28.أحمد بن محمد أحمد الإدريسي الجلالي السوقي

28. أحمد بن محمد أحمد الإدريسي الجلالي السوقي :

هو أحمد بن محمد أحمد بن عُمار بن محمد الأمين بن محمد بن همّهمّ بن أحمادُ الصغير ينتهي نسبه إلى الشريف إبراهيم الدغوغي(1) .
ترجم له الشيخ العتيق فقال : هو العالم العامل الفهامة الكامل ، نشأ في عبادة الله وتقواه وزين في قلبه حب الخير وتشبه بكبار الشيوخ في أيام الصبوة وحبب إليه التعلم وهو صبي ورزق من سرعة الحفظ وحسن الفهم ما يعجز عنه أقرانه ، قرأ القرآن برواية ورش وحفظ وهو ابن تسع سنين ثم لم ينسه إلى أن مات ، أقرأه والده ثلاثين حزبا ثم توفى فأخذه ابن عمه وعمه حمّدبن محمد بن حدي برسم التعليم والتربية فسلمه له عماه فاعتنى به أشد الاعتناء وأقرأه ما بقي له من المنزل حتى ختم القرآن ثم رباه بصغار العلوم قبل كبارها فأقرأه باب العقائد من رسالة ابن أبي زيد ثم أقرأه نظم فصول الأخضري المسمى " بنيل الوطر " ثم نظم باب السهو منه المسمى "بالعبقري " ثم أقرأه الآجرومية وألفية بن مالك ولاميته وكافيته ، ثم نظمه لقواعد الإعراب المسمى " مواعد الإطراب " وهو أول من أخذه عنه ثم أقرأه نظمه لورقات إمام الحرمين وهو أول من أخذه أيضا ، ثم مقامات الحريري حفظ كل هذا ولم يبلغ الحلم ثم قرأ عليه المنطق ثم قرأ تلخيص المفتاح في جماعة من أصحابه على الشيخ محمود بن محمد الصالح ، ثم شرع في حفظ مختصر خليل وكان يطالع من كتب النحو واللغة الحواشي الكبيرة ويضبط كثيرا من قواعدها ، ثم أخذ التفسير عن عمه سعد الدين بن عُمار وابتدأ نظم الشعر وهو ابن عشرين سنة ولكنه ليس على طريقة المجان والمبالغين في المدح والذم بل على طريقة الفضلاء والصالحين ومن شعره قصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وضعها على حروف الهجاء كلها لكل حرف عشرة أبيات ، فقال : في حرف الهمزة :
عج بالمطي العوج نحو حراء
متواضعا في الله غير مراء

وأقدر في بذرعك في التردد بينها
والمروتين وزمزم وكداء

وأنثر هنالك نظم عقد معا ذرأ
وقل الهيام من الغرام وراء

فإذا فعلت ولم يقم بك عائق
فاسلك ركابك في طريق قباء

واقض الغرام بها الحقوق وأوفه
ميزانه بالقسط لابعداء

وابلغ إلى حيث النبي محمد
مَن مدحه قبل الولادة جاء

عمن به أسرى ليظهر باعه
في الفضل حتى حاز سبع سماء

ووآه كون مثله من حاله
خيرا وإرضاء له بعطاء

وحباه من أسمائه الحسنى ألا
قل لي ، إذلك لم يكن بحباء

وأتم نعمته عليه وناله
ما دون حصرته انحصار بقاء


وقال في حرف الباء :
ما حسن تدبير ليالي الشباب
بالصرف في مدح ذوات القباب

فلزهير أو لعلقمة
دع غزلا في فرتني والرباب

وسرح الخاطر في رضة
غناء ، أمداح لباب اللباب

محمد من برسالته
أقر من لله حتى الضباب

بحسبه عارضة ، إنه
لرحموت الملك الحق باب

وأنه أول ذي هامة
ينفضها يوم تشيب الشباب

يا خير خذ مني بيمنى يد
من عمل البر وحوش يباب

تنفك تأبى أن يكون لها
إلى اكتساب المعلوات انصباب

يا عجبا عاصيان بارئه
من يتأذى بوقوع الذباب

إطلع الغيب أم اتخذ الـــــ
ـعهد لــــدى الله بأمـن التباب


وقال في حرف التاء :
ليت شعري وقصاري الجهد ليت
مع قصور الليت ، أو تجويد بيت

أعلى شح أبى قلمون ، بي
ترقل العيس إلى أول بيت

بيت أمن وضع الله به
عن ذوي الأعذار منها كيت كيت

بيت عز يصرع الوجد إلى
زوره أكثر من صرعي الكميت

ويح نفسي حاد بي عن زوره
سوء ما ، من عمل السوء أتيت

لكن الله هداني لهوا
ه ، ولولا أن هداني ما اهتديت

وهداني لهوى زور الهدى
صفوة العالم من حي وميت

سيد أقسم بالله الذي
يخرج الخبا ويدري ما طويت

لبقلبي ساذج من وده
وإن أنأتني العوادي فنايت

كيف لا ، وهو مجري من أذى
كلِ موذ أينما كنت ثويت


وقال في حرف الراء :
دعاك منادي الغرام مرارا
فتيرا جهارا وتيرا سرارا

يردد ذاء مقر الهدى
مقر الهدى فالبدار البدارا

وهاتي البقاع التي تشتكي
نواها فمالك والاصطبارا

فعذذ إليه ورضّ إذٍ
بأخفاق غلب ألذ فأرى القفارا

فأما مررت على روضة
وهشت فألق إليها الغبارا

وقل لست لي مقصدا إنما
أريد القرار بأم العذارى

ففيها أقام سنين ، الهدى
خطيبا وفيها ارتضى الله جارا

فهَنا كر يربح ضعف المنى
وتزور أوزار ذيها ازورارا

على يد من نال ما لم ينل
بتردية الدور بالدار دارا

رسول رأى الله سبحانه
مرارا ، ألم تكف تلك فخارا

به وبه وبه مالكي
أنلنا المنى وأقلنا العثارا


وقال في حرف القاف :
ما أرقى ما شرقي بالعقيق
لسبب ما غير ذكر الغقيق

تدري لماذا شاقني ذكره
لقربه من دار طه الشفيق

من جاء بالوحي على فترة
منه ، لحزب في الضلال غريق

يهدي به الله من اتبعوا
رضوانه منهم ، سواء الطريق

وينذر المستهزئين به
وآيِه ، ذوق عذاب الحريق

أكرم بأتقى قومه ، شفعِه
في غار ثور ، ذي الخال العتيق

فقد تلقى هديه وسلا
من حبه الصادق ، كل صديق

وبابي حفصة من لم يزل
في العز ، مذ أسلم ، خير فريق

وبابي عمر ، وتجهيزه
للجيش بالعسر على ما يليق

وبعليّ وبإيوائه
في الله ، إيواء الشقيق الشقيق


وقال في حرف الياء :
مريد تهامة عني حي
بها صفوة اللب من خير حي

وآلكه إني وإن كنت في
حلي الحي ، لكنني غير حي

فإن الهوى كاد يبلغ بي
إلى جهل ما بين حي ولي


وقال في آخرها :
محمد يا من به كرمت
على الله أبناء صلب قصي

طويت حروف الهجاء على
مديح جنابك أحكم طي

فجائزتي اليوم طول المدى
بإلباس دوود جالوت عني

ومنتسب ما له نسبة
بنسبة أو صحبة أو بأي

فنحن نحوز السرور به
ولكوي قلوب العدا أي كوي


وبقية القصائد ضاعت ، ويكفي هذا شاهدا على أن شعره ينحو به منحى الصالحين لا منحى الطالحين ، وأما أعراضه عن صحبة البطالين والأحداث فبلغ فيه مبلغا يضحك بسببه كثير من الناس وهو ملتزم بأدب من قال : " لا تصحبن من لا ينهضك حاله ، ولا يدلك على الله مقاله " وكان كل ما أخذه من العلم إنما أخذه عن أشياخ حيه كالثلاثة المتقدم ذكرهم ، وهم الشيخ حـمّدا والشيخ سعد الدين والشيخ محمود وغيرهم من أشياخ قبيلته ، وأما الرحلة إلى الخارج في طلب العلم فلم تكن منه ، وخرج مرة في التجارة إلى بلاد السودان رأى كتبا كثيرة استفاد منها علوما لم يكن استفادها من قبل ولم يقصر همه على مطلق البيع والشراء كما يفعل التجار ، وحدثني بعض أصحابه وهو من الثقات أنه قال له حين رجع من ذلك السفر لو محي جميع ما بأيديكم من نسخ شرح كافية ابن مالك لأمليتها عليكم من حفظي ، وأنا أثق بذلك لما شاهدته ونحن صغار من سرعة حفظه ومحبته للعلم وتلذذه بالتعليم في سن الصبا وفي سن الشباب . وأما الأخذ عنه فلم ينضبط لكنه ما زال يعلم الصغار في صباه ، ومات قبل أن ينتصب للأخذ عنه في أوائل عام 1370هـ(2) .

قلت ولعل صاحب هذه الترجمة هو صاحب منظومة في علوم الحديث مطلعها :
يقول أحمد بحمد الأحد
..........................

ﻗﻠﺖ ﻭﻟﻌﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻫﻮ
ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ :
ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﺤﻤﺪ ﺍﻷﺣﺪ
..........................
وهي للشيخ أحمد(عام)بن همهم بن أحماد

شكرا الأخ الكريم العلوي السوقي على المرور الطيب وشكرا على تصحيح ما قلته هذا ما أريده في هذا العمل .