عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-2009, 10:02 PM   #2
مراقب عام القسم التاريخي


السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



اللمعة التاسعة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} (58) سورة يوسف
1- سنة من بيده ملكوت السماوات والأرض على من قدرت له ـ في سابق علمه سبحانه ـ الفضائل العظام، جارية جري الجواري المنشآت في البحر كالأعلام. وصدق الله إذ يقول قبل أن تأتي الفضائل بالفعل على من هي له ـ يوسف عليه السلام: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
2- عظة واعتبار لكل من تعرض لهمزة من همزات الشيطان تجاه من في مقام الغبطة به أن يتقي الله تعالى بالكف عن تعرضه بسوء، إذ الرياح أحياناً تجري بما لا تشتهيه السفن. هذا يوسف في مقام كريم مقام الملك العزيز، وإخوته بين يديه في جملة من الناس يعرف أنهم هم إخوته، ((وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ)) لا يعلمون أنهم بين يدي من: ((شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)).
بدليل قوله تعالى عنهم في معرض التجليات: {قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ} (90) سورة يوسف
ففعلاً صدق الشاعر حين قال:
أخا أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
اللمعة العاشرة: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ} (59) سورة يوسف
1- معنى لطيف من معاني الجزاء من جنس العمل، لأن إخوة يوسف ـ عليه وعليهم السلام ـ لما أرادوا به ما جرت عليه أحداث القدر، استعملوا شيئاً من لطائف الحيل مع أبيهم ـ عليهم السلام ـ ليمكنهم به، قائلين:{يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} (11) سورة يوسف.
2- حسن صيغ حيل المقاصد الحسنة من غيرها، وحسن البرهنة لها بشواهد الحق، كما ظهر بقول وفعل جلي من يوسف ـ عليه وعلى إخوته السلام، في قوله تعالى حكاية عن يوسف ـ عليه السلام ـ قائلاً: {ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ} (59) سورة يوسف.
3- من ذلك قوله لهم على وجه الازدواجية، لما مضى أن قاموا به سابقاً من لطافة التعليلات لأبيهم التي تمكنهم من يوسف، فيوسف أيضاً نهج خير منهج في التعليلات التي ستمكنه لاحقاً بالإحسان إليهم ـ عليهم السلام ـ قائلاً: {فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ} (60) سورة يوسف.
اللمعة الحادية عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ} (61) سورة يوسف من هذه الآية الكريمة إلى آية: {وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } (68) سورة يوسف تناولت الآيات الكريمات مجملات ما يلي:
1- ردّه إليهم أثمان بضاعتهم في وعائهم تفضلاً من يوسف ـ عليهم السلام ـ ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
2- عرض إخوة يوسف على أبيهم ما ورد مورد الاحتيال عليهم من أخيهم يوسف ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم ـ من منع الكيل إن لم يأتوا بأخيهم بنيامين.
3- أهمية أسبقية حسن السيرة، والمحافظة عليها، وآثارها الحميدة في العاجل والآجل، والترفع عن كل ما لا يليق بأهل الفضل، وذلك أن يعقوب ـ عليه السلام ـ لما أخبره بنوه إخوة يوسف بمنع الكيل إن لم يأتوا بأخ لهم من أبيهم، واجههم بصريح الماضي عليهم، قائلاً لهم ـ عليهم السلام: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ}.
4- آثار الحيل الحميدة ذات المقاصد الشرعية الحسنة. وذلك أن تفضل يوسف ـ عليه السلام ـ برد أثمان بضاعة إخوته في أوعيتهم لهم، نشأ عليه تعليل إخوة يوسف الحسن لأبيهم إقناعاً له بصدق خبرهم وحسن نواياهم لأخيهم بنيامين، كما حكته هذه الآية الكريمة: {وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ} (65) سورة يوسف.
5- خطر العثرات على أهل المقامات الرفيعة، وذلك أن يعقوب ـ عليه السلام ـ لما عرض عليه بنوه تمكينه لهم بأخيهم يوسف ـ بادئ ذي بدء ـ سلم لهم أمره من غير شرط من الشروط، لأنه ما علم من سجلهم إلاّ الحسنى، لكنه في المرة الثانية بعد كبوة الجواد بهم، نهج نهج الحيطة معهم، قائلاً: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } (66) سورة يوسف.
6- رحمة الأب على الأبناء العظيمة، وحسن دقائق توجيهات الآباء للأبناء، وإن بلغوا مبلغ الرجال الكمل، لأن يعقوب تنبه لعدد بنيه ـ عليهم السلام ـ الذي قد يوجه أنظار الناس إليهم بمجموعهم، فقال على وجه الشفقة عليهم ورجاء سلامتهم، ما يأتي، باعثاً روح التوكل على الله مع ذلك في نفوسهم، على أن قدر الله لا مرد له لو كان، إلاّ أن اتخاذ الأسباب من الأمور المشروعة، وصدق الله إذ يقول حاكياً ما جرى من توصيات يعقوب لبنيه، قائلاً: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ*وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } (68) سورة يوسف.
اللمعة الثانية عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (69) سورة يوسف.
1- عظم شفقة القريب لأقرب الأقارب، وهلم جرّ من الأقرب فالأقرب، وصدق الله إذ يقول: { وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}.
2- جلالة إيناس كل أخ لأخيه بما جهله من أمر قرابته له، ليكون على علم من فيض حنان رحمة الأخوة لمن هو منه إليه من غيرها.
3- حسن تنبيه الأخ بمجريات الأحداث التاريخية المرتقبة في القرابة على وجه لطيف، ليصبر ويتصابر ويتجلد بعدم المشاركة في تأجيجها مأجوراً غير مأزور، كما تمثل في شخصية بنيامين ـ عليه السلام ـ عند ما صرحوا في حقه أمامه مقالتهم: {إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ}.
اللمعة الثالثة عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} (70) سورة يوسف.
من هذه الآية الكريمة إلى آية: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف. اشتملت الآيات الكريمات مجملات ما يلي:
1- عود يوسف إلى سلسلة من الحيل الفعلية الحسان التي ستمكنه ـ بإذن الله ـ من بره بأبيه وإخوته الكرام ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ إذ وعن مثل ذلك العود إلى الحيل الحميدة يستحسن قول القائل: والعود أحمد.
2- لطافة حيرة الأبرياء في معرض التهم: {قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ} (71) سورة يوسف.
3- حسن الإبداع خاصة إذا جرى في مجاري الحيل ذات البر الفياض: {قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} (72) سورة يوسف.
4- أهمية مدافعة التهم المحضية بذكر المرء عن نفسه محاسنه الدالة على براءته، كما في قول إخوة يوسف ـ عليهم السلام: {تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } (73) سورة يوسف.
5- حسن وجمال تهيئة المرء نفسه للمعاريض الحسان أمام البراهين الساطعة، إذا كان ذا مقصد شرعي عظيم، كما نهجه يوسف مع إخوته ـ عليهم السلام ـ مما هو مجمل في قوله تعالى: {قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ} (74) سورة يوسف.
6- قوة أعراف الناس بينهم في حلّ القضايا المشكلات، وحسن الرجوع إليها، كما يشير إليه قوله تعالى حكاية عنهم: {قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } (75) سورة يوسف
7- جمال خطوات المتحايل الماهر في صناعة الحيل الشرعية الباهرات، كما تشعع في قوله سبحانه حكاية لصنيع نبيه يوسف ـ عليه وعلى إخوته السلام: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (76) سورة يوسف
اللمعة الرابعة عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} (77) سورة يوسف
1- عسر التخلص إلى القول الحسن في المواقف العسرة، وصدق الله إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة.
2- حسن كظم الغيظ لدى أولي الألباب في مثل هذه المنقبة الكريمة، وشدد يديك بقوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.
3- جمال آثار ضبط النفس في معرض الدفاع عنها مع القريب بأسلوب بديع رصين، ولطافة نيل الكريم من عرض الكريم على وجه ظريف جميل، كما تجلى في قول يوسف لإخوته ـ عليهم السلام ـ كما في قوله:{أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ}. وذلك تعريض لسوء حال مكان إساءتهم تلك ساعة الرد ـ والله أعلم.
اللمعة الخامسة عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (78) سورة يوسف.
1- حسن سياسة تخلص الفاضل الكريم المغلوب، بالشفاعة إلى ذكر ألقاب شرف أخيه المكرم بحقيقة ذلك الثناء.
2- جمال عرض البدائل ولو برهن أعزّ ما يملكه الناس وهو الأنفس على سبيل الوفاء بالوعد الكريم الأكيد.
3- أهمية الاعتراف بفضل الغير، إذ الاعتراف بالحق فضيلة.
اللمعة السادسة عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَالِمُونَ} (79) سورة يوسف
1- فضل التمسك بما يؤول حسنه على الخاصة والعامة، إذا ساندته المقاصد الشرعية الحسنة. ولو كان ظاهر أمره لغير العالم به مبهماً.
2- عظم تجريم أحد الأبرياء بمظلة قريبه، لأنه ظلم في الحقيق، إذ هو شيء وقريبه شيء آخر في الخير والشر إلاّ أن يكونا فيه سواء نقلاً وعقلاً، وصدق الله إذ يقول: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.
اللمعة السابعة عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } (80) سورة يوسف. من هذه الآية الكريمة إلى آية: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف تناولت مجملات ما ملخصه.
1- فضل درجة الكبير على غيره بصفة عامة، والأخ الكبير بصفة خاصة، إذا ادلهمت الأمور.
2- نقل المشاهد على واقعها إذا اقتضى الأمر ذلك، وإن كان الحق خلاف ظاهرها، كما حكى الله عنهم قولهم ـ عليهم السلام: {ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } (81) سورة يوسف.
3- حسن الاسترسال في معرض التبريرات،كما حكى الله عنهم قولهم ـ عليهم السلام: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} (82) سورة يوسف.
4- قوة أثر العثرة مع جلالة قدر صاحبها، كما حكى الله تعالى عن يعقوب قوله لبنيه ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (83) سورة يوسف.
5- عظم حنان يعقوب لابنه المفقود ـ يوسف عليه السلام ـ وحسن رحمته لبنيه جميعاً كما تصور في هذه الآيات الكريمات، منها قوله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ*قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ*قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ*يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف.
اللمعة الثامنة عشر: وقفة لطيفة حول فوائد قوله تعالى: { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ } (يوسف-88).
1- حسن استعمال الأدب في مخاطبة العظماء، والتسامح اللطيف في رفع الحوائج المستعصية توفيرها إلى مقام أهل البر الكريم.
2- لطافة حسن استعمال المصطلحات المدرة استعطاف أهلها بها كما في قولهم: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ. لكونهم نبهوا من هو عليم بفضل الصدقة على أمثالهم ابتغاء مرضاة الله، خاصة أنهم ساعة أن مسّهم الضر هم من أهلها شرعاً وعرفاً.
3- جمال التوطئة الكريمة بين يدي عرض المطالب الجليلة، كما تجلى في مقام كريم في آية سابقة، وهي قوله تعلى حكاية عنهم: {قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (78) سورة يوسف.
4- قولهم: إنا نراك من المحسنين. توطئة بديعة ظريفة لقولهم هنا في معرض عرض المطالب: يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ.
وأحسن بقول القائل في معرض ثناء إخوة يوسف على أخيهم يوسف ـ عليهم السلام:
النـاس أكيس من يمدحوا رجـلا مــا لم يروا عنده آثار إحسان
والبيت أصدق في مثل شواهد بر يوسف من غيره، خاصة أن أنواع الإحسان التي قام بها يوسف ـ عليه السلام ـ لإخوته من رد الأثمان مع المثمن لهم عزيز نظيره لمن ظاهر أمره أنه مخطئ في حقك، فالإحسان إليه من البر العزيز، كما حكاه الله تعالى عنه، في قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ } (65) سورة يوسف.
نتج من مجموع إحسان يوسف إليهم استئناسهم المتمثل منه معنى المثل المشهور: اللبيب بالإشارة يفهم.


 
 توقيع : السوقي الأسدي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 03-21-2009 الساعة 10:12 PM

رد مع اقتباس