|
منتدى الأعلام و التراجم منتدى يلقي الضوء على أعلام السوقيين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
ترجمة العلامة المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ـ رحمه الله ـ
ترجمة العلامة المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ـ رحمه الله ـبقلم ابنه وتلميذه / أبي عمر أحمد محمد بن محمد الحاج الحسني
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- أ- اسمه هو محمد بن محمد أحمد الحسني, ثم الأدرعي نسباً، الجلالي قبيلة ويلقب بالـ"الحاج" ويجمع له بين الاسم واللقب،وبتقديم الأول على الثاني، فيقال: " محمد الحاج " ويعكس نادرا، فيقدم اللقب على الاسم فيقال:( الحاج محمد ) كصنيعه في بعض كتاباته, وقد يكتب الاسم " محمد " دون اللقب ـ كما في إحدى فتاويه كما يأتي ـ وهذا قليل منه. وغلب عليه اللقب كما هو دائر الشيوع بين ألسنة عارفيه, قال في بعض شعره: وسماي محمد، وبوصف الـ*** حج لقبني جميع الأهالي وورد في بعض مخاطباته بينه وبين العلماء كما في قول العلامة محمد سالم بن محمد عالي ولد عدود رحمه الله مخاطبا له: أهدي إلى محمد ذي الوصف***بالحج شكري وودادي أصفي وكما في قول الشيخ حمدي بن إبراهيم الحسني الجلالي يرد على أبيات إخوانية أرسلها إليه سلام ذكي من الحاج هاجا*** هياما أطال بقلبي المعاجا وقد ينسب نفسه إلى جده كما في خاتمة نظمه لنخبة الفكر, إذ يقول وإنني محمد بن أحمد*** الحسني الأدرعي المحتد وكما في مقدمة نظمه للمنفردات والوحدان, إذ يقول قال محمد سليل أحمد***الحسني الأدرعي المحتد ب: ميلاده: قال رحمه الله ولدت عام [1359هـ] وذلك في شهر رمضان المعظم انظر:الأنس المصفى ص5 وذلك حوالي مدينة "غاو" آزواد شمال مالي . نسبه : هو :محمد بن محمد أحمد بن أحمد ( باختلاس حركة الضم, دون تشديد, ـ كما في صحراء مالي ـ بعكس ما عند الشناقطة الذين يشددون, ويعجمون الدال أحياناً.بن مَحمد بن مَحمد الملقب "بلى" بن مَحمد الملقب (إدا) بن مَحمد الإمام . قال - رحمه الله –ويعرف جدي المذكور بلقب " الإمام "؛ لأنه كان إماماً لمسجد حيه, ومن انضم إليه بانتخاب من أهل الحل والعقد، ولذلك قصة مشهورة لا نطيل بذكرها؛ اكتفاء بشهرتها وهو أي: محمد الإمام المذكور, والأسماء الثلاثة معه, كلهم بفتح ميم محمد, كما هو شائع في سكان الصحراء الكبرى ،وينتهي نسبه إلى الشريف محمد بن عبيد الله الأدرع بن عبد الله بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه ورضي الله عنه . وانتساب بيت المترجم إلى محمد بن عبيد الله الأدرع ـ أمير الكوفة في خلافة المأمون العباسي ـ أمر مشهور محفوظ، وما زالوا يحوزونه, ويكتبونه بأقلامهم، قال الشيخ العلامة المفسر إسماعيل بن محمد الصالح الحسني الجلالي ت 1364 في شهرة شرف أهل هذا البيت « وأما في هذا العصر، فلا أحصي من سمعت منه ذلك إلا بالجهد ... ». انظر: الدرر الثمان في شرافة الغر الثمان خ ص (9)). وقال أيضاً في حيازتهم لشرفهم: «...مع حيازة ذلك مثل أو أكبر من حيازة الأملاك... » الدرر الثمان ص 9 كما أن انتساب الأدرع إلى الحسن المكبر أمر مشهور أيضاً, يعرف ذلك من رجع إلى أي كتاب من كتب الأنساب -أعني أنساب الأشراف خاصة . ـ مكانة أسرته العلمية: نشأ - رحمه الله - في بيت علم من كلا طرفيه جداً فجداً، فلا يعرف فيهم إلا عالم معلم - من أبيه الأدنى إلى الأب العاشر - وعراقة أهل بيته وقبيلته علمياً أشهر في الصحراء منطقة آزواد من أن تذكر, حيث يمتد إشعاعها العلمي من القرن التاسع ولما ينقطع فيهم العلم – بحمدالله- . وكما كان عموده هكذا، فكذلك عمود سلاسل بني عمه، فكل تلك الأعمدة مسلسلة بالعلماء والحفاظ للقرآن المهرة, والخطاطين الذين يضرب المثل بحسن خطهم. قال شيخنا العلامة المؤرخ العتيق بن الشيخ سعدالدين الحسني الجلالي متحدثاً عن مكانتهم العلمية: «..فلم يزل العلم والفضل والمكارم فيهم، ذلك ما بلغنا عمن قبلنا، وشاهدناه فيمن عاصرناهم، ولم تخل جماعة منهم من علماء أجلاء، وأولياء كبار، ومهرة في حفظ القرآن وتحفيظه وتفسيره، من القرن التاسع الهجري إلى الآن، ومكاتبهم مملوءة بمخطوطات لأسلافهم، وكانوا من أجود الناس خطا، ومن أكثرهم نقلا للعلوم في سائر الفنون، يقتنون بعض مخطوطاتهم، وينفقون بعضها على من شاء الله من قرابتهم ومن المتعلمين من غير قرابتهم انظر: الجوهر الثمين ص(417). وقال الشيخ العلامة المحمود بن الشيخ حماد الحسني التبورقي متحدثاً عن سبط المترجم منهم: « ...ولسبط ربيعة خصوصية أخرى, وهي: أن الله يسر لهم من حفظ القرآن، ومن كثرة قراءته, وإقرائه ما كل عنه كثير من الناس، فلما اشتهروا بالمهارة فيه، ازدادت أقدارهم عظماً, وفخامة عند الناس, حتى ضربوا بهم الأمثال، وأرجو لهم من ثناء الملإ الأعلى ما هو أعلى من ثناء أهل الأرض كلهم ... ». التبر التالد ج/2 ص (331). وقال هو نفسه - رحمه الله - في كلام له عن مكانتهم العلمية: «....على أنه من المحقق أنه لم ينقطع فيهم العلم من القرن التاسع, إلى يومنا هذا، وذلك في العام المتمم عشرين وأربعمائة بعد الألف, والحمد لله... ».الأسرة الثمانيون الأدرعيون ص(2) وقال الشيخ عبد الكريم بن أحمد الكرماني الحسني الجلالي في شرحه لمنظومته: ( الدرر) نظم النخبة, للمترجم: « فما زال أجداد الناظم يعدون من أهل العلم», انظر توضيح الغرر على جباه الدرر (246). أثر بيئتة العلمية على نشأته: لا بدع إن تركت البيئة المتقدمة أثرها الواضح على نشأته، حيث إنه دارت نشأته بين أعمامه وهم - كما تعرفت على قليل منه من حيث أصالتهم العلمية - وبين أخواله وغيرهم من قرابته في التجمع الثلاثي - وكل علماء - وهؤلاء مجموعهم - مع أبناء عمومتهم وبقية إخوانهم ممن سكنت أسلافه مدينة السوق الأثرية ـ قديما– هم :" تنبكت "الثانية في الصحراء، ومن انتهى إليهم يبحث عن شيء من أمور الدين إرشاداً, وتعلماً, فقد وصل، فكانت نشأة موفقة بالفعل؛ إذ بينهم عاش بواكر عمره، متنقلاً بين مجالسهم المباركة، يكرع من كؤوسها، ويستنبئ خزائنهم التليدة عن مخدراتها، وهكذا حتى بلغ أشده العلمي, وورث أشياخه في علمهم بعد ما شهدوا له بالسبق والتفوق، وفي شبيبته العلمية دار بين محاضر قومه أهل تجللت، وأهل تبورق وأهل تكرتن ـ وهم من أشرنا إلى سعة علومهم حتى أخذ عنهم العلوم التي تتلقى في بلده، وشهدوا له بالتضلع والمهارة . ولا نستطيع أن نجزم بأنه تأثر بإحدى محاضر قومه ( كل تجللت وكل تبورق وكل تكرتن) أكثر من الأخرى، فقد تداخلت فيها عوامل التأثير والتأثر تداخلاً امتزاجياً, لا يسمح بأي حال بادعاء انفراد إحداهما بدور أقوى تأثيراً في مجموع طلابها, إلا النادر القليل، وسيأتيك مسرد شيوخه موضحاً ذلك أكثر. تضلعه في العلوم: أ: في علم النحو قد ألقيت الضوء في إلمامة يسيرة على مطلع نشأته، وأنها كانت في بيئة علمية موروثة، وتحدثت فيها عن المرحلة التي درس فيها القرآن، والتي تردد فيها بين الأعمام والأخوال فماذا بعد . ؟ يقول رحمه الله – بعد ذكره لدراسته القرآن وشيء من العقيدة - [.... اشتغلت بعلم النحو الذي هو القنطرة في بلادنا، فمن تمهر فيه، فقد جاوز القنطرة وانفتحت له الطريقة إلى العلوم فيتعلمها بسهولة ، ...فأول ما تعلمت فيه : ـ المقدمة الآجرومية على عادة أسلافنا من إعراب المثل والآيات القرآنية والشواهد وتفهيم الطالب جميع مبادئ النحو في إبان تعلمه ثم . ـ نظم شيخنا وشيخ شيوخنا سعد الدين ين عمار الحسني [الجلالي ] لكتاب قطر الندى لابن هشام سماه غيث الجدى ـ ألفية ابن مالك إلى أن أتممتها مع شرحها للسيوطي. ثم بعد ذلك قرأت أبواباً من الكافية لا تكون دون الربع الأول ـ التصريح للأزهري ثم أخذت في مطالعة المطولات من كتب النحو مع جماعة من أقراني مثل: ـ حاشية الصبان على منهج السالك للأشموني ـ حاشية الخضري على ابن عقيل ـ ومغني اللبيب لابن هشام كل ما أخذت بالدرس مما ذكر أخذته عن جماعة من العلماء من قرابتي القربى وما سوى ذلك أخذته بالمطالعة مع أقراني، ومن هذا القسم: همع الهوامع شرح جمع الجوامع للسيوطي. وبعد ما ذكرت شرعت في حفظ بعض المنظومات المتداولة عند أسلافنا كـ ومنظومة الشوارد، لشيخنا وشيخ شيوخنا مهدي بن الصالح الحسني[ الجلالي ] وفوائد الصبان، للشيخ يعمربن عبدالرحمن التنغاكلي وفي خلال ذلك أحضر دروساً يلقيها شيخنا حمدا بن محمد الحسني [الجلالي] على بعض أصحابي وأقراني، بعضها في شروح الألفية، وبعضها في نظمه لقواعد الإعراب المسمى مواعد الإطراب في نظم قواعد الإعراب، واستفدت كثيراً منها -ولله الحمد - الأنس المصفى ص(11-12) قلت: هذه هي رحلته الأولى في دراسته، وأول محطاتها:علم النحو،ولا شك أنها انتهت إلى النجاح، في الأدب: قال رحمه الله: (ولما أوجست من نفسي خلال دراستي لعلم النحو أني حصلت منه على نصيب يؤهلني؛ لتوسيع الدائرة في طلب علم اللغة العربية، والتمهر في فن الأدب، والأخذ بآداب النظم والنثر، تاقت نفسي إلى صرف الهمة لدراسة علم اللغة وفن الأدب، فأخذت في تلك الفترة أقرأ ـ مقامات الحريري ـ ديوان امرئ القيس وهما اللذان أخذتهما عن أشياخي بالتدريس. وأما ماسواهما كبقية الشعراء الستة وشروح المقامات المختصرة والمطولة، فقد بذلت جهدي في مطالعتها وممارستها، مستعينا على وحشيها وغريب مفرداتها بالشروح، وكل حين تتزايد رغبتي في علم العربية وفن الأدب وملحه، ودواوين الشعراء الجاهليين والمحدثين، ورسائل البلغاء، ولا أرى ولا أسمع في تلك الفترة إلا ما له صلة بملح الأدب وفكاهته ونوادر الشعر ومستعذباته ،فاشتغلت في تلك المدة بمطالعة شرح الشريشي لمقامات الحريري ومجمع الأمثال للميداني(ونظمت أيام العرب التي كانت في آخره) ومن الدواوين الشعرية: ـ ديوان أبي الطيب المتنبئ ـ وديوان الموسوي ـ وديوان الحماسة لأبي تمام وغيرها ــ كمقصورة ابن دريد ـ وديوان حسان بن ثابت الأنصاري، ـ ـولامية العجم للطغرائي وشرحها الغيث المسجم ولامية العرب وكثير غيرها. ثم ترقت الرغبة إلى كتب العربية المطولة وغيرها، فأخذت في مطالعة كتب الأدب قبل الانغماس فيها والخوض في تيارها. ومما اخترت حنيئذ من كتب الأدب: ما اختاره الأدباء كالأربعة المذكورة في قائمة أهم كتب الأدب وهي: الكامل للمبرد والبيان والتبيين للجاحظ وأدب الكاتب لابن قتيبة. وكتاب الأغاني للأصفهاني وهذه الأربعة جعلتها برهة من الدهر في أيام نعومة أظفاري سميري وأنيسي، وقلما تجدني إلا وواحد منها جليسي الأنس المصفى ص12 معاجم اللغة : يقول- رحمه الله- فمن مختصرات كتب العربية التي لازمتها في تلك الفترة:: ـ مختار الصحاح للرازي ـ المصباح المنير للفيومي ـ وأساس البلاغة للزمخشري . ومن المطولات: ـ القاموس المحيط،للفيروزابادي ـ شرحه تاج العروس للمرتضى الزبيدي وغيرها ـ لسان العرب لابن منظور فقد استفدت منه .لكني لم ألازمه كما لازمت تاج العروس، فإن من منن الله علي أن ذلك الكتاب على طوله المفرط، وكبر حجمه وتوسعه في العلوم والآداب والمعارف، قد طالعته مرتين من الهمزة إلى الياء . ] انظر: الأنس المصفى ص (12) قلت : أتذكر أنه في الأيام التي يعكف على مطالعة التاج ليست له نسخة خاصة، وكان كلما انتهى من العكوف على مجلد، بعثني إلى مكتبة خاله الشيخ العلامة المنير(أنار) بن الشيخ حماد الحسني التبورقي- وكانت كغيرها من مكاتب قريته - وادي الشرف - المخطوطة والمطبوعة مفتوحة له بلا قيد؛ لما عرف عنه من الانهماك في البحث والطلب ولتقديم الناس له- فآتيه بمجلد وهكذا ،ويوما من الأيام – وأنا صغير - ولعلي – إذ ذاك- أدرس ملحة الإعراب للحريري ،كان يقرأ في التاج، فدعاني فقرأ علي بيتين فيه ملغزا بهما ومكتنها أين وصل فهمي للعربية فحفظتها وهي: أراك تروم إدراك المعالي*** و تزعم أن عندك منه فهما فما شيء له طعم وريح*** فذاك الشيء في شعري مسمى يعني "أراكا " أي الشجر المعروف ولا يتعجب من صبره على مطالعته مرتين إلا من لم ير فناءه فيها وانكبابه عليها، فما وصفه هنا ليس في تاج العروس وحده فهو سيرته مع الكتب . البلاغة : يقول -رحمه الله - [ فما قضيت منها نهمتي، صرفت همتي إلى علم البلاغة من فن المعاني وتوابعه من علم البيان والبديع، فقرأت من ذلك الفن: تلخيص المفتاح للقزويني مع شرحه للتفتازاني..وحفظت أيضاً من علم المعاني نظم شيخنا محمود بن محمد الصالح الإدريسي [الجلالي] المسمى محرض الحريص ولم أزل أشتغل بمطالعة كتب البلاغة وكتب اللغة مختصراتها ومطولاتها . ] الأنس المصفى ص (12) المنطق: قال - رحمه الله - بعد الكلام على دراسته للبلاغة [ وفي تلك الآونة اشتغلت معها بمنظومة الأخضري في المنطق التي تسمى بالسلم المرونق مع شرحها عون رب العالمين للبرتيلي انظر: الأنس المصفى ص (12) والظاهر أنه أتقن المنطق كغيره من الفنون لما هو معلوم عند عارفيه من العلماء وطلبة العلم من قوة مناظرته (يتبع...)
[marq="3;right;3;scroll"]
شعارنا اعتزاز بالجميع وحب في الجميع اورسالتنا الإحسان إلى الماضي بخدمة صوره المشرقة وإلى الحاضربتتويجه بكرم الأخلاق وإلى المستقبل بالإسهام في إشراقته وفي احترام قناعات الآخرين ما يشغلنا عن الاختلاف وفي حلاوة الائتلاف سلوة عن مرارة الاختلاف ،فإن أصبنا فمن الرحمن وإن أخطأنا فمن الشيطان، ومن الله التأييد ومنه التسديد [/marq]
آخر تعديل الشريف الأدرعي يوم
06-09-2014 في 08:25 AM.
|
06-09-2014, 07:53 AM | #2 |
عضو مؤسس
|
رد: ترجمة العلامة المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ـ رحمه الله
نماذج تعبر عن شخصيته الأدبية:
قد تحدثنا عن دراسته لعلوم الآلة وتضلعه في اللغة والنحو والصرف والأدب فيحسن هنا أن نعطي نماذج تعبر عن شخصيته الأدبية ومن الطبعي: أن من انشغل بفن، وتغلغلت فيه ملكته، انعكست آثاره على خطابه ، ومن المعروف أن الخطاب إما نثر وإما شعر: وعليهما سيدور الحديث ، وسأعطي نماذج تدل على ثروته الأدبية في كليهما . أ: شاعرا لما كان شعره واحة تجد فيها من كل بستان زهرة، فسنعطي لكل غرض ما تيسر من نماذج : أولا : الإخوانيات: يعتبر هذا الغرض باكورة شعره ـ كدأب كثير من شعراء الصحراء ـ إذ من الغالب أنه حين تبدأ ملامح النبوغ على الشاعر الصحراوي يبادرـ هوـ أو يبادر من طرف أحد الأصفياء له ـ من ذوي الموهبة الشعرية إلى مقاولته شعريا ـ فيجد الشاعر النابغة في ذلك المجرى تلمسا صدقا لمبلغ قدرته الإبداعية،ويكتنه أين وصل نبوغه ؟ على هذا المنوال جرت مداولات بين المترجم في فجر شبابه وبين عدة من الشعراء،ووجهتنا شطر إعطاء صور عن المخاطبات التي جرت بينه وبينهم مع الشاعر الشيخ: محمد بن يوسف الحسني التبورقي رحمه الله ـ يقول متحدثا عنه وممن برز في قرض الشعر ونبغ فيه في ذلك الزمن أخي وقريني ونابغة أواني، محمد بن يوسف الإدريسي المتوفى عام (1403)هـ فقد تجاذبنا أطراف الشعر معه في مدة مديدة، فأول ما جرى بيني وبينه أن أرسل إلي قصيدة لامية الروي تتضمن الشوق إلي، ومطلعها : أبى مربع أقوى ظللت أسائله *** برد الجواب أن تفوه منازله ألحت عليه بعد ما بان أهله *** سوار سواجم، فسالت مسائله وبفور وصولها إلي أنشأت قصيدة على بحرها ومطلع القصيدة : على طلل الأحباب عجت أسائله*** وكم سائل لم تجد نفعا مسائله لأية ساعة، أو أية نية*** تحول ظبي كنت فيك أماقله فأصبحت دارس الرسوم وأقفرت*** مثاوٍ، بها كم من أنيس أغازله الأنس المصفى ص( 13) خ وذيلها بأخرى مطلعها: لمعناك في فكري ومغناك في صدري *** وسر هواك في الجوانح كالجمر قضى لي قاضي الوجد أني متيم*** فللغرب إرسال الغروب إلى النحر إلى أن قال : لقد فقت في فن البلاغة أهله*** ولكن "لا" على لسانك لاتجري وقد ملكت فكاك توشية اللغى*** كما سلكت كفاك في مسلك وعر فإن كنت قد أهديت لي بحترية*** فهاءك هذه كميتية النجر فدونكها نفلا،وتلك فريضة *** ولا بدع إن سح السحاب على البحر وأجابه محمد بقصيدة أخرى منها : قرم على صهوات العز متكئا*** رقم،وغرته بالمجد مرقومه له مبان بناها عن ذرى شرف*** من كل مكرمة، بالحلم مدعومه إلى أن قال سصف قدرة عارضته على الإنشاء: يزبرج الوشي إنشاء بعارضة***في النسج ماهرة، ليست بمسئومه ما اسودكاغده إلا استضاء بما*** عنه انطوى شذرا بالمسك مرسومه إلى أن قال يصف عبادته: وكم ترست إلى أن أدهشت، وغدت*** رجلاه في أخريات الليل موصومه وكم أكب لحر الوجه، مبتهلا*** لله مستعبرا عيناه، كالديمه يدعو ويامل عفو الله منتصبا*** في كل داجية دجياء مظلومه إلى ان قال : أناله ربه ذكرا مداركه*** تعيي ذوي همم بالحزم محزومه مع الشاعر الشيخ معاذ بن الشيخ عيسى القاضي الحسني التبورقي رحمه الله المشاعرة الودية بينهما: فضمنية فرعية عن السابقة ـ وإن كانت الدواعي في قوة أن تسمها بالاستقلال ـ يقول الوالد - رحمه الله- متحدثا عن الرائية التي تقدم بعض منها في جواب الشاعر محمد- رحمه الله- فلما أنهيتها ترصيعا، وقطعتها تقطيعا، أرسلتها والتي قبلها للبارع الأديب، الشاعر المفلق الأريب، فتى الفتيان وفارس الفرسان الأخ معاذبن عيسى القاضي الإدريسي - رحمه الله- وكتبت على ظهر أول ورقة ممازحا له معاذ هاءك هذي*** فاستفهمن غير هاذي تقل فناك ملاذي *** وأنت أنت معاذي إلى قدوم فتاها*** وإن أتاها فتاها وهش قل منتهاها*** في سيرها أنت، هاها فلما اطلع الأخ المذكور على القصيدتين تحرك منه كل ساكن، وسار منه كل كامن؛ غيرة منه على ما جرى، من أن الشعر إلى باب غيره سرى، فلم ألبث إلا قدرا يسيرا من الزمن، إذ فاجأتني منه قصيدة طنانة لامية الروي . ومن المؤسف أنه لم يبق في ذاكرتي منها ـ ولو بيتا واحدا ـ فأجبته بأخرى رائية لا أحفظ منها غير يتين من أولها وهما: قلم الصبابة يمطر الأشعارا*** وجمال من اهواه يوري النارا أوكلما أشفيت فاستشفيت يا*** لهفي يؤنبني العذول مرارا انظر :الأنس المصفى ص(14) مع الشيخ العلامة محمد (إغلس) بن محمدبن اليماني الحسني المرسي رحمه الله قال -رحمه الله- [ هذا وممن شرفني بإهداء الشعر النابع من أعماق قلب شديد المودة من أقراني وأشياخي :شيخنا وصديقنا الأوفى، وحبيبنا الأصفى، أخونا العلامة، وخنذيذنا الفهامة، أبو المكارم محمد إغلس بن محمد بن اليماني الإدريسي، فإنه كان من المشايخ الذين صحبتهم وممن كانت مودتهم لي صافية، وكثيرا ما يتحفني بفوائد وفرائد رائقة، وكان لي موسم أفد عليه فيه، فأتنعم وأتعزز وأستفيد من الجواهر التي يلقيها من فيه، فاستبطأ زيارتي له سنة من السنين؛ لأنه تأخرت عما يعتاده،فكثر منه الحنين ،وإنما تأخرت؛لأعذار منها :أن بيني وبينه شقة بعيدة تشق على المسافرين،فأنشد أبياتا أبدع فيها نفس المصدر ص (15) ومطلعها: أفيك حقوقا كنت أرقب إلها*** مخافة أن تحجى العهود أفيكا فتيك قديما سنة قرشية*** تقام لدي أو أداس فتيكا وقد أجابه على هذه بقصيدة أخرى طائية الروي على منوالها وليست عندي وقت الكتابة. مع الشيخ الشاعر حمدي بن إبراهيم الحسني الجلالي حفظه الله قال في الحديث عمن تجاذب معهم أطراف الشعر ومنهم السيد البجال، البارع المتصف بكريم الخصال، ذاك ابن عمي حمد بن إبراهيم بن أحمد البكاي الحسني الأدرعي، فإنه أهدى إلي من إنشاداته: قصيدة من غرر القصائد، ومن الدرر الفوائد، ولا أذكر منها إلا أنها لامية الروي ،كما أني أرسلت إليه أبياتا، تتضمن شوقي إليه ورويها:"حرف النون" التزمت منها ما لايلزم من إتمام كل بيت منها بلفظة: (عين) حتى جمعت منها كثيرا من معاني لفظة (عين ) في العربية، فأهدى إلي أبياتا أخرى ورويها: حرف الجيم المفتوحة بعدها ألف المد انظر: الأنس المصفى ص (15) قلت : وإليك القطعة التي أجابه بها الشيخ حمدي قال -حفظه الله-: سلام ذكي من (الحاج) هاجا*** هياما أطال بقلبي المعاجا هياما يقيم مقام الكرى *** بجفني السهاد، إذا الليل فاجا فعيناي عينان نضاختا*** ن، فعذبا فراتا، فملحا أجاجا فردي إليه أريح الصبا*** سلامي، ولا تستثيري العجاجا مع الشيخ محمد يحيى "آمدي" بن حمدا الحسني الجلالي رحمه الله وعنه يقول: [....ومنهم: الأخ الصديق الألمعي، الحاذق اللبيب اللوذعي، محمد يحيى بن الشيخ حمدا، فإنه أهدى إلي من أشعاره الرائقة،ومن شذراته الفائقة: قافية ضمنها بلسان صادق، وقلب وامق، ولفظ رائق، شدة اشتياقه إلي، ونبذة من الثناء علي، الأنس المصفى ص (15) قلت: ومما خاطبه به الشيخ محمد يحيى - تغمده الله بسابغ رحمته - قصيدة ميمية وجدتها بخطه معنونا إياها بما يلي: قصيدة من الإخوانيات أنشأها : أمد بن حمدا عــــام:( 1994) في الاشتياق إلى أخيه الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي قال متخلصا بعد أبيات تعبر عن شدة لوعته وصبابته إلى أخيه: إذا استلأم الامر الذي ساء وقعه *** أناسي، واستنت إلي فئامه فلي منه مأوى"الحاج" من ينح بابه *** قضاها، أيهمي فوق ربع غمامه!؟ فتى لم أشعاث الديانة بالنهى*** وقوم منها ماتداعى انهدامه منيب ينادم التقى طول ليله*** وعن قدم الذكرى يقوم مقامه يساعف أسحارا بتذكار ذاكر*** ويغمر أطراف النهار صيامه إلى أن قال يصف كرمه: وما البحر إلا من ينابيع خمسة *** وما شطحات الوكف إلا جمامه فمن شام برق الجود منه وأرعدت*** رواعده سحت عليه سجامه إلى أن قال : وتعنو وجوه المفردات له، ففي*** جمان الفصاح والشذور اعتيامه شهاب مدارس، همام سمادع*** قصي المدى، أعلى السماك مقامه لو استيم يوما في البلاغة واللغى*** مسائل سال نثره ونظامه ثم استمر يذكر شوقه إليه وختم بالتسليمات الزكية. مع الشاعر الشيأحمد المصلي بن أحمد الحسني الجلالي حفظه الله قال عنه :ومنهم الخنذيذ البارع المصلي،في محراب البلاغة وفي سباقها هو المجلي، ذاك أحمد بن أحمد الكرماني الإدريسي النسب ،الرفيع الحسب، فإنه قد أهدى إلي من شعره الرائق، وكثيرا ما يهدي إلي من نثره الفائق،وأنا أيضا ربما نظمت شعرا يتضمن الشوق إليه، والتسليم عليه والكثير من تلك الشذرات ، ضاع الأنس المصفى ص (15) مع الشاعر الشيخ المرتضى(أمو) بن محمد الحسني التبورقي ـ رحمه الله ـ قال عنه : ومنهم مالك زمام البراعة، وفارس فرسان اليراعة الأخ المرتضى بن محمد الإدريسي ثم الحسني ومن أحبائي وأقراني، وإخواني من أبناء أخوالي، لكن شعره لم يصل إلي ولم تره عيني، ولذلك لم أتعرض لجوابه حتى عريت أفراس الصبا والشوق، وكبر عمرو عن الطوق الأنس المصفى ص(15) ثانيا:المعارضات : إنما نعني بالمعارضات هنا: الأشعار التي تناول فيها مع بعض الشعراء قضية شبه جدلية بين الطرفين، ولكن ماوراء ذلك إلا إسراف في الألفاظ العذبة، والمعاني اللطيفة. وسأضع بين يديك - بإذن الله- ثلاثة نماذج من هذا النوع : مع الشيخ محمد الصالح "زيد" بن العربي الحسني الجلالي رحمه الله وفي ذلك يقول- رحمه الله – [ ومنهم : محمد الصالح بن العربي - وهو من بني عمي- ولكنه من طبقة أشياخي جرت في حينا ممارات هزلية في شأن المفاضلة بين الإبل والبقر على عادة أهل البوادي وسكان الصحراء من أن بعضهم يميل إلى تفضيل جنس من أجناس الحيوانات للقنية على الآخر، وأنا ممن مال إلى تفضيل الإبل على البقر على عكس ماهو معروف عند أهل بيتي من تفضيلهم للبقر لمن أراد اقتناء الحيوانات وتنميتها, فانجر ذلك إلى أن وصل إلى مقاولات شعرية، كما هو سنة الأدباء من إظهار بلاغتهم وقدرتهم على الإنشاء في المفاضلة بين شيئين كالليل والنهار والسماء والأرض والعقل والعلم وفصول السنة وكذلك الشمس وغيره مما تجد كثيرا منه في كتب الأدب فنظمت في ذلك أبياتا لا تحضرني الآن فرد علي الشيخ محمد بن الصالح العربي بقصيدة سينية ورددت عليه بأخرى سينية هي ألاقف بتيلك الربوع الدوارس***وسائل بهاعن الظباءالكوانس .وثم مجرالرامسات ذيولها***فعادمجرالرامسات الكوانس .كذلك دءب الدهرمازال قاضيا***برفع النعال وانخفاض القلانس .كمانمنم الإنشادقوم ورفعوا***به عن نجارالعيس نجرالجوامس. فمرتكب تلك الوعوركمن غدا***يجرعلي الإكليل ذيل الحنادس .ومثبت ماقدصادم النص خابط***تتيه به العشواءتحت الدواعس .ألم تك في عصرالنبوة مركبا***للب بني عدنان لب الأحامس ألم تك أوداج الذبيح بهااحتمت***ففادى بهافيالهامن نفائس ألم يك ليث الله فوق بروقة***غداةسقته الحتف هندالأحامس ألم تك للدما رقوءافتنثني***ولماتناج الهام بيض الفوارس ألم يك مماقدرواه أيمة***ثقاةعن الثقاةلاعن موالس ؟.عن المنحمناأنه قال:أكرموا***وهل قال ذاكم في مجال التنافس وهل قال ماقدقال إلالعزها***وعزذويهادون تلك الخنافس ومن عزهاماقدأبى الشرع غيرها***تزكى نصاباخمسةدون سادس .ومن عزهاإضافةشرفت بها***علي رغم شان شاتم أومدالس. وتحمل أثقالاإلى بلدأتت***وغير من آيها فهل من ممارس .ولولاشذورنظمت ضاع عرفها***جلالةشاديهاعلي النفس حابسي .أهاب وأستحيي يقال جراءة***من الإبن لاحوار حب موانس. لمزقت عن ذات الخوارجلاببا***كساهابنان الشعرتحت البرانس .بقافيةطنانةتذرالورى***سكارى وتطوي الشعرطي الوساوس .ولكنني ألجمت مهري هنيهة***فحيعل لي داع ألاقل وجانس. فنهنهته ياليت أني مناضل***من القوم ترباغاشماأي فارس .أجاوله في معرك اللفظ صائلا***عليه بقرضاب من القول رائس. وأستغفرالمولى وإني وإن جنت***يداي فلست من إلاه بآنس .وصلى علي مختاره متبوءا***مقاعدصدق في علالي الفرادس وسلم تسليماعليه وآله...وأصحابه الشم الهداةالمداحس مع الشيخ عمه المرتضى بن البكاي الحسني كان هذا الشيخ ضمن أولئك الذين لم يرق لهم تفضيل الإبل على البقر من الأدباء الجلاليين قال الوالد:[ فرد علي بأرجوزة لعلها لا تقل عن ألف بيت ] الأنس المصفى ص (16) قلت :ولم يرد عليه الوالد لمقامه منه عمومة وسنا وشيخوخة علم، وستأتي أبيات لطيفة خاطبه بها أوردناها في غرض الاعتذار مع الشيخ العلامة المحمود بن يحيى الأنصاري -رحمه الله- قال : [ ومنهم المحمود بن يحيى الأنصاري - وهو من طبقة أشياخي- وسيأتيك اسمه من قائمة المقلين من أشياخي وهو - أيضا - من قرابتي الذين يكرمونني غاية الإكرام، ويبجلونني مع مزيد الاحترام، وكان من تلامذة والدي - رحمه الله- وكان يعاتبني على عدم كثرة زيارته حرصا على صحبتي ومجالستي ويعاتبني على ذلك فاتفق أن أصيب يوما بحمى مكثت أياما ولا تقلع، فقدرعلي أني لم أزره في أوائل الأيام التي أصابته فيها، وأنا - إذ ذاك- قريب العهد بالنبوغ في الشعر، وهو على ماكان قديما من الشغف بالشعر واستحسانه،أعرف أن عنده للشعر قيمة، وأن من نبغ من قرابته يقربه على غيره منهم،فكتبت إليه ممازحا؛ لأني على صغرسني يمازحني، ولم يمنعني ماكنت أعرفه قبل ذلك من أنه ممن بز أقرانه في مجالات منها: قرض الشعر، فكتبت إليه أبياتامنها : إليك – محمود- من أغلى الهديات*** أبهى السلام وأبهر التحيات إلى أن قال : لابأس إذ لم يكن بغضا ولا مللا*** هيهات -كلا- ورافع السماوات فأجابني بأبيات تتضمن التهديد بالشعر منها قوله: لولا مخافة أن تؤوب القهقرى*** خوف القريض، رددت ردا أبهرا فعليك ، أياما، السلام ولايكن*** مما انتظرت قبول مثلي ماجرى مع أنني متحمل من إخوتي*** كل الإذاية ما خلا أن أهجرا فمكثنا يكتب وأجيب، وأكتب ويجيب، كل هذا في أسرع وقت ممكن إلى أن كان ختام ذلك اليوم الذي اختلسناه من يد الدهر، وجعلناه كله الأنس أن كتبت إليه ماهو هكذا: إيه، فإن عنان الشعر طوع يدي*** إن فهتَ فهتُ، أو استزدتني أزد لسوف أرسله ولا أثبطه*** حتى تناديني صه أو تقول قدي الأنس المصفى ص(16- 17) ثالثا :الاعتذار: سبق - وقبل قليل- أن أوردنا قطعته التائية التي اعتذر فيها للشيخ المحمود الأنصاري عن تأخر الزيارة عن موعدها المألوف، وذكرنا لم أوردناها في المعارضات، وهذه قطعة أخرى خاطب بها عمه العلامة المرتضى بن أحمد البكاي الحسني الجلالي -ولم أجد ما لعمه - قدم لها بالتالي : ( لكني بعد أن ذكرت من أقراني جملة ممن جرى بيني وبينهم من المساجلة الشعرية ما يستأنس به الجليس، أزيدك بثلاثة من فحول العلماء من طبقة أشياخي منهم: عمي الشاعر الخنذيذ الفقيه العلامة المرتضى بن أحمد البكاي، فإنه أنكر علي شيئا بلغه أني فعلته، وذلك في عنفوان شبابي، حيث لا أستعد لمناظرة مثله من فحول العلماء، لكني لا أتلكأ في تلك الأيام عن المجاراة في الشعر من أحد كائنا من كان، فأرسل إلي أبياتا تتضمن مطالبته لي بالدليل الشرعي على جواز ما بلغه أنني فعلته، فلم أتمالك نفسي - مع مابي من توقيره وتقديره - أن أنشأت أبياتا تتضمن أني أجله؛ لأنه مني بمنزلة الوالد سنا وعلما وقرابة، ولأنه ابن عم والدي يلتقي معه في الجد الثالث، والأبيات التي أرسلتها إليه هي : خبر الشيخ خافضا للجَناح*** أيها الرق ، رافعا للجُناح أنني لا أجيبه لا وكلا*** ما انقضى الليل بابتسام الصباح ذكرتني أبياته قول شاد***( طرق الجد غير طرق المزاح ) فكبحت طرفي وقلبت طرفي*** فرأيت الصموت أطيب راح الأنس المصفى ص( 16-17) رابعا: الفخر: لم أجد له في هذا الغرض نفَسا طويلا؛ لأن الغالب فيه عند الشعراء، إما أن يكون لاستثارة تقتضي من الشاعر بث أمجاده، وإما أن تحمل عليه نزعة من كبرياء الذات، وما هو بسبيل كل ذلك، إذ ليس متشبعا بما لم يعط ، ولا بمستنزر ما أعطي، يكفيه ما يكفيه، فإن في بيته من الشرف والعز ما فيه . لاأحاشي مما يمكن تصنيفه تحت هذا العنوان إلا أبياتا عنونها بأنها :" تعريف بقومه من قريش والأنصار" أنشأها تذييلا لكتابه إتحاف المودود، لكنها لو عثر عليها أديب يصنف أغراض شعره ولم يقابله وجه المناسبة ما اطمأنت نفسه إلا بأن يدرجها تحت الفخر من أجل ذلك :كتبناها هنا، لا تجافيا لمقصده الذي هو البعد عن الفخر-كما أشار إليه آخرها- ولكن: والقوافي شاهدات أننا*** عرب ننحتها، كيف نجول ما اشتكى اللكنة منا مشتك*** لا ولا عيا به حين يقول إن تكن في ريبة، فاستفت من*** ساجلونا في مجالات العقول واسأل اللسن من ارباب اللغى*** هل رأوا من حدنا أدنى فلول أو رأوا من شمسنا إذ أشرقت*** فوق جواللفظ والمعنى أفول قد ورثناها وغذينا بها*** وارتضعناها، وكالأصل الفصول إلى آخرها. خامسا : المدح : إن المدح في الشعر- غالبا - إما أن يجعله الشاعر وسيلة تستدنيه من فريسة مادية ينقض عليها بكلكله ، وإما أن يكون مكافأة على إفضال ناله، أو لصفات أعجبته في ممدوحه. أما الأول :فلم أجد له مثالا في مدونته الشعرية، فإن تعففه حال دون التكفف. وأما الثاني: فكقصيدته في حجته الأخيرة، شكرا لمن أحسنوا إليه ممن لقي من العلماء وطلبة العلم، وتأتي عند ذكر رحله في رحلته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية ـ حرسها الله وأدام عزها ـ . أما الثالث: فلعل مثاله قصيدة أهداها إلى بعض علماء نجد نورد منها : فثم أهلة، وثم أجلة*** وثم أدلة، دعاة إلى الرشد حماة لشرع الله من إفك آفك*** وزيغة من بالنقص زاغ أو الزيد كماة توارثوا البسالة، مثلما*** توارثها الآباء جدا إلى جد بنوا بالتقى والجود مجدهم كما*** شروا بالسخا والبشر حمدا على حمد سماحتهم أكرم بها طار صيتها*** ومدت رواقها على الجمع والفرد أشعتها أضاءت الأفق فاهتدى*** إلى منتداهم رائد البذل والرفد إلى أن قال : فمن لي بطيار، فأسعد مرة*** بزورتهم ويسمحوا لي بالعود أباحثهم في كل فن وأجتني*** ثمار حوار الشيب مثلي والمرد إلى أن قال : وآخر ما أهدي سلام مرونق *** يحاكي مذاقة لذيذا من الشهد يشيعه مني أتم تحية*** إلى من بنجد أو بقرب ربى نجد سادسا: التهنئة: يتمثل هذا الغرض في شعره، إما في تهنئة أحد إخوانه بمناسبة مولود تجدد إليه، أو بناء دار، وكل ذلك تعبير عن معاني البهجة لخير حم لأخ، أو صديق، أو لأخ صديق . ومن نماذجه: ما هنأ به ابن خاله وتلميذه: الشهيد السيد أحمد بن الشيخ البشيربن الشيخ حماد الحسني التبورقيلما ابتنى دارا في حاضرة "وادي الشرف" فالتمس منه الدعاء والتهنئة قال فيها : لا زلتم في الأمن في صحة*** في نعم صافية ضافية لازلتم في شامخ العز، بل*** دامت لكم أيامكم صافية سابعا: المراثي : اقتصرت مراثيه فيما اطلعت عليه على البكاء على العلماء والتعزية فيهم من مراثيه : مرثيته للشيخ العلامة ذي الكفل بن مفلح الحسني التبورقي ومطلعها : تراءت الحور في أعلى علاليها*** مستبشرات بقادم يوافيها ومن مراثيه: مرثيته للشيخ العلامة الفقيه: سيدي محمد بن بادي الكنتي المعروف بلقب: ( سيدي حم ) صدع جرى قلم القضا، فقضى به*** باري البرى، هدا لبعض هضابه إلى أن قال معزيا للكنتيين : أترون أنكم يساء حليفكم*** يوما بسوء ما، ولا نوسى به هيهات ما عضتكم من أزمة *** إلا تحض الجفن عن تسكابه ومن مراثيه: مرثية الشيخ العلامة المحدث إسماعيل الأنصاري ما بال فكرك برهة يستعجم*** وهتون دمعك كالغمام مترجم إن قيل: هذا مفحم من حزنه*** فلرب دمع من حزين يرحم إلى أن قال : يا بقعة بأبي الوفاء الشيخ" إسـ*** ماعيل " قدشرفت - سقاك المنعم- حياك صوب هاطل من رحمة*** محفوفة برضاه،وهو الأعظم أحرزت من شرف على شرف بما*** ضمنته، وهو الهمام العيلم ألف العلوم، دقيقها وجليلها*** قد راضها بقريحة لا تسأم في عنفوان شبابه شهدت له*** أهل الفنون، ولم يزل يتقدم شهدت له أشياخه بالسبق في*** ذاك المجال، وكلهم متقدم أفنى الشبيبة والكهولة، ناصرا*** للسنة الغرا، يبث ويخدم إلى أن قال : ما جاءه شاك شكى من فاقة*** إلا استوت آلافه والدرهم أدنى القريب مع البعيد، مواصلا*** صلة القريب، فكل ذينك مكرم إلى أن قال : ورث المكارم كابرا عن كابر*** إن الخيار جدوده وهم هم ثامنا : مناسبات أخرى: هذا ومما لايصنف تحت الأغراض الأصلية ولكن تناوله شعره أولا : الترحيب والاستقبال: إذا استنطقنا هذا الغرض في شعره، نطق بأنه أثر من آثار ما عند المترجم من صدق الحفاوة وما عنده من كرم الضيافة، يعرف ذلك من يعرفه، وسأورد له من ذلك أنموذجين فقط: أ-الترحيب برئيس مالي السابق موسى تراوري عند زيارة قام بها لجماعة المترجم عام 1403هـ تقريبا، فقال حفاوةبمقدمه ومنها: وأسرعنا إلى الأمداح نبني ***لسؤدده بها ظلا ظليلا وننشر فوق رايته برودا*** من الترحيب، تهديه السبيلا فأهلا، ثم أهلا، ثم أهلا*** به من قادم وبه نزيلا وشكرا ثم شكرا ثم شكرا*** له، ولمن يكون له دليلا إلى أن قال : وعنك يكف كف البغي كفا*** وباغيه، عزيزا أو ذليلا وساق إلى مناطق أرض مالي *** من الثروات ما يروي الغليلا فيصدر أهلها البترول طورا *** وطورا يلقحون بها النخيلا ب : الترحيب بالشيخ محمد بن عبد الله السبيل إمام الحرم المكي في زيارة قام بها إلى حاضرة المترجم " وادي الشرف " مع وزير داخلية مالي – آنذاك - عام(1406)هـ أرقت صبابة أنى يلام***أخو وجد يؤرقه الغرام أرقت -ولا عليك- فكم مذيع*** بما يمليه للدهر ابتسام بلى قد زارنا من أم رحم*** وزمزم والصفا وفد كرام كرام من كرام من كرام*** بزورتهم قد انكشف الظلام لقد فازت قداحك أرض مالي*** بما أسدى لك البلد الحرام وقد أسدى لنا مننا فماذا*** يكافئها ؟ سوى شكر يدام وتيهي وافخري بالعز ياتي*** فإن الوفد يقدمه الإمام إمام المسجد المكي طابت*** خطاه وطاب للوفد المقام فزاد الله تربتها سموا*** يطوف حولها وبها يصام عاشرا : الشعر العلمي: إن هذا النوع من الشعر يخص شاعرا دون شاعر، فالشاعر الذي يخصه من جمع بين العالمية والشاعرية، فما كل عالم يجيد الشعر،ولاكل شاعرعالم، ولاكل شاعرعالم مجيد . من ثم، فما أسميته بشعره العلمي:عبارة عن بحوث علمية عميقة يجيد ترتيب مادتها، ثم يصوغها في الوزن والقافية، أو تحسينات لبحوث عرضت عليه؛ لنقدها، أو إمضاء ما فيها، فيذكر من خلال تقريظها رأيه في المسألة ،وسأقسمه على اعتبار كل ذلك إلى نوعين: شعر النقاشات العلمية ، وشعر التقريظات أولا : شعرالنقاشات العلمية: أهم ما رأيته له في هذا الغرض قصيدته التي ناقش فيها العلماء في مسألة "تزكية الأوراق النقدية" وقال في مناسبتها :[... لما تباينت أنظار العلماء وتضاربت آراء الفقهاء في مسألة هذه الأوراق النقدية من جهة إثبات الزكاة فيها قياسا على النقدين، ومن جهة نفيها قياسا على العروض، أو نظرا إلى شبهها بالفلوس عند من ذهب إلى إلحاقها بالفلوس؛ لعدم ورود نص فيها، واختلف أيضا في ربويتها، فنظرت في علاقة المسألة بأبحاث فقهية تزيد على بابي الزكاة والربا كما يعرفه من مارس كتب الفقه ، لكن كثيرا من الناس لا ينتبه لذلك، فلذلك أردت إلفات نظري ونظر غيري إلى ما في المسألة من بحوث فقهية .... وهذا نص السؤال، وقد كان إيراد الأسئلة وإلقائها على العلماء عام (1380) هـ تقريبا وكتب مقدمة لها : سؤال منظوم من الفقير إلى رحمة ربه محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني وجهه إلى كل من وصل إليه من أهل العلم عملا بقوله تعلى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ الأنس المصفى ص (17) وتأتي في قسم فقهه :وقد سبق نشرها في هذا الموقع تحت هذا الرابط http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=288196 وهذه القصائد من أكبر الدلائل على النبوغ المبكر المفرط لصاحب هذه الترجمة حيث إنه نظمها وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، فهو من مواليد عام (1359هـ) وقد نظم الأسئلة عام (1380)هـ وما فيها من نضج لغوي وفقهي نادر جدا أن يحصل لابن خمسين فكيف بابن عشرين، وسأوردها هنا كاملة لكثرة فوائدها في الكلام على فقهه رحمه الله. ثانيا : تقاريظ الكتب: كثيرا مايطالبه بعض علماء قطره عند الفراغ من إنتاج علمي بأن يقرظه له ويزكي عمله. وربما يحصل منه ذلك بدون طلب من المؤلف كغيره من العلماء الذين قد يرى أحدهم عملا علميا يشجعه ، وربما كان لخطة مرتسمة في ذهنه يتمنى أن لو أنجزت، فإذا رءى الكاتب قد أجاد، حمله الإعجاب بمكتوبه على تقريظه ومن تقاريظه : أ ـ تقريظه للعلامة الشنقيطي محمد بن أبي مدين في كتاب الصوارم والأسنة،في الذب عن السنة ،قال: بارز، فحسبك ما سللت صوارم ا*** فاجمع جموع معانديك وصارما وادفع عن البيضآ، وذد عن حوضها*** من خاض يحسب خوضه لك هازما واصدم، فإنك إذ هززت أسنة*** من سنة صحت، هزمت مصادما واربع عليك، فما لهم من حجة*** إلا دعاوى يحسبون دعائما أو هيتها وقلعتها مستأصلا*** ياصولها، لاهائما بل هادما ونصبتها لأسنة مسنونة *** فحذفنها، وكفى بهن جوازما ورفعت بالضم الدلائل، جامعا*** ما صح بالإسناد جمعا سالما وفصلت موصولاتهم بأكفهم *** وكففتهم وقصمتهم بقواصما ما ذاعليك وأنت قد جددت من*** سنن الثقات المهتدين معالما فاجهد وجاهد واجتهد، لاتخش في*** دين الإله مؤنبا لك لائما لك أسوة فيمن مضى من أهله*** إذ كافحوا بأسنة وصوارما ب : تقريظه للشيخ: المهتدي بن إبراهيم الكريم الحسني وفيها يقول : هذي دلائل بينت للمهتدي*** ماسنه خير الورى، فبه اقتد هذي معالم لم تدع من شبهة*** للمستريب ولا لغير المعتدي هذي نقول لم تذر لمناظر*** نظرا، ولاقولا لغير مؤيد جادت بها كف امرئ ما ضل في *** ما نمقته يداه بل هو (مهتدي) إلى أن قال : بعض بقال وقيل عارض سنة*** صحت ولم يعبأ بقول مفند والبعض الآخر مدع تقليده*** للأصبحي إمامنا ذي السؤدد أو ماروى هذا وذاك كلاهما*** ما في الموطإ من حديث مسند يرويه عدل ضابط عن مثله*** عدل عن المختار أفضل مرشد وهو الرسول ومالك قد قال ما*** تقريبه للباحث المتردد إن الكلام بأسره ما بين مقـ***بول ومردود لدى من يهتدي إلا كلام المصطفى ، أفديه بي*** فهو الهدى وإمام كل موحد هذا وإن القبض مما سنه المخـ*** تار والصحب الكرام ومن هدي فضع اليمين على الشمال وضعهما*** من فوق صدرك وقفة المتعبد ودع الخلاف، فما الخلاف بمثمر*** حاشا ولا هو حيث كان بمنجد وإمامنا المشهور مالك الرضى*** ما زال يفعل ذاك دون تردد مازال يفعله استنانا - عمره-*** حتى مضى متواريا بالمرقد لم يرو عنه سوى الذي أدنيته*** للقطف حيث ينال أخذا باليد ورواية الإرسال إن ثبتت فلن*** تقوى على دفع الصحيح الجيد وعلى الثبوت يقال مما ناله*** في محنة لا لابتغاء تعبد فاربع عليك ، فما لخصمك حجة*** يدلي بها للمدعي ،وليجهد وكفى بما أمليته من سنة *** مرفوعة صححتها، وبها قدي الله يجزيكم بمايجزي به*** من ذب عن دين الأمين محمد ج: تقريظه للشيخ عبد الكريم بن أحمد الكرماني الحسني الجلالي قرظه في رسالة له أنكر فيها بعض مخالفات عقدية في الصحراء سادت عند عوام الناس والمتعالمين الذين لايعرفون في العلم إلا اسمه، سماها :"كشف الريب، عن تخطئة المتطلع إلى الغيب ". قال الشيخ الوالد رحمه الله :وفي طليعة تلك الأجوبة:جوابه في مسألة كثر التعامي من علماء البلد عنها، وطال ذلك حتى ادعى بعض القاصرين في العلوم الشرعية من ذلك ماهو محظور، وكاد بعض الفضلاء يصرح أنه لاشيء هنالك محذور،كما هو عادة المنكر إذا ترك إنكاره أول نشأته أن يدعي من ينشأ من الطبقات بعد أول نشأته أنه غير منكر، ويقلد أولئك من بعدهم، ألا وهي مسألة: حساب المرضى وما يشاكلها من التكهنات والتنبؤات للغيب الذي نص القرآن العزيز أنه لايعلمه إلاالله تعلى، وأجمعت الأمة قديمها وحديثها سلفها وخلفها على حرمة التطلع له، فلا جرم أن ما كتبه في تلك المسألة وما معه من أجوبته الفقهية التي اختلست النظرفيها من العوائق والعلائق والمشوشات جارعلى المنهج القويم،والصراط المستقيم، قال فيها : برئت إلى الإله من الكهانة وفاعلها ولا أرضى دهانه وأبرء من حساب طول عمري*** لغير دراهم أو كالجمانه ومن طرق الحصاة وكل شيء***يؤدي للضلالة والمجانه برئت من الجميع وزجر طير*** وتنجيم يروج لذي الخيانه فقد لاحت لنا سنن وصاحت*** بأن الكل ليس من الديانه ب : ناثرا: إن ما تقدم من شعره لكفيل بأن يدل على نثره، فإن النثر والشعر من مشكاة واحدة، وما من شك أن نثره ليس بأقل من شعره باعتبار الأهمية الأدبية ،كلاهما روضة غناء فواحة الأزهار، وتقدمت شذرات من نثره الأدبي تتخلل كلامه في حكاية شيء مما وقع بينه وبين إخوانه الأدباء وهناك نماذج أخرى(يتبع) |
التعديل الأخير تم بواسطة الشريف الأدرعي ; 06-09-2014 الساعة 08:28 AM
|
06-09-2014, 07:56 AM | #3 |
عضو مؤسس
|
رد: ترجمة العلامة المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ـ رحمه الله
مهارته في الخط العربي السوقي:
لماكان الخط من عداد العلوم التي نتحدث عنها، فإنه يحسن – هنا - أن نذكر أن المترجم - رحمه الله - من ذوي الحظ الكبير في مهارة الخط، وليس ذلك منه غريبا، فتلك عادة أهل بيته من ....إلى .....ولعل الخط ملكة . بل إن جده الخامس محمد الإمام يحكى هو الذي أجرى في الخط المغربي المعروف التطورات التي جاز بحكمها أن ينفرد باسم الخط السوقي في منطقة الصحراء شمال مالي "آزواد" ـ على ما أخذت عن بعض العلماء الجلاليين ـ ثم استمرت فيه التطورات. وقد يؤيد ذلك أنه لم يستقل هذا الخط باسم ولا دخلته التعديلات إلا في القرن الثاني عشر الذي عاش فيه محمد الإمام، والذي لاشك فيه أنه لو يستدل بالإرث على معلومة تاريخية لاستدل به على هذه، فكما نال من ذلك الميراث قدرا غير قليل، قال الشيخ العلامة إسماعيل(فلينن) بن محمد الأمين الحسني الجلالي في ترجمة والد المترجم رحمهم الله -«...بادر الشباب إليه نصيبه من المنقبة التي اشتهرت بها أسلاف عشيرته من جودة الخط، سيما أبناء وقته، وكان والده – يعني جد المترجم – ممن نال من تلك القسمة الوهبانية التراثية سهما وافرا،وقد سبق القضاء بوراثة الفرع للأصل ويصدق ذلك أني كنت أول ما أدركت هذا الابن – يعني والد المترجم – أرى مهرة الكتاب من جيرانه يتواعدون منزله بكرة وعشيا ويتخذونه دار ندوة المكاتبة، ويحاكون كيفيات بديعة يخترعها رب المنزل من أنواع التجويد، ويحيلون إليه عند الشروع في تحصيل أية نسخة فواتح البدايات وخواتم النهايات زيادة في طلب رواج المكتوب أما المترجم فأكبر شاهد على مهارته فيه تلك المخطوطات التي خلفها مكتوبة بيده، ولمهارته فيه كان كثير ممن حواليه من الخطاطين يأتون إليه؛ ليبري لهم الأقلام ويستوهبونها منه - رأيت ذلك كما رآه إسماعيل في أبيه -، إذ يرى غير الخطاطين المهرة أن أقلام الخطاطين أرقى بهم إلى شيء من الجودة والإتقان. وينطبق على خطه ماقال أخوه الأنصاري المحمود بن يحيى واصفا براعة جماعة علماء (وادي الشرف ،قريته) في الخط السوقي المغربي فنخط الحروف خطا أنيقا لم يقرمط مجودين ارتصاعه لا ترى الألفات تشكو اعوجاجا لا ولا الميم تشتكي الطمس ساعه أسطر تستوي كأسنان مشط قومت أسهما كذاك الصناعه وقول الشيخ محمد بن يوسف الحسني التبورقي في نفس السياق: تخال إذا ما رقشوا الرق رقهم بتائك ريش من خوافي الطواوس بل قال فيه نفسه الشيخ عبد الكريم الحسني الجلالي في مرثيته له وبجودة الخط الذي قد زخ رفته بنانه من قبل سار الراكب ولما كان الحديث عن الخط فلا بأس أن يذكر تذييلا عليه ما أوتي أيضا من القدرة الفذة على قراءة الخطوط بأنواعها الجيدة والرديئة، والمشرقية والمغربية في ذلك سواء، فقد رأيته كلما وجد مخطوط مشرقي الخط أو مقرمطه، وأعوزت قراءته بعض العلماء رفعوه إليه فيقرؤه ،كما يقرأ خط يده،وكذلك كثيرا ما يقف بعض العلماء الفطاحلة في الصحراء من جيرانه دون قراءة الخط المشرقي (الرقعة )فيأتيه به فيقرؤه له كأنه كتبه ، ويذكرني هذا أيضا أنه وردت علينا في وادي الشرف عام "1405" هـ تقريبا كتب أدبية من جمهورية العراق ،ومن ضمن تلك الكتب: كتاب فيه شعر فني على شكل دوائر متداخلة ، لكل واحدة منها مركز تنطلق منه الأبيات، وربما لاتقل عن أربعين بيتا متداخلات على أشكال هندسية، فاجتمع إليه عدد من الأدباء والعلماء يحاولون قراءته، فاستعصى فك العقدة حتى آل امرها إلى أحجية، وكان المترجم ليس في المجلس أولا، وإذا هو قدجاء فناولوه الكتاب، وقليلا من اللحظات قرأ عليهم القصيدة مسترسلا، فشكروا له وأثنواعليه خيرا، وكذلك يظنون منه قبل مأتاه، أسمعهم يقولون لو جاء فلان لحل لنا اللغز أو ما معناه هذا.(يتبع) |
|
06-09-2014, 07:58 AM | #4 |
عضو مؤسس
|
رد: ترجمة العلامة المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ـ رحمه الله
حياته مع العلوم الشرعية:
العقائد والفرق: كما أولى – رحمه الله - العلوم العربية من نحو ولغة وأدب عناية فائقة حتى أحرز السبق فيها على كثير من معاصريه، وكما يشهد له مارأيت من دقة دراسته لعلوم العربية بشهادة احتباك شعره ومتانة نثره. وكما شهدله به العلماء والشعراء،فكذلك لم ترض له نفسه النهمة في طلب العلم أن يكون متخصصا في فن دون فن، بل تسلق اهتمامه وعنايته إلى أفانين فنون الشريعة، فصار مرجعا مهما فيها في جميع علومها، وغصت حلقته بطلبة العلم، وتتابعت عليه استفتاءات من علماء صقعه يستفيدون من علمه، وسنتناول بعض جهوده في الدراسة الشرعية في مباحث: يقول –رحمه الله-في الكلام حول دراسته للعلوم [ وأما علم العقائد، ـ فمما طالعت وقرأته بتفهم وتحقيق : - ـ كتاب التوحيد، لابن خزيمة ـ الفقه الأكبر، للإمام أبي حنيفة ـ العقيدة ، للصابوني ـ العلو للعلي الغفار، للذهبي - ـ نونية ابن القيم وشرحها ـ والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، له ،وكثير من كتب ابن تيمية وابن القيم ـ والأسماء والصفات، للبيهقي ـ والاعتقاد، له ـ وشرح اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكاي الذي جمع فيه كثيرا من عقائد أهل السنة والجماعة. ـ والعقيدة الطحاوية ـ وشرحها لابن أبي العز الحنفي وكتاب التوحيد من صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري وكذلك غيره من كتب الحديث من أمهاتها وغيرها والملل والنحل، للشهرستاني -والفِصَل في الملل والنحل، لابن حزم والإبانة ،للإمام الأشعري -ومقالات الإسلاميين واختلاف المصلين له وكتاب السنة ،لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل وكتاب السنة ،لمحمد بن نصر المروزي وكثير من كتب الإمام محمد بن الوهاب وشروحها وكثير مما صنفه العلماء المعاصرون في عقيدة السلف ، وكثير سوى ما ذكرنا مثل: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة للشاطبي فلم أزل ألازمها مدة مديدة وأراجعها بإمعان النظر في كل جزئية وقفت عليها من الجزئيات المتنازع فيها، ، وأقتني ماوجدت سبيلا إلى اقتنائه منها في بعض الأحيان، وأستعيرها، وأراجعها مرة بعد الأخرى،... ثم إني بعد أن طالعت هذه الكتب المذكورة ،واطلعت على كثير من خباياها وخفاياها المستورة، جمعت زبدة ما استخلصت منهافي رسالة نفيسة سميتها: " الجواهر السنية، في العقائد السنية " . وحاصل ماكتبت فيها بعد نقل ما اطلعت عليه من مقالات علماء السلف والخلف أني على عقيدة أيمة السلف من المحدثين والعلماء الأعلام المرضيين مثل البخاري وابن خزيمة والإمام مالك بن أنس والشافعي رضوان الله عليهم- ثم نقل نقولا كثيرا عن الأيمة في إثبات الصفات ونقل بعض عقائدهم وقد ذكرنا فيما تقدم أنه اختار سلفنا الماضون وأيمتنا المتقدمون عقيدة ابن أبي زيد القيرواني فكانت عندهم من أهم مايتعلمون من العقائد السلفية،وقد تقدم أني لقنتها في أيام نعومة أظفاري، ولم أزل بعد ذلك أعلمها لتلامذتي صغارا وكبارا، وأرشد إليها من استرشدني من المبتدئين كماكان عليه أسلافنا؛ لما هو معروف من كونها الجامعة لعقائد السلف الصالح - رضي الله عنهم محدثا:- قال -رحمه الله- في سياق دراسته للفنون وانقطاعه إلى خدمة العلم: ... إلى أن ألهمني الله تعلى –وله الحمد- أن علم الحديث هو: ميراث النبي ﷺوالاشتغال به من أهم القربات إليه –كما قال القائل – العلـم مـيراث النـبي كـذا أتى*** في النص، والعلمـاء هـم وراثـه فـإذا أردت حقيـقة تـدري بهـا*** وراثـه، وعرفـت مـا ميراثـه ماورث المخـتار غـير حـديثــه*** فـينا، وذاك متاعـــه وأثاثـه فلنا الحـديث: روايـة نبـويــة*** ولكل محـدث بدعـة إحـداثـه وقال بعض الأعلام في صدر ثبت له في ذكر بعض ما لأهل الحديث من الشرف ما لفظه : «..وكفى الراوي المنتظم في هذه السلسلة شرفا وفضلا، وجلالة ونبلا أن يكون اسمه منتظما مع اسم المصطفى في طرس واحد، على رغم أنف الحاسد المعاند، وبقاء سلسلة الاسناد من شرف هذه الأمة المحمدية، واتصالها بنبيها خصوصية لها بين البرية...» فهرس الفهارس (ج 1 / ص 81) فحين ألهمت ذلك وأرشدت إلى ماهنالك ترقت الهمة، وقويت العزمة فاشتد مني الاشتياق إلى علم الحديث وأصوله، وقد سبق أني في عنفوان شبابي أقرأ صحيح البخاري في مسجد قومي - يعني الجلاليين - على عادة المغاربة المألوفة عند القدماء من علمائنا أنهم يقرؤن صحيح البخاري في المساجد في شهري رجب وشعبان كل عام، ولم تتغير تلك العادة عندنا حديثا كما أوضحته في رسالتنا التي سميتها: بـ ( اللؤلؤ المنسوق، في كيفية تعاليم أهل السوق ) وهذه العادة تكلم عليها بعض علماء المغرب كالعلامة عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في فهرس الفهارس، فإنه ذكر في ترجمة ابن غازيأنه : «...كان يسمع في كل شهر رمضان صحيح البخاري...» فهرس الفهارس (ج 2 / ص 891) فكما ألفت قراءته كما ذكرت لك في عهد الشباب حفظت كثيرا من متون أحاديثه وأسانيده، وعرفت من ضبط رواته أخذا عن الأشياخ المعتنين بضبط كل مايرجع إليه ماقدر الله لي، وأخذت في تلك المدة إجازة خاصة بصحيح البخاري ثم إجازة عامة لجميع كتب السنة وغيرها ،بل ولجميع كتب الفنون، فافتتحت قراءة كتب الحديث بعد بلوغ سن الاكتهال الذي كان هو الأصلح لقراءة الحديث؛ لما لايخفى من أنه مجتمع العقل ورجوع الانسان إلى خشية ربه والتمكن من الفهم عن الله ورسوله لمن حصل من علوم اللسان وأصول الفقه بعد أصول الدين على مايؤهله للمشاركة في تلك المراتب السامية .] الأنس المصفى ص(28) كتب المصطلح: قال رحمه الله : [ فابتدأت بقراءة أصوله المعبر عنها بمصطلح الحديث ؛لما علمت من أن الإقدام على قراءة الحديث من غير تحصيل لأدواته ولا أخذ عن أهله مما لاسبيل إليه فحفظت بادئ بدء المنظومة التي تعرف بالبيقونية وهي :الأرجوزة التي نظمها عمر بن محمد وكذلك الكثير من شراحها قد لازمته ثم حفظت : ألفية السيوطي في علم الأثر، وقد لازمتها عدة سنين مع شروحها منهج ذوي النظر لمحمد محفوظ الترمسي وبعد ذلك لازمت : مقدمة ابن الصلاح مع: شرحها التقييد والإيضاح للعراقي: تدريب الراوي على تقريب النواوي وهو كتاب نفيس للإمام النووي لخص به مقدمة ابن الصلاح وسماه: التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير . ـ ومن الكتب التي لازمتها بعد أن طالعتها عدة مرات الكفاية في قوانين الرواية للخطيب البغدادي و الجامع لاخلاق الراوي وآداب السامع له أيضا ثم معرفة علوم الحديث للحاكم محمد بن عبد الله النيسابوري و الاقتراح في محاسن الاصطلاح لابن دقيق العيد وألفية زين الدين بن عبدالرحيم بن الحسين العراقي وشرح المؤلف عليها وشرح زكريا الأنصاري عليها المسمى فتح الباقي على ألفية العراقي وفتح المغيث في شرح ألفية الحديث للسخاوي وتوجيه النظر إلى علم الأثر للجزائري وقواعد التحديث للقاسمي ومقدمة القسطلاني لشرحه على البخاري مع شرح نجا الأبياري عليها ومقدمة فتح الباري التي تسمى هدي الساري لابن حجر وكذلك نخبة الفكر له أيضا مع شروحها قد لازمتها مدة ، ونظمتها في بحر الرجز نظما رائقا سميته الدرر في علم الخبر وعدة أبياتها (217)وتاريخ ذلك مذكور بالرمز في خاتمة الكتاب وستأتيك -إن شاء الله- وأنقل لك بعد الفراغ من نقل فاتحته وهي هذه : ثم بعد أن أتحفك بنقل فاتحته نعززها بنقل خاتمته لتكون على يقين من أن الكتاب من نظم المترجم وهي هذه: باسم الإله المالك البدايه*** ومنه نرجو الفوز في النهايه نحمده – علا- على إحسانه*** حمدا يدوم مدة امتنانه من خصنا بنعمة الإسناد*** من خصنا بنعمة الإسناد إلى أن قال ولم تزل عناية الأكابر*** مصروفة لحفظه في الغابر قد صنفوا فيه وهذبوه*** ونقحوه ثم رتبوه وكان ممن فاق فيه ابن حجر***إذ صاغ للطلاب نخبة الفكر إلى أن قال : لما رأيت درها غزيرا ***منسجما ودرها نثيرا ناجتني النفس إلى تنسيقها ***لكن مع العجز على تنميقها إلى أن قال : أسميته الدرر في علم الخبر *** في نظم نخبة الإمام ابن حجر وهذه خاتمة النظم : إلى أن قال في خاتمته : دونكها فقد تناهى وانتجز*** تنسيقها، وبحرها بحر الرجز إن فاتني بنسجه العراقي*** فإن هذي نخبة الأعلاق ضمنتها النخبة لا مزيدا*** عنها، سوى ما لاتزان زيدا أدنيت منها سائغا مسهلا*** وقد أجزتها لمن تأهلا وافق ختمها أواخر رجب*** في عام شكر الله مالكي وجب) وإنني محمد بن أحمد*** الحسني الادرعي المحتد ثم قال : ـ رحمه الله ـ وقد وضعت على هذا النظم شرحا سميته : (تجديد الأثر، لمن اعتنى بعلم الأثر ) وسيأتيك الكلام عليه -إن شاء الله- عند ذكر المؤلفات الآتي آخر الترجمة. ثم إني لما طالعت الكتب المذكورة ولازمتها سنين ورسخت في قلبي جملة وافرة من قواعد فن المصطلح الذي هو السلم الأعلى إلى تعلم الحديث،وحفظت كثيرا من متونه وإن كان كثير من أهل زماني قلما يلتفتون إليه به كما وصف به أبو عبدالله محمد بن عبد الرحمن السلوي الرباطي - أكثر أهل زمانه - إذ قال لبعض من أجازه من تلامذته ما لفظه : «...ولا يخفى عليك أيها المحب ماعليه غالب أهل الوقت من الإقدام على قراءة الحديث من غير تحصيل لأدواته ولا أخذ عن أهله، وبعضهم يعتمد على إجازة شيخه، مع أن الاعتماد في ذلك على إجازة الشيوخ مجردة عن تحصيل ما لا مندوحة عنه من الأدوات ومعرفة مصطلح أهل هذا الشأن اغترار وجهالة، لتعليق المجيزين ذلك على الشرط المعتبر عند أهل الحديث والأثر، وبالضرورة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه... » فهرس الفهارس (ج 1 / ص 173) ازداد الشغف مني إلى علم الحديث ورجاله والتفقه فيه كما هو الغاية القصوى والمهمة العظمى في دراسته وتعلمه ، لامجرد الدعوى الذي هو نصيب الكثير من الناس ولذلك حداني مابي من الرغبة فيه على جمع مسموعاتي ومروياتي ومجازاتي من الفن وصرفت همتي إلى بذل الجهود في تعلمها مابين كتب الصحيح والسنن وكتب الأحكام وكذلك كتب الرجال وكتب العلل والموضوعات . كـ بلوغ المرام مع شرحه: سبل السلام والمنتقى مع شرحه : نيل الأوطار للشوكاني فمن الصحاح التي بذلت جهدي في تعلمها والتفقه فيها الصحيحان لإمامي المحدثين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري) ومسلم بن الحجاج القشيري وأضفت إليهما لمة بالمطالعة أجزاء من: صحيح ابن حبان المسمى بالتقاسيم والأنواع ، وأجزاء من : صحيح ابن خزيمة ومن كتب الأيمة: موطأ الإمام مالك مع شروحه -والرسالة والأم، لمحمد بن إدريس الشافعي وسنن النسائي وسنن الدارمي وأجزاء من المسند للإمام أحمد بن حنبل ومن السنن : سنن أبي داوود وسنن الترمذي وسنن ابن ماجه ودروس بالمطالعة من سنن البيهقي؛ لأنه من مجازاتي عن الشيوخ ومن المعاجم : المعجم الصغير للطبراني ومن غيرها : المستدرك للحاكم والمختارة للضياء المقدسي وكلها بشروحها وحواشيها ومنها: الأدب المفرد للبخاري وأما صحيح البخاري فقد قرأته مع شرحه: فتح البارئ للحافظ ابن حجر العسقلاني ( قلت : لقد رأيت نسخته التي قرأ فيها صحيح البخاري مع الفتح، وليس فيها مجلد إلا كتب عليه تاريخ الانتهاء منه ،وما فيه من مسألة مهمة-وكلها مهمة- إلا وعليها أثر قلمه،ولقد كتب عليها تمليكا لي تفاؤلا منه أن انقطع إلى علم الحديث كانقطاعه إليه – حقق الله له ذلك) وصحيح مسلم قرأته مع شرحه المسمى بالمنهاج شرح مسلم ابن الحجاج وأما سنن أبي داوود فمع كثير من شروحه، لكن شرحه المسمى بعون المعبود المطبوع معه شرح ابن القيم هو الذي لازمته أخيرا، وأماسنن الترمذي فمع شرحه المسمى : عارضة الأحوذي لابن العربي المالكي وأماسنن النسائي فمع حاشية السندي والسيوطي عليه وأما ابن ماجه فمع حاشية السندي عليه ومن غير السنن : كشف الاستار عن زوائد البزار ومصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه وغيرها ] من كتب الرجال التي لازمها: قال -رحمه الله- :[ وإليك قائمة بأسماء ما حضرني منها الآن منها : تهذيب الكمال للمزي وتقريب التهذيب لابن حجر وتهذيب التهذيب له وميزان الاعتدال للذهبي ولسان الميزان لابن حجر والكامل لابن عدي وتاريخ ابن معين والاستغنا فيمن عرف بالكنى لابن عبد البر والكنى والأسامي لأحمد بن حنبل وتاريخ الثقات، للعجلي وإسعاف المبطا، برجال الموطا وتاريخ أسماء الثقات، لابن شاهين وتاريخ عثمان بن أبي شيبة والمعين في طبقات المحدثين وكتاب مشاهير علماء الأمصار، لابن حبان وتاريخ واسط، لبحشل وتاريخ دمشق، لابن عساكر وطبقات خليفة ابن خياط والجمع بين رجال الصحيحين، للمقدسي وتعريف أهل التقديس، لابن حجر وبلغة القاصي والداني في شيوخ الطبراني لحماد بن محمد الأنصاري وكثير غيرها من كتب الفن منها: إصلاح غلط المحدثين للخطابي وأخبار المصحفين للعسكري وكشف الخفا والإلباس للعجلوني والمقاصد الحسنة ، في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للسخاوي والمنتقى من مسند المقلين ومسند الحب بن الحب أسامة بن زيد وجزء القراءة خلف الإمام للبخاري والتاريخ الكبير - والصغير له والموضح لأوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي والضعفاء والمتروكون للنسائي والاكمال في المؤتلف والمختلف لابن ماكولا والمشتبه في الرجال أسمائهم وأنسابهم للذهبي وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر والأنساب للسمعاني والاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر وتجريد التمهيد المعروف بالتقصي له وتهذيب الأنساب لابن الأثير والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر وكثير غيرها. وأما كتب التراجم التي لاتختص بأهل الحديث فقد طالعت كثيرا منها ولازمتها بعد أن اقتنيتها. فمنها : مايختص بمذهب " المذهب المالكي" مثل كتاب: المدارك للقاضي عياض -والديباج المذهب في ذكر أعيان علماء المذهب لابن فرحون ونيل الابتهاج بتطريز الديباج كلاهما لأحمد بابا التمبكتي والابتهاج بتوشيح الديباج للقرافيوهو ذيل الديباج -وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية وفتح الشكور في علماء التكرور للبرتلي ومن المختصة بالشافعية: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي ومن المختصة بالنحويين: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ومن المختصة ببلد من البلاد: البستان في تراجم علماء وأولياء تلمسان ومن المختصة بالأصوليين: الفتح المبين في طبقات الأصوليين ومن المختص بالصوفية : طبقات الصوفية للشعراني ومن المختصين بالبلدان ويتضمن تراجم أهلها من الأعلام معجم البلدان لياقوت الحموي وأما الكتب التي لاتختص بمذهب ولابلد فمنها : التاج المكلل في تراجم الرجال لصديق حسن القنوجي 54ـ الدرر الكامنة في اعيان المائة الثامنة لابن حجر والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني وحسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي -وفهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات للكتاني وتبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري .وغيرها مما لا أكاد أحصيه مما استفدت منه أو اقتنيته أولازمته بالمطالعة أو التدريس ومن أهم كتب الفن التي لازمتها وأفرغت جهدي في دراستهاوتفهمها وضبطها كتاب: المنفردات والوحدان لإمام المحدثين مسلم بن الحجاج القشيري- صاحب الصحيح وهو الذي أفرده لتسمية من روى عنه رجل أوامرأة حفظ أو حفظت عن رسول الله ﷺمن قول أو فعل ، فلا يروي عن كل واحد منهم إلا واحد من مشهور التابعين لا ثاني معه في الرواية عنه كما قال الإمام مسلم في مقدمة الكتاب . وأنا ايها المسود للورقات من حسن حظي أني قد وقفت على هذه الذخيرة العظمى حين كنت أشتغل بتحصيل كتب الحديث التي ضاعت في خزانتي بسبب الوقعة المعروفة في ( وادي الشرف ) التي سنلم بنبذة من خبرها فيما يأتي وهو –إذ ذاك- بيد أخي وحبيبي وصفيي وزميلي وابن خالي محمد زين الدين بن الشيخ المنير الحسني الإدريسي - حفظه الله ـ وأطال بقاءه في عافية- فكدت أطير فرحا لشدة رغبتي في كتب الحديث المتداولة، فكيف بالغريبة وضعا، النادرة طبعا، فحين رءى الشيخ المذكور -حفظه الله- شدة شغفي به آثرني بالنسخة التي بيده- فجزاه الله خيرا- وحين آثرني به شرعت في مطالعته فورا، ولم أزل كذلك حتى طالعته من الدفة إلى الدفة، بالرغم من كون تلك النسخة كثيرة الأخطاء المطبعية، لكني مع تفاقم تلك الاخطاء وتورطي في التصدي لتصحيحها من كتب الرجال وشراح الحديث واجتهادي في ذلك أرسلت إلى الآفاق في طلب نسخة تساعدني على مهمة التصحيح بعد تفتيش المكاتب التجارية مرة بعد مرة أطلب منه نسخة ولم أزل أطلب من أرباب الخزائن من كان عنده خبر لتلك الضالة المنشودة ، لكن الله تعلى لم يقدر النجاح لتلك الجهود التي بذلتها في تلك المهمة حتى قدر الله تعلى وله الحمد أن بعثت برسالة في إنشاد تلك الضالة إلى أخينا وصديقنا الموريتاني محمد سالم بن علي بن عبد الودود رئيس المحاكم الشرعية بموريتانيا وعضو المؤتمر الإسلامي في السعودية فأهدى إلي منه نسخة كتب عليها- هكذا- أهدي إلى محمد ذي الوصف*** بالحج شكري وودادي أصفي أسقى زلال رصف بالرصف*** قرضا فكيف لي برد النصف أجزي لباب بره بعصف*** دخن فما هذا إذن بالنصف فلما وصلت إلي تلك النسخة فرحت بها فرحا لا يكون أقل من فرحي بذلك الكتاب الذي أعرف اسمه قديما، ولم أطلع على مسماه قبل حين أتحفني به الأخ المذكور، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في نخبته في مبحث الوحدان حيث قال: وصنف فيه الإمام مسلم والحسن بن سفيان النسوي وقلت في نظم النخبة التي تقدمت فاتحته وخاتمته وفيه صنف الإمام الحسن*** ومسلم، وكل ذين حسن ومع الأسف وجدت النسخة الجديدة مع القديمة متقاربتين أو هي هي أو إياها على القولين الشهيرين وكان وصولها إلي بعد الفراغ من نظمه وتصحيح الكثير من أخطائه، وماحملني على الشروع في نظمه قبل الفراغ من تصحيحه أو اليأس منه إلاشدة استملاحي لهذا الصنيع الفذ لاسيما من مثل هذا الإمام الذي كان جديرا بقول القائل : هيهات لا يأتي الزمان بمثله*** إن الزمان بمثله لبخيل ولاجرم أني حصلته في ألف بيت ومأتين وستين بيتا تقريبا لما تضمنه من الفوائد وتقييدا لما حواه من الأوابد والشوارد . ودونك مقدمة الأرجوزة المذكورة ،وناتي بعدها بخاتمته وهي هذه: قال محمد سليل أحمد*** الحسني الأدرعي المحتد وهو من بني ربيعة الهمام*** من آل نجله الشهير بالإمام نحمدك اللهم يامن منحا*** عباده من فضله وفتحا إلى أن قال : وبعد: فالعلم أجل ما اقتنى*** عبد فنعم المقتفى والمقتنى وهو حياة بعد موت أهله ***خلاف ما لجاهل بجهله أفنيت في خدمته سن الشباب*** وخضت من بحاره كل عباب وقد جعلت كتبه أنيسا*** أبذل فيه النفس والنفيسا وهي النجي والجليس المؤتمن*** وماسوى العلم كخضراء الدمن فاخترت من خيارها علم الحديث ***وهو الأهم في القديم والحديث إلى أن قال : هذا وللعلم فنون جمه*** أجلها ما صنف الأيمة ومن أهمها لنفع المسلم ***ما جمع الحفاظ مثل مسلم فإنه بذل في التصحيح ***جهوده وقام بالتنقيح فأفرد الوحدان للرواة ***وجمع الذين واللواتي فعن لي تنظيم تللك الدرر ***مقرونة بما لها من طرر ثم إني أريد أن أتحفك بنقل خاتمته وهي هذه: هنا انتهى والحمد لله على*** إحسانه الجزيل جل وعلا إليكها تتمة للباب*** جعلتها خاتمة الكتاب ضمنتها معذرة للألمعي*** وثاقب الذهن وكل لوذعي فمن يصادف خللا، فليصلح*** والله عنده جزاء المصلح لعل جل مايرى من ناسخ*** صحف أو حرف قول الراسخ إلى أن قال: أبياته "حمد" يليه "شكر"*** لمن له حق الثنا والشكر في سادس الأيام من ذي الحجة*** قد انتهى فاقبل إلهي حجتي من عام ألف مع أربعمئين***وستة من بعد عشرة تبين انظر : الأنس ص(31-32) قلت : من نماذج معانته في تصحيحه قوله :(وهاهنا شيء نريد التنبيه عليه لأنه أشكل علي، فلذلك أفصحت بإشكاله علي نظما وهو أن يزيد بن طلق ذكره الإمام مسلم فيمن روى عنه يعلى بن عطاء وتفرد به ورقمه في النسخة التي بيدي( 655)وبعد خمسة من أسماء الرواة الذين انفرد عنهم تكرر ذكر ذلك الاسم ونسبه من غير فرق بينهما ورقمه هكذا ،فبحثت في المراجع التي بيدي فلم أجد إلا واحدا له ترجمة في الثقات لابن حبان (ج 5ص543) وفي تهذيب الكمال للمزي (ج6ص 429)وكلهم اتفقوا على أن شيخه عبد الرحمن بن البيلماني،وأنه روى عنه يعلى بن عطاء كما ذكره الإمام مسلم ، فلذلك نبهت على ذلك نظما؛ لعدم وثوقي بالنسخة الموجودة عندي من جهة الصحة، ولم أزل في البحث ولم أجزم بكون ماهنا تكرار ولا غير تكرار وقلت نظما وهاهنا لابد للمطالع*** من لفتة أبرزها للسامع أن يزيد وهو ابن طلق*** ذكر مرتين دون فرق وقد وجدت الاسم كرتين*** وكان مرقوما برقمتين لذاك قد قيدته تقييدا*** مقلدا لمن مضى تقليدا فابحث معي كي نجد البيانا*** واكشف لمثلي كي يرى عيانا انظر هدية الولدان نظم المنفردات والوحدان ص خ ثم قال - رحمه الله- : أعود فأقول : من كتب الفن التي لازمتها منذ أمد مديد كتب الموضوعات مثل : كتاب تنزيه الشريعة لابن عراق والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني واللئالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي وكتب غريب الحديث كـ النهاية لابن الأثير ومشارق الأنوار للقاضي عياض ومشكل الحديث لابن قتيبة وغيرها مثل : الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث وهو من قسم الموضوعات -كما عرفت- ويعجبني أن أتمثل بقول الحافظ أبي القاسم ابن عساكروأقتدي به في قوله في هذا المجال: لقول الشيخ أنبأني فلان*** وكان من الأئمة عن فلان إلى أن ينتهي الإسناد أحلى*** لقلبي من محادثة الحسان أ: فقيها قال بعد كلام في دراسته الأدبية ... [ فثنيت العنان إلى ماهو خير من ذلك وهو: التفقه في الدين فإن { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين } كما ورد عن الرسول الأكرم ﷺوشرف وكرم وعظم ، فابتدأت في تعلم الفقه بالمذهب المالكي الذي هو السائد في البلاد الصحراوية التي هي مسكني ومسكن أسلافي منذ قرون لاتقل عن خمسة( حيث إن أجداده وصلوا إلى الصحراء قادمين من المغرب في القرن التاسع الهجري، وقد تكلمت على ذلك بشيء من البسط سابقا ) وكذلك ما حول الصحراء وكان أسلافنا ممن كان يعتنقه قديما، ما بلغني أن احدا منهم تمذهب بمذهب غيره في العصور التي قبلنا من دخولهم للبلاد الإفريقية إلى يومنا هذا ولا أستثني من ذلك إلا أن يكون واحدا من علمائهم متبصرا في القواعد الفقهية، ويطلع على الأدلة فيرجح من الأدلة ما هو أقوى عنده وإن وافق نظره نظر واحد من العلماء من أهل المذاهب الأخرى تبع الدليل ولم يتقيد بالمذهب ولا يسمى خروجا عن المذهب -كما لايخفى- ففي أول مرحلة من تعلم الفقه شرعت في قراءة: مختصر خليل مع شروحه لكن شرح الدردير مع حاشية الدسوقي عليه هو الغالب في دروس أهل طبقتي وهو من المتوسط من الشروح التي بين أيدينا وهو أيضا من شروح المختصر التي وقع عليها اختيار كثيرمن علماء بلدنا؛ لكونه متوسطا، فأخذت في دراسته مع ذلك الشرح وتلك الحاشية على أيدي جماعة من مشايخ قبيلتي والعادة عند مشايخنا عند التدريس: أن يستحضروا عند الدرس من الشروح والحواشي ماتدعو الحاجة إليه مثل: شرح عبد الباقي الزرقاني والخرشي والشبرخيتي ومواهب الجليل للحطاب وجواهر الإكليل وغيرها، ويحضر الدرس جماعة من العلماء من طبقة أشياخ المدرس ويستفيد من حضر من المشايخ من تلك الشيوخ ، فكنت في تلك المدة متقيدا بالشرح المذكور مع حاشيته المتقدمة -كما علمت- ...ثم قال : وبعد ذلك اشتغلت بمطالعة غير شراح خليل ما بين مختصر ومطول فمنها: كتاب القوانين الفقهية، لابن جزي الكلبي وبداية المجتهد ونهاية المقتصد وكتاب المقدمات والمتممات، لابن رشد واستفدت كثيرا من المطولات كـ -شرحي الحطاب -والمواق على خليل ومن الحواشي: كـ حاشية البناني والرهوني -وجنون وغيرها ومن شروح الرسالة كـ شرح النفراوي وحاشية العدوي على كفاية الطالب على الرسالة وغيرها مثل : كتاب الدرة اليتيمة في الفرائض للأخضري] الأنس المصفى (26) ب:أصوليا: يقول رحمه الله : ثم بعد ماتقرر نبين لك أني بعد ما قرأت على المشايخ جملة من الكتب الفقهية ،وطالعت الكثير منها، تاقت نفسي إلى علم أصول الفقه ؛لأنها: الأساس الوحيد للتفقه في الفروع منصوصها ومستنبطها، والحكم العدل في المسائل الإجماعية والخلافيات وقد قالوا: من لم يثبت على دعيمة أصل تلاعبت به الفروع ؛لأنه لا يعرف الحجاج ولا يعرف ترتيب الأدلة ولايميز بين مايقوي الدليل وما يضعفه ولا يكون خبيرا في تطبيق الأحكام على النوازل والوقائع فأخذت عن المشايخ الآتي ذكرهم: جمع الجوامع لابن السبكي مع شرحه المحلي وحاشيته للبناني و( حاشية ) العطار وطالعت: مسلم الثبوت بشرح فواتح الرحموت واللمع لأبي إسحاق الشيرازي وإرشاد الفحول إلى علم الأصول للشوكاني كالمستصفى للغزالي والأشباه والنظائر للسيوطي وكتاب الموافقات للشاطبي وكتاب الفروق للقرافي ومن مختصراتها : الورقات لإمام الحرمين وغيرها...] الأنس المصفى ص( 26-27) قلت :ومن قرأ فتاويه عرف أن له مطالعة واسعة في علم الفقه وما يرجع إليه، ولماكان كلامنا على دراسته للفقه، وأصوله فلا بأس إن ألقينا الضوء على صلته بالفتوى وطريقته فيها . أنموذج من فتاويه وإذ تكلمنا عن خدمته للفقه فنورد هنا نموذجين من فتاويه : أـ فتوى في البيوع تتعلق بـ"السمسرة " بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله تعلى على محمد وآله وصحبه وسلم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد/ فيقول العبد الضعيف، المرتجي رحمة ربه اللطيف، الاتي باسمه، آخر رسمه، ألقي إلي كتاب كريم، من أخ كريم يتضمن سؤالا هذا نصه . ما قولكم في رجل اشترى جملا من آخر بواسطة سمسار، فاستحق الجمل في يد المشتري، فرد له البائع ما قبض من الثمن، وبقي ما قبضه السمسار؛ لأجل سمسرته، هل ينظر في ذلك إلى عادة القرية التي وقعت فيها تلك البيعة أو يرد سمسرته ما قبضه إذ إنما قبضه لأجل ما استحق من يد المشتري أم لايرده لقاعدة من عليه التوى فله النماء، فإنه أي السمسار كالضامن بالوجه إذا استحق المال الذي بيع بالسمسرة ولم ير البائع، فإن السمسار يغرم القيمة فيما رأيت عند القرويين، ولا أدري هل لذلك الحكم مستدلا أم لا؟ أفيدوا الجواب ؟ فأجبته متبرئا من الحول والقوة لله تعلى، ومستمدا من آلائه التي ما زالت تتوالى، بأن الذي أدى إليه نظري الفاتر أن ما أخذه السمسار من جهة سمسرته في مسألة المبيع إذا استحق يرد على صاحبه ما سوى ما يقابل ما انتفع به مالك ذلك المبيع من مال السمسار من سكنى منزله، والشرب من مائه، وأكل ضيافته، وما يتبعها من الشاي وغيره، وما سوى ذلك منه فلا أعرف لتركه له وجها سائغا وإن لم ينتفع بشيء مما ذكرنا فيرده كاملا؛لأن ذلك المال جزء من المال المردود بدون أدنى شك، ولا داعي لرد البعض وإبقاء البعض. وأما اعتبار عادة القرية أو البلد فله شروط مذكورة في كتب الفقه . الخرشي عند قول خليل وإلا فبالعادة، والعادة يعمل بها إن لم تكن فاسدة؛ لأن العادة يعول عليها إذا لم يكن نص إلا إذا وافقت قواعد الشرع اهـ وفي تلخيص المفيد: والأمور المراعى فيها العرف إنما تعتبر بشروط منها: أن يكون العرف موافقا لقول ـ ولو ضعيفاـ أو يثبت بالعدول المثبتين ـ ممن لهم معرفة في الجملة ـ أن العمل جرى بذلك من العلماء المقتدى بهم في الأحكام . الزرقاني: لا عبرة بالعادة إذا خالفت الشريعة اهـ ومن المعلوم أنه لاشريعة تتيح أكل مال امرئ مسلم بالباطل. وأما قاعدة من عليه التوى فله النماء، فلا أراها من هذا الباب؛ لأنها إما تجري بين البيعين ـ لا غيرـ وقد علمت أن السمسار ليس من هذين،كما أن تشبيه السمسار بالضامن بالوجه غير تام، بل ضمانه ضمان الغرم ؛ لأنه ما دخل أولا إلا على الغرم، على أنه لا يبيح له الضمان بالوجه أكل شيء من مال استحقت سلعته فرد الثمن إلى مشتريها؛ لأن الضمان من الثلاث التي ذكر الفقهاء أنها لا تكون إلا لوجه الله تعلى. وأما فرض تغريم السمسار إذا لم يوجد البائع،فليس بشيء مما نحن فيه؛ لأن ذلك التغريم تقابله أموال جزيلة يأخذها السمسار من السلع الغير المستحقة وما سواها من الأموال ليس له عليها حكم، وحاصل ما عندي أن المال المذكور يرد على صاحبه فورا؛ لأن آخذه وإن كان وكيلا على البيع ويأخذ من المال جعلا على خدمته فيما وكل على بيعه فإن الوكالة من أصلها قد انهدمت بالاستحقاق وإن كان أجيرا،فالإجارة أيضا قد انفسخت؛ لانعدام ما تستوفى منه وهو المال المردود؛لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا، وبيع المستحق كلابيع فأنى يترتب عليه لغير البيعين شيء بعد ما تبين عدم انعقاد البيع بينهما حكما والله أعلم وأحكم ب :فتوى في بيع عملة بدين عملة أخرى: ونص السؤال هل يجوز بيع فضة الجزائر بدين سيفا؟ ونص الجواب :فالجواب عنه ـ والله أعلم ـ أن ذلك صحيح ؛ لأنه لا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون من المصارفة في الذمة، وإما أن يكون من تعيين ما في الذمة. أما الأول فهو صحيح في النقود بشرط كون العوضين معلومين إما بصفة يتميزان بها، وإما أن يكون للبلد نقد معلوم أو غالب فينصرف الإطلاق إليه، ولو قال بعتك دينارا مصريا بعشرين درهما من نقد عشرة بدينار، فإن لم يكن في البلد نقد عشرة بدينار غير نوع واحد، انصرفت تلك الصفة إليه . قال ابن قدامة في المغني (وكذلك الحكم في البيع ) وقال في موضع آخر، (ويجوز اقتضاء احد النقدين من الآخر ويكون صرفا بعين وذمة في قول أكثرأهل العلم ) واما الثانية وهي: تعيين ما في الذمة المعبر عنه بقولهم : المعينات لاتقبلها الذمم فإن هذه القاعدة المعروفة خالفها المالكية في صورتين إحداهما هذه ، وقالوا فيها لا يتعين النقدان بالتعيين ،وإنما تقع المعاملة بها على الذمم وغن عينت النقود إلا أن تختص بامر يتعلق به الغرض كشبهة في أحدهما أو سكة رائجة دون النقد ، وقالوا إن خصوصية الدنانير والدراهم لا تتعلق بها الأغراض فلا اعتبار لها في نظر الشرع ،وعلى هذا فكل ما يقوم مقامها وألحق بها قياسا فلا مانع من جواز بيعه وصرفه على هذا الوجهفيما يظهر لي ، هذا عن نظرنا إلى قول من قاسها على النقود، واما إن نظرنا إلى قول من قاسها على غيرها فلا مانع ايضا . والله الموفق للصواب وكتبه الفقير إلى عفو الله وكرمه محمد الحاج بن محمد أحمد بن أحمد الحسني ثم الأدرعي ـ تاب الله عليه ـ ونكتفي بهذين الأنموذجين، وعندي عدة فتاويه، ومنها ما يصل إلى كراسة متوسطة، ولا أريد إثقال الكتاب بها؛ لأني على نية ـ إن أمد الله من العمر،وجرت الأماني على المرغوب أن أفردها في مجلد مستقل مرتب على الأبواب محقق، إن ذلك على الله يسير. ومن شوارده الفقهية: أ: أرجوزة رائعة ذيل بها بيتي ابن غازي الشهيرة عند أصحابه المالكية بيع الشروط الحنفي حرمه ***وجابر سوغ لابن شبرمه وفصلت لابن أبي ليلى الأمه***ومالك إلى الثلاث قسمه وقد وجدتها مكتوبة بخط شيخنا العلامة زين الدين بن المنير الحسني الإدريسي ـ حفظه الله ـ وهي متداولة عند طلبة الفقه عندنا ،قال شيخنا زين الدين : كتب بيده المباركة ما نصه : هذا ولما وقفت على البيتين المشهورين في البيع والشرط، وكانا في غاية من التعقيد،ولعل ذلك إنما وقع من جهة الإيجاز، الذي يكاد يئول إلى الإعجاز، ويجعل الكلام في سبيل الإلغاز، أردت ان أفصل ذلك المجمل تتميما للفائدة ، فقلت والله الموفق للصواب تفصيل ما أجمله وأبهمه***بعضهم، إذ قال فيما نظمه "بيع الشروط الحنفي حرمه***وجابر سوغ لابن شبرمه" "وفصلت لابن أبي ليلى الأمه***ومالك إلى الثلاث قسمه" أن حديث النهي عنه قدمه***أبو حنيفة؛ لذاك حرمه وبحديث جابر قد سلمه***من دون قيد شيخنا ابن شبرمه إذ باع عند المصطفى وأبرمه***ناقته، وشرط حلب ألزمه فلم يزل بظهرها مستخدمه***حتى أتى مع الرسول حرمه وابن أبي ليلى ومن قد لاءمه***قد سوغ البيع بقصة الأمه إذ شرط الولاء في المساومه***فالشرط بالنص الرسول هدمه ومالك ـ أكرمه ونعمه ـ***مولاه جل لثلاث قسمه وقال ما للعقد من ملازمه***به، وما المقصود مما لاءمه أو كان مما قد يحل قيمه***أو اقتضى العقد له به سمه أولا، ولكن لم يناف المبرمه***فأول منها كثان حرمه وثالث كرابع قد سلمه***إمام دار طيبة المكرمه مبينا ما غيره قد أبهمه***قالوا ونص هؤلاء علمه لكن بغير ما ارتضوه فهمه***فكلها بما رءاه أسهمه وهاهنا أذكر في المتممه***إذ فاتني التنبيه في المقدمه أني قد نقلت هذي التقسمه***عن الدسوقي، حبي بالمرحمه صلاة مولانا على من قدمه***وبالسلام منه جل كرمه وبالرضى توجه وعممه***ما فتح امرؤ بذكره فمه ب :فريضة القضاة للشيخ العلامة محمد الحاج بن محمد أحمد الأدرعي الحسني الجلالي ت 1423هـ إن مات مولى معتق عن سيد ***سيده وولد للسيد فولد السيد بالولاء ***أولى ومن سواه عنه ناء من ثم قد روى عن الإمام ***بعض من الأجلة الأعلام في ابن وبنت شريا أباهما ***فعتق الاب بحكم عنهما فأعتق الأب رقيقا ثم مات ***مولاه بعدما يوافيه الممات أنهما يقتسمان بالنسب ***لابالولاء جمع ماترك أب والابن وحده له ولاء ***مولى أب، بذلك الافتاء كما إذا ماأعتقته وحدها ***فلهما بنسب لادونها فالإرث بالولاء فيه يشترط ***أن لايكون وارث النسب قط قال الفقيه الحاذق ابن عرفه ***خزانة العلم فسل من عرفه قلت وهذه لدى الثقاة ***قد سميت فريضة القضاة غلط فيها عدد كثير ***والخطب في استعصائها شهير وهاأنا قيدتها للمعتني ***بالنظم كي يدعو لي من يقتني دونكها والحمد للمعين ***فاشدد عليها راحة الضنين أسنى صلاة ربنا الحسيب ***علي النبي المصطفي الحبيب ومن أهم نظمه العلمي القصائد التي جرت بينه وبين علماء موريتانيا ففي عام 1380هـ تداول العلماء في صحراء شمال مالي "منطقة آزواد" مسألة الأوراق النقدية ،وكان رحمه الله ممن ناقش مع أهل العلم هذه المسألة ومن أجل من ناقش معه المسألة واحتفظت بذلك ذاكرة تراث شعري فقهي رائع كل من شيخنا العلامة محمد سالم ولد عدود رحمه الله والعلامة المؤرخ المختار بن حامد الديماني ـ رحمه الله ـ وغيرهم وقد نشرت في الموقع سابقا(يتبع) |
|
06-09-2014, 08:00 AM | #5 |
عضو مؤسس
|
رد: ترجمة العلامة المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ـ رحمه الله
بعد أن عرفت تمكنه في الفقه وأصوله، فإنه بحكم ذلك اعتمدت عليه الفتوى في منطقته مع توافر العلماء الكبار والأجلاء، فصار هو منتهى المسائل والإفتاء في كثير من قضاياهم،
وقلما تأتيه مسألة إلا وتحول إليه وقد يأتيه أحد العلماء الأعلام مع الخصوم بنفسه ، وقد يجتمع العلماء في أحد أنديتهم على مسألة فلا يبتون فيها إلا إذا حضر، وكلما أفتى لايعقب على فتواه . وأعرف مسألة تعقدت من خلال تناول القضاة لها وتغاير وجهات نظرهم فيها تتعلق بالأنكحة، انتهت إليه أخيرا فقضى فيها، وبعد وفاته أثيرت مرة أخرى، فرفعت إلى كثير من علماء الصحراء،وكل منهم بعد معرفته بما قضى به يلزم طرفي النزاع به، وأخيرا رفعت إلى علماء ( تامكوتات ) فسأل من رفعت إليه من أكابرهم طرفي النزاع، هل رفعت المسألة إلى أحد قبلنا ؟ فقيل: رفعت إلى فلان وفلان وفلان وإلى الشيخ الحاج، فسألهم بما قضى به، ثم ألزمهم به ثم قال لهم ما معناه : قضاء قضى به الشيخ الحاج من الصعب نقضه . وكما يرجع إليه كثير من أهل العلم في بلده فكذلك يراسله منهم من كان بعيد الصقع، وقد شاهدت في ( وادي الشرف ) أنه يؤتى كلما أعضلت معضلة علمية؛ لكشف الستار عنها ، قال -رحمه الله- في سياق بيان طريقته في الفتوى [...يستدعي أن أبين لك -أيها القارئ الكريم- أني ما أفتيت في مسألة من النوعين الذين ذكرتهما إلا بعد تعيين من مشايخي وزملائي من أهل العلم . فإن بعضهم ربما أرسل إلي خصوما؛ لأفصل بينهم في قضية، (قلت : يقع هذا كثيرا من الشيخ العلامة المنير بن الشيخ حماد الحسني التبورقي ،ومن أخيه الشيخ البشير، أن يرسل إليه خصوما؛ ليفصل بينهم ،ومن العلامة محمد(زد) بن حميدي الأنصاري التيكراتي ومن العلامة الرشيد الأنصاري الجلالي - رحموا جميعا – ومن ... ومن .... شاهدت ذلك مرارا وتكرارا وبعضهم يأتيه الخصوم فيرشدهم إلي. (قلت يقع هذا من علماء منطقته كثيرا إما: حضوريا أو كتابيا) ومنهم من يأتيني مع الخصوم؛لأفصل بينهم وهو حاضر( قلت قد شاهدت ذلك مرارا من الشيوخ الأجلاء : محمد(زد) بن حميدي الأنصاري التيكيراتي والرشيد بن أحمد بن موسى الأنصاري الجلالي . ومنهم من يأتيه استفتاء من صقع قريب أوبعيد من أحد أهل العلم هناك، فيستنيبني في فصل القضية ( قلت ممن وقع له معه ذلك العلامة إسماعيل بن السعيد الحسني التبورقي وغيره).وإذا فصلتها حبذ ذلك أوسلمه أو قرظه إن كان مكتوبا ( من نماذج ذلك: فتواه ببدعية خطبة قبل خطبتي الجمعة التي استفتى فيها قاضي منطقة (منكا)محمد محمود بن القاسم الجعفري علماء وادي الشرف، فأحالوا عليه، فأجاب بمؤلف (عندي ) فقرظه كل من الشيخ العلامة زين الدين بن المنير الحسني التبورقي وابن عمه العلامة أحمد بن محمد أحمد( أيد) والعلامة محمد زد بن حميدي الأنصاري التيكيراتي ومنها: مسألة الصوم بخبر المذياع فقد قرظه آخرون ) حتى صار الأمر إلى أن أكبر المسائل التي ترفع إلى مجتمعنا ربما وجهها إلي أهل الحل والعقد من الأشياخ والعلماء من جماعتنا. فإذا كان الأمر كذلك وهالني الخوف مما أعلم من خطورة باب الفتوى( القضاء ) أنه نيابة عن الشارع فلا ينبغي أن يستهان به ولا التساهل فيه تفكرت في أن نصب أحد للفتوى أو عزله إنما يكون للعلماء بشروط مذكورة في كتب الفقه في كلا الأمرين، وقال النابغة الأغلالي: والحق أن تفتي بعد أن ترى*** نفسك أهلا ، ويرى ذاك الورى فمالك أجازه سبعون ا ***محنكا للصحب يتبعون ا وقال ما أفتيت حتى شهدا*** سبعون شيخا أنني على الهدى .... طريقته في الإفتاء: قال -رحمه الله ثم إني لما اطلعت على كثير من كتب الفقه المالكي أصولا وفروعا، واطلعت على قواعده، ،وطالعت من ذلك جملة وافرة لم أضيق على نفسي في مطالعة ما سواها من كتب المذاهب الأخرى، سواء كان أصولا أو فروعا أوكان من شروح الأمهات الحديثية، لكن جل اهتمامي إنما هي على التي تكلم على فقه المسألة، ثم تأتي بالدليل في مواقع الإجماع والخلاف كالمغني لابن قدامة وبداية المجتهد لابن رشد فكلاهما يأتي بفقه المسألة ثم بالدليل ثم بمواقع الإجماع والخلاف ويرجح من ذلك مارجح عنده دليله، والغالب أن يكون ذلك من دون تعصب لمذهب على مذهب ولا لمشرق على مغرب، ولذلك كان يعجبني كل منهما ويعجبني أيضا من شراح الحديث ماكان على هذا المنوال مثل فتح الباري على صحيح البخاري وشرح النووي على صحيح مسلم المسمى بالمنهاج شرح مسلم بن الحجاج وما شاكلهما. وأما الإفتاء فإذارفعت إلي مسألة فقهية نظرت فيها، ثم فتشت الكتب وبحثت عنها في كتب المالكية، فإذا لم أجدها منصوصة للمالكية فتشت، وبحثت عنها في غيرها من كتب المذاهب الأخرى التي تتكلم على فقه المسألة وتأتي بالدليل من الكتاب والسنة إن كانت منصوصة، وإن كانت مستنبطة بينوا ذلك في محله، وإذا وقفت عليها ووقفت على ما استدل به نظرت في ذلك، فإن ظهر لي وجه استدلاله عملت بالدليل وأفتيت بمقتضاه من غير خروج عن المذهب ولا تقليد للآخر؛ لأن ما ثبت بالدليل من الكتاب والسنة لا تقليد فيه لأحد من المقلدين كما لا اجتهاد فيه للمجتهدين . ومن المعلوم أنه متى وافق الدليل قولامن أقوال الأيمة، فالعمل بالدليل لابقول القائل، وإن خالفه قول واطلعنا على الدليل، فإنا نتبع الدليل من غير غض من القائل، والمذاهب الفقهية أيضا مما لاسبيل إلى توحيدها إلا بطريقة واحدة وهي: الإجماع في المسائل التي ثبت فيها وهي قليلة بالنسبة إلى ما تقرر فيها الخلاف منها بين الأيمة ، وكما لاسبيل إلى توحيدها لاسبيل إلى تضليلها كلها بحسب مخالفة قول قائل غير الرسول ﷺ مالم يخالف قاطعا من كتاب أوسنة أو إجماع ، وذلك ليس مذهبا لواحد من الأيمة فيقلد فيه ،فإن الأيمة اتفقوا على أن كل ماصح عن رسول الله ﷺ فهو مذهبهم وصرح به كل واحد منهم انظر الأنس ص (27 |
|
06-09-2014, 08:02 AM | #6 |
عضو مؤسس
|
رد: ترجمة العلامة المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ـ رحمه الله
شيوخه :
تكلم عن شيوخه ـ رحمه الله ـ وذكر ما أخذ عن كل واحد منهم بالتفصيل وقسمهم ثلاث طبقات، وأنا أذكرهم مسرودين فقط شيوخه الذين تصافح مع بعض شيوخه عندهم وهم :من أخذ عنهم درسا أو درسين. ثم قال - رحمه الله –(أما الطائفة الأولى منهم وهو: من أخذت عنهم درسا أو درسين فغالبهم: شيوخي وشيوخ أشياخي؛ فلذلك لايناسبني أن أهمل ذكرهم؛ لأجل قلة ما أخذت عنهم ولا لكونهم أشياخ أشياخي؛ فإنهم ممن لا يتهاون بهم ولا يستهان بنعمة الأخذ عن أمثالهم ؛لما يرجى فيهم وفي أمثالهم من الخير والفضل والبركة، ولا يستهان أيضا بمشاركة المرء لأشياخه في بعض أشياخهم، وما زال العلماء يرغبون في ذلك ويفرحون به؛ لقلة عدد الوسائط في حق من حصل ذلك بينه وبين المصنفين بالنسبة إلى من لم يحصل له ذلك. فمن أولئك الذين ذكرت أنهم من أشياخي وأشياخ أشياخي وأخذت عنهم بلا واسطة: الشيخ العلامة سعد الدين بن عمار الحسني الإدريسي الجلالي ت(1371هـ الشيخ العلامة محمود بن محمد الصالح الحسني الإدريسي[ الجلالي ] ت (1370هـ الشيخ العلامة السداد واسمه: الصالح بن محمد الصالح الحسني الأدرعي[ الجلالي ] ت(1369) هو من مشايخ مشايخنا. الشيخ العلامة المرتضى بن أحمد البكاي الحسني الأدرعي[ الجلالي ] ت (1393)هـ الشيخ العلامة محمد الصالح المعروف بزيد بالضم والتنوين بن العربي الحسني الأدرعي [ الجلالي ] ت (1394)هـ 6/ الشيخ العلامة أحمد الكرماني بن عمار الحسني الإدريسي [ الجلالي ] ت (1381)هـ الشيخ العلامة العلامة محمد الصالح المعروف بـ(متال) القرشي الكنتي [ الجلالي ] ت (1373) الشيخ العلامة المحمود بن يحيى الأنصاري الأيوبي التبورقي ت(1406) الشيخ العلامة محمد القاضي بن محمد أحمد الكنتي نسبا الجلالي الشيخ:محمد أحمد بن عمران الحسني الإدريسي[ التبورقي ] ت (1406)هـ الشيخ العلامة محمد بن شعيب الحسني الإدريسي [ التبورقي ] ت (1396)هـ شيوخه الذين أخذ عنهم الكثير ـ وهم الأكثرـ قال -رحمه الله- [ وأما من أخذت عنهم كثيرا من الكتب، أو أخذت عن واحد منهم كتابا من الكتب التي قرأتها ولازمتها فمنهم : الشيخ ابن العم محمد بن محمد الأمين الحسني الأدرعي الجلالي الشيخ ابن العم السداد بن المختار الحسني الأدرعي الجلالي الشيخ العلامة محمد الشيخ بن موسى الحسني الجلالي (1383)هـ الشيخ محمد المعروف بـ"إلي" بن محمد ويعرف بمحجرالحسني الأدرعي الجلالي الشيخ العلامة أحمد بن الأمين الكنتي الجلالي [ يلقب حمود ت (1394) هـ الشيخ محمد أحمد بن محمد الصالح المعروف بمتال الكنتي الجلالي ويلقب :السُلم الشيخ العلامة إنجُنَّ بن حاز الحسني الإدريسي التنغاكلي الشيخ العلامة نوح بن محمد الصالح بن عبد الرحمن الإدريسي [ الجلالي ] يلقب بصفوان ه الشيخ العلامة زين الدين بن محمد الصالح الأنصاري التكيراتي ت (1420) الشيخ العلامة محمود بن محمد الصالح الأنصاري التكيراتي ت (1403 ) هـ الشيخ العلامة محمد بن محمد الصالح تان الأنصاري التيكيراتي ت(1402)هـ الشيخ العلامة محمد الصالح -يعرف بـ"الفتى" بن محمد أحمد -الكنتي الجلالي ت (1405 ( الشيخ العلامة المحمود بن الشيخ حماد الإدريسي التبورقي ت (1407 الشيخ العلامة محمد العتيق بن سعد الدين بن عمار الحسني الإدريسي [الجلالي الشيخ العلامة حمدا بن محمد بن الخضرالإدريسي الجلالي ت (1389)ه شيوخه الذين أخذ عنهم من غير تدريس: قال -رحمه الله- وأما أشياخي الذين أخذت عنهم من غير طريقة التدريس واستفدت منهم كثيرا - ولله الحمد - فمنهم : الشيخ العلامة المنير(أنار) بن الشيخ حماد الحسني الإدريسي التبورقي ت(1415)هـ الشيخ العلامة عبد القادر بن الشيخ محمد الصالح الكنتي الجلالي ] ت(1414) الشيخ العلامة محمد إغلس محمد بن اليماني الإدريسي النسب ت(1399 ) الشيخ العلامة محمد بن الخضر بن حرم بن زين الجكني [ الشنقيطي ] (ت 1414)هـ الشيخ العلامة محمد محمود بن القاسم الجعفري الناصري الموريتاني ت (1424 الشيخ العلامة مما بن الشيخ حيدرة الشريف الحسني التنبكتي التندتاسي قال رحمه الله والحاصل أن من أدركت من مشايخ بلدنا ومن لقيت من العلماء الآفاقيين،قل منهم من ليس له علي مشيخة . انظر:الأنس ص (56-58)) أسانيده: لقد كان من فضل الله علينا وعليه أن رزقه بأسانيد كتب السنة وغيرها من الكتب المتداولة إجازتها شرقا وغربا، ومدار أسانيده التي اطلعت عليها على ستة شيوخ، التقى بعضهم مع بعض في شيخه، وأخذ بعضهم عن بعض ، اللهم إلا الأخير من شيوخه، فإنه انفرد به عن أشياخه وزملائه ـ فيما أعلم ـ ـ ما يتضمن ثبته من فهارس: يتضمن ثبته عدة فهارس، وكل فهرست عبارة عن عدة فهارس أيضا ونلخصها لك íأولا :فهرست شيخنا الشيخ العتيق بن الشيخ سعد الدين الحسني الجلالي(وهو أول من أجازه) وهي عبارة عن ثلاثة أثبات: : ـ ما أجازه به والده العلامة الشيخ سعد الدين بن عمار كما أجازه به العلامة شيخه المفسرمحمد الصالح بن محمد بن ميدي الحسني الجلالي بإسناده الذي ينتهي إلى الشيخ أحمد بن الشيخ الحسني الجلالي عن شيخه التنبكتي محمد بن محمد بغيغ بن محمد جورد عن أبيه، إلى آخر الثبت الجلالي المتداول بين علماء منطقة جنوب الصحراء من القرن الحادي عشر إلى أن أخذته أنا أيها الكاتب عام( 1425)هـ من عدة طرق.: ـ ما أجازه به الشيخ عيسى القاضي بن تحمد الحسني التبورقي، عن مولاي عبد الرحمن عن الشيخ باي عن الشيخ حمزة الفلاني ـ ما أجازه به الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري كما أجازه محمد ياسين بن عيسى الفاداني المكي وغيره من أشياخه إجازة. وهي عبارة عن سبعة أثبات : - ما أجازه به الشيخ سعد الدين بن عمر بسنده المشار إليه ويأتي - إن شاء الله- - ما أجازه به الشيخ عيسى القاضي بن تحمد بسنده المشار إليه ويأتي - إن شاء الله- ما أجازه به الشيخ أحمد الجلادي وهوالمعروف – (أوسك بن هُلي) - كما أجازه به شيخه سديد، عن الشريف مولاي عبد الرحمن عن الشيخ باي- أي نفس سند الشيخ عيسى القاضي - إذ الشيخ عيسى يلتقي مع الشيخ المحمود في شيخه مولاي عبد الرحمن الذي روى عنه بلا واسطة ، وروى عنه المحمود من غير طريقه بواسطتين: ـ ما أجازه به العلامة حك بن إبراهيم الجلادي وهو نفس ثبت الشيخ أوسك فإن كليهما أخذ عن الشيخ سديد عن الشيخ عبد الرحمن، ويقال فيه بالمقارنة مع سند الشيخ عيسى ما قيل في الذي قبله ـ ما أجازه به الشيخ محمد ياسين بن عيسى الفاداني ـ مكاتبة ـ ـ ما أجازه به الشيخ محمد شعراني المنذري ـ ما أجازه به الشيخ زكريا أبو عبد الله كل الثلاثة الأخيرة أجازوه بالمكاتبة - وبوساطة الشيخ إسماعيل الأنصاري- وكما أجازه شيخهم جميعا عمر بن حمدان المحرسيويأتي سندهم – إن أذن الله- ثالثا: فهرست الشيخ الفتى بن محمد أحمد الكنتي الجلالي وتتضمن : ما أجازه به الشيخ عيسى القاضي بن تحمد بالسند المتقدم رابعا :فهرست الشيخ محمد بن تان الأنصاري التيكراتي وتتضمن : ـ ما أجازه به الشيخ المحمود بن الشيخ حماد الحسني وقد عرفت شيوخه ـ íخامسا:فهرست شيخنا الشيخ زين الدين بن الشيخ المنير الحسني التبورقي (وهو من زملائه وأقرانه، وقد استجازه بعد ضياع أصوله وأخذه في نهضة جديدة لاستعادة الأسانيد،) وتتضمن خمسة أثبات: ما أجازه الشيخ المحمود كما أجازه من تقدم ذكرهم ما أجازه الشيخ والده المنير بن الشيخ حماد : - وهو عبارة عن أسانيد أحمد بن الشيخ الحسني الجلالي - ولم يعين بالتحديد من أخذها عنه فيما كتبه بالنيابة عنه الشيخ عيسى لابنه زين الدين. ما أجازه الشيخ عيسى القاضي بسنده المشار إليه والآتي -إن شاء الله- ما أجازه الشيخ العتيق بأسانيده إلى شيوخ شيوخه المتقدمة . ما أجازه الشيخ أحمد بن محمد أحمد الحسني التبورقي كماأجازه الشيخ المحمود به بأسانيده المتقدمة . سادسا : فهرست الشيخ مما بن حيدرة بن محمد الصالح التندتاسي التنبكتي وكما أجازه أشياخه منهم أبو الخير عبدالله الإرواني. - وقد انفرد بهذا السند الأخير عن جميع شيوخه وأقرانه ـ فيما أعلم ـ ويمكن اختزال هذه الفهارس التي وصلت بمجموعها إلى ستة، وبطرقها إلى ثمان عشرة طريقا في أربعة فقط: أولا ـ فهرست الشيخ سعدالدين [ الثبت الجلالي ] الذي أخذه المترجم عن ابنه الشيخ العتيق، والشيخ المحمود. ثانيا:فهرست الشيخ المحمود الذي أخذه عنه المترجم- بلاواسطة- وأخذه -بالواسطة- عن كل من الشيخين محمد بن تان الأنصاري، وزين الدين الحسني. ثالثا:فهرست الشيخ عيسى القاضي الذي أخذه بواسطة أربعة من الشيوخ وهم : الشيخ المحمود، والعتيق والفتى وزين الدين الشيخ مما بن حيدرة التنبكتي أخذه عنه بلا واسطة .فهرست وجدير بالذكر هنا أنه - رحمه الله - جمع أسانيده وأثبات شيوخه في فهرست تعتبر موسوعة لأسانيده وأسانيدهم سماها :(تزيين المدارس، بما لأشياخي من الفهارس) وهو لو طبع لصار مجلدات . وكان هذا الكتاب النفيس مما ضاع يوم العدوان في ( وادي الشرف ) ، وعسى الله أن يرده إلينا سالما في جمع من مؤلفاته ومخطوطات أجدادنا العزيزة وكل ماضاع من تراث آبائنا. وبعد أن تأخر عنه لقاؤه بعد الضياع، وطال منه الحنين والأنين والدعاء أن يرد إليه ،لخص مضمونه في رسالة سماها: ( الدر النضيد فيما لدي من الأسانيد ) ، وقد أودعته كله لكتابنا الإمتاع والإبهاج الذي نلخص منه هذه الترجمة ولاهتمامه المنقطع النظير بالأسانيد وخدمتها اعتبر فيها في بلده مرجعية ، فأخذ عنه الإجازات حتى أقرانه فكيف بغيرهم من العلماء وطلاب العلم(يتبع) |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ترجمة العلامة اللغوي الأديب الفقيه المحدث محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي | الشريف الأدرعي | منتدى الأعلام و التراجم | 3 | 06-09-2014 08:30 AM |
89. زين الدين / حماد بن محمد الصالح الأنصاري التكيراتي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 2 | 06-08-2014 08:47 PM |
17.أحمد بن الشيخ بن أحمادُ الإدريسي الجلالي السوقي | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 0 | 03-18-2014 02:32 PM |
فهرسة الأعلام المذكورين في كتاب الشيخ العتيق بن سعد الدين المسمى ( الجوهر الثمين ) | الدغوغي | منتدى الأعلام و التراجم | 1 | 12-01-2013 10:22 PM |
الجوهر الفاخر في ترجمة السيد الشريف الشيخ انتالا أق الطاهر | السوقي الأسدي | منتدى الأعلام و التراجم | 34 | 05-18-2013 12:41 PM |