علاقة الحي بكل(بقو
شهدت العلاقات بين القبائل السوقية في القرون الماضية تكاملا وتعاونا يستحق التنويه, وذلك بسبب كونهم أسرة واحدة تتوزع في رقعة جغرافية متقاربة وببساطة الحياة, وقلة الاهتمامات الجاذبة, وتداخل المصالح, والاشتراك في المخصصات والأجواء الدينية التي تشكل رفدا قويا يُغذي هذه العلاقات ويربي في نفوسهم الالتزام الكامل بهذه العلاقات , ولم ينظر المجتمع السوقي إلى هذه العلاقات (البينية) كما يُنظر إلى الكماليات الجانبية هيهات, فقد كان الأسلاف في حرص دائم بما يشد بعض هذه العلاقات والأواصر إلي بعض , من تبادل الاعتراف, والهدايا والهبات , واتخذوا هذه الروافد أرضية الانطلاق , ولم تكن علاقات مبنية على (التمصلح) فتنتهي بانتهاء مقتضياته الآنية, ولما تزل جهود الخيرين والمخلصين من هذه القبائل في بعث هذه المفاهيم وإثارتها من مرقدها, وتشد من أزر المفردات الدينية ذات العلاقة بالجوانب الاجتماعية من صلة الرحم , وحسن الجوار وإصلاح ذات البين و قضاء حوائج الناس و المعاملة الطيبة وعيادة المريض والمشاركة في المناسبات.
إن علاقة هذا الحي بكل( بقو) علاقة لها مكانة متقدمة في سجل الخلود وكانت قائمة منذ زمن سحيق تغذيها الأرحام ويتعاهد سقايتها ورعايتها شيوخ وأعيان الحيين في صور جميلة من حسن الجوار والتكامل العلمي والتنسيق في كافة مجالات الحياة ويمكن تقسيم العلاقة بين الحيين إلى فترتين اثنتين.
1- فترة ما قبل الاستعمار الفرنسي:
وقد اطلعت من ذلك على رسالة لجد والدي محمد اكنن بن محمد, من (كل فامبلقو) وجهها الى الشيخ المكي بن هما هما أخي الشيخ الامير
اجنت والد الشيخ افنفن من (كل بقو)تدل على هذا القدر من التكامل الجيد بين الحيين , وتشي بقدر من التنسيق في جميع المجالات وهي:(باسم الله حمدالمن امرباصلاح ذات البين وزجربمايودي الي التباغض بين الاحبة والبين وصلاة وسلاماعلي خيرمن امربالمعروف والاحسان ونهي عن الجوروالطغيان محمدوعلي آله وصحبه الطيبين الطاهرين وتابع التابعين لهم باحسان الي يوم الدين وبعدفيسلم محمداكنن بن محمدالي حبيبه وقرة عينه وفلذة كبده المكي سلامافي ضمنه اعلامك باني اريدمنك ان تقوم علي ساق الجدوالاجتهادفي تغريم البقرة التي قتلهاالحاج الفوغسي فاني اريدان تكون لي عونافي جهتك واكون لك عونافي جهتي وايضافيسلم علي قاتلهاالحاج قائلاله اياك ثم اياك ان تجمع بين قتلهاوعدم غرمهافاني كماكنت قبل لااغصب براولابحراوالسلام)
2-فترة مابعد الاستعمار:
وهي الفترة التي شاهدت فيه العلاقة بينهما ازدهارا ملحوظا, وصارارتباط بعضهما ببعض أكثر وثوقا, وأقوى رسوخا من أي وقت مضى , وفي التقسيم الإداري الفرنسي جرى تقسيم الحيين إلى قسمين هما(إقدش) رقم 1 و(إقدش) رقم 2ثم ما تبقى من القبائل التي تحت مظلة(اقدش) السيادية وقد نالت هذه الفترة درجة كبيرة من التكامل والتنسيق في جميع المستويات وأهم ذلك ما يخص الفتوى والقضاء وغير ذلك من المناشط التعليمية.
وقد اختار بعض من تكلم عن هذه العلاقة القائمة بين هذين الحيين تحت مسمى التبعية ولكن هذه التسمية عند التأمل والتدقيق تحتاج إلى مزيد من التفصيل لمن يهمه التحقيق لأن التبعية لاتصدق على واقع القبيلتين من جهتين اثنتين.
1- أن كل واحد من الحيين له نفوذ في مناطق لا يعرفها الآخر ولا يتنقل بعضهم بتنقل الآخر ولا يستأذنونهم في أسفارهم ولافي زواجهم ولا في أي أمر من أمور حياتهم إلا ما يحددونه هم.
2- أن هذا القول لم يؤخذ من أفواه القبيلتين معا بل من طرف واحد وأعيان كل (فمبلقو) أحياء يرزقون ولم تتم مناقشتهم في هذا الأمر والقريب إلى واقع هاتين القبيلتين لا يمكن تبسيطه ولا الحديث عنه إلا تحت ما سميناه العلاقة (التكاملية) كما هو شأن العلاقات بين القبائل السوقية المرتبطة بروابط الجوار والمصالح, وأما الحديث عنها بغير ذلك فلا يعرف عند شيوخ هذه القبيلة, ولا يعرف أيضا عند من تحدث عن تجمع كل (بقو) القديم ومنهم الشيخ محمد الأحمر بن محمد الأمين (السكني ) في رسالة وجهها إلى الشيخ العلامة حمدا بن محمد بن حادي حين قال: (اعلم أن كل (اسكن)الذين هم كل أسكن أصالة وحقيقة وهم أبناء بنات (تغيدت)وسيدهم (انفتك) وابن خالته(مسود) سيد كل (بقو) هم الذين يشتركون فيما تركته من الأموال وأرباب الأموال بسبب أنها حبست ذلك على بناتها وأبنائها إلى هلم جرا والذي تركته)تغيدت( هم (كل أغزاف) و(اهياون) و(إكوالتن) و(كل تهتين) و(كل أول) و(إتبتن) و(بشلام) و(ايتلت ماتحيى) و(كل جرت)وهم طوائف بعض شرفاء وبعض(كل أغزاف) وبعض( ادنان) ثم من متروك (تغيدت) (كل تنغ آكل) ..إلخ, ص 1إلى 2 من الرسالة المذكورة.
وإنما سقت هذا الكلام لبيان ماتقدم التنبيه عليه من عدم توفر معطيات تاريخية تساند أن قبيلة (فامبلقو) كانت ضمن أبناء (تغيدت)أوكانت مشمولة ضمن هذ المصطلح وليس ذلك نابعا من أي اعتبار آخر سوى عدم تواجدهم ضمن التجمع المذكور في تلك الفترة لأن أجدادهم في ذلك الوقت ضمن قبيلة (غيرغُ) قبل الانتقال إلى شرق (غاوا).
التنسيق في القضاء.
القضاء من الوظائف التي تلعب دورا هاما في الحفاظ على العلاقات بين القبائل السوقية ويكون فيه التنسيق ذا درجة بالغة الأهمية في تمدد وترسيم خرائط الود والإخاء ومرحلة متقدمة في مراقي التشارك العلمي ومن ذلك رسالة وقفت عليها) من السلطان الشيخ محمد الصالح (افنفن) بن محمد (اقنت) وهي تدل على التنسيق القائم بين القبيلتين في القضاء وهي: ( من إفنفن إلى الحسن وذلك المكتوب وما يناسبه أريد منك أن تكتبه وما اطلعت عليه من الفروع الأقوى ممن ارتجع بائنته وانظر الشراح عند قول خليل (وبانت)ثم اعلم أن خليلا يشهر الضعيف ومن ذلك قوله: في الرجعية على الأصح فالأصح هنالك مشهور مبني على ضعيف, ولو وسع علي الوقت لكتبت لك كثيرا من ذلك ..إلخ).
المشاركة في إدارة الوظائف الدينية.
هناك درجة من درجات التعاون في إدارة الوظائف الدينية ويتولى ذلك بيت بني أحنى دون غيرهم من البيوتات الأخرى.