عرض مشاركة واحدة
قديم 06-17-2010, 08:46 PM   #13


الصورة الرمزية عبدالواحد الأنصاري
عبدالواحد الأنصاري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 159
 تاريخ التسجيل :  Oct 2009
 أخر زيارة : 08-01-2010 (03:52 PM)
 المشاركات : 26 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: كل اسوك وكل انصر: إلى أين؟؟



أخي اليعقوبي: أحسنت وأجدت وأفدت، ولو أن الناس كلهم بأسلوبك ومتانتك وحياديتك لما فسد ما فسد، ولو أن كلا منهم اعتمد على ما شهده بنفسه، لا على ما نقل إليه لما تضرر أحد.

وبما أنك أوضحت وشرحت بطريقة وافية علمية مؤصلة، وقرأتها من خلال أسلوب التحليل، وهذا يدل إن دل على شيء على تضلعك في وسائل الدراسات الاجتماعية الحديثة، فلذلك لا بد لي أن أتحدث عما علمته مؤخرا من هذه المسائل، وما أفاضه علي بعض جهابذة أسرتي في فترة طلب علمي الأخيرة، وأمدوني به من حقائق، بعد أن خرجت من الحدود إلى الصحراء مرتين، وزرت إخوانا لي في كل مكان هنا وهناك.

فيشرفني أنني ممن ولد في هذه الدولة الكريمة الطاهرة، أعني بلاد المملكة العربية السعودية، وكنت إذ نشأت أعرف أنني أنصاري، وأن أهلي جاؤوا من صحراء أزواد، وأنهم يحملون الجواز الماليّ، وأعرف أن لي ذوي قرابة هنالك وفي مختلف البلدان كنيجيريا والنيجر والجزائر وموريتانيا والمغرب، وسمعت والدتي تتحدث الطارقية، وحفظت أشعار قومي واطلعت على مخطوطاتهم مكتوبة بالعربية، وعلمت انتسابهم.

لكن مع الاختلاط بالناس كنت أسمع عن أناس اسمهم أنصار كالشيخ إسماعيل رحمه الله، وكعبد الرحمن الطيب، وكحماد وغيرهم من مشاهير العلماء الأجلاء، وأعلم أنهم سوقيون وأنهم يطلقون على أنفسهم أنصارا، فأما كبار السن والعقلاء، فلم أجد منهم تعليقا بإنكار ذلك، ولكن بعض الشباب الناشئين في السعودية وبعض الأغرار كانوا يشككون في ذلك، ثم درست في المعهد العلمي مع طالب ينتسب إلى الأنصار وكان صديقا لي، ولكننا كنا صغارا بحيث لم تكن تعنينا هذه المسائل، واطلعت على قصائد الشيخ المختار التي يؤكد فيها انتساب بعض أهل السوق إلى الأنصار، واصفا إياهم بأنهم "فرعه إذا ينسبون"، فتشكل لدي نوع من العلم الأكيد بهذا الأمر، ثم لما تخرجت من الثانوية وبدأت أختلط بالأمم أكثر زارني في البيت رجل فاضل منتسب إلى الأنصار وأطلعني على انتسابه للأنصار، وزودني ببعض الكتابات المفيدات، ثم لقيت لدى بعض الحدادين التابعين للأنصار رجلا من أفاضل أهل السوق، فشرح لي ذلك، وهكذا... فالتعلم تراكمي، وأخيرا اطلعت على كتابات العتيق السوقيّ، وعلى تعريفات أخرى من السوقيين بأنفسهم، هكذا دواليك. وفي الوقت نفسه أسمع من يتحدث عن إساءات بعض السوقيين وعدم اعترافهم بأنصارية آل إنفا، فكان ذلك يؤلمني ويحزنني. وبعد صدور كتاب الأوفى اطلعت على نماذج مما يذكر لي فتأكدت من وجود هذا الأمر وتحققت من أن المشكلة والمعضلة موجودة في الطرفين، وأنه كما أن من الأنصار الإنفيين من يعرض بإنكار أنصارية السوقيين، فكذلك من السوقيين من يعرض أو يصرح بإنكار أنصارية الإنفيين. وهذا الجوّ موجود في أجواء الطرفين في بلدان العرب خاصة، وليس في مالي على ما أعلم. ولم يكن ما جاء في كتاب الأوفى إلا مظهرا صريحا له، ولذلك: ما إن ظهر ما في كتاب الأوفى حتى انكشف الغطاء وبرح الخفاء لدى من ينكر أنصارية أي طرف من الأطراف، ولم يكن يحتاج المنكرون لأنصارية آل إنفا إلا إلى استرجاع بعض ما هو متداول في إنكار أنصاريتهم، وقد كان ذلك واضحا في كتابات اليحيوي وأبي عاصم المحذوفة، بل وألمح إليه أحد المشاركين ممن طالبوا بالكتابة مجددا في تاريخ آل إنفا.

وبما أن هذا هو المعطى، فقد أردت أن أتأمل فيه: يا ترى، لماذا يوجد هذا الاستعداد والتداول في الفريقين؟ هل الأمر متعلق بشيء أخذوه عن الآباء والأجداد، ونزاع قديم؟ أم هو شيء جاء بعد تفرقهم في الأقطار، والتقائهم في بلدان كالسعودية مثلا؟

فكان الجواب هو الثاني.

ولذلك، ولعلم كثير من السوقيين بوجود هذه المعضلة، فإن بعضهم سارعوا في الرد على أشياء ليست في كتاب الأوفى، مع أنهم تصدوا للرد على الكتاب المذكور، فرد بعضهم على مقدمة للمؤلف لم تنشر في كتاب الأوفى، وليس فيها تصريح بنفي نسبة السوقيين إلى الأنصار لمن انتسب منهم إليهم، كما غفلوا عن تصريح المؤلف في كتاب الأوفى بانتساب غير آل إنفا من أهل الصحراء إلى الأنصار، فصاروا يستشهدون للرد على كتاب الأوفى -فيما يتعلق بالنسب- بما لم يقله في كتاب الأوفى ولم يقله فيهم خاصة أيضا.
وأما ما تكلم فيه المؤلف في كتاب الأوفى عن السوقيين وإن كنا لا نقره عليه فلا بد من ذكره لبيان أنه لم يقل غيره إطلاقا: فهي ثلاثة مقاطع، ليس منها ما هو متعلق بنسبهم، أحدها وصفهم فيها بإنسلمن، وهذا وإن كان إطلاقا لا نرتضيه بهذه الصيغة فليس له تعلق بمسائل النسب. وثانيها تكلم فيها عن منكري نسبة آل إنفا إلى الأنصاريين من سوقيين وكنتة، وأغلظ في الخطاب وأخطأ، وهذه مسألة إنكار نسبة آل إنفا، وإن كانت تستحق أن يرد عليه فهي ليست راجعة إنكار نسبة بعض السوقيين إلى الأنصار. وأما المقطع الثالث فهو كلام في بعض من وصفهم بأنهم استغلوا أهل الصحراء وأكلوا مالهم بادعائهم الولاية، ولم يصرح فيه أصلا بأسماء السوقيين، وعدوه تعريضا بهم.

فهذا يدل على أن الأصل في ردة الفعل القوية ليست كتاب الأوفى فقط، وليست أمرا جديدا، وإنما هو أمر له ما قبله، وما ظهور كتاب الأوفى إلا لحظة إطلاق للأمر على حقيقته من بين الطرفين.
ولذلك حدث أمر غريب:
عندما صدر كتاب الأوفى توهم السوقيون أن في الكتاب إنكار انتساب السوقيين الأنصاريين إلى الأنصار، وليس فيه حرف من ذلك.
وعندما صدر كتاب الأوفى أخذ من يردون عليه من الإخوان يردون على اقتباسات جاؤوا بها من الإنترنت، وقد استبعدها المؤلف من كتابه، وهي موضوعات قديمة، وقد حذفها المؤلف عندما علم أنها لا تزال موجودة، وليست في كتاب الأوفى، كما أنها لم تكن صريحة في نفي انتساب السوقيين للأنصار، بل واعتمدوا على تلك المنقولات النتية، وتجاهلوا تصريحه وتداركه في الكتاب باعترافه بانتساب غير آل إنفا للأنصار.

وكذلك وجدت في الأنصار من آل إنفا من يحتج على السوقيين بما ليس صريحا في نفي نسبتهم، بل قد رآه بعضهم صريحا في نسبتهم إلى الأنصار، كما هي كتابة الشيخ العتيق، فثار الشك فيهم لمجرد اطلاعهم على بعض ما رأوا أنه يحتمل أن يكون إلغازا بهم، وجعلوا بعض ما هو غير صحيح من كلام العتيق دليلا على خطأ ما أصاب فيه، وهذا عين الظلم. ووجدت من يحتج على السوقيين ببعض تعليقات وحواش خطية كتبها بعض السوقيين في تأويل كلام العتيق عن الأنصار من آل إنفا على أنها من كلام السوقيين، وهكذا دواليك...

فهذه المسألة قطعا: ليس كتاب الأوفى بأصلها ولا هو من جذرها في النفوس، وإنما كان هو الشرارة التي أطلقتها، وبما أننا علمنا أنها إنما انتشرت في البلدان العربية وفي السعودية خاصة، فيجب علينا أن نراجع السبب في انتشارها.

وهذا ما سأبينه إن شاء الله في رد لاحق.


 

رد مع اقتباس