|
المنتدى الإسلامي خاصة بطلاب العلم الشرعي ومحبيه، والقضايا الدينية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||
|
||||||
إياكم ومحدثات الأمور
إياكم ومحدثات الأمور ]- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ ، وَحُجْرِ بْنِ حُجْرٍ ، قَالاَ : أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ ، فَسَلَّمْنَا ، وَقُلْنَا : أَتَيْنَاكَ زَائِرَيْنِ وَعَائِدَيْنِ وَمُقْتَبِسَيْنِ ، فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ [size=5]فَقَالَ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي ، فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ. أخرجه أحمد 4/126(17275) . وأبو داود (4607) وله طرق أخرى. *** هذا حديث جليل القدر، ظاهر الدلالة.. ولكننا سنكتفي بلمع قليلة من فقهه مما فيه جدة فقط: 1 - قال الصنعاني في سبل السلام: ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها، فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين، ومعلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ثم عمر رضي الله عنه نفسه الخليفة الراشد سمي ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة ولم يقل: إنها سنة فتأمل. على أن الصحابة رضي الله عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل، فدل أنه لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حُجَّة، وقد حقق البرماوي الكلام في شرح ألفيته في أصول الفقه مع أنه قال: إنما الحديث يدل أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حُجَّة لا إذا انفرد واحد منهم. والتحقيق أن الاقتداء ليس هو التقليد بل هو غيره كما حققناه في شرح نظم الكافل في بحث الإجماع. *** 2- وقال الخطابي في شرح سنن أبي داود: والنواجذ آخر الأضراس واحدها ناجذ ، وإنما أراد بذلك الجد في لزوم السنة فعل من أمسك الشيء بين أضراسه وعض عليه منعاً له أن ينتزع وذلك أشد ما يكون من التمسك بالشيء إذ كان ما يمسكه بمقاديم فمه أقرب تناولاً وأسهل انتزاعاً ، وقد يكون معناه أيضاً الأمر بالصبر على ما يصيبه من المضض في ذات اللّه كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه . وقوله كل محدثة بدعة فإن هذا خاص في بعض الأمور دون بعض وكل شيء أحدث على غير أصل من أصول الدين وعلى غير عياره وقياسه . وأما ما كان منها مبنياً على قواعد الأصول ومردود إليها فليس ببدعة ولا ضلالة واللّه أعلم . *** ولنا وقفات: الحق الذي لا مرية فيه أن الحجة تعود إلى آخية (الكتاب والسنة). وسنة الخلفاء الراشدين المهديين هي عين سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولولا استمساكهم بذلك لما كانوا راشدين ولا مهديين، ولا براءة ولا عصمة لهم بحال إلا بالكتاب والسنة فهما الميزان الذي توزن به أفعال الجميع وأقوالهم. قال تعالى: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (سـبأ:50). وقال: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الزخرف:43). فالعصمة في الوحي، والهداية محصورة في الوحي. *** في الحديث نكتة فريدة لم أقف على من نبه عليها من الشراح: لاحظ أن قوله صلى الله عليه وسلم: " تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ". بالإفراد، ولم يقل: " تَمَسَّكُوا بِهما ، وَعَضُّوا عَلَيْهِما " بالتثنية. مما يوحي بأنهما شيء واحد. وهذا شيء لا مناص منه. ثم لما كان الخروج على الوحي ضلال بين لا يسوغ لأحد كائنا من كان من الراشدين فضلا عن غيرهم فناسب مجيء التحذير من البدع هنا فقال: "وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ". فالراشدون وكل راشد لا يتحصل لهم هذا اللقب إلا باتباع الوحي فقط. وهذا هو الفارق بين الرشد والغي، والهدى والضلال، والسنة والبدعة. *** إشكال وجوابه: قد يقول قائل: إذا كان الأمر كما تقول فلم لم يكتف بلفظ: "عليكم بسنتي" وما الداعي لذكر "سنة الخلفاء الراشدين" التي تعد حشوا لا داعي له؟! والجواب: أن السنة النبوية قد تكون قولية وقد تكون فعلية؛ فمن عمل بالسنة على وجه حسن يدفع الناس للاقتداء به في ذلك يصح أن يقال عنه أنه "سن سنة حسنة" كما في الحديث التالي: - عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِ النَّهَارِ ، قَالَ : فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ ، مُجْتَابِي النِّمَارِ ، أَوِ الْعَبَاءِ ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ ، فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ، فَصَلَّى ، ثُمَّ خَطَبَ ، فَقَالَ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ : (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ : (اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ) تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ ، حَتَّى قَالَ : وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ . قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا ، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ ، قَالَ : ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً ، فَلَهُ أَجْرُهَا ، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا ، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ". رواه مسلم (1117). فهذا الصحابي تصدق اقتداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم على وجه كريم، والآخرون اقتدوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم وهزتهم الأريحية بفعل هذا الصحابي. وننبه إلى أن النبي صلى الله عليه كان أجود الناس، وأن الحث على الصدقة سنة قولية وفعلية – ولكنه في هذا اليوم كان قولا من النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلا يقتدى به من هذا الصحابي رضي الله عنه. فهذا هو الوجه في تسمية "سنة الخلفاء الراشدين" وأنها تكون تنفيذا واتباعا لا ابتداعا واختراعا. كما يدخل في هذا الباب النوازل المدلهمة التي ورد حكمها في الشرع ولكنها وقعت بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولفداحتها وجدّتها وقع التحيّر في شأنها ابتداء ثم زال نقص البدايات بكمال النهايات. مثل: قتال أبي بكر للمرتدين، وقتال علي للبغاة.. ونحو ذلك. *** تعقيب على كلام الصنعاني: قول عمر " نعمت البدعة " فالمراد بالبدعة في اللغة لا في الشرع فإن هذا الفعل ليس من جملة البدع لكون رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قد فعل القيام جماعة في رمضان ثم تركه لمانعٍ وهذا المانع زال بموته فصار فعله سنةً شرعيةً وورد أيضا حديث شريف في فضل الصلاة مع الإمام. - عن أبي ذر قال : صمنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت يارسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة قال فقال " إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة " قال فلما كانت الرابعة لم يقم فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ؟ قال قلت وما الفلاح ؟ قال السحور ثم لم يقم بنا بقية الشهر . رواه أبو داود (1375). فصلاة القيام في جماعة سنة قولية وفعلية من النبي صلى الله عليه وسلم. فلما زال داعي امتناعه صلى الله عليه وسلم خشية أن تفرض عليهم، ورأى عمر رضي الله عنه حرص الصحابة عليها وتفرقهم في المسجد جمعهم على إمام واحد. ثم سر باجتماعهم فقال كلمته هذه. فيُحمل قول عمر بن الخطاب هذا على المعنى اللغوي لا الشرعي لكون هذا الفعل ليس بدعةً شرعيةً بل سنةٌ نبويةٌ ويُقال أيضاً عمر من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم كما في حديث العرباض بن سارية. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
آخر تعديل منهج السلف يوم
04-28-2009 في 03:03 AM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|