عرض مشاركة واحدة
قديم 03-24-2012, 11:38 AM   #8
مشرف منتدى الحوار الهادف


الصورة الرمزية أبوعبدالله
أبوعبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 05-09-2024 (10:07 AM)
 المشاركات : 1,676 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الشيخ أحمد الحسني الإغشري ــ بقلم العتيق بن عبد الله



الشكر والتقدير لشيخ المنتديات ومؤرخها السوقي الأسدي أسعدني مروك الكريم .
الــــــــــــرثـــــاء :
هو مدح الميت شعرا وذلك بتعداد سجاياه الطيبة وإظهار التوجع والحسرة عليه(1) ولم أقف على نموذج للشاعر من هذا الغرض ولكن جميع من روي عنه يصر على أن له قصائد في رثاء شيخه أبو بكر بن محمد الأمين المعروف بـ(آتوتا) وحماد بن محمد وأن طبيعة علاقته مع هذين الرجلين تلوم أن لا يبخل عليهما بأن يخلدهما بدرر من شعره,ويؤكد الشيخ عثمان بن أبا بكر السوقي أن جل شعر الشيخ قد ضاع وخاصة ما كان يراسل به أقرانه من أهل زمانه, وقد يكون موجودا في خزائن بعض قبائل السوقيين لكن لم أتمكن من الرحلة اليها(2) .
الفـــــــــــــخر :
هو التغني بالفضائل والمثل العليا والزهو بالفعال الطيبة(3) والفخر عند العالم أحمد بن سعد فخر رقيق, يتصف بالدقة والعذوبة والابتعاد عن رفع الذات فوق قدرها, كما يفعل بعض الشعراء, وكأن تواضع العالم يحول بينه وبين الإيغال في عمق بحر الفخر اللجي. وإن افتخر فإنه لا يفتخر إلا بالمسلمات من قيم الأخلاق وطيب الأفعال وما يتماشى مع تعاليم الإسلام, قف معي قليلا عند قوله :
إذا نحــن أحببنا فــــلله حبــنا
وان نحن أعرضنا فلله نعــرض

فلسنا نوالي المــرء إلا لأجله
فنرضى إذا يرضــى وإلا فنبغض

فتلك تليدة جرت في ظهورنا
فلا غزو إن النجل من فحله بعض(1)

وفي قصيدة أخرى يطلعنا العالم بأبيات جميلة يفتخر فيها بنصرة شيخه حماد قائلا :
فكيف السكوت وكيف الكرى
وكــيف المســرة والحبر

وشيخي يضـــــــــام بلا سبب
كما ضيم ذوا سفه أصغر

إلى أن قال :
فمرنا بما كنت تختـــاره
وما كنت في الأمر تأتمر

وإن قلت حربا نحاربهم
إلى آخــر الدهر لا نــزر

وإن قلت شدوا نشدد وإن
تقل قاتلـــــــوهم فلا ننكر

وإن قلت هجرا لساحتهم
فإنا لهــــــــــــم أبدا نهجر

وان قلت شعرا تسير به
رواحل في الأرض تنتشر(2)




الحــــــــنــــين:
يعد المكان وسيلة الإفصاح عن الشاعر الحزن والحنين والغربة وهو من العناصر المهمة التي تؤثر في حياة البشر,وجاء الاهتمام به مع بدء النهوض الاجتماعي والفكري للإنسان, ولا أظن هذا الاهتمام جاء عفو الخاطر دون دلالات إنتمائية ونفسية ووجدانية وجمالية وشعورا بالانتماء إلى الأرض(1) ولم يتعلق عالمنا بأي مكان تعلقه بأرض الحرمين لقد تعلق قلبه به وأحبه شديدا, ولقد حج أربع مرات(2) وفي إحدى زياراته لها توقف عند وداعه إياه, وتنفس الصعداء ورأى جبال تهامة تلوح أمامه شامخة, وتعلوها العزة والعظمة فودعها بقصيدة طنانة يقول فيها :
سلام عليكم يا جبال تهامــــــة
سلام وداد في سلام اشتياق

سلام عليكم يا جبال تهامــــــة
سلام رجاء في نظام ارتفاق

سلام عليكم يا جبال تهامــــــة
سلام وصال لا سلام افتراق

عليكم سلام الله من كل غدوة
سلاما به نحظى بعود التلاق(3)


هذا ما يتعلق بأغراض العالم القديمة, وفيما يلي نتلمس مظاهر التجديد, في الأغراض الجديدة عنده .

(6)


الشعر الـــــديني:
الشعر الديني هو : الشعر الإسلامي الذي جلا فيه شعراء أفريقيا أرواحهم ومشاعرهم نحو أحداث وشخصيات ومناسبات دينية, معبرين عن عواطفهم الخالصة ومتأثرين في نتاجهم بالقيم والمثل الإسلامية مثل إبداعهم الشعري في الحب الإلـهي وشعر النبويات, والتربية والتوجيه(1) عالمنا يعد من بين هؤلاء الشعراء الأفارقة ولقد أدلى بدلوه في هذا الغرض, وسخر جل شعره في خدمة قضايا دينه الحنيف, فنراه يضم صوته إلى هذه الأصوات الإفريقية بقصائد رنانة أجلى فيها مشاعره الخالصة في تضرع وخشوع إلى الله سبحانه وتعالى, ومن تلك القصائد ما سندرجه كأمثلة عن شعر المديح النبوي, وشعر الدعاء والابتهالات والوعظ و الإرشاد, إذ هذه كلها تندرج غالبا تحت ما يطلق عليه ( الشعر الديني ) .
المديح النبــــــوي :
شعر المديح النبوي هو ذلك الشعر الذي ينصب على مدح النبي صلى الله عليه وسلم بتعداد صفاته الخلقية والخلقية و إظهار الشوق لرؤيته وزيارات قبره والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته مع التركيز على معجزاته المادية والمعنوية ونظم سيرته شعرا, وهو لون من التعبير عن العواطف الدينية, باب من الأدب الرفيع لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص(2) .
وعالمنا قد أدلى بدلوه وشارك في تخليد النبي صلى الله عليه وسلم بشعره بقصائد رائعة أنتجتها عاطفة دينية صادقة مفعمة بالمحبة والإخلاص, بل لم تخل أية قصيدة من قصائده من الثناء على خير العباد محمد صلى الله عليه وسلم, وعادة ما يختم قصائده ببيتين أو ثلاثة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك قوله :
إمام المـــــــرسلين لنا إمام
بمزدحم محافل ناضرات

محمد المشفّـــــع في البرايا
هو المحمود من هنا وآت

عليه من المهيمن من صلاة
ألوف في ألوف زائدات(1)

ويقول في آخر قصيدة أخرى :
ومن حمدنا جند الصلاة يقوده
أمير السلام لا يعارضه النقض

على خير من حثت إليه ركائب الـــــــ
ـجنود بنصره ومن حبه فرض(2)

شعر الدعاء والابتهالات:
العالم أحمد بن سعد من تعلق قلبه بالله بل من الذين أفنوا حياتهم في طاعة الله, فالله عدتهم ووسيلتهم, وإليه مرجعهم في كل الأمور, ولقد سخر شعره للتعبير عن علاقته وصلته بربه, إنها علاقة عبد مملوك بمالكة, علاقة عبد ذليل بسيده, علاقة عبد حائر على شفير الهلاك بمنقذه, يهرع إلى بابه عند المصائب,ويلوذ إلى شكره عند انقضاء المصائب, ولقد عبر بشعره عن هذه العلاقة في أكثر من نازلة تنزل به أو بقومه أو بأرضه من تأخر سقوط الأمطار, أو جفاف البلاد, أو زحف الجراد على المزارع, وما أشبه, ومن ذلك قوله :
يا مــن تصاريف الأمـــور بكفه
صال الجراد وأنت مالك كفه

ساءت ظنون الناس مما أصبحوا
ج فيه من اظلال الغمــــام وخلفه

و تحارق الأرواح ترتشف الثرى
فندى السحائب كالطريد لشفه(3)

ومنه قوله :
يامن يرى ما في الضمير ويسمع
لنداء مكتئب لضـــر يهزع

يا كاشـــــف الضراء من إفضاله
ويذود حادثة الدواهي ويدفع

ويجود بالمعروف مــــن إحسانه
ويحل عقــــــد شدائد تتنوع

إلى أن قال :
يا خــــالقي يا مالــــكي يا رازقي
فمن الذي هذي الشدائد يرفع

والقصيدة سأوردها إن شاء الله في المختارات(1) .
الخصائص الفنية في شعره :
أولا: الموروث الديني:
القرآن الكريم :
يبدو الطابع الديني الإسلامي واضحا في شعر الشيخ أحمد بن سعد, فلقد تأثر لفظا ومعنى بالموروث الديني لديه , فمعانيه معان دينية بحتة, وألفاظه ألفاظ إسلامية واضحة, وإذا أعدنا النظر فيه نجد كثيرا من المقتبسات من القرآن الكريم , ففي قولة مثلا :
ولا عيب فيه سوى أنه
ليـــــــوم القيامة يدّكر

نجد كلمة ( يدّكر) مقتبسة من قوله تعالى } فهل من مدّكر{ (2) .
وقوله :
ولا عيب فيه سوى أنه
ينادي الأنام ألا فاذكروا

مقتبس من قوله تعالى } فأذكروا آلآء الله ولا تسعوا في الأرض مفسدين{ (3) إلى غير ذلك
من الكلمات المقتبسة من القاموس القرآني مثل العرش والكرسي والنبوة .
الســـــــــــــــنة :
شعر أحمد بن سعد مليء بالكلمات المقتبسة من السنة المحمدية ، والسيرة النبوية مثل قوله :
يا حي يا قيـــوم يا ودود
يا بر يا وكيل يا حمــــيد

ويا حكيم يا عليم يا علي
ويا عظيم يا حفيظ يا ولي(1)


ثانيا : الموروث الأدبي:
إننا إذا تناولنا شعر الشاعر أحمد بن سعد بالدراسة و بالتفصيل ندرك بيقين أنه يمتلك موروثا أدبيا لا بأس به, ونلاحظ في شعره أنه مطلع على آداب زمنه, وأدل دليل اهتمامه بالتصريع في مطالع قصائده, ونراه يقلد الشعراء الأقدمين في افتتاح القصيدة بمقدمة غزلية رنانة بل تعدى ذلك إلى تقليد الشعراء الجاهليين في التغزل بالمرأة ووصف جمالها ,ووصف الرحلة على الناقة التي توصله ديار المحبوبة, يقول في إحدى قصائده بعد وصف محبوبته, ووصف جمالها وتشبيهها بالبقرة الوحشية :
وهــــــــل يبلغني منزلها
إذا رمتـها السلقم الأحمر

أو السير فوق مطا جسرة
أمـــــــون تروح وتبتكر

جمالية عــــــــــريت سنة
ووجناه لم يغشها الدبر(2)

ولا شك في أن العالم قد تأثر بأسلوب المعلقات, وخاصة أمرؤ القيس معلقته ( قفا ) .

ثالثا : المستوى البلاغي:
يتميز الأسلوب الشعري باستخدامه أشكالا من التعبير المخيل لإيصال الأفكار والعواطف, وذلك من خلال الإيحاء بها عن طريق التصور, وهذا أشار إليه الجاحظ بقولة:} فإنما الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من التصوير {(1) ,وإذا تناولنا شعر الشيخ بالدراسة والتفصيل ووضعناه فوق بساط البحث والتفتيش, ووزناه بالميزان البلاغي فإنا نلتقي من خلال الجولة في ربوعه اليانعة بعدة صور بلاغية بليغة يمكننا من خلال إعادة النظرة فيها أن نقيس بها المستوى البلاغي لشعر هذا الشاعر, فلننطلق معا في جولة في ربوعه .
الصور التشبيهية :
إن الصورة التشبيهية هي الأكثر بروزا على ساحة على شعر شيخنا, ومن صوره التشبيهية على سبيل المثال لا الحصر قوله :
تصد بجيد كجيد رشا
خذول تنبه ينزعر

ويقول في مكان آخر في أحد ممدوحيه :
وبحر تفجر من جنبه
بحار وأودية نهر(2)

لأنه شبهه في العلم بالبحر, وشبه تلامذته بالأودية, إنه تشبه بليغ جدا.
الصيغ الاستعارية :
إن العالم يأتي بالصور الاستعارية ليضفي جمالا على المعاني التي يسوقها يقول :
يا رب بالسبع المثاني وسرها
جد بالحيا يا من إليه المرجع

يحيى به كل الوجود جميعه
يا من إليه في الشكايا المرجع(3)

يأتـي هنا باستعارة مكنية, حيث استعمل كلمة ( الحيا ) يريد بها المطر, وهذه الاستعارة في غاية الروعة والجمال, وفي بيت آخر يقول:
واسق بلادك غير مفسدها حيا
تحيـــى به في مأمن وتعطر


جــــ ــــــ الصيغ الكنائية :
منها قوله :
رد الإله الشاردين عليك يا
كنـــــز العفاة ومأمن المتحذر

كتب الإله سعادة وسلامــة
تعلو بها فوق النجوم الزهر(1)


رابعا : المستوى الإيقاعي :
لا شك في أن إيصال المعنى لا يتم عبر الألفاظ فقط, بل هناك ما يزيد في الإيصال حلاوة ونغما, فالموسيقى المنبعثة وخاصة في الشعر من خلال البحور والأوزان تساهم بقدر كبير في عملية الإيصال والتعبير, فقد يكون المعنى الذي يتحدث عنها الشاعر بليغا وعميقا لكنه لا يلبسه الثوب الرقيق الناعم القادر على إظهار ذلك المعنى بأجمل الحلل من الألفاظ والأوزان(2) والصوت آلة اللفظ, وأول أثر يتركه الشعر في الملتقي هو أثر سمعي, وتوالي المقاطع وخضوعها لتركيب خاص وتردد القوافي وتكرارها كلها تعمل مجتمعة لخلق إيقاع ميز الشعر عن النثر(3)


الــــــــــــــــــــــوزن :
تكمن موسيقى الشعر العربي في بحوره وقوافيه ويعد الوزن أهم من أهم عناصره الموسيقية التي تمكن الكلمات من أن يؤثر بعضها في البعض الآخر على أكبر نطاق ممكن(1) ومن خلال تقصي الحقائق ودراسة شعر العالم أحمد بن سعد وجدت أنه يميل إلى الأوزان الطويلة النفس من الطويل , والكامل ,والبسيط والخفيف, والمتقارب, والوافر, والرجز,
القافـــــــــــــية :
تشكّل القافية جزءا مهما من موسيقى الشعر العربي, وتكرارها في خواتم الأبيات هو ما يضفي على القصيدة وحدة نغمية, وأهميتها تكمن في ما تضفيه من إيقاع نغمي متكرر, وهذا الإيقاع المتكرر يوحي بعدة أشياء, ويعمق الإيحاءات, وتكاد توجد رابطة صناعية بين العبارات التي تتخللها, فبدونها تتشتت هذه العبارات وتتباعد(2) ومن خلال تقصي قوافي الشيخ أحمد بن سعد نجد أن القافية المطلقة هي الغالب في شعره من حيث كثرة الاستعمال, ومن أمثلة ذلك قوله:
قواك ربي يا رئيس النيجر
ووقاك شر عذاب يوم المحشر(3)

وقوله :
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
يا مــــــــــــــن إليه المشتكي والمفزع(4)



 
 توقيع : أبوعبدالله


العقول العظيمه تناقش الافكار , والعقول المتوسطه تناقش الاحداث , والعقول الصغيره تناقش الاشخاص



رد مع اقتباس