|
المنتدى الإسلامي خاصة بطلاب العلم الشرعي ومحبيه، والقضايا الدينية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
تابع ل(ضوابط في التعامل مع المخالف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قواعد العدل والإنصاف : إن العدل فضيلة مطلقة ؛ لا تقييد في فضله ؛ فهو ممدوح في كل زمان وكل مكان ، وكل حال ، ممدوح من كل أحد ، مع كل أحد ، بخلاف كثير من الأخلاق ؛ فإنه يلحقها الاستثناء والتقييد . ولهذا اتفقت على فضله الشرائع والفطر والعقول ، وما من أمة أو أهل ملة إلا يرون للعدل مقامه . وبالعدل تحصيل العبودية لله وحده ، وبه تُعطى الحقوق وتُرد المظالم ، وبه تأتلف القلوب ؛ لأن من أسباب الاختلاف الظلم والبغي والعدوان ، وبه يُقبل القول ، أو يعذر قائله ، وبه تحصل الطمأنينة والاستقرار النفسي . ثم ينتج عن ذلك ازدهار العمران المادي والمعنوي ، ولهذا تلحظ تناسباً طردياً بين شيوع العدل وقوة العمران عند الأمم . وكان العدل سبباً لإنزال الكتب وإرسال الرسل ، قال الله تعالى : "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ .." . وكان من أبرز سمات دعوة شعيب عليه السلام ـ بعد تقرير توحيد الله تعالى ـ إقامةُ القسط في الموازين والمكاييل . فإذا كان هذا من أجل حفنة شعير أو قبضة حنطة , فما بالك في مراد الله تعالى بالعدل في التعامل مع الآخرين والحكم عليهم ؛ مما ترخص الأموال فداء له , وهو عرض المرء وكرامته ؟ ، ولهذا قال حسان: أصوني عرضي بمالي لا أدنسُـه لا بارك الله بعد العرض في المالِ أحتال للمال إن أودى فأكسِبُه ولست للعرض إن أودي بمحتالِ وكان للعادلين أعظم مكان ، وأهيب مشهد ؛ فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما ولوا ". لقد كان لأهل العدل هذا المقام ؛ لأنه ليس دعوى مجردة ، أو أمنية لا عزيمة معها ، أو شعاراً لا معاناة في تحصيله ؛ ولكنه أسباب تتراكم وتجتمع ؛ فمن حققها تحقق عنده العدل وإلا جار في تعامله مع الآخرين ، وفي حكمه عليهم دون أن يشعر . وإذا أراد المرء أن يمتحن نفسه في العدل ، وأن يمحص دعواه الإنصاف , فليتحقق في نفسه أموراً إن وجدها كان حرياً بوصف العدل ، وإن فقدها فهو على خطر : فمنها : تحصيل العلم الشرعي ؛ فتحقيق المسائل التي يُحكم بها على الآخرين ضروري لتحقيق العدل مع الناس ، ومن قصّر في تحصيله , فليس بمعذور أن يحكم أو يتعامل مع أحد بمعاملة يكرهها . ومنها : التأني ، وأن يجعل للزمن مجالاً قبل الكلام في حق شخص أو مؤسسة . ومنها : العلم بواقع الحال ، من معرفة حال الشخص الذي نتعامل معه ، أو نحكم عليه من ناحية علمه وجهله بما فعله ، والأسباب والدوافع لذلك الفعل ، وأسباب المعذرة ، ومعرفة ما لديه من حسنات قد تغمر ما بدا منه من خطأ أو زلل . فهذا حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ...تأنى النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله عن الفعل أولاً بقوله : يَا حَاطِبُ مَا هَذَا ؟ ، ثم سأله عن السبب ؛ بقوله : "ما حملك على هذا" ؟ وهذا يدل أن للأسباب والدوافع تأثيراً في الحكم ، ثم أعفاه من العقوبة ؛ حين وازن بين سيئاته وحسناته فقال : "وما أدراك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" . ومنها : اتهام النفس ؛ فإنه بداية تلمس أسباب العدل ، والوقوف على ما يعين عليه ، ومتى كان المرء مزرياً على نفسه متهماً لها ، يتوقع منها الخلل والزلل والهوى , كان أبعد الناس عن الوقوع في الظلم والعدوان . وإذا استرخى عن استشعار ذلك , حل محله ظن الكمال والكِـبْر ؛ فيُزين الشيطان له عمله ، ويزيده إغواء بأن يوهمه أن هذه الظنون هي الثقة بما ما معه من الحق ، والعزة على أهل الباطل . ومن اتهم نفسه رأى نفسه في كل وقت محتاجاً إلى التعرف على أسباب العدل ، ورآها محتاجة إلى النصيحة والتقويم . وإذا فرط في عمل القلب فقد وقع في الظلم والجور دون أن يعلم . ومن أسباب العدل : تصور آثار الظلم وعواقبه في الدنيا والآخرة : فالظلم والجور يدوران حتى يعودان إلى من فعلهما ، وبالظلم تشيع الفوضى ، وتنتشر الشحناء ، وتكون العقوبة في النفس والمال والولد . ومن أسباب العدل : أن يجعل نفسه مكان من يتعامل معه أو يحكم عليه ؛ فإذا كان في مكانه أراد منه في معاملته أو حكمه أن يكون قائماً بالقسط مستكملاً أسباب العدل ؛ فإذا استشعر ذلك كان هو معه كذلك . فمن القواعد المتعلقة بالعدل : أن يحمل كلام المخالف على أحسنه : الكلام ملك لصاحبه المخالف ، وهو أولى الناس بتفسيره ، وما دام أنه حمَّال أوجه لم يجز أن نختار منها ما نشاء للحكم عليه ؛ لا سيما والمرء في سعة من الحكم عليه ؛ فليس التعامل معه بالدرهم والدينار ، ولا في مصاهرته ، وإنما هو حكم أو وصف لا يحتاج إلى أن يتكلم بهما . وأما الرد والبيان فلا يمنع منه كون الكلام محتملاً ؛ فلو خشي أحد من تأثير كلامه فلينكر ذلك مع الاحتراز له بأن يقول : إن كان المعنى المقصود كذا فهو حق وإلا فهو باطل ، ونحو ذلك . وفي "التاريخ" لابن عساكر (47/35) قال عمر رضي الله عنه : ( من عَرّض نفسه للتهمة فلا يلومَنّ من أساء به الظن ، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً تجد لها في الخير محملاً ، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك ) . وقال الإمام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" ( 31 / 114 ) : ( ومن أعظم التقصير : نسبة الغلط إلى متكلم مع إمكان تصحيح كلامه ، وجريانه على أحسن أساليب كلام الناس ، ثم يُعتبر أحد الموضعين المتعارضين بالغلط دون الآخر .. ) . أن لا يفجر في خصومته : فمهما بلغ المخالف في مخالفته فلا يجوز أن يظلم أو يجار عليه ، أو أن يُكذب عليه ، أو أن يُزاد في حديثه ما لم يقله . وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم : "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر" . أن يقارن خطأه بخطأ غيره ممن عذره : فإن كان خطؤه مثله أو قريبا منه ، وكان في ظروف مماثلة ، وقد عذرنا غيره ؛ فلتسعه المعذرة أيضاً ، ولا تكن المعاصرة ، أو كون المخالف مقدما عند طائفة حاضرة سبباً للكيل بمكيالين . قال الإمام ابن تيمية في "الاستقامة" (1/219) عن أهل السماع والنظر المحرمين : ( .. وإن كان فيهم من ولاية الله وتقواهم ومحبته والقرب إليه ما فاقوا به على من لم يساوهم في مقامهم ، فليسوا في ذلك بأعظم من أكابر السلف المقتتلين في الفتنة ، والسلف المستحلين لطائفة من الأشربة المسكرة ، والمستحلين لربا الفضل والمتعة ، والمستحلين للحشوش ، كما قال عبد الله بن المبارك : رب رجل في الإسلام له قدم حسن وآثار صالحة ، كانت منه الهفوة والزلة لا يقتدى به في هفوته وزلته . والغلط يقع تارة في استحلال المحرم بالتأويل ، وفي ترك الواجب بالتأويل ، وفي جعل المحرم عبادة بالتأويل ؛ كالمقتتلين في الفتنة ، حيث رأوا ذلك واجباً ومستحباً ، وكما قال طائفة مثل عبد الله بن داود الحربي وغيره : إن شرب النبيذ المختلف فيه أفضل من تركه ؛ فالتأويل يتناول الأصناف الخمسة : فيجعل الواجب مستحباً ومباحاً ومكروهاً ومحرماً ، ويجعل المحرم مكروهاً ومباحاً ومستحباً وواجباً ، وهكذا في سائرها ..) .. أن يعتبر حسناته ، ويوازنها بسيئاته : فمن قواعد التعامل مع المخالفين أن يُنسب الفعل الذي خالف فيه إلى بقية أعماله الأخرى ؛ فإن غلب خير الشخص على شره كان الحكم للغالب ، وكان الحكم الجملي عليه بذلك . إن لبعض الناس قابلية شديدة لعلوق الأشياء القذرة في قلبه فيما لا تقبل علوق الأشياء الخيرة ؛ فتخرج النتيجة المرة البئيسة : أنه لا يراه إلا من خلال أخطائه ، فيسقط اعتباره بالكلية ، ويتولد في قلبه من الحقد والكراهية ما يحمله على العدوان عليه وبخسه حقوقه . ويزين له الشيطان أنه إنما فعل ذلك نصرة لدينه وغيرة على عقيدته . فهذا النبي صلى الله عليه وسلم جعل مسيره إلى قريش في سراً ؛ ليجعل من عنصر المفاجأة سببا لحسم المعركة ؛ فقام حاطب بن أبي بلتعة بعمل خطير آثاره مدمرة حيث سعى لتبليغ المشركين بذلك . فماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ لقد جعل من حسناته سببا للعفو عنه . وإذا رجعت إلى الواقع وجدت أن أكثر الخلاف وأكثر العدوان على المخالفين راجع إلى ترك هذه القاعدة أو التفريط فيها . فكثير ممن فوقت لهم سهام العدوان ، وتمزقت الأمة بسببه هو ضياع هذا الأصل . وقد قال أبو عبدالله الهروي صاحب "منازل السائرين" : ( إن من حقائق التوبة طلب أعذار الخليقة) ؛ فقرر ابن القيم في "المدارج" (1/196) بأن هذا من الاحتجاج المذموم بالقدر ، وأنه يلزم منه عذر عباد الأصنام والأوثان ، وقتلة الأنبياء وفرعون وهامان ونمروذ بن كنعان وأبو جهل وأصحابه وإبليس وجنوده ، وكل كافر وظالم ومتعد حدود الله ومنتهك محارم الله فإنهم كلهم تحت القدر وهم من الخليقة ، أفيكون عذر هؤلاء من حقيقة التوبة ؟ إلى أن قال : ( .. ولا توجب هذه الزلة من شيخ الإسلام إهدار محاسنه وإساءة الظن به ؛ فمحله من العلم والإمامة والمعرفة والتقدم في طريق السلوك المحل الذي لا يجهل ، وكل أحد فمأخوذ من قوله ومتروك إلا المعصوم صلوات الله وسلامه عليه ، والكامل من عد خطؤه ، ولا سيما في مثل هذا المجال الضنك والمعترك الصعب الذي زلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام ، وافترقت بالسالكين فيه الطرقات ، وأشرفوا إلا أقلهم على أودية الهلكات ) . وقد اعتبر الإمام ابن تيمية هذه القاعدة في موازنة حسنات الصوفية بسيئاتهم ، ووجد من كثير منهم أو أكثرهم بدع اعتقادية وعملية ؛ كالتي تُنسب إلى المعاصرين منهم فانتهى إلى اعتبار فضلهم بتغليب حسناتهم على سيئاتهم ، وذلك في السماع الصوفي المشتمل على منكرات ومزالق ؛ فقال رحمه الله تعالى في "الفتاوى" (11/428) : (.. والذين شهدوا هذا اللغو متأولين من أهل الصدق والإخلاص والصلاح : غمرت حسناتهم ما كان لهم فيه وفي غيره من السيئات ، أو الخطأ في مواقع الاجتهاد ، وهذا سبيل كل صالحي هذه الأمة في خطئهم وزلاتهم ) . وقرر في الموضع نفسه أن التارك للدليل الصحيح قد يكون معذورا لاجتهاده ، بل قد يكون صديقا عظيما ، وأنه ليس من شرط الصديق أن يكون قوله كله صحيحا ، وعمله كله سنة . وقال رحمه الله في جواب سؤال عن الصوفية (11/15) : ( .. ثم الناس في الحب والبغض والموالاة والمعاداة هم أيضاً مجتهدون ، يصيبون تارة ، ويخطئون تارة ، وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه ، أحب الرجل مطلقاً ، وأعرض عن سيئاته ، وإذا علم منه ما يبغضه أبغضه مطلقاً ، وأعرض عن حسناته .. ) .. وقال (13/97) ( .. والأشعرية ما ردوه من بدع المعتزلة والرافضة والجهمية وغيرهم ، وبينوا ما بينوه من تناقضهم ، وعظموا الحديث والسنة ومذهب الجماعة ؛ فحصل بما قالوه من بيان تناقض أصحاب البدع الكبار وردهم ما انتفع به خلق كثير ) أهـ . ومن زغل العلم والدعوة أنك لا تجد مثل هذا المنهج ـ إلا ما ندر ـ في الثناء على الدول والمؤسسات والجماعات والأفراد فيما أحسنوا فيه ، مع التنبيه والنصيحة بالحسنى والممكن فيما أساؤوا فيه ، ولكن واقع البعض هو الذم مطلقا دون تقييد ، أو المدح مطلقاً دون تقييد . وقال ابن القيم : ( .. من قواعد الشرع والحكمة أن من كثرت حسناته وعظمت ، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يُحتمل منه ما لا يُحتمل من غيره ، ويعفى عنه ما لا يعفى من غيره ؛ فإن المعصية خبث ، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث .. وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرهم أن من له ألوف الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين ، وكما قيل : وإذا الحبيب أتى بذنب واحـد جاءت محاسنه بألف شفيع ) . أن لا يخضع في تعامله معه لتصنيف : صار عسيرا على كثير من الناس أن يرى إنسانا آخر ، أو يسمع به فضلاً عن أن يدخل معه في حديث أو علاقة بله أن يختلف معه إلا رأيته في سر أو علن يبحث عمن يكون هذا الشخص ؟ .. في توجهه .. في تاريخه .. في جغرافيته ؛ ليجعل من هذه التصنيفات أساساً للحكم عليه والتعامل معه . ليس ذلك لفهم النفسيات ومحاولة الوصول إلى حلول لمشاكله ؛ وإنما لأسباب غير مفهومة ؛ حتى صارت هذه التصنيفات قيوداً في حركة المصنِّف عن الانطلاق مع الآخرين ، وعشىً في الرؤية ؛ بما ينتهي ظلما في التعامل ، وجوراً في الأحكام . ولهذا لا يتحقق تمام العدل مع المخالف إلا بالتخلص من هذه العادة النفسية البئيسة ؛ وذلك لننتفع من الخلق وننفعهم بعيدا عن أي صوارف أو مؤثرات . نعم قد نحتاج إلى بعض المعلومات عن شخص ما لتزويجه أو توليته إذا كان لآرائه أو خلفياته تأثير عليه في ذلك ، لكننا لا نحتاج إلى ذلك في غير هذه المسائل . كثيراً ما يخيل للبعض أنه يكون بذلك ذكياً فطناً ينتفع بهذه المعلومات في علاقته معه ، وهذا قد يكون حقاً في بعض الأحيان ، ولكن الأذكى هو من احتمل بعض الخسائر في ذلك ليحصل مصالح أعظم ، يحلق بها في فضاء مفتوح ، ويعدو معها أفقا ممتدا ، بعيدا عن الظنون والتهم . وإنما يجني صاحب هذه التصنيفات قطيعة وفسادا ؛ كما قال أبو نهشل الطائي : أما والراقصاتِ بذات عـرق وربِ البيتِ والركــنِ العتيقِ لقد أطلقت لي تهمــاً أراها ستحمـلني على مضضِ العقوقِ وفي "المعجم الكبير" للطبراني (1/365) بسند جيد يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : "أعرضوا عن الناس ألم تر أنك إن ابتغيت الريبة في الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم" . وروى أحمد في "المسند" (3759) بسند حسن ..فقال صلى الله عليه وسلم : "لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر" . فهو تغافل لا غفلة ، وتغاض لا إغضاء : ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي وهذا كله لو كان ما يُنسب إليه المخالف ويصنف به منقصة أو جريمة ؛ فكيف لو كانت لمذهب أو رأي أو جماعة أو إقليم ؟ وليحذر المرء أن يذهب لبه وديانته حين يرى حمى التصنيف ، وفوضى التهم ، والالتفاف حول الهويات المتنوعة ؛ فيحمله ذلك على خوض هذا الغمار ، والدخول تحت ذلك الغبار ؛ فصاحب اللب والديانة أكرم على الله من ذلك ؛ قال الطُغْرَائي : قد رشحوك لأمرٍ إن فطنت لـه فاربأ بنفسك أن ترعى مع الـهمل هذا ومن أعظم الجور في التصنيف أن نتخذ الموقف ، ونتعامل مع المخالف بما لم يقله هو أو يفعله ، وإنما بقول غيره أو فعله . ومن الجور في التعامل مع المخالف أن يخضع المرء في تعامله معه لتصنيف بحيث ينظر إلى الآخرين من زاوية مذهبه وحزبه وإقليمه ؛ حتى لو لم يصنف هو أحداً ؛ فلن يكون عادلاً منصفاً إلا إذا جعل ميزان الحكم على الآخرين والتعامل معهم بناء على ما يقولون ويفعلون مجرداً من أي تأثيرات أخرى ، وبحسب الأدلة والقواعد ، وإلا سلك طريق الظلم والعدوان دون أن يدري ، وإن كان ديناً صالحاً . وأخطر ما في التصنيف هو : حين يُرسخ عند الأتباع ؛ أن المصنَّف شيء "آخر" ، ونوع "مختلف" حتى صار البعض يشك في تدينه وتألهه وقصده ، وصار الناس يسمعون نحواً من هذه الكلمات : رغم أنه .. إلا أنه ، ونحو : ومع أنه كذا فإنه يحافظ على كذا ؛ فكان الصلاح والاستقامة لا تكون إلا له ، فيا لله ماذا فعلت الفرقة بأمتنا ؟!! . منقـول.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ضوابط وقواعد فهم السنة | أبو حاتم | المنتدى الإسلامي | 4 | 08-05-2010 10:32 AM |
ضوابط , في التعامل مع المخالف. | م الإدريسي | المنتدى الإسلامي | 5 | 05-24-2009 12:36 AM |
ضوابط , في التعامل مع المخالف. | م الإدريسي | المنتدى الإسلامي | 2 | 05-16-2009 09:37 PM |
فن التعامل مع المخطئ | السوقي اليعقوبي | منتدى الحوار الهادف | 3 | 03-02-2009 03:32 PM |