العودة   منتديات مدينة السوق > قسم الأعلام و التراجم > منتدى الأعلام و التراجم

منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين

Untitled Document
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 07-22-2013, 12:32 AM
عبادي السوقي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 96
 تاريخ التسجيل : Jun 2009
 فترة الأقامة : 5651 يوم
 أخر زيارة : 11-13-2024 (08:04 PM)
 المشاركات : 389 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : عبادي السوقي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي المجاهد محمد كاوصن:



المجاهد محمد كاوصن:

ولد محمد كاوصن في بلدة (مرقو) حوالي عام 1880م وينتمي الى قبيلة (إيكزكزن) إحدى القبائل الشريفة في سلطنة والليمدان وإليها تنتهي رئاستها، قاد حركة الجهاد ضد فرنسا في النيجر في الحرب العالمية الأولى وأبلى بلاءً عظيماً، وقد عاش هذا القائد أحداث الجهاد منذ اصطدام توارق شمال النيجر ضد فرنسا عام 1901م ، وهاجر ضمن قبائل التوارق نحو الشرق ، حيث استقر (بقورو) وانضم للطريقة السنوسية وكان ضمن المجاهدين في هجومهم على (وشنكال) في نوفمبر في عين (كلكا)، وكان من ضمن المستولين على الموقع الفرنسي التابع لسرية الهجانة في كانم بقيادة الملازم (موتوت).
وقد أعجب به احمد الشريف واسند إليه قيادة (عين إيدي) ، وانطلق مجاهداً، فأغار على بيسكرى عام 1910م، وضغطت عليه القوات الفرنسية، فلجأ الى دار فور حيث (سلطنة علي دينار) ثم رجع الى (أوتياكا) وألتحق بالشيخ محمد السني في سبتمبر عام 1911م ثم سافر لاى يروكو وواداي ووضع نفسه تحت قيادة القائمقام العثماني في (عين كلكا) اكتوبر 1911م، وفي 23 مايو 1913م شارك كاوصن في معركة أم العظام ضد فرنسا ولم يتمكن المجاهدون من النصر واستشهد القائد عبدالله الطوير الزوي اثناء المعركة( ) وبعدها انتقل كاوصن الى فزان ووصل واو ودخل تحت قيادة محمد العابد السنوسي مندوب احمد الشريف في فزان، وشارك في جهاد أهل الجنوب ضد ايطاليا ثم رجع على راس مجموعة من المجاهدين للاستيلاء على شمال النيجر وطرد الفرنسيين منها، وراسل كاوصن سلاطين التوارق واللميدان، والآيبر، ومشائخ قبيلته يطلب منهم إعلان الجهاد المقدس ضد الكفار، ويعدهم بالنصر ويبلغهم أن الألمان سيلاقونهم في نيجيريا( ).
يقول ساليفو:
(ولكن كاوصن كان قدبدأ فعلاً في مراسلة مختلف زعماء التوارق في آيبير وخاصة سلطان (أقدز) و(تاقامه) صديقه المتواطئ معه عن طريق مراسلات سرية منتظمة)( ).
ويقول ساليفو:
(ومن ناحية أخرى قام تاقامه بالاتصال مع عدد من زعماء القبائل طالباً مساعدتهم في المعركة المرتقبة التي تستعد السنوسية لخوضها مع الكفار، فلبت القبائل: أيكزكزن، إفدين، كل أغاروس، كل فروان، نداء تاقامه على الفور، كما ردت قبائل المشكره تكريكريت والليمدن في منطقة طاوه بالموافقة على نداء سلطان أقدز، فجاءت هذه القبائل واستقرت في المدينة مع العائلات والمواشي...)( ).
وفي سرية تامة انطلقت كتائب المجاهدين التي يقودها محمد كاوصن القائد السنوسي باتجاه أقدز في أواخر فصل الخريف من عام 1916م ، متجنبين حر الصحراء وحاجة المسافرين للماء، وفي مساء ليلة 12-13 ديسمبر كان المجاهدون يطوقون أقدز وقد قبضوا في تلك الليلة على مجموعة من المشبوهين ومن لهم علاقة بالفرنسيين، مثل مترجم المركز الفرنسي، وتاجر تونسي يدّعى بأنه يتعامل مع الفرنسيين في التجارة، كما تم القبض على شخص أمريكي تابع لجمعيات تنصيرية( ).
قسم المجاهدون قواتهم الى مجموعتين:
1- المجموعة الأولى بقيادة محمد كاوصن.
2- المجموعة الثانية بقيادة أغالي من قبيلة أيكزكزن.
كانت كتائب المجاهدين تتكون من مجموعة كبيرة من الليبيين وحوالي 40 شخصاً من الشعانبه جزائريين يراسهم مولاي قدور وهو جندي سابق مع فرنسا، فر من جيشهم وألتحق بالمجاهدين، ومجموعة من أهالي توات (الجزائر) يرأسهم بوخريض، والتحق بالمجاهدين ، مجموعة من سكان الجنوب التونسي( ).
وبدأ المجاهدون في قصف المركز الفرنسي صباح يوم 13 ديسمبر لإجباره على التسليم، وفي 18 ديسمبر سقطت أربعون قذيفة على المركز وألحقت به أضراراً بالغة، وكان محمد كاوصن يدير المعركة بمهارة فائقة، وقدرة رائعة، ويشرف على سير المعركة ، واستطاع المجاهدون أن يستولوا على المدينة، وتحصلوا على غنائم ولم يبقى إلا المركز المحاصر الذي تخندق الفرنسيون داخله حيث تموينهم، وسلاحهم ، وذخائرهم، وبدأ المجاهدون يرسلون الدوريات الى المناطق المجاورة ، والى تقاطع الطرق المؤدية الى أقدز، وفي يوم 26 ديسمبر 1916م اصطدمت قوة من المجاهدين، بمجموعة فرنسية بقيادة الملازم سودان قادمة من زندر وأبادتها وقتلت الملازم سودان.
علم المجاهدون بقدوم قوة فرنسية تحمي قافلة الملح القادمة من بلما؛ فخصص كاوصن قسماً من جماعته لحصار المركز، وانسحب بمن معه لملاقاة القافلة، ونصب لها كميناً في منطقة (شين بتوراق) يوم 27 ديسمبر 1916م( ).
يقول النقيب (ساباتي) بتاريخ 28 ديسمبر عام 1916م: (إن إطلاق النار قد سُمع من بعيد في حوالي الساعة 17 من جهة الشرق، وبما أن الوقت متأخر فإنني لم أعين مجموعة للقيام بالاستطلاع في تلك الجهة، وكان ذلك خسارة للفرنسيين لأنه كان معركة (شين تبوراق) الشهيرة التي لاتنسى)( ).
وقد استطاع المجاهدون تحقيق نصر ساحق ضد القوة الفرنسية وكان حصار معركة شين تبوراق : (60 ستين من رجال الهجانة التابعين للفصيل المتنقل قد لقوا حتفهم ؛ فلقى الملازم الأول (ديفو) والطبيب العسكري (رينود) والعريف (مريل) ، والعريف (قازلان) نفس المصير)( ).
كما استولى المجاهدون على ستة أسرى، وستة من سكان المنطقة المجندين مع الفرنسيين وأعدموهم.
يقول كافيو:
(ولكن من الناحية المعنوية فإن الهيبة التي أحرزها، كاوصن من هذه الضربة كانت واضحة، فانتشرت أخبار الانتصار بسرعة في أحياء التوارق ، فزاد من تشجيع السنوسيين وأتباعهم وأصدقائهم ورفع معنوياتهم، فحسم موقف المترددين فقرروا الانضمام للمعسكر الأقوي ، وفي ذلك الوقت على كل حال كان الأقوى في نظر الأهالي كاوصن، وقد توافد التوارق الى معسكر كاوصن للانضمام إليه، ومن أجل الحصول على الشرعية للمشاركة في الغنائم)( ).
ويقول ساليفو:
(وفي 28 ديسمبر في أثناء الليل زمجرت الطبول المعلنة للاحتفالات في مدينة أقدز، وكان الوطنيون يحتفلون بانتصارهم الساحق ضد الرجال البيض الكفار)( ).
وكانت رسائل كاوصن تصل الى السلاطين في مناطق التوارق تدعوهم للانضمام للجهاد ضد الكفار، وكانت في هذه الاثناء مجموعات من المجاهدين الليبيين تهاجم أزوار بشمال تشاد، وأخرى تهاجم جادو، كما أن مجموعات أولاد سليمان في شمال تينبكتو توجهت للمساهمة في حصار أقدز بقيادة الخليفة ولد محمد، وهكذا تشتت كل جهود الفرنسيين.
يقول ساليفو:
( وهكذا إذن لم يكن أيّ فصيل من الهجّانة في كلِّ أنحاء أقليم النيجر مستعداً للذهاب إلى أقذر، فما العمل؟ هل يطلب من فصائل السودان التدخل، وعلى الأخص من فصائل كيدال وتينبكتو التي كانت قريبة أكثر من غيرها.
ولكن وبدون شك فإنَّ القدر قد ساعد جماعة كاوصن لأنه في الواقع إذا كانت فصائل الهجّانة مشغولة هنا في أي مكان من النيجر فإن هجّانة كيدال قد انطلقوا لتوهم في مطاردة غزوة عبر الصحراء)( ).
ويقول ساليفو نقلاً عن المصادر الفرنسية:
( فلا فائدة أيضاً من النظر إلى إقليم الجنوب الجزائري، فقد تمّ إخلاء حصن (بولينياك)، وهاجم السنوسيون حصن (موتيلانسكي)( ).
( كان الموقف الأوروبي هو الذي استهدفته مسألة ( كاوصن ) وهدَّدته في إفريقيا الوسطى، ألم يكن كاوصن لديه مشروع التوغل في بلاد الهوسا، وحينئذٍ تضامن الإنجليز والفرنسيون الذين كانوا قبل سنوات يتنافسون على هذه الأراضي التي لايفصل بينها إلا خطّ وهمي يمرّ من ساي - بارُّو - فحاولّوا نسيان منازعتهم القديمة لمواجهة عدوهم المشترك)( ).
وهكذا توحدت جهود فرنسا وبريطانيا، وعملاء المنطقة على محاربة المجاهدين، وعلى رأسهم كاوصن( )، ولقد، اندلعت معارك ضارية بين القوات الأوروبية، وقوات المجاهدين وكانت الغلبة للقوة التي ملكها الأوروبيون، وقد فصل الدكتور محمد القشاط تلك المعارك( ) لقد أتعب كاوصن الفرنسيين، وقد أبلى بلاء حسناً،وكانت وفاته في ليبيا،حيث تعرض لكمين من بعض القبائل التي كانت تكن له الكراهة والبغض نتيجة لسوء تفاهم بينهم، فعندما مرّ بحطية أم العظام في جنوب ليبيا بمنطقة فزان هاجمه مجموعة من الرجال، فأمر مجموعته بعدم إطلاق النار قائلاً: ( هؤلاء لابدّ مسلمون جهلونا، فالفرنسيون بعيدون من هنا وكذلك الطليان ) وتقدم ليوضح لهم فقبضوا عليه، وضربه رجل اسمه العياط بالسوط فقال كاوصن مخاطباً العياط:
( أنا كاوصن لا أضرب بالسوط اضربني بالرصاص ) فأخذوه حيث أمروه بحفر قبره بيده وقتلوه بعد أن صلَّى ركعتين في 5 يناير 1919م ).
وهكذا انتهت حياة هذا المجاهد العظيم على يد أحمد العياط الذي قتل عام 1924م على يد أحد المجاهدين بالحمادة الحمراء وهو يقاتل مع الطليان( ).
أما بقية المجموعة من مجاهدي الصحراء فإنهم حين سمعوا بخبر كاوصن وظهرت لهم الحقيقة رجعوا إلى النيجر، حيث انسحبوا ليلاً، وأخذوا معهم زنادات المدافع، وتابعتهم قوات خليفة الزاوي التابعة للأتراك الذين رغبوا مابين عامي 1916م-1918م في القضاء على نفوذ السنوسية في فزان والذي كان يقوده محمد عابد السنوسي.
ووجدتهم قوات الزاوي اثنين منهم مغمى عليهما من العطش فاسعفاهما وأرجعاهما إلى حيث دفنوا زنادات المدافع وقتلاهما، ومع الأسف الشديد، والحزن العميق كان أحد أولئك القتلى السلطان المجاهد الخورير سلطان والليمدن الذي لم يستطع مواصلة السير من العطش، وسلّم ولده الصغير محمد لأحد رفاقه وسقط هناك.
واستمر عبدالرحمن تاقامة يقود المجموعة المنهكة، والقليلة الزاد، والذخيرة، راجعاً إلى الصحراء متخذاً من جبالها درعاً له( ).
إن تلك الفتنة التي حدثت بين خليفة الزاوي، ومحمد عابد السنوسي ساهمت في إجهاض حركة الجهاد في الصحراء الكبرى( ) وإني أعرضت صفحاً عن تفصيلها، وأسبابها أما عبدالرحمن تاقامة، فقد كان على علاقة وثيقة بالحركة السنوسية، ولذلك استجاب لنداء الجهاد المقدس ضدّ فرنسا، عندما وصله من زعامة الحركة، وساند حركة محمد كاوصن، وكان يموّن ويموّل المجاهدين طوال حصار أقدز في النيجر، والذي استمر قرابة الثلاثة أشهر، وعندما فك الحصار المجاهدون انسحب معهم، وقاتل فرنسا بضراوة، إلى أن وصل فزّان حيث استقبلهم خليفة الزاوي حاكم مرزق محارباً، ولما قتل كاوصن انسحب عبدالرحمن تاقامة عائداً إلى الصحراء.
كان الفرنسيون يتابعون الأحداث:
يقول ساليفو:
( كان الفرنسيون يتابعون تطورات الوضع السياسي في فزّان عن كثب، وكانوا يعلمون أنّ كاوصن قد قُتل، ولكن تاقامة مازال حياً ممّا سبب لهم نوعاً من القلق، وفي الحقيقة كانت شعبية سلطان آيبر الأسبق مازالت عميقة، وكان الفرنسيون يعلمون أيضاً أنَّ تاقامة يستطيع أن يجمع حوله من جديد عدداً من الأتباع ويهدّد بوجه خاص تخوم المناطق الصحراوية في النيجر)( ).
ولذلك شرع الفرنسيون بالتصدي له محاولين أن لايسترد أنفاسه، لأنّ مجموعات من مشايخ القبائل في النيجر بدأت تعلن العصيان بعد أن علمت بوصول المجاهد عبدالرحمن تاقامة، بل بعضهم قام بإرسال جمالاً لإنقاذ مجموعات عبدالرحمن من العطش الذي أنهكهم( ).
يقول ساليفو:
( وكان الفرنسيون قد أخذوا على عاتقهم وبكلّ ثمن منع تاقامة من التوجّه إلى الكفرة أي إلى ذلك المركز الروحي ( التخريبي ) الذي لعب دوراً كبيراً وهامّاً في النضال من أجل زعزعة استقرار المسيحين في إفريقيا)( ).
وقد أرسل الفرنسيون فرقة لمصادمة تاقامة الذي وصل إلى جبال تيبستي وشرع الفرنسيون في سجن المواطنين، وتعذيبهم وأخذ أولادهم ونساءهم رهائن، واتخذوا منهم مرشدين للطرقات لمتابعة مجموعات تاقامة الجهادية التي توزعت في الجبال وتقسمّت إلى مجموعات صغيرة لنقص الجمال والتموين، وفي يوم 8 مايو 1919م استطاع الفرنسيون بواسطة المرشدين أن يطوقوا المجموعة الصغيرة، وفاجأوا المجاهدين بإطلاق النار من قريب، فسقطت تلك المجموعة شهداء في ساحة الجهاد وكان عددهم عشرة وأسر عبدالرحمن تاقامة وزوجته بعد أن نفذت ذخيرته، ثم أودع السجن في زندر، ومنها إلى أقدز ( النيجر ) حيث شهرّ به، وكان مكبلاً بالحديد في رجليه ويديه وعنقه ويحرسه ستة من الجنود، وفي ليلة 29-30 إبريل 1920م اقتحم آمر أقدز النقيب الفرنسي "فيتاني" وخنق ذلك الأسد المكبل في قيوده لتصعد روحه مع الشهداء، وأصحاب الجنان، بإذن ربها، وادّعت السلطات الفرنسية بأن عبدالرحمن انتحر، ليغطوا بذلك على فعلتهم الشنيعة، وبذلك أسدل الستار على حياة هذا المسلم المجاهد الذي خاض حروباً طاحنة، ومعارك ضارية، وجهاداً مريراً ضد النفوذ المسيحي الفرنسي في الصحراء الكبرى، فعليه من الله المغفرة، والرحمة والرضوان، وأعلى الله ذكره في المصلحين( ).
ونرجع الى القائد العظيم محمد كاوصن لنلقي الأضواء على بعض رسائله التي كان يحرّض بها الزعماء في منطقة الصحراء الكبرى لينضووا تحت راية الجهاد التي كانت تحملها الحركة السنوسية.
رسالة من كاوصن إلى أعمامه

أقدز في 10 مارس 1917م
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى سيادة العزيز الكريم الكامل، إلى عمنا الحاج موسى، وعمِّنا " أدمير " وإلى جميع قبيلة ( إيكزكزن ) وكلّ من في حمايتهم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وعلى كلِّ أحبابكم وأصدقائكم سلاماً تاماً يعمكم جميعاً أنتم وبلادكم.
إن سألتم عنّا فنحن على خير، ولاينقصنا ولانهتمّ إلا بكم، ونرجو من الله أن نلتقي معكم قريباً، والله سميع مجيب الدعوات، ونطلب من الله تعالى أن يجمع شملنا بجاه النبي الحبيب.
ونحيطكم علماً بأنّ مايجري في الوقت الحاضر ليس إلا خيراً وأنّ الله سبحانه وتعالى والزعماء قد طردوا الفرنسيين في بلاد " أزقير " وأنّ المجاهدين قد استولوا على مراكزهم.
إنّ المسلمين جميعاً قد قاموا إلى الجهاد، وإن الشعانبة( ) الذين كانوا مع أعداء الله قد انقسموا، فهرب بعضهم وذهب إلى المناطق الرملية قرب (غدامس)، وكذلك الذي يسترونه في رسالة أخينا المختار بن محمد بأنَّ قوات كبيرة تتوجه الآن إلى الإقليم الذي يحتله الفرنسيون أعداء الله ورسوله، واعلموا أنّ الحكومة التركية والألمان ينتظروننا في ( كانو ) حيث سبقونا، ولاتشكوا في ذلك، وكونوا رجالاً وانتظروا.
إنّ كل البلاد التي ستفتح بين البحر ومصر ستُسلّم إلى الحكومة السنوسية، وتلك هي النصيحة التي أوجهها لكم تمسَّكوا بها إنّ الله العلي القدير قال لنبيه : ( إنك لاتهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء ).
والسلام. إنّها رسالة قادمة ممّن يدعون الله من أجلكم وعنهم كاوصن بن محمد( ).
كتبت في 6 ذي الحجة 1334 أكتوبر 1916م،
ومختوم بختم يحمل العبارة التالية
خادم الحكومة السنوسية
حاكم وادي فزّان
كاوصن 1334هـ
ومن رسائل محمد كاوصن إلى قبيلته يخبرهم بقوله:
( وإننا نخبركم بأنَّنا قد أرسلنا من طرف سيدنا الأكبر السيد محمد العابد الشريف بارك الله فيه وبارككم، فأمرنا بإنهاض الناس وتحريضهم على القتال في سبيل الله والطريق المستقيم وعلى كلمة الدين ...)( ).
ويقول في فقرة أخرى من الرسالة:
( وكل مانريده نحن هو أن يتبع الناس جميعاً الطريق المستقيم لأننا نعمل وفقاً لإرادة الله، ونطيع أوامر السيد العابد، لأن عهده قد بدأ بدون أدنى شك وبكل يقين، وليس هناك سلطة أخرى غير سلطته، لأنّ العالم قد قسم فأخذ كلّ واحد نصيبه -وذلك بمشيئة الله - وأنتم من الجزء الذي يقع في نصيب السيد محمد العابد. يا أيها الناس فكروا جيداً، إننا مبعوثون من عنده لنهديكم إلى الصراط المستقيم ونقوم بإدارة بلادكم، فلتبق هذه الكلمات في ذهنكم وتقبَّلوا تحيات خادم الطريقة المجيدة الشريفة الصحيحة الطريقة السنوسية...)( ).
ثانياً: المجاهد محمد عبدالله السني :
ومن قيادات الحركة السنوسية التي قادت حركة الجهاد ضد فرنسا في تشاد ولد بمزدة سنة 1268هـ الموافق 1851م، من أسرة تنتمي للعباس بن عبدالمطلب، جاء جدها الأول من المدينة المنورة ونزل بواد قرب بلدة سنار بالسودان، فسمي الوادي باسمه ( وادي مدني ).
انتقل والده إلى مكة حيث درس الفقه وعلوم الدين على يد الشيخ أحمد بن إدريس حيث التقى هناك بالشيخ محمد بن علي السنوسي، والذي عاد برفقته إلى ليبيا واشتركا في تأسيس الزوايا لتعليم القرآن، وعلوم الدين، حيث شرع الشيخ السنوسي بتكوين زواياه بالجبل الأخضر، وفي المناطق الشرقية من ليبيا، وبدأ الشيخ عبدالله السني في تأسيس زواياه في غرب ليبيا حيث أسس زوايا في غدامس، ومزدة، والحرابة، ومصراته وغيرها.
ولما توفي الشيخ عبدالله سنة 1296هـ تولى ابنه إدارة الزوايا وتأسيس زوايا أخرى حيث أسس زاوية غريان، والقلعة، والعمامرة، والرحيبات وكان رجلاً مباركاً سعى إلى إخماد الكثير من الفتن بين القبائل، وفي عام 1313هـ عاد أخوه عبدالسلام من الكفرة بعد أن أنهى تحصيله العلمي، فترك له أمر الزوايا وذهب إلى الكفرة لملاقاة الشيخ محمد المهدي السنوسي، الذي تولى أمر الدعوة بعد وفاة والده.
وعند وصوله إلى هناك أمره شيخه بالتوجه لنشر الدين الإسلامي، وصد التغلغل التبشيري المسيحي في بلاد السودان ( تشاد الحالية والنيجر ).
سافر إلى هناك عام 1896م وأسس زاوية ( قرو ) وعدة زوايا أخرى وأستقر ( بكانم ) حيث تتواجد القبائل العربية الليبية، أولاد سليمان وغيرها، وأرسل في إحضار جزء من أسرته حيث لحق به أبناه عبدالله، وعبدالعالي، وبقيت الأسرة في مزده، واستمر في جهاده في الصحراء أكثر من عشر سنوات، لقد شارك في الجهاد ضد فرنسا واصطدم بقواتها وساهم بنفسه وماله في حركة الجهاد في زمن المهدي السنوسي، وأحمد الشريف( ).
وكانت له أشعار رائعة في مدح الإمام الثاني للحركة السنوسية، ومنها قوله:
هو المرتجى للدين ينصر حزبه
فتعضده الأنصار والنصر والنصل
تجر بحوراً من بني العرب ترتمي
بأمواج آفات هي الضرب والقتل
إذا صففت تحت العقاب جنوده
تخال جبالاً فوقها شعل شعل
وإن زحفوا يوم اللقاء حسبتهم
سيول خيول برقها يبرق يعلو
كأن مثار النقع في حومة الوغى
غيوم بها برق الصوارم ينهل
إمام الهدى نافي الردى قاهر العدا
فدونك عجل قد تطاولنا الذل
تجد من بني الإسلام أخلص عصبة
جحاجح أبطال متى قلت لايألوا
هم القوم إن قالوا فثق بمقالهم
فلاشك عندي ان سيعقبه الفعل
وإن عطفوا بعد الفراغ الى الحمى
رأيت وجوه الحق بالبشر تنهل( )
ثم ينتقل بعد هذه الإشادة بالمجاهدين، إلى تقريع الفرنسيين الذين نعتهم بـ(الشياطين) لأنهم ناصبوا الدعوة الإسلامية العداء، واصلوا أهل البلاد الاصلاء نار حامية، فنراه يتولاهم بالوعيد والتعنيف حيث يقول:
رويدكم أهل الجحيم فإنه
سيبدؤكم منه الذي كان من قبل
فينسى فرنسيساً بتونسه أنسه
ويحرز كفراً بالجزائر قد حلوا
فتطهر أرض طالما قد تنجست
فأفعالهم سيل الدماء لها غسل( )
وشارك هذا الشيخ الجليل في الجهاد ضد ايطاليا، استطاع ابنه المهدي تفجير ثورة 1914م - 1915م في فزان ضد إيطاليا واستولى على قلعة (القاهرة بسبها).
واستمر ابنا محمد عبدالله السني يقودان الجهاد ضد ايطاليا حيث تولى المهدي قيادة الجهاد في فزان، وأحمد قيادته في منطقة الجبل الغربي إلى أن ضعفت المقاومة وانتقل المجاهدون إلى فزان، وفي أوباري قدم الشيخ محمد بن عبدالله السني إلى الأسرة حيث التقى بها بعد غياب دام ثلاثين سنة، ولكن الإيطاليين طوقوهم في أوباري حوالي عام 1930م، وحكم على الشيخ وأبنائه بالإعدام، ولكن عفواً عاماً شملهم، فوضعوا جميعاً تحت الإقامة الجبرية بمزده بعد أن صودرت ممتلكاتهم وأحرقت مكتبة مزدة( ). وفي عام 1932م، توفي محمد عبدالله السني -رحمه الله- ويعتبر هذا العالم والمجاهد الكبير من شعراء الحركة السنوسية، وقد تعرض الأستاذ محمد مسعود جبران لهذا الجانب على قلة ماوصل إليه من شعره وقال: (في الحق إن شعره - على قلته- استطاع أن يرسم لنا إلى حدما شخصيته، ويصور لنا جوانب من أخلاقه ومثله التي كان يؤمن بها، في الاعتزاز بالدين، والذود عن العرين وفي شوقه وحنينه للمدارج التي تربى بها، والبوادي التي كبر بين أحضانها، ويبين عن العهود التي وثقت صلاته بالعلماء والمجاهدين ...)( ).
ومن قصائده التي يصف فيها مقاومته الصحراء ونصبها وعنتها قوله:
يامن لهم همم نأى مقصودها
مجرى المطي إلى المرام يذودها
متحيراً من عز مشرقه الذرا
عنسا عياهل في رضاك يقودها
ورمى بها الدهناء يرقل مذئباً
يطوي بنص اليعملات بعيدها
ويفل بالعزم المجد مجاهلاً
بيت القطا أغوارها ونجودها( )
منقول



 توقيع : عبادي السوقي

أبحث عن الحقيقة شارك في صنع حياه مثاليه أمتلك المعرفة فإن هناك من يحاول إخفائها عنك حتى تظل أسيرا له

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ترجمة العلامة اللغوي الأديب الفقيه المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الشريف الأدرعي منتدى الأعلام و التراجم 3 06-09-2014 08:30 AM
مؤلفات السوقيين عبدالحكيم منتدى المكتبات والدروس 19 03-27-2014 10:39 AM
الهوامش على ( أوراق سوقية للشيخ الخرجي ) الدغوغي المنتدى التاريخي 4 09-04-2012 07:11 PM
تعاليق على مقال محمد أغ محمد : فرق بين الفرار والجهالة أداس السوقي المنتدى الإسلامي 14 02-11-2012 09:31 AM
محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني الخزرجي السوقي منتدى الأعلام و التراجم 2 01-09-2012 08:31 PM