|
المنتدى العام يختص بالمواضيع العامةباحة شاسعة تسع آراءكم وأطروحاتكم وحواراتكم، التي لم تسعفها المنتديات الأخرى |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
رد: فصول من حياتي
|
10-03-2012, 10:01 PM | #2 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
ملحق رقم 1 ثورة 1991م.
لم يكن ما يصل إلي من أخبار الثوار عام 1989م أثناء تواجدي في (تمنراست) في الجزائر عن طريق الشارع ولا عبر الإشاعات بل أخطرني الشباب الذين التقيت بهم سواء من السوقيين أو غيرهم في الجزائر بأن وقت بداية الثورة على الأبواب, وكانوا في حذر شديد من كل ما يورطهم , فلا يسمحون من أخبارهم إلا بالنذر اليسير,ولمن يثقون به وبالقدرالذي يضمن عدم اكتشافهم قبل اكتمال نمو هذا الجنين في نفوس الشباب. وكانت أحاديث المجالس التي جمعتني واياهم تدور حول الأمور الآتية: 1- نشر الوعي الثوري بين الشباب, والاستعداد للقادم, وجعل الثورة مشروعهم الأول. 2- نسيان الذات ومحاربة القبلية, والتصدي لبعض الأعراف التي تفرق ولا تجمع. 3- ايجاد مفاهيم جديدة تحل محل التقاليد الموروثة التي تعيق حسب فهمهم المسيرة نحو قضيتهم الأولى. 4- ضغط المسافات التي بين كل قبيلة و أخرى إيذانا بميلاد صيغة جديدة تجسدها مفردة (أشامور) بدلا من (افوغاس) , (امغاد) كل السوك إموشاغ, وهكذا دواليك. هموم حائرة. لم يكن الهدف من تواجدي في الجزائر من أجل المتعة السياحية, ولم يكن في نيتي أن أجلس فيها إلا أياما لأنني جئتها من أجل أخذ والدتي منها إلى القبيلة, ولكنني وجدت الكثير من أقراني ومعارفي من الشباب وقد همهم أمري فدأبوا في ترغيبي في الذهاب معهم إلى ليبيا, والانضمام إلى معسكرات شباب الطوارق هناك, وكان الهم والهاجس الأكبر لكل من في سني في ذلك الوقت الانخراط في صفوف الثوار. فاستخرت الله ووعدتهم بالذهاب معهم, وكانت الخيرة فيما اختاره الله لي من الرجوع مع الوالدة وترك (اشومر) ورائي ظهريا, ومع ذلك فإن الفكرة لم تمت في نفسي وظللت أترقب حدوث الثورة في أي لحظة, وأتوقعها مع كل صباح ومساء, وكنت قد علقت بها آمالا عراضا أول قيامها, نظرا لما لمسته من شبابها الذين التقيت بهم من الجدية وكانت كلمتهم على ما يبدو من أدبياتهم متحدة, والهدف واحد, ولم يكن خبر انطلاقها فجر يوم الجمعة بتاريخ16/12/1411هـ الموافق 29/6/ 1991م في مدينة (منكا) مفاجئا لي يوم تلقيت هذا الخبر من جريدة القبس الكويتية. ولي عودة. |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 02-11-2013 الساعة 12:25 PM
|
10-06-2012, 11:04 AM | #3 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
خطوة في بداية الطريق.
لا أشغل نفسي ببدايات ثورات الطوارق في مالي منذ استقلالها حتى الآن لأن تاريخ ذلك معروف لدى الغالبية العظمى من الناس وموجود في الانترنت ومواقع التواصل الأخرى , وكل ما يعنيني أن أتحدث عن أمور كانت ولازالت سبب الإعاقة لنجاح ثورات الطوارق, ولا أدعي أن ما أقوله هو الحقيقة الكاملة والمطلقة , وأرى أن ما أقوله لايعدو أن يكون استشهادا مني في تشخيص مواطن الداء بغية العلاج والانتقال من الواقع إلى المأمول. كما أنني من خلال هذه السطور أود أن أذكر بأنه لاينبغي فتح عين واحد تجاه النجاحات التي أحرزتها ثورة التسعينيات وأهمها أن يعرف شعب الطوارق في (مالي) أن له قضية, وأنه مثل شعوب العالم التي تحارب من أجل حريتها, وإثبات وجودها, ولم ينصف الحقيقة من يشك أو يشكك فيما قدمته ثلة من الشباب الطوارق بلا قوة إلا قوة الإرادة, ولا دعم إلا صلابة مواقفهم ومطالبتهم بحق شعبهم في العيش, وأظنك أخي الكريم لايعجزك التفريق بين حصد المكاسب وبين المحافظة عليها فالكسب شيء والمحافظة عليه شيء آخر. كذلك فإن الثورة بمعناها الأوسع هي الخروج عن الوضع الراهن إلى أفضل منه أو أسوأ, وكل ما أرمي إليه ليس كيل التهم جزافا, على الثورة والثوار وإنما غرضي التذكير بالسياسة التي نأمل أن توضع فلم توضع. رأس مال الثورة. رأس مال الثورة في كل تجارب العالم هو العنصر البشري الثائر, فهو الضامن الأساسي لبقائها, وهو الحاضن الأهم لها, وقد جرى من قصد أو غير قصد تبديد هذا الرصيد الشعبي, في خلافات تافهة بين القادة الثوار أنفسهم , واستطاعوا أن يخدعوا الشعب المغلوب على أمره بأن هذه الخلافات كانت أساسا بين الشعب نفسه, وجرت أحداث وئدت من خلالها - وللأسف الشديد- مكاسب الثورة وهي حية والله المستعان وتم إشغال الشعب بنفسه وبخلافاته, ولم يوفق القادة الثوار في احتواء السلوكيات الهادمة لأهداف الثورة عن طريق التعليم و التكوين و الإدماج و جعله يعيش الأشياء من داخلها لا من خارج سياقاتها و النهوض به من غياهب التخلف وظلمات الجهل إلى فساحة العلم. الثورة تأكل نفسها: لكل ثورة من الثورات غذاؤها, وفاتورتها التي يدفع ثمنها الأبرياء والناس الضعفاء الذين يفترض أن الثورة هي من جاءت لإنقاذهم من براثين العدو الجاثم على صدورهم. ولكن المشكلة الكبرى التي جابهت ثورة الطوارق تكمن في أن النخب في المجتمع الطارقي لم تكن مستعدة للتعاون ولا للتعامل الايجابي مع هذا الوضع الجديد, وفضل كثير منهم الدوران في فلك المستبد, عن الدخول فيما يرونه متاهات نحو المجهول, وظلت هذه النخب تسابق الزمن في اقناع الناس بهذا الفكر قبل أن تستقر الثورة على حال. وكانت حكومة مالي من الجانب الآخر,دأبت في تبديد جهود الثوار الطوارق بالأكاذيب والاتفاقيات الوهمية, والأماني الكاذبة, وسعت جاهدة في جعل الشعب يندم على التعاطف مع الثوار, تارة بالقتل وإهلاك الحرث والنسل, وتسميم الآبار, وتهجير قرى بأكملها, وكل ذلك من اجل أن تفشل الثورة, وتوأد من جديد وحتى يقول شبابها( ليست هذه هي الثورة التي قمنا بها) فيرضخوا ويقبلوا الأمر الواقع, ويقبلوا الاندماج والهدايا والصلات, وقليلا من الفتات, بدلا من تحقيق أي هدف من الأهداف التي ثاروا من أجلها. وكان الغالب من الثوار ينقصهم العقل العلمي والاجتماعي الذي يجمع بين الثورة و الاحتفاظ على مكاسب الانتصارات, وكان غالب قادتها حاولوا جني ثمرة الثورة قبل نضوجها,وانتفخت بها جيوبهم قبل أن يجف دم رفاقهم ولم يستطيعوا أن يثبتوا للعزل من الشعب أن الثورة جاءت لإنقاذهم وإخراجهم من النفق المظلم الذي جعلوهم فيه, فصارت مصدرا من مصادر التربح والاسترزاق بدل ان تكون مشروع تحرير هادف وكانت هذه الثورة من هذه الحيثية تختلف عن باقي الثورات العالمية التي سبقتها لأمور: 1- أن غالب الثورات إنما يستفيد منها ويستمتع بها أحفاد وخلف من قام بها, بخلاف ثورة الطوارق في 1991م فإن قادتها هم أكثر المستفيدين منها, وجرت محاولات متكررة منهم لجعلها ترتبط بهم في كل شيء وقعدوا مزجر الكلب لكل من تسول نفسه أن يبعثها من مرقدها, أن يوقظها من ثباتها. 2- أن الشعب أكثر تضحية من (الثوار) فلم يدخر شعب الطوارق - الثائر بطبعه- جهدا في إيوائهم وبذل الوسع في مساعدتهم رجالا ونساء, ولكنهم بدل أن يقدروا هذا الموقف من شعبهم فإنهم شدوا الأمتعة, وأداروا ظهورهم له واندمجوا في الجيش المالي الذي استطاع أن يثأر لجنوده منهم بقتل وتشريد الطوارق والعرب في الشمال وتم كل ذلك أمامهم بدون أن يقدموا حتى رسالة عزاء ومواساة إلى شعبهم ولم نسمع أن قائدا من قاداتهم استنكر شلالات الدماء التي أريقت في (ازواد). 2- أن هذه الأحداث أثبتت أنهم لا يملكون رؤية, ولامشروعا قوميا يستطيع البقاء مع الزمن, لمجابهة مكر الليل والنهار الذي يدبره العدو لهم , حتى إن بعض من يبالغ في نقد (إشومار) يرى أن ذلك ينم عن صفقة غير معلنة بينهم وبين (مالي) أدت إلى سكوتهم عن التنكيل بالشعب مقابل المناصب العالية, والرتب السهلة, والمنح المجانية, بدليل أننا ما سمعنا أن أحدا من القادة سجن في قضية أو ناله أي أذى من أجل الدفاع عن الشعب أوالتمسك بمبادئ الثورة كما هي العادة في جميع ثورات العالم. وليس هدفي في هذه العجالة فتح مسارب الآلام كلها وهي كثيرة وأنا على اطلاع بها جيدا ومع ذلك فإنني أعي جيدا أن الواجب على كل منصف للتاريخ أن يساهم بقدر وسعه في ترتيب شتيت الذاكرة الجماعية لأمته بغية العلاج, واتقاء موطن الداء. جيل الثورة: لم تستطع ثورة التسعينيات أن تنشئ جيلا ثوريا بل أنتجت لنا جيلا مقسما خائفا من المستقبل ومتوجسا من الآخر وجرى الدوس على كثير من الأعراف القبلية التي استطاعت عبر أزمان ضاربة في أعماق القدم المحافظة على أبهى وأرقى صور التعايش بين جميع مكوناته, وحل محلها فجوات ومسافات لم يوفق قادة الثورة في ملإ فراغاتها, وأصبحت الثورة بسبب أخطائهم وخلافاتهم عبئا ثقيلا على المجتمع وصارت مع الأسف الشديد إن لم يخونني التعبير مثل الماء العذب في أصول الحنظل كلما ازدادت ريا ازدادت مرارة . وهذا خير وصف لحالتها فيفترض بعد مرور عقد من الزمن من انطلاقها أن يكون هناك قدر من النضوج في المواقف, ووضوح الهدف, واستشعار المسئولية, وحصل العكس من ذلك , ورأى قادة الثورة ولاأشغل نفسي بذكر الأسماء فهي معروفة أنهم هم الثورة وأنهم أهم مكاسبها, وملوا الدنيا وشغلوا الناس , بخروجهم وانسحابهم من وحدات الجيش (المالي) ثم رجوعهم إليها من غير أي مكاسب تذكر ولافائدة منتظرة , وتزيد فترة الثورة ويزيد معها عدم شعور قادتها بالمسئولية , تجاه الشعب والأمة وذلك أمر هين إن صدر ممن لا تتعلق به مصائر الناس ولاشك أن خطورة هذا الأمر تزداد سوءاً بازدياد أهمية الموقع الذي يشغله الإنسان. |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 01-19-2015 الساعة 05:52 PM
|
02-11-2013, 11:45 AM | #4 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
ضياع الراية وغياب المرجعية.
تعد اتفاقية (تمنراست) سنة 1991 بداية مهمة في طريقنا إلى الانعتاق من قبضة الجيش المالي, والخروج من هذا الوضع الأليم, حيث إن هذه الاتفاقية جلبت لنا مكاسب مهمة في سبيل الوصول إلى الهدف الأسمى الذي انطلقت من أجله الثورة, وهو الاعتراف بحقوقنا وكسبت الثورة من خلالها مكاسب هامة منها: 1- اعتراف مالي بقضية (أزواد) لأول مرة في تاريخها السياسي المعاصر. 2- تعزيز هذا الاتفاق باتفاق آخر يسمى (بالميثاق الوطني) ينص أساسا على اللامركزية ودمج مقاتلي الطوارق في مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية. 3- الاعتراف الدولي بمشكلة الطوارق . ومع الأسف الشديد فإن الرعاية الجزائرية، لهذه الاتفاقية أثبتت أن الجزائر ومالي كان هدفهما من الاتفاقية تلك كسب الوقت وجرى مكر تزول منه الجبال من الدولتين لوأد الحلم , والتسويف والمماطلة , مما سمح بإيجاد أرضية صالحة لصاعة التدهور الأمني المتقطع ...وزراعة بؤر التوتر الأمني في مناطق الطوارق , وتفخيخها بشذاذ الآفاق من استخبارات الدول والقاعدة وتجار المخدرات وغيرها ,إضافة الى الخلافات التي ظهرت بين القادة بعد الاتفاق مباشرة , والذي طغت بسببها مشكلة المناطق , والخيار القبلي على خيارات (الثورة) ومبادئها كل ذلك أدى إلى سقوط الراية بينهم, وبقيت الثورة والشعب محتارين بينهم, إضافة إلى غياب مرجعية وقائد ملهم يقود الجماهير, وصاحب حضور طاغ , وقادر على التأثير لا يسقط أمام النكسات و لا يقنع بالانتصارات المرحلية,ويستطيع بإيمانه بمبادئ الثورة تكريس التواصل و التناوب في أبهى صوره على حمل مشعل الثورة لتبليغ الرسالة للأجيال، فالثورة ثورة أجيال و ليست مقصورة على جيل بعينه فهي أبدية بأهدافها و مبادئها لا ظرفية تنتهي بنهاية مفجريها، و ذالك سر نجاحها. والذي حصل هو عكس هذا تماما حيث إن كثيرا من القادة الأوائل يرون أن الثورة هي ذات تجسدت فيهم, وقيمة لا يستحقها غيرهم, ومكسب لا يستفيد منه سواهم, وقد حاول المناضل إبراهيم بهنقا, عام 2006م أن يشق طريقه إلى الكرامة بمن معه من رفاقه وإعادة الثورة إلى مسارها, ولكن الأصنام القديمة سممت هذا التوجه ووقفت له بالمرصاد وأجهضت مشروعه , وحولت مكاسبه إلى صالحهم. |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 02-11-2013 الساعة 12:22 PM
|
07-02-2012, 12:28 PM | #5 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
الحديقة الوديقة, في مواقف مختلفة وعلائق وثيقة. زيارتي للأمير. وفي هذه الفترة قمت بزيارة الأمير الشيخ والشيخ الأمير عبد الله الفيصل الفرحان آل سعود, ومعي جمع من طلبة العلم بالخرج في بيته في حي (المشيرفة) فأكرمنا وأحسن وفادتنا واستفدت منه كثيرا في تاريخ الدولة السعودية, وتاريخ الإمام محمد بن سعود, وكان الأمير عبدالله يحب طلبة العلم جدا ويواسيهم, ويسمع منهم,فلا يخرجون من بيته إلا وهم يشيدون به وبأخلاقه, وقد كنت جهزت أبياتا في ورقة كانت معي في الثناء عليه, وشكر جهوده وهي: أقدم على ماجد من آل فرحانا = تلقى من العلم والإحسان ألوانا فذاك دأب الألى جد الزمان بهم = كانوا لدين إله الكون أركانا لله سيرتهم لله غيرتهم = عن سنة المصطفى ودين مولانا لله مابذلوا لله ماحملوا = لله ما عملوا في الله أحيانا قد جددوا سننا هدت قواعدها = وعم نفعهم برا وخلجانا ما قلت ماقلت تزويرا ولاملقا = كلا ولا كان تمويها وبهتانا فأسرة من سعود طاب مغرسها = فاستغلظ الزرع رقراقا وقد بانا وافوا الجزيرة تشكو من مصائبها = وما رأته من التخريف أزمانا فطهروها من الإشراك في زمن = لم يلق فيه الهدى دعما وسلطانا فانجر ذيل الهدى في الكون متسعا= واندس ما كان للإبداع قد بانا ياآل فرحان هذا طرق مغترب = لبابكم فاسمعوا بالجد شكوانا وخففوا ثقلا أضحى بكاهلنا = لازلتم لبني الاسلام أعوانا فسألني عن حاجتي فقلت زيارتكم والسلام عليكم, وإن كان ولابد (ففيزا) منكم لزوجتي ووالدتي فأمر مدير مكتبه مباشرة بتلبية هذا الطلب جزاه الله عني خيرا, وكنت أزوره للسلام عليه وآخر زياتي له كانت بسبب حضور الشيخ ابن العثيمين عنده, وإلقائه درسا في مجلسه في تفسير سورة (ق) رحمهما الله رحمة واسعة. التقديم للجامعة. دعاني فضولي الى الذهاب إلى جامعة الإمام محمد بن سعود لمواصلة دراستي ,وكان ذلك برفقة الشاب الطيب مشعل بن مقبل الحارثي لتقديم أوراق طلب التسجيل, وكان الأخ يود أن أكون معه رغبة في أن أحول له ماسماه (أوعر المهالك) إلى اسمه الحقيقي (أوضح المسالك) لابن هشام, وكان يجد صعوبة في فهم الكتاب, فذهبت معه, وطلبوني بتزكية المشايخ, فأخذت تزكية من غالب مشايخ الخرج وشفاعة من الأمير عبدالله الفيصل آل فرحان آل سعود فذهبنا بها إلى إدارة القبول والتسجيل بالجامعة فنظروا إلى التزكيات والشفاعة فقال لي المسئول بالحرف الواحد: (جيب واسطة قوية قوية قوية). فذهبت إلى الخرج ومعي هذه (القاءات الثلاث), ولا زلت أبحث عنها في مفردات وقواميس المعارف فلم يغن ذلك شيئا. وللوفاء والكرم أهل ورجال. عشت في السعودية عشرين سنة, حتى الآن وكانت هذه السنوات حافلة بالمواقف الجميلة, التي سجلت بعضها ذاكرتي وسوف أسجل هنا المواقف المشرفة التي رأيتها في هذا البلد الكريم بكرم أهله وذويه,وأود التنبيه إلى أنني لا أمدح نفسي بالوفاء, ولا أذمها بعدمه, ولكنني أستطيع أن أقول أنني أكره التنازل بسهولة عن أصحابي ومعارفي, وأستغرب ممن يُفصّل الأصدقاء والأحباب, كما يفصل الثياب, ويبقى طول حياته على هذه الحالة يغير, ويستبدل,ويختار, فيحتار, كما أنني أعجب من أُناسٍ يدفنون مثل هذه المواقف وهي حية وكيف يسوغ لهم أن يعيدونا إلى سير الوأد وكأنهم لايعرفون أن دفن بنيات الأفكار, قريب من دفن البنات الأبكار, فتلك في البراري والوديان, وهذه في مجاهل النسيان , وهناك من يفضل أن يصون مثل هذه المواقف في صدره ويبقي اللثام على وجهه وأرى أن ذلك أشد أنواع البخل حينما تُكرم وتسكت, وتُمطَر بغمام مكارم الأخلاق فلاتُمسك ولاتنبت, ولست أدري الى أي نوع من أنواع الصخور أنسب هذا القلب , ولاأي شكل من أشكال الأحجار قدت منها عيونه التي ترى المواقف النبيلة, والخلال الأصيلة فتتعامى عنها, في حين أنه يتكلف ويتعقر, ويتشدق عندما يتعلق الأمر بحاضر أمامه , وأمل يرجوه , وجاه يطلبه. والعجب أن الناس ينظرون إلى الناس والدنيا من خلال أنفسهم كمن يستعمل نظارة سوداء فلا يرى أمامه غير السواد,ويعرف هذا من يقرأ كتب الأدب والشعر العربي, فتجد شاعرا متشائما, وتجد الزمن في شعره باكيا بائسا, وآخر في نفس الزمن أو في ذات المكان يرسم عبر أسلات شعره وقلمه لوحة عن الدنيا وعن الزمن الضاحك, والدنيا هي هي. ولا أنكر اختلاف المواقف, التي تضطر المرء أحيانا إلى أن يتذمر, ويتألم من تقلبات الدنيا وأهلها, كما أنني لا أنكر وجود ناس مجدودين وآخرين محرومين وهذه سنة جارية, لامهرب منها, وقد صور ذلك الامام الشافعي أحسن تصوير حين قال: الجد يدني كل شيء شاسع ... والجد يفتح كل باب مغلق فإذا سمعت بأن مجدوداً حوى ...عوداً فأورق في يديه فصدق وإذا سمعت بأن محروماً أتى ... ماء ليشربه فجف فحقق وأحق خلق الله بالهم امرؤ ... ذو همة يبلى برزق ضيق ولربما عرضت لنفسي فكرة ... فأود منها أنني لم أخلق |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 07-09-2012 الساعة 08:26 PM
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 0 والزوار 12) | |
|
|