون إلى أحيائهم ومزارعهم الخاصة ومما يترجم العلاقة الحميمية القديمة بين المجلس وزنوج المنطقة اللقب ( الصنت أو اتمجيدة ) الخاص الذي أطلقه الزنوج القدامى على المجلس داخل المنطقة وخارجها والذي يعبر عن عمق التفاهم وحسن الجوار الذي ساد بين الشعبين المجلسي والزنجي فقد كان الزنوج يلقبون المجلسي تمجيدا لهم بـ " تبان " وهذا الصنت أو اللقب عبارة عندهم عن الكرم والمروءة . والخلاصة أنه كانت للمجلس مع جميع تلك الفئات من صنهاجيين وبربر وزنوج وغيرهم رابطة تعتبر أقوى روابط الاتحاد ، رغم اختلاف الأعراق واللغات وهي رابطة الإسلام وحسن الجوار وكرم التواصل . كما تربطهم بالمجلس أيضا رابطة التتلمذ التي كان لها الدور الأكبر البارز في صنع التقدير والاحترام والتعظيم والاجلال لأن المجلس منذ وصولهم للقطر في منتصف القرن الخامس الهجري هم أصحاب رعاية الدور الأكبر الذي بدره المرابطون والذي هو نشر الإسلام في كافة ربوع القطر والعمل على بث العلم تطوعا وبذله بسخاء لساكنيه وعلى توحيد صفوف جميع العناصر التي تتعايش فيه ونصحهم ومساعدتهم على حل مشاكلهم الداخلية والخارجية في نظام مبناه المسامحة والتراحم وتحكيم الشرع ومخالقة الجميع بالخلق الحسن والتعفف عما عند الغير .. ولاعتراف الجميع لهم بأنهم من ذرية الخلفاء الأمويين بالشام الذين انطلقت منهم الفتوحات الاسلامية لهذه الأقطار وغيرها وخصوصا في عهد جدهم العادل عمر بن عبد العزيز الشيء الذي خلد لهم الذكر الحسن والمحبة الصادقة في قلوب الناس يضاف إلى ذلك أنهم من فصيلة الخلافة المروانية في الأندلس الذين كان بعض أمراء صنهاجة والبربر يميل إليهم ويدعو لهم على المنابر ولأنهم أحفاد قضاة المرابطين في الجنوب بالإضافة إلى كونهم أمة عظيمة قوية عزيزة الجناب لا تدين لسلطة ولا تألف الانقياد ولا تسأم بمغرم ولا تؤدي خراجا . كل هده الاعتبارات وغيرها أكسبت المجلس المكانة الرفيعة والمعنوية العالية والاحترام التام والتقدير والإجلال في القديم والحديث بين جميع سكان القطر من مختلف الشعوب على مر العصور وجعلت الجميع يرعى لهم سابقتهم ويحترمهم احترام خاصا ويعتقد فيهم الخير . |
|
01-22-2018, 11:42 AM | #5 |
|
رد: قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية
علاقة المدلش بالمجموعات الحسانية الأولى في المنطقة
لما قدمت المجموعة الأولى من حسان في القرن الثامن الهجري إلى المنطقة صادف ذلك منتصف الازدهار المجلسي إذ قد مر عليه ما يناهز ثلاثة قرون وقد شكلوا قوة واستقلالية سياسية واجتماعية وثقافية منقطعة النظير في المنطقتين من الجنوب إلى الشمال على طول الخط فيما بين النهر السينغالي حاليا وجنوب المغرب وسيطروا على المنطقة بـ " السلاح العلمي السلمي والديني " والكثرة العصبية ووضعوا أسسا متينة لبناء مجتمعهم على قاعدة الدين والعلم والكرم والمسالمة غير المستكينة والاستقامة همهم التعلم والتعليم والتكسب الحلال ومكارم الأخلاق . ولقد كان مما يحمي القبيلة من الأعداء ويضمن لها الاستقرار تجنب الظلم وعظم الحجم والقدرة على الهيمنة الدينية والدنيوية فالعامل الديني وقلم الشريعة وتاج المروءة كلها تكسب صاحبها زعامة تفوق شجاعة العسكري صاحب السلاح الحربي كما أن اشتراك فصائل القبيلة في النسب والعصبية يكسبها التعاضد والتناصر ويقوي جنابها ويصبح كبراؤها ومشايخها يذودون بعضها عن بعض ويحرضونها على التعاون والتعاضد مما وفر في نفوس الكافة لهم من الوقار . كما يذودون عنها من الخارج أيضا ويساعدهم على ذلك أنجاد القبيلة وفتيانها المعروفون فيها بالنجدة والشجاعة الشيء الذي يكسب العدو رهبة منها ورغبة في مسالمتها وهكذا كانت لقبيلة المجلس في ذلك العهد مكانة رفيعة وأصالة عريقة ملأت قلوب مختلف الطبقات المجاورة لهم ورسخت لهم المودة الصادقة في نفوسهم ونشرت لهم الذكر الحسن والثناء الواسع داخل وخارج محيطهم لما عرف عنهم من كرم الأخلاق وما تميزت به مواقفهم من صادق الحياد فكان طبيعيا أن ينظر إليهم قبائل حسان القادمة عليهم نظرة احترام وتقدير ومسالمة ومن ثم ظلوا يبجلون المجلس ويعترفون لهم بفضل الأسبقية والعراقة في المنطقة ويقدرون دورهم الديني والدنيوي فيها ونسبتهم القرشية والأموية وتركوهم على ما وجدوهم عليه ولم يتعرضوا لهم ولم تنلهم منهم هضيمة خلاف ما كانوا يقومون به من محاولة اضطهاد بعض قبائل الزوايا الأخرى وكما ذكرنا آنفا أنهم أصبحوا يتعايشون معهم في المنطقة ويتسنمون معهم في ذروة المجد في البلاد في مسالمة غير مستكينة واحترام متبادل لكل وظيفته فالمجلسي بقلمه وتعليمه والحساني بسيفه وتغلبه مع أن المجلس حافظوا على مركزهم الديني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وظلوا متحفظين من مخالطة بني حسان وطرق أبوابهم منعزلين عنهم قلبا وقالبا وكانت علاقتهم بهم مبنية على الحذر والتحرز من مخالطتهم والقناعة عما في أيديهم وإيثار أن يكونوا مقصودين لا قاصدين وأن يكونوا أصحاب اليد العليا لا السفلى ولم يكونوا يلجأون إليهم لحل خلافاتهم الداخلية كما كانوا يتحاشون التزلف إليهم ويحرصون على الاستقلالية التامة عنهم مع تبادل الاحترام بينهم رغم الاشتراك الواقع بينهم في استيطان القطر ونسجوا شبكة علاقات طيبة مبنية على السلم والتقدير والاحترام والحياد مع أصحاب السلطة على مختلف طبقاتهم على أساس توزيع عرفي للسلطة بينهما سلطة دينية معنوية احتفظوا بها لأنفسهم سلطة زمنية مبناها التغلب والقوة المادية تبنتها بنوا حسان وأصبح لا تعارض بين وظائف الطبقتين ولا منازعة بينهما ولا طمع لواحدة في وظيفة الأخرى فمارست المجلس القيادة العلمية والروحية وإدارة الشؤون الاقتصادية ومارست بنو حسان القيادة العسكرية واشتركا في السيطرة السياسية وشكلوا بهذا قيادة ثنائية للمجتمع مزدوجة بتمجيد شأن العلم والسلاح واعتبارهما رمز المجد والكرامة فلا مكان إلا لمن يدلي بميزة علمية أو غلبة عسكرية ويلخص المثل الشعبية هذا الموقف : " لا عيش إلا تحت كتاب أو ركاب " ومعناه ( أن قوام الحياة الكريمة لا يكون إلا بالكتاب أي الانتساب لأهل العلم والجاه أوفي الركاب أي الاستظلال بظل أهل القوة والشوكة ) وهكذا كانت علاقتهم مع الموجات الحسانية القادمة من الشمال والتي أقامت بهذه المنطقة برهة مثل لبرابيش وازبيرات ( عرب اركيطة ) وأولاد رزك وأولاد بوعلي ولكتيبات وأولاد خليفة وغيرهم.. طيلة القرون الهجرية : الثامن والتاسع والعاشر وصدر الحادي عشر . ولعل هذا الانزواء وخصوصا عن أن أصحاب السلطة قديما وحديثا كان من الأسباب الكامنة وراء عدم الشهرة الخاصة والصنائع التاريخية لهذه القبيلة لأن التاريخ صنائع ومجريات ومصادمات . الهجرات التي شهدتها منطقة القطر المرابطي الشنقيطي وبداية نشأة مجتمع البيظان الهجرات التي شهدتها المنطقة وأسبابها . لقد ظل هذا القطر المرابطي الشنقيطي مسرحا لهجرات جديدة من فئات شتى ، ويحيط بهذه الهجرات المتناثرة عبر القرون المتتالية غموض واضطراب كبيران . وكانت هذه الهجرات النازحة إلى الجنوب في فترات متفاوتة على أنواع متعددة بعضها جاء وهمه الجهاد وفتح البلاد ونشر الإسلام مثل هجرة الفاتحين المبكرة أمثال عقبة بن نافع الفهري وسلالته في القرنين الأول والثاني الهجري ثم هجرة من جاء وهمه الجهاد ونشر الإسلام وبث العلم والفقه مثل هجرة العلماء والدعاة الذين التحقوا بدولة المرابطين من أمثال القاضي إبراهيم الاموي جد قبيلة المدلش ، والمعلم الكبير محمد بن الحسن الحضرمي وعبد الله بن محمد الزينبي جد قبيلة إدغزينبو ، وعبد الرحمن بن أبي بكر جد قبيلة تركز وكانت هجرة هؤلاء في ستينيات القرن الخامس الهجري . ثم الهجرة الاضطرارية التي أملتها ظروف معينة كهجرة الكثير من المجموعات والافراد الذين دخلوا هذه البلاد بحثا عن الملاذ والأمان والشكل الملائم وكما قيل : وما غربة الإنسان في شقة النوى === وكلها والله في عدم الشكل ومن هذا الصنف هجرة الأفراد الخمسة أجداد تشمشه في مطلع القرن الثامن الهجري ثم هجرة بني حسان في نهاية القرن نفسه وهي هجرة قوم ذوي بطولات وصولات ، وكانت وظيفتهم الكبرى وسمتهم المميزة لهم إجادة حمل السلاح والمبارزة ، ولم يشتهر عن هؤلاء العرب أنهم كانوا حملة علم أو دعاة إلى الدين وإن كانوا قد خدموا العلم والدين فيما بعد ، وقد وجد هؤلاء بيئة مناسبة لهم في هذه الأرض لما كانت تعيشه المنطقة من فوضى سياسية خلافا لما كان عليه البلدان التي مروا بها أثناء رحلتهم وتقلبهم ، حيث كانت دول تعرف قدرا من التحضر ولذلك لم تتحمل أنظمتها مقامهم ببلادها لاعتماد حياتهم على الغارات والصراع المسلح . ثم تتابع وصول أجداد بعض القبائل المحلية من الزوايا وغيرهم إلى القطر ، وتواصلت هجرات القبائل الحسانية على شكل موجات متتالية ، وكان جل القادمين على المنطقة نازحا من الشمال نتيجة للصراعات التي عرفها المغرب الاقصى في أواخر عهد الموحدين وبداية عهد المرينيين وما صاحب ذلك من هجرات جديدة من الشمال للجنوب .إيواء المجلس لبعض القادمين عليهم في المنطقة كانت لقبيلة المجلس الوجاهة الكبيرة والرئاسة الشهيرة في ناحيتها من هذا القطر دينا ودنيا ، وكثر فيها العلماء والأئمة والقضاة وتوارثوا رياسة العلم مدة طويلة تربوا على خمس قرون وكانو أهل يسر وسؤدد واستقلالية وظل مطلبهم توفير الأمن لهم ولمن جاورهم وقد ساعدت على ذلك عدة عوامل منها شرف نسبهم وزينة حسبهم ومنها أصالتهم العريقة وسبقهم في تعمير هذه المنطقة بالعلم والتعليم لوجه الله تعالى ، والاستغناء والتعفف عما في أيدي الناس وبإكرام الضيف وحفظ الجار ومنها كثرتهم وانتشارهم فكانت أحياؤهم تشكل حرما آمنا ذا هيبة عالية فكانوا يستقبلون القادمين عليهم والنازحين إليهم بصدور رحبة . هذا وبعد ما يربو على قرنين من تمركزهم في القطر وانتشارهم فيه وبلوغ دولتهم أوجها بدأت تتوافد عليهم من الشمال وغيره من سائر الأقطار الأفراد والأسر الذين يفدون عليهم للحماية أو الحلف أو الجوار أو التعلم . هذا وكان القادمون على المجلس في هذا القطر على قسمين : قسم نزل عليهم وصاهرهم وجاورهم ، وقسم قدم إلى المنطقة فوجدهم أهل الأرض والدولة والكثرة فجاورهم في الأرض مستقلا عنهم وكانت بينه وبينهم علاقات طيبة وحسن جوار واحترام متبادل . فمن القسم الأول أجداد الشمشويين الذين انطلقوا من مدينة " تارودانت " في السوس جنوب المغرب ( وهي الآن إحدى عمالات أكادير ) حتى قدموا على أحياء المجلس متفاوتين منهم من قدم عليهم في تيرس ومنهم من قدم عليهم في منطقة الكبلة وكان قدومهم في أواخر القرن السابع أو أوائل القرن الثامن الهجريين وأولهم قدوما " الفغ يد أبيال يوقب " جد قبيلة " إداتفغه " ، ثم الفغ مهنض أمغر جد أولاد ديمان ثم يمس جد قبيلة إدكبهن ، ثم يداج أكدبرع جد قبيلة إدوداي ثم ابهنضام جد بني يعقوب ، ولم تكن تربط هؤلاء الرجال الخمسة رابطه قربى ولا انتساب إلى جد واحد وإنما جمعتهم الهجرة من جنوب المغرب إلى القطر المرابطي الشنقيطي فرارا من الحروب والأزمات التي شهدها جنوب المغرب آنذاك ، فاستقبلتهم قبيلة المجلس كما استقبلت غيرهم بصدور رحبة وحفاوة بالغة وأكرموا مثواهم وتزوجوا فيهم وكان زواجهم من بنات مهندنل بن بادل بن أك بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابراهيم الاموي . فطاب لهم المقام في ذلك الوسط الطيب وأنجبوا الأولاد واقتبسوا من المجلس الشيم الحميدة والأخلاق الفاضلة التي رضعها الأبناء من ثدي الأمهات المجلسيات الطاهرات ، ولم يزالوا معهم حتى بلغ بهم العمران مرحلة خولتهم الاستقلالية حيث تميزوا فيما بعد عن قبيلة المجلس وأسسوا حلفا سموه " حلف تشمشه " ( وهي كلمة صنهاجية تعني الخمسة ) وانتظم حلفهم المستقل لأول مرة على الكثيب الغربي من البير المعروفة بـ " اكننت " التي تقع في الجنوب الشرقي من العاصمة انواكشوط على بعد 73 كلم ( وتقع هذه البير في الشمال الشرقي من بير " لفريوة " التي هي أحد مراكز المدلش ) . وتأكيدا لاستقلالية هذا الحلف حلف تشمشه فقد استبدل معظمهم ميسم المجلس الذي كانوا يسمون به مواشيهم قبل ميسما من شكل قدم الحبارى ، أمرهم به كدول بن موسى بن عمران الرزكي البوعلي ، أمير أولاد رزك آنذاك والذي أصبح بعد ذلك رمزا لاحتماهم بحماه وحصانته . ولنزول هؤلاء الرجال الخمسة على المجلس قضية مشهورة مدونة تاريخية فقد تناقلها الكتاب والمؤلفون قديما وحديثا ولهجت بها ألسن الشعراء والمختلفين وحدث بها كثير من العلماء والمبرزين . وكان الشمشويون ومازالوا يفتخرون ويعتزون بخؤولتهم من المجلس ويتحدثون بامتنان عما عاملوا به أجدادهم من الحفاوة والإكرام ، ينتشر ذلك في تآليف علمائهم ومؤرخيهم وتلهج به ألسنة شعرائهم وناثريهم ، ولا شك أن هذا ينبئ عن مستوى رفيع من كرم الأخلاق وطيب السرائر والوفاء الصادق الذي يعز وجوده ويدل على أنهم كانوا أهلا لما توسمه فيهم المجلس من طيب العنصر وعلو الهمة والذكاء الخارق . هذا ومن بين من نص على هذه القضية التاريخية العلامة الجليل الشيخ محمد اليدالي المتوفي 1166 ه في كتابه : " شيم الزوايا " ونص عليها المؤرخ الكبير المختار بن حامد الديماني في كتابه : " حياة موريتانيا " وذكرها الأستاذ الباحث محمذ بن باباه في تحقيقه لـ " شيم الزوايا ". وصرح بها علماء أجلاء شمشويون منهم العلامة الجليل ببها ( محمد فال ) بن محمد بن أحمد بن العاقل المتوفي 1334 ه ، حدث عنه بذلك الشيخان سيد احمد بن مولود بن أحمد محمود بن محمذ بيه ، ومحمد المامي بن محمد الحسن بن اجكان المجلسيان ، وكانا قد نزلا في ضيافته ومنهم العالم الأريب والشاعر الأديب امحمد بن أحمد يوره الديماني 1341 هـ ، حدث بذلك عنه الثقة الدين محمد سالم بن البخاري بن سيد احمد بن حمان بن ألمين المجلسي وكان قد لقيه في رحلة جمعتهما بعض الوقت في مقيل على نجد من أنجاد " الخط " وكان امحمد قد سأله عن قبيلته فلما أخبره أنها المدلش رد عليه قائلا : " نحن أحلافكم نحن أحلافكم " ( كررها مرتين ) وقالها أيضا لجماعة من المدلش كان قد لقيهم في بعض أسفاره منهم الثقة الدو محمد عبد الله بن محمد فال بن نعمه . ومنهم أيضا الأديب الشاعر ذو السمة العالية والنخوة السامية أبو مدين بن الشيخ أحمد بن سليمان الديماني المتوفي 1364 هـ صرح بذلك لجماعة من المدلش كان قد استضافهم في محظر العلامة يحظيه بن عبد الودود في زورة لابنه محمد بن أبي مدين وهو إذ ذاك طالب في المحظرة المذكورة ومن هذه الجماعة العلامة محمد عال بن نعمه والثقة الضابط حبيب الله بن المبارك المجلسيان . ومنهم أيضا القاضي محمذ بن محمد فال المتوفي 1386 هـ ، ومنهم الأديب الأريب محمد عبد الله بن الحسن والعالمان المؤرخان محمد بن أبي مدين والمختار بن حامد الشمشويين ، فقد صرحوا بهذا غير ما مرة وفي غير ما مجلس وسمعه منهم العدد العديد من رجال المدلش منهم المؤرخ الثقة الضابط الشيخ بن محمود والعلامة محمد عبد الله بن محمد سيديا والأستاذ الباحث محمد يحيى بن سيد احمد . كما أشار إليها الأستاذ الأديب أحمد بن محمذ بابه الديماني الأبهمي - وكان قد نزل بجماعة من المدلش يعملون في خارج الوطن وأقام معهم أياما وعندما ودعهم بعث إليهم الأبيات التالية : مني إلى فتية من مجلس الدين *** تحية أخجلت لمسك دارين نفسي الفداء لأقوام لقيتهـــــــم *** شم الأنوف بياضين بياضين من قربوا الخمس إذ حلوا بمجلسهم *** بالعطف والبذل والإحسان واللين قضية سجل التاريخ صحتها *** وغير محتاجة منا لتبيين تلك السيادة لا تنفك ديدنهم *** سادوا على الكل بالمعروف والدين جازاكم الله عنا الدهر صالحه *** ذاكم دعاء ومشفوع بتأمين وأشار إليها أيضا العلامة الكبير والمؤرخ الشهير المختار بن حامد الديماني إشارة لطيفة في قصة طريفة جرت بينه وبين بعض أصدقائه وكان فيهم الأديب الظريف حمادي بن السعيدي المجلسي فقال المختار : إني حليف لنادي العلم مجلسه *** وناصر لهم في المصر والبادي وإنني حامد وابن له لفتى *** من مجلس العلم أهل الحمد " مادي " كما أشار إليها أيضا الشاعر الأديب المختار بن أحمد بن محمدا بن محمذن بن محنض بابا الديماني في قصيدة يمدح بها بعض الأفخاذ المجلسية حيث يقول : قوم نمتهم لإبراهيم جدهم *** سبط الإمام الأشج العدل سل دركه آباء صدق لهم آباؤهم تركت *** إرث العلى حبذا الآباء والتركه سائل سجلات تاريخ البلاد لهم *** وسل مشاع حلى للقوم مشتركه وسل بهم خمسة الحفاظ إنهم *** آووهم وأعانوهم على الحركه حيث القرابة منهم كالجواز بها *** في الوافدين تقوت تيلك الملكه من الحكايات والطرف بهذا الشأن: حيث يروي مؤلف كتاب " الجليس المؤنس في تاريخ وأنساب المجلس " العلامة الشيخ اباه بن محمد عالي بن نعم العبد المجلسي الشنقيطي : حدثني الثقة الضابط حمادي بن السعيدي المجلسي قال : حدثني جدي ( محمد ) بن اسويد بن محمد خويه المجلسي قال : سرت في " غزي المكناسة " يعني "جيش المهاجريه " المجاهدين ضد الاحتلال الفرنسي حتى وصلنا إلى الشيخ ماء العينين بمدينة "السمارة" وكان قد علم بمسيرنا إليه فلقانا بالسرور والفرح وأكرم ضيافتنا ثم ذهب بنا إلى سلطان المغرب وهو آنذاك مولاي احفيظ فقدمنا عليه مراكش وصمنا معه شهر رمضان وأكرمنا غاية الاكرام وأنزل كل ثلاثة منا في قبة ثم قال : وكان من غريب الاتفاق أن كان معي في قبيتي محمد المختار بن الحامد من أعيان قبيلة كنته ووداد بن المحجوب من أعيان قبيلة اسماسيد وكان في القبة التي تلينا الشيخ سيدي بن الشيخ احمد بن سليمان والجيلاني بن أحمد ول حيبل وسيديا بن المختار ولد قطرب الديمانيون . قال أبوك : وكنا نتبادل الأحاديث الودية والمساجلات الأدبية ثم قال : فبيمنا نحن ذات ليلة وقت السحر قال لي الشيخ سيدي " يا ول محمد خويا جايك كاف " فقلت هاته فقال هو أو أحد زملائه : مايتمونك لكعاد *** بداع ألا يفلـــــــــش ألا يجبر لعف زاد *** من ذا كهل المدلش فقلت لهم : أيكم صاحب هذا الكاف ؟ فتبادروا بالقول كلهم يقول : أنا صاحبه ، أنا صاحبه . فقلت لهم ليسمع قائله : انت فالش فلحين *** لعدت الل تفلــــــش راع ذا بل امنين *** كامت خلطت شمش فضحكنا كثيرا فالتفت الينا محمد المختار ول الحامد الكنتي فقال : " يالكوم هاذ الكويفات ما فيهم شيء يظحك و انتوم مايظحكم العبث قولوا لي الاخبار ؟ " فقال له الديمانيون اسال صاحبك يقصدونني .فالتفت الي يريد ان يسألني فقلت له : لا بل اسألهم هم عن ذلك فقال له الشيخ سيدي : أقولها لك أنا : نحن هؤلاء من مجموعة حلف يقال له تشمشه وأصلها خمسة رجال فروا من هذه البلاد ويعني جنوب المغرب بسبب الحروب التي اتقدت فيها حتى وصلوا إلى أحياء المدلش في الجنوب وحالفوهم وسكنوا فيهم وأكرموهم وتأهلوا فيهم فقال الكنتي : الآن طابت نفسي والتفت الي وقال : " ول عمي ول عمي نحن لعمار لكاتلتن ما اتبات فافام امدافعن " و كان ممن استقبلته المجلس جدا القبيلة الكريمة العريقة انتابه وهما رجلان من قبيلة أولاد الناصر ، اسم أحدهم ألفغ عمر بن عيسى والثاني الشعري بن اشبيشب ويعرف الأول بانتابي الأبيظ وقد تزوج مجلسية وأنجبت له ولدين تفرعت عنهم ذريته التي عرفت بـ " انتابه البيظ " ويعرف الثاني بانتابي الأخظر وإليه تنسب " انتابه الخظر " وكان قدومهما في حدود القرن التاسع الهجري وقد جاورت ذريتهم قبيلة المجلس في المنطقة وصارت بينهما روابط الرحم والصداقة وحسن الجوار والاحترام المتبادل وتسلسل ذلك في ذريتهم جميعا إلى اليوم . إلى ذلك يشير العلامة الجليل عبد الحي بن اتاب الانتابي المتوفي سنة 1404 هـ من قصيدة له : وجدا قبيلينا من ابناء ناصر *** قد ارعويا عن نهج تلك القبائل وصدا إلى النهج القويم وبادرا *** إلى مجلس العلم الكرام الأفاضل وما الفخر إلا للذي تاب واتقى ***وكان على منهاج خير الوسائل وممن قدم عليهم فكانت بينه وبينهم علاقات طيبة واحترام متبادل وحسن جوار وخؤولات و مصاهرات قبيلة إكمليلن وغيرها وفي شأن اقدمية المجلس في الأرض وما كان لهم من دور بارز في تعميرها وإيواء الوافدين عليهم وغير ذلك يقول الشاعر الأديب محمدن بن العالم التندغي المالكي من قصيدة له : ومجلس العلم أدرى بالتراب ومن *** حازوا بها السبق في أمن من الوهن أووا بها كل من وافاهم فرقا *** حتى أقام عزيزا غير ممتهن وفجروا من ينابيع المياه بها *** ما فجروا في زمان مورق الغصن شادوا بها كل بنيان ومدرسة *** كادوا العدو وما حادوا عن السنن وإلى ذلك يشير أيضا العلامة الكبير الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم اليعقوبي الجوادي من قصيدة له في رثاء بعض أعيان المجلسية : ولا غرو إن القوم للعلم مجلس *** وما ذا حديث العهد بل لم يزل قدما إلى ظلهم تاوي الزوايا فأرضهم *** بها وضعوا عدلا كما رفعوا الظلما فكائن لهم سبقا وفضلا ومنة *** على الناس حقا ليس زعما ولا رجما. |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تثقيف اللُّسَن بأخبار ومآثر إمزغيرسن | السوقي الأسدي | المنتدى التاريخي | 39 | 09-27-2014 10:25 AM |
تعريف وجيز بقبيلة تجكانت | التنبكتي السوقي | المنتدى التاريخي | 0 | 01-04-2014 12:17 PM |
قراءات في مفهوم الدستور,, | عبادي السوقي | منتدى الحوار الهادف | 6 | 12-11-2012 12:33 PM |
إعلان تشكيل المجلس الانتقالي الازوادي ,,, | عبادي السوقي | منتدى الحوار الهادف | 1 | 07-15-2012 08:35 PM |
حفريات جديدة في الحقب الغامضة من تاريخ "ودان" | عبادي السوقي | المنتدى التاريخي | 1 | 02-15-2012 08:47 PM |