|
منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
307. الخضر / المحمود بن حماد الإدريسي التبورقي السوقي
307. الخضر / المحمود بن حماد الإدريسي التبورقي السوقي :
هو الشيخ المحمود ويعرف أيضا باسم الخضر بن حماد بن مُحمد بضم الدال ـ ابن مَحمدْ بفتح الميم وسكون الدال ـ ابن سيدي بو بكر ننتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) . ترجم له الشيخ العتيق فقال : ترجمته قبل اشتغالي بتراجم أصحابه بمدة طويلة وسبب ترجمتي له في ذلك الوقت أنه كتب رسالة سماها " فتح الودود في الرد على مدعي الروية ووحدة الوجود " فوصلت إلى بعض إخواننا وأراد أن يطبعها فأرسل إلي صحاب الرسالة يأمره بأن يرسل إليه ترجمته لتطبع مع الرسالة فولاني ذلك وذكر لي شيئا من أحواله التي لم أشاهدها بعضها لصغري وبعضها لأنها سبقت وجودي ، فلما فرغت منها عرضتها عليه وسلمها وهي هذه : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله تعالى على محمد وآله وصحبه وسلم التعريف بمؤلف " فتح الودود في الرد على مدعي الرؤية ووحدة الوجود بقلم تلميذه وابن عمه محمد العتيق بن الشيخ سعد الدين رحم الله الجميع هو تاج العلماء العاملين وقطب دائرة العارفين ، مربي السالكين ، ومراقي الواصلين ، زين المحافل والمجالس ، ومرآة المناظرين وأهل المدارس . نسبه : هو الشيخ المحمود ويعرف أيضا باسم الخضر بن الشيخ الشهير المجدد في القرن الرابع عش رالهجري حماد بن مُحمد بضم الدال ـ ابن مَحمدْ بفتح الميم وسكون الدال ـ ابن سيدي بو بكر بن القاري بن أكَّايَّ بن محمد بن إنْكِلَّ بن محمد بن آمن بن على بن يحي بن إبراهيم الدغوغي بلدا المراكشي إقليما . وأمه زينب بنت محمد محمود بن محمد المختار بن محمد أحمد بن سيدي بو بكر ، يجتمع أبواه في الجد الثاني لأبيه ، وأم أبيه زينب بنت عبد الرحمن من بطن أبناء عمهم أهل تَكَلَلْتْ ، وأم جده من بطن العلويين الأدرعيين ، وأم جده الثاني أنصارية ، وسائر أمهاته وأمهات آبائه وأجداده إما فهرية أو إنصارية وإحياء عشيرته وعشائر أمهاته كما قال بعض شعرائهم : بعضنا فهري جد والسوى خزجي الجزر محمود النسب فمعادنه من جميع جهاته معادن خير . مولده ولد عام إحد وثلاثين وثلاث مائة وألف 1331هـ ومولده المكاني ووطنه ووطن أسلافه الأدنين أعمال كَاوَ التي هي مجالات قومه تارة في الساحل الشرقي ، وتارة في الغربي الغالب من استيطان أسلافه محل قريب من هضبة تُنْدَبِ على حافة نهر النيجر بين كَاوَ وبُرَمْ يعرف باسم تَبُورَقْ نزله جده الثاني في أوائل القرن الثالث عشر الهجري بعد ما لبث مدة في مجالات أهله الصحراوية ، فسكن هو وأهله في ذلك المنزل واتخذوه مقرا في الشتاء والصيف وإذا جاء زمن الأمطار انتجعوا الصحاري الشرقية لنهر النيجر أو الغربية له ، ثم رجعوا وقت الشتاء إلى موضعهم المسمى باسم تَبُرَقْ فنسبوا إليه ولزمهم الانتساب إليه إلى الآن ، ثم غيروا ذلك الوطن وملازمته ، فصاروا يجولون في الصحاري الشرقية يتخيرون ماشاءوا من المنازل ولا يضبطهم بلد معين ، ولكن لا يبعدون عن قرية كَاوَ أكثر من يومين ، ولهم شديد اتصال بها وهي مركزهم الكومي . أسرته : أسرته ثوم من الأشراف الدغوغين انتقل أسلافهم من بلاد بني عمهم في المغرب الأقصى إلى بلاد الصحراء التي تحكم عليها كَاوَ في الوقت الحاضر ، وجدهم الجامع لبطونهم علي بن يحي بن إبراهيم الدغوغي الشهير ، وأسرته هي العاصمة العلمية في بلاد كَاوَ ، ويرحل إليهم كل راغب في العلم ، ولا يرحلون في طلب العلم إلى من سواهم ممن يقربهم ، ويجلبون الكتب من الأفاق على وجه الشراء ، وهم أسرة طاهرة ممتازة في العلوم والمعارف ، ومشهورة بالفضل والصلاح من أول دخول أسلافهم للوطن الذي صاروا إليه من بلاد كّاوَ إلى وقتنا ، ويعترفون لهم كل من يعرفهم بشرف النسبة وكونهم من أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كما يعترفون لهم بمزايا لا توجد في غيرهم كوجود إخوة أشقاء كلهم فائق في العلم وكوجود عالم مشهور بالعلم والفضل كشهرة أبيه وجده وأعمامه وأعمام أبيه وأولاد إخوته وأولاد أعمامه ، ويتعجب الناس من تسلسل تلك الاتفاقية فيهم وككثرة حملة القرآن والعلمة بالعلم فيهم ، وككونهم يعتادون أن يختم الصبي منهم القرآن وهو ابن ثمان سنين وإذا أتم العاشرة ولم يختم القرآن عد بليدا وإذا بلغ خمسة عشرة عاما ولم يتخرج في علم النحو لم يعد من النبلاء ولم يشاركهم في تلك الخصوصية من أهل بلادهم إلا من يشاركهم في الأجداد بالأمهات كالأنصار الأيوبين واليعقوبين والعلويين الأدرعين المشهورين بأبناء الثمانية ، ومن سوى هؤلاء قل أن يستظهر صبيهم القرآن وأن يتخرج في النحو وهو في سن الصبا ، ومن مزاياهم الإعراض عن المناصب الدنيوية مع استحقاقهم الرغبة عن مخالطة السلاطين مع احترام أهل السلطنة لهم وتوقيرهم إياهم وحرصهم على مخالطتهم ، ومن مزاياهم الجمع بين اتقان سائر الفنون وبين حفظ المال وحسن القيام به والاستغناء عن الناس بتدبير ما في أيديهم فكان أمرهم مقصورا على عبادة ربهم لا يتعلمون من الفنون إلا ما يتعبدون بالعمل به وما يتوصولون به إلى فهم مقاصد الشريعة والتمكن من اللغة العربية ولا يقتنون من الأموال إلا ما يستعينون به على ما هم فيه من العبادة والتعلم ، ويكفون به وجوههم عن التعرض إلى ما في أيدي الناس وينفقونه في المكارم كصلة الرحم وقرى الضيف وإعانة المستعين وإغاثة الملهوف وإيتاء حق اليتيم والمسكين وغير ذلك من أنواع البر ولا ينافسون أبناء الدنيا في متاعها وزينتها ولا في مناصبها الفانية كان ذلك سيرة لهم منذ قرون ، ثم ظهر فيهم في أوائل القرن الرابع عشر الهجري شيخ شيوخنا أحد المجددين والد الشيخ المترجم له فتمم ما أسسوا من مكارم الأخلاق كما أتم النبي صلى الله عليه وسلم ما أدرك من مكارم الأخلاق في قريش ، فلما ظهر ذلك الشيخ وتمكن فيما لم يتمكن فيه من قبله من أسباب الترقي والتقدم ، قادهم إلى المعالي وترقى بهم في العلوم والمعارف والمكارم فصاروا غرة دهرهم وقطب دائرة المعارف في قطرهم فنشأ فيهم الشيخ صاحب الترجمة وهم على تلك الحالة فأخذ عن كبراء علمائهم .شيوخيه وكيفية أخذه للعلوم : لما بلغ من العمر خمس سنين وخمسة أشهر أخذ في التعلم كما هو عادة قومه ، وسلمه والده إلى ابن عمه الشيخ سعد الدين بن محمد الأمين فابتداء بتعليمه من تلقين حروف التهجي إلى أن ختم القرآن ، ومكث في قراءة القرآن وحفظه وتجويد تلاوته ثلاث سنين ثم لم ينسه بعد ذلك . ولما رسخ الكتاب العزيز في حافظته أقرأه باب العقائد من رسالة الشيخ السلفي السني محمد بن أبي زيد القيرواني ، ثم أخذ في تعلميه في فن النحو فأقرأه المقدمة الآجرومية على طريق أشياخنا المعهودة من تدريب التلميذ أولا على معرفة الفرق بين ما يسمى في اصطلاحهم النحويين كلاما وما لا ، والفرق بن الاسم والفعل والحرف ، ومعرفة علامات كل منها ويدربونه على ما ذكر ما دام يقرأ باب الكلام ، ثم تدريبه ثانيا إذا قرأ باب الإعراب ، وباب معرفة علاماته على معرفة علامات الإعراب وتقسيمها بين المعربات ، وتوقيمه على إعراب المُثل والشواهد كلمة كلمة حتى لا يحتاج الطالب بعد الفراغ من تلك التدريبات إلى من يعرب له الكلمة إلا في النادر ، ثم لما فرغ من قراءة المقدمة المذكورة أقرأه قطر الندى لابن هشام ، ثم ألفية ابن مالك ، ثم لامية الأفعال له ثم ثلاثة أرباع من كافيته ، وأخذ الربع الآخر عن خاله مُحمدُ ـ بضم الميم والدال دائما ـ وأخذ مقامات الحريري عن خاليه محمد أحمد المعروف بآيّدْ ومُحمدْ ـ بضم الميم وسكون الدال دائما ـ وهو أبو الموفق ، ومحمد إبراهيم ، والأخوة الثلاثة بنوا محمد محمود بن محمد المختار ، وهم أشقاء أمه والشيخ السعيد الذي هو شيخه الأول ابن عمهم الأدنى يجتمعون معه في الجد الأقرب ، وعلى أخواله هؤلاء مدار أخذه للعلم في الصغر وهم المعتنون بحمله على التعلم في المنشط والمكسل ، ولما شب وذاق حلاوة التعلم ونشط إليه من غير منشط وبرع في علم النحو تاقت نفسه إلى قراءة علم البيان الذي هو ثمرة علم النحو وإلى قراءة علم المنطق فأخذ تلخيص المفتاح للقزويني والسلم المرونق للأخضري عن خاله شيخ الشيوخ مُحمدْ ـ بضم الميم وسكون الدال ، ثم شرع في التفقه فأخذ عن خاله المذكور آنفا كفاية الطالب الرباني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ، وأبواب الطهارة من مختصر خليل ، وأخذ عن الشيخ حمزة بن أحمد من أهل إسَكَنْ أبوابا من الربع الثاني منه ، وأخذ ما بقي من المختصر عن ابن عم أبيه الشيخ الثقة محمد بن نوح ، ثم لما شرع في علم التفسير أخذ النصف الأخير أولا عن خاله الشيخ محمدْ ـ بسكون الدال ـ ثم أخذ تفسير النصف الأول عن الشيخين المفسرين إسماعيل بن محمد الصالح وسعد الدين بن عُمار وهما من أهل تَكَلَلْتْ والشيوخ الثلاثة هم كبار من أخذ التفسير عن الشيخ المفسر محمد الصالح بن محمد يعني والد الشيخ إسماعيل ، وأجازه سعد الدين بن عُمار بما أجازه به شيخه المفسر المسند محمد الصالح والد إسماعيل من كتب الحديث كصحيحي البخاري ومسلم والمأطا والسنن الأربعة وغيرها من مروياته ، وكتب له سند إجازاته ، وأجازه والده الشيخ حماد بن محمدُ في كتب الحديث والتفسير ، وهو أكبر مؤثر في تعلمه لأنه هو الذي يتخير له المعلمين من سائر الفنون التي يقرءها ، ويختار له ما يقرأ من الكتب ويشدد على معلميه في أمر تعليمه ويشدد عليه في التعلم وفي استغراق جميع أوقاته في الطلب حتى لم يترك له طلب العلم من نفسه نصيبا يشتغل بمهماته الدنيوية ، وأما غير المهم مما يشتغل به الصغار فأبعد بعيد أن يتركه متعلقا به ، لم يذق للصبا واللهو طعما في حياة والده بل نشأ في هيئة الكهول وفي أدبهم وأخلاقهم وبذلك استحق الانتصاب للخلافة عن والده وهو في سن الشباب واتفق أهل الحل والعقد من كبار المشائخ على إقامته مقامه وتسليم جميع أمورهم إليه ، ومما أخذه عن والده الورد القادري لقنه إياه وهو ابن ثمان عشر سنة ولما تلقنه عنه وهو مشغول بتحقيق ما حصل من العلوم وتحصيل ما لم يحصل عسر عليه الجمع بين التزام الورد وبين ما هو فيه من مقاساة شدائد الطلب وضبط مقرؤاته وتحقيقها فهم بأن يطلب منه التخفيف في الأوراد التي ألزمه إياها لأنه إما أن يشغله عن الطلب أو يشغله الطلب عنها ، ثم منعته هيبته من توجيه الخطاب إليه فصبر والتزم الجمع بين الورد وطلب العلوم ففتح الله عليه وفاق أقرانه المجردين للطلب في العلوم والمعارف وطويت له المسافات في التعلم واعترف له كبار المشائخ بالسبق في العلوم النقلية والعقلية وفي علوم الحقائق ومصطلحات أهل التصوف وفهم مقاصدهم بأنه حصل ثمرة ما في خزائن قومه من الكتب بواسطة المشائخ والمطالعات ، وحصل له بالإلهام فنون من المعرفة ومن التحقيق زائدة على ما في الكتب ، وحصلت له مخائل جميع ما تحقق فيه بعد الكبر وهو في سن الشباب وفي حياة والده فأظهر والده وشيخه من الفرح بذلك وشكره ما شاء الله وخلع عليه خلعة سنية وأعلن رضاه عنه . وممن أمجازه في كتب الحديث ابن عمه عيسى بن تَحمدُ أجازه بما أجازه به مولاي عبد الرحمن الذي أجازه بما أجازه به الشيخ بايْ بن سيد عمر الكنتي من كتب الحديث ، ثم لقي أوَسُّكْ بن هَلَيْ الكلاّدي وكان ممن أجازه الشيخ بايْ بلا واسطة فأجازه أيضا وكتب له الإجازة وما حمله إلى استجازته إلى الرغبة في علو السند والتبرك بتكثير الشيوخ ، وكتب إلى بعض تلاميذه وهو ابنت عمته الشيخ إسماعيل بن سيد محمد الأنصاري الذي هاجر إلى مكة ثم صار إلى الرياض وكان من أهل دار الإفتاء بها ، ليستجيز له المسندين من علماء الحجاز فأرسل إليه بدفترين مطبوعين أحدهما إجازات الشيخ محمد ياسين له والأخر المسلك الجلي في أسانيد محمد علي . ومن الشيوخ الذين يعدهم من شيوخه من لم يقرأه شيئا من الكتب التي قرأها ولكنه استفاد منهم برسم المباحثة ووالمناظرة في سائر الفنون ما لا تقله ثمرته عن ثمرة ما أخذه برسم الإقراء كالشيخ محمود بن محمد الصالح فإنه ما أقرأه شيئا في أيام صغره وطلبه ولكن استفاد منه بعد الكبر في سائر الفنون ما يعده من أشياخه لأجله ، وكالشيخ حُمَيْدِ بن عبد الرحمن الأنصاري فإنه أخبرني عنه أنه ممن استفاد منه كثيرا من المسائل الفقهية وتبصر بواسطته في صناعة القضاء وتخريج المسائل علىى القواعد ، وكالشيخ محمد الأمين بن هَلَيْ الكلاّدي فإنه باحثه في الفقه واستفاد منه ما لم يزل يشكره ويثني عليه لأجله ، ومن أقرانه من يعدهم من شيوخه لكثرة استفادته منهم كالشيخ عيسى بن تحمدُ ، والشيخ حمَّدَ بن محمد وغيرهما ، وكثير من علماء بلده يعدهم من شيوخه لما استفاد منهم في المناظرات فلا يطاق حصر أولئك لأن كثيرا من أهل الأقطار القريبة منه ما زال علمائهم يفدون على حيه برسم الاستزادة من العلوم فكان يتلقاهم ويفيدهم ويستفيد منهم . وأما ما أخذه من العلوم بالمطالعة من غير إقراء شيخ فكثير فقد كان في أيام قراءته للنحو إذا أخذ كتابا عن الشيخ راجع حواشيه بنفسه وطالعها بالتحقيق والضبط حتى يصير ضبطه لما في الحواشي كضبطه للمتون التي يأخذها عن الشيخ ، فطالع حاشية الصبان على منهج السالك ، وحاشية الخضري على ابن عقيل ، وحاشية يس على التصريح وكتاب المغني لابن هشام ، وحاشية الأمير عليه ، وحاشية المنصف عليه ، وناظر الحذاق في قواعدها ، وأضاف إليها كثيرا من كتب غيرها ، ثم لما أخذ عن شيخه تلخيص المفتاح للقزويني بشرح السعد التفتازاني طالع حاشية البناني عليه حتى حققها وضبطها ، وطالع كتب علم العروض ، وعلم القراءات والتجويد ، وكتب علم الحساب ، وكتب مصطلح الحديث ، وجمع الجوامع لابن السبكي في الأصول ، ثم عرضه على الثقة الفِنّ المتفنن أحمدُ بن الصالح المعروف باسم مَكَّا وهو من أهل تَنْغَ أكْلِ ، وكثيرا من حواشي شروح مختصر خليل كحاشية الدسوقي على الدردير وحاشية العدوي على الخرشي ، وطالع كتب الأصول في المذاهب الأربعة ، وكثيرا من فقهم الفرعي ، وبرع ..... فيما أخذه عن الشيوخ ثم اشتغل بالتصوف فطالع الإحياءللغزالي ، ولطائف المنن للشغراني والعهود المحمدية له وشروح الحكم لابن عطاء الله والكوكب الوقاد للشيخ الختار بن أحمد الكنتي .... وشرح الشيخ المختار على قصيدته التي أولها : شغف الفؤاد بحب ذات الواحد .............................. وهو شرح كبير يتضمن من علوم القوم ومعارفهم ما لا حاجة معه إلى غيره ، وطالع مؤلفات الشيخ سيد محمد بن الشيخ المختار المذكور كجنة المريد والطرائف والتلائد وغيرها حتى تضلع من علوم القوم واصطلاحاتهم وأحاط علما بما ينفردون به عن علماء الظاهر وما ينكره عليهم المنتقد ويتأوله المحب المعتقد ، وما يغمض إدراكه عن القاصر في العلوم ويتضح المقصود فيه لذوي الفهوم ، وميز بين ما هو من القواعد المجمع عليها عندهم وبين ما تنفرد به كل طائفة من طوائفهم من الآداب والأذكار ، وميز بين كلام الأيمة الذين مبنى أمرهم على الكتاب والسنة وأخلاق السلف الصالح وبين كلام المتشبهين المدعين المحرفين للكلم عن مواضعه فأخذ نفسه بالعمل بالسنة ظاهرا أو باطنا وترك ما خالفها وجعل يدعوا أصحابه وأتباعه إلى ذلك ، ثم تاقت نفسه إلى تحصيل الكتب التي ليست في خزائنه وجمعها من المكاتب الشرقية والغربية فاعتنى أولا بجمع شروح كتب الحديث على اختلاف مذاهب مؤليفها كشروح أبي داوود للخطابي وخليل أحمد صاحب بذل المجهود وصاحب المنهل العذاب المورود ، وشروح صحيح مسلم للآبي وعياض والنووي وشروح المؤطأ للزرقاني وللباجي والسيوطي ، وشروح البخاري للقسطلاني وابن حجر وصاحب تحفة الباري وغيرها ، ثم اعتنى بجميع مصنفات الحديث والأثار كالسنن الكبرى للبيهقي ومصنف عبد الرزاق ، ثم جمع من فقه المذاهب الثلاثة غير مذهب مالك الذي هو مذهبه ومذهب أشياخه وأسلافه وأدرك كثيرا من كتبه مجموعا في خزانة أبيه وأعمامه وأخواله فروعا وأصولا ، فحصل الأم للشافعي والمغني لابن قدامة الحنبلي وكتبا من الفقه الحنفي وكثيرا من كتب أصول الفقه في المذاهب الأربعة .... حتى تاستوى في حقه جميع المذاهب الأربعة ووقف على مدارك كل من قواعد أهلها ، ولكن لم يزل متقيدا بمذهب مالك تأدبا مع أشياخه وأسلافه المتقيدين به ولأنه هو السابق إلى حافظته ولأن كثيرا من مسائله الاجتهادية نظر فيها نظر المجتهدين فوافق نظره فيها أنظار مالك وأصحابه وأتباعهم فعمل فيها تبعا للحجة لا تقليدا ، وغير مذهب مالك من المذاهب إنما يتعلمه وينظر في مسائله أصولا وفروعا ليعرف أقوال علماء السلف ويعرف المجمع عليه من المختلف فيه كيلا يقع فيما يقع فيه القاصرون في العلوم من إنكار ما خلاف مذهب إمامهم كإنكار خلاف المجمع عليه فإن ذلك ليس من دأب الراسخين في العلم بل دأبهم الإحاطة بأقوال علماء السلف والسكوت عمن عمل بقول واحد منهم والإنكار على من خرق إجماعهم فكان من أكثر الناس تأدبا بهذا الأدب كما يقتضيه استكثاره من كتب الأيمة وكان وصوله إلى ما وصل إليه من كثرة الشيوخ في بلده وسهولة جلب الكتب من غير عناء ولو سمع من كان عنده من العلم ما ليس عند قومه لأسرع إليه ، وأما الدنيا فأهون عنده من أن يرحل في طلبها ولم يخرج عن وطنه إلا حاجا ، وحج مرتين الأولى عام 1358هـ والثانية 1378هـ . وأما مساجدبلاده فزار جلها واجتمع بمن فيها من العلماء وناظرهم وأفادهم واستفاد منهم . ذكر الآخذين عنه أخذ عنه أخوه الشيخ المنير بن الشيخ حماد النصف الأخير من ألفية بن مالك ، وأخذ عنه ابن خاله الشيخ حِيَّايْ بن محمد أحمد مختصر الآجرمية وقطر الندى لابن هشام وألفية ابن مالك وأبوابا من أوائل كافيته وهو إذا ذاك في سن الصبا ولما شبّ كثر الأخذ عنه في النحو والبيان والمنطق واللغة وتخرج على يديه في علم النحو كثير منهم المرحوم أحمد بن محمد الصالح المعروف بمَتّالِ وغيره ، ثم انتصب للتدريس في الفقه والأصول والتفسير والتوحيد لكن بصورة يتعذر معها تعيين الآخذين ، وهي أن يعقد مجلس يحضره المتعلمون والمستمعون والصغار والكهول والكبار ويكون مجلس تعليم ومباحثته يعلم فيه المدرس المتعلمين ويباحث أقرانه وشيوخه ويستفيد بعضهم من بعض ويأخذ عنه الجميع من الفوائد والأبحاث وإيضاح المشكلات ، ولما أفضت إليه الخلافة عن والده عام ألف وثلاثمائة وست وخمسين 1365هـ كثرت عليه الوفود من علماء الأقطار القريبة منه فكان يباحث من يفيد عليه من العلماء ويستفيدون منه ويستفيد منهم فكثر أخذه والآخذون عنه بحيث لا يستطاع حصر أحيائهم وقبائلهم فضلا عن أسمائهم لأنه صار شيخ الشيوخ في سائر الفنون ، وتعين أسمائهم يدعو إلى التطويل الممل وضبط مأخوذات من يقدر على تعيين أسمائهم منهم على سبيل التحقيق متعسر فأعرضت عن التعرض لذلك ولكن لا بد من تعيين بعضهم فممن أخذ عنه بعد انتصابه للإقراء والتدريس ابنه المرحوم أحمد الشفيع المتوفى عام ألف وثلاثمائة وخمس وسبعين 1375هـ تخرج على يديه في العلوم وهو ابن عشرين ، ومنهم ابن خاله أحمد بن محمد أحمد أخذ عنه التوحيد والمنطق والبيان وجل مختصر خليل ، ومقدمة جمع الجوامع لابن السبكي وما بعدها إلى مبحث النهي والكتاب الأول من كتاب الشيخ المترجم له " الجوهر اللامع نظم جمع الجوامع " ، ومنهم البراء بن محمدُ أخذ عنه تلخيص المفتاح والسلم المرونق ، ومنهم إسماعيل بن السعيد أخذ عنه العقائد وفن البيان ، ومنهم .... محمد بن عبد الله الأنصاري أخذ عنه أبوابا من الخلاصة وفن المعاني والبيان ، وممن أخذ عنه المنطق أحمد المعروف باسم أخِي بن المسدد من أهل تِمُكَسِنْ . وممن أخذ عن البيان معاذ بن عيسى بن القاضي ، والمحمود بن يحي الأنصاري ، وأخذ عنه الفقه جماعة منهم أخواه المنير والبشير وابن أخيه زين الدين بن المنير وابن بنته أحمد بن محمد ومنهم محمد ، والحاج ابني أحَمَ ، ومحمد يحي بن حمَّدَا ، وأحمد بن الكرماني ومحمد الرشيد ابن أحمد بن موسى ، ومحمدُ بن تَانَ الأنصاري ، وجماعة من بني عمه منهم محمد بن حُمَيد ومحمد أحمد بن محمدُ بن عبد الله ، والمحمود بن محمد الأغْ ، ومحمد أحمد بن المرتضى وغيرهم ، ومنهم محمد الصالح بن إبراهيم بن أحمد البكا ، المحمود بن المرتضى وغيرهم . وأما التفسير : فيمليه في جماعات لا تضبط كل عام ، وممن حضر دروسه وانتفع بها جماعة من أكابر أشياخه الذين صاروا يعتبرونه شيخا لهم ، منهم بعض شيوخه في التفسير وهو سعد الدين بن عُمار وأخوه أحمد الكرماني ، ومحمد الصالح وأحمدُ ابنا الأمين ، ومحمد والمرتضى أبنا خال أمه أحمد البكا بن البخاري ، والشيخ حمزة بن أحمد وأخوه أُكَتَّ وهما من بني عمه أهل إسَكَنْ ، وغيرهم ، ومنهم جماعة من أقرانه الذين يباحثهم ويستفيد منهم ويفيدهم كالشيخ حَمَّدَ بن محمد بن حادي من أهل تَكَلَلْتْ ، والشيخ حُميد بن عبد الرحمن الأنصاري من أهل تِكِرَتِنْ وأخويه محمد ونوح ، وكالشيخ محمد بن محمد الأمين ، ومحمد بن معاوية وهما من أهل إسَكَنْ ، ومنهم أقرانه من عشيرته الأقربين كالشيخ عيسى القاضي بن تَحْمَدُ ، ومحمد بن شعيب ، ومحمد أحمد بن عمران ، وحَبَّ بن محمد أحمد ، وغيرهم ومنهم ابن عمته الشيخ إسماعيل بن سيد محمد الأنصاري الذي هاجر إلى الحرمين ودرس في مكة ثم انتقل إلى الرياض ودرس فيها ثم كان عضوا من أهل الإفتاء بها . وأول ما أخذته عنه أيها الكاتب الهيللة التي يلقنها الأشياخ للتلاميذ فقد لقننيها وأنا ابن ثمان عشرة سنة بأمر الشيخ الوالد ثم أمرني الوالد بأن آخذ عنه شيئا يكون رابطة بيني وبينه وأستمد منه بواسطته فلما أتيته لآخذ الورد عنه لم يزد عليّ أن قال لي عليك بالتعلم والجد في الطلب فهو خير الأوراد ، ثم قال لي داوم على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة صباحا ومساءا فلبثت مدة من السنين ليس لي من الأوراد التي تؤخذ عن الأشياخ إلا تلك المائة ، ثم أخذت عنه الورد القادري ، ثم أخذت عنه جمع الجوامع لابن السبكي إجازة ، ثم أخذت عنه نظمه له رواية ، وانتفعت بدروسه وأبحاثه ومؤلفاته من سائر الفنون ، ثم لازمت مجلسه وجعلت أستمد منه كل يوم وليلة وأباحثه في المسائل من سائر الفنون وربما أشكلت عليّ مسألة وطلبت حلها من الكتب وتعبت في التفتيش فلا أجد ما يزيل عني الإشكال ويكشف الغطاء حتى أراجعه فيها فيجيني بما يقلع الإشكال من أصله جزاه الله عني بأحسن الجزاء ، وأما الآخذون عنه من غير عشيرته فلا يحصون فممن أخذ عنه من علماء دو إسحاق أحمد بن آدم ، وأحمد بن عبد السلام ، والبكّا بن الوافي ، وفاضل بن الحسن ، وغيرهم ، وممن أخذ عنه من علماء إكلاّد محمد الفقيه بن إبراهيم الأنصاري الذي ذكر الشيخ في ترجمته كتابه " فتح الودود " أنه ممن طلب منه أن يؤلفه ، وأما من أخذوا عنه الورد القادري فهم أضعاف أضعاف من أخذوا عنه العلوم لأن والده الذي هو إمام الإيمة في قطره وحائز قصبات السبق في ميادين الفضائل بشهادة المعتبرين من أهل عصره والقائم بالإرشاد والتربية والترقية في نظمه ونثره ، ربما أمره بتلقين الورد لمن جاء يرغب فيه فيلقنه إياه نيابة عنه ، ثم لما مات والده وخلف كثيرا من المشائخ الذين تربوا على يديه التفقوا على إقامته مقامه وتقديمه على الجماعة منهم من يقول إنه وصل إلى مقام أبيه في تلك الأيام ، ومنهم من يقول إن لم يصله حالا فسوف يصله مآلا فقدموه على أنفسهم ودعوا إليهم عشائرهم وقبائلهم فابتدر كل من فاته الأخذ عن والده أن يأخذ عنه الورد الذي يؤخذ عن والده وأشياخه من فرق بين العالم والجاهل ولا بين الذكر والأنثى ثم تتابع على أخذ الورد عنه أقرانه من جميع القبائل ، ثم من ينشأ بعدهم ، ولم يزل على ذلك وكثير ممن انتفع به ما رأه قط إنما انتفع به بواسطة الأجوبة والفتاوى ، وهم لا يحصون كما أن كثيرا من المتعلقين به المنتفعين بآثاره المتأدبين بآدابه الواصلين بأسبابه ما أخذوا عنه العلوم إنما أخذوا عنه العمل بمقتضاها فنفعهم الله ببركة ملازمته واقتفاء آثاره كما نفع المتعلمين بما أخذوا عنه من العلوم أو فوق ذلك آثاره العلمية : لم يزل منذ ذاق العربية وهو في سن الصبا ، مشغوفا بتحقيق المسائل وتبين مقاصد المدققين من أهل الحواشي فكان كثيرا ما يستشكل شيئا من مسائل فن النحو ولا يجد لإشكاله مزيلا فيعاني إيضاح ما بدى له أنه هو حل الأشكال فيكتبه في حاشية الكتاب وفي قراطيس إن كان لا تسعه حاشية الكتاب ، ثم عمل في فن المعاني مثل ذلك وهو في سن الشباب ، ثم لما اشتغل بعلم الفقه وتحقيق مسائله وطلب الجمع بين متعارضات أقوال علمائه وتطبيق ما ينزل من النوازل على منقولات السلف الذين لم تدركهم تلك النوازل بأعيانها ، ألف في ذلك رسائل تقرب المقصود منها لأهل البداية ، ولا يستغني عنها أهل النهاية ، منها رسالته الكبيرة في " المسح على الجبيرة " ينكر فيها على من ينتقل من الغسل أو الوضوء إلى التيمم ولم يمسح حين أضر به الماء ، ومنها رسالته موجودة عند بن مدّا يتكلم فيها على تحقيق الدينار والدرهم الشرعيين المتعتبرين في الصداق والسرقة وغيرهما ، وسبب تلك الرسالة أنه وقع النزاع بين العلماء في تقدير كل منهما فمال المترجم أولا إلى تحقيقها بحسب ما ينقش عليهما ، ثم رجع عن ذلك إلى أن تحقيقهما إنما يعرف بالوزن ، وذهب إلى الميزان فوضع فيه قبضة من الشعير ووضع في الكفة الأخرى فضة فوجد ما يزن خمسين حبة وخمسي حبة من الشعير الوسط الذي هو وزن الدرهم تَنَكَةً وزيادة ، ووزن الدينار أيضا بالحبوب حتى تحقق وزنه فوضع في ذلك رسالة قرر فيها ما رجع إليه وزيّف الأولى ، ومنها رسالة يتكلم فيها على ما في شرح الدردير وحاشية الدسوقي عليه عند قول خليل " كسائل دينارا فيعطى ثلاثة ، ورسالة في بيع البقرة الخائفة من المرض المسمى تَلَصَبَتْ ، ومنها رسالة يتكلم فيها على الترخيص في السلم الحال مع أن جل المالكية لا يرون جوازه ، وجلب فيها أدلة على جواز العدول عن كلام الأشياخ للقادر على الاستنباط والإستدلال والقياس من المتأخرين ، ومال فيها إلى أن الاجتهاد الجزئي لا ينقطع وبين ذلك مع شدة تضيقه على نفسه في العدول عن مشهور مذهبه كما اعتذر فيها عن عدوله عما قيل فيه أنه المشهور بأن ما عدل إليه هو الذي يعتقد رجحانه ومشهوريته لقوة دليله عننده ولولا خشية الملل لنقلت حروف كلامه واعتذر فيها عن عدوله عن كلام أشياخه ربرئ نفسه من أن يكون ذلك تضليلا منه لهم ، وله في غير الفقه رسائل مفيدة منهارسالة في تعريف المفرد الهوائي وما يتعلق به من علم الفرائض ، ورسالة في كيفية الحساب الذي يعرف به أحوال السنة العجمية من الكبس وغيره من مصطلحاتهم ، ورسالة في جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ورسالة في كون الصلاة للمتقين المخلصين فيها كالمعراج للنبي صلى الله عليه وسلم يصلون بها إلى المعالي الحسية ، وأما ما وصل إليه من المعالي المعنوية فلا يحاكيه فيه أحد ، وجاء في تلك الرسالة بأبحاث فقهية وصوفية وإلهامية واختراعية مستمدة من المألوفة ، ولكن استخراجه إياها من غوامض أصولها كالاختراع ، ومن تصانيفه كتابه المسمى بعنوان " النفع بشرح رسالة الوضع " وهو مجلد مستقل بناه على رسالة الوضع للعضد برسم الشرح لكن أتى فيه بأبحاث لم يلم بها العضد حتى كأنه المخترع لموضوعات الكتاب لعدم المواد التي يستمد منها على وجه الصراحة فعانى المشقة في التقاط مستمداته من غير مظان التقاطها من مطولات حواشي فن النحو وفن البيان وغيرهما حتى جمع من ذلك ما يقصر من الانتفاع به كثير من الطالبين ولا ينتفع به إلا القليل من حذاق الطلبة الراغبين ، ومنها كتاب " التبر التالد في مناقب الشيخ الوالد " بناه أولا على التعريف بوالده ومناقبه وآثاره وطريقته ثم جمح به عنان القلم فتكلم فيه على العلوم والمعارف وأحوال الصوفية المتقدمين المتأخرين ، وعلى طريقة والده ومريديه وتاريخ أسلافه وغير ذلك حتى أخرجه مجلد ضخما يساوي مجلدين ، ومنها كتاب " فتح الودود في الرد على مدعي الرؤية ووحدة الوجود " جمع فيه بين الرد على الفرقة الزاعمة للمناكر وبين تبيين أن الشريعة والحقيقة لا اختلاف بينهما حقيقة لأن مدار الشريعة على إصلاح ظواهر العبادات ، ومدار الحقيقة على إصلاح بواطنها ، ومن المعلوم بالضرورة أن المعتنين بصلاح الظاهر لا يعتبرون من العبادات ما ليس معه إخلاص كما أن المعتنين بإصلاح البواطن لا يزيدون على الاهتمام بالتخلص من عيوب النفس التي تصد عن الإخلاص ، ومستمد كلتا الطائفتين قوله تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } فوجب اتحادهم في نفس الأمر وإن كان القاصرون يظنون بينهم الإختلاف ، ومن قواعد أهل التصوف قولهم " من تحقق ولم يتشرع فقد تزندق ومن تشرع ومن تحقق فقد تفسق ومن جمع بينهما فقد تحقق " ، وكتابه " فتح الودود " متضمن من ذلك ما فيه غنية عن غيره من المصنفات كما يطلع عليه المطلع المتضلع من الفنون ، وإن ذهل عنها الجاهل ..المغبون ، ومن مصنفاته نظمه لجمع الجوامع لابن السبكي في الأصول وقد حاول فيه أن لا يترك كلمة من الأصل إلا أتى بها كما عدل فيه عن طريقة الرّجّاز إلى طريقة الشعراء من اعتبار قواعد العروض وميزان الشعر حتى اضطره ذلك إلى استعمالات غير مألوفة لاستلزام المألوفة عدول عن مقتضى قواعد العروض ، ولما فرغ من نظمه ابتدأ في شرحه فشرح خطبته وباب القياس ثم تركه بنية العودة إليه واشتغل بتصانيف أخر ، وأما أجوبته عن المسائل الواردة عليه من علماء الأفاق فلا تحصى ، ومن مناحيه في التصنيف رعاية أحوال الناس وتفاوتهم في المراتب العلمية وانقسامهم إلى طوائف كل طائفة ترجو أن تستفيد منه مما يشتغل به من العلم فوائد زائدة على ما حصلوا فكان ينظر فيما تشتد إليه رغبة كل قسم من تلك الأقسام والطوائف فيتحفهم بما يرضيهم ثم ينظر في رغبة قسم آخر فيرضيهم ثم في رغبة آخر وآخر ، كان كبار المريدين في عصر والده مكبين على كتب الطريقة الصوفية مطالعة وتفقها وعملا بمضمونها من الأخلاق والآداب مع الإعراض عن استشكال أي مشكل منها تأدبا مع الأشياخ ، ومن أكبر ما وقفوا عليه مما يحتاج إلى التفسير والايضاح قصائد شيخهم حماد ففيها أشياء غامضة لا يهتدي لفهمها إلا من وفقه الله لذلك وكان عليها نور يدل على حقيقتها جملة وعليها مهابة تمنع من الإقدام على تفسيرها ، فلما توفي شيخهم ولم يبن لهم معناها تأسفوا من ذلك وعضو الأنامل من ما فاتهم فصرف المترجم همته في اتحافهم بمرغوبهم من حلّ بعض مرموزها وإيضاح بعض ما يشير إليه من العلوم والمعارف فجاء من ذلك بما فيه كفاية لكل متأمل راغب ولخص في تلك التفسيرات لباب كتب القوم وأوضح من معانيها ما كان منغلقا وأفاد من علوم القوم وآدابهم وأحوالهم ما لم يفده من قبله من المؤلفين ، ثم نظر إلى طائفة الفقهاء من أصحابه فعمد إلى مشكلاتهم من الكتب التي يتعاطونها فحل منها كثيرا ثم نظر إلى أهل الفنون كافة فكتب لكل طائفة منهم مما يتعلق بفنها الخاص شفاء غلتهم ، ومن أراد التحقيق واستراب في الموضوع فلينظر إلى مؤلفاته التي ذكرت أسماءها . وأما طائفة القراء الذين همتهم العظمى في تلاوة القرآن كلما حلّوا ارتحلوا فنبههم على صورة الختم غير التي يستعملونها ، فمنهم من يختم في أسبوع ومنهم من يختم في أقل ، والختم الجاري في المساجد يحصل في شهر وخمسة أيام لكل ليلة ويومها حزبان وتختص ليلة الجمعة بقراءة سورة يس ويومها بسورة الكهف ، وكثير منهم لا تنضبط تلاوته ، بل أكثر اشتغالهم التلاوة فجزاء لهم الأحزاب والسور على الأيام فنظم أبياتا في كيفية الختم في عشرة أيام ، ثم أبياتا في كيفية الختم في خمسة عشر يوما ثم اخترع دعاء فيه إشارة إلى تجزئة الختم في عشرين يوما ولفظ نظمه لكيفية الختم في عشرة أيام هكذا : فتح نساء فحمد من إلهي علا براءة يوسف فالفتية الفضلا يلي تبارك فالأحزاب ثمت ذا ت فصلت بالحديد العد قد كملا جيم لأُلّ وباثان ، وبعدهما فاعلم ثلاث ثلاث ضعف هذا تلا زاي فحاء فأخرى بعدها فوَيٌ لتاسع فحَنٌ لعاشر بولا يعني بقوله " جيم لآل .." إلى آخر البيت : أن اليوم الأول تقرأ فيه ثلاث سور والثلاث هي المراد بالجيم ، والأُلّ ـ بضم الهمزة وتشديد اللام لغة في الأوّل وتكل السور الثلاث فاتحة الكتاب والبقرة وآل عمران ، واليوم الثاني تقرأ فيه سورتان وهما النساء والمائدة وما بعد ذلك فواضح لمن يعرف اصطلاح أهل الحساب ومن لم يعرفه فليعرف أن الزاي إشارة إلى السبع من السور ، والحاء إشارة إلى ثمان ، ووَيٌ إشارة إلى ستت عشر ، و " حَنٌ " إشارة إلى ثمانية وخمسين . اهـ ولفظ نظمه لكيفية الختم في خمسة عشر هو هذا : أولى الطوال أختها ثم النسا لأنعام فالأعراف ، واذكر يونسا رعد ، سُرى ، فالنبياء ، البركه فالعنكبوت بعدها الملئكه ففصلت متلوة الطور تلي فالملك ، جل ملك ربنا العلي يعني بقوله في البيت الثاني " سُرى " سورة الإسراء ، ويعني بقوله " فالبركة " سورة الفرقان لأن أولها تبارك . ويعني بقوله " الملئكة " سورة فاطر . ولفظ الدعاء رمز به لمواقف الختم في عشرين هو هذا : ( يا فتاح يا مجيب يا من اصطفى آل عمران ومريم سيدة النساء هذه مائدة معرفتك قد وضعت لكبار التوابين كهود ، حتى لو قصفت عليهم الرعود ، ما أنستهم حلاوة شهد ما نحلتَهم ، فاجعلني يا رب فتاهم أنبأ عنهم مستنير القلب بصحبة موساهم ، حتى أكون من حزب الصافيات ... مرتقيا بعد الاستغراق في عين الجمع إلى شهود التفصيل على سلالم الفتح المبين ، يا سميع يا رب نوح عليه السلام ) . قوله " يا فتاح " رمز إلى سورة الفاتحة . وقوله " يا مجيب " رمز إلى قوله تعالى { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني } . وقوله " يا من اصطفى آل عمران ومريم " رمز إلى سورة آل عمران . وقوله " سيدة النساء " رمز سورة النساء . وقوله " مائدة معرفتك " رمز إلى المائدة والأعراف . وقوله " لكبار التوابين كهود " رمز إلى سورة التوبة وسورة هود . وقوله " لوقصفت عليهم الرعود " رمز إلى سورة الرعد . وقوله " ما نحلتهم " رمز إلى سورة النحل . وقوله " فتاهم " رمز إلى سورة الكهف ، لأن فيها { وإذ قال موسى لفتاه } . وقوله " أنبئ عنهم " رمز إلى سورة الأنبياء . وقوله " مستنير القلب " رمز إلى سورة النور . وقوله " بصحبة موساهم " رمز إلى سورة القصص . وقوله " من حزب الصافات " رمز إلى الأحزاب والصافات . وقوله " إلى شهود التفصيل " رمز إلى حم فصلت . وقوله " على سلالم الفتح المبين " رمز إلى سورة الفتح . وقوله " يا سميع " رمز إلى سورة المجادلة ، لأن أولها { قد سمع الله } . وقوله " يا رب نوح عليه السلام " إشارة إلى سورة نوح التي هي آخر المراحل . وأما الشعر فله في صوغه قدم راسخة ، وقد نشأ بين فحول من الشعراء يعترف لهم كل من يعرفهم بالسبق في فنون الشعر وفاقهم فيه كما فاق في سائر الفنون المعتبرة ، فنظم قصائد في مواضع شتى واتخذ الناس شعره إماما يرجعون إليه في فنون البلاغة ففاق من يحاكيه في صوغ الشعر من لم يتقيد بمحاكاته . فمن قصائده ما هو في المديح النبوي ، ومنها ما يتعلق بالدعاء والاستغاثة والاستسقاء ، ومنها ما هو سؤال عن جواب منظوم ورد عليه من بعض العلماء ، ومنها ما هو متعلق بالتوحيد ، فمن المديحيات قصيدته التي شرع فيها بعد رجوعه من الحجة الأولى الواقعة عام ألف وثلاث مائة وثمانية وخمسين 1358هـ وأولها : هاج الهوى يا سمير ساجع البان إذ بات يشهد وبالحان فالحان وبرق ذي سلم إذ آل ملتمعا بعد الهد وسبا عقلي وأصبان يا برق ذكرتني ، والصب مدّكر عهدا تقادم في أفياء نعمان وعيشة لي بشرقي العقيق مضت بالوصل وهنا ، وفي غربي عسفان وفي منى يارعي ذو العرش عهد منى وأهلها وسقاهم كل هتان لله لله أيام الحجاز فلو دامت لداوت أسيفا نضو أحزان إلى أن قال : يا جيرة القبة الخضراء إن لكم عهدا سيرعاه مني نازح دان ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
09-14-2014, 09:48 PM | #2 |
|
رد: 307. الخضر / المحمود بن حماد الإدريسي التبورقي السوقي
ومنها قصيدته التي يوازن بها " بانت سعاد " لكعب بن زهير ، وقد أنشدها عام حجته الثانية التي ركب فيها الطيارة بعد ما ركب في الأولى السيارة :
مهما خطا بك مهما لمت مقبول سمعي أصم وقلبي اليوم متبول بل ما تشاء فالحح ، ما عليّ إذا لم تستملني أن تملى الأباطيل مر ، اعص ، هول ، اهون زد يزد شغفي سول ، فمالي على التسويل تعويل مأمل جفني تذراف الدموع ولا قلبي الولوعو ومنك النصح مأمول هذا بجمرته يصلى وذا ليدا يكاد يغرقه من فيضه نيل وما أدعيت الهوى إلا ويشد لي في الصدر والرأس واقد ومكحول هاتيك نجب المهاري زمها نجب للبيت أموا ، ومن يدعونه إيل قاسوا بأذرعها شق الفلا ، ولكم قاسوا جوى فلذا ما شق تجويل مروا ثُبات فما لي والثَبات ، أهم بالصدق تانوا ومني التوق مدخول لا ، ما أراني إلا شكلهم فأنا مخبول عشق وهم مثلي مخابيل منىً مناهم وفيها منيتي وكدى مسئولهم هي لي بعد اللقا سول إن كنت صبا إلى سلع فصبرك مذ سبع لعقد الهوى لا بد ، تحليل أو كان قبلك بالعذراء هام فما عذر المقام ، أما في الأمر تسهيل لو كان وجدك جد ألم يعقك أذى يخشى ، إذا زم للبيت المراحيل كم قلت صبري إلى عام إلى سنة أخرى ، ألم يأن أن تقضى التآجيل يا ليت إذ فاتني السباق تتهض بي في اللاحقين لجمع الشمل شمليل لا بل طُويّرة تطوي الهواء كما يشفي الهوى فإذا المفصول موصول مهما علا صوتها في الجو نتبعه صوت التسابيح تتلوها التهاليل لنارها حولنا سوق ويجذبنا قدام شوق له تغلي المراحيل يكاد يطفئ تي أو تيك آونة بلُّ الدموع فتذكيها البلابيل غالي الكَريّ لنا في الأجر قلت له ما شئت كثر ، فمهر الحور مبذول لو بالنفوس اكترينا والنفائس ما خلناه غبنا فكالتكثير تقليل ما العيْن ما العِين ما الياقوت أحمره في عين من هام بالخضراء ، ما اللولو ومنها : يا خير مقصورة في الأرض حل بها أبرّ انضيت له المراسيل ما أنت إلى لبدر الحسن منزلة لعلك السعد أو قلب أو أكليل فإن يرح لنعائم الجنان فما أبان معناه عن مغناك ترحيل فقت القصور كيما فاق البدور فلم يسمع لمثلكما أهل وما هول ومنها : ليتي أظل بعامي أو أبيت ، أبي ( 1 ) تظلني حول مثواه التظاليل وليت لي موعدا بالوصل تنجزه لي الطوائر أو هذي الموابيل وفي المخلق لو حم الوصول له والروض ، سولي ، إمّا سيل ما السول وأبي مسجى هنا كم حشو بردته صدق التقاه وإخلاص وتبتيل مليح خدِّ سوى القدِّ معتدلا كالغصن لا قصر فيه ولا طول أقنى أزج وضيئ الوجه أفلج في زنديه طول وفي جفنيه تكحيل ذو لمة ربما طالت لمنكبه فواحة زانها للعين ترجيل حلو الشمائل ، أندى منه ما حملت غر الجياد ولم تحو السرابيل ينميه للشرف الأسنى العطارف من آباء آبائه الغر البهاليل هم حاملو نوره قبل الظهور ، وما أزكى ظهورا لها المحمود محمول أُمّاتُه الطهرات قط ما أُبِنت منهن حوا ولا قنواء عطبول كل عفيفة أثواب ، بنى معها عفان عنها وعنه الذم معدول فلم يزل وهو من سام لسامية ومن أغر إلى غراء منقول حتى انتهى لرضيعي سؤدد بهما بين الأماثيل تضرب الأماثيل لكل ذروة فضل عبدُ مطلب باواه ثم له بالوحي تفضيل جرى أبوه فلم يقصر إلى أمد من المجادة عنه النكس معزول ومثله يدرك الأقصى فأدركه وفي ابنه للذي يبنيه تكميل به المكارم تمت والمحاسن في خلق وخلق وتنميق وتذييل أيامه بهجة هب إن زينتها في دهمة الدهر غرات وتحجيل وافى وما ثَم منيدعو العليّ ولا من سره بسنا التوحيد مشغول فدوخ الكفر والكفار ثم هدى للخير من فيه للخيرات تأهيل به إسَافٌ أسيف مثل نائلة إذ نالها منه إذلال وتذليل ومنها ذكر الصحابة وجهادهم : لما دعا ياخيول الله ، ثار له شيب ومرد لهم جرد أبابيل غر أكارم بل صيد خضارم بل أسد ضراغم بل شم رآبيل شعارهم في الوغى تهليل خالقهم وما لهم عن حياض الموت تهليل باعوا النفوس من المولى بجنته والشاهد النور والدلال جبريل وفوا فوفى لهم أجرا وما نكثوا وإنما ينكث العهد الأراذيل سيان عندهم زارت ضراغمة وسط المعارك أو خارت عجاجيل ولا يبالون إن شنوا إغارتهم نالت رماحهم الأعداء أو نيلوا بالحذف كم جزموا ما لم يصح وما لديهم صح ، منصوب ومفعول فالنصر للدين دين هم به كفلوا ولن يضيع لدى الأحرار مكفول فكم بعامل ماض من اسنتهم أمسى وأصبح فيه الرفع معمول وكم بخفض تلقوا ما أضيف له شرك فدام لأهل الشرك تسفيل كتائب الله يستتلهم سند حامي الحقيقة ، لا نكس ولا فيل حفوا به لوّذا في بطن طيبته كالليث آواه في أشباله غيل لبوه حين دعاهم للجهاد فما لبى لدعوته عزل ولا ميل مهما يخض لجة خاصوا هنالك أو يجل ، تنادوا ألا يا قومنا جولوا جلوا فصولوا فإن أرماح طنعكمُ خانت فحسبكمُ البيض المصاقيل ومنها في يوم بدر : يا يوم بدر لدن ساق العدى زمرا للموت ، حكم له من قبل تسجيل جاءوا بفخر وفي أعناقهم صعر من كبرها وعلى الهام الأكاليل فما أتى الليل إلا و القليب لهم مأوى وأوصالهم نتن خراديل أحزاب أحمد أردتهم كأنهمُ زرع وأيدي كماته مناجيل قولوا لعمر ولا تبكوا لمصرعه فابن المخازي بواكيه المخاذيل ما ذا لقيت من البدرين إذ وثبا صقرين ، هل سيف ذا أو ذاك مفلول وكيف ذقت ظبى الأسياف واردة منك الوريد ، أما فيهن تنكيل أي الفريقين من حزب النبي ومن أحزابكم ، من له بالسبي تنفيل أأنتم يوم يلقيكم بمظلمة فيها مع الظلم سجين وسجيل طلت دماءكم بالعدوتين وما من حزب طه دم من ثم مطلول فما أعزتكم العزي فإن وعدت نصرا فديْن لعمر الله ممطول باللات فاستشفعوابل لات حين ندا ها ، ضل عنكم بها الوقت توسيل ذوقوا من المثلات لا أماثلكم تغني عليكم ولا تلك التماثيل ومنها في ذكر وقعة الفيل : بوركت محمودا إذ بركت يوم بغى على الحريم أولئك المخاذيل باءوا بمثلبة صاروا بنقمتها مأكول عصف وما كادوا فتضليل غداة ترمي عزيهم بالحجارة من سجيل تنكيلهم طير أبابيل ومنها في ذكر القرآن : آيات قرآنه تشفي ومنظره يكفي لو أعطوا من الإنصاف ما سيلوا عن صدق دعوته التوراة مذ حقب ورّت ، وناجى به القومَ الأناجيل فما لأهل الكتاب بعد ما عرفوا ضل الهدى منهم ، بهت دجاجيل إلى أن قال : فهو الإمام وباقي الرسل شيعته بل هم فروع وخير الخلق ياصول كأنه طود عزٍ هم له قنن أو نخلة هو والرسل العثاكيل حازوا الفضائل بالإجمال قاطبة لكن لطه على التفضيل تفضيل وكلهم نال من مولاه معجزة جلت ، ومعجزة المختار تنزيل هدى ونور ، شفاء للصدور ، به لكل ما شئت تبيان وتفصيل قص ووعظ وتوحيد إلى مثل وعد وعيد وتحريم وتحليل طابت يوانعه فاضت ينابعه لذَّ التدبر فيه لذّ ترتيل منه المسائل تستقرى ويضبطها أهل النهى كالتفاريع التآصيل يبقى ..... لا تأتيه بين يديـ ـه لا ، ولا من ورائه الأباطيل أعيى المصاقع ما فيهم معارضه ومن يرم فله بالعجز تخجيل ومنها في ذكر الإسراء : أسرى به الله من قدس إلى قدس في خير ليل فدته البيض والليل دليله الروح والأملاك موكبه والتسع الأفلاك لليسر المراحيل والرسل قاطبة حتى الخليل أتوا شوقا إليه فترحيب وتبجيل للمستوى جازوا لماوى فزج به في النور حيث حجاب الغيب مسدول فجال في العز والرقّاء مرتقيا يهديه من نوره الوضاح قنديل بل فوق ذاك إلى حجب العماء إلى ما عقل كل البرايا عنه معقول فكافح العبد مولاه وقرّبَه حتى رأى غير أن الكيف مجهول طوى وجود السوى عنه ليشهده بقاب قوسين حيث الفصل مفصول وهي طويلة ويكفي ما نقلت منها شاهدا على مكانة ناظمها وتمكنه من الشعر ومن الأدب ومن علم السير . ومن قصائده في الدعاء والاستغاثة التي أولها : بعزة الله باسم الله بالله أدعوك ربي ومن ندعوا سوى الله بك استجرنا رجاء أن تعافينا مما دهى واعتمادنا على الله شعارنا عند مس الضر حيث فجا رحماك رب البرايا رحمة الله أنى لعبد دعا الرحمن منزعجا أن لا تفوز مساعيه لدى الله كم أمة أجرموا حتى إذا اعترفوا نجيتهم حين إذ تابوا إلى الله ونحن آل الأولى آلفتهم كرما مؤمنا خوفهم من نقمة الله فكلنا مرتج للخصلتين ولن تخييب آمال من يرجو ندى الله أنت الولي وكيل الكل كافلهم حسبيهم حسبهم مما سوى الله بدأتنا بالعطايا قبل مسألة وبعدها نجحنا وعد من الله أنت العفو الكريم المستغاث به في كل هول ألا فرّوا إلى الله وأيقنوا بأمان منه عن عجل لا تيأسوا لا تملوا من دعا الله وهي طويلة نحو ثمانين بيتا وكل بيت منها مختوم بلفظ الجلالة ، وسببها أنه وقع الوباء في حيه عام ألف وثلاث مائة وأربعة وستين 1364هـ وكثر الموتى ففزع إليه الناس وفزع هو إلى الله وأنشأ هذه القصيدة فاستجاب الله دعاءه وكشف عن الناس ما نزل بهم . ومن قصائده في الاستسقاء قصيدته التي أنشدها عام ألف وثلاثمائة وثلاث وتسعين 1393هـ وقد أصاب البلاد من الجدب وفناء الماشية والجلاء عن الأوطان ما لم ير مثله فهلك كثير من بني آدم وفنيت الأموال وماج الناس بعضهم في بعض وعم الخوف والحزن وأيس أكثر الناس من الحياة وتشتتوا في الدول البعيدة ، فلما فرغ من القصيدة التي أولها . نزل مطر مبارك عم الأفاق فأنبت الأرض نباتا خارقا وأفركت الزروع بمطر واحد وأثمرت به الأشجار وأطعمت به القفار البرية التي تطعم من غير عمل أحد وبورك في بقايا المواشي بأمور خارقة ، منها درور من لم تلد منها ، ومنها تكثير الأولاد وسرعة نباتها ، ومنها الاستغناء بالقليل من ألبانها وغير ذلك مما يطول تفصيله . وأولها : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على طه الكريم مني السؤال ومنك البذل يا كافي وأْلاَمْنُ سؤلي وسقى ورده صاف لم يخف عنك الذي قاسى عبادك من ضيق أتى بخروق عزت الرافي ومن شدائد أدناها الجلاء ومن بؤس هو الموت أولا مس الطاف فارحم بفضلك ناسا ما لهم وزر إلاك ، أو سيد يرجى لإتحاف والطف بهم رب كي لا يطحنوا برحى شبهائهم فيموتوا حتف آناف أو يأخذوا بذنابي عيشه ضفف جباء ظهر كعيش المرمل العاف وارحم سوِاما تشكى الضر من سنة تحذ والرمادة حذو القاف بالقاف صافت بمجدبة منها شتون فلا تقتات إلا بمجلوب من أعلاف فإن تدم هكذا لم تبق ثاغية في الأرض ساعية أو ذات أخفاف والإبل ذابت ذراها من لظى غرث تصلى به واعتراها يبس أخلاف وأنت يا رب نعم الرب وصفك لا يأتي على كنهه أطناب وصّاف وبابك الرحب مفتوح وفضلك ممـ ـنوح وعفوك لم يسمح به عاف غذيتنا بأياد شكرها أبدا ديْن علينا فليتي بالقضا واف مولاي أنت الودود البر مجلا من نابته دهياء منجى البائس الخاف فلنُثن بالطيب الزاكي عليك ولا نترك ثناءك حتى وقت أشراف ألست يا رب بالله العلي بلى والله كلمة صدق ما لها ناف والله إنك لله الذي خضعت كلُّ الجباه له من عال أو ساف ل وأنت في كل يوم جل نعتك في شأن وأمرك بين النون والكاف رحماك أوسع من أن لا تناولنا ولو سلكنا سبيل الغافل الغاف فاسمح بعفو وتسير ومغفرة عزم وفوز وأمن يوم إيقاف يا رب وامنن بغيث مسبل غدق سح رضاب ركام نافع شاف جود ملح ملث ودقه درر تجري فيوضا بقيعان وأحقاف تهمي سواريه ليلا بعد ما بكرت صبحا قواديه تسقي سقى إسعاف ريح الجنائب تمريه فتفرغه أيدي الشمال باغوار وأشراف كذاك يوما إلى يوم إلى جمع حتى تفيض السواقي فيض رجاف فتزدهي الأرض بأعْشِيشا بها وبما تحوي من أبّ ومن جناتٍ ألفاف ومن زخارف كالوشى البهى ومن زهو ونور ومن خصب وأرياف والزرع في كل أرض ناعم خضل يمتاس مخضوضرا في حسنه الوافي قد أخرج الشطا بدأ أو استِواه على سوق قضاء مسوق قبل أخراف يزهو فتبدو مآتٍ حب سنبله والله إن شاء يهنينا بأضعاف وكل آفاته تنفي فلا وبر يخشى ولا الفار وهو الفاسق الجاف ولا عصافير أو دود ولا سبب يؤذي فيفضي لإفساد وإجحاف يا رب عبدك في عجز ومسكنة وضيق حال وفي ضعف وأضعاف إليك أنهي شكا يأتي على ثقة أن سوف تقبلني فضلا على مافي وهؤلياء أجيال أضربهم صيف ، ويا رُبّ أصياف كأسياف وحـ ......حاجاتي وأعظمها عفو يطهر من ظلم وإسراف وأن تقربنا زلفى وتجعلنا أخلاف صدق لمن مروا من أسلاف ولا نرى أبدا خلفا يضيع ما أوجبت تضييع أغمار وأجلاف يا رب فاغفر ذنوبا شوم موقعها نال السحاب فأذاها بأجفاف ونجني واهدني ثم أهد بي وأتح لي جذبة هي معراجي ورفراف وزج بي في مقامات الخصوص ومن كأس المحبة هَنِّأني بسلاف تسقي به باطني صرفا فيقدح في روحي ، وسرى نورا ليس بألطاف وهي طويلة تبلغ ثمانين بيتا . ومن قصائده الواردة في الجواب عن سؤال منظوم قصيدته التي أولها : ما لذة الراح هزتني فما طربي لولا مزامير من آل ابنة العرب وهي جواب عن سؤال لبعض آل الشيخ المختار وهو سيد محمد بن بادي ، وحاصل سؤاله أن الأمور الحادثة في الحكومة لتأمين المسافر هل تلزم مريد الحج وتكون من الاستطاعة الموجبة للخروج إلى الحج أولا تلزمه لكونها لم تكن في الصدر الأول فيسقط الحج لتوقفه على أمور شاقة لم ينص العلماء الأولون على وجوب التزامها ، ومن مضمون سؤاله أيضا حكم ركوب الطيارة في الحج ، ولفظ السؤال : وإنني جاهل حكما سؤالكم عنه عليّ لزوما أسعفوا طلبي عن حجنا الفرض إذ حد استطاعته زاد وقوّى وأمن الطرق من رهب على النفوس ومال يَقِلّ ، وقد في العصر ، زادت أمور لاتّقا العطب ككَرْتِدَنْدِ وتصوير وفصد دَوا مُضنٍ وحسرات لكرنْتين للطبب وأخذ مال وأموال مكررة لذا وإتيانه من بعد أو قرب والحبس في كل ما معمورة دخلت على تساريح أموال ومجتلب هاتي أمور على حد استطاعته شرعا تزيد لنيل الأمن والسبب هل غير لازمة والعذر ينجي بها لو في عموم استطاع هي أن تنب وهل على قادري الطيار ممتنع أو يفرض الحج أو من شاء فليثب لكونها خارقا وثقل لازمها وللصلاة وتغرير وإن تصب زبر الحديد وأصوات الرعود بها في الجو للنار في الدهان والقصب لآلةٌ نهى لا تلقوا ، يكدِّرها مستهلك النفس من علّته عن ترُب وأنها أثرت في زي منفعة لملة الدين كم ضر فكم ثقب صارت لحج ذوي الثروات مفخرا والجاهلين وعون الضد بالنشب مر إلى أن قال بعد سوق أدلة منع ركوب الطيارة وأسقط الحجج على ما لا يقدر على الوصول إلى مكة إلا فيها ، وبعد صوق أدلة المبحين لركوبها قياسا على سفينة البحر لأن الجو كالبحر ما لفظه : وقد كفيت مجيبي البحث أكثره عن أصْلَي الخلف ، والترجيح لم أج ب فرجحوا لي من ذا الخلف واحدة من كفتي منع ذا الطيار والطلب وحاصل : جوابه المنظوم ترجيح كفة الطلب يعني إيجاب الحج على القادر على ركوب الطيارة والتزم جميع اللوازم التي يتقف عليها سفر الحج وإن لم تكن في العصور الأولى . ومن لفظ قوله بعد أجوبة كثيرة : فما الطوائر إلا كالمواخر من إباح تيك يبحها ، أو يعب يعب قسها بعلة ما كنت توصل من يسير فيها كفلك البحر للأرب ولا تقل مركب يعلو بجثته جسما يشف ويجري لأعلى الترب فمثل ذا شبهى للاعتبار به مع المخيل بنص غير مضطرب والوصف من قبله مناسب بيدي نقحته طبق ما حررت في كتبي سبرت قسمت إذ أنفي سواه ولي في صدق حصري وسبري فضل مقتضب وذو الأصول لدى فقد النصوص له إلحاق فرع بأصل منه مقترب فلا تخل غير من لم يجتهد أبدا أبى عليه قياس الفرع كل أبي مر إلى أن قال : وآزنت ما بين أطراف الخلاف فلم يرجح لدى الوزن إلا كفة الطلب ومن قصائده التوحيدية قصيدته التي أولها : ربي الله ذو الجلال الممجد والرسول إلي طه محمد وجميع أبياتها مختومة باسم محمد صلى الله عليه وسلم . وسأله بعض إخوانه أن يبين له الطريق التي يسلك فيها من يريد الوصول إلى الله تعالى على وجه الاختصار فكتب له الأبيات الآتية ، ثم طلب منه آخرى أن يهدي إليه نصائح مختصرة فكتب إليه ، وهي : عليك بذكر الله والخمس أدها بآدابها واللغو فاتركه جانبا ولا تنس عهد الشيخ واسلك طريقه وبرّ ذويها خير برك صاحبا وحافظ على الأوراد واقرأ مرتلا وناج بجنح الليل مولاك راغبا ورع واتضع واقنع واخلص لتجتبي وإياك ما رمت الصفا والشوائبا وقف إن نويت الفعل وقف تثبت فإن جاز ، أولا فاعتزله مجانبا وحاسب بأطراف النهار مناقشا لتنجو ، نفسا أقحمتك المعاطبا فمهمى وجدت الخير فأشكر أو الذي يريبك فاستغفر إلهاك تائبا ومن كل ير فاعتنم كل ممكن صباحا ومسيا واجتهد إن تواظبا وخذ بهدى المختار لا تأت غير ما يوافقه ، إن كنت للنجح طالبا تساير ما أتقنت سيرته فإن جهلت فسل عنها وفتش مكاتبا ودع من أذاك الخلق واحمل أذاهمُ وسلِّم أذاهم نازعوك المناصبا ومثِّلهم موتى وللميت لا تمل بقلب ولا تحظ بطرف مراقبا وزهدك في الدنيا الطريق لما مضى فكن زاهدا فيها متى سرت ذاهبا |
|
09-14-2014, 09:49 PM | #3 |
|
رد: 307. الخضر / المحمود بن حماد الإدريسي التبورقي السوقي
ومن آثاره العلمية استنساخ النسخ ونقلها من المطبعة إلى الخط اليدوي فلم يزل منذ شب إلى الآن في ذلك العمل لم يرح نفسه وإخوانه وعمّاله من تلك الخدمة ولا أظنه يريحهم ما دام حيا وربما كان حامله على الاستنساخ أن تكون المطبعة غير واضحة لجميع القرآء فينقلها إلى الخط الجيد ليتمكن جيمع القرآء من الانتفاع بها ، أو يكون الكتاب المطبوع لا نسخة له إلا واحدة يضن صاحبها بإعارتها ويستحيل عنده بيعها فيستعيرها منه ويسلط عليها كل كاتب حتى يحصل منها نسخة جامعة بين الجيد والرديئي ، ثم يتخير المجيدين من الكتاب فينسخون له نسخة جيدة ويتفضل على بعض أصحابه بالنسخة الأولى الجامعة بين الغث والسمين ، وما ذاكرته من آثاره العلمية قليل بالنسبة إلى ما تركته . وأما غير العلوم فلا يرضى أن يكون له أثر فيه لحقارته عنده وزهده في متاع الفانية وقد أجمع رأيه ورأي أصحابه عام أحد وسبعين وثلاث مائة 1371هـ على أن يتركوا الجولان ويتخذوا قرية يستقرون فيها فبنوا ديارا وبنى مسجدا كبيرا أنفق فيها أموالا كثيرة ، ثم بنى دارا كبيرة لسكناه فرأى من إقبال الدنيا وأهلها عليه ما خشي من الفتنة في دين صغار أهله وأتباعه إن دام عليهم ففر من ذلك إلى الصحاري وتبعه أصحابه لما يلزم في سكنى الصحاري من التقلل في الدنيا وزهرتها وتركوا الديار على حالها واختاروا سلامة أديانهم مع الفقر على التوسع في الدنيا مع الفتنة في الدين وأما أخلاقه : فمجملة في أبياته البائية التي أولها :
عليك بذكر الله ........... ............................... وتفصيلها لا تسعها هذه النبذة ولا يرضى بنشرها خوف الإطراء والعجب ، ولا نشر فضائل الحي يشبه الغير وأعيذه بالله من شر كل عائر ومن شر حاسد إذا حسد ، لكن لا بدّ لي من ذكر يسير من زهده وجوده وورعه وتعظيمه للعلماء وتواضعه وحرصه على إخوانه المؤمنين أما زهده : فيكفي منه أنه ممن سخر له الأقطار القريبة منه فيتقربون إليه الهدايا الجزيلة ولكن لا يملك شيئا منها ولا يقتات بمرغوب ..... ولا يركبه ولولا الوفود لكان ملبوسه كذلك ، لكن منعه من أن يكون ملبوسه مرغوبا عنه موافقه السنة في التجمل للوفود فكان يلبس فاخرا الثياب ويتلقى بها الوفود ثم ينزعها ويكسوها بعض الناس واتخذ ذلك عادة جارية . وأما جوده : فيكفي منه أنه أشاع في الناس أن كل مسلم رأى شيئا من ماله ورغب فيه فهو له ، وكان يكرر ذلك في المجالس ، ومن العجب أنه هو الذي تسند إليه الأمور العظام من القيام بمؤن جماعته وكثرة الضيوف وأهل الحوائج الذين لا رجون غيره لكشف نوائبهم ويسعف الكل بمراده ولا يقتني شيئا ولا يستعد لما لم يأت بل يعتمد على ربه وإعانته وأخلافه على ما ينفق ابتغاء مرضاته ، ويأتيه من العون ما لا يأتي المقتتين الممسكين المستعدين للنوائب ، وسمعته ذات مرة يقول إذا وصل إلي واحد من أصحابي شيئا كان يرغب فيه من مالي فهو الذي أعطانيه وملكنيه تمليكا جديدا لأنه بنفس رغبته فيه صار ملكا له ، فقلت له إن بعض المهدين إذا أهدى إليك بيد أحد قال له هذه أمانة بيدك أريد أن تجعله في يد فلان فما وجه الانتفاع بتلك الأمانة قبل بلوغها محلها أو ليس الانتفاع بها قبل وصولها إليك خيانة ، فقال لي لم يكن خيانة فإن المرء لا يكون أمين أحد في مال نفسه فإن جميع المسلمين ماذون لهم في أخذ ما شاءوا من مالي . وقال لي مرة قد ازداد إيماني وثقتي بربي وطمأنينتي بأن رزقي عند ربي لأن ما أكرره من الإذن في أخذ مالي تلقاه الناس بالقبول وسارعوا إلى أخذ ما قدروا عليه من أملاكي لكنهم لم يقدروا على صد ما هو رزقي حقيقة بل يصل إلي من غير تحيل مني ومن غير تقصير منهم في أخذ ما ظفروا به ، وله في ذلك حكايات غريبة ، وربما وقع الخصام بين الآخذين في شيء سمى له فيدعيه بعض الناس ويدعيه آخر فيفصل الخصام بأن المباح لمن أخذ أولا . وأما ورعه : فمنه أنه مكث سنين يفتي ثم أعرض عن ذلك مع الاستعداد التام من كثرة الكتب وضبطها وفقاهة النفس ولكن كان آخر أمره أنه لا يفصل بين اثنين بل يرسل الخصوم إلى غيره ليكفيه مؤنة الفصل وربما كان ذلك المرسل إليه بعض تلاميذه ممن لا يستقل بأمر دونه ولا يفصل إلا بمراجعته فيراجعه في النازلة ويدله على مظان حكمها حتى يتيقن ما عنده فيفصل بين الخصمين اعتمادا على ما اقتبسه منه ولكنه بنفسه لا يباشر الفصل حذرا من أن يحكم بغير ما أنزل الله . ومن ورعه في الأموال أنه يأتيه كثير من الأموال فيفرقه ولا ينتفع بشيء منها ، وقد ذاكرته مرة في أمر الأموال التي تهدى إلينا ممن لا يعتني بتطييب ماله فإنها إن تركناها بالكلية اختل كثير من الأموال المسندة إلينا من مصالح الضيوف والضعفاء والفقراء والجيران الذين لا يجدون شيئا إلا بواسطتنا ، وإن قبضناها وانتفعنا بها لم نأمن الوقوع في الشبهة أو الحرام ، فقال لي نأخذ على رخص الفقهاء وننفق على طريقة أهل الورع ننفق على أنفسنا وخواصنا ما لا شبهة فيه ونفرق غيره على الناس . وأما تعظيمه للعلماء وتواضعه فمنه أن تعظيمه لتلاميذه كتعظيمه لشيوخه فيعد نفسه من تلاميذ من كان يعده من مشائخه فيتبادل معهم التوقير والاحترام . وقد قال لي مرة إن العلماء الذين آمركم بتعظيمهم كل من يعرف معنى كلمة الإخلاص مؤمنا بها ، لأن ذلك هو ظاهر القرآن لا خصوص من يقرأ الكتب ويدرسها . وأما حرصه على المؤمنين الأقارب والأجانب فقد اشتهر عند كل من يعرفه من ذلك حسن لقائه لمن لا يوبه به ، ومنه سعيه في الإصلاح بين كل متنافرين ، ومنه كثرة أمره لمن يجالسه بالإحسان إلى الناس واحتمال أذاهم وكف أذاه عنهم ، وقد سمعته مرة يقول وددت أن كل من أراد أن يسيء إلى مسلم صرف إسآته إلي فأعفو عنه وأستره إن لم يكن معي من يشفي عنه فلو قدر على أحد من المسلمين أن يسيء إلي خاليا ما سمع بذلك أحد أبدا لشدة حبي لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم . توفي لثالث عشرة ليلة خلت من شعبان ليلة الإثنين من عام 1407هـ(2) . |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
184. حمّدا / محمد أحمد بن محمد الإدريسي الجلالي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 0 | 06-12-2014 09:20 PM |
88. حماد بن مُحمدُ الإدريسي التبورقي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 0 | 05-15-2014 02:48 PM |
72. البشير بن حماد الإدريسي التبورقي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 0 | 05-12-2014 09:11 PM |
مؤلفات السوقيين | عبدالحكيم | منتدى المكتبات والدروس | 19 | 03-27-2014 10:39 AM |