عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2009, 10:23 PM   #2
مراقب عام القسم الأدبي


الصورة الرمزية السوقي الخرجي
السوقي الخرجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 06-03-2016 (12:32 AM)
 المشاركات : 780 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الطائرة في شعر السوقيين (2).






وهنا نصل إلى محطة أخرى من محطات وصف الطائرة في شعر السوقيين, وعلى ضيافة مائدة الشيخ الشاعر محمد إغلس الإدريسي السوقي,الأدبية,

طوينا جبابيرالهوا طرف طـارف === طوى جامع بين التليد وطارف
طغينا على طاغيه حتى كأننــا === إلى الملإ الأعلى لدرك المعارف
على جهوري من حديد محرك === بأربعة مكهربات المطــارف
فعما قليل نمتطي كاهل المنــى === فنصرف فيه مانشا جد صارف
يشق العنان جامحا بعنــــانه === مصيخا لواش للاذاعة عـارف
إذا حثحثت خلت الهزيز أرازما === فيشكوالنوى التطفيف من غيرقارف
فكم فدفد حزناوكم من مهامـه === بدون عنا بل في الهنا والمتارف
كأن مناكب المهاد بأسرهــا === على قدرهاالمرموز وسط الجغارف


نتائج أفكارأثرن بدائعـــا === من الكون لم يظفر بها فكر عارف
نلخص بعض أفكار الأبيات بنا يلي:
  1. إعلان الثورة على جبروت الفضاء واستباحة حماه بواسطة هذه الطائرة.
  2. أنهم نفذوا بهذا السلطان وتجاوزوا المدى العادي في الطيران في الهواء حتى كأنهم ليسوا في رحلة من مطارإلى مطار وإنما من العالم السفلي إلى العلوي لدرك المعارف والعلوم, وفي هذاإشارة ضمنية من الشيخ الشاعر إلى حادثة الإسراء والمعراج.
  3. استدرك الشاعر ليبين أن رحلتهم ليست على البراق وإنماعلى جهوري من حديد وكهرباء.
  4. إشارة من الشاعر إلى الاتصالات التي تجري بين ملاح الطائرة وأبراج المراقبة او عبرالرادار.
  5. ذكر هنا أن الطائرة متى شقت عنان السماء وحثحثها الطيار فإن النوى ساعتئذ يشتكي من التطفيف من غيرأن يكون هناك مذنب يعني شكاية التطفيف في الطائرة ليست مثل التطفيف في الكيل.
6- أن صناعة الطائرات من نتائج روائع الفكرالتي لم يسبق إليها فتستحق الإشادة والتنويه بها بدلا من التخويف والتقليل من أهميتها.
7- إشارة إلى الخرائط التي يستدل بها الطيار.
نلاحظ أن الشيخ الشاعر محمد إغلس الإدريسي السوقي حاول من خلال هذه الأبيات أن يجمع أسرابا من الألفاظ الجزلة, والكلمات ذات الدلالات الواسعة, لتتناغم وتتعانق في رحلة خيالية استباحت مجال الجو, وطغت على جبروته, وحلت منه موقعا لم يكن حل من قبل ولم يكن هائما منقادا وراء عبارات شعرية سابغة الذيول يجرجرها لإثارة الغبار فحسب .
بل كان يتعمد في هذه الأبيات استعمال هذه الألفاظ القوية, وكأنه يريد أن يكون صوت التحدي فيها بارزا ومجلجلا, وفكرة الثورة على الناقة والهواء فيها حاضرة.
ويتملكك العجب حينما ترى الشاعر إغلس ينتقل من الحديث بالطائرة وأصواتها التي تشبه صوت الرعود ليدخل بخياله قمرة القيادة, ويتحدث عن علم الجغرافيا, وعن الخرائط التي أصبحت شيئا ذا أهمية بالغة في حياة الإنسان اليوم فبها يحدد سيره في الجو والبحر وبدونها لا يقدر على إعطاء صورة عن الأرض فاسمعه وهو يقول:
كأن مناكب المهاد بأسرهــا == على قدرها المرموز وسط الجغارف
ثم يختم بالتنويه بهذا العقل البشري الذي أثار في الكون هذه البدائع ويلاحظ من الشعراء والأدباء السوقيين أنهم استقبلوا هذه التكنلوجيا بعقول المفكرين لابنظرة الفقهاء العاديين المقلدين فهل تلاحظ معي أنه في الوقت الذي يرى بعض العلماء في المغرب أو في المشرق أن هذه الوسائل ضرب من السحر وتسور المحراب على ستور الغيب تجد الشعراء السوقيين في كبد الصحراء يقول أحدهم.
نتائج أفكار أثرن بدائعا == من الكون لم يظفر بها فكر عارف
ولنقتطف الآن من حديقة الشيخ الشاعر الحنذيذ محمد بن تان الأنصاري السوقي الوديقة فقد انتحى منحى آخر فأنت تلاحظ أن هولاء العلماء الشعراء كانوا على قدر كبير من النضوج العلمي والفكري وتجد ان كل واحد له طريقته في الجواب وله أسلوبه في لإقناع مما يدل على أنهم ليسوا نسخا مكررة في طريقة اجوبتهم ولم يكونوا يترددون في حوافر غيرهم من العلماء الذين بحثوا في الموضوع قبلهم بل تجد أن كل واحد منهم أمة لوحده يضرب المعاني والأفكار في عملته الخاصة, ويرمي فكره العلمي بأثقاله بكل قوة واقتدار حيث نجد أن إغلس أشارإلى حادثة البراق في حين تجد محمد بن تان وحمدا بن حادي يشيران ويتحدثان عن الريح مما يعطي دلالة ولو من بعيد على أن الله سخر لهذه الأمة الطائرة كما سخر لسليمان الريح.
بدأ الشيخ الشاعر محمد بالحديث عن الطائرة كما لو أنها خل ودود بعد المزار بينه وبين الشاعر حتى تمت اللقيا بينهما فجأة فلم يملك إلاأ ن يرفع عقيرته, ويعتلي متن قريحة مطواعة, وخيال خصب, ويذكر لمساجله الكنتي محاسن الطائرة وكل ذلك بواسطة ملاطفة أدبية جميلة, حيث إنه مزج بين ذكر محاسن الطائرة وفوائد ركوبها وبين دغدغة مشاعر الحجيج ودعوتهم بعدم اعتبار قول المخالف بأسلوب رائع خلاب واسمعه وهويقول:
تهوي بهم هل ركبت الريح عاصفة == شبه العقاب بلا ريش ولازعب
تأبى الكلال ولاتخشى الملام إذا == أدت إليك هدير الفحل في اللجب
ماذا رزأتم به الطيار وهي لكم == جوف الفرا صيده الإسعاف بالطلب
ماذنبها وعلام ذمهاومتــــــى == ذمت على حرن بالركب أوحرب
ألم تكن وصلة إلى الحبيب على == بعد المزار وقرباكم إلى القرب
ألم تكن رقية المشتاق إن هتفت == بالغرب وقت الضحى فالعصر في حلب
ألم تكن غنية المحتاج حيث رمت == يوما به غرضا أغنته بالجلــــــب
زاحمت فيها وكم مازحت موكبها == بمنكبي فتنكبنا عـــــــــن النكـــب
شوس إذاركبوا شعث إذانزلوا == كأنما نتقت أم لهــــــــــــــم لأب
في فتية من دهاة الروم تخدمنا == وفق المنى وهم في الرأس والذنب
قالوا لنا(جدة) أقصى الهبوب بكم == ثم التدلي فهذي جدة العـــــــــرب
والحال ناطقة إذذاك قائلة == من لايرى حمدكم غب السرى فغب
. تلخيص بعض أفكار الأبيات السابقة
1-السلم البياني للأبيات يكاد يقطر جمالا وروعة والألفاظ جزلة أخاذة.
2- إشارة بديعة واستعارة مكنية سر جمالها تشبيهه الطائرة بالريح للبرهنة على أن الطائرة مثل الريح في سرعتها وخفتها أولعل الشاعر أشارإلى أنها سخرت لهم كما سخر الريح لسليمان عليه السلام.
3- شبه الطائرة بالعقاب والهدف من ذلك التجسيد والتشخيص وتقريب الصورة وتقوية المعنى عند السامع.
4- أنها مطية مختلفة عن المطايا المعهودة فهى لاتخشى التعب وشبه صوتها بهدير الفحل وهي استعارة مكنية فيها تشخيص يوحي بالقوة والاعتزاز.
5- صال وجال في إبطال حجج الخصم بتصوير الحاج على أنه عاشق والعاشق لايرده شيء في سبيل الوصول إلى مرامه وغرضه في أسلوب جميل ابتعد فيه الشاعر عن الرتابة المملة.
وهنا نقف مع العلم بأن هذا ليس تحليلا لهذا الشعر حيث إنني لست ناقدا وإنا أميل دائما إلى الشق الثاني من النقد وهو الذوق,جنوحا مني إلى رأي بعض الأدباء والذين قسموا النقد إلى ذوق حر وعلم مقيد بمعطياته وقواعده والرجاء من الأعضاء الزيادة على هذه الخواطر ما أمكن وأنا على يقين بأن اختيار موضوع محدد من الأدب والحديث عنه أفضل عندي من التعامل مع المطولات لأننا في عصرالاختصار.


 
 توقيع : السوقي الخرجي

غــدا أحلـــــــى .. لاياس ... لاحزن.. لا قنوط من رحمة الله.نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 02-12-2014 الساعة 11:58 AM

رد مع اقتباس