عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2009, 03:53 PM   #2
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



2


فقرات البحث: تنحصر في ست محاور بعد المقدمة:
المحور الأول: إشارات حول مادة السوق وإطلاقاته:
وفيه: ثلاث فقرات:
الفقرة الأولى: تعريف السوق لغة:
قلت: إن السوق يختلف معناه اللغوي باختلاف دلالاته، لأنه يأتي لفظه تارة ويراد به الجمع، كما قال تعالى: { فَطَفِقَ مَسْحاً بالسوق }. يعني: يضرب السوق وهو جماعة الساق.
وقال العلامة اللغوي الفيومي: وتطلق السوقة على الواحد والمثنى والمجموع، وربما جمعت على: سوق، مثل غرفة وغرف. وساق الشجرة: ما تقوم به، والجمع سُوق. الخ
وأما من جهة معناه اللغوي، فهو من مادة: ساق. التي مصدرها سَوْق
قال الراغب الأصفهاني، في معرض كلامه مادة : ساق - سوق الإبل: جلبها وطردها يقال: سقته فانساق والسيقة: ما يساق من الدواب. وسقت المهر إلى المرأة وذلك أن مهورهم كانت الإبل. الخ
وقال العلامة أبو العباس الفيومي: (س و ق) سقت الدابة أسوقها سَوقاً والمفعول: مسوق على مفول. وساق الصداق إلى امرأته حمله إليها، وأساقه بالألف لغة.
والسُّوق: يذكر ويؤنث، وقال أبو إسحاق: السوق التي يباع فيها مؤنثة، وهو أفصح، وتصغيرها سويقة، والتذكير خطأ، لأنه قيل سوق نافقة، ولم يسمع: نافق بغير هاء. والنسبة إليها: سوقي، على لفظها. الخ
الفقرة الثانية: ذكر البلدان المشهورة باسم: السوق:
قلت: إنه لما كان هذا البحث المختصر متعلقاً بمدينة السوق، وأهلها، أحببت حب الخير أن أتناول ما يتعلق بهذه المادة خاصة هذه الفقرة، التي يقول عنها العلامة اللغوي مجد الدين الفيروزبادي: والسوق م، وتذكر وسوق الحرب: حومة القتال، وسوق الذنائب: بزبيد، وسوق الأربعاء: بخوزستان، وـ الثلاثاء: محلة ببغداد، وسوق حَكَمَة: بالكوفة، وسوق وًرْدان: محلة بمصر، وسوق لزام: بإفريقية.... الخ
وقال السخاوي: وقد أملى (الزين الأنصاري) على الطلبة من نظمه أبياتاً من الرجز في معرفة أسواق العرب في الجاهلية، وهو:

إن شئت أن تعرف أسواق العرب لتقتفي الآثار من أهل الأدب
فدومة الجنــــــدل والمشـــــعر وهذا القول عندي أظـــــهر
كذا فجار ودثـــــار الشــــحر وعدن من دون هـــذا البحر
صنعاء منها وعكاظ الــــــزاهية وذو المجاز وحبـــاش تالـية
وآخر الأسواق عند ذي الــرشد مجنة بها فكــــــــمّل العدد

فأضفت أنا قائلاً:

فقلت لو درى بسوق الــــسوق لجا به في نظــــــــمه المنسوق

قال أبو بكر الصديق بن محمد المولود إِدْوَلْ بن محمد على الإيشكاغني الكلتجبستي: منطقة الطوارق المحيطة بسوق تادَمَكَتْ
الأماكن المعروفة بالسوق علماً لها في قارة أفريقيا ثلاثة (سوق إفريقية) بتونس، (وسوق أهراس) بالجزائر، (وسوق تادَمَكَتْ) في آضغاغ الشهير عند المؤرخين بمنطقة الطوارق وهو جبال كِيدال المعروفة أخيراً بآضغاغ وانْفُوغاسْ، وكانت مدينة السوق التي في آضغاغ من المدن المعروفة في التأريخ، وقد وجدت تأليفاً صغيراً جداً عند كثير من علماء أهل أروان، وأهل تنبكتو مستقلاً في تاريخ السوق وعنوانه (خبر السوق).
وهو مخطوط قديم إلاّ أنه غير منسوب إلى مؤلفه ولا إلى ناسخه في جميع النسخ التي رأيتها لكن اطلعت في غيره على ما حقق لي أن (خبر السوق) تأليف القاضي سيدي أحمد القاضي سيدي محمد بن القاضي سيدي محمد بير الأرواني..الخ
الفقرة الثالثة: ذكر لفظ السوق الوارد مقيداَ بالعلم
قلت: إنني حينما أتناول هذه الفقرة أتناولها، من باب مزيد الإيضاح، خاصة فيما بين لفظ السوق، ولفظ العلم من العلاقة المجازية، التي ساهمت بالاعتزاز إلى الانتساب إلى اسم مدينة السوق العلمية، لذا أردت أن أعزز الفقرتين السابقتين بثالثة تجري في مسارهما رافلة في تتبع آثارهما، عطاء غير مجذوذ من عجائب لغة القرآن الكريم، التي شرف الله قدر منزلتها، وجعل علم الدين والدنيا منوطا بفهمها، من معرفة ما اتفقت دلالات مبانيه، أو اختلفت ألفاظه ومعانيه. فإذا تقرر ذلك فإليك ما وعدناك ـ بإذن الله:
قال الذهبي ـ رحمه الله: ناقلاً قول ابن الأثير عن أحد الأعيان، في قوله: كان عالماً بعدة علوم فاضلاً ، نفق سوق العلم في أيامه. الخ
وقال القنوجي: الإشارة الرابعة: اختلاط علوم الأوائل والإسلام: على أن أكثرها مما لا تعلق له بالديانات ، إلى أن قال: فنفقت له سوق العلم وقامت دولة الحكمة في عصره وكذلك سائر الفنون. الخ
قال الإمام الذهبي ـ عند ترجمة أبي المظفر ابن الملك العادل ـ: وقال ابن مسدى كان محباً في الحديث وأهله حريصاً على حفظه ونقله، وللعلم عنده سوق قائمة على سوق الخ
وقال أبو الحسن الشنتمري، تحت ترجمة الشاعر عبد الجبار:

أهدي من القريض ما نمقته... إلى رئيس سيد أملته
تنفق سوق العلم في ذراه... مضمناً للبعض من حلاه
في كلم كلؤلؤ العقود... أنظم ما ضمنه المسعودي
. الخ
وقال الإمام ابن حزم، في معرض كلامه على نصاب زكاة الإبل، فقال بعد كلام له ما نصه: فيسهل عليهم إلاّ أنها لا تنفق في سوق العلم. الخ
المحور الثاني: تلميحات حول ما ورد منسوباً إلى لفظ السوق:
وفيه: فقرتان:
الفقرة الأولى: ذكر جملة من الأسماء المنسوبة إلى لفظة السوق:
قلت: إن بعض من قصر اطلاعه على كثير مما له وجه صحيح، وإطلاق فصيح، قد يستحسن من تلقاء ذوقياته الذاتية أمراً، ويستهجن غيره، فيعيب كل ما لا يصوغ له هو الصياغة التي يستحسنها هو من الألفاظ والعبارات، وما ليس كذلك مما ضربنا له المثال بما سبق في التلميح، خاصة إذا وقف على ما يتمشى مع نهجه الشاذ، فتجده حينما يتكلم بتلك المعلومة التي قد لا يعلم سواها مما جاء خلافها في تلك المسألة، فيظل متمسكاً بها على حد قول القائل: فإن القول ما قالت حزام.
ضارباً عما سواها صفحاً، فمن هذا قصدت تناول هذه الفقرة على ثلاثة أوجه.
الوجه الأول: بيان قولهم هذه عبارة سوقية، في معرض التقليل من شأنها فصاحة.
قال صاحب الوشي المرقوم، بعد كلام له حول فصاحة القول، قوله: وكذلك السوقي المبتذل بالتداول بالاستعمال فإنه ينزل بالكلام عن طبقة البلاغة. الخ
قلت: قولهم:هذه العبارة سوقية، هو إطلاق مجازي، ليس من الدلالات الوضعية، لأصل هذه العبارة. قال صاح المعجم الوسيط: ( السوقي ) المنسوب إلى السوق أو السوقة و يقال هذا الشيء سوقي غير جيد الصنع و هي سوقية ( محدثة ). الخ.
لذا انظر كيف عبر بقوله: ( محدثة ). أي ليس إطلاقها وضعياً على معنى الرداءة أصلاً، وإنما هو منقول عن تقسيم طبقة الناس إلى قسمين: الملوك، ومن دونهم.
على حد ما يلي: قال الفيومي: بعد كلام له عن السوق، قائلاً: والتذكير خطأ، لأنه قيل سوق نافقة، ولم يسمع: نافق بغير هاء. والنسبة إليها: سوقي، على لفظها.وقولهم:
رجل سوقة، ليس المراد أنه من أهل الأسواق كما تظنه العامة بل السوقة عند العرب: خلاف الملوك.
فبين نسوس الناس والأمر أمرنا إذا نحن فيهم سُوقة نتنصف. الخ
الوجه الثاني: أن عبارة السوقي ليس إطلاقها على المعنى الرديء دائماً على حد ما تقدم، وإنما تأتي ويراد بها الغاية في الحسن، مع عدم تسليم إطلاق الوجه الأول الدني أيضاً: قال أبو حاتم بعد كلام له منه، قوله : أن قوما غلطوا فقالوا للشيء المجود مُدهَمق واحتج بقوله:

إذا رأيت عملاً سوقياً مدهمق فادع له سلميا

فظنوا أن السوقي الرديء، قال: وأصحاب المرايا يعطون على جلاء المرآة فإن اشترطوا عملاً سوقياً أضعفوا الكرى، وهو أجود العمل.
ونختم هذه الفقرة، بهذا الحديث المرفوع، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ واصفاً فيه مشي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((كان يمشي مشياً يعرف فيه أنه ليس بعاجز ولا كسلان )). قال الألباني ـ رحمه الله ـ وله شاهد مرسل رواه ابن المبارك في ((الزهد)) أخبرنا أبو إسرائيل عن سيار أبي الحكم مرفوعاً، بلفظ: ((كان يمشي مشية السوقي ليس بعاجز ولا كسلان )).
وأبو إسرائيل اسمه إسماعيل بن خليفة صدوق سيئ الحفظ وبالجملة فالحديث عندي حسن بهذا الشاهد. الخ
هذا أمر جلي في عدم تلازم النسبة السوقية إلى معنى الرداءة اطراداً، لا وضعاً لغوياً، ولا استعمالاَ اصطلاحياً مطلقاً، فضلاً أن يتناول الانتساب إليه أي: السوق معنى الرداءة إذا أريد به الانتساب إلى المدن المسمية بـ(السوق).
الوجه الثالث: بيان ما يلتبس على من قصرت به أدوات البحث والتحرير والاطلاع بين ما جرى نسبة مكانية إلى السوق، وبين ما جرى نسبة إلى حرفة البيع والشراء في السوق بين أرباب الفنون والصناع، فإليك كشف اللثام عنه نقلاً وعقلاً ـ بإذن الله.
أما النقل فمنه قول أبي طالب المكي في قوله: وليتجنب هذا السوقي البيوع الفاسدة مثل بيع الضرر والخطر والمجهول. الخ
قلت: فهذه النسبة واضحة الدلالة لغة واصطلاحاً، وهي التي يرد كثيراً إطلاقها في كتب الفقه، ما بين بيان ما يتعلق بالبائع السوقي، وبين ما يتعلق به بذكر شيء من خوارم المروءة، من أكل في السوق بين الناس، ونحوه مما لا يليق بأهل المروءة، ومن صفاته غلبة الجهل عليه، والغفلة عما يتعلق بآخرته.
من ذلك قول أبي طالب المكي أيضاً، في قوله: ولا ينبغي للسوقي أن يشغله معاش الدنيا عن الآخرة، ولا تقطعه تجارة الدنيا عن تجارة الآخرة، ولا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة لأنه من الموقنين. الخ

يتبع


 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ


رد مع اقتباس