عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-2012, 06:32 PM   #4
مشرف منتدى الحوار الهادف


الصورة الرمزية أبوعبدالله
أبوعبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل :  Dec 2008
 أخر زيارة : 05-09-2024 (10:07 AM)
 المشاركات : 1,676 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الشيخ أحمد الحسني الإغشري ــ بقلم العتيق بن عبد الله




التمهيد
بيئة الشاعر أحمد بن سعد السوقي ( السوق ) الموقوف على المدلول الحقيقي للتسمية (سوق). يجدر بنا أولا تجرد الكلمة من ياء النسبة , حتى يتسنى لنا تناول الطرفين : المنسوب والمنسوب إليه من منظور تاريخي حتى . نتمكن من تحديد الموقع الجغرافي للمدينة المنسوب إليها هذا العالم , وتمييزها عن مثيلاتها المشاركة لها في التسمية,وحتى نتمكن من التنبيه على الأطوار التي مرت على هذا اللقب قبل أن يستقر على المشهورين به أخيرا من أبناء المدينة
الأم.
أولا السوق :
بغضّ النظر عن الخلاف الذي أثير حول تعيين المدينة المعنية باسم (السوق) والتي سكنها أجداد السوقيين في العهود الأولى لوصول الإسلام إلى الصحراء الكبرى وشمال إفريقيا . وان لم يحظ هذا الخلاف بتأييد علماء البلاد من مؤرخي المنطقة, فالتحقيق أن السوق المقصود هنا والمنسوب إليه عالمنا هي مدينة بربرية قديمة , تعرف عند الطوارق باسم (السوك) ويطلق عليها لدى العرب (السوق) تعريبا كلمة السوك الطارقية , واشتهرت المدينة بعد وصول الإسلام إليها بتسمية جديدة (تادمكة) أي هذه مكة (1).
الموقع الجغرافي :
تقع في شمال الشرقي لمدينة تمبكتو بمالي, وتبعد عنها حوالي : 400كم , وهي قرية من مدينة كيدال الحالية في محاذاة حدود مالي مع الجزائر (2) .


وصول الإسلام إليها :
قد وصل الإسلام إلى المدينة في القرن الأول الهجري (1) , إلا أن المصادر لم تستوف طريقة وصوله إليها , غير أن صاحب الجمان نقل رواية تدل على أن البربر قد سمعوا بأمر الإسلام , ووصلت بعض أخباره إلى إفريقيا منذ عهد عمر بن الخطاب.
والرواية تذكر قصة ستة نفر من البربر قدموا على عمرو بن العاص محلقي الرءوس واللحى , فقالوا له : نحن رغبنا في الإسلام فجئنا له ,لأن أجدادنا أوصونا بذلك , فوجههم عمرو إلى عمر , وكتب له بخبرهم , فلما وصلوا إليه قال لهم على لسان الترجمان : من أنتم ؟ فقالوا : نحن من بني مازيغ ,ففرح بإسلامهم , وكتب إلى عمرو بأن يجعلهم في مقدمة المسلمين (2) . وأيا ما كانت الطريقة أو الوسيلة فمما لا شك فيه أنه ما إن قرع الإسلام أبواب المدينة حتى تفتحت له الصدور وانفتحت له الدور, واحتضنته بكل قبول وسرور ,وآوته بكل معاني السخاء والرضا, فانبلج نور الإيمان وانبثت معالم الهداية , وساد جو من التراحم والتكافل والتعاضد بفضل هذا الدين الحنيف , وما ينطوي علية من مبادئ فاضلة, ويحتويه من تعاليم سمحة , ويدل عليه من أخلاق نبيلة (3) .
أهمية تادمكة ( السوق ) التاريخية والعلمية :
إن تادمكة تضاهي مدينة شنقيط(4) الموريتانية في عراقتها ,وتشاركها في دورها المميز , إلا إنها لم يكتب لها من العناية في السابق ما كتب لأختها المجاورة , وقد ذكر الشيخ العتيق بن سعد الدين أنها تعتبر في ازدهارها من أهم مدن الإسلام, ويعتبر أهلها من أهم حاملي راية الإسلام والعلم , مقيمي السنة , ومحاربي البدعة , ولم يزالوا على تلك الحال إلى أن تفرقوا عنها, وتشتتوا في البلاد خرابها ومغادرة السكان لها, فبقيت أطلالا لا أنيس فيها ولا أثر إلا الأسماء المنقوشة على الحائط(1) .
خــــــــــرابـــهــا :
أما خراب المدينة من وراء جلاء السكان عنها , فظل دائما يكتنفه الغموض , مما أدى بدوره إلى تباين الروايات , واختلاف الآراء يشأنها فهناك رواية تفيد بأن حاكم دولة سنغاي المعروف ب (سني علي بير) والمشهور بمناواة ومعاداة العلماء, ومطاردتهم من ديارهم , وتخريبها عليهم, كما حصل لمدينة تمبكتو , هو الذي أغار على المدينة وخربها , إلا أن هذه الرواية مردودة قطعا , وحسب المصادر الموثوقة فان السبب الوحيد وراء خراب المدينة ومغادرة سكانها لها يرجع إلى عوامل طبيعية : من الجفاف وقلة الأمطار , وكثرة الجدب , وظرف اقتصادية من نقصان الذهب , وتراجع الحركة التجارية, وقلة إقبال التجار عليها علاوة على إن موقع المدينة يأتي بين جبال وأودية في الصحراء قاحلة لا تنبت , ولا توجد فيها مزارع ولا مراع تساعد على إقامة السكان بها(2) .
ثانيا : السوقي : انطلاقا من كون هذه النسبة إلى مكان يعرف ب ( السوق ), وقد اختلف في ( السوق ) المنسوب إليها هنا , هل هو سوق ( لزام ) بتونس أم لا ؟ لاحتمال أن يكون أجدادهم سكنوه ثم تخلوا إلى ( السوك ) المعروف بعد ذلك بــــ( تادمكة ) ولكنه خلاف ضعيف لا يؤبه به, فالاحتمال بعيد جدا , وباعتبار المدينة قد اشتهرت باسم ( السوك ) قبل الإسلام , فيها لا بتصور معه أن تكون قد أخذت التسمية من جماعة وافدة عليها بعد وصول الإسلام , فان هذا اللقب إذا أطلق يقصد به كل من ينتسب إلى مدينة ( السوك ) أو ( السوق ) أو ( تادمكة ) التي مر علينا تحديد موقعها آنفا(3) .
وقد قطع هذا اللقب مراحل تدرج ,وعاش فترات تنقل عبر تقادم الزمن , وتعاقب الأيام والأجيال , وعقب تفكك الجوار وتباعد الأوطان , وحسب معايير جغرافية أحيانا , وثقافية تارة أخرى , ذلك التدرج الذي لأدى إلى انحسار اللقب عن بعض أصحابه, بل انتقاله عن غالبيتهم , حتى أن كثيرا منهم لا يعرف باندراجه تحت اللقب , وذلك ناتج عن انتشار سكان المدينة بعد خرابها في البلدان , فاستقلت كل مجموعة باسم جديد يخصها مأخوذ من الجبل , أو التل , أو الوادي ,أو البئر الذي تسكنه بشكل دائم , أو بصورة دورية فبقي الانتساب على القاطنين في القرب من أطلال المدينة , من أبناءها , ثم شهدت التطور النهائي , أو التحول الجذري , فأطلق على السوقيين فيما بعد , فاندمجوا فيهم اجتماعيا وجغرافيا وعرفوا بهذا اللقب(1) .
فإذا علمت هذا : فاعلم أن هذا اللقب إذا أطلق على الفرد باللغة الطارقية يقال له ( أو السوك ) فــــــ( أو ) في لغة الطوارق بمثابة ياء النسبة في العربية , وإذا أطلقته على الجمع لهذه اللغة أيضا قلت ( كل السوك ) فــــــــ( كل ) بمعني (أهل) بالطارقية , فإذا أضفنا ( السوق ) إلى ( أهل ) نقول ( أهل السوق ) وأهل تساوي ( ال ) فنقول ( ال السوق ) والاستعمالات الثلاثة مقبولة كلها , ومستخدمة في كتاباتهم النثرية والشعرية , وكذلك من قِبل إخوانهم في المنطقة عربا وعجما .
مناطـق وجود السوقيين:
تتكون قبيلة السوقيين من عشائر عديدة , تعرف كل عشيرة باسم خاص الذي يؤخذ في الغالب من المكان الذي تقطنه هذه القبيلة أو تلك أو من جد من أجدادهم , وكانت عشائرهم قبل متجولة ورحالة في ربوع الصحراء الكبرى, كل منها تنتقل حول مكان معين, تنطلق من وتعود أليه,حسب المصلحة ووفق تقلب مواسم السنة, وتغير أحوال المناخ,من حرارة وبرودة و إلا أن غالبيتهم قاطنون في مالي قديما وحديثا, أما في الوقت الراهن فكلهم مستقرون في قرى سكنية متفاوتة إلا بعاد عن ضفتي ــــــــ نهر النيجر ـــــــ الشرقية والغربية في كل من : مالي , النيجر , بالإضافة إلى مجموعات في بوركينافاسو , وبيوتات في تامرست بالجزائر وغدامس في ليبيا ,كما توجد عائلات أخرى ذات عدد في السعودية قد هاجرت أجدادهم منذ عشرات السنين وتجنسوا في السعودية وتلاحق بهم بعض أهاليهم(1) .
قبيلة العالم ومكانتها الاجتماعية :
بعد الكلام عن قبيلة السوقيين بصفة عامة , والكلام عن مدينة السوق التي ينتسب إليها السوقيون , ودورها العلمي والتاريخي , ووصول الإسلام إليها وأماكن تواجد السوقيين . ها نحن قد آن لنا الأوان للكلام عن قبيلة عالمنا من بين القبائل السوقية بصفة خاصة .
ينتمي عالمنا الشيخ أحمد بن سعد إلى قبيلة ( كل اغشر ) وكلمة ( كل ) في اللغة الطارقية كما أسلفنا تعني (أهل ) و ( إغشر ) معناه ( النهر ) ولقد أخذ الاسم من المكان الذي كانت تقطنه هذه العشيرة في الغالب قبل استقرارها في قرى سكنية حاليا , شأنها في ذلك شأن جميع العشائر السوقية التي تعرف كل عشيرة منها باسم خاص يؤخذ في الغالب من المكان الذي تقطنه هذه القبيلة أو تلك(2) , وقبيلة كل إغشر قبيلة سوقية عريقة معترف لها بالفضل والشرف , وكانوا أهل علم وسيادة , ولم يزالوا مبجلين محترمين لأهل بلدهم لما حازوا من النسب الشريف ومن الاتصاف بالأوصاف الحميدة والأخلاق النبيلة , ويرفعون نسبهم إلى عقيل بن الغزالي , كما ذكر ذلك العلامة الشيخ العتيق بن سعد الدين, حيث قال وينسب إليه , أي : عقيل بن الغزالي رجال في أرض ـــــ بنكلاري ــــــــ من أعمال تيرا جمهورية النيجر ,وجدهم اسمه: المكودي وابناه سعد , والذاكر ,هما اللذان تفرعت عنها تلك الجماعة ولم يشاركهم أحد غيرهم من أهل وطنهم في النسب وينتهي نسبهم إلى باب بن حام بن عقيل بن الغزالي . اهــ(3) وباب هذا له ولادة على كثير من أحياء السوقيين, ولم أقف على تعيين عصره ولكن من وقف على تعيين تاريخ عصورهم من بني عمه المساوين له في النسب عاشوا في القرن العاشر الهجري وأظنه هو كذلك(4) وبنوه من بعده تغربوا عن أوطان بني أعمامهم إلى أوطان بعض أخوالهم من أهل ( بكو ) من أعمال ( أنسنغو ) وكانوا من جملة ذلك الحي, ثم انتقل ذلك الحي إلى أرض ( إغشر ) من بلاد النيجر وتبعه جدهم المسمى( أنّك ) وبقيت ذرية أولئك المنتقلين هناك ونشأ منها حي يقال له : ( كل إغشر ) ثم انتقلوا إلى أرض ( تيرا ) فسكنوه منذ مدة تزيد على ثلاثة قرون , ولم يزل عنهم الانتساب إلى وطن أجدادهم القديم وهو ( إغشر ) , والانتساب إلى وطن أسلافهم الأقدمين وهو ( السوق ) (1) وتتميز هذه العشيرة أعني ( كل إغشر ) في بلادهم بمكانة اجتماعية مرموقة ومكانة دينية كبيرة , نشروا علما كثيرا في أرضهم , وأحيوا كثيرا من السنن , وأماتوا كثيرا من البدع , وأنفقوا في سبيل الله , وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم , وانتفع بهم من شاء الله دينيا ودنيويا(2) .
وتسكن هذه القبيلة في قرى سكنية في الوقت الراهن في أعمال بلدية ( بنكلاري ) التابعة لمقاطعة ( تيرا ) التابعة لإقليم ( تيلابيري ) بجمهورية النيجر, وتنقسم إلى مجموعات سكنية في قرى متقاربة مثل : ( لمدو ) ، و ( بلسا ) , و ( إنبرام ) , وبها توجد المقبرة الكبيرة للجماعة , ولهم حلفاء في ( كُلمن ) ، ( شاتمن ) ، و ( لمدو ) , و ( قروفنة ) , وغالبية أحياء ( بنكلاري )(3) .


 
 توقيع : أبوعبدالله


العقول العظيمه تناقش الافكار , والعقول المتوسطه تناقش الاحداث , والعقول الصغيره تناقش الاشخاص



رد مع اقتباس