عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2009, 03:55 PM   #3
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



(3)



قلت: وهنا ثلاث مسائل.
المسألة الأولى: عدم تعلق النسبة بمعنى لغوي مذموم، بعد وقوعها تاريخياً.
لا النسب المكانية، ولا غيرها من النسب، فمن ذلك النسبة إلى السوق علماً على مدينة، إذ لا فرق بين النسبة إليها، وبين النسبة إلى اسم بلد آخر من البلدان كالقرطبي من قرطبة، والشاطبي من شاطبة، والدمشقي من دمشق، وغيرها.
فإن كان سبب الالتباس هو النسبة إلى حرفة البيع في السوق، أو ما في معناها، وبين نسبة إلى اسم بلد سمي بـ: السوق، فذاك لبس ناشئ من غير مثال سابق، لا نقلاً ولا عقلاً.
فانظر على سبيل المثال: مدينة فاس، والنسبة إليها الفاسي كنسبة أبي عبد الله محمد بن الطيب صاحب كتاب: موطئة الفصيح لموطئة الفصيح. وغيره من أعلام مدينة فاس العطرة المناقب، علماً أنه لا يخفى معناها اللغوي الذي لا يلتفت إليه في معرض النسبة، فمثلها في ذلك مثل أي بلد عار عن أي معنى مستهجن كمدينة مراكش، ومدينة غرناطة، ومدينة الطائف، و غيرها.
قلت: وما زال أهل العلم والفضل ينتسبون إلى ما شتهروا به بلداً كان، أو غيره من غير نكير، من ذلك الفسوي كنسبة أبي محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان المتوفى سنة 347هـ وغيره من أهل هذه النسبة.
ومن ذلك البوسي كنسبة أبي القاسم إبراهيم بن محمد المتوفى سنة 760هـ صاحب كتاب: فاكهة المتحفظ. ومن ذلك: الكلبي ، وبنو كلاب، والمغفل والد عبد الله الصحابي الجليل، وجحش والد أم المؤمنين زينب الصحابية الجليلة. وغير ذلك مما ليس هذا موضع حصره.
ومع ذلك فإني ما وقفت على من لاحظ في نسبته الأبوة، ولا نسبته المكانية المعنى اللغوي ذما، فضلاً أن يكون متنكراً عنها، وعن السبة إليها لا من قريب ولا من بعيد.
المسألة الثانية: ما يلحق بعض النسب من صفة الذم إذا وقعت بالفعل، في أصل الأمر كأنف الناقة، لقصة مشهورة، أو مما قاله بعض الشعراء على بعض القبائل فذهب لقب ذم عليها، كقول الشاعر:
إذا قيل أي النـــــاس شر قبيلة أشارت كليبٍ بالأكف الأصابعُ
وقول الآخر: وغض الطرف إنك من نمير.
وغير ذلك مما أولاه أرباب فن الأدب اهتماماً جمعاً وتصنيفاً، وما يتعلق بذلك من ذكر سبب أصل الإطلاق الذي بسببه أصبح ذماً.
المسألة الثالثة: زوال معنى ذم اللقب، أو النسبة، إذا ذكر ما يتصل بهما في معرض الافتخار
قلت: ومما وقفت عليه ممن كان يتنكر عن نسبته ويتحاشى ذكرها بني أنف الناقة
حتى قيل في حقهم: ومن يساوي بأنف الناقة الذنبا. فصروا بعد ذلك يتفاخرون به،
ويجري مجرى هذا قول الآخر في معرض مفاخر بني كلاب :
فلا كـــعباً بلغت ولا كلابا. في قوله: وغض الطرف إنك من نمير.
وهكذا لو نظر القارئ الكريم من غير إمعان منه لظهر له جلياً عدم تلازم دلالة اللفظة الواحدة في باب المسميات بمعناها اللغوي.

شتان ما بين الـــــيزيدين في الندى يزيد ســـــــــليم والأغر بن حاتم

فنقول، كذلك: شتان ما بين النسبة إلى السوق العلمي، وبين نسبة الممتهن الحرفة البيعية إلى السوق التجاري. نقلاً وعقلاً، فما بالك في نسبة جمعت بين سلامة بناء مفردها، وطيب عود مفاخرها علماً وديانة، اللذان هما رأس الأمر وسنامه، فانظر على سبيل المثال قول الشيخ الكبير سيدي المختار بن باب أحمد بن أبي بكر الكنتي ـ رحمه الله ـ في تسليطه الأضواء على هذه القبيلة الميمونة ـ علماً أنه ليس من السوقيين، كما هو معروف، بل هو عالم وحبر بحر فحص القبائل العلمية التي وقف على ما لعلمائها من الفضل، والمكانة العلمية، ففضل من بينهم من قال في حقهم :

جزى الله أهل السوق عنا بخيره فما حسدوا فضلاً ولا نطقوا هجرا
حووا كل فخر عن كرام أجلة رووه عن آباء مداولة دهرا
إذا قيل أي الناس خير قبيلة فأنتم خيار الناس ما ارتفعوا قدرا
لكل أناس حرفة علموا بها وحرفتكم نشر العلوم كما يدرا


وقال أحد علماء قبائل السوقيين في قصيدة رجزية رائعة، قائلاً بلسان حال هذه القبيلة مقالة ذلك الشيخ العلامة واللوذعي الأديب الشيخ محمد بن محمد بن اليماني السوقي الإدريسي رحمه الله: وبيته المشار إليه من أرجوزة له طويلة بائية منها على وجه المثال قوله:

ولا أرى غير الــــــتعــلم الحسب لكـــــنني من ضئضئ ابن المنتخب

الـحـــــسـن اللـــــباب من أم وأب
قلت: لمحت هذه الأبيات السابقة حسب ما أشارت إليه إلى أمرين:
الأمر الأول: حبه للعلم، والافتخار إليه لشرف العلم وفضله وعظم أجره، لاستحالة أن يعبد الله بغير العلم الشرعي، لقوله r : من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم.
وأما فضائل أهله فلا تعد ولا تحصى من أجلها كون أهله من ورثة الأنبياء. وصدق الله إذ يقول: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر
الأمر الثاني: إشارته إلى نسبه الشريف نسب أهل البيت، من ذرية الحسن بن عليّ رضي الله عنهما.
يتبع إن شاء الله


 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ


رد مع اقتباس