عرض مشاركة واحدة
قديم 12-20-2010, 09:44 AM   #2
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: نثرة الورود الخامسة:



المدخل:
إن مما يدعو البحث إليه ـ أخي القارئ الكريم، الاستفادة من تجارب الآخرين، ولا سيما الحكمة التي هي ضالة المؤمنين.
من ذلك ما يجيله ما أفادني به السيد الأستاذ أحمد بن ناجي السوقي ـ حفظه الله:
أنه قرأ في بعض كتب في تاريخ إفريقيا باللغة الفرنسية، للمؤرخ أَمَدو أُما بَتي ا الفلاني: قائلاً في كتابه ذلك: إن إفريقيا إذا مات فيها أي شخص كبير في السن، فمعناه أن ذلك يساوي مكتبة أحرقت بكاملها..
أقول: إذا تأملنا هذا النقل، وجدنا أنفسنا أمام حقيقة في معاني ما تناوله النقل، بل وهي حقيقة في مثل معاني تلك الحقيقة.
لأن المعرفة إما أن تكون حصلت من مشاهدة الكاتب بنفسه، هذا أمر، يكون هو العمدة فيه.
وإما أن يكون الكاتب ناقلاً عمن ينتهي إليه سنده، فيكون المتن موقوفاً على المسند إليه، الذي هو العمدة فيما الغالب عليه المشاهدة، وإلاّ لكان من جنس المنقول البلاغي...
فيكون الحاصل أن أخبار الأمم تؤخذ عن أبناء عصورها، خاصة بعد انقطاع الوحي بخاتمة الرسالات.
إذ لا سبيل للوقوف على شيء منها إلاّ عن نحو طريق ما مهد به.
والمعمرون في كل جيل هم أصول مصادر تلك الأخبار، فكل معمر يفوت بموته كنز معارف جيله خاصة في محيطه، ولا سيما أهل العلم في كل عصر، فإن صدورهم خزانات العلوم، كما هم خزانات المعارف على نحو قول الشافعي:
علمي معي حيث كنت أحمله***بطني وعاء له لا بطن صندوق
فينتهي بنا التخلص إلى أن كبار السن في صحرائنا الغالية، هم الكنوز المدفونة، سواءً ما يتعلق بتاريخ أهل العلم، فهو في صدور خلفهم فيه ممن أدركوهم، بغض النظر عما دون من آثارهم، فذلك فضل آخر من الله لمن له الأثر...
وأما تاريخ غير أهل العلم من تاريخ ساساة الصحراء ـ مضارب الطوارق من السلاطين، والأساطين، والسادة النجباء، والقادة النبلاء، والأثرياء الفضلاء، وغيرهم من شاهير الظرفاء، كل ذلك لا سبيل للوقوف على شيء من أيامهم المشهودة إلاّ عن طريق كبار السن فيهم...
فعلى هذا يتوجب عرفاً على أرباب القلم في صحرائنا أن يستنطقوا ذاكرة تاريخ كبراء السن الثقات عن بعض ما أدركوه من مفاخر التاريخ، لينسخوه قبل احتراق تلك المكتبات، مكتبة مكتبة على حد معاني النقل السابق المسند من السيد أحمد ناجي السوقي، إلى ذلك المؤرخ، الذي آلمه احتراق تلك المكتبات بكاملها واحدة تلوى أخرى بموت كبار السن.
قلت: وهذا المؤرخ الفلاني هو من المثقفين باللغة العربية والفرنسية، التي يبلغ في ثقافتها مرتبة أهلته أن يكون من نواب الحاكم الفرنسي بعد الاستعمار، وقبل الاستقلال.
فلما استقلت جمهورية مالي كان من أصحاب الرئيس مودبا كيتا، فساءت العلاقة بينهما، فانتقل إلى ساحل العاج كلاجئ فأكرمه رئيسها أوفوين بانا...
مرحباً حتى مات هذا السيد المؤرخ الفلاني.
ومن ذريته: ابنه السيد سُوري، وكان يعمل في الوزارة الخارجية المالية، كما أفادني به زميله الأستاذ أحمد بن ناجي السوقي ـ حفظه الله.
قلت: إن الأستاذ أحمد ناجي، ممن أخبرني به السيد ابن السيد إلياس بن أيوب أحد أعلام قبيلة ضُسْهاك المشاهير، هو وأبوه:
وكان لقائي معه فرصة ذهبية بالنسبة لي في ولاية زيبَوْ إحدى ولايات دولة بركينا فاسو.
وفي ذلك اللقاء أفادني أن أحمد ناجي أحد رجال الثورة الطارقية الأولى الذين طالهم معه الاعتقال في سجون مالي، زمن الرئيس مودبا كيتا.
قلت: ولم يحصل لي وقتئذ شرف المعرفة بالسيد أحمد بن ناجي، فضلاً أن أكون على علم أنه أحد المناضلين البواسل، والمثقفين بثقافات ثورات الأوائل.
فكان من حظي أن أصبح وهو والسيد إلياس بن أيوب من شيوخي المؤرخين الذين نالني من ذاكرة التاريخ عنهم بعض أخبار الثورة الطارقية الأولى...
فلما أكرمني الله بالإقامة في بلاد الحرمين ـ حرسها الله من كل سوء ـ كان مما سعدت به معرفة هذه الشخصية السيد أحمد بن ناجي، الذي أخبرت ببعض سيرته النضالية من أحد أسود النضال المهوب، السيد الشهير إلياس ابن السيد الثري أيوب، ولي معهما وقفات تعريفية نبيلة بهم ـ بإذن الله تعالى ـ في كتاب: ((إخماد الجمرة بمحاسن لطائف ما تناثر من أخبار الثورة)).
أخي القارئ الكريم سأصحبك في جولات مقبلة حسب محطاتها ـ بإذن الله ـ ببعض الملخصات النادرة ـ المقتطفة من بعض تلك المكتبات الثرية بالمعارف المعمور بها أصحابها ـ حفظهم الله.
كمشاركة لأخوتي الكرام الكتاب أبناء الصحراء الشامخة الأعلام، وذلك من باب جهد المقل ببضاعة مزجاة، والله وحده هو المسئول أن يهديني إلى سواء سبيل المرضاة.


 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 12-20-2010 الساعة 10:20 AM

رد مع اقتباس