عرض مشاركة واحدة
قديم 09-28-2010, 09:08 PM   #27
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: إحياء مآثر الكرام الحُسبا



طلابه ـ رحمه الله تعالى:

قلت: ومن فواتح سور تعليم المتعلم من طلاب العلم، وأهميته، وعظم أجر القائم به، وفضل دوره العظيم النفع، الجليل الثواب، ما ورد من نصوص كثيرة، منها قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السّرّآءِ وَالضّرّآءِ}.

يقول المفسر الشهير الفخر الرازي: ويدخل فيه إنفاق العلم ، وذلك بأن يشتغل بتعليم الجاهلين وهداية الضالين...
الكتاب : تفسير الفخر الرازى.
إنه بالفعل قد ضرب المترجم له أمثلة رائعة في هذه المعاني الرازية الجميلة، الجليلة المنزع.
قلت، و: مَا صِينَ العلم بمثل بَذْلِهِ لأهله * كما أثر.
ولقد كان الرعيل الأول حريصاً على أخذ العلم عن الأكابر من العلماء المشاهير، وهذه سنة علمية حية متبعة، خاصة في أفق صحرائنا الغالية، ولقد كفتنا البدور الساطعة أسماؤها في قائمة مشايخ صاحب الترجمة ـ رحم الله الجميع ـ جلالة قدر هذا التلميذ النجيب ـ المترجم له، لا سيما بعد ما ارتوى من معين علمهم البحر الفياض.
هذا ولقد كان هو أيضاً بمثابة لمن بعده هو لمن كان قبله من المشايخ الأساتذة الأجلاء المنوه بمقام شرف أمثالهم، في قولهم : أول ما يذكر من المرء أستاذه فإن كان جليلا جل قدره...
الكتاب : أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم
المؤلف : صديق بن حسن القنوجي
وقبل تسليط الضوء على مسرد طلابه الأعلام الكرام، يسحن إلفات نظر القارئ الكريم، إلى أن طلاب العلم في أفقنا من أشد الناس ملازمة لكثير من سنن الآداب الحسان لطالب العلم، التي منها قول الإمام الأوزاعي : كان هذا العلم شيئا شريفا إذ كان من أفواه الرجال يتلاقونه ويتذاكرونه ، فلما صار في الكتب ذهب نوره وصار إلى غير أهله... صحيح جامع بيان العلم وفضله.
ولقد أدركنا أن طالب العلم حين يصل به مستواه حد أخذ الدرس في كتاب من أي متن كان، لا يتجاوز وجه الصفحة التي بلغها درسه، فضلا أن يطلع على غيرها مما لم يصله في الدرس، اكتفاءً بما يلقي عليه شيخه من المعارف، فضلاً أن يتجاوزها اطلاعاً.
وهذه هي الحالة التي أدركناها حتى يصل طالب العلم في المراحل الدراسية المتقدمة جداَ مرحلة علمية متميزة، وهي التي تؤهله أن يأمن عدم وقوع اللبس له في دقائق المسائل، فضلاً عما دونها، وذلك لامتلاكه حصيلة علمية متميزة في كثير من العلوم والفنون.
هذا نهج من مناهج السوقيين الرصينة المتبعة عندهم، وعند مدارس خريجيهم الأعيان الكبار في غير ما قبيلة علمية من قبائل صحرائنا الغالية.
ولقد أسلفنا شيئاً من مناهج المدرسين، ونظمهم في التدريس، وذكرنا هناك إشارات إلى الفرق بين أهل التمدن، المتحضر أهلها، وأهل البادية المتنقل أهلها في مضاربها، ومثل قبائل أفقنا في ذلك مثل القبائل العلمية في موريتانيا، التي يقول الشيخ الطيب بن عمر بن الحسين: ومن السمات الفارقة التي تميز بها المحاضر عن غيرها، من مؤسسات التعليم، هي: أنها ليس لها مكان محدد، ولا طريقة خاصة لإلقاء الدروس، فتارة يكون مقرها حين الإقامة تحت الشجر، أو في أعشرة من خشب، أو من تحت الخيام، أو في الهواء الطلق.
أما في أثناء الارتحال، فقد يكون مقرها على ظهر الإبل، وينشد العلامة المختار بن بون المتوفى عام 1220هـ بهذه الميزة، حيث يقول:
ونحن ركب من الأشراف منتظم**أجل هذا العصر قدراً دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة**بها نبـــين دين الله تبيــــــــــانا
كتاب: السلفية وأعلامها في موريتانيا ـ شنقيط. طبعة دار ابن حزم ـ بيروت. ص105
قلت: ومع هذا الوصف الجميل فلن يقل عطاء التعليم المحضري الصحراوي بصفة عامة أهمية كبرى، كيف لا، وهي التي أخرجت العلماء النجباء الأعلام الذين من خير من عرفتهم جامعات العالم الإسلامي عندما انبلج عنهم نور المعارف والتفنن الباهر في العلوم الإسلامية.
ولقد أحسن صاحب المصدر نفسه، حين قال: وإذا كان بعض الناس قد علق بأذهانهم أن العلم ربيب الحضارة، وحسبوا استيطان المدن، والاستقراء في المناطق الحضارية، شرطاً في تحصيل المعارف العلمية، فإن الباحثين يؤكدون أن هذه المحاضر التي نشأت في الصحراء، وتطورت فيها، حققت لطلابها مستوى علمياً رفيعاً، لا يقل عن مستوى الجامعات العريقة المشيدة في المناطق الحضارية. ص106
كتاب: السلفية وأعلامها في موريتانيا ـ شنقيط. طبعة دار ابن حزم ـ بيروت.
وبهذا تصل بنا هذه الحلقة التاريخية الأصيل، التحدث حول محضر قبيلة كل قابر، هذه المدرسة العلمية العريقة، الغزيرة العطاء، التي يطلعنا التاريخ على كوكبة من خريجيها العلماء الفطاحلة الكبار، الذين منهم من تلقى العلم على يد صاحب الترجمة، فمن أبرزهم:
**- الشيخ العلامة نجله بز هسبا القابري ـ رحمه الله.
قرأ عليه المقامات الحريرية، والأشعر الست.
**- الشيخ سعيد بن هسبا لقابري ـ المترجم له ـ رحمهما الله.
قرأ على والده مقامات الحريري، والرسالة لا بن أبي زيد القيرواني، ومختصر خليل.
**- سعادة الدكتور الشيخ محمود بن عبد الرحمن بن الزبير القابري ـ المنقول عنه هذه الترجمة ـ حفظه الله.
قرأ عليه المقامات الحريرية، والأشعر الست.
**- الشيخ عماد الدين بن شاشي القابري قرأ عليه المقامات الحريرية، والأشعر الست.
**- الشيخ بُنْكًنْ بن حبيب الله القابري قرأ عليه المقامات الحريرية، والأشعر الست.
هذا غيض من فيض مجد ما جهلناه فيما بذلته المجتمعات الإسلامية في سبيل التعليم الذي يمكنهم من فهم دين الله الصحيح ، ما أنجب أهل العلم والمعرفة بين المسلمين الذين ما من بيت منهم فضلاً عن قبيلة، فضلاً عن شعب، فضلاً عن أمة من أممها، إلاّ وكأن الشاعر ينشد عن بعض أفرادها، قوله:
فإني من القوم الكرام ثناؤهم***لأقدامهم صيغت رؤوس المنابر


 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ


رد مع اقتباس