عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 09:11 PM   #18
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: إحياء مآثر الكرام الحُسبا



طلبه للعم ـ رحمه الله:
تمهيد:
بادئ ذي بدء، يعلم علم يقين، أن أي علم من العلماء، كان له بداية لمسيرته التعلمية، ويتفاتون في التبكير في انخراطه في سلك الدراسة والتعلم، إلاّ أن كل ولد، وحاله كما أخبر الله تعالى: وهو الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً.
وصدق الله إذ يقول: أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين.
لذا من إمتاع القارئ الكريم، إيناسه بشيء من أحوال المتعلم مبادئ دينه، ومكان تعلمه في العالم الإسلام، وطور تطور التعليم الإسلامي، أماكن، ومناهج، من سن الطفولة، التي يقول الدكتور مهدي رزق الله: وكان الطفل يرسل إلى الكتاب، والذي كان في الغالب يلاصق المسجد، وقد يكون بعيداً عنه، ونادراً ما يكون في المسجد خشية عبث الأطفال بنظافة المسجد..ص281
ثم ينتقل المتعلم بعد تلك المرحلة إلى مرحلة أخرى ينتقل فيها إلى رسالة المسجد التعليمية، التي يقول عنها المصدر نفسه: أدت هذه المساجد رسالتها التعليمية والثقافية خير أداء، وكانت النواة الأولى للتعليمي الجامعي...ص270
ثم مرحلة أخرى متقدمة تطورت بتطور فكر أربابها، إلى فكر جوهري، التي يطلق عليها اسم المدرسة التي يتناولها المصدر نفسه: ويبدو لنا أن كلمة ((مدرسة)) هنا تعني مكان الدراسة، أو مجلس العلم وحلقته، سواءً في المسجد، أو خارجه..ص273
وأصحاب المدرسة الذين يعنيهم السعدي، هم الذين يتحلقون حول العالم لتلقي العلوم الدينية.
وكلمة مدرِّس تعني العالم الذي يلقي الدروس على الطلاب في نختلف الأعمار غير تلاميذ الكتاب...ص 274
ثم يقلنا عالم المعرفة إلى تاريخ إنشاء أماكن التعلم خصيصاً، كما تناوله المصدر نفسه، بقوله:
وفي أواخر القرن الرابع الهجري بدأت المدارس الإسلامية في الظهور، خاصة في منطقة نيسابور، ثم انتشرت في العراق، وسورية، ومصر، وسائر بلاد الملسمين...ص270
لم تختلف المدرسة عن الجامع، أو المسجد، لا من حيث الشكل، ولا من حيث المضمون، إلاّ أنها كانت أكمل استعداد للدراسة المتصلة، لسكنى الطلاب المنقطعين للعلم...
بطرقية تستدعي انقطاع الطلاب للدراسة، وتفرغ المدرسين للعمل حيث كانت ترتب لهم أجور ثابتة.
وقد استدعى ذلك بالضرورة تخصيص بناء المدرسة في غير أوقات الصلاة لطلبتها ومدرسيها. ص272
أما الأندلس فلم يظهر فيها هذا النوع من معاهد التعليم إلاّ متأخراً جداً، وكانت أو مدرسة بها في غرناطة سنة 750هـ...
أما غربي إفريقية فقد ظهرت فيها ما يقارب من مثل هذه المدارس ببلاد الهوسا، ولكن في فترة متأخرة، حوالي نهاية القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر...ص273
قلت: هذه نبذة لطيفة حول سير الحركة التعلمية في العالم الإسلام، بصفة عامة من البدائية إلى بناء حضاري يتجدد عطاؤه بين فينة وأخرى.
ومن هذا الزح الحضاري وصل بصفة خاصة إلى أفق صحرائنا العزيزة الغالية، تحت جو متصحر، لكن استطاع أهله أن يساهم مساهمة فعالة، تقول عنها الدكتورة عصمت عبد اللطيف دندش، بعد كلام لها ما نصه: ومن النتائج المهمة لهذه الدراسة إبراز دور المرابطين الذي لا ينكر في نشر الثقافة العربية، والإسلامية في السودان الغربي، فضلاً عن نقل المؤثرات، الأندلسية والمغربية إلى منطقة غرب إفريقيا، فكان أهل السودان يكتبون على طريق المغاربة في الخط وإعجام الحروف وترتيبها، فكانت مدارسهم تكاد تكون مغربية صرفة، فيها نفس المناهج...ص222
هذا شيء عن لمحة نقلية للتعليم ومناهجها، من الألف إلى الياء من تأريخ شيء من مسميات أماكن التعليم، وعلومها، التي تقلنا صلة الثقافة الجوارية إلى حقائق تاريخية، وهي علاقة النشاط العلمي المغربي بإرسال الرسالة نفسها إلى ما جاورها، كما تناولته الدكتورة قائلة: وارتبطت المدارس بالدين الإسلامي، فكان تلحق بالمساجد، والرباطات..
وأما القرى التي لا يوجد بها مساجد فكان أطفالها يتلقون تعاليمهم على يد أحد الدعاة في ساحة القرية، أو في غرفة يتبرع بها أحد الأثرياء في منزله..
وتكونت طبقة من أهل السودان الذين تلقوا تعليمهم على المغاربة، فأتقنوا اللغة العربية، وعلوم الفقه، والحديث، وكان العلماء والطلبة يقومون بالرحلة من السودان إلى مدن وحواضر المغرب المختلفة يعلمون ويتعلمون.
كما يجب أن لا نغفل دور دعاة المرابطين الذين كانوا يصحبون الجيش الفاتح لتعليم الناس قواعد الدين الإسلامي، وليعملوا على تدعيم الدين، واستطاع هؤلاء الدعاة أن يكونوا طبقة من الدعاة من بين قبائل التكرور، فقامت هي الأخرى بالدعوة للإسلام، بين قبائل الولوف، والفولبي، والماندجو، فأسسوا المدارس في الزوايا، والرباطات، والمساجد، وقاموا بالتعليم فيها فاكتسبوا محبة الناس واحترامهم...ص223.
كتاب دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا ـ طبعة دار الغرب الإسلامي
إلى هنا نتنفس مستنشقين نفح الطيب رياحين الدراسات السابقة المتينة، وهي في الحقيقة دراسات حملت رسائل التطور التعليمي في العالم الإسلام قاطبة.
وإلى نبذة لطيفة يجرنا قلم حقائقها، إلى القول بإن أفق صاحب الترجمة، ليس بعيداً من الواقع الذي عايشته صحرائنا الغالية جمعاء، وهو واقع مر جداً، واقع عاجز عن تطوير أماكن التعلم، حسب ما بلغه العالم الإسلامي الحضاري اليوم، من مدارس مشيدة، معتنية برسالتها الكفالية من أجور المدرسين، وكفالة الطلبة الغرباء، وغيرهم من ضعفة طلاب أحياء تلك المجتمعات المبتلى بالفقر والتصحر، وغير ذلك.
ولم أعلم منذ فجر التطور الحضاري بالمدرسة الإسلامية في صحرائنا الغالية مدارس قريبة إلى معنى تلك المدارس من بناء، وكفالة المدرسين، والطلبة المغتربين، ومن في معناهم، لا أعلم مكانا تعليمياً حديثاً ساري العطاء، بشكل عصري حديث غير بدايات مباركة طلعت مع مطلع القرن الخامس عشر الهجري كالمنظمة الخيرة التي يشرف عليها مؤسسها فضيلة الشيخ أبو محمد عبد الله بن موسى السوقي، في نيجر.
والمركز الإسلامي في منطقة إبنغملان، الذي يشرف عليه مؤسسه الشيخ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم السوقي.
ومدرسة ابن عبد البر في منطقة تيسي التي بشرف عليها مؤسسها الشيخ أبو محمد البشير بن محمد ـ رمتا السوفي
ومن شقيقة هذه المدارس الخيرية، المدرسة التي شرفني سعادته بالبشارة بها في قبيلة صاحب الترجمة، وهي من البشر العظيمة لقلة وجود المدارس العربية المعتنية بالتعاليم الإسلامية، على النظام الحديث.
وأما الكلام عن نبذة حول المدارس بمعنى أمكان القبائل العلمية التي يتلقى العلم فيها قديماً وحديثاً في صحرائنا الغالية، فقد كفانا الأستاذ الأديب الخرجي، محمد أحمدَ الإدريسي السوقي، بعد كلام له في كتابه القيم: المدارس الأدبية في صحراء الطوارق، الذي فيه ما نصه: علماً بأن كل المدارس التي تحيط بالسوقيين سواءً مدارس(الكنتيين)...
ومدارس(الفلان)، وغيرهم أبلت كلها بلاءً حسناً في العلوم الدينية، والعربية في المنطقة، وأنجبت هذه المدارس أسماءً لامعة، في سماء الفكر، والعلم، والأدب، وكونت مع النهضات العلمية والأدبية التي قادها السوقيون، تشابكاً علمياً وتعاوناً في كافة المجالات العلمية والأدبية والاجتماعية.
ص45طبعة: أسامة للنشر والتوزيع.
قلت: والكتاب طبع قريباً، بطباعة فاخرة بما احتوت عليه من الجهد الجليل، والطرح الجميل، والتكلم بلسان ابن بار لكل قبيلة سوقية، وغير سوقية، ما أبعد مقام تصنيفه المنصف الفريد من نوعه، أن يتناوله معنى قول الشاعر:
ألم تر أنني جاورت كعباً***وكان جوار بعض القوم غيا



 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 09-26-2010 الساعة 12:37 PM

رد مع اقتباس