العودة   منتديات مدينة السوق > قسم الأعلام و التراجم > منتدى الأعلام و التراجم

منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين

Untitled Document
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-17-2014, 08:42 PM
الدغوغي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5425 يوم
 أخر زيارة : 02-17-2024 (10:02 AM)
 العمر : 14
 المشاركات : 549 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : الدغوغي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي 311. محمود بن محمد الصالح الإدريسي الجلالي السوقي



311. محمود بن محمد الصالح الإدريسي الجلالي السوقي :
هو الشيخ محمود بن محمد الصالح بن عبد الرحمن بن محمد المختار المعروف بحمليل ابن أحمد بن همهم ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) .
قال الشيخ العتيق : هو واحد الأحدان ، ونادرة الزمان ، المشهود له في جميع البلدان بالسبق في كل ميدان ، لا يختلف في ذلك اثنان ، وأول من ترجمه الشيخ حـمّد بن محمد بن حدي وهو من أكبر تلامذته أولا ثم صار من أقرانه الملازمين له فكان أعرف به من غيره وهو الذي حرص أولا على إعطاء ذكره بالترجمة كما أن ترجمته له هي أول عمل من التراجم للأشياخ الذين ترجمهم ، وليس عمل التراجم مألوفا قبل ذلك فإن إهمال أخبار العلماء هو الجاري في البلد فلما كتب في خبره ما كتب بداله أن يترجم غيره من أشياخه الذين يعرفهم وأسلافه الذين بلغه شيء من أخبارهم فشرع في تراجمهم قبل أن يتم ما أراده من ترجمته فأريد أن أبدأ بما كتب ثم أذيله بما أعلم مما لم يكتب ولفظ ما كتبه هذا : ( هو الشيخ الولي العارف بالله الجليل الكلاليّ نسبة الأشعري عقيدة المالكي مذهبا الحمادي طريقة ، مرآة سيرة السلف ومرقاة الجيرة من الخلف ، محمود بن محمد الصالح بن عبد الرحمن ابن محمد المختار بن أحمد بن هَمّهمّ ولد عام أربعة وثلاث مائة وألف 1304هـ وتوفي عام سبعين في بلدمن الصحراء يقال له تِنْ مَدْ غَنْ وقبره مشهور هناك يزار ، كان ربعة من الرجال ليس بالقصير ولا بالطويل البائن أسمر اللون وسطا بين الضخامة والنجافة جميل الوجه حييا عفيفا نظيفا بساما حسن الخلق لين الجانب كثير التذكر طويل التفكر جل نظره الملاحظة رحيما بالخلق هماما بأمور المسلمين حريصا على العلم وأهله ، كثير المطالعة أخذ من التقوى بحظ وافر ، وكشف له من حقيقتها عن وجه سافر ، وخطا في جدد الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرى ، خطوا غير قاصر ، ويريك سمته ودله هدى المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ لمحا باصر ، وكان من تتابع عوارف بذله بحيث لا يدرك مداه ، فلا تستريح من الاختلاف بحوائج أهل الدارين يداه ، وجيل من الصبر على ما يخشع لو نزل عليه الجبل ، ومن الحلم والاحتمال ما لو تلكف بعضه لقلنا وحمى ولا حبل ، وعليه من سيمى الخشية والإنابة ما أثمر لقلبه الهيبة وله في قلوب الخلق المهابة ، ومن أنوار سر الولاية ، ما تغني فيه الفراسة عن الرواية ، فكأنه المغنى بما قيل :
دعو ألبس المعالي فهي ثوب
على مقدار قد أبى المعالي


أو ما قيل :
ولو صورت نفسك لم تزدها
على ما فيك من شرف الخصال


وأما العلم فهو فيه آية وآية وآيه ، بلغ فيه الغاية لو كان له غاية ، فقد أعطى من سعة الباع وكثرة قاطع ، ما يعجب السامع والرائي ، ويشارك الداني في علمه والقاصي النائي ، عض في الفنون بضرس قاطع ، وحاز جملتها ببرهان ساطع ، وفاق فيها أقرانه ، فأفحم من يطلع له منهم قرنه ، ولا تكاد تجده إلا مفيدا ، ولا من الناس إلا منه مستفيدا ، حتى ضرب أمَره مثلا بينهم الناس ، وضرب عن شاواد راكه من تمناه ، صفح اليأس ، على ما منى به من الاشتغال بسياسة الخلق من مثل السعى على الأرامل والأيتام ، وإنزال الوفود والضيوف وفصل الخصومات بالحق وهو في جميع ذلك مستغرق القلب واللسان بذكر الله.
ذكر شيوخه : حفظ القرآن صبيا على يد خال أمه حَـمّسّا من أبناء أعمام أبيه أيضا وأنساه إياه الصبا ، ثم اشتغل بتجويد حفظه بعد ما بلغ مبلغ الرجال حتى حله وصار من مجودي القرآن ، ثم أخذ النحو والتفسير على يدي ابن عمه إسماعيل وأبيه المفسر محمد الصالح بن محمد بن ميدي من أبناء الغر الثمانية ، ومتن المقامات الحريري أوبعضه عن الثقة شيخنا وشيخ شيوخنا سعد الدين وهو من بني أعمام أبيه يلتقيان في جده الرابع هَمّهمّ ، وتخرج في فني البيان والأصول على يد الحر الخضم أحمدُ بن مَكّا من أهل تَنْغَ أكْلِ ، وفي الفقه والحساب على البحر الغطمطم محمد أحمد بن فُكّ من إخواننا الكنتيين ، وعلى يد العلامة الندب الفهامة محمد الصالح عرف السدّادَ من أبناء أعمام حايْ .... وفي علم الكلام على يد السيد شعيب بن مُحمد بن مَحمد بن سيدي بو بكر بن أبناء عم الشيخ حماد يلتقي معه في جده الأدنى مَحمد ولازمه كثيرا وحضر غير ما يوم في غير ما فنّ ، دروسه ودروس الشيخ محمد بن محمد محمود من أبناء أعمامه وأعمام الشيخ حماد يلتقيان معه في الجد الثاني سيدي بو بكر وكثيرا ما سمعته يثني على هذين الشيخين وينوه بقدرهما حتى كأنه لم تر عيناه شيخا مثلهما أو غيرهما ، وأكثر الظن به ولا جزم أنه أخذ رواية صحيح البخاري أو بعضه عن والدي محمد بن الخضر من أعمام أبيه أيضا يلتقيان في ملتقاه مع سعد الدين ، والذي أجزم به بلا شك كثرة ما يثني عليه ويشكره في توقيفه على ما لولاه لم يقف عليه من سيرة سلفه الصالح . وبعد هذا كله تربى في الطريقة على يد شيخنا حماد قدس الله سره وتلقى عنه الورد ، ثم أخذ في المطالعة والاطلاع بنفسه واستغنى عن أضواء غيره بضياء شمسه حتى بلغه الله ما شاء من المراتب ، وقلده ما له ارتضاه من الخطط والناصب فصار هو المرجع في المسائل النوازل ، والمقدم في المحافل والمتميز بعليا المنازل ، ولقي غير من ذكرنا من أعيان علماء وقته منهم النجم الثاقب العلامة النحرير الشيخ بايْ بن سيد عمر بن سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكنتي أرسله إليه الشيخ حماد مع الشيخ الخال سعد الدين وصُحتهما أخونا وقريبنا إنْتَوَتَوَنْ الشنضهاري وهو في بلاده البعيدة من جهة كِدَال فلما وفدوا عليه مسْهلهم بعد ما مرحبهم وأكرمهم ووفى لهم أدبهم وجعل الكل يفاوض بعضهم البعض فيما الله أعلم بحقيقته مما تكنه صدورهم وما يحسه الرآون والسامعون مما تنطوي عليه بطون الأوراق والدفاتر فما برحوا مقيمين على ذلك برهه يتناهبون معه كل وقت نزهه ، ثم انصرفوا من عنده راشدين ، ولوجهة الشيخ القطب قاصدين فكثيرا ما سمعت الشيخ الأخ محمود يثني على الشيخ العلامة بَايْ وبلغني عن غير واحد كثرة ثناء العلامة عليه كذلك ، وممن لقيهم من كبار العلماء آية دهره المحقق أحمد بن إمَشَكّغْ من أهل تَكيدِتْ ، حدثني أعني الشيخ محمودا عن نفسه فاه إلى فـيّ أنه صادفه وافدين على القطب برسم الزيارة فرحب كل منهما بالآخر وأقاما كذلك مدة وإذا بالتكيديّ ذات يوم يلتمس من القطب استحضار ندب ثقة من أهله يملي عليه سورة من المنزل فيروي له فيها رواية أمَسْركَضْ المشهورة قال فبينا أنا مقبل على بعض شئوني إذا بنداء من قبل الشيخ يستنهضني ثم سمته بنفسه هاتفا من يدعو لي محمود فمثلت بين يديه وهجمت هجوم السيل عليه فقال لي أنت الكلاليّ وهذا أحمد التكيديّ يراودني على فتى يفسر له سورة من المنزل قال فأخذ بيدي حتى أتاه بي وهاتاني له وقال له هذا ابن خالي محمود وهو عين مبتغاك ونفس متمناك فلما استقر بنا القرار وقج بالجبان منا الفرار ، وقد أحدقت من كل الجهات بنا الأبصار ، استدعيت بتفسير الجلالين فعثرت منه على سورة القيامة فأخذت في تدريسها بتلك الرواية فما جاوزت مطلعها إلا وقد بادرني بالمباحثة في زيادة " لا " التي في أولها حتى شبعنا الكلام فيها ثم جعل يباحثني فيما ورآها كلمة كلمة ويذاكرني في علومها جملة جملة فنا ففنا نحوا بيانا ولغة وأصولا من حين ذرقن الغزالة إلى أن فرغنا من آخرها صكة عميّ فانصرف عني راضيا وعليّ مثنيا ، ومنهم ومنهم ، ومن حديثه رضي الله عنه أنه في أول نشأته كان أكثر ولوعه بفنون الآلة وعلوم البلاغة وأقاويل أهل الفصاحة وتراكيب أبناء اللغة ومعظم لهجه بإنشاء الشعر وإنشائه وامتياحه من حسائه بكل دلو ولو على طول شائه إلى أن بلغ به الجد في هذا المضمار ، والتفكه بذلك الجمار ، أن كان على يديه وصول ما وصل إلى هذا القطر ، من شتى متفرقات دواوين الشعر مثل ما لأبي تمام وما للمتنبئي والبحتري أثر ما في المجموعة النبهانية وقصائد الصرصري وكثر منه تداولها حتى ارتسمت في خزانة حفظه وبقي يستحضر معاني ما ذهب النسيان بجواهر لفظه ، وصار تطبعه طبعا ، وتحول أسه ربعا ، وكان عمدة في علوم الأدب وترجمان لسان العرب ، وجعل يبتكر فكره من أنواع البيان ما يزري بالحبر ، ويستخرج فهمه من لآلئي قعر بحره ، العبر ، فلله دره من مفلق راض الكلام وذال صعابه وافترع كل طود منه شامخ وتتبع شعابه ، ولم يترك فيه وردا معينا إلا وتضلع من زلاله ، ولا روضا أريضا إلا واستظل تحت ظلاله ، ولكن لعمر ، ما تمكن هذا التمكن ولا طار سيطه كل مطار ، حتى امتلأت من ذكر اسمه مسامع النواحي والأقطار ، إلا بعد تعلقه بذيل شيخنا غوث وقته حماد على رسم الإرادة ، والقائه بيديه زمام المقادة ، فبعدئذ واستتم ثلاثين من عمره ، واجتنى باكورة زهره وتمرة ، فتح الله عن بصيرته ، وبرز للعيان بعض طويات سريرته فتفجرت ينابيع الحكمة من قلبه وأخذ الحق والحقيقة بمجامع لسانه ولبه ، فاعتزل الخلق جانبا ، واتخذ الحق صاحبا ، وكان أحب الأحباب إليه من يدارسه العلم أو يذاكره وأنفس أوقاته عنده ما يسامر فيه أهله أو يحاضر ، لا سيما فيما يتعلق بكلام الله وسنة رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وسيرة أصحابه وكرامات الأولياء فجموع هذه العلوم هو حلواء خوانه ، وسلعة صوانه ، وملتزم ذمته ، ومحلظ عنايته وهمته ، أنفق في نشرها أمواله وأثمانه ، وأتعب في جمعها بنانه ولسانه ، وقد كنا نعد من حسناته ، ومستحسنات آثاره وحركاته ، مما قسمت له يد التوفيق ، ولحظته به عين التحقيق أن كان على يديه وصول كثير وحصول عسير من فيض الكتب الجديدة ، والتآليف المفيدة العديدة ، منها في التفسير " معالم التنزيل " لأبي السعود حصل كله استعارة وجله كتابة بيده المباركة ، ومنها " حاشية الصاوي " على تفسير الجلالين و " تسهيل ابن جزي " ، ومنها في الحديث " إرشاد الساري على صحيح البخاري " للقسطلاني ، و " تحفة الباري " معه مهموشتين بشرح " النواوي على صحيح مسلم " اشترى أسفارها جملة وفرقها على أصحابه ، وفي السيرة " شرح الزرقاني على المواهب للقصطلاني " وفي اللغة " تاج العروس " للمرتضى الزبيدي على متن القاموس ، وسفر يحتوي على " نهاية ابن الأثير " و " الدر النثير " له و " مفردات الراغب بهامشه " وفي النحو " حاشية الخضري على شرح ابن عقيل " للألفية ابن مالك ، و " حاشية الصبان " ، وفي الأصول " حاشية التفتازاني " على التلويح ، و " حاشية البناني " على شرح الجلال المحلي لجمع الجوامع لابن السبكي ، وفي الفقه " جواهر الإكليل على مختصر خليل " لعبد السميع الآبي ، وفي علم الحقيقة " الذهب الأبريز " لعبد العزيز الدباغ ، وفي غير هذه الفنون كتاب " الحاوي للفتاوي " للإمام السيوطي ، كل هذه لم تصل إلى أهله أولا إلا على يده المباركة وحسبك هذا من عنايته بالعلم . انتهى ما كتبه من أول الأمر ، وحدثني أنه يريد الزيادة عليه بكثير من أخباره وأحوال أهل بيته وجاءه الأجل ولم يصل إلى مراده مما نوى رحمة الله عليهما قلت : وأما تصانيفه فأكثرها منظومات منها نظمه لجمع الجوامع في أصول الفقه سماه " مقرب الشواسع " ومنها نظمه لتلخيص القزويني في علم البلاغة سماه " محرض الحريص " وذكر أنه بلا زيادة ولا تنقيص ، ثم قال :
وقبلنا الحبر السيوطي العلم
جود نظمه والأخضري أم

لكن كلاهما على طريق
ومذهب عينه خليق

فإن ذاك زاد فيه وترك
والأخضري منهج النقص سلك


ومنها قصيدة يرد فيها على من يرد المطلقة ثلاثا إلى زوجها بدون محلل إذا كان طلاقه على مال ، بحجة الخلغ فسخ ، ومنها رآية طويلة يرد فيها على من نسب شيخه حماد إلى الجنون ونفى عنه النسب الشريف وعن جميع أهل بيته المشهورين قبل طعن الطاعن ، وذكر فيها كثيرا ممن ينتسب إلى الشرافة في البلد برسم أنهم بنوا أعمامه ، وذكر فيها أشياء كثيرة غير ذلك وقد مر كثير منها في الكلام على نسب الدغوغيين ، ومن منظوماته أرجوزة قال فيها :
سـميتها بقرة العيون
برد أهل الزيغ والغيون


وسببها أنه رأى أرجوزة لبعض المتشددين المسارعين إلى التكفير بالتوسل والتبرك ونداء الغائب وزيارة قبور الصالحين وغير ذلك من الأمور المختلف فيها بين العلماء من زمن السبكي وابن حجر وابن تيمة وابن القيم إلى زمن محمد بن عبد الوهاب وأصحابه وأتباعهم وكان موضوع الأرجوزة الانتصار لمذهب السبكي ومن وافقه وإبطال مذهب من خالفهم ، ولما جاء عبد الله بن المحمود إلى بلادنا قادما من الحرمين وهو من جماعتنا أصلا لكنه تربى في المدينة المنورة وتعلم فيها ما تعلم رحل إلى استقباله وكان حيه بعيدا من حينا ولكن تجشم المشاقّ للقائه وكان ذلك في أيام شدة الحر ولكن هوّن عليه تلك المشاق وشدة محبته للقادم من الدينة مطلقا وشدة محبته لوالد القادم فلما تلاقيا مرحب كل منهما بالآخر فكان عبد الله يسمه والدا وهو يسميه ولدا وتناظرا في سائر العلوم حتى تبين لكل منهما ما بين أنظارهما من الاختلاف لأن عبد الله تربى بين أمة حنبلية عقيدة وفقها ينكرون أقوال الصوفية وأعمالهم والشيخ محمود نشأ بين قوم لا يرون الهدى والسنة والتمسك بسيرة السلف الصالح إلا أن يكون المرؤ أشعريا في عقيدته بمعنى أنه مباين للمعتزلة موافق للأشعري فيما خالفهم فيه مع أن المقرر عندهم في إقراء العقيدة أولا عقيدة ابن أبي زيد وهي سلفية سنية لكنهم يطلقون على أنفسهم مثل ما قال ابن عاشر :
في عقد الأشعري وفقه مالك
وفي طريقة الجنيد السالك


فلما اختلفا في المنحى وجد شيء من التنافر بينهما مع أن كلا منهما يرجو أن يرجع إليه صاحبه ويتفقا على ما هو عليه ولم يرجعا إلى التفاهم كما ينبغي بل نادى كل منهما على صاحبه بأنه ضال مضل فالشيخ محمود ينسب من ينكر التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم الصالحين إلى بغضه لهم وأنه ينكر خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم ويغيظه ما أعطاه ربه من الفضل ويبغض الأولياء والصالحين وأهل السنة جميعا وينسبه إلى الابتداع ويتمسك بأقوال ابن حجر الهيثمي في ابن تيمية وأقوال السبكي فيه ثم بأقوال النبهاني ودحلان في ردودهما على الوهابية وهو مع ذلك من أكابر الصوفية السنين وممن يطالع كتب القوم حتى استقر في حافظته أن خلاف ما عنده ضلال ، وعبد الله يتبرأ ممن كان يعتقد الخير في المذكورين وينسبهم إلى الضلال تارة وإلى الشرك تارة أخرى هذا هو السبب الأصلي للتنافر بينهما أولا فكانت بينهما مشاعرة على طريق الناظرة وإظهار كل منهما حجته ثم تحول الأمر إلى تخطئة كل منهما الأخر من جهة العربية ثم وصل الأمر إلى تبادل ما قدر لهما من الهجاء وسوء القول وصار إلى محاكاة جرير والفرزدق وأمثالهما فأنشد فيما جرى بينهما ما يزيد على عشرين قصيدة ، وكان جل شعره قبل ذلك في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ثم في مدح شيخه حماد وله في ذلك من القصائد ما يفوت الحصر في حياة الشيخ وبعد وفاته رثاه بخمس قصائد كلها تتضمن الثناء عليه والثناء على ابنه المحمود وأنه وارث مقامه والمستحق لخلافته وله كثير من القصائد في مراثي إخوانه العلماء . وأما قصائد التي جرت بينه وبين عبد الله فكثيرة لم يكن عندي منها وقت الكتابة شيء وقد جمع تلامذته كثيرا من شعره فكان ديوانا حافلا في موضوعات شتى ولم يحص جامع الديوان شعره لأن كثيرا منه ضاع قبل تنبه الناس للتدوين وكثيرا منه ذهب به بعض من يستحسنه إلى بلادهم ولم تبق له نسخة عند أهله . ومما قال : لعبد الله بن المحمود قصيدته السينية التي أجاب بها سينية عبد الله التي أولها :
أفلست في علم القريض وتفلس
في كل علم غيره يا مفلس


وسبب تلك القصيدة أن عبد الله اطلع على بيت أنشده محمود في أيام شبابه قبل أن يعرف عبدَ الله بسنين كثيرة وهو :
أما القريض فإنه لي مال
بلغ النصاب وحوله شوال


فلما رأى عبد الله البيت أنشد قصيدته التي ذكر البيت الأول منه وبعده :
قل للذي يرجو زكاتك فاليمت
جوعا وعريا إنه لمؤسوس


إلى أن قال فيها في شأن القريض ( علم ميئس ) فلما قرأ القصيدة على زين الدين بن إنْكُنّ وهو من جماعة تَنْغَ أكْلِ أباه ابن عم الشيخ محمود يلتقي معه في الجد الخامس حتى وصل إلى قوله " ميئس " قال له زين الدين أخطأت في هذه الكلمة وصوابها " مويس " قال ابن مالك :
ويا كموقن بذا الها اعترف
..............................


فرجع إلى قوله وأصلح الخطأ ثم أرسل القصيدة إلى محمود واطلع على الكلمة المغيرة فرأى أنها كانت أولا " مُيْئس " ثم أصلحت " بـمويس " وعلم أن ابن عمه زين الدين هو الذي أرشد الناظم إلى إصلاح خطئه فقال في جواب السينية :
إن القريض برغم أنفك يقبس
مني على جدة وأنت المفلس

والسائلون زكاته استغنوا بها
شرقا وغربا ، ما عليها حرس

شبع وري واكتساء دائم
لو كان يؤكل مثله أو يلبس

وأشد شعرور عليه إغارة
هذا الكماشي الغوي المبلس

فيه تشاعر غير أن مقامه
كشفته للنظار كشفا " ميئس "

لا تفرحنّ بتبرع ابني زيننا
بصوابه من قبل رشد يؤنس

لو نال ترشيدا لما أوما إلى
رامي ايبه؟ يريه كيف يقرطس

وتصرف المحجور ما امضائـ
ـه بـمجوز لو كان فقه يدرس

فرددت ما أعطاكه متبرعا
من " مُؤيس " وتركت عندك " ميئس"

أضحوكة أبدا بها غلماننا
يتفكهون إذا تحلق مجلس


ومراده بالكماشي عبد الله بن المحمود فإنه كثير التردد إلى كُمَاشِ من بلاد غانا فلما جرى التنافر والتهاجي بينه وبين الشيخ محمود جعل يعيره بمغادرة المدينة المنورة التي تربى فيها واستبداله منها أرض كفرة السودان فكان يسميه الكماشي وذلك من جزئيات ما أعرضت عن نشره مما تبادلاه من سيئي القول والله يغفر لي ولهم . ومرة وقف عبد الله على قصيدة مديحية لمحمود يقول فيها :
من غاظه فضل المحمد فليمت
سبحان من أولاه ما أولاه


فأنشد قصيدة دالية أولها :
قد زدت في دين النبي محمد
سفها كما قد زدت في اسم محمد

فانظر إلى الخضري تعلم أن "أل"
ما إن تزاد به ولا في أحمد


فأجابه بدالية أخرى على بحرها ورويها وأولها :
يا ظالم الخضري غيري أرشد
في النحو إني فيه غير مقلد


إلى أخرها ، وحاصل : ما قرره فيها ما أشار إليه ابن مالك بقوله :
وبعض الأعلام عليه دخلا
للمح ما قد كان عنه نقلا


وذكر أن مقصوده بالـمحمد هو الوصف لا العلم ثم أتبع ذلك بما لا أطيل به . اهـ
وآخر ما كان من أمره معه أن جئته يوما فقال لي قد بدالي أن أتخلى عما أنا فيه منذ سنين من معارضة عبد الله بن المحمود ومجاراته في الشعر فإنه لا يعجزني عن نظم الشعر ولا أعجزه عنه ، وأما الأشياء التي اختلفنا فيها فقد تيقنت أنه لا يرجع إلى ما عندي فيها كما أني لا أرجع إلى ما عنده فيها فكان تكثير الكلام بيني وبينه فيها من قبيل اللغو فرأيت الإعراض عن مخاصمته وكثرة الاستغفار والحرص على أن أموت مسلما كما أوصى به يعقوب بنيه وزهدت في كل شيء إلا الموت على الإسلام فإذا رأيت من يتوجه إليه أرسلت إليه بأن يريح نفسه ويرحني ، وكان ذلك آخر أمره . وأما قصائده في غير هذا الموضوع فكثيرة لكن المدون المحفوظ منها ما جمعه الشيخ الخضر بن الشيخ حماد في كتابه " التبر التالد " من مراثيه الخمس وأما التواليف المنثورة فلم يعتن بها إلا أن يفتي في بعض المسائل فيأمره أحد الخصمين بكتابة ما قال فيكتبه ، وأرسل بعض علماء تنبكت وهو الشيخ محمد محمود بن الشيخ الأرواني مسائل فيها الغازات وفيها ما يتعلق بالنحو وما يتعلق بالأصول وغير ذلك أرسلها إلى علماء كاو فوصلت إلى الشيخ محمود فأجاب عنها بجواب طويل ثم ذكر في آخر الجواب أنه بعد ما تعب في تحصيل الجواب وتجويده أخبره بعض ثقات أصحابه أنه رأى تلك الأسئلة بعينها في الكتب القديمة غير موجهة إلى معين ولم يطلع على جواب عنها قديم كقدم خطها فلا يدري هل وجهت إلى أسلافنا فأجيب عنها وضاع الجواب أو بقيت بلا جواب فقال في ذلك وهو أخر جوابه فإن كان السؤال بقي بلا جواب له أيها المعاصرون ، وأنتم معه شاكرون :
قد قيض الله من نسل الأولى غبروا
من أتحفوك بما تهوى وتنتظر

فإن حبوك جوابا قبلنا فهم
أولى به وكذا كانوا إذا اختبروا

أو أهملوك لنسيان ومعذرة
وما تكائدهم فن ولا ضجروا

فاحمد لهم وارثا يقضي ديونهم
من علق ما تر كود ، ليس يفتخر


انتهي ما قال عنه(1) .



 توقيع : الدغوغي

ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله
والحمد لله
ولا إله إلا الله
والله أكبر

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
270. محمد بن محمد أحمد الإدريسي الجلالي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 08-27-2014 01:39 PM
89. زين الدين / حماد بن محمد الصالح الأنصاري التكيراتي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 2 06-08-2014 08:47 PM
مؤلفات السوقيين عبدالحكيم منتدى المكتبات والدروس 19 03-27-2014 10:39 AM
17.أحمد بن الشيخ بن أحمادُ الإدريسي الجلالي السوقي الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 0 03-18-2014 02:32 PM
فهرسة الأعلام المذكورين في كتاب الشيخ العتيق بن سعد الدين المسمى ( الجوهر الثمين ) الدغوغي منتدى الأعلام و التراجم 1 12-01-2013 10:22 PM