|
منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-10-2011, 11:17 AM | #21 |
مراقب عام القسم التاريخي
|
رد: إنظار المعسر المدين
الطود الرابع: الشيخ العلامة اليسير السوقي التنغاكلي ـ رحمه الله.
بادئ ذي بدء: إن الكلام في سير العلماء الأعلام ألذ في الطعم من العسل المصفى وأشذى من طيب العود العبير. كيف لا وهم ورثة المرسلين والأنبياء الذين لم يورثوا إلاّ العلم الذي نال منه الحظ الوافر هذا الطود العلم الكبير، إنه الشيخ العلامة اليسير، وما أدراك ما الشيخ اليسير، من يتضاوء بدر الأهلة المنير الأنير. علم تسابق إلى بلوغ عواليه القدران، قدر يحمل رسالة إكرام الصابرين بفقد حبيبتيهم فيما تبصره العينان. وقدر يبلغ هذا العلم قدر الطود العظيم في جميع الفنون المسمدة سلسبيلها من القران. فإذا هو يسبق إليه قدر النبوغ في العلوم: إذ المقدر كالثابت ـ سبحان من بيده مقادير الأمور الجارية وفق إرادته في الأزل، ثم يتحقق به القدر الثاني ليسجل هذا الطود في ديوان من كف بصره صغيراً فإذا هو من أعلام الأعيان. قال يوماً في معرض ذكر منن الله عليه العظيمة: ما وجدت فرقاً بين أن كنت بصيراً، وبين أن كنت اليوم ضريراً، خاصة فيما يورث الإعاقة في سبيل مواصلة طلب العلم بالتحصيل... مضيفاً ذكر شكره للبر اللطيف الجليل، بقوله: ما قرأت القرآن قط ـ وهو من حفظته المهرة ـ إلاّ كان لي كمراجعة لجميع العلوم ـ حسب فنون العلم المستنبطة منه: من النحو، والتصريف، والفقه والأصول، والبيان، والمعاني، والبديع... إنه حصن حصين علمي منيع، وصدق الله إذ يقول: وما يعقلها إلاّ العالمون. فما أجل قدر قوة البصيرة التي يفقدها حقيقة القوم العمون. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم الموعود هو وأولياؤه بالويل والثبور: إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. إن هذا الطود ما زال يرتقي في العلوم بذكاء مفرط، وفهم ثاقب خارق وذهن وقاد المسقط. وقد يتصل بنا سند ما مر بالشيخ الداعية أبي عمر عبد الملك بن أحمد الإدريسي السوقي المرسي، سماعاً من والده ـ رحم الله السلف وبارك في الخلف. متنقلين مع القارئ الكريم إلى موائد الحيس لدى سعادة الدكتور محمود زبير ـ حفظه الله تعالى ـ حين أتحفنا بهذه التحف السنية، في قوله: **- الشيخ العلامة اليسير السوقي التنغاكلي ـ رحمه الله تعالى. هو من شيوخ الشيخ زين الدين السوقي التنغاكلي ـ رحمه الله تعالى. قرأ عليه الأصول والفقه. مضيفاً قوله: وهو من العلماء المتميزين بالحفظ والإتقان لجميع الفنون. قلت: ذلك ما أورثه التبحر في العلوم التي ينقله برجها إلى فلك الاجتهاد المطلق، فيسبح فيه على نظام أربابه الجهابذة الحذق. فأثر عنه ـ رحمه الله ـ مما أثر مسألتان: الأولى: رد المطلقة ثلاثاً إلى زوجها بوجه علمي مشروع نقلاً وعقلا، على وجه أصبح يؤخذ بها كفتوى محررة يفتى بها في حياته، خاصة بين علماء قبيلته العلمية المكرمة، ما جعله يقول قول عالم علامة رباني ناصح أمين، لما بلغ الأمر أن يفتي بها من دونه في السن بكثير من علماء قبيلته المتمكنين في العلوم المهرة. يا معشر شباب الحي، أنتم سمعتم أن اليسير لا يقع عنده الطلاق الثلاث، فتفتون بذلك... إنني لا أفتي بذلك حتى أبلغ الغاية في استقراء أحوال تطليقات المستفتي، فإذا وجدت بعضها لا يتحقق فيه وقوع الطلاق بوجه من الوجوه... أفتيت المستفتي بعدم الطلاق... وإلاّ فالطلاق الثلاث إن استوفى شروطه، لا يجوز بحال من الأحوال إرجاع تلك الزوجة إلى ذلك الزوج لأنه من بين حدود الله حد، بنص من الذكر الحكيم: فإن طلقها فلا تحل له من بعد... هذا نوع من أنواع نصح جهابذة علمائنا المبين، وذلك حين واجه من وسمهم بوسم شباب الذين يبلغون مرتبة عالية في جميع الفنون التي أهلته إلى أهلية الاجتهاد دون بلوغه سنهم، فما بالك بهم حين بلغوا ذلك السن الذي من النادر بمكان أن يصله فرد من أفراد آل السوق ـ عصراً عصراً إلى ذلك العصر ـ إلاّ وهو فحل من فحول العلماء خاصة قبيلته المكرمة التي يكفي في المثال الشيخ زين الدين شيخنا الذي بلغ من المرتبة العلمية ما تقدم مع صغر سنه وقتئذ... المسألة الثانية: جواز استعمال الصائم ورق شجرة: التبغ ـ التمباك ـ وتابَ في اللسان الطارقي... قلت تمهيداً إن هذه الشجرة الكريهة قبل ما يعود بنا العود الحميد بتحريمها، مقدماً ذكر بعض العلماء الذين صرحوا بحليتها، كما يتناوله عنوان مصنفاتهم، منهم: عبد الغني بن إسماعيل بن عبد المغني النابلسي، المتوفى 1143هـ. في تصنيفه المعنون، بعنوان:الصلح بين الإخوان في حكم إباحة الدخان. ونور الدين أبي الإرشاد علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري المالكي، المتوفى 1066هـ. في تصنيفه المعنون، بعنوان: غاية البيان لحل ما يغيب العقل من الدخان. هذا شيء من مصنفات من صرح بحلية هذه البلية، بجميع الاستعمالات، من الدخان، والمسحوق منها، المسمى في اللسان الطارقي: آسْرَغْ. وتخزينها في الفم المسمى في الطارقي أيضاً: أَجَمامْ. وهو أكثر أنواع الاستعمالات في صحرائنا الغالية، فلذا كثر من يستعملها من الخاصة فضلاً العامة، حين تناول جانب جواز استعمالها كثير من علماء الصحراء، الذين منهم صاحب هذه الفتوى الآتية، التي رجع عنها كما سيأتي نقلاً ـ بإذن الله. بعد أن صرح هذا الطود العلمي الراسي ناصاً على وجه الفتوى بجواز ذلك من غير ضرورة خاصة للصائم، من غير أن يفطر الصائم الذي يستعملها، مستنداً هذا الطود العلمي العظيم على بعض قواعد أصول الشرع، منها: البراءة الأصلية: الناطق أهلها: بأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة حتى يرد دليل المنع... ودليل المنع إما أن يكون نصاً صريحاً لا يتطرأ إليه الاحتمال، سواءً من الكتاب أو من السنة، أو من الإجماع، فتمسك بفقد هذا الدليل القاطع حين عارضه من عارضه من فحول علماء عصره... مورداً على أدلتهم المنعية استعامل ورق شجر: تابَ. في الصيام على الوجه الآنف، بأنها من الأدلة التي يتتطرأ إليها الاحتمال الذي يسقط قوة الاستدلال بها عند أرباب هذا النهج الشهير... معللاً ذلك لهم ببعض التعليلات، منها إيارده عليهم افتراضا: أن لو حلف حالف أن زوجته طالق، إن أكل أو شرب، فاستعمل ورق شجر: تاب. على الوجه المستعمل به لدى من يتعاطاها في المجتمعات الطارقية، ومن جاورهم في مضارب صحرائهم، هل يقع في الطلاق أم لا؟ فيقال له في معرض الرد لا إنه ما وقع منه طلاق. فيقول لهم: أن الصائم كذلك، على نحو قول القائل: وعكساً استعمل تجده سهلا. قلت: إن كيفية استعمال تاب في مضارب الطوارق، هي: أيقوم متعاطيها بوضعه شيئاً من ورق شجر: تاب. ممزوجاً بشيء من الرماد، أو ما يقوم مقامه من قصب الدخن، وما في معناه المحروق، المسمى عندهم: تُوكا ـ وهي عين رماد القصب المسحوق، فيضع ذلك المتعاطي ما قرّب بيانه في فمه، بين ما غلظ من الشفة وبين اللثة جهة الأضراس، وليس لتحديد حده في ذلك الموطن حد محدود، ثم ينزعها من يتعاطاها من فيه بعد أن تضعف المادة النوكتينية فيها. هذا ولقد ناقشه غير واحد من أعيان العلماء... فممن ناقشه علميّا العلم الشامخ بحر العلوم، رحيق خزانة الأدب المختوم الشيخ العلامة الإدريسي السوقي التَّبُرَقي المحمود ـ الخضر ابن الشيخ حماد العلم الشهير. وما أدراك ما الشيخ الخضر ذلكم العالم الذي من ورده الليلي، ما حدث به شيخنا الشيخ زين الدين وأن من ضمن الحضور، أن قال عنه: إنه مما اشتهر عنه أنه لا ينام حتى يقرأ جمع الجوامع للسبكي، والكافية لابن مالك ومختصر خليل على ظهر القلب ـ ضمن مستودعات الصدور... يا أجيال سوق العلم الكبير احيوا هذا الورد المقول في مثله: مذاكرة العلم ساعة خير من إحياء ليلة. كما أثر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما. فقد كان هذا العلم ممن نقاش هذا الطود العلمي العظيم، من المساء إلى أن ذهب عامة الليل البهيم، فختم الشيخ الخضر النقاش العلمي الرصين، بقوله: لو أني جعلت مكافأة الصائمين في يدي لأكرمت من لم يتعاطى تاب في الصوم، ثم أكرم بعدهم من يتعاطاها... قلت: يا له من نقاش علمي أديب، ويا لها من ترجيح أتعرج إلى الترجيح بها... وقد يتصل بنا سند ما مر بالشيخ الداعية أبي عمر عبد الملك بن أحمد الإدريسي السوقي المرسي من النقل المتواتر المستفاض. قلت، وممن ناقشه أيضاً من أولي النهى: من وجهاء أعيان علماء عصره الحذاق، منهم الحبر البحر الدفاق، العلم الشهير السوقي التنغاكلي الحسن آراب، أبي أبي الباكية نجلة العلماء اللسن البلغاء الكتاب. الشيخ العلامة الحسن بن آراب بنوع من أنواع الجدل المحكم بالوعظ والتذكير، حين علم بقوة ما تدرع به من قواعد الأصول الشيخ العلامة اليسير... فلما بلغ منه هذا السعي الكريم، أصبح مصبح من له مذهبان الجديد والقديم، مفتياً بالتحريم لا التحليل، كما هو دأب العالم العلامة الرباني التقي الورع الجليل... كما أسند لي ما مر شيخي المؤرخ ربيعة الرأي، وكان من طلاب الشيخ العلامة اليسير، إذ على يديه درس باب النعت في خلاصة ابن مالك... وقد سئل شيخنا الشيخ زين الدين ـ في ساحل العاج في بعض أسفاره التي تشرفت بمرافقته الكريمة ـ عن هذه الفتوى في حلية: تاب للصائم، هل هي قول يقول به علماء تنغاكل؟؟؟ فقال: لا، بل ما قال به إلاّ عالم واحد أفتى بها في حل تاب عنده، ثم رجع... مضيفاً قوله: أما أنا فلا أحلها لغير الصائم فضلاً الصائم... مستدلاً بأدلة قوية منها، قوله تعالى: ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد... ثم وضع سبابتيه نحو أنياب الأسنان، لتقريب مقام ذلكما الملكان الكريمان، قائلاً: إن الملائكة تتأذى بما يتأذى به البشر... ولما كان السائل ليس من أهل العلم، لم يذكر له أدلة تحريم إذاية البشر، الشديدة الوعيد... خاتماً حكم التحريم مطلقاً بقوله: الحمد لله الذي عافني من تعاطي هذه الشجرة الخبيثة من الطفولة إلى اليوم، مع قلة من يسلم من هذا الابتلاء... قلت: وبمثل ذلك أقول أنا في تحريمها بجميع أنواعها الخبيثة، كما رجح ذلك جمهور من العلماء المحققين، لهم عدة رسائل تناولت التبغ وأنواع استعمالات المحتمعات لها خاصة التدخين، المشتهر عالمياً، وإلاّ فباقي الاستعمالات من شم المسحوق، والوضع في الفم، كل ذلك في الحكم، لأن أصلها من التبغ، فيكون حكمها على معنى قول القائل: تعددت الأسباب والموت واحد. ومن تلك الرسائل العلمية: مجموعة رسائل عن التدخين. طبعة الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ـ الرياض ـ المملكة العربية السعودية. تناولت جوانب كثيرة تقضي بتحريمها، التي منها ما فيها من الأضار، كما أفرد بذلك محمد الطرابيشي الحلبي، المتوفى 1338هـ مصنفا بعنوان: تبصرة الإخوان في بيان أضرار التبغ المشهور بالدخان. وبمثل هذا التحريم أقول فيما عمت به البلوى ـ ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت... |
التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 01-10-2011 الساعة 01:01 PM
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|