عرض مشاركة واحدة
قديم 04-13-2010, 06:44 AM   #15


الصورة الرمزية اليعقوبي
اليعقوبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 46
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-20-2020 (12:54 AM)
 المشاركات : 668 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: همسات لكتاب تاريخ وأدب السوقيين (الأخير)



11) )
فإن كانت الهمسات تناولت لمس كساء المبالغات، فلتبينه أيضاً بالتفصيل، لأن باب المبالغة أشبع أقوالاً للعلماء بين مجيز ومانع، من ذلك ما قاله أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني ـ رحمه الله:

باب المبالغة:
وهي ضروب كثيرة، والناس فيها مختلفون، منهم من يؤثرها، ويقول بتفضيلها، ويراها الغاية القصوى في الجودة..
ومنهم من يعيبها، وينكرها، ويراها عيا وهجنة في الكلام..
فأما الغلو فهو الذي ينكره من ينكر المبالغة من سائر أنواعها، ويقع فيه الخلاف، لا ما سواه مما بينت، ولو بطلت المبالغة كلها، وعيبت لبطل التشبيه، وعيبت الاستعارة، إلى كثير من محاسن الكلام.
كتاب: العمدة في صناعة الشعر ونقده. 2/658-661. ط: مكتبة الخانجي ـ القاهرة. )
أما هذا فتحت أمرك يا مولاي


:

أما المبالغة فهي نوعان مبالغة اصطلاحية ولغوية فالاصطلاحية في عرف البلاغيين منها الإيغال والغلو


.. وغيرها ومن أمثلتها قول الشاعر: حتى لتخافك النطف التي لم تخلق. وهي أخص من المبالغة اللغوية.

والمبالغة التي ذكرها ابن رشيق هي الاصطلاحية ولم يبحثها من حيث الموضوعية ولا من حيث المنهجية ولا من حيث الشرع بل بحثها من الناحية البلاغية والهمسات بعيدة عن هذا المنحى


.

ثم إنكم ذكرتم أن باب المبالغة أشبع أقوالا للعلماء الخ ثم مثلتم بابن رشيق، وهذا فيه أربع منفيات


:

الأولى


: لم يكن باب المبالغة أشبع أقوالا للعلماء إلا أن يعاد صوغ العبارة..

الثانية


: لم يكن ابن رشيق معدودا من العلماء وإنما هو أديب ذكر عن نفسه في عمدته أنه رقيق الدين.

الثالثة


: لم يمنع ولم يجز المبالغة وإنما يتكلم عن الذوق الأدبي ولم ينقل عن العلماء وإنما عزا إلى الناس وهو عموم أريد به خصوص الأدباء كما لا يخفى.

الرابعة


: ابن رشيق لا يتحدث عن المبالغة اللغوية إنما يتحدث عن المبالغة الاصطلاحية البلاغية.

ثم إني رجعت إلى العمدة فرأيت أنك حذت من كلامه ما هو حجة لك مبالغة في الاختصار وها أنا ألصق كل كلامه وأنبه على ما حذف وما فيه من الحجة عليكم


:

قال


: (وهي ضروب كثيرة. والناس فيها مختلفون: منهم من يؤثرها، ويقول بتفضيلها، ويراها الغاية القصوى في الجودة، وذلك مشهور من مذهب نابغة بني ذبيان، وهو القائل: أشعر الناس من استجيد كذبه، وضحك من رديئه، هكذا أعرفه، ورأيت بخط جماعة منهم عبد الكريم والباغي من استجيد جيده ومطابقه وضحك من رديئه. وروى قوم من حديث النابغة ومطالبته حسان ابن ثابت بالمبالغة ونسبته إياه إلى التقصير في قوله:

لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى


... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

ما هو مشهور عندهم مشهور في كتبهم


.

ومنهم من يعيبها وينكرها، ويراها عياً وهجنة في الكلام،


قال بعض الحذاق بنقد الشعر: المبالغة ربما أحالت المعنى، ولبسته على السامع؛ فليست لذلك من أحسن الكلام ولا أفخره، لأنها لا تقع موقع القبول كما يقع الاقتصاد وما قاربه؛ لأنه ينبغي أن يكون من أهم أغراض الشاعر والمتكلم أيضاً الإبانة والإفصاح، وتقريب المعنى على السامع؛ فإن العرب إنما فضلت بالبيان والفصاحة، وحلا منطقها في الصدور وقبلته النفوس لأساليب حسنة، وإشارات لطيفة، تكسبه بياناً وتصوره في القلوب تصويراً، ولو كان الشعر هو المبالغة لكانت الحاضرة والمحدثون أشعر من القدماء، وقد رأيناهم احتالوا للكلام حتى قربوه من فهم السامع بالاستعارات والمجازات التي استعملوها، وبالتشكك في الشبهين، كما قال ذو الرمة:

فيا ظبية الوعساء بين جلاجل


... وبين النقا أنت أم أم سالم

فلو أنه قال أنت أم سالم على نفي الشك بل لو قال


" أنت أحسن من الظبية " لما حل من القلوب محل التشكك. وكما قال جرير:

فإنك لو رأيت عبيد نسيمٍ


... وتيماً قلت: أيهم العبيد

فلو قال


" عبيدهم " أو " خير منهم " لما ظن به الصدق، فاحتال في تقريب المشابهة؛ لأن في قربها لطافة تقع في القلوب وتدعو إلى التصديق.

وكذلك قول أبي النجم يصف عرق الخيل


:

كأنه من عرقٍ يسربله


... ككرسف النداف لولا بلله

فإنه لو قال


" إنه الكرسف " لم يكن في حسن هذا؛ لأنه يشهد بتقارب الشبهين إلى أن وقع في الشك.. والمبالغة في صناعة الشعر كالاستراحة من الشاعر إذا أعياه إيراد معنى حسن بالغ فيشغل الأسماع بما هو محال، ويهول مع ذلك على السامعين، وإنما يقصدها من ليس بمتمكن من محاسن الكلام أن تمكنه، ولا يتعذر عليه، وتنجذب كلما أرادها إليه، انقضى كلامه.

وفيه كفاية وبلاغ، إلا أنه فيما يظهر من فحواه لم يرد إلا ما كان فيه بعد، وليس كل مبالغة كذلك، ألا ترى أن التتميم إذا طلبت حقيقته كان ضرباً من المبالغة وإن ظهر أنه من أنواع الحشو المستحسن، وقد مر ذكره


. وكذلك ما ناسب قول ابن المعتز يصف خيلاً:

صببنا عليها ظالمين سياطنا


... وطارت بها أيدٍ سراع وأرجل

وهذا عند جميع الناس من باب الحشو، وهو عندي مبالغة، وكذلك الإيغال، وسيرد في بابه إن شاء الله


.

فمن أحسن المبالغة وأغربها عند الحذاق


: التقصي، وهو بلوغ الشاعر أقصى ما يمكن من وصف الشيء، كقول عمرو بن الأيهم التغلبي:

ونكرم جارنا ما دام فينا


... ونتبعه الكرامة حيث كانا

فتقصى بما يمكن أن يقدر عليه فتعاطاه ووصف به قومه


.

ومن أغربها أيضاً ترادف الصفات، وفي ذلك تهويل مع صحة لفظ لا تحيل معنى، كقول الله تعالى


: " أو كظلمات في بحر لجىً يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعضٍ ".

فأما الغلو فهو الذي ينكره من ينكر المبالغة من سائر أنواعها، ويقع فيه الاختلاف لا ما سواه مما بينت، ولو بطلت المبالغة كلها وعيبت لبطل التشبيه وعيبت الاستعارة، إلى كثير من محاسن الكلام


.

فمما حذف وهو الذي لونته بالأحمر


:

الحذفة الأولى


:

ما يدل على أن من العلماء القائلين بجواز المبالغة النابغة الذبياني المالكي


!! السوقي!!

أن هذا السوقي المالكي الذبياني ممن يمشي على قادة أعذب الشعر أكذبه


.

هذا المحذوف نص في أن الحديث عن المبالغة في الشعر


.

من أعظم الفوائد يا عمي أداس في هذا المحذوف أني أشعر الناس حيث قلتُ واستجدته


:

ثم القصور تخالها الصخور ولا


***رمل هنالك إلا المسك ينهال

وقال الأدرعي


:

ما معناه أن النجوم تقبل ثرى السوق، وأن المرآة لا تستطيع أن تعكس شعره


...

الحذفة الثانية


: وفيها وصف المبالغة بصفات لو اطلعت عليها لأودعتها الهمسات وتراجعت عن بيتي السابق ولعل الأدباء يتدخلون فينقذون الموقف، ومن هذه الأوصاف:

1)


أنها تحيل المعنى وتلبسه على السامع.

2)


أنها ليست من أحسن الكلام وأفخره.

3)


أن ما لا مبالغة فيه أكثر قبولا مما فيه مبالغة.

4)


أنها مذهب المحدثين والمولدين وليست من مذاهب العرب الأقدمين.

5)


أنها من العي الذي يلجأ إليه من لم يستطع إيراد معنى حسن.

6)


أنها لا يقصدها إلا غير المتمكن من محاسن الكلام.

هذا كله في ذم المبالغة في الشعر فكيف الأمر في المبالغة فكيف في التاريخ الذي أصله نقل الوقائع


.

7)


أن هذا الكلام المحذوف يرتضيه ابن رشيق ويحمله على بعض أنواع المبالغة.

8)


أن للمبالغة أنواعا منها: التتميم والحشو والتقصي وترادف الصفات، وهذا كله يدل على هذه المبالغة عرفية لا ينبغي تعميمها.

12)


قلتم: ( قلت: وما زال العلماء سلفاً وخلفاً يتناولون ضروباً من محاسن الكلام، من ذلك هذا النقل المقول فيه: وقد سمعت عليّ بن محمد بن مهْرُوَيه يقول : سمعت هارون بن هزاري يقول : سمعت سفيان بن عُيَيْنة يقول :مَن أحبَّ أن ينظرَ إلى رجلٍ خُلقَ من الذَّهب والمسك فليَنْظُر إلى الخليل بن أحمد[ المزهر في علوم اللغة وأنواعها - السيوطي)

متى كان البحث في ضروب محاسن الكلام؟؟؟
وأما النقل المذكور فلا يثبت بهذا الإسناد فإن السيوطي قطعا لم يسمع ابن مهرويه بينهما أربعة قرون على الأقل، فلا نعلق عليه حتى يثبت، فهو هكذا غير ثابت بهذا الإسناد


.

ثم إني لم أرد المشاغبة فنظرت في المزهر فإذا الكلام بين عدة نقول عن ابن فارس في فقه اللغة ثم رجعت إلى فقه اللغة لابن فارس فجدت إسناده كما هو


:

وعليه فسأجيب الشيخ على إيراده لهذا الكلام ولن أشغب عليه


.

والجواب عنه يتم


.

فأما المترجم فأترجمه ترجمة سردية أنقل فيها بعض ما قيل فيه


:

-


قال له أحد معاصريه العلماء: (ما رأيت أحدا يطلب إليه ما عنده أشد تواضعا منك يا خليل بن أحمد لا بن عون ولا غيره)

ومما وصفه به مترجموه


:

-


كان من خيار عباد الله المتقشفين في العبادة.

-


وقد كان الخليل رجلا صالحا عاقلا وقورا كاملا وكان متقللا من الدنيا جدا صبورا على خشونة العيش وضيقه، وكان يقول لا يجاوز همي ما وراء بابي وكان ظريفا حسن الخلق

-


وقد كان الغاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس فيه وهو أول من استخرج العروض وحصر أشعار العرب بها وعمل أول كتاب العين المعروف المشهور الذي به يتهيأ ضبط اللغة.

-


وكان من الزهاد في الدنيا والمنقطعين إلى العلم.

-


كان إماما كبير القدر في لسان العرب خيرا متواضعا فيه زهد وتعفف.

-


وكان رأسا في لسان العرب، دينا، ورعا، قانعا، متواضعا، كبير الشأن.

-


وهو معدود في الزهاد، كان يقول: إني لأغلق علي بابي، فما يجاوزه همي.

-


كان إذا أفاد إنسانا شيئا، لم يره بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئا، أراه بأنه استفاد منه.

(


ينظر: الثقات لابن حبان - (8 /230) تهذيب الكمال - (8 /327) العبر في خبر من غبر - (1 /268) البداية والنهاية - (10 / 161)أخبار النحويين - (1 /5) )

أما معنى العبارة فهي من العبارات التي لا يمكن أن يتصور عاقل أن ظاهرها مراد؛ لأننا من المعلوم أن سفيان يعرف مم خلق الفراهيدي، فمعنى العبارة كناية عن حسن خلقه وطيب ذكره ونشره بين الناس


.

وهذا ليس مبالغة في الخليل بن أحمد


.

ثم إن العبارة قد صدرتها بأمر عظيم


: قلت وما زال العلماء سلفا وخلفا الخ هذا كلام عظيم لم تستدل عليه إلا بدليل واحد ولم تنقل فيه عن إمام معتبر فما هو إلا تهويل بذكر العلماء وطباق وجناس بذكر السلف والخلف.

13)


قلتم: (قلت: وباب المبالغة أيضاً ليس منحصراً في كتاب التاريخ والأدب، بل يعم حكمه من يتناول المنثور والمنظوم على حد سواء، والمعنى في بطن الشاعر.)

أما مقولكم فلم أفهمه، وأما المعنى في بطن الشاعر فنكتة عامية يقولها المتكلم عند عيه وأن أقول لك


: ههههههههههههههههههه

14)


قلتم(قال العلامة المناوي: عند شرحه حديث: إن من البيان سحرا.. وإن من الشعر حكما..

فقال ما نصه: فأشار إلى أن الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح، وكل كلام ذو وجهين بحسب المقاصد.. فيض القدير..2/525.ط: دار المعرفة.)
هذا نص عبارة المناوي


: في فيض القدير(2 /525)

(


وإن من الشعر حكما ) أكد هنا وفيما مر بأن في بعض الروايات باللام أيضا ردا على من أطلق كراهة الشعر فأشار إلى أن الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح وكل كلام ذو وجهين يختلف بحسب المقاصد)

وسقطت يختلف وفيها فائدة في تأصيل أن الكلام التاريخي ينبغي أن يكون ذا وجه واحد لأن اختلاف مقاصد الكلام يجعل قائله هو أبوه الوحيد كالشعر الرمزي


.

وبعدم وجودها تصح دليلا لبعض مذاهب الشيخ التي ساقها من أجلها لكن المصيبة أني رجعت إلى أصوله فجزاني الله عن الموضوعية خيرا لوكنت أعلم هذه الحذفات لأضفتها في الهمسات


.

وختاما أوافقك على خاتمتك فها أنا ألصقها كما زبرجتها


(لذا فالأمر كما قلتَ وأوافقك عليه: إن القراء أذكى بكثير مما يتصوره الكاتب..

فختاماً إنه من أراد أن يعوم في بحر الإيغال والإيهام، في أعرض الآخرين، فإنه سيقتحم بابا حرمه شرعنا المطهر، وزجر عنه..
وليلعم أن الأمر كما قاله الإمام الشافعي:
فمن رآني بعين نقص رأيته بالتي رآني.
فالحمد لله على ما من علينا من مننه التي لا تعد وتحصى قديماً وحديثاً، فمن يتكلم فليتكلم في حدود النصيحة إن ظهر له من أخيه ما يوجب النصيحة.
على الوجه الذي قيل لمبصر شمسه: فعلى مثلها فاشهد.
فليظهرها لأخيه بيضاء نقية.
وإنني لم أزل أكرر الأثر المشهور: رحم الله من أهدى إلي عيبي..
ولله الحمد لقد قابلنا نصائح قددا بالشكر والتقدير، علماً أني لي مستندي فيما أورده، ومع ذلك أتقبلها، لا تقبل إمعة، بل أضعها في سجل البحث بين مصادري، وبين مصدر من أهداها إليّ، فمتى ظهر لي رجحان الراجحة، قبلت الحق، والحق أحق أن يتبع.
فما أحسن قول من قال: لأن أكون ذنباً في الحق أحب إليّ من أكون رأساً في الباطل )


 
 توقيع : اليعقوبي

[align=center]قال تعالى: { وَقـُلْ لِعِبَادِي يَقـُولوا التي هِيَ أَحْسَنُ } (أي يقل بعضهم لبعض على اختلاف مراتبهم ومنازلهم ـ التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.{ إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيـْنَهُمْ } أي يهيج الشر، ويلقي العداوة ،ويسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم ـ بسوء محاورة بعضهم بعضا.{إِنَّ الشَّيْطَانَ كانَ لِلإِنسَانِ}أي كان لآدم وذريته{ عَـدُوّاً مُبِيناً}أي ظاهر العداوة ).

صفحتي في الفيس بوك
https://www.facebook.com/nafeansari

التعديل الأخير تم بواسطة اليعقوبي ; 04-13-2010 الساعة 06:48 AM

رد مع اقتباس