أجلْ .. هناكَ من يُكمِّمُ أفواهنا عن الكلام ، و يوئدُ أقلامنا عن تسطيرِ بعضٍ من أبجدياتِ الحوار ، و لكن بطريقةٍ أكثرَ أدباً و تهذباً ! ، و إن عملتَ - عزيزي القارئ - على تنقيبِ مثلُ هذهِ المَساعي لكبح جماح "الكتابة" ، فلن تجدَ ما يُشفي غليل قلبكَ الحي ، و ضميركَ المُتصل ! ، فما يُقرأ عبرَ الملأ مما يُثار - إعلامياً - قد يوقظ في حناياكَ و ثنايا أحرفكَ بعضاً من الآراءِ و الرؤى التي يحقُّ لكَ التعبير عنها بما تراهُ صائباً ، تدفعُ بحجتكَ و تُبرر ! ، و تسنَّ قلمكَ للنضال و الخوض في مُعتركِ شجون الشارع و قضاياه المُعاصرة ، إلا أن هناك من يرفضَ هذا - التواصل - بُغية الإبتعادِ عما يُثير الإنفعال ! .. .
لا أدري لمَ تذكرتُ في هذهِ الأثناء - المُتكهربةِ - الشاعرُ العراقي أحمد مطر ! ، و هوَ الذي حوربَ من أجل "الكلمة" ! ، حتى خرجَ من العراق في مرحلةٍ - قمعيِّة - لمْ يستطع البقاء تحتَ طواحينها المُضنية أمنياً و سياسياً ! ، و أستقرَّ في دولةِ الكويت لزمنٍ ، و لسنا ببَعيدين عن هذا الحالَ المُفضي لإشتعال جذوةِ الكبت ، و إحتراقِ السُّطور - الناقدةِ - في ظرفِ هذا التعسفِ المَقيت ! ، فالحياة كما يُريد - د. سلمان العودة - إفهامنا كلمة ! ، إن بقيتْ في أوج كبتها ، حتماً ستنفجرُ يوماً ! ... .
لنقلْ ما شئنا ، و لنكتبَ ما نشاء ! ، لطالما أن - الإله - خلقَ فيما بيننا فوارق و إختلافاتٍ نسبية ، إذ أقسمُ بالله أننا نتشابهُ دائماً في "الأجساد" ، و لكننا نختلفُ إختلافاً كبيراً في الأفكار و العقول ! ، و برغم هذا القسم "العظيم" ، يُريد البعض أن نُقيد أيدينا عن خطِّ لُغةِ النقد البنَّاءةِ كيفما كُتبت ، و أينما قُرأت ، كما يُراد بنا - قطعَ - الألسنة التي لا تتفوه إلا حقاً ! ، فمنذ الصغر إعتدنا البقاء ضمن هذا النسق المُحاذي للطريق المؤدي نحوَ المَجهول ، نُمنع من أدواتِ التفكير التي تكاد تزنُ ذهباً عند فضةِ الكلام ! ، و تُكممُ أفواهنا عن الحديثِ في كُل ما نئنُّ لأجلهِ ! ، و ذلك - كُلهِ - من أجل أن نكونَ آمنينَ ، و إنما لسنا مُطمئنين لدواعٍ راجتْ بينَ الكثير من الناس ، ألأجل السُلطةِ ؟! ، كَلا .. ! ، ألكي نُصبحَ - واهمينَ - بأننا أفضلَ من تلكِ الأوطان التي تُعاني الإذلال ، و تُحاكي سَخط حكوماتها و أربابَ الدين ؟! ، كلا أيضاً ، إذاً بحقِّ خالق السِّماء لمَ لا نقول ، لا نكتب ، لا نتحدث دونما خوفٍ من لومةِ لائمٍ عادة ما يتصفُ بالجُبن أمام شجاعةِ الحرفِ ؟! ، إننا بهذهِ الأنساق - المُتحجرة - كما لو أننا ندفنُ قلوبنا في التراب ، كي نحيى - بهائمٌ - نصفنا يأكل ، و النصف الآخر يتنفس ! ، و إن حلَّقنا - حالمين - بصنيعنا من الحواراتِ أو المقالات و الأدبياتِ المُتنوعة ، فنحنُ نُحلق - عادة - مثلما تُحلق الغِرْبان ! .. .
كُلما تشبثنا بإيماءةِ النور ، إزدننا توقاً للظلام ! ، نُساير من يُعادينا أحياناً في لغةِ الحوار ، لكسبِ ودٍ مُزيفٍ غرضهُ - تسيير - الشخصنة على حسابِ الدفع بعجلةِ "التنوير" وفقَ أقلامٍ تربأ بأحبارها الإنغماسَ في أوراقٍ حواريةٍ جهلتْ كُل عناوين الدروب التي نلتقي عندَ نهاياتها المُبهجة ، مُقابل ذلك الكمِّ - المهول - من الأطروحاتِ البالية كماً و كيفاً و لُغة و إستقراءاً للقضايا الآنيةِ بما فيها الفكرية و الدينية على حدٍ سواء ... .
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــول
وليد المساعد