العودة   منتديات مدينة السوق > قسم الأعلام و التراجم > منتدى الأعلام و التراجم

منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين

Untitled Document
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 08-25-2014, 02:27 PM
الدغوغي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5422 يوم
 أخر زيارة : 02-17-2024 (10:02 AM)
 العمر : 14
 المشاركات : 549 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : الدغوغي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي 263. محمد بن عالّ الحسني السوقي



263. محمد بن عالّ الحسني السوقي :
هو الشيخ العلامة محمد بن علي المعروف بعال بن إدّ بن الغزالي ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) .
ترجم له الشيخ العتيق فقال : ولد عام 960 هـ وتوفي 1030 هـ هو بن عالّ بفتح اللام وتشديدها ابن محمد المعروف باسم أدّ بفتح الهمزة وتشديد الدال المفتوحة وهو ابن الغزالي بن علي بن يحي بن إبراهيم الدغوغي ، وأبوه عالّ لم أقف على شيء من أثره استدل به على خبره ، وقد وقفت في أثر غيره على ما يدل على أنه من العلماء المعتبرين ومن الثقات المعتمدين ، وصورة ما رأيت من ذلك أن بعض القدماء كتب مسألة فقهية وكتب في آخرها هكذا صح من خظ الفقيه عالّ بن أدّ بن الغزالي بن يحي بن إبراهيم الضغوغي العربي مصححا له عن الشيخ الفقيه محمود رحم الله الجميع ) . إهـ قلت محمود هذا هو القاضي الشهير بتنبكت وله من التآليف شرحه على خليل . رجعنا إلى الكلام على الشيخ محمد بن عالّ هو العالم العلامة ، والبحر الفهامة المشارك في الفنون كما صرح به في بعض رسائله وخطاباته لأخوانه السوقيين في زمانه ، وقد اشتهر في الأسلاف أنه من رأساء العلماء حتى كأنهم لم يعرفوا له في وقته مثلا ولا في قطره شكلا وكان صاحب تآليف ورسائل ، ومنشئ كثير من الخطب وأجوبة في مسائل ، فمن تآليفه : شرح لامية الأفعال لابن مالك سماه ( فك اللامية وتوضيح القاعدة ) وقفت على نسخة منه عند إخواننا من أهل غيْرغُ ومكتوب في آخره أن كاتبها محمد بن لميط السوقي الملقب بأكّوّ ، وكتبها لأخيه وحبيبه محمد بن الطاهر بن محمد بن محمد بن أكّ الداني بن نانّ بن أدّ بن الغزالي بن علي بن يحي ، وتلك النخة رأيتها في تغَارُسْتْ يوم الأحد سلخ شوال من عام 1391هـ .
وذكر الشيخ حمدَ بن محمد بن حدي في ترجمته له أن له شرحا على لامية الأفعال سماه ( فتح الأقفال ) قال : وهو شرح بسيط كان الماضون من أهل هذه البلاد يتداولونه فيما بينهم وينتفعون به ثم انتشرت بحمد الله بعد قصور الهمم ، شروح كثيرة بواسطة القلم الطابعي فترك رأسا واشتغل الناس بتلك الشروح . إهـ وذكر الشيخ محمد بن الهادي أنه وضع على متن الأجرومية أربعة شروح ، ولم أطلع على شيء منها ، ورأيت في بعض رسائله أنه قال : هممت بالتصنيف في كل فن من فنون العلم ولعل كثيرا من مؤلفاته ضاع بسبب الأعداء المغيرين على بلادنا .
أما النظم فلم أر له فيه إلا أبياتا مكتوبا في أولها :
قد ظهر الفساد في الإقراء
لدين مقرء بلا إمتراء

لمزجهم مجلسهم بالضحك
وغيبة دائمة في المحك

وخوضهم في باطل لا يحصر
وشغلهم بمنكر لا ينكر

وطلبوا مجرد الرواية
ونبذوا وطرحواالهداية

لوصدقوا في قصدهم لقدموا
أصول دينهم لكي يقدموا

فيتطهروا بعلم القلب
فيجدوا بذا فتوح الرب

العلم علم القلب لا اللسان
وذاك نور منه للرحمان

علم اللسان ضحكة الشيطان
لأنه مهلكة الإنسان

وعلماء السوء في الأخبار
أول من يصلى سعير النار

قرأهم عون على العصيان
وذا ، أخي نهاية الخسران

نص على ذاك أبو التلاقي
حجة الإسلام مع القرافي

أجاز في المنهاج دفن العلم
إذا غدا الخلق كمثل الصم

فواجب على مريد الدين
عزلهم كلا ، جميع الحين

منتظر الخطفة الممات
مستعصما من حسرة الفوات

حتى يلاقي رضى الإله
جل عن الأمثال والأشباه

فليس للعبد سوى مولاه
لأنه يعطيه ما يهواه

عصيانه ذل وخسر وتلف
طاعته عز وغنم وشرف



أما رسائله فضاع جلها وقد وقفت على رسالة له يوجهها إلى أمير سنغاي إسكيا إسحاق بن إسكيا داوود يذكر له فيها أصول السوقيين وأنهم من ذرية الصحابة وأنهم لم يزالوا أهل علم وعمل به وليسوا كغيرهم من أجيال التوارق ، يستميله بذلك ليبذل لهم من الإحترام والإكرام ما يستحقونه م جهة علمهم ومن جهة صلاح أصولهم السابقين واللاحقين ، ومما كتبه من أصوافهم ما لفظه :
( تجد صبيا صغيرا منهم يغلب الكبار من غيرهم كحال أجدادهم من أهل الحجاز يحفظون فنون العلم كلها وما تغير دينهم منذ أسلموا إلى هذا اليوم بسبب من الأسباب وبذلك يعرفون في جميع البلاد ، وكل من شهد عند القاضي الأكبر الأستاذ التقي النقي الذي لم ير مثله في بلادكم ولا في غيرها المجمع على علمه ودينه وعدالته صاحب تنبكت الشيخ محمود رحمه الله ورضي عنه يطلب تزكيته إلا السوقين فإنه قطع بدينهم وأمانتهم وعدالتهم وتبريزهم وقال : لا نطلب تزكيتهم وقد جربناهم فوجدنا أصلهم خالصا تابعين لأجدادهم في العلم والدين والخالص . إهـ كلام الشيخ محمود ، ثم قال : صاحب الرسالة محمد بن عالّ وقد كان منهم أولياء كبار كالحاج الشيخ الكبير أبي الهدى وقاضي جدك أبي عمر الداني ومن لا يحصى كثرة ومنهم من بلغ في الولاية أن يصلي في بلادنا مشاهدا للكعبة المشرفة لا يحرم بالصلاة حتى يظهر الله له بنائها . إهـ الغرض منها وهي طويلة .
وقد جرت له مع بعض معاصريه أمور أوجبت أن كتب إليهم رسالة يخبرهم فيها بأن أسباب التباغض والتحاسد بين الناس أمور كان بمعزل عنها فلمَ يؤذي مع برأته من تلك الأسباب ومع بذله جهوده في الذب عنهم وعن حريمهم ، ومكافحة السلاطين والرؤساء في حمايتهم ولكن لم يرعوا فيه أي حق بل جزوه جزاء سنمّار ، وليس أول مصلح قاسي تلك الألام كما يعرفه من قرأ القرآن ونظر في أخبار الماضين ) .
ونص تلك الرسالة بعد البسملة والصلاة :
( الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين من عبد جميع المسلمين وجميع المؤمنين في الله محمد بن عالّ إلى جميع أهل السوق علمائهم وجهالهم وخواصهم وعوامهم ، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد : فأسباب التنافس والتحاسد عندكم ثلاثة أشياء : القضاء والإمارة وكثرة الجيران والأتباع فيعلم الله سبحانه الذي من نسب إليه علم ما ليس كذلك في علمه فهو كافر باجـ...برآتي منها ، والإمارة عندي كالكفر ، والقضاء عندي كأكبر الكبائر ، والجيران عندي .... حالت بيني وبين جنة في الدنيا أتنعم بها دينا ودنيا حتى أنتقل فيه وكفى بالله علما وكفى بالله شهيدا ، ويعلم الله الذي يعلم السر وأخفى ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء أني لأحب أن يكون لي جار ولا صاحب قريب أو أجنبي إلا من يعلم الله أنه لا سبب لمصاحبته لي إلا المشاركة في دوام فكر وعبادة لا يفتر فيها وغير من هذه صفته فأبغض كوني معه كبغضي كوني في النار ، ولولا خوف قطع الله سبحانه سبحانه لقطع عباده لقطعتهم ولقد عزمت على ذلك عزما صميما يعلمه الله تعالى فأراني من العبر والآيات ما هو أعلم به ولو جاوزته لقطعني كما قطع الشيطان فصاحبتهم بقهره وخدمتهم بأمره وصرت راعيا لهم قائما عليهم وعلى أموالهم وجعلت نفسي فداء لأنفسهم وعيالي فداء لعيالهم أدفع عنهم جميع الجبابرة وجميع الظلمة من جميع الناس في البلاد حتى سقط فمي وعمى بصري وفني جسدي بشدة الجوع والعطش ودوامها عليّ في اتباع جنود المغيرين عليهم في رد أموالهم ولا يرحمنى أحد منهم بشربة ماء ولا لبن فمت مرات فأحياني الله بلطفه الجميل ولا أطلب الأجر إلا من الله تعالى والأجل ما علمه الله تعالى من أني ما قمت عليهم وخدمتهم إلا فيه ، منعني من نفع يحصل لي منهم ولو شربة ماء في عطش ، لئلا ينقص أجري والحمد لله والشكر له على ذلك وأنا فارح بذلك غاية الفرح لا حازن عليه أدن... حزن إذ ليست الدنيا دار جزاء المؤمنين ، وإنما قلت جعلت نفسي فداء لأنفسهم وعيالي فداء لعيالهم وعلمي فداء لعلمهم لأنهم لا يتكلفون مشقة في اتباع أموالهم بل لا يتبعونها خوفا من العدو والمغيرين فيها أن يقتلوهم ، وخوفا من العطش والجوع وأنا أتبعهم بعلم الله بلازاد ولا ماء أياما وليالي ولا أبالي من قتلني منهم وهم يكتمون أنفسهم عنهم وأنا بنفسي ألاقيهم ، وكلهم يتسببون لعيالهم بالتجارات والأسفار ، وأنا لا أتسبب لعيالي بسبب من الأسباب ولا بسفر من الأسفار وفارقت عقد المجلس لهم لاشتغالي بمدافعة الجبابرة والظلمة عنهم وصاروا كلهم والحمد لله أغنياء وصار عيالي فقراء وكلهم يعقدون مجلس للعلم وأنا لا أعقد مجلسا للعلم حتى كأني جاهل مع أني عالم بحقيقة جميع الفنون بفتح رباني صير جميع الفنون في قلبي كنطة حتى عزمت في صغر سني وشبابي على أن أولف في كل فن تأليفا يوضحه لجميع المسلمين كالشمس فشغلني عن ذلك مدافعة فتن أخر القرن العاشر وما بعده عن السوقيين خصوصا وعن جميع المسلمين عموما ، ترجيحا للدفع عنهم على التأليف المذكور فأعانني الله الذي قال في كتابه { ولينصرن الله من ينصره } بما علمه في قلبي فكنت لهم ولجميع المسلمين في الرباط الدائم والجهاد القائم حتى فني جسدي في راحة أجسادههم ، واشتغلوا بالتعلم والتعليم وجمع المال وأنا وعيالي في جهل وفقر ، وكثرة شدة بكاء عيالي يقولون لي : السوقيون وجميع المسلمين اشتغلوا بالتعلم والتعليم وجمع المال فكن بنا على ما كانوا عليه وما أصابهم أصابنا وما نجوا منه نجونا منه ، وأقول : لهم أتركوني في هذا الدفع وهاجروا إلى غيري من العلماء يعلموكم ، ولولا هذا الدفع ما بقي من يتعلم ولا من يعلم ، فيقولون لي : نجاتنا أو هلاكنا مع المسلمين أحب إلينا من أحب إلينا من اشتغالهم بتعلم والعلم وتعليمه وبجميع المال دوننا وقد منّ المنان سبحانه في صغري وشبابي بغنائي به عن غيره فكنت بمجرد فضله وكرمه ولطفه في عالم الملكوت لا في عالم الملك فلا أعلم غيره ولا أرى ولا أسمع إلا ذكره وعلمه وعبادته ، ومحال عندي أن أكون إلا على ما كان أهل عالم الملكوت من دام الذكر علما وعملا بلا فترة فأصابني شؤم هذا البلد المشؤم هو وأهله القاطعون لعبادة الله بسبب ما وقع بين الأستاذ محمد بن أبي محمد وبين خالي عمر بن السيوطي(1) رحمه الله فعزم الأستاذ عزما صميما لا دواء له على الركوب إلى أسْكي داوود فجفت من ذلك فتنة يهلك بها جميع السوقيين دينا ودنيا فقلت له أنا نائب عنك فسكن غضبه فنبت عنه حتى سكن الله غضبه والله أعلم . فرجعت إلى عبادة الله وتأليف العلم حتى وقع بين القاضي محمد إبراهيم وبين خالي عبد الرحمن بن السيوطي مثل ذلك لأجل طلبه الصلاح منه فغضب عبد الرحمن غضبا شديدا عزم به على قطع مادة جميع السوقيين فأمرني القاضي بمعانة على دفعه فأبيت حتى حلف أن لم أعانه على دفعه ليهربن من هذه البلاد أبدا فأعنته عليه بالله ، ثم رجعت إلى العبادة والتأليف حتى نزلت فتنة جَوْدَرْ فملأت ما بين السماء والأرض فقمت بدفعه في الله فأعانني الله وعظم حرمتي وجاهي عندهم إلى اليوم ، فملأ الشيطان قلوبكم من حسده ما لم أر ولم أسمع مثله ففرحتم فرحا ظهر لجميع الناس بما وقع على بيتي وكتبي وأهل حي من جند شعبان وقلتم الحمد لله الذي أحيانا حتى ذهبت حرمته وجاهه وعمل لزوجته ما لم يعمل لأمة من الإماء ، وهذا ضد ما وجب عليكم من شدة الحزن والأسف على منزلة عبدكم عوضا نفسه من أنفسكم وعياله من عيالكم وعمله من عملكم يقر عند كل من عظم الله حرمته عنده بأنه أسفل من جميعكم وأنكم أعلم منه وأعز منه وقد سماني بعضكم إلها من دون الله فتبت إلى الله من الدفع عنكم الذي سميت به إلها وتبرأت من مشاركتكم فيما سوى الإيمان بالله وعبادته حتى ألقى الله كبراءتي من إبليس وجنوده ، والإنسان لا يحسد عبده بما فتح الله عليه من الجاه والحرمة ، لأن منفتهما له وإنما يحسد من ينافسه وينكر عليه والسلام ) . أقول هذه الرسالة هي أعون شيء على وضع الترجمة لمنشئها فإنه ترجم فيها حالته من مبدأها إلى منتهاها ، وبين أن له ثلاثة أطوار : الطور الأول طور الشباب ومهمته فيه تعلم العلم وتدينه والتصنيف فيه وهذا الطور هو الذي أشار إليه في الرسالة بقوله مع أني عالم بحقيقة جميع الفنون بفتح رباني صير جميع الفنون في قلبي كنقطة حتى عزمت في صغر سني وشبابي على أن أولف في كل فن تآليفا يوضحه لجميع المسلمين كالشمس . والطور الثاني طور الكهولة ومهمته فيه السعي في مصالح المسلمين والدفع عن حريمهم وفداء نفوسهم وأموالهم بنفسه وماله ومكافحته الأعداء المغيرين والسلاطين في الذب عن حريمهم واستراداد ما نهب من أموالهم ، وهذا هو الذي أشار إليه في الرسالة بقوله وصرت راعيا لهم قائما عليهم وعلى أموالهم وجعلت نفسي فداء لأنفسهم وعيالي فداء لعيالهم أدفع عنهم جميع الجبابرة وجميع الظلمة من جميع الناس في البلاد ..إلخ وبقوله : فكنت لهم ولجميع المسلمين في الرباط الدائم والجهاد القائم حتى فني جسدي في إراحة أجسادهم ، وأشتغلوا بالعلم والتعليم وجمع المال وأنا وعيالي في جهل وفقر ..إلخ . والطور الثالث : طور الشيوخة : وشأنه فيه اعتزال الخلق والإقبال على الحق والزهد في الجيران والاتباع وهو الذي أشار إليه بقوله : ويعلم الله الذي يعلم السر وأخفى ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء أني لا أحب أن يكون لي جار ولا صاحب قريب أو أجنبي إلا من يعلم الله أنه لا سبب لمصاحبته لي إلا المشاركة في دوام فكر وعبادة لا يفتر فيها ، وغير من هذه صفته فأبغض كوني معه كبغضي كوني في النار ...إلخ ، وذكر الشيخ السوقي محمد بن الهادي أن آخر أمر هذا الشيخ المترجم أنه اعتزل مجامع إخوانه السوقيين وارتحل عنهم إلى منزل يقال له تِنَدْهَكْ ومات فيه .إهـ قلت وهذا المنزل قريب من أمَسَرَكَضْ الذي نزل فيه أجداد أهل تكللْتْ في أوآخر القرن الحادي عشر وأوائل الثاني عشر وصار منزلا لهم ولأولادهم ومن تناسل منهم يتحولون فيما بينه وبين تَكَلَلْتْ وإكَرِرْ إلى أوائل القرن الرابع عشر الهجري ، والقوم الذين نزلوا أمَسْرَكَضْ وتَكَلَلْتْ هم الأقربون إلى محمد بن عالّ يشترك معهم في جده الأدنى محمد بن الغزالي . إهـ
وله رسالة في الذب على إخوانه يخاطب بها بعض الأمراء وأظنه عملها في طور الكهولة الذي هو طور دفاعه وذبه ولفظها :
( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، من محمد بن عالّ إلى قرة عينه وثمرة قلبه الأمير المبارك والواصل الرحم محمد الملقب بأتَكَكْ بن آخَسَنْ كمل الله سعادته في الدنيا والآخرة وأدام الله عليه العافية يسلم عليه غاية السلام ويعلمه بأني لا أترك ما دمت حيا نصيحتكم في دنياكم وآخرتكم لأن الله تعالى يعذبني على كل تفريط في أمركم وأن الله قد جعلني واحدا منكم وأظهر ذلك لجميع الناس أحمرهم وأسودهم عربهم وعجمهم وإذا علمت هذا فاعلم بأنا لما وصلت الرحم علمنا أنك أفضل من جميع من سبقك إلى منزلتك تلك من أولكم إلى آخركم لكن حدث منك أمر صير ما حسن منك قبيحا عند الله وعند رسوله وعند جميع أمته وهو أنك قد بلغني بتواتر علماء إمرون .. وجاهلهم أنك لا تعظم العلماء ولا تقوم إليهم ولا تتلقاهم إذا نزلوا بك ولا تزورهم ، واعلم يا أخي وحبيبي وخليلي بأن تعظيم العلماء حسنة لا يحتاج معها إلى حسنة وتحقيرهم سيئة لا يحتاج معها إلى سيئة ومن عظمهم فقد عظم الله ونبيه لأنهم ورثته وخلفائه ولا يحتاج إلى عمل غيره ومن حقرهم فقد حقر الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر بلا خلاف بين العلماء وزوجته بائن منه وهو خارج من الأمة منقطع الرجاء من الله مع أن إمَرْوَنْ ليس تعظيمهم لأجل العلم فقط بل يجب تعظيم كل جاهل منهم لوجهين : أحدهما أنهم ذرية الصحابة بلا شك ، والآخر أن الله قد جعلهم معكم من أب وآحد وأم وآحدة ). انتهى العرض منها ، والمرسل إليه لا علم لي بشيء من أمره ولم أر من يعرفه ، وإمَرْوَنْ الذين يونب على عدم تعظيمهم كذلك لا أعرف منهم إلا الاسم ولم يبق من يتسمى في بلادنا في هذا العصر ، وحدثني الشيخ إفَنْفَنْ بن أُكِّنَتْ أن الحي الذي صار حيه هو المسمى بذلك الاسم في العصور السالفة قبل ورود أجداده عليه وأهل الرياسة والعلم فيه في تلك الأزمنة انقرضوا عن آخرهم والبقية الموجودة التي يتأمر فيها أهل بيت إفَنْفَنْ فريقان : هاشمي منهم إفَنْفَنْ ، وأنصاري منهم آل يوشع ، وصار أتباع أخوالهم المنقرضين أتباعا لهم إلى الآن ، والعاقبة للمتقين .
وأما أجوبته وفتاواه فوقفت منها على جوابين يظهر أنهما صدرا منه في أيام قيامه بأمور العامة قبل طور العزلة والخلوة ، ويتبين فيهما منحاه في الفتوى من طلب التسهيل على الأمة وعدم الجمود على ما هو المشهور في مذهب معين ، إذا كان في الجمود حرج على المستفتي بحيث يخالفه مع اعتقاد حرمة ما ارتكبه ولا قادر على صرفه عن شهرته والأحسن والأنصح أن يطلب له وجه ولو شاذا يمنعه من ارتكاب ما يعتقده محرما .
الجواب الأول لفظه : ( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عالّ إلى كبيره الفقيه باب وإلى جميع فقهاء إمرْوَنْ سلام عليكم ، أما بعد : فإن الصواب بينكم وبين إخوانكم الذين ابتلاهم الله بلفظ تَرْهَامْ(1) ولا قدر لكم على صرفهم عن ذلك أن تتركوهم على ما التزموا من تقليد الخلاف الذي أخبرهم به قدمائكم فبذلك تطيب قلوبكم فإن شرط النهي عن المنكر أن يكون مجمعا عليه وهذا اللفظ لا بد أنه مختلف فيه لأنه إما تحريم فالخلاف فيه أكثر من خمسين قولا وفي مذهبنا فيه ستة أقوال سابغها أنه لغو وقد اختلف فيه المفسرون والمحدثون والمتفقهون من الصحابة إلى الآن ، وإما طلاق ثلاث في كلمة واحدة ، وقد قال في بعض الشافعية لا يلزم فيه شيء لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه ، وحكى التلمساني قولا ذكر أنه في النوادر : أنه إنما تلزم فيه واحدة وأخذه بعضهم من مسائل متعددة في المدونة ، ولا يمكن خروج هذا اللفظ عن هذين الوجهين إلى ثالث وفي كل منهما خلاف ، وقد صرحوا لكم بأنهم قلدوا من العلماء من جعلها لغوا وقد قال العلماء كخليل في توضيحه وغيره : أن اختلاف العلماء رحمة على هذه الأمة وتوسعة من الله تعالى عليهم . وقالوا لا تقولوا الخلاف بل قولوا السعة . فارحموا إخوانكم ووسعوا عليهم كما وسع ربهم عليهم فإن هذا الدين يسر ، يسروا ولا تعسروا ، وسكنوا ولا تنفروا ، وقد نص بعض المحققين على أن تقليد الشاذ فيما ابتليت به الأمة أفضل وأقرب من إتباع المشهور مع عدم القدرة على صرفهم عن ذلك الذي اعتاده ولو كانت لنا قدرة على صرفهم لكنت أولكم في هذا ، فإن صوبتم كلامي فخلوا سبيلهم وما قلدوه وإلا فاهربوا عنهم ولا تخالطوهم ولا تكلموهم ، ولا تعاملوهم مع دوامهم كلهم على حرام مجمع عليه ، وقد شهدتم بأنه ليس فيهم أحد إلا وزوجته بائنة منه بهذا اللفظ الوقا ، وإن كانوا كلهم زناة بإجماع فكيف تتخذونهم إخوانا وأصحابا وأحبابا ، وتنسبون إليهم أولادهم وزوجاتهم ، وأنا أشهدكم أني إنما طابت نفسي بتقليدهم هذا الخلاف إذ لا عاصي بالإجماع إلا من عمل عملا لم يقلد فيه أحد من علماء الأمة وقد كتبت هذا نصيحة لا تشهيا معتمدا فيه على أمور علمتموها . والسلام )
الجواب الثاني : ( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، من محمد بن عالّ إلى كل من وقف على هذا الرسم من العلماء والطلبة مسلما عليه ومعلما له بأن أبا يحي بن أبي بكر أتاني فقال : لي أن بعض الطلبة رخص لي في عدم فراق زوجتي التي تزوجتها قبل تمام العدة ، فقلت خالف الاجماع من قال ذلك فلما أيسته من ثبوت النكاح قال : لي هل وقع قول أحد من العلماء بجواز نكاحها بعد عدة الفسخ فقلت له مشهور مذهب مالك أن التحريم متأبد ومقابله أنه لا يتأبد ويتزوجها بعد انقضاء العدة وهو لمالك وغيره من أصحابه وعبد العزيز بن أبي سلمة وقول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، فقال : لي إني قلدت هذا القول في تزوجها بعد العدة إن رضيت ، فقلت له إن اختلاف هذه الأمة رحمة ونعمة يجب على الإنسان شكرها والسلام.
وأما خطبه : فالموجود عندنا منها ثلاث ثنتان للعيدين والثالثة للاستسقاء ، ولم يزل أهل بلادنا يخطبون بها من أرض دَنّك إلى منتهى بلاد التوارق من جهة المغرب فيما بلغني ويستغنون بها عن انشاء خطب جديدة وجرى العمل بذلك من زمانه في أوآخر القرن العاشر إلى أوآخر القرن الرابع عشر الهجري .
( بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على طه الكريم(1) الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ، وأوجد النوع الإنساني ولم يكن شيئا ، وأجرى عليه تصاريف القضاء والمقدور ، وامتحنه في هذه الدار بأنواع المحن والكدور ، ثم نقله إلى دار البرزخ مودعا روحه في المستودع وجسده في القبور ثم يعيده يوم البعث والنشور ، ويحاسبه على النقير والقطمير ، فمن فائز ظفر بالسرور ، وخاسر ينادي بالويل والثبور ، أستغفر الله ثلاثا ، اعلموا أنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ، ولا ينكشف إلا بتوب ، فتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ، وقد رأيتم مخايل العقوبة المهلكة ، فبادروا بالتوبة ورد المطالم ، واجتناب المحارم مخافة أن تكون المعاصي سببا في منع الغيث ، وقال تعالى : {وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم } وقال : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } وتصدقوا فإن الصدقة تدفع البلايا ، وتذللوا لربكم وتضرعوا له وأسألوا منه إقالة العثرات ، لعله يدفع عنكم العقوبة بفضله وجوده ورحمته التي وسعت كل شيء ، من لم يتذلل لربه عند نزول الملمات ، ويسأل منه إقالة العثرات ، فهو جبار عنيد عن الخير والفرح بعيد ، قال : تعالى { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } ذمهم على ترك التضرع في كشف ما نزل بهم ، أستغفر الله ثلاثا ، عباد الله العمر بضاعة والرابح من صرفه في طاعة ، قال الله تعالى في محكم الآيات ردا على من يتمنى رفع الدرجات وهو معرض عن الطاعات غافل عن رب الأرض والسماوات { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات } يا من لا يعرف عباده منه إلا العفو والإحسان نسألك ونتوسل إليك بكتابك العظيم وبرسولك محمد صلى الله عليه وسلم المصطفى الكريم أن تكشف ما نزل بنا من ضر ذنوبنا وهمومنا وغمومنا وأحزاننا أنت العالم بذنوبنا فاغفرها ، وأنت العالم بحوائجنا فاقضها ، وأنت العالم بأحوالنا فاسترها { هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العلمين } .
الثانية من خطبتي الاستسقاء : ( أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، سبع مرات ، الحمد لله سامع الأصوات ، ومجيب الدعوات وكاشف الكربات وغافر الذنوب الذي أنعم وأكرم وحكم وأحكم وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، أحمده حمد من اعترف بالعجز عن ثنائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله في عزه وكبريائه ، وأشهد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد أصفيائه وخاتم رسله وأنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وسلم تسليما ، أستغفر الله ثلاثا { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا } اللهم أمنن علينا بمغفرتك ما قرفنا وأجابتك في سقيانا وسعة رزقنا واغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، اللهم اسق بلاد .... وعبادك وبهيمتك وانشر رحمتك واحي بلادك الميت إنك على كل شيء قدير أستغفر الله ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم ببابك أنخنا ، ولمعرفك تعرضنا ، وبكرمك تعلقنا ، وبتقصيرنا اعترفنا وأنت أكرم مسئول ، وأعظم مأمول ، اللهم ارحم عبادا غرهم طول امهالك ، وأطمعهم دوام افضالك ، ومدوا أيديهم إلى أكرم منوالك ، وتيقنوا أن لا غنى لهم عن سؤالك ، اللهم إن لم نكن كما أمرتنا فأنت ذو غنى عنا فارحم تضرعنا وأسقنا وأفعل بنا ما أنت أهله يا ذا الفضل العظيم ، وانشر علينا من رحمتك وأنزل علينا من بركاتك واسقنا غيثا نافعا يغمر البلاد والعباد آمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تابعهم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على المرسلين والحمد لله رب العلمين ) .
خطبتا عيد الفطر وهي اثنتان أولاهما : ( بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على طه الكريم ، تكبر بلا حد ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو تسعا ثم تقول الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، والحمد لله على ما هدانا الله أكبر كلما كفره الكافرون ، الله أكبر كلما أخبر عن جلاله المخبرون ، الله أكبر كلما ذكره الذاكرون ، وغفل عن ذكره الغافلون ، الله أكبر الحمد لله خلق الحركة والسكون وفجر الأرض اليابسة بالعيون { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } الله أكبر ما صام صائم وأفطر ، الله أكبر ما ندم نادم على ما سلف من ذنبه واستغفر ، الله أكبر ما صاح خطيب بالمنابر وذكر ، الله أكبر الحمد لله الذي قصم بالموت رقاب الجبابرة ، وكسر به ظهور الأكاسرة ، وقصر به آمال القياصرة ، الذين لم تزل قلوبهم عن ذكر الموت نافرة فنقلوا من القصور إلى القبور ، ومن ضياء المهود ، إلى ظلمة اللحود ، ومن ملاعبة الجواري والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان ، ومن للتمتع بلذائذ الطعام والشراب إلى التمرغ في بواطن التراب ، اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي جعل لكل شيء وقتا وأجلا مقدرا وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله سيد البشر ، الشفيع للمشفع في المحشر نبي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومع ذلك قام على قدمه الشريفة حتى تفطر ، صلى الله عليه وسلم الأمين ، تزودوا للرحيل إلى الجنان في رضى الرحمن ، وحاذروا الوقوع في النيران ، في سخط الديان ، { وقوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }.
{ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } واتقوا زلزلة الساعة { إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } اتقوا { يوم يقول لجهنم هل إمتلئت وتقول هل من مزيد وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد } واتقوا { يوم يقول الإنسان يومئذ أين الفر . كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } واتقوا { يوم يقول الكافر يا ليتني كمنت ترابا } وتفكروا عباد الله في أحبابكم وأصحابكم وأزواجكم وأبائكم وأمهاتكم والأباعد والأقارب وذوي المودة والأجانب قد استوحشت منهم الديار وانقطعت عنهم الأثار وصاروا هنا في الأجداث للسيئات وللأوزار قد هجرهم الحبيب وسلا عنهم القريب قد ضيقت عليهم اللحود ، وتمزقت منهم الجلود وسالت عيونهم على صفحات الخدود ، ودبت في أجسامهم أصناف الهوام للدود ، وبقيت أرواحهم في البرزخ إلى اليوم الهائل الموعود ، فلم ينفعهم ما جمعوا ، ولا حصنهم ما بنوا ومنعوا ولا منعهم كل ما صنعوا ، وصارت القبور لهم قرارا ، وفرت الأحباب عنهم فرارا ، فانتبهوا يا معشر الإخوان ، واجتهدوا في طاعة الرحمن ، من قبل مفارقة الأحباب والأوطان ، وصلوا الأرحام ، وافشوا السلام ، واطعموا الطعام ، وصلوا باليل والناس نيام ، تدخلون الجنة بسلام ، وتوبوا إلى ربكم أجمعين ، لتدركوا منه الفوز المبين ، وإلا فإنا اليه راجعون ) .
الثانية : ( تكبر ما شئت ثم تقول الله أكبر ما التزم الملتزم ، الله أكبر ما أقيلت هناك عثرة وندم ، الله أكبر عدد من بالعقيق خيم ، الله أكبر عدد من بالبيت العتيق يمم ، الله أكبر عدد من صلى الفرض قصرا وتمم ، الله أكبر عدد من سعى بن المروة والصفا ، الله أكبر ما اهتزت المنابر بذكر المصطفى ، الله أكبر ما ازدادت المحاضر بذكره شرفا ، الله أكبر الحمد لله الذي خلق الجنة فأعدها دار خلود لأوليائه بفضله ، وخلق النار فأعدها دار خلود لأعدائه بعدله ، ورسوله الذي فضله على جميع الأنام صلى الله عليه و على آله الغر الكرام ما مطر غمام ، وعطر كِمام ، الله أكبر أيها الناس اتقوا سحر الدنيا فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الدنيا أسحر من هاروت وماروت ) واغتنموا أيام الحياة ، وأكثروا من ذكر هازم اللذات ، وقاطع الصلات ، وكونوا من المصلحين ولا تكونوا من المفسدين ، وكونوا من الذاكرين ، ولا تكونوا من الغافلين ، وتوبوا إلى ربكم من كل ذنب فإن التوبة فرض بإجماع المسلمين ، { ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } { ومن لم يتب فأولئك هم الفاسقون } وتدبروا قول ربكم في كتابه المبين على لسان رسوله الأمين بعد أعوذ بالله من الشيطان اللعين { فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى . وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهو فإن الجنة هي المأوى } فإن حاصلها أن المطيع في الجنة ونعيمها ، والعاصي في النار وحميمها فرحم الله إمرءا كثر من الزاد ، وجد في طاعة الله وجاد ، واعلموا أن يومكم هذا يوم عظيم ، فضله رب كريم ، أباح فيه الطعام ، ورحم فيه الصيام ، وافتتح به حج بيته الحرام وأمركم فيه بالصلاة والزكاة ، وفعل المعروف على الدوام ، وتتنزل فيه الملائكة الكرام ، فيشهدون مساجدكم وينتشرون في طرقاتكم ليتصفحوا وجوه العالمين ، ويكتبون ثواب الصائمين ، ويقفون على أباب السكك ويكتبون ثواب من إلى مصلى العيد سلك ، فقد روى البيهقي واللفظ له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا كان غداة الفطر بعث الله الملائكة في كل البلاد فيهبطون إلى الأرض وينادون بصوت يسمعه كل ما خلق الله إلا الجن والإنس يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم اخرجوا إلى رب كريم يعطي الجزيل ويعفو عن الذنب العظيم فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله تبارك وتعالى يا ملائكتي ما جزاء الأجير إذ وفى عمله ، فتقول الملائكة إلهنا وسيدنا أن توفيه أجره فيقول الله تبارك وتعالى يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم أجمعين ، ووهبت المسئيين المحسنين ، والغافلين الذاكرين ، والقانطين الشاكرين ، ورحمتهم وأنا أرحم الراحمين ، فتفرح الملائكة وتستبشر بما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان ) وفي بعض الآحاديث ( أن هذا يوم عظيم تعظم فيه العطيات وتغفر فيه الخطئات ) فتغافروا فيما بينكم يغفر الله لكم ، وتواهبوا الحقوق فيما بينكم يهب الله لكم من رحمته ، وقد فرض فيه نبيكم صلى الله عليه وسلم زكاة تطهركم على كل واحد منكم وعلى من نفقته واجبة عليكم برق أو زوجية أو قرابة صاعا أو ما قدرتم عليه من الحبوب والثمار أو ما كان قوتا ولو ورق الأشجار بغروب شمس ليلة العيد أو بطلوع فجرها على خلاف في ذلك بين العلماء الأخيار فيأثم من أخرها مع القدرة إلى غروب شمس يوم الإفطار . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العلمين ) .
وأما خطبة عيد الأضحى فلفظها هذه فيما قيل قوله : ( واعلموا أن يومكم هذا يوم عظيم ...الخ ) فإذا بلغ الخطيب إلى هذا المحل في عيد الأضحى فليقل ( واعلموا أن يومكم هذا يوم عظيم فضله رب كريم أباح فيه إراقة الدماء ، وأذن فيه بتزيين الدمى ، واعلموا أن بالضحية يغفر الذنب العظيم وينال الثواب الجسيم ، والعفو العميم لأنها سنة النبي الكريم ، وثوابها كما قال ألوا الألباب أفضل عند الله من عتق الرقاب وفيها خير من صدقة تسعين دينارا من الثواب ، فينبغي فيها الاجتهاد ولو تشتري بأحب الأولاد ثم من ظفر بها فليل ذبحها بيده ليقتدي بسنة سيده ، ثم ليجمع بلا حد بين الأكل والصدقة والإهداء ليسلك بذلك ملك أئمة الهدى فرحم الله إمرءا أكثر من الزناد وجد في طاعة الله وجاد ، وفي بعض الآحاديث ( أن هذا يوم عظيم تعظم فيه العطيات ، وتغفر فيه الخطئات فتغافروا فيما بينكم يغفر الله لكم ، وتواهبوا الحقوق فيما بينكم يهب الله لكم من رحمته ، والضحية سنة مؤكدة على كل حر غير حاج بمنى استطاعها ، وأقلها جزع ضان وثني من غيرها سالم من العيوب الأربعة ، والنقص من غيرها ومن الشركة إلا القريب سكن معه وأنفق عليه في أجرها يذبح من ذبح الإمام إلى آخر ثالث أيامها ، والنهار شرط فلا تجزء من ذبح ليلا من لياليها ، فحول الضأن أفضل من خصيانها ، وخصيانها أفضل من إناثها وإناثها أفضل من ذكور المعز ، والمعز من إناثها وإناث المعز أفضل من الإبل والبقر جميعها ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين ولمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العلمين) إنتهت وتقدم أن آخر أمره الاعراض عن الفتاوى والخطب ومخالطة الناس والانقطاع إلى ربه(2) .



 توقيع : الدغوغي

ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله
والحمد لله
ولا إله إلا الله
والله أكبر

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
229. تبل / محمد المختار بن البكري الحسني السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 08-17-2014 02:08 PM
89. زين الدين / حماد بن محمد الصالح الأنصاري التكيراتي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 2 06-08-2014 08:47 PM
مؤلفات السوقيين عبدالحكيم منتدى المكتبات والدروس 19 03-27-2014 10:39 AM
17.أحمد بن الشيخ بن أحمادُ الإدريسي الجلالي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 03-18-2014 02:32 PM
فهرسة الأعلام المذكورين في كتاب الشيخ العتيق بن سعد الدين المسمى ( الجوهر الثمين ) الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 1 12-01-2013 10:22 PM