|
المنتدى العام يختص بالمواضيع العامةباحة شاسعة تسع آراءكم وأطروحاتكم وحواراتكم، التي لم تسعفها المنتديات الأخرى |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
لا تستغربوا مقال للشريف حاتم بن عارف العوني
الشريف حاتم بن عارف العوني
لا تستغربوا عندما يكون التشديد والتزمت هو الفقه السائد ، لا نستغرب أن يكون غالب خلاف المصلحين تيسيرا وتسهيلا ، ليكون فقه المصلحين في نظرنا فقه الذين يتتبعون الرخص ؛ لأننا قد أصبحنا نحن نتتبع التنطع والتزمت ! وعندما يكون التحريم مطلقًا هو دليل الورع ومتانة الديانة ، لا تستغربوا أن تكون الإباحة مطلقا دليل التهافت على الدنيا وخفة الديانة . وعندما يكون التكفير هو دليل صفاء العقيدة وصلابة التوحيد ، لا تستغربوا أن يكون الكلام عن حرمة أهل الشهادتين فسادًا في العقيدة وإرجاءً من إرجاء غلاة الجهمية ( ولغير المتخصصين : الإرجاء عند العقديين : هي سُبةٌ عقدية ، والجهمية : هم – باختصار- قوم ما عندهم سالفة ! ) . وعندما يكون سد الذريعة بالتحريم والمنع هو خط الدفاع الأول لحماية الدين ، فسددنا بسد الذرائع أنفاس الناس ، لا تستغربوا إذا تجاهل فئام كبير من المجتمع الفتاوى ؛ وقالوا : استفت قلبك ! لأننا ضيقنا عليهم ما وسعه الله ، فلا حمينا الشريعة ، وهدمنا سدودها ، وفتحنا ذرائع التفلت من الدين ، ونحن نظن أننا نبني السدود !! وعندما يكون كل تشبه بالكفار محرما ، لا تستغربوا إذا وجدنا من يرفض التشبه بإنسانيتهم ، مع أن الإنسانية صفة تجمعنا جميعا ، وعندها ستجد من يتشبه بهم غير مبال بالفتاوى التي لا تعقل معنى المشترك الإنساني . وقريبا كانت إجازة الجمعة والسبت (بدلا من الخميس والجمعة) حراما لأنها تشبه بالكفار ، ثم صدر القرار باعتمادها ، فخرست الألسن المحرمة ، وتشبهنا بالكفار على زعمهم ، فوجدنا هذا التشبه حلوا طيبا !! وعندما يكون كل جديد يخدم الدين بدعة ، فلا تستغربوا إذا ما حرموا المآذن والمحاريب ، وحرموا أن تزيد درجات المنبر على ثلاث (كما وقع فعلا) !! وعندما تصبح المرأة مبغوضة بسبب سوء فهم تعظيم النصوص لفتنة الرجل بالمرأة ، وبيانها لشدة انجذاب الرجال إلى النساء ، لا تستغربوا أن تصبح الدعوة إلى إعطائها حقها الإنساني في وجداننا تعاطفا مع الشيطان ! مع أن المال من أعظم الفتن أيضًا ، وحذرت منه النصوص أعظم تحذير كذلك ، وما زال القوم يحبونه حبا جما !! وعندما لا نعترف بأخطائنا ، ونجعل كل شيء مؤامرة ، لا تستغربوا إذا أصبح التحذير من المؤامرة هو نفسه مؤامرة ، ومؤامرة التحذير من المؤامرة هي نفسها مؤامرة ، في سلسلة مضحكة من المؤامرات . وعندما نعتقد أننا نحن (حصريًّا) امتداد السلف والصحابة رضوان الله عليهم ، لا تستغربوا إذا قلنا إن أهل الجنة هم أهل منطقتنا ومن اتبعهم ( كما قال أحدهم ) . وعندما نعتقد أن شيخ الإسلام ابن تيمية هو شيخ الإسلام حصرًا ، بمعنى الانفراد بهذه المنزلة ، لا تستغربوا إذا أصبح علماء الإسلام كلهم صفرا على الشمال ! وقد كان شيخ الإسلام يعيب على النحويين تسليمهم المطلق لسيبويه ، وكان يقول : ما كان سيبويه نبي النحو ، فأظنه لو كان هو بيننا لقال لنا : ما كان ابن تيمية نبي السنة والسلفية ! وعندما نجعل الحفظ هو مقياس العلم ، حتى قالوا : احفظ فكل حافظ إمام ، لا تستغربوا إذا أصبح أئمتنا مسجلات تكرر ما قيل بغير فقه ، فيكون واقع المستفتي في واد ، والفتوى في واد آخر ، وكأنك تسمع في الفتوى صرير أعواد الأقلام على الجلود واللخاف والعُسُب و الأكتاف أو الكاغذ ، لا صوت أزرار لوحة المفاتيح (الكيبورد) على الحاسوب (الكمبيوتر)! وعندما يصبح تعظيم النص هو الظاهرية الجامدة والسطحية الجوفاء ، سيصبح فقه النص وعلم علله ومقاصده تحريفا للنصوص وتبديلا للشريعة ، حنى أصبح وصف (الفقه المقاصدي) شتيمة وانتقاصا . وعندما يصبح الدفاع عن الإسلام بالأدلة العقلية عقلانية مذمومة (تقديما لنتاج العقل الظني على النص) ، سيصبح الإلحاد واللادينية هو دين شبابنا الذي تجتاحه الشبهات والشكوك من كل مكان . وعندما يصبح طلبة العلم يسألون ماذا قال ابن باز وابن عثيمين والألباني ( عليهم رحمة الله ) ، ولا يفكرون في معرفة ماذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ، فلا تستغربوا إذا وصفنا قولا اتفق عليه الأئمة الأربعة كلهم بأنه من أقوال أهل الفساد ، وإذا وصفنا قول جمهورهم بأنه دعوة للسفور والإلحاد في آيات الله (كما وقع فعلا) ! وإذا أصبح وعاظنا هم علماءنا ، فلا تستغربوا إذا ما قادوا أمتهم إلى الجهل والمعارك الطائفية . وإذا أصبح الضال من أهل البدع المسلمين أكفر من الكافر ، فمن الطبيعي أن نستعين بالكافر عليه ، أو أن نرجو هلاكه على يد اليهود والنصارى ، ولن يكون ذلك عندنا خيانة ، ولا ناقضا من نواقض الإسلام (كما يزعمون في نكفيراتهم الجملية) . فإذا استعان هو بالكافر علينا ، صار خيانة وعمالة وتاريخا أسود من التآمر ضد الإسلام والمسلمين . ولا نشعر (مجرد شعور) أن ذلك من ازدواج المعايير ومن الكيل بمكيالين ، وتختفي معالم العدل وتموت مشاعر الوخز في ضمائرنا !! وإذا لم نفرق بين جماهيرية الفرقعات الإعلامية ومسايرة الجماهير فيما تحب ، وجماهيرية القبول العلمي لدى أهل العلم ، فلا تستغربوا إذا ما أصبح جهلة الوعاظ هم من يقود عقل الأمة ووجدانها إلى جهالاتهم . وأما إذا كان دليل القبول عند الله كثرة من المتابعين والمعجبين في الفيس وتويتر ، فلا تستغربوا إذا شهد الناس بالجنة لبعض الفنانين والفنانات ولاعبي الكرة ، فهم أكثر أتباعا ، وأكثر معجبين . وإذا أصبحت لحوم من نسميهم نحن علماء لحوما مسمومة ، ونستبيح بسبب سُميتها لحوم علماء آخرين يخالفونهم ، فلا تستغربوا إذا تسمم كثير من الناس بلحوم الناس جميعًا ؛ فنحن من سن لهم أكل لحوم البشر المسمومة . وإذا حصرنا سبب تخلفنا في معاصي الشهوات واتباع الهوى فقط ، دون التفات إلى معصية التخلف العلمي وجريمة التأخر التقني وعار التراجع الحضاري ، فلا تستغربوا إن بقينا أضعف أمة على وجه الأرض ، وإذا أصبح النموذج القاعدي أو الداعشي هو نموذج الخلافة الراشدة في وجداننا . في قائمة طويلة من الهموم ، كتبت جزءا يسيرا منها . وهي قائمة من فنون الحديث (التي يأخذ بعضها برقاب بعض) ، لا لتمتعنا ، ولكن حتى تخنقنا ، و(الحديث فيها يجر الحديث) ، ليسحبنا على وجهنا غما وحزنا ، و(الحديث فيها ذو شجون) لا حنينًا يسعدنا بذكرياته ، ولكن جنونًـا يُصدِّع رؤوسنا بواقعاته ! ولكن يختصر الأمر : ما يقوله العامة بسلاسة ودون تعقيد : إذا عُرف السبب بطل العجب !
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الشريف حاتم بن عارف العوني : المتحف الحي | أبوعبدالله | المنتدى الإسلامي | 1 | 06-11-2013 02:05 PM |