طريقة تعلم عوام أفقنا تعاليم الدين الإسلامي
قلت: إن القبائل غير العلمية في بلادنا شأنها كشأن عوام المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وبذلك سأذكر ـ بإذن الله تعالى ـ شيئا من طرق تعليمهم الضروري من الدين نقلا، كما سيأتي من أخبار هذه القبيلة، وغيرها ـ إن شاء الله تعالى ـ بعد هذه التوطئة.
المتعلقة بحالة تعلم عوام المسلمين تعاليم أمر دينهم، إذ صورتهم في جانب جهل الدين كشأن الأعراب في زمن الوحي، الذين من لم يهاجر منهم إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لينال شرف العلم بدينه وصحبة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقي في باديته على ضعف شديد في أمر دينه، وهم على تفاوت بينهم في ذلك الضعف، الذي هو أسوء أنواع الضعف نقلا وعقلا.
لأن الله تعالى خلق الخلق لعبادته، فأرسل إليهم الرسل لتعليمهم إياها كما جاءت وحيا.
فمن لم يرفع لذلك رأسا فقد ظلم نفسه ظلما مبينا، لذا فلا يلومن ـ في سوء عاقبة ذلك ـ مكلف ذكرا كان أو أنثى ـ يوم الحساب ـ إلا نفسه: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
قلب سليم من جهل دينه، قلب سليم بمعرفة دينه، قلب سليم بالتقرب إلى الله تعالى بفعل تعاليم ما به أمر، وترك ما عنه نهى وزجر.
هذا ونصوص الوعيد في جانب جهل الدين مما تظاهر القرآن والسنة في ذمه، وجرمه، وعظم ذنب وإثمه، وسوء مصيره.
بل جميع رسالات الله تعالى التي أرسل بها الرسل إلى الناس ـ رسولا رسولا ـ إلى رسالة محمد خاتم الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ كلها فرض على كل من بلغ حد التكليف في كل أمة أن يتعلم منها ما لا يجوز جهله من ذكر وأنثى بيضا وسودا عربا وعجما ـ حسب ما جاء به كل رسول أمته.
قلت: ومن أشهر صور جهل الأعراب لأمر دينهم حالة الأعرابي الذي: بال في طائفة المسجد.
هذا وكل من بعد عن مواطن رفع الجهل عن نفسه يقع بل ويظل في طوام ظلمات الجهل.
كما أن من صور الجهل لدى عوام أفقنا قصة: شاب وشابة من عوام المجتمع الطارقي، كانا عروسين فمكثا مدة من الزمن ـ نحو سنة.
لم يقع بينهما جماع بسبب حيائهما التي بلغت بالشاب أنه كلما رأى حالة العروس تمتنع من الجماع اكتفى بمقدمات الجماع...
إلى ساعة ما تجاوز المقدمات إلى منتهى الجمع، فقالت له العروس: لا تتجاوز حدك، قال لها ولم؟ قالت له: لأن الذي تريده حرام، لأنه الزنا.
قلت: هذا خلاصة القصة كما سمعتها في قصص من بعض الأولين ممن أدركناهم...
وقد يصورها البعض أسطورة، لكني لا أستبعد وقوعها حقا
وذلك لما يتمتع به المجتمع الطارقي من الحياء لدى قدماء المجتمع الطارقي خاصة إذا اجتمعت بجهل للدين في تمييز الحلال المبين من الحرام المبين.
وعلى كل حال هذا صورة من صور دلت على عفة...
لو لا أنها جاءت في غير موضعها التي بلغت بها الجهالة منتهاها في تلك القضية.
والتي قد يكون سبب علم الناس بها رفع العروسين قضيتها إلى بعض أهل العلم في عصرهما ومصرها ليعلما حكم الله فيها...
ثم علمت القصة فانتشرت انتشار الغرائب من القصص لدى كل أمة من الأمم.
لذا فعلى سبيل التقريب لصورة وجه الجمع بين من لم يتعلم العلم حتى كبر، ولم يسلك سبيل التعلم بعد كبر سنه في الإسلام، تناولت ما سبق من لدن صدر الإسلام إلى اليوم، ما يجعلنا ننتقل بعده ـ إن شاء الله تعالى ـ إلى بيت القصيد في كيفية: تعلم عوام أفقنا تعاليم الدين الإسلامي، قديما وحديثا ـ جملة وتفصيلا.