عرض مشاركة واحدة
قديم 09-14-2014, 09:49 PM   #3


الصورة الرمزية الدغوغي
الدغوغي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 العمر : 14
 أخر زيارة : 02-17-2024 (10:02 AM)
 المشاركات : 549 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: 307. الخضر / المحمود بن حماد الإدريسي التبورقي السوقي



ومن آثاره العلمية استنساخ النسخ ونقلها من المطبعة إلى الخط اليدوي فلم يزل منذ شب إلى الآن في ذلك العمل لم يرح نفسه وإخوانه وعمّاله من تلك الخدمة ولا أظنه يريحهم ما دام حيا وربما كان حامله على الاستنساخ أن تكون المطبعة غير واضحة لجميع القرآء فينقلها إلى الخط الجيد ليتمكن جيمع القرآء من الانتفاع بها ، أو يكون الكتاب المطبوع لا نسخة له إلا واحدة يضن صاحبها بإعارتها ويستحيل عنده بيعها فيستعيرها منه ويسلط عليها كل كاتب حتى يحصل منها نسخة جامعة بين الجيد والرديئي ، ثم يتخير المجيدين من الكتاب فينسخون له نسخة جيدة ويتفضل على بعض أصحابه بالنسخة الأولى الجامعة بين الغث والسمين ، وما ذاكرته من آثاره العلمية قليل بالنسبة إلى ما تركته . وأما غير العلوم فلا يرضى أن يكون له أثر فيه لحقارته عنده وزهده في متاع الفانية وقد أجمع رأيه ورأي أصحابه عام أحد وسبعين وثلاث مائة 1371هـ على أن يتركوا الجولان ويتخذوا قرية يستقرون فيها فبنوا ديارا وبنى مسجدا كبيرا أنفق فيها أموالا كثيرة ، ثم بنى دارا كبيرة لسكناه فرأى من إقبال الدنيا وأهلها عليه ما خشي من الفتنة في دين صغار أهله وأتباعه إن دام عليهم ففر من ذلك إلى الصحاري وتبعه أصحابه لما يلزم في سكنى الصحاري من التقلل في الدنيا وزهرتها وتركوا الديار على حالها واختاروا سلامة أديانهم مع الفقر على التوسع في الدنيا مع الفتنة في الدين وأما أخلاقه : فمجملة في أبياته البائية التي أولها :
عليك بذكر الله ...........
...............................


وتفصيلها لا تسعها هذه النبذة ولا يرضى بنشرها خوف الإطراء والعجب ، ولا نشر فضائل الحي يشبه الغير وأعيذه بالله من شر كل عائر ومن شر حاسد إذا حسد ، لكن لا بدّ لي من ذكر يسير من زهده وجوده وورعه وتعظيمه للعلماء وتواضعه وحرصه على إخوانه المؤمنين أما زهده : فيكفي منه أنه ممن سخر له الأقطار القريبة منه فيتقربون إليه الهدايا الجزيلة ولكن لا يملك شيئا منها ولا يقتات بمرغوب ..... ولا يركبه ولولا الوفود لكان ملبوسه كذلك ، لكن منعه من أن يكون ملبوسه مرغوبا عنه موافقه السنة في التجمل للوفود فكان يلبس فاخرا الثياب ويتلقى بها الوفود ثم ينزعها ويكسوها بعض الناس واتخذ ذلك عادة جارية . وأما جوده : فيكفي منه أنه أشاع في الناس أن كل مسلم رأى شيئا من ماله ورغب فيه فهو له ، وكان يكرر ذلك في المجالس ، ومن العجب أنه هو الذي تسند إليه الأمور العظام من القيام بمؤن جماعته وكثرة الضيوف وأهل الحوائج الذين لا رجون غيره لكشف نوائبهم ويسعف الكل بمراده ولا يقتني شيئا ولا يستعد لما لم يأت بل يعتمد على ربه وإعانته وأخلافه على ما ينفق ابتغاء مرضاته ، ويأتيه من العون ما لا يأتي المقتتين الممسكين المستعدين للنوائب ، وسمعته ذات مرة يقول إذا وصل إلي واحد من أصحابي شيئا كان يرغب فيه من مالي فهو الذي أعطانيه وملكنيه تمليكا جديدا لأنه بنفس رغبته فيه صار ملكا له ، فقلت له إن بعض المهدين إذا أهدى إليك بيد أحد قال له هذه أمانة بيدك أريد أن تجعله في يد فلان فما وجه الانتفاع بتلك الأمانة قبل بلوغها محلها أو ليس الانتفاع بها قبل وصولها إليك خيانة ، فقال لي لم يكن خيانة فإن المرء لا يكون أمين أحد في مال نفسه فإن جميع المسلمين ماذون لهم في أخذ ما شاءوا من مالي . وقال لي مرة قد ازداد إيماني وثقتي بربي وطمأنينتي بأن رزقي عند ربي لأن ما أكرره من الإذن في أخذ مالي تلقاه الناس بالقبول وسارعوا إلى أخذ ما قدروا عليه من أملاكي لكنهم لم يقدروا على صد ما هو رزقي حقيقة بل يصل إلي من غير تحيل مني ومن غير تقصير منهم في أخذ ما ظفروا به ، وله في ذلك حكايات غريبة ، وربما وقع الخصام بين الآخذين في شيء سمى له فيدعيه بعض الناس ويدعيه آخر فيفصل الخصام بأن المباح لمن أخذ أولا . وأما ورعه : فمنه أنه مكث سنين يفتي ثم أعرض عن ذلك مع الاستعداد التام من كثرة الكتب وضبطها وفقاهة النفس ولكن كان آخر أمره أنه لا يفصل بين اثنين بل يرسل الخصوم إلى غيره ليكفيه مؤنة الفصل وربما كان ذلك المرسل إليه بعض تلاميذه ممن لا يستقل بأمر دونه ولا يفصل إلا بمراجعته فيراجعه في النازلة ويدله على مظان حكمها حتى يتيقن ما عنده فيفصل بين الخصمين اعتمادا على ما اقتبسه منه ولكنه بنفسه لا يباشر الفصل حذرا من أن يحكم بغير ما أنزل الله . ومن ورعه في الأموال أنه يأتيه كثير من الأموال فيفرقه ولا ينتفع بشيء منها ، وقد ذاكرته مرة في أمر الأموال التي تهدى إلينا ممن لا يعتني بتطييب ماله فإنها إن تركناها بالكلية اختل كثير من الأموال المسندة إلينا من مصالح الضيوف والضعفاء والفقراء والجيران الذين لا يجدون شيئا إلا بواسطتنا ، وإن قبضناها وانتفعنا بها لم نأمن الوقوع في الشبهة أو الحرام ، فقال لي نأخذ على رخص الفقهاء وننفق على طريقة أهل الورع ننفق على أنفسنا وخواصنا ما لا شبهة فيه ونفرق غيره على الناس . وأما تعظيمه للعلماء وتواضعه فمنه أن تعظيمه لتلاميذه كتعظيمه لشيوخه فيعد نفسه من تلاميذ من كان يعده من مشائخه فيتبادل معهم التوقير والاحترام . وقد قال لي مرة إن العلماء الذين آمركم بتعظيمهم كل من يعرف معنى كلمة الإخلاص مؤمنا بها ، لأن ذلك هو ظاهر القرآن لا خصوص من يقرأ الكتب ويدرسها . وأما حرصه على المؤمنين الأقارب والأجانب فقد اشتهر عند كل من يعرفه من ذلك حسن لقائه لمن لا يوبه به ، ومنه سعيه في الإصلاح بين كل متنافرين ، ومنه كثرة أمره لمن يجالسه بالإحسان إلى الناس واحتمال أذاهم وكف أذاه عنهم ، وقد سمعته مرة يقول وددت أن كل من أراد أن يسيء إلى مسلم صرف إسآته إلي فأعفو عنه وأستره إن لم يكن معي من يشفي عنه فلو قدر على أحد من المسلمين أن يسيء إلي خاليا ما سمع بذلك أحد أبدا لشدة حبي لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم . توفي لثالث عشرة ليلة خلت من شعبان ليلة الإثنين من عام 1407هـ(2) .


 
 توقيع : الدغوغي

ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله
والحمد لله
ولا إله إلا الله
والله أكبر


رد مع اقتباس