عرض مشاركة واحدة
قديم 06-01-2010, 09:00 PM   #26
عضو مؤسس


الصورة الرمزية م الإدريسي
م الإدريسي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 61
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 09-06-2012 (03:33 PM)
 المشاركات : 419 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ضع إشكالك العلمي وانتظر الرد منا ...



بسم الله
الأخ هيبكا ـ حفظه الله ـ لعلك سوف تسمح لي بتقديم مقدمة موجزة قبل التعريج على سؤالك, حيث إن القارئ الذي لا يهتم بعلم البلاغة قد يحتاج إلى إضاءة لما حول سؤالك قبل الدخول في الإجابة عنه, فنقول:
استعارة اللام هنا معدودة من الاستعارة التبعية, وهي بكل بساطة: أن يكون المستعار أفعالا ، أو صفات ، أو حروفا . [انظر: معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم - (1 / 100]. وعرفها الشريف الجرجاني بقوله: "الاستعارة التبعية: أن يستعمل مصدر الفعل في معنى غير ذلك المصدر, على سبيل التشبيه, ثم يتبع فعله له في النسبة إلى غيره, نحو (كشف) فإن مصدره هو الكشف فاستعير (الكشف) لـ (الإزالة), ثم استعير (كَشَف) لـ (أزال) تبعا لمصدره, يعني أن (كشف) مشتق من (الكشف) و(أزال) مشتق من (الإزالة) أصلية, فأرادوا لفظ الفعل منهما, وإنما سميتها استعارة تبعية؛ لأنه تابع لأصله" [انظر: التعريفات للشريف الجرجاني (1 / 36].
و قال الكفوي: "وأما الاستعارة التبعية فهي ما تقع في غير أسماء الأجناس من الأفعال والصفات وأسماء الزمان والمكان والآلة والحروف؛ لأن مفهومات الأشياء مركبات, أما مفهوم الفعل, فمن: الحدث, والنسبة إلى ذات مَّا, والزمان. وأما مفهوم الصفة, فمن: الحدث, والنسبة إلى ذات ما. وأما مفهوم أسماء الزمان والمكان والآلة, فمن: الحدث, والنسبة إلى زمان ما, أو مكان ما, أو آلة ما. وأما مفهوم الحرف, فمن: النسبة, والإضافة إلى شخص مخصوص. ... وقد تقرر في قواعد المعاني والبيان أن الاستعارة في الصفة والفعل, وما يتعلق به, وفي الحرف, تبعية, وفي الاسم أصلية, والاستعارة الواقعة في الحروف إنما هي واقعة في متعلق معناها فتقع في (المصادر) و(متعلقات المعاني) ثم بتبعيتها تسري في (الأفعال) و(الصفات) و(الحروف) فمعنى الاستعارة التبعية: أن يكون المستعار فعلا, أو صفة, أو حرفا. ... وبيان الاستعارة في الحروف هو: أن معاني الحروف؛ لعدم استقلالها, لا يمكن أن يشبه بها؛ لأن المشبه به هو المحكوم عليه بمشاركة المشبه له في أمر, فتجري التشبيه فيما يعبر به عنه, ويلزم بتبعية الاستعارة في التعبيرات الاستعارة في معاني الحروف". [انظر:كتاب الكليات ـ لأبى البقاء الكفومى - (1 / 141 ـ 142].
هنا نقول:من المعلوم أن المؤلفين في البلاغة يقسمون الاستعارة عدة تقسيمات حسب الاعتبارات, و من أشهر تلك التقسيمات تقسيم الاستعارة في المفرد باعتبار اللفظ المستعار إلى (أصليّة) و(تبعيّة).
فالبيانيون يرون تقسيم الاستعارة في المفرد إلى قسمين:

القسم الأول: الاستعارة الأصليّة، وهي التي يكون اللّفظ المستعار فيها اسم جنس، وهو الذات الصالحة لأن تصدق على كثيرين ولو تأويلا نحو"أسد - بدر - شمس - ظبي" ونحو: حاتم وقس من قولك: رأيت اليوم حاتما، وسمعت اليوم قسا يخطب، ومثلهما كل ما شاكلهما من الأعلام التي اشتهرت مسمياتها بوصفية.
وإجراء الاستعارة في مثل هذا أن يقال: شبه الرجل الشجاع بالأسد بجامع الشجاعة في كل، واستعير لفظ الأسد الشجاع على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية، وشبه الرجل الكريم بحاتم بجامع الكرم في كل، واستعير لفظ حاتم للكريم استعارة تصريحية أصلية.
القسم الثاني: الاستعارة التبعيّة، وهي التي يكون اللفظ المستعار فيها
1- فعلا 2- اسما مشتقا 3- حرفا.
فِعْلاً، مثل: أشْرَقَ - يُشْرِقُ - أَشْرِقْ" أو اسماً مشتقاً، مثل: "جَارِح - مَجْروح - جَرِيح - مَقْتَلَة - مَحْرقة -" أو حرفاً من حروف المعاني، مثل: "اللام الجارّة - مِنْ - في - لن -".
فالأول، نحو: عضنا الدهر بنابه، فقد شبه المصائب بالعض بجامع الإيلام
في كل، واستعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، واشتق من العض بمعنى الإيلام عض بمعنى آلم على طريق الاستعارة التصريحية التبعية.
هذا إذا كان التجوز في الفعل باعتبار حدثه، فإن كان باعتبار زمانه كان التغاير بين المصدرين باعتبار القيدين نحو: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[ سورة الأعراف الآية: 44]، أي: ينادي فيقال شبه النداء في المستقبل بالنداء في الماضي بجامع تحقق وقوعها, ثم استعير لفظ النداء في الماضي للنداء في المستقبل, واشتق منه نادى بمعنى ينادي على طريق الاستعارة التصريحية التبعية.
والثاني نحو: جليل عملك ناطق بفضلك، شبهت الدلالة بالنطق بجامع إفهام الغرض في كل، واستعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه واشتق من النطق بمعنى الدلالة ناطق بمعنى دال على طريق الاستعارة التصريحية التبعية، ونحو: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}[ سورة يس الآية: 52]، فالمرقد مكان الرقاد استعير للقبر بجامع خفاء الأثر في كل، ثم اشتق من الرقاد بمعنى الموت مرقد بمعنى مكان الموت وهو القبر استعارة تصريحية تبعية.
والثالث، نحو: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}[ سورة القصص الآية: 8]، فقد شبه ترتب العداوة والحزن على الالتقاط, بترتب العلة الغائية عليه,[مثلا: قد تكون العلة الغائية في الحقيقة البنوة, التبني,المحبة, الاستخدام,إلخ...] بجامع (مطلق ترتب شيء على شيء) فسرى التشبيه من الكليين للجزئيات التي هي معاني الحروف, فاستعيرت اللام الموضوعة لكل جزئي من جزئيات العلة الغائية, كالمحبة والتبني للام التي تدل على العداوة والحزن استعارة تصريحية تبعية، وإلى هذا يشير قول الزمخشري: معنى التعليل في اللام وارد على طريق المجاز؛ لأنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدوا وحزنا ولكن المحبة والتبني، غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم وثمرته شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله.
ثم قال: وهذه اللام حكمها حكم الأسد حيث استعيرت لما يشبه التعليل، كما يستعار الأسد لمن يشبه الأسد، ا. هـ.
و بعبارة أوضح أنَّ التشبيه الذي هو أصل الاستعارة وعلاقتها يكون أوّلاً في الأسماء الجامدة، ومنها المصادر.
وبعد التشبيه الذي يكون في المصدر يُشْتَقُّ من المصدر الفعل الماضي، أو المضارع، أو الأمر، ثم يُشْتَقُّ اسم الفاعل، أو اسم المفعول، أو الصفة المشبّهة، أو اسم الزمان، أو اسم المكان، أو نحو ذلك.
* وبناءً على هذا التصوّر اعتبروا استعارة الأفعال والمشتقات من الأسماء إنّما كانت تبعاً للاستعارة في المصادر، وأجْرَوا الاستعارات فيها على هذا الأساس.
فإذا قال المتشكِّي من نوائب الدهر: "عَضَّنَا الدّهْرُ بِنَابِه" بمعنى أوقع بنا المصائب، قالوا:
شَبَّه وقع المصائب بالعضّ الذي هو مصدر فعل "عَضّ" بجامع الإِيلام في كلٍّ من المشبَّه والمشبَّهِ به، ثمّ استعار كلمة "العضّ" للعمل المؤلم الذي تُحْدِثُه النوائب، ثمّ اشتَقَّ من "العضّ" الذي هو مصدرٌ فِعْلَ "عَضَّ" فكان هذا الاشتقاق أمراً تابعاً للاستعارة في الاسم الجامد الذي هو المصدر.
فَسَمَّوا كُلَّ ما كان من هذا القبيل استعارةً تبعيّة.
* وكذلك رأوا في استعارة الحرف للدلالة به على معنى حرف آخر.
مثل: استعارة حرف "في" الجار الذي يدلُّ على الظّرْفية للدلالة به على معنى حرف "على" الذي يُدلُّ على الاستعلاء.
ورأوا أنّ أصل هذه الاستعارة تشبيه (العلوّ المثبّت بالشَّيْءِ تثبيتاً قويّاً) بـ (الشيء الدّاخل في شيءٍ آخر دخولاً انْدِمَاجيّاً، أو دخولاً ظرفيّاً) واسْتُعِير لهذا المعنى اسْمٌ يدلُّ على هذا الدخول، ثمّ استغني عنه بحرف الجرّ "في" الذي يدلُّ على الظرفية، استعارة تابعةً للاستعارة في الاسم الجامد؛ لأنّ معاني الحروف تابعةٌ لمعاني الأسماء.
وتُلاحَظُ هذه الاستعارة فيما حكى الله عزَّ وجلَّ في سورة (طه/ 20 مصحف/ 45 نزول) عن قول فرعون لِسَحَرته متوعّداً لهم بعد أن آمَنُوا بِرَبّ موسى وهارون:
{قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى}.
لقد رأى البيانيّون في عبارة: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} استعارةَ حرف الجرّ "في" للدلالة به على معنى حرف الجرّ "على".
ورأوا أنّ علاقة هذه الاستعارة تشبيه العلوّ المثبّت في الجذوع بدخول شيءٍ في شيءٍ آخر، لأنّ تثبيتهم في الجذوع قد يكون بمسامير تدخل فيها، ولمّا كان حرف "في" يفيد هذا المعنى فقد حَسُنَت استعارته على طريقة الإستعارة التبعيّة، باعتبار أنّ معاني الحروف تابعة للمعاني في الأسماء.
قال الشيخ عبد الرحمن حبنكه:" مع أنّ مثل هذا المثال ليس من اللاَّزِم أن يكون وارداً على سبيل الاستعارة في الحرف، بل الأقرب أن يكون الكلامُ جَارياً على طريقة التَّضْمِين، وهو هنا تضمين فعل: {لأُصَلّبنكم} معنى فعل آخر يتعدّى بحرف الجرّ "في" فعُدِّي تعديته، وأصل الكلام: لأصلبنكم عَلَى جذوع النَّخْل ولأُثَبّتَنَّكُمْ فيها بالْمَسَامِير التي تَدْخُل في الجذوع، فَنَابَتِ التعدية بحرف الجرّ "في" مناب ذكر الفعل الذي حُذِف، وَضُمِّنَ الْفِعْلُ المذكُورُ معناه.
و قال أيضا: "لاَ نجد متكلّماً فصيحاً بليغاً أديباً يُلاَحِظُ هذه التبعيَّة، لا في الأفعال ولا في المشتقات من الأسماء، ولا في الحروف.
إنَّما تَنْقدح في ذهنه صورةُ التشابه بين مَعْنَى فعلٍ ومَعْنَى فعلٍ آخر، أو بين معنى اسم مشتقٍّ ومعنى اسم مشتق آخر، أو بين معنىً يُدَلُّ عليه بحرف ومعنىً يُدَلُّ عليه بحرف آخر، فَيَسْتَعِيرُ الفعل أو الاسم المشتَقَّ أو الحرفَ، ولا تَخْطُر بباله سلسلة الإِجراءات التحليليّة التي ذكرها البيانيون.
فما الداعي لاعتبار الاستعارة في الأفعال، والاستعارة في الأسماء المشتقَّةِ، والاستعارة في الحروف إنْ وُجدت، استعارة تبعيّة، مع إمكان أن نقول فيها جميعاً:
استعارَ المتكلّم الفعلَ للدلالة به على معنى فِعْلٍ آخر، بجامع التشابه بين الفعلَيْنِ في حَدَثهما وفي زمانِهما، وكذلك يقال في استعارة الأسماء المشتقة، واستعارة الحروف إن وُجدت؟!.
وعلى هذا تقول في مثال قَوْلِ المتشكّي من نوائب الدهر: "عَضَّنَا الدَّهْرُ بنابِهِ".
إنّ ما تُحْدِثه النَّوائب من أعمال مُؤْلِمَةٍ قد يُعَبَّرُ عَنْها بفِعْلٍ أو أفعال مختلفة، مثل: "أتْلَفَتِ النوائبُ بَعْضَ زرعه - وأهلَكَتْ بعض ماشيته - ومسَّتْ بعض أهله وحاجاته بسُوءٍ - فتألم لذلك" يُمْكن أن يُسْتَعْمِلَ بَدَلَها فعل: "عَضَّ" على سبيل الاستعارة، إذْ تُشَبَّهُ هذه الأفعال الدّالّة على الحدث والزّمن، بفعل "عضّ" بجامع الحَدثِ المؤلم المقرون بِزَمَنٍ في كلٍّ من المشبَّهِ والمشبَّه به.
ويُسْتَعَارُ هذا الفعل "عَضَّ" للدّلالة به على ما أحدثَتْهُ أفعال النوائب في أزمانها الماضية.
وتطبيق هذا التحليل على المشتقّاتِ من الأسماء المستعارة لغير معانيها الأصليّة أيْسَرُ وأوضَحُ.
وبناءً على هذا البيان أقول:
لا داعي لإِطالة الطريق على الدارس لنصوص الاستعارة بإجراءات تحليليّة لا لُزُومَ لها، وما أحْسِبُ شيئاً منها يَخْطُرُ في ذهن شاعر أو ناثر يصوغ كلاماً يضمّنُه استعاراتٍ في الأفعال أو في الأسماء أو في الحروف.
فالرأيُ الذي انتهيتُ إليه: أنْ نَصْرف النظر في بحوث الاستعارة عن تقسيمها إلى أصليّة وتبعيّة.
وحسبنا في كلِّ ذلك أن نقول: استعارةُ كلمة بدل كلمة، سواءٌ أكانت اسماً أمْ فعلاً أمْ حرفاً.
انظر: البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها , لعبد الرحمن الميداني- (1 / 642ـ 645).علوم البلاغة "البيان، المعاني، البديع" - ( / 0).
"تنبيهات" أولها: إنما سميت الاستعارة في القسم الثاني تبعية؛ لأنها تبعية لاستعارة أخرى إذ هي في المشتقات تابعة لجريانها في المصدر أولا، كما أن معاني الحروف جزئية لا تتصور الاستعارة فيها إلا بواسطة كلي مستقل بالمفهومية؛ ليتأتى كونها مشبها ومشبها بها, فلا بد من إجراء التشبيه أولا في متعلق معاني الحروف، ثم تتبعها الاستعارة في المعاني الجزئية.
ثالثها: قال السكاكي: لو لم يجعلوا في الفعل والحرف استعارة تبعية بل جعلوا في مدخولهما استعارة مكنية بقرينتهما كما فعلوا في: أنشبت المنية أظفارها، لكان أقرب للضبط.
أخي هيبكا يمكنني أنا وأنت أن نعتنق رأي حبنكة و نريح أنفسنا مما شحنت به شروح التلخيص و حواشيها.


 
 توقيع : م الإدريسي

قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).


رد مع اقتباس