|
المنتدى الأدبي ميدان للإبداع خاطرة أدبية أوقصة أو رواية أو تمثيلية معبرة أو مسرحية أو ضروب الشعر وأشكاله |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
الطائرة في شعر السوقيين.
الطائرة في شعر السوقيين. تناولنا في بعض مقالاتنا مواضيع استحوذت باهتمام الأدباء والشعراء السوقيين, ولن نشأ أن يكون حديثنا عن هذا الأدب يحكمه قانون معين لا نتعداه بل غرضنا البحث في خبايا وزوايا هذا المنجم الأدبي الغني والتنقل بين خمائله نقطف من زهراته ونرتشف من معتق رضابه ولا نبالي في أي واد من أوديته دخلنا, مادامت الغايات التي يرمي إليها هذاالموقع ومنتدى الأدب خاصة, إبراز بعض الرسائل التربوية والدينية والسلوكية التي يحملها شعر السوقيين, والذي استطاع أن يواكب سير الأحداث العالميةبالرغم من بعده من مراكز الإشعاع العلمي والأدبي في الوطن العربي, وعدم احتكاكه بأدباء العالم الإسلامي بسبب تقوقعه في زاوية جغرافية بعيدة عن مواقع الأحداث التاريخية العظام والتي لها دور بلا شك في تفتيق قرائح الأدباء, وهي من العوامل التي تساعد على أن يسمح خيال الشاعر بكنوزه ويسخو بجواهر إبداعه, ويجود بأثقال فكره عبر قصيده. بالرغم من ذلك كله فإن الأباء السوقيين لم يتنازلوا عن حظهم في تركة العربية التي يمثلها الشعر ولم يغيبوا عند تناهب الأدباء لملح الشعر ونتف الأدب ولمع الحكم. ومن نافلة القول الحديث عن الناقة في شعر السوقيين, فالغزل والبكاء على الأطلال, والصحراء والناقة, هي تاشيرة الدخول إلى مدينة الشعر العربي, الواسعة وعند الشعراء السوقيين أن من لم يدخل عبر هذه البوابة فلايسمح له بالعبور إلى واحات الشعر العربي, وليست العربية وحدها تشفع له, ولامعرفة نظم القصيدة وقرض الشعر إذا لم يلتزم بهذا الترتيب لأجزاء قصيدته . الناقة. (استحوذت الناقة على وجدان الشاعر الجاهلي فوصفها وأكثر من ذكرها وترمز الناقة في الشعر القديم إلى الصراع من أجل الحياة وهي أيضا وسيلة انطلاق الشاعر وتحقيق وجوده) كما قال أحد الكتاب . ويأتي وصفها في القصيدة القديمة - من حيث ترتيب أجزاء القصيدة – بعد الوقوف على الديار والبكاء عليها ، فالرحلة بعد الوقوف أمر ضروري لأنها وسيلة للتسلية ونسيان الهموم . الطائرة في شعر السوقيين. بينما الشاعر السوقي في صحرائه ينتقل بواسطة ناقته بين أدواح وخمائل وواحات الصحراء الطارقية يصارع من أجل البقاء على ناقته, فإذا هو يفاجأ بهذه التكنلوجيا ويطوح به عصره في عالم آخر لم يعهده من قبل, وإذا بناقته التي يتغنى بها في شعره لم تعد هي الوسيلة الوحيدة لانطلاقه وتحقيق وجوده وتلبية أحلامه, بل وجد نفسه أمام سيل من الوسائل التي تحقق هذا الهدف بشكل أسرع, ومجهود أقل, ووجد نفسه وهو محاط بما أخرجته روائع العقل البشري وعبقريات الفكر الإنساني, من وسائل نقل لم يعهد لها التاريخ مثيلا, فلم يقعد به خياله في زاوية من زوايا هذه الصحراء مشدوها حائرا بل استطاع بفضل ما أوتي من حس مرهف وفكر أدبي نير, ونظرة علمية وقادة أن يستوعب هذا الحدث بسرعة تواكب سرعته, وتتناغم مع عصره المفعم بالمفاجآت وبالأحداث الجسام. ولا نطيل عليكم أكثر فأنا أكره الإسهاب في مثل هذه الأمور الواضحة, ولكنني أود من خلال الحديث حول الطائرة في شعر السوقيين, أن أنقل بعض الشعر المشرقي الذي سمحت به قرائح اهم أدبائهم مثل الشاعر محمد الإمام والشاعر أحمد شوقي وليست المقارنة أو الموازنة بين هذين الشاعرين الكبيرين, والشعراء السوقيين, هي غايتي في ذكر هذا الشعر ولكنني أود التنبيه إلى أن أمر الطائرة قد حرك خيال الكثير من فطاحلة الشعر في الوطن العربي من السوقيين وغيرهم ثم لابأس إن تناولنا الجانب الفكري الذي سوف يبحث عن بعض الأفكار التي ورت في هذه القصائد. وأبدأ بقصيدة لشيخ محمد الامام احد فطاحلة الشعر بالصحراءو هوعالم علامة من فحول الشعراء وهده القصيدة قالها في الستينيات من القرن الماضي وهوتوفي سنة 1970 وصفالطائرة الافاعجب متي امتطى الهواء = على جوفاء جؤ جؤها هواء لها في الصدران حميتازيز = وغيطلة يضيق بها الفضاء فتجرى اولا بمحركات = تساعدها القويوالكهرباء فتعجل عن رحا العجلات وثبا = وشيكا فالامام بها وراء فتصعدفي الهواء صعود باز = وتسبح في الفضاء كما تشاء فاونة تسف سفبف صاد = تراءىبالحضيض اليه ماء واونة تحلق في مداها = فيحجبهاعن العين الغطاء وتحسبتحتها مهما تسامت = سماء فوقها سمكت سماء فلا يدرى الذي قد كان فيها = اصبح كانفيه ام مساء فمن حلل السحاب لها ازار = ومن نسج الغمام لها رداء الا طيب به سفرا لذيذا= = فلا وعثاء فيه ولاعناء فسبحان الدي فطر البرايا = وسهل للصعاب كما يشاء فكرة هذه القصيدة تدور حول الصعود والهبوط والتعجب من هذا الكائن العجيب, وتخلل ذلك وصف جميل لسرعتها والحديث عن محركاتها التي نالت إعجاب الشاعرووصفها وصفا رائعا حين قال: فمن حلل السحاب لها ازار = ومن نسج الغمام لها رداء أما الشيخ العلامة والشاعر الفهامة المحمود بن حماد الإدريسي السوقي, فلم يكن ليبدأ في وصف الطائرة دون استصحاب موضوع الناقة فهي حقيقة حاضرة أمامه ولم يكن ليطيل في المقارنة حيث لامقارنة, بل فداها بالناقة مباشرة ودلف إلى الموضوع ولم يكتف بالوصف الخارجي, بل بدأ بالحديث عن الهيكل الداخلي والذي نال تصميمه إعجابه وعده من (المحاسن) التي تند عن الوصف, فصال وجال في وصف الظل الظليل والكراسي المرتبة والتكييف وغير ذلك من المحاسن. ثم كر على الهيكل الخارجي وشبه الطائرة بالسمك وبالطير لكن ذاك بأجنحة وهذا بلا زغب, مما يبن قدرة الشاعر على توليد الأفكار وتشبيه شيء واحد بشيئين مختلفين في بيت واحد حين قال: واها له سمكا يعلو بأجنحة === فوق السحائب أو طيرا بلازغب لعلنا نلخص بعض الأفكار الواردة في الأبيات ومنها: 1- شبه الطائرة بالسمك والطائر ليصورها أكبر من كونها جمادا مركبا من حديد وفولاز ويجعلها في ذهن السامع مفعمة بالحياة وهذا الأسلوب في اعتقادي أجمل من وصف شوقي لها بأن نصفها بشر ونصفها طائر, وتشبيهها بالنجم كذلك فإنه لايعطي نفس المعنى المفعم بالحيوية. 2- السلم البياني للأبيات في صعود وعلو مستمر والألفاط ينادي بعضها على بعض في تناغم رائع خلاب بعيد عن الرتابة المملة. 3- التركيز على الهيكل الداخلي والخارجي ومنحهما ما يناسبهما من الأوصاف. وإليك أبياته وهي: فنعم مزدحم العشاق جؤجؤها === تفديه في سبحه خطارة النجـب ما تنقمون من الطيار إن لـه === عندي محاسن تربو عن حصى الكثب ظل ظليل كراس صففت دعة === نوم عـلى لذة في مضجع رحب واها له سمكا يعلو بأجنحة === فوق السحائب أو طيرا بلا زغب سبرتها فإذا صنع قد أتقنه === ذو فطنة حاذق فيما سوى القرب شد المسامر سدد المنافذ عن === تدقيق فكر فلم يفح سوى ثقب كأن ألواحها من حسن مالتأمت === لوح وتحسبها شقت من الهضب ولاشك أن المحمود استعمل نوعا جميلا من الوصف ألا وهو التجسيم والتشخيص , ثم التصوير بعد ذلك , فنراه تارة يصورها على شكل سمك وهمي يعلو ويحلق في جو السماء , وآونة على هيئة طائر خيالي , يعشعش فوق عنان السماء ولكن بلا ريش ولا زغب ثم ينتقل من الخيال والمجاز إلى الحقيقة , ويعرج على هيكلها الذي نال تصميمه إعجاب شاعرنا فهو على حد تعبيره عبارة عن ألواح التأمت , ومسامر شددت , ومنافذ سددت وأتقن التآمها وتناسقها فكأنها قطعة قدت من جبل إلى غير ذلك من الأوصاف التي سردها في قصيدته , وهي تدل على اقتعاده غوارب الإبداع , واعتلائه قنن الاختراع في فنون شتى منها البيان والبديع. ومن جميل صنع الشاعر أن هذا الإعجاب والإنبهار بالطائرة لم يكن ليثنيه عن الإشادة والتنويه بالعقل الذي أنتج هذا الكائن الرائع, وأجمل من هذا كله أنه ذم هذا العقل الذي لم يجتهد في القرب ومرضاة الخالق كاجتهاده في التصنيع , وحذقه في تسخير هذه التكنلوجيا ووظف ذلك توظيفا إيمانيا نقيا, والعجب من هؤلاء العلماء قدرتهم على توجيه رسائل إيمانية وتأملات فكرية في أي مناسبة كانت, وهذا هو الشعر الذي يستحق أن يقرأ وان ينوه به حيث انه ليس معزولا عن الفكر الديني في جميع محطاته , وفي اعتقادي أن من أهم مهمات الشاعر أن يوقظ عبر القصيد الرغبة لدى قرائه بين العقيدة والأدب، وضرورة الإخلاص لها من أجل خدمة المصلحة العامة من جهة، وتحقيق شعرية النص باعتباره خطابا تواصليا مشفرا من جهة أخرى، حتى يصبح متميزا نعم متميزا. ويتحدث الشاعر أحمد شوقي في قصيدته عن الطائرة، ويشير إلى أنها لو ظهرت في الأزمان الماضية لظنها الناس إحدى المعجزات، فهي رائعة سواء أكانت مرتفعة في جو السماء، أم راسية على سطح الأرض، تثير الخوف في قلوب الناس كافة ؛ الشجاع منهم قبل الجبان، وهي وإن كانت تشبه الطائر إلا أنه لا ريش في جناحيها، بل هما مصنوعان من حديد صلب ناعم الملمس، وتطير بقوة البخار. وعند طيرانها تظهر في السماء كأنها نجم له ذنب، فإذا أسرعت كانت كالسهم المندفع بقوة ، أما عندما تنزل إلى الأرض فتبدو مختالة معجبة بنفسها تبقى على وضعها كالطاووس المعجب بنفسه وبريشه الجميل الألوان. إن صوتها مفزع يملأ الآفاق كأنه صوت الجن يُبَلِّغُ أخبارَ أهل الأرض لسكان السماء. النص : مَرْكَبٌ لَوْ سَلَـفَ اَلدَّهْرُ بهِ == َانَإحدَى مُعْجزَاتِ الْقُدَمَـاءْ نِصْفُهُ طَـيْرٌ وَنِصْـفٌ بَشَرٌ == يَالَهَاإِحْدَى أَعاجيِبِ الْقَضَـاءْ! رَائِـع ،مُـرْتفعاً أَو واقِفاً == أَنْفُسَالشُّجْعانِ قَبْـل الجُبَنَـاء حَمَلَالفُولاذَ ريشاً وَجَـرَى == فِيعِنَـانْين لَهُ: نــارٍ وَمَـاءْ وَجَنَاحٍ، غَيْرِ ذِي قَادِمَـةٍ == كَجَنَاحِالنَّحْلِ مَصْقُـولٍ سَوَاءْ يَتَـرَاءَى كَـوْكَباً ذَا ذَنَبٍ == فَـإِذَاجَـدَّ فَسَهْمًا ذَا مَضَـاءْ فَإذَاجَـازَ الثُّـرَيَّا للِـثرَى == جَرًكَالطَاووسِ ذَيْلَ الْخُيَـلاءْ يَمْلأاَلآفاقَ صَوْتاً وَصَـدًى == كَعَزيفِاَلْجِنِّ في اَلأرْضِ اَلْعَرَاءْ أَرْسَلَتْهُ الأرْضُ عَنْهَا خَبَـراً == طَـنَّ فِي آذَانِ سُكَّانِ السَّماء ونرى الشيخ الأديب حمدا بن حادي الإدريسي السوقي يستعمل أسلوبا مختلفا فهو يركزعلى المقابلة والتضاد في أوصافه , ليمنح الوصف البسيط قوة الارتفاع إلى مستويات رمزية أخاذة وهذا الأسلوب كثيراما يهز الإنسان إلى التأمـل ويدفعه إلى تفكير أعمق . النص. لابأس بالطائر الجوي لا ولئن === عناك في صعد هناك في صبب سبحان فاطره للاعتبار به === مـن سابح عطش ريان ملتهب نامي النشاط بلاضرب السياط وكم === للاحتياط يزجى باستقا نغب شاد مغن بلا حرف ولا شفة === هاد مهــن بلا جفن ولا هدب إن مال نحوالسحاب اهتزمن طرب === وكلما مال عنها ارتج للغضب ينازع الريح قالت أنت من خدمي === فقـال هيهات ظنيني أخا وهب مطية هي لا تعيا على عمل === ولاتشكى الأذى في عظم أو عصب ولم تطب نفس سواق إذاطويت === إلا إذا نزلت في صفصف جد ب فيها حراك ولم تحسس براكبها === على تنفسها رأسا إلى ذنـــب وإن تعجب فاعجب من هذا الوصف الذي جاء عرضا في القصيدة ولم يكن أساسيا فيها ولكن الشاعر حاول هنا جاهدا أن يمدنا بفيض من المعاني والمقابلات الجميلة والحوارات الشيقة بين الريح والطائرة, بأسولب رشيق نلخصه فيما يلي. 1- فيض معاني هذه الأبيات يتدفق وينمو بلا توقف. 2- استعمل الشيخ الشاعر المحسنات البديعية, وضرب على أوتار جميلة من الطباق الايجابي وستلاحظ أن كلا منها يتضمن ثنائية لفظية ، تمنح المعنى مستوى دلاليا كبيراخاصة بين كلمة( صعد- وصبب, وسابح وعطش وريان وملتهب) وغيرها. 3- استعمال الزخارف اللفظية مثل قوله (شاد وهاد ومغن ومهن) مستخدما في ذلك أسلوب الحكيم حيث أن السائل لم يسأل عن هذه الأمور ولكن الشاعرأراد أن يأتي بجديد في جوابه ويضفي على الطائرة هالة تدعدغ مشاعر الحجيج. 4- عقد الشاعر محاورة جميلة في ملاطفة أدبية أجمل بين الطائرة والريح. غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.
آخر تعديل السوقي الخرجي يوم
08-29-2009 في 12:23 PM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 17 ( الأعضاء 0 والزوار 17) | |
|
|