عرض مشاركة واحدة
قديم 04-28-2009, 12:33 AM   #4


منهج السلف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 65
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 05-28-2009 (06:03 PM)
 المشاركات : 7 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي إياكم ومحدثات الأمور: مناقشات وتوضيحات



الفاضل اليعقوبي – تحياتي وبعد
فقد كان الظن بأمثالك من النبهاء أن يقفوا على الموضوع ويتفاعلوا معه.. وكل إناء بما فيه يرشح.
.................................................. ..................................

أما النقطة الأولى التي سألت عنها:
فظاهر الحديث أنه بلفظ عام يشمل كل من كانت هذه صفته: (راشد – مهدي).
والنصوص والتاريخ يبينان الفترة التي تذكر وتنعت بأنها (عصر الخلفاء الراشدين) فهم أولى الناس بهذا الوصف. ولكن هذا لا يمنع أن يدخل معهم من كان على مثل صفتهم كل بحسب حاله وعلى قدر زمانه. فلا مانع أن يدخل معهم في هذه الصفة (عمر بن عبد العزيز رحمه الله) وكذلك ما يكون في آخر الزمان كما ورد في الحديث: "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة".
وعلى كل حال فهذا بحث نظري قد تخفى فائدته العملية الآن، ولا يضر هذا ما دام الأمر يعود إلى آخية الكتاب والسنة؛ فكما لا يخفى على ذي لب أنه حتى لو جاء من يجدد لهذه الأمة أمر دينها فلا بد أن ينقسم الناس في شأنه كما هي العادة: إلى موافق مبهور مسارع، ومخالف متردد متشكك.
وعليه فلا مناص من الاحتكام إلى (الكتاب والسنة) بالمعايير المنضبطة والمقررة عند أهل السنة والاتباع. ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)[النساء: 59].
ويزيد الأمر وضوحا أن الخلفاء الراشدين الذين كانوا كلمة إجماع لم تكن أقوالهم وأفعالهم المجردة تؤخذ مسلمة ممن عاصرهم ولا من بعضهم لبعض، ويكفينا شرفا أننا متفقون على أن: "كل إنسان يؤخذ من قوله ويردّ عليه؛ إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم".


النقطة الثانية: قول الشيخ ابن عثيمين
والحق يقال أن الشيخ ابن عثيمين كان يمتلك ذهنا متوقدا متحررا من الإلف والعادة وما جرى عليه الناس، لذا كانت له تشقيقات رائقة ومتجددة مع الأيام ربما جرّت عليه بعض الزوابع، مثال ذلك إنكاره لدعاء ختم القرآن بهيئته الأسطورية والفلكلورية في هذه الأزمان، والتي باتت تدغدغ مشاعر العامة بصورة مبالغ فيها – ومعظم العوام كالأنعام كما يقال.
فحسبنا (معشر المستغفلين) أننا حضرنا (ختمة القرآن) وحياتنا ممرغة في الزفت والقطران بعيدا عن شريعة الرحمن!!!
المهم أن اجتهادات الشيخ ابن عثيمين – وقد اطلعت على دراسة مقارنة لكثير منها – جزء منها في غاية الجودة، وبعضها وجيه، وبعضها يمكن أن يناقش، ولكنه غالبا مقبول على أي حال سواء وافقناه أو خالفناه.
وكلامه عن البدعة وإنكاره لمصطلح (البدعة اللغوية) من هذا النوع الأخير في نظري. وهذا ما سنحاول توضيحه ومناقشته بإذن الله تعالى.

***

أولا: أقوال الشيخ في ذلك

قال في الشرح الممتع على زاد المستقنع - (4 / 58 – 59):
"... إن قال قائل: ما تقولون في قول عُمرَ: «نِعْمَتِ البِدعةُ» وهذا يدلُّ على أنها مبتدعة؟
فالجواب : أنَّ هذه البِدعةَ نسبيَّةٌ، فهي بِدعةٌ باعتبار ما سبقها، لا باعتبار أصل المشروعيَّة؛ لأنها بقيت في آخر حياة الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم وفي خلافة أبي بكر لم تُقَمْ، فلما استُؤنِفتْ إقامتُها، صارت كأنَّها ابتداء مِن جديد، ولا يمكن لعُمرَ بنِ الخطَّاب أنْ يُثني على بِدعةٍ شرعيَّةٍ أبداً، وقد قال النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام: «كُلُّ بِدعةٍ ضلالةٌ» .
والعجبُ أنَّ بعضَ أهل البِدع أخذ مِن قول عُمرَ: «نِعْمتِ البِدعةُ» باباً للبدعة، وصار يبتدع ما شاء ويقول: «نِعْمَت البِدعةُ هذه» ، ولا شَكَّ أن هذا مِن الأخذ بالمتشابه، حتى لو فُرضَ أنَّ عُمرَ رضي الله عنه ابتدعَ ـ وحاشاه مِن ذلك ـ فإنَّ له سُنَّة مُتَّبعة لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «عليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلفاءِ الراشدين مِن بعدي».
فلستَ مثله، فكيف تقول: أبتدعُ، ونِعْمتِ البِدعةُ! فَعُمَر له سُنَّة متَّبعة.
مع أنَّنَا لا نعلم أنَّ عُمَرَ ابتدع شريعةً، إنَّما ابتدع سياساتٍ؛ لم تكن في عهد الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ يرى أنَّ فيها مصلحة.
مثل: إلزامُه بالطلاق الثَّلاث أنْ يكون ثلاثاً .
ومثل: مَنْعُه مِن بَيْعِ أمهات الأولاد، مع أنَّهُنَّ يُبعنَ في عهد الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام .
ومثل: زيادة العقوبة في شُرب الخمر من نحو أربعين إلى ثمانين .
فهذه سياسات يرى أنها تُحقِّقُ المصلحةَ، لكن هل زاد عُمرُ في الصَّلوات وجعلها سِتًّا؟ لا، أو جعل ركعات الظُّهر خمساً؟ لا.
.................................................. .....................................
وقال في شرح الأربعين النووية :
" .. إن قال قائل: ماذا تقولون في قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، وخرج ليلة من الليالي فوجد الناس يصلون بإمام واحد فقال: [نعمت البدعة هذه] فسماها بدعة؟
أجاب بعض العلماء بأن المراد بالبدعة هنا (البدعة اللغوية لا الشرعية).
ولكن هذا الجواب لا يستقيم، كيف البدعة اللغوية وهي صلاة؟
والصواب أنها بدعة نسبية بالنسبة لهجران هذا القيام بإمام واحد، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أول من سن القيام بإمام واحد - أعني التراويح - فقد صلى بأصحابه ثلاث ليال في رمضان ثم تخلف خشية أن تفرض، وتُرِكَت، وأصبح الناس يأتون للمسجد يصلي الرجل وحده ، والرجلان جميعاً، والثلاثة أوزاعاً، فرأى عمر رضي الله عنه بثاقب سياسته أن يردهم إلى السنة الأولى وهي الاجتماع على إمام واحد فجمعهم على تميم الداري وأُبي بن كعب رضي الله عنهما وأمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
فيكون قوله: نعمت البدعة يعني بالبدعة النسبية، أي بالنسبة إلى أنها هجرت في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،وإلا فنحن نؤمن بأن كل بدعة ضلالة، ثم هذه الضلالات تنقسم إلى: بدع مكفرة، وبدع مفسقة، وبدع يعذر فيها صاحبها.
ولكن الذي يعذر صاحبها فيها لا تخرج عن كونها ضلالة، ولكن يعذر الإنسان إذا صدرت منه هذه البدعة عن تأويل وحسن قصد.
.................................................. .....................................
وقال في شرح رياض الصالحين - (1 / 181)
فإن قال قائل: ما تقولون في قول عمر رضي الله عنه .: (نعمت البدعة هذه) فأثنى عليها ووصفها بأنها بدعة والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: كل بدعة ضلالة؟
قلنا إن هذه البدعة ليست بدعة مبتدأة لكنها بدعة نسبية وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بأصحابه ثلاث ليال أو أربع ليال في رمضان يقوم بهم ثم تخلف في الثالثة أو الرابعة وقال: إني خشيت أن تفرض عليكم.
فصار الاجتماع على إمام واحد في قيام رمضان سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تركها خوفا من أن تفرض علينا ثم بقيت الحال على ما هي عليه يصلي الرجلان والثلاثة والواحد على حدة في خلافة أبي بكر وفي أول خلافة عمر ثم جمع الناس على إمام واحد فصار هذا الجمع بدعة بالنسبة لتركه في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وفي عهد أبي بكر وفي أول خلافة عمر فهذه (بدعة نسبية) وإن شئت فقل إنها (بدعة إضافية) يعني بالنسبة لترك الناس لها هذه المدة آخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر وأول خلافة عمر ثم إنه بعد ذلك استأنف هذه الصلاة.
وإلا فلا شك أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم كل بدعة ضلالة عام وهو صادر من أفصح الخلق وأنصح الخلق عليه الصلاة والسلام وهو كلام واضح كل بدعة مهما استحسنها مبتدعها فإنها ضلالة والله الموفق.
.................................................. .....................................
وقال في لقاءات الباب المفتوح - (141 / 26)
السؤال: ما هي البدعة الحسنة والبدعة السيئة؟
الجواب: ليس هناك بدعة حسنة أبداً، وكيف يمكن أن يكون هناك بدعة حسنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة).
السائل: يستدلون بكلام عمر؟
الشيخ: دعك من كلام عمر، هل تجد كلاماً أبلغ من كلام رسول الله؟ لا تجد، وهل تجد أحداً أعلم من الرسول بالشريعة؟ لا. وهل تجد أحداً أنصح من الرسول؟ لا. إذاً يقول: (كل بدعة ضلالة ).
وأما قول عمر: [نعمت البدعة هي] حينما أقاموا قيام رمضان على إمام واحد، فالمراد البدعة بعد أن تركت؛ لأنك تعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان ثلاث ليال ثم تخلى، وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم) فكونه يقيم بالناس ثلاث ليال ويتأخر في الرابعة خوفاً من أن تفرض، يقال: إن هذا الخوف الذي خافه الرسول انتفى بموته عليه الصلاة والسلام فما بقي خوف لكن في عهد أبي بكر كانت المدة قصيرة خلافته سنتان وشهران وأيام، وصار الناس باقون على ما كانوا عليه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، يصلي الرجل وحده ومعه الرجلان والثلاثة، وكذلك في أول خلافة عمر ، ثم إنه رضي الله عنه أمر تميماً الداري وأبي بن كعب أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة على إمام واحد، فخرج يوماً وهم يصلون فقال: [نعمت البدعة هذه] فهي بدعة باعتبار أنها تركت، ثم جددت، بدعة مجددة.
.................................................. .....................................
وقال أيضا في لقاءات الباب المفتوح - (208 / 11)
السؤال: ما معنى قول عمر: [نعمت البدعة هذه]؟
الجواب: بدعة نسبية, لأنها تركت وهجرت ونسيت، فلما أعادها من جديد صارت بدعة نسبية.
.................................................. .....................................
وجاء في مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (5 / 182)
سماها عمر رضي الله عنه بدعة باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ترك القيام صار الناس متفرقين يقوم الرجل لنفسه، ويقوم الرجل ومعه الرجل، والرجل ومعه الرجلان، والرهط، والنفر في المسجد، فرأى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه برأيه السديد الصائب أن يجمع الناس على إمام واحد فكان هذا الفعل بالنسبة لتفرق الناس من قبل بدعة، فهي بدعة اعتبارية إضافية وليست بدعة مطلقة إنشائية أنشأها عمر رضي الله عنه.

ثانيا: مناقشة كلام الشيخ ابن عثيمين
ابتداء نقول أن مخرج العلماء من قول عمر كان ما اصطلحوا على تسميته بـ "البدعة اللغوية" مخرج حسن. ويكفي فخرا أن نعد في هذه القائمة: شيخ الإسلام ابن تيمية – وتلميذه ابن القيم – وابن رجب الحنبلي – وابن كثير – والشاطبي... وهلم جرا.
بل إن هذا الوجه صار كأنه كلمة إجماع من جميع العلماء المتأخرين المنتسبين للسلفية والمباينين لأهل البدع والطرقيين الخرافيين والقبوريين.
والشيخ متفق مع الجميع في المسلك والنتيجة ولكنه تحفظ على التسمية (وهي مسألة لغوية بحتة) أي أن مقولة عمر يمكن تصحيح مدلولها وقبولها بحملها على البدعة اسما ولغة لا شرعا واصطلاحا. وهذا محل اتفاق.
ولكن ما البديل؟ فالبديل الذي قدمه الشيخ بحروفه:
(والصواب أنها بدعة نسبية - هذه البدعة ليست بدعة مبتدأة لكنها بدعة نسبية - فهذه (بدعة نسبية) وإن شئت فقل إنها (بدعة إضافية) - فهي بدعة باعتبار أنها تركت، ثم جددت، بدعة مجددة. - بدعة نسبية, لأنها تركت وهجرت ونسيت، فلما أعادها من جديد صارت بدعة نسبية - فهي بدعة اعتبارية إضافية وليست بدعة مطلقة إنشائية).
فماذا كان؟ هل هناك فرق كبير أو صغير؟
في نظري لا يوجد أي فرق، وكما يقول المثل الشامي: (كنا تحت المطر وصرنا تحت المزراب).
وعلى كل حال فهذه في تقديري من بدوات الرأي التي بدت للشيخ، والظن أنه لو كان حيا وروجع فيها لرجع كما عهدناه منه.
وعلى كل حال فلا مشاحة في الاصطلاح كما يقال ما دمنا متفقين على النتيجة بل وعلى المقدمات.
وقد يكون للحديث بقية إن شاء الله تعالى.


 
 توقيع : منهج السلف

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

التعديل الأخير تم بواسطة منهج السلف ; 04-28-2009 الساعة 03:29 AM سبب آخر: تصحيح أخطاء وتحرير بعض العبارات

رد مع اقتباس