|
منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
184. حمّدا / محمد أحمد بن محمد الإدريسي الجلالي السوقي
184. حمّدا / محمد أحمد بن محمد الإدريسي الجلالي السوقي :
هو الشيخ محمد أحمد المعروف باسم حَمَدَ ابن محمد بضم الميم ابن الخضر المعروف باسم حَدي بن محمد إكْنَنْ بتح الميم ابن محمد بفتح الميم ابن هَمّهمّ ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) . ترجم له الشيخ العتيق فقال : ولد عام 1324هـ في موضع قريب من البحر يسمى ( تِنْظَبُّ ) ثم ما زال أهله يتجولون في أعمال كاو وصحاريها لا يضبطهم منزل معين إلا أنهم لا يبعدون عن مدينة كاو أكثر من مسافة يومين ، وأسرته حي من أهل السوقيين يقال لهم تَكَلَلْتْ نسبة إلى موضع نزله أسلافهم في القرن الثاني عشر الهجري واستوطنوا فيه مدة من السنين ينتجعون الأمطار في زمن الربيع ثم يرجعون إليه في الشتاء والصيف كما هو عادة غيرهم من الرحّل ثم جلوا عنه وبقي عليهم الانتساب إليه كما هو الحال في كثير من القبائل الصحراوية يزايلون موطنهم الأصلي ولكن يبقى عليهم الانتساب إليه وأصل الاسم من ينتسب إلى واحد من الأجداد الثالثة الذين خرجوا من المجمع السوقي واتخذوا مسجدا مستقلا في أرض أمَسْرَكَضْ ثم تحولوا منه إلى تَكَلَلْتْ وهم : هَمّهمّ بن أحماد من ذرية الغزالي بن علي بن يحي ، ومحمد الإمام بن أحمد من ذرية ربيع أحد الثمانية المشهورين باسم ( أتَّمَنْ ) ، وثالثهم محمد بن وَنْكِلَّ من ذرية أبي الهدى ، وذرية هؤلاء الأشياخ الثلاثة الذين انعزلوا أولا هم الأصل في التسمية ولكن لما خرجوا من ذلك الموطن الصحراوي وجددوا منازل قريبة من البحر اجتمعوا بإخوان لهم بعضهم من ذرية بَابَ أخي ربيعة وأبي الهدى ، وبعضهم من ذرية أيوب الأنصاري وكانوا لا يفارقون البحر حين كان إخوانهم في الموطن الصحراوي تارة يسكنون في العوالي من قرية كاو بوادي إنْشَوَاكْ ، وتارة ينزلون في وسط الجزائر البحرية ولكن علاقتهم بإخوانهم الساكنين في الصحراء لم تزل شديدة الاتصال والارتباط يتعلمون منهم ويناكحونهم ويواصلونهم بكل ما سوى التزام الجوار ويجاورونهم في بعض الأحيان وتشتد رغبتهم في أن يجاوروهم لكن علاقاتهم بسكان البحر من البيض والسود تمنعهم من ذلك فلما قرب منهم من كانوا ينتسبون إلى تكللت جاوروهم ولاصقوهم واتخدوا معهم في جميع أمورهم فغلب الاسم على الكل . طريقة أخذه للعلم ، وذكر مشائخه ، وتلاميذه : أما طريقة تعلمه فإنه لما بلغ عمره خمس سنين أسلمه والده إلى ابن عمه وخال المترجَم سعد الدين بن عُمار بضم العين وزيادة الألف بعد الميم وبعض الناس يسقط الألف ، وقال : له هو لك ملكا تاما فأخذ في تعليمه وتأديبه وابتدأ بتحفيظ القرآن يكتب له أسطرا ويحبسه على قراءته حتى يحفظها ثم يكتب له أخرى فأقرءه أولا العشرة الأخيرة لابتدائه بالمفصل ثم أقرأه من سورة البقرة إلى سورة الأحزاب فاشتغل ببعض الشئون الهامة عن مباشرة تعليمه فسلمه إلى شيخ تلك الصنعة في أحيائنا وهو أحمد البكا بن البخاري ، وحدثني أن الشيخ أحمد البكاء نفسه ما تولى إلا إقرأه وتحفيظه وأما الكتابة على لوحه فمتوليها ابن أخيه عيسى بن حَلالَ ، ومحمد بن البكاي نادرا ، فلما ختم القرآن رجعه إلى مربيه وشيخه الأول حافظا لجميع المنزل برواية الإمام ورش وذلك في السنة الثامنة من عمره واستمر حفظه له من ذلك الوقت جفظا متقنا لم يتخلله نسيان إلى أن مات ولما علم مربيه الشيخ سعد الدين أنه حفظ القرآن شرع في تعليمه الدين والأدب فأقرأه عقيدة ابن أبي زيد القيرواني واقتصر له عليها ثم أقرأه ( نيل الوطر في نظم فصول الأخضري ) لعم جده أحمد بن همّهمّ ثم نظم محمد أبّ ( لباب السهو ) من الأخضري الذي سماه ( العبقري ) فلما علم أنه أحرز العقيدة وأحكام الصلاة شرع في تعليمه العربية فأقرأه مقدمة الآجرومي ثم قطر الندى لابن هشام ، ثم الألفية ابن مالك بشرح السيوطي ، ثم لامية الأفعال لابن مالك في التصريف ، ثم الكافية له ، وحين اشتغاله بقراءة الكافية أقر له أقرانه وأشياخه بالسبق في علمي النحو والصرف فنقله من فن النحو إلى علم اللغة فأقرأه مقامات الحريري ومختار الشعر الجاهلي ، وصادف فراغه من هذين الكتابين بلوغه سن الشباب فأقرأه الربع الأل من مختصر خليل الذي يتكلم على العبادات ولم يجاوزه ثم أمره أن يأخذ علم البلاغة عن الشيخ الماهر فيه محمود بن محمد الصالح فقرأ عليه شرح السعد التفتازاني على مختصر القزويني تلخيص المفتاح ، ثم رجع إلى مختصر خليل فقرأه منه على شيخ مشائخ البلد في الفقه وهو محمد أحمد بضم دال أحمد دائما ابن الصالح المعروف باسم ( فُكَّ الكنتي أصلا السوقي مصيرا وقرأ شيئا منه على عبد الل بن الميمون بن أحمد شسخ أهل تِكِرَتينْ في وقته وقرأ منه بعضا على محمد الصالح المعروف ( بالسدادَ بفتح الدال في جميع الأحوال بن الصالح المعروف باسم ( أَسَيْ ) ثم شرع في قراءة الحديث فأخذ رواية صحيح البخاري عن شيخه مربيه وعن والده محمد بن حَدي واشتغل بمطالعة شروحه من غير أن يأخذها عن أحد فطالع شرح القسطلاني وتحفة الباري وشيئا من فتح الباري ثم أخذ عن والده رواية الشفا للقاضي عياض وأجازه فيه وقرأ شيئا من شرح الحريشي عليه ثم انتقل إلى التفسير فأخذ النصف الأول من تفسير الجلالين عن الشيخ محمد بن محمد محمود وهو من أهل تَبُورَقْ ، ثم رجع إلى حيه فأخذ النصف الآخر عن مربيه الأول وهو سعد الدين ، وبعد فراغه من قراءة الكتب المذكورة بطريقة الأخذ عن المشائخ تحرر من التقيد بشيخ معين أو كتاب معين فجعل يأخذ العلوم بنفسه ويتعلم ما شاء من الفنون بواسطة من يرتضيه من المشائخ وبغير واسطتهم فأخذ عن كبار العلماء من حيه أهل تَكَلَلْتْ ، ومن أهل تَبُورَقْ ، ومن أهل تِكِرَتِنْ ، ومن أهل إسَكَنْ ، ومن أهل تَنْغْ أكْلِ ، ومن العلوم التي أخذها بالمطالعة ومهر فيها من غير واسطة معلم معين علم مصطلح الحديث اشتغل به مدة يدرس ألفية العراقي ويحفظها ويطالع شرحها المسمى فتح الباقي على ألفية العراقي . وكذلك علم الأصول لم يأخذه عن واحد من أشياخه المذكورين على نحو ما أخذ به غيره من الكتب المتقدمة بل كانت له نسخة من كتاب الكوكب الساطع مشروحا بشرح السيوطي فاشتغل بحفظها واتقانها حتى حصلت له ملكة في الفن يقتدر بها على مذاكرة أهله فيه ومناظرتهم في مسائله حتى اعترف له المشتغلون بالفن أنه من السابقين فيه ، ثم كتب بيده نسخة من شرح المحلي على جمع الجوامع واستفاد نسخة من حاشية البناني عليه وأخرى من حاشية العطار ، وطالع شيئا من أصول الحنفية وشيئا من كتب المالكية التي تجمع القواعد والفروق ، ثم صار هو المرجع في فن الأصول كغيره من الفنون التي أخذها عن المشائخ وكثر الآخذون عنه من أقرانه وكانوا أسن منه فضلا عمن كانوا دونه في السن وممن عاصرهم وأخذ عنهم بغير طريق التدريس الشيخ مفلح بن محمدُ، ومحمد بن البكاي ، وأخوه المرتضى ، وأحمد بن موسى الأنصاري ، والشيخ إسماعيل بن الشيخ محمد الصالح ، وممن عاصرهم وأخذ عنهم وأخذوا عنه وهم كثير حميد بن عبد الرحمن بن الميمون الأنصاري ، وأخوه نوح ، ومحمد الصالح المعروف بمَتَّال ، وأخوه أحمد بضم الدال ابنا الأمين ، ومحمد الشيخ بن موسى ، وأحمد بن مَكَا وإنْكُنَّ من أهل تَنْغْ أكَلِ ، وجماعة كثيرة من أهل تَبُورَقْ ، وأهل إسَكَنْ ، ومنهم علماء إكَلاّدْ ، ودو إسحاق ، وبعض علماء موريتانيا . وأما الآخذون عنه فيتعذر إحصاءهم لكثرتهم فإنه حين قرأ ألفية ابن مالك تفرس منه أشياخه أنه يقدر على تدريس صغار الطلبة في علم النحو فكانوا يأمرون من يقرأ النحو بأن يلقنه درسه فيه ويأمرونه هو بالصبر على تدريسهم ليتدرب على وظيفة التعليم فكان في صباه يأخذ عمن هو فوقه ويأخذ عنه من دونه في العلم فما وصل سن الشباب إلا وه شيخ لكثير من طلبة العلم في سائر الفنون التي تقدمت كيفية أخذه لها عن الشيوخ ولما بلغ أشده وانقطع لعقد مجالس التعليم تفطن الناس لفضيلة حازها على غيره من المعلمين وهي الصبر على التعليم وبذل الجهد في التفقهم والتبيين بحيث لا ييأس من تفهم الطالب ما يملي عليه بل يكرر عليه ويغير له العبارة كلما عبر له عن شيء ولم يفهم غير له العبارة حتى يفهم وغيره من المعلمين إذا لم يفهم عنه التلميذ في المرة الأولى إلى الثالثة رما أعرض عنه وأراح نفسه من معاناة تفهيمه وطريقته هو الصبر على التعليم والإقبال على من لم يفهم من التلاميذ ومراجعته حتى يقر بالفهم ويرضى عنه وبذلك الخلق رغب كثير من المتعلمين في الأخذ عنه منهم من أخذ عنه فنا واحدا ومنهم من أخذ عنه فنين ومنهم من أخذ أكثر ، وكثير ممن وصل على يديه في علم النحو لم يتتلمذ له إلا بعد يأسه من نفسه ويأس مشائخه من تفهيمه وإذا تتلمذ له فتح له على يديه ، ومن الآخذين عنه من يقرأ عليه كتابا من أوله إلى آخره ومنهم من يأخذ عنه دروسا من كتاب ومنهم من يحضر مجلسه ، وأما من استفاد منه بلا تلمذة بل بطريق المذاكرة والمناظرة فلا يحصون ، منهم من استفاد من فيه بلا واسطة ومنهم من استفاد من كتابه وكثير من أهل عصره استفاد مما كان يكتبه في حل الإشكالات الواقعة في الكتب فقد كان مولعا منذ نشأ بتبيين ما ينبهم من التراكيب وإيضاح ما يشكل منها وكتابة ذلك على حواشي الكتب وعلى طروس مستقلة وربما كتب في ذلك رسالة تفيد من نظر فيها من الأكابر فضلا عن الأصاغر ، وأما أنا فلم يقرأني كتابا من أوله إلى آخره كما كان يصنع بأقراني بل كان ملازما للشيخ والوالد الذي أقرأ عليه لا يفارقه حضرا وربما رافقه سفرا فكل كتاب قرأته أخذت بعضه إبتاء من الوقت الذي أقرأ فيه القرآن وأنا ابن سبع سنين إلى أن شرعت في قراءة كتب العربية ثم غيرها من الفنون وربما حضرت مجلس إقرائه لكتاب قرأته قبل ذلك فأستفيد منه ثم لما مات الشيخ الوالد لازمته كما لازمه هو في حياته وكان حضوري معه في منزله أكثر من حضوري في منزلي وجل حديثنا على عائد إلى كتب العلم فكنت أكثر استفادة منه ممن يأخذ عنه كتابا أو كتابين . والحاصل أنه إن كان في إخوانه أو أهل بلده من لم يستفيد منه فأقل قليل جزاه الله خيرا . وأما التصانيف : فأول ما عمل فيه شرح شواهد الكافية في عنفوان شبابه استغرق فيه وقتا طويلا يجمع ما ببلده من كتب النحو واللغة وشروح الشواهد حتى جمع كتابا ضحما ثم اشتغل بمهمات أخرى عن تنقيحه ثم ضاع في النكبة التي ضاعت فيها مكاتب جماعتنا في كاو ، ثم وجد بعض الكتاب ولم يوجد الأكثر وهو كتاب مفيد في النحو واللغة ، ثم نظم قواعد الاعراب لابن هشام وسمى النظم ( مواعد الاطراب في نظم قواعد الإعراب ) وله شرح سماه ( تحبير المقال على منية الأمّال ) وهو نظم للشيخ محمد بن البكاي لما في لامية الأفعال من القواعد مع زيادات مفيدة من شروح اللامية ، وله رسالة ( في الرد على من بالغ في إنكار تأويل الصفات ) التي يؤولها الخلف حتى وصل إلى التمثيل أو التشبيه ، وبين فيها طريق السلف وطريق الخلف وأقوال العلماء ، وله في الفقه جواب عن رسالة أرسلها إليه الشيخ المرتضى بن البكاي ( في مسألة الاستحقاق ) فأجابه على طريقة الشرح لكلمات الرسالة والجواب عنها حتى صار ذلك نحو ثلاثة كراريس بين فيها كثيرا من مسائل الاستحقاق ، وله نظم ( في الفرائض التي تعول ) ، وله ( رسائل في حل مشكلات الدروس ) وله ( نظم الورقات ) لإمام الحرمين في الأصول و ( نظز التلخيص ) للقزويني سماه ( قوالب التخليص ) وهو آخر ما نظم فرغ من نظمه في أيسر مدة ثم بالغ في تهذيبه وجعله على أسلوب غير مألوف للرجاز من رعاية الساكن والمتحرك من مستفعلن في كل كلمة ورفض ما يذكر تتميما للبيت وحمله ذلك على الإتيان بعبارات يصعب فهم المراد منها على كثير من الناس لكن ملازميه الذين يعرفون كلامه المنظوم والمنثور ويعرفون استعمالاته لا يخفى عليهم مراده ، وأما القصائد فهي أكثر مما سواها لأنه ما زال يعملها من صغره إلى كبره ويعملها في موضوعات مختلفة فلا يحصرها أحد إلا بجهد جهيد وتطويل ، فبعضها في المديح النبوي وبعضها في أجوبة المسائل وبعضها في التهنئات وبعضها في التقاريظ وبعضها في المراثي ويكفي الراغب في اقتنائها ومحاكتها أن يأخذ من كل موضع بأجود ما قال فيه وينبغي لطالب علم البلاغة عن ومحاسن الأشعار أن يدونها ويحفظها ففيها كفاية عن شعر المتقدمين ، وتعلو مرتبتها في البلاغة عن جل مراتب المتأخرين .وأما علم التصوف الذي يعرف فيه طريق القوم وآدابهم وأخلاقهم وكراماتهم فليس مما يؤخذ عندنا بالتدريس لم يدرسه عن أحد ولم يدرسه عنه أحد بل نشأ بين شيوخ حيه وهم يقرءون كتبه بالمطالعة ويتأدبون بما فيها من الآداب وينخلقون بما فيها من الأخلاق فلما نشأ ووجد أشياخه على تلك الحالة ووجدهم يتخذون شيخا يعتقدون في الكمال وينشدون أشعارا تتضمن التسليم له والانقياد ويطلبون منه التربية والترقية لما وجد أشياخه كذلك عمل مثل ما يعملون وهو شاب فأنشد قصيدة تتضمن تسليمه له واتخاذه شيخا مربيا ومرقيا وأول قصيدته : حماد السياح معتمدي .. ............................. ولما وصلت قصيدته إلى الشيخ حماد بن محمدُ الذي هو مربي السالكين ومرقي الواصلين الجامع بن الشريعة والحقيقة ، وإمام أهل الطريقة قبلها ولكن لم يجبه بالشعر كما كان يجيب من قبله من المريدين ولم يكثر عليه من الأوامر والنواهي والوصايا كما يعمل مع غيره بل أمره إجملا بمتابعة شيخه سعد الدين بن عمر والاهتداء بهديه وامتثال أمر والده محمد بن حَدي فقد كان من العلماء والأولياء الأجلة وممن يعتني بمتابعة السنة في أقواله وأفعاله فكان الشيخاان مرآته في الطريقة وكان الشيخ الأكبر يأمره كثيرا بمتابعتهما والإحسان إلى أمه ثم إلى جميع الناس وكان ذلك أكثر ما يأمره به ، وكان من عادة الشيخ حماد مع المريدين أن المتعلم منهم لا يلزمه من الأورادأولا لا التعلم ثم عددا يسيرا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فكان التعلم والتعليم وخدمة الشيخ هي أجل أوراده وجل ما يستخدمه فيه نسخ الكتب ربما أمره بالكتابة واجتهد في امتثال ما أمر به فمما كتب له جزء من صحيح البخاري وشيء من تفسير الجلالين وشيء من شرح المحلي على جمع الجوامع وكثير غيرها ، وربما أرسله في بعض الحوائج الخارجية والداخلية وإذا أرسله في بعض الحوائج فرجع إليه لم يبرح ساحته حتى يقول له الشيخ اذهب إلى والديك حتى تؤدى حقهما ، وربما أجل له أجلا للرجوع إليه فيجتهد في أن لا يتعدى ما حد له من المدة ، وكان الشيخ الأكبر يعده من كبار أصحابه مع صغر سنه ويضمه إلى خاصة مجله وكان يمازحه على العادة الجارية في البلاد من مزاحمة ابن العمة لابن الخال لأن أم الشيخ بنت عم أبيه يجتمعان في الجد الثالث ومع ذلك يدنيه ويقر له بالفضل كلما جالسه وإذا غاب عنه في بعض الشئون أظهر الحنين إليه والشوق إلى لقائه ، وربما قال لبعض من معه اذهب إلى خارج الحي لعلك تلقى فلانا فتبشرني بحضوره عندي ، ومما حرى من الشيخ من تخصيصه إياه بخصائص لا يشاركه فيها كثير من الخواص أن الشيخ مرض مرضا شديدا في العام الذي قبل عام وفاته فاعتزل الناس وانفرد به أخص خواص حيه فجعلت الوفود يفدون عليه على العادة ولكن لا يصلون إليه وأكثر أهل حيه يحتجب عنهم فضلا عن غيرهم وكان الشيخ المترجم وشيخه سعد الدين غائبين إذ ذاك فقال الناس إذا حضرا فلا تحجبوهما عني فليسا ممن يحجب وذلك قليل من كثير من تقريبه له وتخصيصه إياه بأنواع من الخصائص فنال ببركة ذلك التقريب أن صار من كبار مع صغر سنه وصار يزاحم أشياخه في الكلام في قضايا يحجم كثير من الكبار عن الخوض فيها لدقتها وكانت حالته في بر الشيخ الأكبر وبر والديه وبر شيخه الأول الذي يربيه وجده في التعلم والتعليم من العجائب لأن من رأى أثر تعلمه وتعليمه في المدة التي صاحب فيه أشياخه وأبويه لا يراه مشتغلا بغير الكتب ليلا ونهارا ومع ذلك يجتهد في إرضاء والديه والنيابة عن والده في الأمور التي يقوم بها قبل ضغف الكبر من القيام بأمور حيه وأمور الضيوف المتكاثرة ومن رأى أثر خدمته لخاله الذي رباه ظنه مختصا بذلك ومع ذلك يعده خدام الشيخ الأكبر وأحدا منهم كأنه لا يفارقهم لكثرة حضوره معهم وكان مسكن حيه ربما بعد عن مسكن الشيخ بمرحلتين أو ثلاث أو فوق ذلك ولكن الغالب حضوره مع الشيخ قرب حيه أو بعد وببركة ما ناله من البر بشيوخه ووالديه وتخلقه بأخلاق الكبراء وهو صغير فتح له من الجمع بين الأمور العظام ما فتح له وترقت همته عن مصاحبة أقرانه ومشاركة الأحداث في أمور اللهو واللعب واتخذ كبار الأشياخ أصحابا وأوى إليهم فآووه وعدوه واحدا منهم وشاركهم في الأمور العظام ، ومن القضايا التي تكلم فيها مع كبار المشائخ وكان كثير من المشائخ يهاب الكلام فيها : مسألة اتخاذ الشيخ المربي بعد وفاة الشيخ حماد بن محمد رضي الله عنه فإن الشيخ لما توفى عظم مصابه على المريدين فلما أفاقوا من غشيته تفرقوا ثلاث فرق : فرقة تهاب أن تسمى أحدا بعده باسم الشيخ وترى أن تبقى بلا شيخ سواه لأنهم لا يرون أن تصرفه يزول بالموت ، وفرقة : ترى أن تستخلف بعض كبار أصحابه ولم يصرحوا باسم من يرونه خليفة ، والفرقة : الثالثة تفرست في ابنه المحمود أنه هو المستحق للخلافة عن أبيه ظاهرا وباطنا وهو إذ ذاك شاب وهذه الفرقة هم آل بيت المترجم جميعا وقليل من الناس سواهم وكثير من المريدين لا يجترئ على الكلام في القضية بل ينتظر ما يحكم به الكبراء ممن جمع بين الشريعة والحقيقة ، وممن يدنيهم الشيخ إليه ويبث لهم بعض أسراره فكان الشيوخ الكبار من قبيلة الشيخ المترجم وهم سعد الدين بن عُمار ، ومحمود بن محمد الصالح ، والسدَادَ بن الصالح ، وإسماعيل بن محمد الصالح ممن سارع إلى تعين الشيخ المحمود خليفة وأنشدوا في ذلك قصائد تتضمن الحكم بأنه المستحق للخلافة وحكم معهم هذا المترجم مع صغر سنه وتقديمه لأشياخه المذكورين ولم يستغن بما قالوا وما رأوا بل أظهر رأيه مع أرائهم لا لمجرد التقليد بل لما وضح له ولهم من الأمارات وما يستنبطونه من أقوال الشيخ الأكبر بعضها لم يصل إلى من خالفهم وبعضها وصل إليهم ولكن لم يفهموا منه ما فهم هؤلاء ، وأول قصيدته في الموضوع : بوجنتك النور الترائي ساطع فبراهان دعواك الخلافة قاطع ثم ذكر من فضائل الشيخ المحمود ما قد عليه ومن استحقاقه للوراثة ما قدر له ، ثم اتفقت الفرقتان اللتان لم تسبق إلى ما قال الأولون على الرجوع إلى ما قالوا واتفق الجميع على اتخاذه خليفة بعد مذاكرات وأبحاث من العلماء في طلب تحقيق ما يصرون إليه فلما اتفق الكل على الحكم باستحقاقه والانقياد إليه كان من أكبر أصاحبه ومن أوفاهم له بحقوق الصحبة والإرادة حتى كان لا يجيب من سأله عن شيء من حقوق المشائخ أو من طلب منه أن يفسر له بعض كلامهم لا يجيبه بأكثر من قوله سلم تسلم ولا يستفيد منهم ولا ينكر عليهم بل اكتفى بما يأخذه من شيخه عن الأخذ عن غيره والشيخ أيضا يقربه ويقدمه على غيره من خواص أصحابه ويعترف له بمثل ما يعترف له به وكان كل منهما يعامل صاحبه بتوقير الكبير والاستناس بمعيته كحال الأقران وكان الشيخ حماد ألا يخلي مجلسه العلمي من ذكره والتنويه بقدره في علمي الظاهر والباطن وكان يؤثر نظره في العلوم على كل من معقوله ومنقوله وإذا وقعت نازلة أو وقعت لغيره وسأله عنا فإن اتسع الوقت لأن يعرضها على الشيخ المحمود فلا يعمل فيها شيئا إلا بعد سؤاله ومشارته وإن الجأه الحال إلى القول قبل سؤاله ومراجعته لغيبته عنه فلا بد أن يعرض عليه ما قال حين يلتقيان فإن وافقه اطمأن وإلا نقض كل ما أبرمه إلا أن يكون الشيخ المحمود يأبى له ذلك ويرجعه إلى المناظرة ويجبره على أن يبدي ما عنده من النظر كما يفعل مع غيره فإذا كان ذلك وتناظرا فيما بينهما ومع أصحابهما حتى ظهر الصواب سارع إليه سواء كان موافقا لنظره الأولا أو مخالفا له وكان أحرص الناس على تلقف ما يمليه من العلوم ، وتدوين ما ينشيه من منثور ومنظوم حتى أن كثيرا مما كتبه الشيخ المحمود من الرسائل العلمية لا تجده مدونا عند غيره لشدة حرصه على الاستفادة منه وللمحافظة على آثره كيلا تضيع كما ضاع كثير من الأثار التي لم يقم أحد بتدوينها ومن عجيب أمره معه أن كلا منهما يبالغ في تعظيم صاحبه ويرى له من الفضل ما لا يراه لغيره ولا يراه له غيره ، ومما يرى له الشيخ المحمود من الفضل تفضيله لكلامه نظما ونثرا على كلام غيره من أصحابه ويذكر لنا أنه لا فضل لكلام المتقدمين من الأدباء والظرفاء على كلامه ولذلك ربما فوض إليه أمر التأليف رضاه عن إنشائه نظما ونثرا ، يأمره بمشاركته إيه في إنشاء قصيدة وتأليف كتاب لاتحاد أسلوبهما في الإنشاء فإن الشيخ حمدا مع كونه ينشد القصائد قبل تعرفهما ، آل أمره إلى أن حبس نفسه على محاكاة كلامه في النظم والنثر والاقتداء به في الاستعمالات حتى صار التطبع طبعا وتشابه كلامهما حتى لا يكاد أحد أن يفرق بين كلاميهما فقد سلم لهما أصحابهما للسبق في ميدان الفصاحة والبلاغة وما يتبعهما من المحسنات وأن غايتهما لم تدرك مع كون العلماء والبلغاء والشعراء متوافرين في قومهما لا منازع لهما ولا مخالف وكل منهما يشارك التلاميذ في اعتناء ما يؤلف صاحبه وما ينظم ، ولما نظم الشيخ المحمود جمع الجوامع لابن السبكي وكان الشيخ حمّدَ قد حفظ نظم السيوطي له قبل ذلك بما ينف على ثلاثين سنة سارع إلى حفظه وشاركه في صغار الطلبة حتى حصل حفظه في مدة يسيرة قبل حفظ الطلبة له ووجد من خفة اللسان في قراءته ما لم يجده غيره كنت معه ليلة ونحن ضيوف في بعض أحياء إخواننا فلما اجتمع علينا رجال الحي بعد صلا المغرب قام عني وتركني عند الجماعة ورجع إلي قبل صلاة العشاء وقال لي قرأت كتاب ( الجوهر اللامع نظم جمع الجوامع ) للشيخ المحمود في غيبتي عنك وقرأت معه ورد القادرية وكان مما من الله عليه سرعة الحفظ وخفة اللسان ، وأحب الوظائف إلى الشيخ حمّدَ أن يكون خادم الشيخ المحمود في جميع ما يقدر عليه ومعينا له في جميع الأمور وأما الشيخ المحمود فأحب الأشياء إليه أن يتنعم بمجالسته ومذاكرته في فنون العلم ومناصحته ومشاورته في الأمور لكن لما علم منه الحرص على تولي خدمته طيب نفسه بأن يقول له أخدم في كذا ولكن لم يستخدمه إلا في التعليم والتأليف والخط والإنشاء أو هما معا فإنه تارة يأمره بالتأليف في موضوع ثم بإرسال نسخة مما ألف إليه ، وتارة يحبسه ليكت له مؤلفاته أو غيرها ، وتارة يعرض عليه بعض مؤلفاته أو قصائده ليغير ما شاء ويقر ما شاء ، ومما يخدمه فيه بذل الجهد في تعليم من معه من الإخوان من غير فرق بين الصغار والكبار وتنشيط المتعليمن وما رأيته فارغا من هذه الخدمة حتى أتاه مرض الموت وهو مشتغل بكتابة نسخة من نظمه للتلخيص وتهذيبها وتنقيحها وكان من إحسان الشيخ المحمود إليه أن ذلك النظم حفظه مع غناه عنه تحببا إلى الناظم ثم أمره بأن يكتب له نسخة منه فاشتغل بذلك حتى غُلب عليه قبل موته فأتم بعض خواص تلامذته وهو محمد بن أحَمَ كتابتها بعد موته وأرسلها للشيخ المكتوبة لأجله رحمة الله عليهما ، ومما خصه به من بين سائر إخوانه أن طبيعة كل منهما المبالغة في إكرام الضيوف الأجانب فضلا عن الأقارب وكانت العادة في بلادنا أن الضيف إذا كان مكرما معظما فلابد أن تذبح له بقرة أو عدد من البقر أو الغنم ويوسع في الإطعام على من معه وعلى من يتلقاه على من يجاور المضيف من الناس إكراما للضيف النازل ، وكان الشيخ المحمود سابقا في ذلك المضمار يقر له بذلك السبق كل من يعرفه لكنه إذا نزل به الشيخ حمّدَ فلا يتكلف له من القرى ما يعمله في حق غيره بل يكون واحد من أهل البيت ينفق عليه مما ينفق على نفسه ضيفا أو واسعا إذ لا يراه غير نفسه وألزمه أيضا أن يعامله بمثل ذلك فعامله به فصار كل منهما في منزل صاحبه كصاحب المنزل ، ومما يعامله به الشيخ حمّدا ولا يلتزم غيره معاملته به أنه لا يقطع أمرا دونه وربما استشاره في المحقرات التي لم يعتد الناس الاستشارة في مثلها أما المهملات فلا يرد فيها ولا يصدر إلا عن رأيه سواء كانت مما يخصه ي نفسه أو ما يخصه مع خواص أهل بيته أو كانت مما يعم جماعته أو يعمهم مع غيرهم من الإخوان والأجانب كل ذلك لا يورد فيه ولا يصدر إلا عن رأيه ، وكان ذلك منه عادة مستمرة جارية حتى استقر في أذهاننا معشر أهل بيته التابعين لرأيه أن ليس لنا أمر نستقل به دون ذلك الشيخ زيادة على ما يلتزم له غيرنا من سائر الناس لما ربانا به من إدخاله في خواص أمورنا الداخلية ، وجيع ذرية الشيخ الأكبر حماد يعاملهم بمثل ما يعامل به شيخه الذي تفرعوا عنه من البر والتعظيم والإحسان لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وإنثاهم ولأخوي الشيخ المحمود من ذلك وهما المنير والبشير ما ليس لغيرهما ، وكان من أخلاقه الصبر حتى كأنه لا يفرح ولا يفزع بل كان أمره معتمد لا في جميع الحالات ولم أر شيئا من الزلازل أثر في صبره ما أثر فيه أن يرى بعض أولئك القوم مشوش الخاطر ولا يقابل أي أمر إلا بالصبر واستشارة الشيخ المحمود فإذا استشاره اطمأن إلى ما يشير به ، ومن الأمور التي شوشت باله ولا يريد أن يعمل فيها شيئا إلا بأمره أن الشيخ المنير بن الشيخ حماد أخا شيخه المحمود قام في أواخر عام 1373هـ فنهض ببعض أصحابه قاصدا الخروج من الأوطان والتوجه إلى مكة وكثير من أهل البلد في ذلك الوقت إما مهاجر بالفعل وعازم على الهجرة وقليل منهم رأيهم التثبت والصبر في أوطانهم والسفر إلى مكة لأداء الحجد فقط ثم الرجوع إلى أوطانهم وإن نالهم من لمشاق والمخاوف ما نال من يريدون الخروج بقصد عدم العود إليها ، ولما خرج الشيخ المنير بقصد الهجرة تاق بعص الناس إلى تبعيته وصبر بعضهم مع الشيخ المحمود الذي لم ير رأي أخيه ولم ير إلا الصبر فتشتت هموم من لم يرض بفراق كل منهما بعد اختلافهما في النظر ، وكان حي الشيخ إذ ذاك في بلد غير البلد الذي فيه الشيخ المحمود فمر بنا الشيخ المنير حين خرج مهاجرا فلما مر ذهبت معه غير متلفت إلى شيء ولا قاصد لمقصد معين سوى صحبته على كل حال فلما خرج من حينا وأنا معه شق فراقنا معا على الشيخ حمّدا فكتب إلى الشيخ المحمود يستشيره ويستعلم منه مراده ويستفتيه فيما عم قطرهم إذ ذاك من كثرة مفارقة الأوطان باسم الهجرة من غير استعداد من جل الناس ولا أهلية كثير منهم للفرار من الفتن والبدع ، ولا مبالاة كثير من أولئك الخارجين بالدين العيني فضلا عن أن يهاجروا عن مظان الفتن والبدع ، ولما ورد عليه كتابه أجابه بما لفظه : ( بسم الله ، الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله ومن تلاه ، من كل براواه ، وبعد : فيعود عليك وعلى من معك من السلام أحلاه مذاقا ، وأطيبه انتشاقا ، ومن التحايا ما يملأ الجو إشراقا ، ويفق الدر انتساقا ، ثم إن الذي سألت عنه بتشوف ، وبثثت إليّ من شكواه على تخوف ، فأمر إلى ربي وربك مرجعه ، ومنه مبتدأه ومطلعه ، ونحن فيما بين ذا وذاك منتظرون ، ولهواطل سحائب اللطف مستمطرون ، ما منا من يقول لأفلن ، ولا من يجترئ ليسبق القضاء فينفي بلا أو لن ، بل نحن متثبتون إلى الآن ، ومثبتون من كادت الزلازل تستقره من الخلان ، على أني نظرت فأيت القلوب كان زممت بحبال التقاد ، والنفوس كانما تساوي ولو بغير زاد ولا عتاد ، ولا أدري هذا الجشر ليوم الحشر ، أم لأمر لا يعلم إلا الله لبه المكنون الذي تحت القشر ، فمن لم يتثبت لما أرى ، بل انحلت لصبره في أول أمره العرى ، فلا أراه يقف من دون قاف ، ولا يجلو بفيه ولو لذ قرقاف ، بل لا أظنه يهنيه مقام قبل يوم القيام ، ولو بات جار الزمزم والمقام ، فالرأي عندي التثبت مع الثبات ، حتى يظهر ما يريد هذا السائق بالنات ، شعر : لا تعجلن لأمر أنت طالبه فقلما يدرك المطلوب بالعجل فذو التأني مصيب في مقاصده وذو التعجل لا يخلو من الزلل ومن تواقيعات ذي الرياستين : أن أسرع النار التهابا أسرعها خمودا . وأحسن من ذا وذاك ، وأطيب نفحا من مسك ذاك ، قوله عليه الصلاة والسلام ( المؤمن وقاف والمنافق والثاب ) ومما روينا عن أبينا آدم عليه السلام أنه قال ( لأولاده كل عمل تريدون أن تعملوه فقفوا له ساعة فإني لو وقفت ساعة لم يكن أصابني ما أصابني ) ، ثم إني ما كتبت هذا مغالبة للقضاء الجاري ، ولا صدا عن سبيل الملك الباري ، لكن خفت أن تعيث في جنسيتنا الغول ، فلم يكن لي بد من أن أقول ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، الصبر مفتاح الفرج ) إهـ فلما وصل إليه الجواب اطمأنت نفسه واستراح ، وعن قريب فرج الله كربته بأن رجعنا الله إليه لأن الشيخ المحمود أرسل إلى أخيه رسالة يأمره فيها بالرجوع إليه والسليم للقضاء والصبر وصحب حامل الرسالة شيخهما وابن عم أبيهما محمد بن نوح ولما وصل إليه الشيخ مع رسلة الشيخ شاورني خاليين فأشرت عليه بامتثال الأمر فرجعنا . وأما حاله مع جماعته فقد سبق في ترجمة والده أنه هو القيم بجماعته وبالضيوف وبحوائج جيرانه وأهل بلده ومقاومة الأقوياء ودفعهم عن الضعفاء ومقاساة أنواع الشدائد في ذلك وسبق من هذه الترجمة أن والده كان يوليه الأمور في حياته ويخدمه في صغره ويربيه بذلك فلما نشأ وضعف والده قام مقامه بالنيابة ولما مات والده قام مقامه بالخلافة والوراثة ولما مات شيخه وخاله الذي رباه قام مقامه أيضا ونال سيادة جماعته ووراثة أسلافه في القيام بمؤن الجماعة والإحسان إلى القريب والأجنبي ثم زاد على أسلافه أنهم إنما يقومون بأمور الناس تبرعا وليس فيهم من يتسمى باسم الإمارة بل كانوا يتباعدون عن ذلك الاسم ويكرهونه ويهابونه لما فيه من الأخطار الدنيوية والأخروية ، وهذا الشيخ المترجم اتفقت جماعته على تأميره وتوسيطه بينهم وبين الحكومة وهو إذ ذاك غائب لأسباب تقتضي ذلك وخافوا أن لا يوافقهم فاستشفعوا بالشيخ المحمود ليأمره بأن يفعل ما يريدون ففعل ما أرادوه فامتثل هو أمر الشيخ ورضي أن يلقب بالإمارة ولكن لم يعمل كما يعمل غيره من مخالطة الحكام وطلب الحوائج منهم وطلبها من الرعية بل كان حاله مع أهل الحكومة أنه لا يأتيهم ويعطيهم ولا يسألهم وحاله مع الرعية أنه لا يأخذ منهم غير ما تلزمهم الحكومة وما رأيتهم وفوا بلازمهم من جهة الحكومة بل ربما تكاسلوا أو أبوا عن دفع ما يلزمهم فيدفع ماله عنهم ، وكان الحاكم في تلك السنين لا يعمل شيئا إلا بواسطة الأمراء فبدالي أن أسافر إلى مكة لأداء الحج فجئت إلى الحاكم الفرنسي أطلب منه ورقت التسريح فقال لي إلا أن يحضر أميرك ويأذن لي فذهبت إلى الحي وجئت معه فقال : له الحاكم هل تأذن لهذا الرجل أن يسافر قبل أن يؤدي غرامة الحكومة ، فقال : له اعطه التسريح وأما الغرامة الحكومية فأنا المسئول عما يلزم قبيلتي منها بالغا ما بلغ ، وكان لا يأتي القرية إلا لغرض خاص فإذا أتاها لم يعمل ما يعمل الأمراء من مقابلة الحاكم حتى كان آخر أمرهم معه أن عظموه وبجلوه لما رأوا منه من عدم الاعتناء بشيء سوى التعلم والتعليم وإصلاح أمور الناس فأعفوه من استحضاره ، وربما وجهوا إليّ خطابا في بعض شئونهم التي يخاطبون فيها الأمراء نيابة عنه مع حضوره ويتركوا توجيه الخطاب إليه تعظيما له فأقوم بتلك المهمة لأريحه وأصلح ما يريدون إصلاحه وربما أصلحت شيئا من تلك الأمور ثم أخبره فيشكرني . وأما وفاته فعند غروب الشمس يوم الإثنين 12 جماد الأولى عام ألف وثلاث مائة وتسع وثمانين 1389 هجرية(2) . قلت : له منظومة في الفرائض بدايته : حمدك يا من قسم العلوما .... وعدد أبياتها 53 بيتا . ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
171. همّهمّ / محمد أحمد بن أحماد الإدريسي الجلالي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 0 | 06-11-2014 02:19 PM |
89. زين الدين / حماد بن محمد الصالح الأنصاري التكيراتي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 2 | 06-08-2014 08:47 PM |
مؤلفات السوقيين | عبدالحكيم | منتدى المكتبات والدروس | 19 | 03-27-2014 10:39 AM |
17.أحمد بن الشيخ بن أحمادُ الإدريسي الجلالي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 0 | 03-18-2014 02:32 PM |
فهرسة الأعلام المذكورين في كتاب الشيخ العتيق بن سعد الدين المسمى ( الجوهر الثمين ) | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 1 | 12-01-2013 10:22 PM |