عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2009, 11:08 AM   #3
مراقب عام


السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 05-10-2024 (05:36 PM)
 المشاركات : 163 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الباب الثاني

الفصل الأول: الإنسان كما يراه الإسلام

الإنسان كما يراه الإسلام إنسان ذو قيمة إنسان مفكر يتدبر آيات الله إنسان لا تدنسه الغرائز الجنسية كما أراد " فرويد" وأعوانه بل هو إنسان رفيع المقام وقد تحدث الدكتور محمد قطب([84]) في كتاب الله دعوة صريحة إلى التأمل في النفس الإنسانية وما تنطوي عليه من أسرار وآيات {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ- وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}([85]). {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ}([86]).

والكتاب حافل بالآيات التي تصف النفس الإنسانية في مختلف حالاتها سوية وشاذة ، صاعدة وهابطة خيره وشريره مقبله ومعرضه مؤمنه وكافره لاصقه بالطين أو مرفرفة في عالم النور وأورد هذه الآيات ونورد بعض منها قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}([87]).

وقال:{إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}([88]).

{وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}([89]).

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}([90]).

{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}([91]).

{وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ}([92]).

{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً}([93]).

{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً. وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}([94]).

{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}([95]).

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}([96]) 1هـ.

ونحن إذا تعمقنا في هذه الآيات وجدنا الإنسان بكل صوره وفي كل أحواله عند إيمانه عند كفره وطغيانه عند جهله وعلمه وعند ضعفه وقوته عند ميوله للشر وعند ميوله للخير وعند كرمه وشحه عند حماقته وعند حلمه وجلده عند اليأس والفرح وكل ذلك الأحوال تحدثت عنها الآيات السابقة وأبانت ماهية الإنسان كما يراها الإسلام فالإنسان في الإسلام صورة سامية وراقية وقمة مثل وإيمان وبه يصبح الإنسان وإلا فهو جاحد طاغي يطغى عليه الشر فيحوله إلى كائن سافل لا قيمة له قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}([97]). والقرآن مليء بالآيات التربوية والآيات الموجهة في كل مجال يقول محمد قطب([98]) (أنه كتاب تربية وتوجيه ينشئ النفوس على المنهج المستقيم وهو يؤدي مهمته هذه كاملة دون أن يتعرض لنظريات العلم المختلفة) ولكن أنا كاتب البحث أختلف مع ما ذكره محمد قطب في هذا المجال فنقول أن القرآن وإن لم يتعرض لكل نظرية باسمها وعينها فهو يحمل الرد والحجة الدامغة على كل نظرية باطلة والكاتب نفسه أورد أخطاء الغرب راداً عليها ببعض الآيات ولكن لا أعلم لماذا قال ذلك آنفاً ومادمنا نتحدث عن الإنسان والنفس نورد العيوب التي وقعت فيها دراسات الغرب عن النفس.

العيوب التي وقعت فيها دراسات الغرب في النفس:

يقول محمد قطب في هذا المجال ([99]) ( إن جعل هذه الدراسات على غير وعي الإنسان المتكامل. الإنسان الواقعي الذي يعيش بحقيقته المتكاملة في دنيا الواقع فانحراف معظمها إلى دراسة أجزاء متفرقة من الإنسان على أنها هي الإنسان الواقعي الذي يعش فحقيقته في دنيا الواقع وترتب على ذلك أخطار كثيرة ... الخ.

ثانياً ([100]) أن هذه الدراسات لا تميز بين الصالح والطالح في أحكامها لأنها فقدت المقياس الحقيقي الذي يرشدهم إلى الصواب ومن ثم صار الواقع الضال في الغرب مقياساً لكل النفوس الإنسانية بدون تمييز مجتمع أو مذهب أو بيئة معينة فكل سخافة وجهالة وانحراف عند الغرب يطبقونه على غيرهم بدون تقييم للمواقف وما يلابسها وصار المعيار الوحيد عندهم دراساتهم ونظرياتهم الخاطئة هي المقياس لنفس البشرية السوية والضالة معاً ومهما وصل الغرب من تقدم فإنهم مخطئين أخلاقياً).

قال محمد قطب([101]) (ومن ثم فالتقدم الهائل الذي أحرزته علوم الجمادات على علوم الحياة هو إحدى الكوارث التي عانت منها الإنسانية أننا قوم تعساء لأننا ننحط أخلاقياً وعقلياً...الخ.

وقد حاول([102]) " فرويد" يصور العقل الواعي هو إنسان مزور لا يمت بسبب إلى الحقيقة.

ثانياً([103]) (أن العقل الواعي جزء من بيئة النفس الإنسانية كالعقل الباطن).

ثالثاً([104]) (أن المجتمع والميل إليه والخضوع له كلها حقائق نابعة من داخل النفس فليست مفروضة عليها من خارجها.

رابعاً: اعتراف أحد رجال الغرب بفساد نظرياتهم حول الإنسان قال ما نصه([105])

كما قال (الكيس كاريل) وينتهي إلى تدمير الإنسان بسبب جهلنا المطبق بحقيقة الإنسان) أهـ.

خامساً قال محمد قطب) وعلى أن هناك خطأ في كل المدارس الغربية بلا استثناء هو دراسة النفس الإنسانية والحياة الإنسانية بمعزل عن الله!

وهذا الخطأ له في حياة الغرب قصة طويلة تبلغ قروناً من الزمن وقد أورد محمد قطب([106]).

أخطاء الدراسة الغربية ملخصة في ثلاث نقاط:

أولاً: إغفالهم الدراسات الإسلامية عن الأمم عبر التاريخ.

ثانياً: إهمالهم حقيقة كونية وهي تأثر الإنسان بقدر الله المباشر.

ثالثاً: إغفالهم أن التأثير الجغرافي والمادي والاقتصادي والاجتماعي هي كلها إطار لقدر الله وليست شيئاً مستقلاً عن إرادة الله. أهـ.

والإسلام به قواعد نفسية كثيرة تعتبر من أسمى الأهداف يقول محمد قطب([107]) (أن الإنسان ليس أحادي النزعة في أي شأن من شئون كيانه ومن ألوان الازدواج في طبيعته أن في كيانه استعداداً للاستواء واستعداد للانحراف)([108]) ولا تستقيم الفطرة ولا تتوازن إلا حين يهذب الخطوط كلها ذات الوقت وتغذى بالغذاء الصالح السليم وهذا ما يصنعه الإنسان دين الفطرة قال تعالى: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا - ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }([109]).

ومن هنا يتضح لنا أن الإسلام هو دين الفطرة السليمة وأن النفس الإنسانية ينظر لها الإسلام إلى نفس مكرمة قيمه ذات مثل ولكن علماء الغرب حاولوا أن يدنسوا كل القيم وخاصة فرويد الذي جعل كل تفسيراته للإنسان وأرجعها إلى الغريزة الجنسية يقول محمد قطب([110]) (ومن هذا أعطى فرويد صورة مزورة للنفس الإنسانية خلاصتها أن الكيان الحقيقي للإنسان هو الطاقة المهمة البحتة ولم يكتف بما فعله في المرحلة السابقة من تفسير الإنسان في كيانه أساس حيواني بحت وأقصاه عن كل عنصر إنساني في كيانه بحجة أنه مفروض عليه من خارج نفسه وليس أصيلاً في كيانه الحقيقي (بل زاد على ذلك أن أعطى هذا الكيان الحيواني لوناً جنسياً صارخاً فلم يتركه حتى كالحيوان الحقيقي يأكل بلذة الأكل ويشرب بلذة الشرب إلخ وجعله يأكل ويشرب ويتحرك ويصارع كل ذلك بلذة الجنس: بالإضافة إلى النشاط الجنسي المتعارف على أنه نشاط جنسي فصار الطفل يرضع للذة الجنسية ويتبرز بلذة جنسية ويحث نحو أمه بدافع جنسي إلى آخر هذا الخلوط الدنس الذي لا يقوم عليه دليل) أهـ.

وهناك([111]) مدرسة تجريبية تضع النفس الإنسانية في المعمل فأفسدت كل الحقائق وذلك لكونها تجاهلت النفس وكيانها الأعلى.

وهناك عدة تفاسير يراها علماء الغرب وكلها خاطئة لم نجد فيها الحلول الصالحة بل هي أغاليط وسخافات كلها تؤدي إلى انحراف وظلمة دامسة لا توصلنا إلى الضياء والفجر الناصع يقول محمد قطب([112]) (وكل تفسير للنفس الإنسانية بدافع واحد من دوافع الحياة هو تفسير ناقص قصير النظر.

تفسير سلوك الإنسان عند الغرب

1- التفسير الجنسي للسلوك البشري الذي قال به " فرويد".

2- التفسير المادي الذي يقول أن تاريخ الإنسان هو تاريخ البحث عن الطعام والذي قال به (ماركس) و(أنجليز) وغيرهم من دعاة التفسير المادي والتفسير الاقتصادي.

3- التفسير السيكولوجي الجزئي الذي يقول أن رغبة البروز هي الدافع الأصيل للإنسان سواء في صورة رغبة التفوق كما أدلى بها (أدلر) أو شعورياً بالنقص ومحاولة التعويض كما أدلى بها (يونج) تلميذ (فرويد) وقد رد محمد قطب على هذه التفسيرات كلها بأدلة دامغة ولم يدع مجالاً لأولئك المضللين قال ما نصه([113]) (كل هذه التفسيرات ترتكب خطأ رئيسياً فاضحاً هو أخذ جانب واحد من الإنسان والقول بأن هذا الجانب هو الإنسان).

وكذلك كل تفسير يأخذ في حسابه الدوافع وحدها ولا يعمل حساباً للقوة الضابطة في كيان الإنسان) ولعلنا لو تتبعنا القرآن نجد المنهاج الصادق عن النفس الإنسانية وهناك آيات كثيرة تعرضت للنفس الإنسانية موضحة كل ما يدور حولها من نزعات وهذه الآيات تفيد قواعد نفسية وتعتبر من أهم القواعد النفسية التي يجدر بنا أن نأخذ بها ونضعها نصب أعيننا دوماً فعندها تثلج نفوسنا وترتقي إلى مقام رفيع وتسمو وتصفو صفاءاً مشرقاً فلا تكون في حياتنا أطماع وانحرافات أو دوافع جاهلية حقيرة.

والقرآن مليء بتلك الآيات التي رسمت المنهاج للنفس حتى لا تزيغ عن الطريق المستقيم فقد أوضح الله عز وجل في كتابه أماكن القوى في النفس وأماكن الضعف من طموح وشح في حالة الإيمان وفي حالة الكفر.

قال الله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}([114]).

قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}([115]).

والمسلم([116]) حين يقرأ القرآن يلاحظ قواعد كثيرة تحدثه عن شئون الحياة فيعبد الله عن وعي وفهم وإدراك. ثم أورد محمد قطب هذه الآيات:

قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}([117]). والقرآن الكريم أوضح للمسلم كل مجالات الحياة ووضع قواعد فلا صراع ولا أحقاد فكل نصر وكل قوة وعزة هي من عند الله وكل مذلة وضعف فهي من عند الله فلا ينبغي لأي نفس مسلمة أن يخالطها ذلة أو يأس أو ضعف بل تعود إلى خالقها بكل إيمان فعندها تكبح كل هوى وفجور فتسمو وترتقي إلى القيم العالية إلى الإيمان الذي ينقذها من الغرق في متاهات الحياة.

( منهج العزة والرفعة للنفس في الإسلام)

قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}([118]).

والنفس قد تخاف من الحاضر والغيب والمجهول فتقع في حيرة ولكن القرآن يضع النقاط فوق الحروف ويرشدنا إلى العزة والرفعة للنفس لكي تواجه الحياة بقوة وكرامة مطمئنة إلى قدر الله.

قال محمد قطب في كتاب (منهج التربية الإسلامية)([119]) " كذلك الخوف من النتائج المجهولة المبنية على حاضر معلوم ثم أورد هذه الآيات:

قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}([120]).

قال تعالى: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}([121]).

قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً}([122]).

قال تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}([123]).

ثم أضاف معلقاً على تلك الآيات (وهكذا يتناول القرآن كل المخاوف البشرية الزائفة واحداً فينقضها عن النفس ويرفع عنها أصرها ليطلعها تواجه الحياة قوية عزيزة متمكنة متطلعة مطمئنة (إلى قدر الله) أهـ. وبعد فمهما حاول كل دارس أن يلم بالنفس ويحيط بها ويستقصي ذلك لا يمكنه ذلك إلى على ضوء القرآن الكريم ومهما حاولنا معرفة أسرار النفس فذلك أمر محال لكل كائن وكل عالم قال الله تعالى {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}([124]).

قال محمد قطب([125]) بعد أن ذكر هذه الآية قال ما نصه (وما تزعم وما يزعم أحد أن يحيط بكل أسرار النفس ويصل إلى كل أغوارها: وإنما تستجيب في أمر الله حين يقول {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}. وقال محمد قطب بعد ذكر الآية السابقة (فنحاول أن نبصر منها بقدر ما تطيق البصائر والأبصار) أهـ.

وقبل أن نختتم هذا الباب نحب أن نورد ما قاله محمد قطب عن " فرويد" الذي بهر العالم بنظرياته الخاطئة وحتى العالم الإسلامي الذي عنده المصدر الذي يصور النفس ويضع لها سنن ومنهاج بعيد عن تلك النظريات المادية والجنسية والنظرة الواقعية التي هي الأخرى تحسب على الإنسان نواياه السيئة وميوله الشريرة أو كما يراها فرويد أن الشيطان هو انعكاس الشر في كيان الإنسان وكذلك العلم يعجز عن تصوير ماهية الإحساس ويعجز عن تفسير أحوال النفس وأصرارها وظواهرها وهذه النظريات والسفسطات الواهية كلها مصدرها أعداء الإسلام من يهود يريدون هدم القيم وخاصة المجنون " فرويد" الذي صرح بجنونه ولا غروي ولا عجب من جنونه ولكنه العجب أن يؤخذ بجنونه وسفاهته وأفكاره الخبيثة ونحتج بها ونجعلها أفكار وقيم صالحة لمجتمعنا الإسلامي وهذه المشكلة هي التي دعتني إلى كتابة هذا البحث فمنذ صغري وأنا اكره كل ما يدرس في المدارس من علم النفس لكونه يرتكز وينبني على نظريات علماء الغرب ومنذ نعومة أظفاري وأنا لا صداق تلك الأفكار قرأت نقد نظريات فرويد في كتاب مصطفى محمود في كتابه أسرار القرآن فعندها أبرزته لزملائي الذي فتنوا بأقوال فرويد وطالما عارضتهم في تلك الأفكار بأن العقل يأبى بأن يكون الطفل عنده عقدة الكترا وعقدة أُديب أي أن يحب الابن أمه وتحب البنت أباها تلك النظرية التي جاءت من دنيا الحيوان وحتى الحيوان يسمو عن ذلك كما قد عرف عن الحصان أنه لا يأتي أمه لا يجامعها ولكن ثبت لدينا جنون فرويد عندما بدأت في هذا البحث وخاصة عند قراءة كتب محمد قطب التي كنت مولعاً بها.

جنون فرويد

ولقد أشار محمد قطب في كتابه دراسات في النفس الإنسانية ص273 في هامش تلك الصفحة نقل محمد قطب اعتراف فرويد بجنونه قال ما نصه "مجنون يرى العالم مجانين- قال فرويد " أننا جميعاً مصابون بالهستريا إلى حد ما" أهـ حقاً أنك مجنون وكل من يأخذ بنظرياتك سلب العقل فهو مجنون مثلك وبعد فإن النفس الإنسانية لها قيم غير ما يذكر فرويد وقد حاول أتباعه من مفكري اليهود تفسير النفس بالتفسير المادي وبأن القيم غير ثابتة لأنها تستمد من الطور الاقتصادي([126])- وهذا التفسير المادي والصراع على السيطرة والإلحاد والدعوة إلى هدم القيم وهذا ما تريده الشيوعية التي نشأت وتربت في أحضان الصهيونية واليهودية التي كانت السبب في هدم القيم الإنسانية يقول محمد قطب ما نصه([127]) (والتفسير المادي الحيواني للإنسان الذي أقامة دارون من قبل ومن ثم تبعه فرويد وزعم هذا التفسير أنه لا توجد قيم على الإطلاق لنفس الفرد فهو محكوم وبغريزة أبدا وبغريزة الجنس بصفة خاصة في نظر فرويد وأن هذه الغريزة تسعى إلى الحصول على اللذة والهروب من الألم وأن هذه القيمة الوحيدة في كيان الإنسان الفرد ... الخ.

ثم أن فرويد كان يرى أن الكبت الجنسي هو المسؤول عن معظم الجرائم ذلك قول باطل يقول محمد قطب([128]) (ثم أن كثيراً من الجرائم والانحرافات التي أصر فرويد على تفسيرها تفسيراً جنسياً تحتمل تفسيرات أخرى لا جنسيه ولكنه في إصراره على تلويث البشرية كلها بلوثة الجنس كان يرفض أي تفسير لا يدخل فيه الجنس) أهـ وأما الدعوة بان الكبت الجنسي هو المسئول عن الجرائم والانحراف فالمعروف أن الصبر لا يولد إلا عقبه حسنة ومن استطاع كبح جماح نفسه كان في أحسن حال والجهاد هو جهاد النفس كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أو كما قال (وعلم النفس الحديث لم يضع في حسابه الإيمان بالله وما يماذج النفس من ضير وحين تفقد الإيمان تكون قد ضاعت في دياجير الظلام.

يقول محمد قطب([129]) (كذلك لم يضع علم النفس الغربي في حسابه وهو يشخص الأمراض النفسية أن نقض الاتجاه الروحي وانعدامه هو من الأمراض التي تصيب النفس).

وكذلك بعض الأشياء تفسر بالعلم والمنطق ولكن انقلاب القلوب وسرعان تقلبها يعجز العلم عن تفسيره مهما كان فإن ذلك لا نجده في أي علم نفس أو أي دراسة تحليلية والقرآن هو الدواء الشافي لنا فنقول كما قال محمد قطب([130]) ما نصه (أما نحن فلا نترك في هذه الظاهرة إلا ما قال الله سبحانه في كتابه {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}([131]).

وكما ورد في الحديث أن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كما يشاء) ([132]).


التقدم العلمي لا يستدعي تقدماً في المفاهيم والقيم

وكثيراً من الناس يظنون مع هذا التقدم العلمي العظيم قد أوجد أيضاً تقدماً في المفاهيم وهذا خطأ فادح قال محمد قطب([133]) ص284 (أن هناك وهماً صارخاً يستولي على أفئدة الناس في الغرب ويسلك إلى المستعبدين في الشرق فيملأ ما في نفوسهم من تفاه وفراغ أنهم يظنون العظمة العلمية تستتبع حتماً أن يكون الإنسان كله قد ارتقى فلابد إذن أن تكون الأخلاق والعادات والتقاليد الموجودة في عصر الذرة أفضل من مثيلاتها في العصور السابقة.. الخ. ونختم هذا الباب بعد أن أوردنا الأدلة الكافية على التصور الإسلامي الذي أبان حقيقة الإنسان كما يراها الإسلام.




 
 توقيع : السوقي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس