التمهيد:
لا شيء في الدنيا أحب لناظري***من منـــــظر الخــــــــلان والأصـــــحاب
إن من لم يذق حقيقة الود، مثله مثل الأعشى القاصر عن تمييز حمر النعم من بيضها من سود.
وكل ود إذا لم يبن على الحب في الله البر الودود، فإنه كدعوى زور مكذبة ببراهين شهادات العدول الشهود.
لذا فإن تعجب فعجب عظم أمر صلة الرحم بالزيارات، التي كانت تتم على الخيل المسومة... ومطايا الإبل العتاق...
فإنها كانت تلك وسائل النقل في تلك العصور، إلى عصور متأخرة، بل ما زالت في الغالب وسائل النقل في براري البوادي حتى الآن...
وإن أصبحنا في عصر تقدم الحضارات بوسائلها الهندسية العجيبة التي من بينها الهندسة المسمى: السيارات، وما جرى مجراها من القطارات، فالفلك المشحون فالطائرات...
وغيرها من الوسائل النقلية الهندسية، كلها من خلق الله تعالى الخلاق العليم، القائل سبحانه: الحمد لله:
((ويخلق ما لا تعلمون)).
وإن كان بلغ الجهل ببعض الناس أن يبلغ به تعظيم أرباب هذه الهندسات، بأن يؤمنوا بقدراتهم الهندسية، إيماناً يقودهم إلى تركهم الإيمان بدينهم القيم ـ دين الإسلام ـ إلى الإيمان بوثنية: دول الغرب غرورا بما علمهم الله من ظاهر الحياة الدنيا، وهم كما قال خالقهم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
((وهم عن الآخرة غافلون)).
إنه حقاً كما أخبر: عن الآخرة غافلون. سبحانه ما أصدقه حديثاً، وأقوم قيلا.
وما عباقرة الهندسة الغربية وغيرهم من الخلق إلاّ خلق من خلق الله تعالى، الذي خلقهم على حقيقة أخبر بها، بقوله سبحانه:
((والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا)).
وما عالم عليم إلا سبق علمه جهل مطبق، ثم هو جرى على حقيقة ما قسم له من علم، في أي شيء كان علمه، كما أخبر سبحانه:
((ويعلمكم ما لم تكونوا تعملون)).
فيكونون وما قدر لهم من العلم من خلق الله تعالى، كما أخبر سبحانه:
((والله خلقكم وما تعملون)).
فسبحان الله العظيم بديع السماوات والأرض خالق كل شيء وهو الواحد القهار.
الذي سخر لبني آدم من مخلوقاته ـ ما علمنا منها وما لم نعلم ـ المخلوقات العجيبة الخلقة...
فامتن بتلك المخلوقات عليهم، ثم امتن بمنة الشكر عنها منهم له ـ سبحانه ـ مع الإقرار على عظم الممتن به، قائلا ـ جل في علاه: ((سبحان الذي سخر لنا هذه وما كنا له مقرنين)).
فالسعيد كل السعادة من امتن الله تعالى عليه بالهادية هداية توفيق إلى توحيد: ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، يوم ينعم من تأله بهذا التوحيد العظيم من يقول في معرض ذكر منن الله عليه العظام: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إني كان لي قرين.
فسبحان ـ جل في علاه ـ القائل في معرض عظم التوحيد: ((لا إله إلاّ أنا فاعبدون)).
لك ـ يا ربنا ـ الحمد والثناء العظيم، رب العالمين رب العرش العظيم.
هذا وإن من شكر الله تعالى ما أكرمني من لقاء كريم بأحد قرابتي ومن إخوتي في الله الداعية الشيخ الفاضل حَمَّدى بن محمد الصالح الأدرعي السوقي التجايتي ـ حفظه الله.
وما صبابة مشــــــــــتاق على أمل***من اللــــــقاء كمشــــــتاق بــــلا أمل
إذ فاجأتنا ناقلة من الناقلات الهندسية ـ سيارة، تتحفنا بتحف صلة الرحم بالزيارة. فإنها صلة كريمة أخوية في الله تعالى ـ كذلك نحسبه ـ أجزل الله له أجرها، وشكر له بها صلته قرابته المسرورة بزيارته لها.
حين خصهم بها في تلك الخطوات، التي مست تربة إبنغملان ـ موطننا ـ التابع لولاية تمبكتو، واستقبله المركز الإسلامي منارتها، فاحتضنته المنطقة احتضان خطى الزائر الكريم.
إذ كأن الشاعر تخيل المركز الإسلامي في استقباله لزائره ضيفاً عزيزا لديه، مسروراً به غاية السرور، فقال ذلك الشاعر عنه:
يســـــــر بالضيــــــــــــف إذا رآه***ســــــــرور صـــــــــاد ورد الــــــــــماء