نثرة الورود السابعة: عون البر الوهاب في نشر ما تيسر من سير أولي الألباب

نثرة الورود السابعة:

عون البر الوهاب في نشر ما تيسر من سير أولي الألباب

المقدمة:


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله العلي المتعال، جلّ في علاه ذي العظمة والكبرياء والعلو والجلال
لا تبلغ الأوهام كنه ذاته***ولا يكيف الحجا صفاته
سبحان من بيده خزائن السماوات والأرض، فيهب لمن يشاء الذكور فضلاً منه لا الفرض.
هو أهل التقوى والمغفرة، فيسعد بهما من يشاء من عباده فتعلو وجوههم يوم سعادة الجزاء النضرة.
وأحكم ألباب الرجال ذوو التقوى***وكل امرئ لا يتق الله أحمق
وأصلي وأسلم على من جعل خشية الله ـ تعالى ـ وتقواه أجل ما يسمو إليه الصالحون، المروي شرف معنى لفظه: أنا أخشاكم لله وأتقاكم له. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وما أبصرت عيناي أجمل من فتى***يخاف مقام الله في الخلوات
اللهم صل على رسول الهدى، محمد بن عبد الله النبي المحمود أحمد ـ صلى الله عليه:
وآله الغر الكرام البررة***وصحبه المنتخبين الخيرة
فارض اللهم عنهم وعلى التابعين لهم بإحسان، وكل من سار على نهج منهجهم الرضي المرضي في اقتفاء آثارهم الحسان:
وهو بسبق حائز تفضيلا***مستوجب ثناء الجميلا
متعلقاً برجاء فضل الإجابة رغبة في رضاك وجميل لطفك فيمن دعا بالسعادة لمن يسير على سواء سبيلك ـ على أين زمن ومكان كان ـ فإنه لا يرجى إلاّ فضلك:
والله يقضي بالرضا والرحمة***لي وله ولجــــميع الأمـــة

التمهيد:
بدور العقل الفريد

إن الشجاعة في الرجال كثيرة***ورأيت شجعان العقـــــول قليلا
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لينذر من كان حياً.
عن الضحاك في قول اللّه عز وجل " لينذر من كان حياً " قال: من كان عاقلاً.
عيون الأخبار
سل الناس إن كانوا لديك أفاضلا***عن العقل وانظر هل جواب محصل
وغريزة العقل نعمة من الله تعالى في أصل الفطرة فإن فاتت ببلادة وحماقة فلا تدارك لها. إحياء علوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله البر الكريم على هذه المنة اللطيفة الجسيمة، والمنقبة الجليلة العظيمة.
إنه مما ينبغي على من رزق أن يكون من أرباب هذه النعمة الحكيمة المحكمة، أن يعقل عظمة خصائصها، ليستعملها في حكمة بالغة، لأن العقل ليست كاسمها في اليسر، واللطافة، والسهولة.
من يتصف بمقامها السمي الجليل ـ حسب جمل من الآثار.
والعقلاء هم أولو الألباب الذين قال الله تعالى عنهم: وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ
قال أبو العباس وقال رجل من أصحاب أبي عبد الله ع له وقد سمعه يقول بل يروى مرفوعا إذا بلغكم عن رجل حسن الحال فانظروا في حسن عقله فإنما يجازى بعقله يا ابن رسول الله إن لي جارا كثير الصدقة كثير الصلاة كثير الحج لا بأس به فقال كيف عقله فقال ليس له عقل فقال لا يرتفع بذاك منه.
شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد المدائني.
إذ العود لم يثمر وإن كان شعبة***من المثمرات اعتده في الحطب
إن الإنسان يتميز بغيره، بهذه المنقبة العزيزة، ويتميز ابن آدم عن أخيه بميزات عقلية، ترجح جيد قريحة علقه الباهرة، عن قريحة صاحبه بفوارق باطنة وظاهرة، سواءً في جانب العبادات، أو العادات.
كان الحسن البصرىّ إذا أخبر عن أحد بصلاح ،قال :كيف عقله ؟ثم يقول: ما يتم دين امرئ حتّى يتم علقه.
بهجة المجالس ـ ابن عبد البر.
يقولون في الشيب الوقار لأهله ... وشيبي بحمد الله غير وقار
وقال الحسين: ثلاثة تذهب ضياعاً: دين بلا عقل...
وقيل: لا تعتدوا بعبادة من ليس له عقدة من عقل.
محاضرات الأدباء ـ الراغب الأصفهاني.
وقالوا: قد توشح عارضاه ... فقلت الآن أوضع في الآثام
قال زياد: ليس العاقل الذي يحتال للأمر إذا وقع ولكنه الذي يحتال للأمر ألا يقع فيه.
عيون الأخبار ـ ابن قتيبة الدينوري
إن الشجاعة في الرجال مراتب***وأجلــــها شجــــاعة الآراء
بين معاوية وعمرو بن العاص قال معاوية لعمرو: ما بلغ من دهائك يا عمرو؟ قال عمرو: لم أدخل في أمرٍ قط فكرهته إلا خرجت منه.
قال معاوية: لكني لم أدخل في أمرٍ قط فأردت الخروج منه.
عيون الأخبار ـ ابن قتيبة الدينوري.
هي فطرة الخلاق كالمرآة لا***تلقى بها عوجاً ولا تدنـــــيسا
تزداد يمنا ما اتقيت فإن دنا***منها الخنا عادت عليك بسوسا
الأدب يذهب عن العاقل السكر ويزيد الأحمق سكراً كالنهار يزيد البصير بصراً ويزيد الخفاش سوء بصره.
وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد رضي الله عنه الأدب عند الأحمق كالماء العذب في أصول الحنظل كلما ازداد رياً ازداد مرارة.
التشبيهات ـ ابن أبي عون.
وقال أعرابيٌ: لو صور العقل لأظلمت معه الشمس، ولو صور الحمق لأضاء معه الليل.
عيون الأخبار

إِنَّ الشَّبَابَ والفَرَاغَ والجِدَهْ ***مَفْسَـــدةٌ للعَـــقْـــلِ أَيُّ مَفْسَــدهْ
والمَفْسَدةُ ضِدُّ المَصْلَحَةِ ، وقالوا : هذا الأَمْرُ مَفْسَدةٌ لِكَذا ، أَي فيه فَسادٌ . قال الشاعر : إِنَّ الشَّبَابَ والفَرَاغَ.....
تاج العروس من جواهر القاموس.
ومما قيل: إذا أردت أن تعرف قيمة الأمة ومدى اهتماماتها فانظر إليها في وقت فراغها ماذا تفعل.
ولكل شيء آفة من جنسه***حتى الحديد سطا عليه المبرد
العقل نعمة ربانية عظيمة، ولها آفات كثيرة لا تعد ولا تحصى.
ومنها: آفة التجاهل:
ويظهر الجهل بي وأعرفه***والدر در برغم من جهله
آفة الهمز واللمز ـ الغيبة:
فشر الناس معروف لديهم***بقول في مثالبهم وهمز
آفة سوء الطوية:
ومن يكن ذا فم مرّ مريض***يجد مراً به الماء الذلالا
آفة الغدر:
أهوى بقاءهم جهدي وأكثر ما***يهوون أن أغتدي في حفرة الترب
آفة التصانع:
ومن يبتدع خلقاً سوى خلق نفسه***يدعه وترجعه إليه الرواجع
آفة التدليس:
أنت في معشر إن غبت عنهم***بدلوا كل ما يزينك شينا
وإذا ما رأوك قالوا جميعاً***أنت من أكرم البـــرايا علينا
آفة الكذب:
وأكذب ما يكون أبو المثنى***إذا آلى يمينا بالطلاق
آفة العجز:
وما كل هاو للجميل بفاعل***ولا كل فعال له بمتمم
آفة التقديس النفسي:
تنافس في طيب الطعام وكله***سواء إذا ما جاوز اللهوات
ومن آفات العقل غير هذه الصور التقريبية.
وتلك الآفات لا يخلو منها أحد من البشر، إلاّ من رحم الله ـ وقليل ما هم.
وهي أنواع منوعة غير منحصرة، ومنها ما يصدر من الناس إليك، فمن خير علاجها، قول من قال:
أغمض عيني عن أمور كثـــــيرة***وإني على ترك الغموض قـــدير
وما من عمى أغضي ولكن لربما***تعامى وأغضى المرء وهو بصير
ومنها: ما يصدر منك إليهم، فمن خير علاجها، قول من قال:
وقمت على ريش النعام فلم أجد***فراشاً وثيراً مثل إتمام واجبي

وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ*
ينبغي للعقل أن يكون عارفاً بزمانه، حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه.
الكتاب : عيون الأخبار ـ ابن قتيبة .
وأرقني بالري نوح حمامة***فنحت وذو الشجو القـــريح ينـــوح
على أنها ناحت ولم تذر عبرة***ونحت وأسراب الدموع سفــوح
ففي تاريخ رجالات صحراء أسياد الصحراء ـ الطوارق، ما يغطى به الفراغ من المندوبات.
ألا لائمتي لومي إذا شئت أودعي***ومن يهو هذا الحسن لم يخش لوما