|
المنتدى العام يختص بالمواضيع العامةباحة شاسعة تسع آراءكم وأطروحاتكم وحواراتكم، التي لم تسعفها المنتديات الأخرى |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-31-2012, 11:27 PM | #71 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
مواقف في الدعوة.
كنت أتحاشى دائما الحديث عن الأمور التي قمت بها في الدعوة خشية وخوفا من حظوظ النفس, ومكايد إبليس, ورغبة في نيل ما يترتب على العمل الخفي, كما في الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي )رواه مسلم . وكنت أرى أيضا عدم الخوض في الحديث عن الأخطاء السابقة التي يقع فيها الماضون, إلافيما يخص مقام البيان, ولاأحبذ أن يكون البكاء على أطلال هذه الممارسات حديث المجالس, لأن ذلك يوغر الصدور, ولايربي على ترك هذه الممارسات,فأقول في مقام البلاغ سواء في الدروس العادية, أو في الدورات التي نقوم بها, ما يخطر ببالي فإذا اتنهى المجلس سكت, ولا أتكلم في المجالس العامة إلا في ذكر أمجاد هذه القبائل السوقية, وماقدمته من خدمة للدين وللغة العربية ,و يعجبني قول الأول. لاتلتمس من عيوب الناس ما ستروا=== فيهتك الله سترا من مساويكا واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا === ولا تعب أحدا منهم بما فيكا وكنت في إحدى المرات مع أحد الإخوة المهتمين بهذه الجوانب المضيئة من تاريخ القوم وهو الحبيب الاديب حمزة بن عثمان فتطرقنا في الحديث عن فتوى تدل على دقتهم , وفهمهم لواقعهم, وبصرهم,بخفايا زواياه, وتفيد الفتوى بضرورة التفرقة بين (أحباس) الطوارق, وأحباس السوقيين, وأن أحباس الطوارق عبارة عن صدقة يرثها من جعلت لهم, لعدم معرفتهم بمدلولات هذه الألفاظ بخلاف أحباس السوقيين فإنها باقية على أصلها, وغيرذلك من الأمور التي لايجهلها من يعرف السوقيين ودقتهم في الأمور الدينية. ومن هذه المواقف أنني كنت في بعض سفراتي ضيفا عند بعض رجال العلم السوقيين, فجاءني في هدأة من الليل, وأنا ما بين النائم واليقظان, فتنحنح وسلم, فعرفت أنه يريد أن يجلس ويتحدث معي فرددت عليه السلام, فجلس وقال لي بالحرف الواحد, بدأت نيراننا تتراآى وهو مثل يضرب ويراد به نوع من التقارب في وجهات النظر, فقال أصدقني ما رأيك في (النداء), بغض النظر عن أقوال علمائنا وعلمائكم - يقصد علماء السعودية-, فسكت هنية فقلت لاأعرف من ذلك إلا ما تعرفه ومافي هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى(وقال ربكم أدعوني استجب لكم..) الآية فقلت له هذا سؤال تولى الله الإجابة عنه بهذه الآية التي صُدرت بقوله (وقال ربكم..إلخ),وقلت له وكأن الآية جواب عن سؤالك, قال: ليس في الآية دليل صريح على ماقلت قلتُ له :ألا تتفق معي أن فيها تربية المهابة في قلوب المؤمنين, وإرشادهم إلى ما يفعلونه عندما يريدون الإجابة قال: بلى قلت لا أعرف غير هذا فذهب من عندي وأخذ معه النعاس من عيوني تلك الليلة وقد ظللت أفكر في الموضوع حتى أذن الفجر. ومن هذه المواقف أنني سافرت ومعي أحد الإخوة وهو أحمد بن آمدي فجرى بيننا حوار ونقاش هادئ مع بعض مشايخ الصوفية, في مسألة تقسيم التوحيد, وذكر أن هذا التقسيم لاأصل له, وإنما أتى ابن تيمية من كيسه, وقال إن الرب هو الإله واستدل على ذلك بآيات منها قوله تعالى: (الست بربكم) ولم يقل ألست بإلهكم,وقوله تعالى : عن فرعون (أنا ربكم الأعلى), واستدل بحديث مسلم في سؤال القبر(فَيُقَالُ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِى اللهُ وَنَبِىِّ مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم ..) الحديث. وقد فند أحمد استدلالاته, وحولها ضده وكان مناظرا جيدا له حوصلة علمية واسعة, وأذكر أن مشاركتي لم تتجاوز أن قلت له: عند رجوعنا إلى مقامات هذه الآيات ومناسباتها لن نجد ما يقوي مدعاك,فقوله تعالى (ألست بربكم )قيلت في مقام الامتحان, خاطب الله بها الذر في الميثاق الأول وليس في مناسبة العمل فهؤلاء ليسوا في مجال العمل والتكليف حتى يبتلوا بمقتضيات الألوهية, وأما قوله (أنا ربكم الأعلى) فيكفي في الرد عليها قول اللعين نفسه (لئن اتخذت إلها غيري..) الآية. وأماالحديث فيقال فيه مثل ما سبق بيانه في الآية لأنه كان في مقام ابتلاء وليس مجال عمل, ومازلت بعد ذلك أبحث عن عاضد لهذا القول في مظانه ولكنني لم أجده ولعدم وجودي من سبق إليه من العلماء فإنني لم أشر إليه في كتابي (الإعلان والإعلام, بأقوال من قسم التوحيد قبل ابن تيمية من الأعلام), ولعل من عثر عليه يفيدني به مشكورا. ويضاف إلى ما تقدم أن أحد أصدقائي وهو بدر بن حامد الحربي جاءني, وأخبرني عن أخ (مصري) صوفي فقال لي تعال معي لمناقشته, فقلت له أنا لست عالما أنا مجرد طالب إذهب إلى مشايخ (الخرج)فهم أحق بهذه المهمة مني ومنك, فلم يسمع نصيحتي وحلف علي بضرورة الذهاب معه, فذهبنا إلى المصري, فوجدته شابا عمره ما بين الثلاث والعشرين إلى الخمس والعشرين, فأخبره الأخ بدر بأنني إفريقي ومن (مالي) فرحب بنا وجاءنا بالشاهي المصري (الثقيل) ولم استطع شربه لثقله, فذهب بنا الحديث في أحوال المسلمين وما يعانونه من التفرق والتشرذم, فبادر المصري وقال: لوكانوا (صوفية) كلهم ما حصل هذا التفرق ولكانوا أمة واحدة كما كانوا في السابق, فقلت له يبدو أنك ملم بالصوفية والتصوف, وأصول مذاهبهم, فاشرح لنا مذهبك الصوفي,قال مذهبنا ماوقر في القلب وصدقه اتباع الشيوخ,فعرفت أنه ليس من النوع الذي ينفع النقاش معه. ورأيت من هذا الشاب تعصبا,وغلوا من وحدة الوجود وغيرها من الحماقات التي كنت أتوقع أنها لم تعد موجودة بهذا القدر بين شباب اليوم, ولكنني فوجئت بمالم يكن في الحسبان,والله المستعان, وحمدت الله أن هذا النوع لم يكن موجودا في القبائل السوقية, أو على الأقل لم أطلع فيهم على هذا النوع من الغلو, وأنا أسميها اجتهادا مني صوفية(العجم),ولم أنف أن تكون الوثنية قديمة في العرب, ولكنهم أخذوها بتقليد العجم, وأول تغيير حصل لدين إبراهيم كان بسبب عمرو بن لحي سيد خزاعة, والذي رأى أهل الشام من الصابئة (العجم) وغيرهم يعبدون الأصنام, فأعجبه فعلهم وجاء بالوثنية إلى العرب. |
غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 09-02-2012 الساعة 08:10 PM
|
08-02-2012, 07:34 AM | #72 | |||||||||
مراقب القسم الإسلامي
|
رد: فصول من حياتي
أخي الأستاذ السوقي الخرجي ، تقبل الله منا ومنك صالح الأعمال ، ما زلنا نتابع ونستفيد ، وقد اخترت ضمير المتكلم ومعه غيره ليقيني بمتابعة غيري واستمتاعه مثلي بهذه المواقف والمقامات التي ما زالت تردنا منك في هذه الفصول من حياتك الطيبة المباركة.
|
|||||||||
l |
08-05-2012, 02:24 PM | #73 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
أشكر الشيخ أداس على مروره الطيب الكريم وجزاك الله خير الجزاء.
|
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 08-24-2012 الساعة 11:05 PM
|
08-05-2012, 02:46 PM | #74 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
معاناتي:
ومن المعاناة التي اعترضت سبيلي في هذه السنوات مسألة السفر والتذاكر, وكانت معاناتي فيها ذات وجوه كثيرة فعلى الرغم من أن أغلب هذه التذاكر كان من نفقتي الخاصة إلا أن أشد ماعانيته وقاسيته كان بسبب الخطوط حيث أنني أبحث عن الرخيص, وآكل (المقالب) في كل سفرة ولكنني بقيت فترة على هذه الحالة, وكنت في كثير من المرات آخذ التذكرة من مكاتب سياحية ليست من الوكالات الرسمية. ولكنني صحوت أخيرا بعد ما فات الأوان, وفي إحدى هذه المرات قال لي بعض الإخوة إن الخطوط السودانية أرخص وأكثر اهتماما بالركاب, فقطعت التذكرة منها, ومرت رحلة الذهاب بسهولة ويسر, وقبل مغادرتي إلى البادية جئت مكتب الخطوط السودانية في عاصمة النيجر (نيامي) لأوكد الحجز, فقالوا لي الأمر سهل واصل رحلة البادية وإذارجعت فسوف نقوم بتأكيد الحجز الأمر في غاية البساطة, فصدقتهم, ولم أدرأنهم ينوون غير ما يبدون لي فذهبت إلى البادية ورجعت بعد شهر وظللت أسبوعين وأنا أتردد إليهم لأوكد الحجز وباءت محاولاتي كلها بالفشل. فقررت تركهم وقطع تذكرة أخرى من الخطوط (الليبية) بسبب أولادي في السعودية, وموضوع دراستهم, ولكن المشكلة هذه المرة كانت أشد حيث أنني أخذت التذكرة من إحدى الوكالات في العاصمة عن طريق رجل أعرفه, ولا أتوقع إطلاقاأنه ينوي غدرا واباقا,فأخذت تذكرتي, وانتظرت رحلتي, فجاء موعد الرحلة وانطلقنا إلى طرابلس,ووصلنا في حدود الساعة التاسعة صباحا, وقالوا رحلة جدة في المساء فانتظرنا في المطار, حتى جاء موعد الرحلة, ونادوا زملائي,واحدا واحدا,إلا أنا ومجموعة معي فقلت لعلهم نسونا فذهبت إلى موظف الخطوط لأذكّره, فنظرإلى تذكرتي وقال لي بالحرف الواحد,أنت وجماعتك عندكم مشكلة في تذاكركم انتظروا(نشوف لكم حل) قالها باللهجة الليبية,فانتظرنا ماشاء الله أن ننتظرثم قررنا الذهاب إلى أي مسئول في المطار لإبلاغه بهذه الورطة, وأثناء البحث لقيت رجلا عسكريا عليه (نجمة وتاج) فاستوقفته وقصصت عليه القصة ورأيت فيه تجاوبا كبيرا, وقال: (لازم الخطوط يدبروكم)فأخذنا إلى الخطوط وتكلم عليهم وقال لهم دبروهم هذه مسئوليتكم, فجاء الفرج وأخذونا إلى فندق قريب من فندق (المهاري) في طرابلس,وجلسنا فيه على نفقة الخطوط أسبوعا كاملا ولم أخلد إلى الحزن واليأس بل قمت باستغلال هذه الفرصة لزيارة بعض الجماعة الساكنين في العاصمة طرابلس, وذهبت إلى البحر وإلى الأماكن السياحية فيها, وزرت بعض مساجد طرابلس, وصليت في أحد المساجد الكبيرة فيها. ومما سجلته ذاكرتي أنني رأيت مايخالف ما كنت أسمعه أو أتوقعه, حيث أنني أسمع كثيرا حكايات عن القذافي وأنه يغير القرآن ولا يحب الدين وغيرذلك , ولكنني وجدت في البلد إقبالا على حلقات تحفيظ القرآن يملأ العين, ويبطل هذا الكلام وخرجت من طرابلس بانطباع مختلف . وبعد أسبوع أخذونا إلى المطار, ورجعنا ادراجنا إلى النيجر, وكانت المشكلة تكمن في خط سيرنا والذي ينطلق من نيامي إلى طرابلس, ومن طرابلس إلى عمان ومنها إلى جدة, فتبين لناعدم وجود (الأوكي) ما بين (عمان) و(جدة) في التذكرة, وهذا سبب كل ما حصل لنا, ورجعنا إلى (نيامي) واتفقت أنا وزملائي إلى الذهاب إلى الوكالة التي أصدرت التذكرة ,ومحاسبة المسئول عن ما حصل ولكنه جاءني في البيت ودفع لي المبلغ كاملا, ولا أدري عن رفاقي ماذا فعل الله بهم. وقلت في نفسي أرتاح ليوم أويومين ثم أذهب إلى الخطوط المغربية لأنها أضمن وأقطع منها التذكرة, إذجاءني بعض الإخوة الذين يقلقهم وضعي, وأخبرني بأنني إذا ذهبت إلى مدينة (كانو) في (نيجريا) فسوف أستفيد من تذكرتي السودانية التي سببت لي كل هذه المشاكل والمتاعب, فقلت له هل يمكن أن أتعامل مع الخطوط السودانية مرة أخرى, فقال اترك عنك هذا الكلام, وابحث عن مصلحتك, فلاتجمع بين التأخر عن المدارس, وخسارة التذكرة, فقبلت رأيه على مضض, لأن المسافة بعيدة وتزيد عن الف وخمس مأئة كيلو وقلت في نفسي (مكره أخاك لابطل) أحبابنا النحاة يستدلون بهذا المثل وغيره على أن قصر أب وأخ وحم على الألف مطلقا أشهر من استعمالها منقوصة أي محذوفة اللامات معربة على الأحرف الصحيحة بالحركات الظاهرة وهنا يهمني ما يهم أهل اللغة من هذا المثل لا النحاة, حيث إن رحلتي إلى (نيجريا) ليست خياري المفضل وإنما أكرهت عليها إكراها, فقررت الذهاب إلى (كانو) في رحلة متعبة,للنفس وللجيب تمتد ليومين,ولم أر في حياتي رحلة أصعب علي منها, فلا أعرف كلامهم, ولايعرفون ما أقول, ووجدت نفسي وكأنني طفل صغير, لايثق بأحد ,ويتوقع الأذى من أي شيء,وقد كتبت بعض الكلمات باللغة (الهوساوية) لأستفيد منها عند الضرورة, فضاعت الورقة مني, وأكثر المعاناة مع الباعة حيث أنني أحتاج إلى وسيلة تفاهم بيني وبينهم, ولا يوجد معي مترجم,فأطلب حاجتي بالإشارة إليها, وأعطيهم ما عندي من النقود بالعملة النيجيرية(نيرا) فيأخذون ما يشاؤون ويرجعون لي الباقي, وهكذا إلى أن وصلت إلى (كانو) في الساعة الثانية ليلا, فاستجرت دراجة نارية بسواق, وذهبت إلى المكان الذي أريده فوصلت إليه بعد الإياس, والتعب الشديد, وكانت أشد رحلة مرت علي في حياتي كما مر. وفي الصباح الباكر ذهبت إلى الخطوط السودانية, وأكدوا لي الحجز, وبعد يومين وصلنا إلى جدة, وكنت قد كتبت أبياتا من الرجزسجلت فيها عاطفتي السخطية تجاه الخطوط السودانية, وهي: خطوط سودان غدت منهارة = شن عليها البؤس كل غارة فقد أقامت عندها سوق الكذب= متاعها الفوضى وكثرة اللعب أظنها من بعد عام قد مضى = قد ذهب التخليط فيها وانقضى وإذ بها على نطاق واسع = تقول أشيا لم تكن في الواقع وكان لابد من النصيحة = بلغة واضحة صريحة غايتها أن يعلنوا الإفلاسا = لخطهم لكي يريحوا الناسا ويذهبوا للبحر أو سيارة = وإن غلت نادوا على حمارة أماخطوط الجو منهم لاتليق = تنظيمها أعز من بيض الأنوق فالجو ليس مثل مضغ الفول = أو كثرة النوم لدى المقيل وقد ظننت في ليال سابقة = أنكم أولى من الأفارقة في الاحترام وكذا حفظ العهود = وإذ بوضعكم جميعا ما يفيد فأعلنوا بيع الخطوط في المزاد هنئتموا ولو بكف من رماد |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 08-24-2012 الساعة 11:06 PM
|
08-29-2012, 09:32 PM | #75 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
ومن هذه المعاناة: أنني في إحدى رحلاتي إلى الدعوة وزيارة الوالد,وتقديم بعض المساعدات التي أرسلها معي بعض الإخوة في السعودية إلى إحدى القبائل السوقية التي لجئت إلى دولة (النيجر) عام 1416هجري بعد المجزرة التي ارتكبها الجيش (المالي) برجال ونساء هذه القبيلة وغيرها من القبائل الطارقية في كل من (غاوا) و(تنبكتو), فقد رأيت من هذه الرحلة عدة معاناة,علقت بذهني وأتذكر تفاصيلها بدقة, لأنها كلفتني جهدا بدنيا وماليا كبيرا, فقد انطلقت من عاصمة (النيجر) ومعي كمية كبيرة من الأدوية, ومبلغ من المال في رحلة شاقة كان آخر عهدنا فيها بالسيارات قرية (آيروا) وهي قرية من قرى شمال (النيجر) تقع في الساحل الشرقي للنهر, ومنها انطلقنا أنا ورفاقي , وهم الشيخ عثمان بن ألاغ , ومحمد بن ذو الكفل , وظملولي بن محمد ومحمد بن انادبال في رحلة برية بدائية بكل معاني هذه المفردة عن طريق المراكب الصحراوية وقد آثرني فيها الأخ الفاضل محمدُ بن ذو الكفل, بجمله, وكانت معنا في الرحلة قافلة من حمير عليها أحمال ثقال من حبوب الأرز, والدخن, ومقصدنا واحد, وفي أثناء الانطلاقة الأولى قبل أن نبعد كثيرا عن المدن, استقبلتنا سحابة صادقة بدأت بسنا برق يذهب بالأبصار, وثنت بماء يجري كالأنهار, فتذكرت قول الشاعر:
هطلتنا السماء هطلاً دراكا ... عارض المرزمان فيه السماكا فلم تمهلنا للملمة أغراضنا, ولايوجد مكان أوبيوت بقرب منا نأوي إليها حتى تنجلي هذه السحابة ويغيض ماؤها, فلم نجد غير الهواء الطلق,ملاذا من الماء الذي طغى واستمر لفترة ليست بالقصيرة, فلم يبق لنا شيء لم يتضرر جراء هذا المطر, وأصبحنا في نهر من الماء يجري عن أيماننا وشمائلنا, ومن تحتنا أيضا, فننام على الماء ونمشي عليها فصدق علينا قول الشاعر:قلت للبرق إذ توقد فيها ... يا زناد السماء من أوراكا أحبيباً نأيته فجفاً كا ... فهوذا العارض الذي أبكاكا قالت ودمع أخي العشاق يتبعها أنا الغريق فما خوفي من البلل واستمرت هاته الحال بنا لمدة يومين, إلى أن انجلت الغمة, وزال الضرر, وأصبت أثناء السفر بحمى شديدة وحالة غثيان وترجيع جراء هذه الظروف الصعبة, فأتحسن يوما, وتزيد علي الحمى يوما, ولكننا مع ذلك غذينا السير, وواصلنا الرحلة رغم هذه المتاعب, ووصلنا إلى الحي الذي قصدناه, بعد أسبوع من خوض غمار تلك الأودية, فأدينا الأمانة, وزرت بعض الأقارب سواء في النيجر أو في مالي, وبعد أشهر رجعت إلى (نيامي) عاصمة النيجر, وفي أثناء الطريق فقدت (جواز سفري) ولا يخفى ما يعنيه جواز السفر, للمقيم في السعودية, لأن فيه التأشيرة, وبيانات مهمة, تتعلق بالإقامة, فأعلنت عن فقدانه, في (مخفر الشرطة) القريب من مكان فقدانه, وجئت بالإعلان إلى السفارة السعودية في النيجر, فرفضوا إعطاء التأشيرة لي, وجلست على تلك الحالة شهرا كاملا إلى أن يسر الله الأمر وحده, ثم انطلقنا في الخطوط المغربية إلى (جدة) ومررنا بالقاهرة, وجلسنا في المطار لمدة أربع ساعات, ثم واصلنا الرحلة إلى (جدة) وأثناء إقلاع الطائرة شبت نار في إحدى محركات الطائرة, وصارت الدنيا كلها دخان ونار, وبدأت الفوضى تدب في الركاب, وانتشر الخوف والهلع في النفوس, وبلغت القلوب الحناجر, وارتفع صوت النحيب والبكاء بين النساء والأطفال, وكان موقفا صعبا, ولحظات مرت بسرعة البرق, لكنها مخيفة ومهولة, وبعد أقل من ربع ساعة هبطت الطيارة في مدرج المطار بسلام, وكاد البعض من الركاب أن يقفز من متن الطائرة إلى الأرض, من شدة الخوف والهلع ونشرهذا الحادث في الجرائد وتداوله الناس, وقد صورت هذه الرحلة في أبيات هي: حين جاء الموت لايغني الحذر... هل رأيت المرء ينجو من قدر كم ثبيت قد تخلى ذي الدنا ... راحلا عنها ولم يقض الوطر وفجاه الموت في ريعانه ...... حين لايجديه كر لا وفر سائلي اسمع قضايا رحلتي... فهي حفت بالدواهي والعبر وتذكر واعتبر من شأنها ... إنها تنسي الملاهي والسمر قدذهبنا من مطار (جدة) ... آخر الليل وفي وقت السحر فوصلنا بعد جهد وعنى ... أرض قومي بعدما طال السفر لا تسل عما دهاني من هنى .. عندما عاينت في تلك الصور صور الأحباب والأعمام مع ......إخوة عهدي بهم وقت الصغر تارة نسبح في لج الهنا ..... فنفض الختم فيها عن درر لاترى جهمي قول بيننا ... لاولا من قد رموهم بالقدر كهذا الشغل وهذا قومنا ... هم هداة الغرب من عهد غبر ثم عدنا (لنيامي) رافلا ... في ملا شوق وحب يستتر فقدنا (شنطة) مصحوبة .... (بجوازي) ووثائق أخر لاتسل عما دهاني وقتها ... من هموم وغموم وسهر والسفير ازور عني هازئا ... عندما بلغته كنه الخبر فاستعنت الله في تسخيره ... فدعاني سامحا لي بالسفر فركبنا بعدذا طائرة ..... صوتها يرتج ثقلا من بشر فلحظنا وهي في جو السما... هزة قد أنذرتنا بالخطر لاترى غير نحيب وبكا ..... فرقا من هول نار تستعر ولهيب قد تسامى في الهوى .. وضرام قد تمادى واستمر تجد الناس وقوفا خضعا ... خيفة من هول قد حضر وهبطنا بعد هذا بسلام ..... قد وقانا الله منها كل شر[/size][/FONT] |
|
08-30-2012, 04:57 PM | #76 |
|
رد: فصول من حياتي
مذكرات جميله ورائعه حقا قلما تجد من هو يدونها وخاصة في مجمتعنا بكل صراحه وامانة الله يحفظك ويرعاك مازلنا من المتابعين لباقي الفصول او المذكرات استمعت كثيرا والله خاصة عندما وصلت قصة المخ تحيتي اخي الاديب الكبير السوقي الخرجي
|
سوقي وأعتز شامخ الراس مايهنز أشوف المدينه ويضيع قلبي ويفز
|
09-02-2012, 08:19 PM | #78 |
مراقب عام القسم الأدبي
|
رد: فصول من حياتي
ومن هذه المواقف: الدعوية التي مرت علي في طريق الدعوة, أنني جئت إلى حينا في إحدى المرات, وجمعت عددا من الشباب لنقيم دورة في الحي وصادف ذلك أن وفدا من (جماعة التبليغ) قد سبقنا إلى الحي, ونزلوا في المسجد الجامع الذي من المنتظر أن يكون محل دورتنا, فذهبت إليهم, وطلبت منهم أن يكون برنامجنا واحدا بحيث تكون دورتنا في النهار, ويكون برنامجهم, الوعظي بعد المغرب إلى العشاء, فوافقوا, ولاحظت,أنهم لم يعتادوا على هذه التوأمة بينهم وبين بعض دعاتنا, وقد احتد النقاش بيني وبينهم في موضوع الضيافة, والتي رفضوها في البداية, وذكرت لهم أن ذلك مخالف للسنة, والعرف العام, وأنتم من تسعون دائما إلى تجنب ما يخالف أعراف الناس, والناس هنا يرون عدم قبول الضيافة نوع من أنواع الأذى,وسبيل إلى ظن السوء ودليلهم على ذلك أن الملائكة عندما امتنعوا عن أكل ضيافة إبراهيم عليه السلام, (أوجس منهم خيفة) فطمئنوه وقالوا له (لاتخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط).
فوافقوا على جميع ما طلبنا منهم, فكانت فعلا دورة استفاد منها الناس, ومن الأشياء التي نقدتها عليهم في أثناء الدورة التركيز على الأمور الآتية: 1- نقد علماء البلد في عدم الذهاب إلى الناس ليعلموهم. 2- عدم تعليم النساء. 3- التركيز على أن علماء البلد تركوا واجبهم الديني إلى غير ذلك من الأمور التي نسيت بعضها. وهذه الأمور تخالف منهجهم حسب ما سمعت منهم , وأرى أن السبب في ذلك يرجع إلى كونهم من أهل البلد وليس من بينهم أحد من الخارج, وفيهم من (السنغاي) و(قابروا) والعرب الماليين عدد, وهذا ما جعلهم يركزون على العلماء السوقيين لمعرفتهم بهم. وبعد انتهاء الدروة المشتركة, استأذنت الضيوف بكلمة أعتذر فيها عن علماء البلد في عدم تمكنهم من القيام بجميع مهام التعليم في البلاد, ومما ذكرت حينها أن جميع البلدان تضع رواتب أو أعطيات أو سموها ماشئتم, تحفظ كرامة العلماء وترتب أمر الوظائف الدينية فيهم غير دولة (مالي), فإنها لم تخصص شيئا وليست فيها جهة تشرف على ذلك, فبقي أن الدور الذي يقوم به العلماء السوقيون من القضاء والإفتاء إنما هو بسبب اهتمامهم بهذا الأمر لاعلى أن هناك من يهتم بهم ,أو يتابع أمور الدين في قراهم , وكان حالهم في السابق أيام السلطنات الطارقية, أفضل بكثير من حالهم الراهنة, حيث أنهم في السابق هم المرجعية الدينية في طول البلاد وعرضها, والآن القانون المدني ومرافعاته هوالذي يجري التحاكم إليه. وذكرت لهم أن التعليم العربي مهمش وغير مخدوم, ويستوي في ذلك الرجال والنساء. وأما موضوع تقاعس العلماء عن تعليم الناس أمر دينهم فذكرت لهم أني معكم في ضرورة طرح الموضوع لكنني أختلف معكم في التمثيل حيث إنهم مثلوا العالم بـ(البئر), وأن العالم لايليق به أن يكون مثل البئر لايستفاد منه إلا بواسطة دلو وحبل وجهد, فالعالم ينبغي أن يكون مثل القمر يضيء لمن يسري ومن كان لايسري. فذكرت لهم قول ابن عباس لزيد بن ثابت أن العلم يؤتى ولاياتي, وكذلك قال مالك للخليفة هارون الرشيد لما طلب منه أن يأتيه مالك ليسمع منه الحديث وضربت لهم أمثلة كقصة موسى عليه السلام وذهابه إلى الخضر وهو أفضل منه ليأخذ عنه وغيرذلك, ولا أدعي أنهم كانوا معي في كل ماقلته ولكنهم كانوا مستمعين جيدين على قدر كبير من الخلق والأدب. ومن هذه المعاناة رحلتي في الصحراء للتحضير لدورة (ابنغ املان) التي كانت في 1/6/ 1423هجرية, وقد عانيت فيها الكثير بسبب التنقل بين المدن والصحراء لجمع الشريحة المستهدفة لإقامة الدورة, ولاننسى أن الوقت صادف موسم هطول الأمطار, وقد تحدثت في أبيات من الرجز عن كل هذه الرحلات وتفاصيلها, بشكل غير ممل, ولامخل إن شاء الله, وهذا ماقلته: يامعتنى برحلتي (لمالي) = وما تحقق من الآمال اسمع هديت الرشد في المآل= وفزت في مستقبل والحال قول أخ يركب متن الرجز = إن قال وفاك بوعد منجز فهاك قصتي وتبدا بالمطار= وفي الرياض انطلقت بدأ النهار يصحبني إلى المطار المهتدي = أكرم به في الغيب أو في المشهد وثنين (ببكر) الشهم النبيل = أكرم بنت نبعه فهو أصيل والحال أنني قصدت الطائرة = في ساعة بوبل هم ماطرة يقال إنها (خطوط) الحبشة = ورحلتي في البدإ كانت منعشة عكرها الهبوط والنزول = بكثرة والشرح قد يطول وفي مطار بلدي البئيس = قابلتي فور وصولي (سيسي) وقادني لبيته غير بعيد = من المطار وهو عين ما أريد وقد رسمت عنده اللوحات = وذاك من أهم واجباتي ثم حثثت السير نحو (نيجر) = وهي أرض فيه بعض معشر وبعد اسبوع تركت أرضها = وجوها وبرها وبحرها في رحلة إلى بلاد (تيسي) = وصحبة من الأخ الأنيس أعني به شقيقنا سفيانا = من همه الدعوة حيث كانا نؤم حي والدي المكرم = فلا تسل عن فرحة المتيم وقد تجاذبنا معا نقاشا = قد جلب الفرحة وانتعاشا منها مشاركته في (الدورة) = قال (موافق) ولو من ساعتي بعد وصول غايتي رجعت = إلى (نيامي) عاجلا فقلتُ رحلة (نيامي). ياإخوتي ياقوم هل من مبلغ = مني إلى من في ربا (تن أغغ) من أننا وصلنا في أمان = دون زيادة ولا نفصان وأننا قصدنا ذات (الحطب) = وكم قضينا عندها من أرب وقد تنا قشنا بها (تكوسا) = هزت لها جماعتي الرؤوسا فجاءنا الأخ الأنيس (أجديد) =بجفرة وافق فيها ما نريد وقد تولى شأنها الأمير = وهو بكل ثقة جدير لم أنس فضل الود أعني أجديد= وكان في أعماله أي مجيد ثم اذكرن من بعده سفيانا = يعرف بالإرشاد حيث كانا وهو الذي قد حث في نصب الأمير= لكنه شاغب في طول المسير ونقض البيعة مستبدا = برأيه وكم نفى وردا فنزلت عقوبة مريرة = فانكسرت اصبعه الصغيرة ولم يزل بين اعتلال وأنين =لأنه خالف ما قال المكين ليس له في الصحب من مشارك= في رأيه سوى الفتى المبارك فإنه ساعده وسانده = ولم يطع أميرنا بل عانده وإن أردت أصدق الرجال = في طاعة الأمير وامتثال فابدأ منوها بعبد القادر = وكان للأمير أي ناصر وسجلت على الأمير هفوات = جمعها سفيان عنه من شتات أهمها تجاوز المال الذلال = بأمره والحق ياقومي يقال رحلة بنكلاري ياقوم هاكم موجز الأخبار = يبدي لكم رحلة بنكلاري قد انطلقنا بعد حل النافلة = مع نجوم لم تكن بالآفلة في وسطهم أخو الوفا سعود = أكرم به من قائد يقود فهو الذي سبق كل الناس = ودعم المكتب من أساس ونشر الدعوة في جل البلاد =في مالي أو في نيجر أو في تشاد وأسس الشيخ لنا نظاما = أما علي فاختاره إماما والخال عبد الله نجل موسى = فقد نصبناه لنا رئيسا فهو الذي قام لنا بالترجمة = لأننا صرنا صخورا معجمة لا تنس عبد الله أعني بابكر = أحبه لأجل عهد قد غبر تراه دوما جاثيا يناقش = وسهمه في العلم سهم رائش نقاشه اتسم بالمرونه =ولم تكن في طبعه الخشونه لكنه اصر في عزل الأمير = وكان ذا رجاؤه طول المسير خرّجت ذا بأحسن المخارج = كي لايرى في صف كل خارجي رحلتي مع أبي عادل. واذكر أبا عادل لاتنساه = وقاه من أذى العدا مولاه وإن تشا عرّفه بالخلق الأتم = وكرم لست أعده بكم وإن ترد مزيد ما أولاه = من نعم فبسمة تغشاه وقد حثثنا السير بعد الفجر =موقعنا في الباص وسط الصدر وهي كما قيل طراز باني =وبطئها لذمها أغراني وبعدذا انطلقنا نحو الحبشة = لنرشفن ريا ليال منعشه لكنهم قد أخرونا في المطار = وسوفوا وعطلوا طول النهار وأدخلونا وسط بهو الباص =وما لنا في السمع من مناص وأنزلونا بعد ذا في الفندق =لم يك بالراقي ولا بالضيق ثم سألت عن مكان المطعم = وقد نبست بكلام مبهم وقالوا حدثنا بغير العرب = وفتشن لفهمنا كل خبيئ فقلت لابد من الإشارة =فابتسمت طلائع البشارة وإن أردت الفصل عن تلك الخطوط =وما رأيت عندها من الضغوط راحتها قد مزجت بالعلقم = وسمها يكمن وسط الدسم وهي في رحلتها مثل القطار = فكم هبوط وصعود ومطار وبعد ذا أهم ما في الحبش =فقط أخي زيادة في العفش |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 09-05-2012 الساعة 09:47 PM
|
09-27-2012, 01:02 AM | #79 | |||||||||
|
رد: فصول من حياتي
ما زالت سيرتك عطرة، تفوح حكما، وعبرا.
وأسلوبك الدعوي عظيم، أعجبني... بارك الله فيك، وحفظك. |
|||||||||
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10) | |
|
|