عرض مشاركة واحدة
قديم 03-16-2010, 03:37 PM   #11


الصورة الرمزية أبو فارس
أبو فارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 490
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 02-23-2011 (03:43 PM)
 المشاركات : 55 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: من العادات الأزوادية



عزيزي اليعقوبي
ممتن لعودتك.. ومعالجتك الفريدة للأمر ببيان العديد من أسبابه وأبعاده، وسأحاول مع كساد البضاعة أن أوضّح وجهة نظري تجاه بعض ما علقتم عليه..




.................................................. ...............................................
ثانيا: ليست المجتمعات وحدها هي المصابة بمرض (الإلف) فإن أوساط طلاب العلم من الفقهاء والنحاة والمحدثين كذلك..
والقضية في نظري مشكلة (أحادية الثقافة) ولنرجع للعلم مثلا:
فالفقيه غير المحدث تراه صلبا في مواقفه شديد التشبث بمذهبه (عادات قبيلته الفقهية).
والمحدث غير الفقيه متطرف في الحكم على بعض القضايا أحادي الفكر فيها لا تقبل النقاش بحال من الأحوال..
والفقيه المحدث كالبيهقي وابن عبد البر تجد عنده من الاعتدال، وتقبل نقد ذاته والتنازل عن عادات قبيلته الفقهية ما لا تجد عند الأوليْن، ولا أريد أن أمثّل...
.................................................. ...............................................


لا أخفيك إعجابي بهذا الطراز من التمثيل الأصيل.. المبني على الإدراك العميق..وكما أسلفت ليس كل علمائنا يجيدون هذا التوظيف لجوانب العلم، بل ربما لا يلقون لها بالاً.. فيكف بمن دونهم من طلاب ـ أمثالي ـ أو عامة ليس من شأنهم الاستنباط والتأمل.
ولكن هذه الأحادية التي تفضلتم بها ربما بدأت تختفي الآن.. على الأقل في الأجيال الحديثة.. لحتمية الاحتكاك ـ كما ذكرتم ـ في ظل هذا الزخم الهائل من وسائل التلقي التي تفرض نفسها..إلا لمن تقصّد ذلك واستغشى ثوبه أو ألزم أصابعه صماخ أذنيه.




.................................................. ...............................................
وكذلك المجتمعات: تجد الفرد الذي عايش مجتمعا آخر قد يتفهم نقد عادة ما أو عدم الانصياع والاتباع لها..
فمثلا: الذين يعيشون في العواصم من قبائلنا يتفهمون أن تسلّم عليهم بيد واحدة، خلافا لأحد الأشقاء الذي أو غر صدره أنه مدت إليه خمسة أصابيع..
.................................................. ...............................................



هذا بالضبط ما أعبر عنه بأنه فرصة للتغيير.. فبعد أن كان المجتمع يداً واحدة على هذه العادات.. أصبح اليوم يتفهم مخالفتها وأدرك أنها ليست وحياً إلهياً يخلد مخالفه في الجحيم.. ولا جريمة يصلب ويرجم بالحجارة من تجرأ على مخالفتها..
ثم دعني أنزل معك إلى الواقع.. لو أن حازماً من الناس مرق من هذه الأعراف.. وتجاهل عادة من هذه العادات مالذي سيحدث.. هل تراه سيخسف به وبداره الأرض.. أم ستأخذه الصيحة؟؟
كلما هنالك تسخط أو ملامة من بعض الأطراف لا تلبث أن تزول لأنها بلا مبرر وعلى غير سبب منطقي.. فلو تلتها مخالفة أخرى منه أو من غيره لأصبح الأمر عادياً.. لأن هذه العادات أصلاً نشأت على هذا النحو.. فليست ناشئة عن اجتماع قررت فيه وأجمع عليها.. بل عن ممارسات بعض الأفراد فتمثّلها البعض الآخر لما يرونه من مناسبتها أو لمجرد ما لأولئك من منزلة عندهم.
وماذا لو حدانا الأمل وافترضنا واقعاً أكثر وعياً.. فلو أن قبيلة أو فخذاً منها على الأقل عقدوا مجلساً عاماً لهم قرروا فيه ترك بعض العادات كالتي في الأفراح مثلاً.. أو أن شيخاً أو حكيماً مسموع الكلمة دعاهم إلى ذلك وحتّمه عليهم.. عندها لا نتوقع حتى ذلك التسخط أو تلك الملامة إلا ممن لا يلتفت إليهم.. وإن وجدت فهم أمام الأمر الواقع.
لك أن تقول وبكل واقعية أيضاً ومن أين لنا أحد الأمرين أو كلاهما؟؟..
عندها أقول لك: أوافقك تماماً.. أن ذلك عزيز وجوده..
ولكنك حينها ستوافقني على أن السبب ليس عدم وجود فرص للتغيير ولا استحالة مخالفة تلك العادات أو تغييرها.. ولكن المشكلة الحقيقية هي عدم الاستعداد للتغيير أصلاً.. لمختلف الأسباب.. ومنها على سبيل المثال عدم وجود قيادات أو قدوات مسموعة.. وعدم الرغبة الصادقة والإيمان بقدرتنا على التغيير.. والتخوّف اللا مبرر وتضخيم العواقب وتوخيمها وهماً.. وقطع الطريق على الدعوات إلى التغيير وبذل الجهود للعمل على تثبيطها واغتيال مشاريعها في مهدها...الخ
وهذا ليس في العادات وحدها.. بل يسري على كل محاولة للنهوض بأمتنا ومجتمعاتنا.. في شتى المجالات.. !!!؟؟؟؟ كالتي أشرت إليها أنت فيما يتعلق بالتعليم والمعيشة.





.................................................. ...............................................
ثالثا: مجتمعنا ليس بشاذ في هذا الباب ولا منفرد، بل المجتمعات الأخرى كذلك، وسأمثب بمثالين:
أحدهما المجتمع السعودي: لديه عادات من النوع الذي ليس بمحرم ولا مأمور به شرعا، وتجد أن الدعاة لم يستطيعوا إلى الآن معالجتها بالحديث عنها، ولكن من احتك منهم بثقافات أخرى استطاع أن يتفهم على الأقل ممارسة الآخرين لها: خذ ذكر اسم الزوجة، أو الأم مثالا على ذلك...
الثاني: المجتمع الموريتاني: من الفاشي فيه (كما هو موجود عندنا) تسمين النساء وتيليحهن، وهي عادة يعض عليها المجتمع بالنواجذ.. وقد شاركت وسائل الإعلام مع الدعاة في الحديث عن الوضوع منذ سنوات ... إلا أني أعتقد أن الاحتكاك بالآخرين في الداخل والخارج أكثر مردودا من ذلك..
.................................................. ...............................................




أنا أوافقك تماماً في أن مجتمعنا ليس الوحيد المتأثر بل شأنه كشأن كل المجتمعات.. ولكن مجتمعنا هو الذي يعنيني أكثر من غيره، لذلك أنا أعبر عنه دون غيره.. ثم كل المجتمعات تطرح نفس الطرح.. ولم يبتعدوا عن واقعهم البائس إلا بقدر ما وعوا أن تلك القناعات لا تسمن في دينهم ولا تغني في دنياهم من جوع.





.................................................. ...............................................
رابعا: جوابا لسؤالك وسؤالي (التساؤلي) : المجتمع أقوى من الفرد، ولهذا يفرض عليك ما تقتنع بأنه ليس من مصلحتك الخاصة ولا العامة.. كإفراد نون الإناث مثلا: واجب فرض لازم لدى بعض قبائلنا .. ولا يمكن بحال من الأحوال أن تفكر في المساس به ...
.................................................. ...............................................



[color="navy"]
نعم وبكل تأكيد.. المجتمع أقوى من الفرد.. ولكن المجتمع يتكون من مجموع أفراد.. فالعمل على تغيير نظرة الأفراد وتثقيفهم وتوعيتهم تجاه أمر ما، يعتبر خطوة فعّالة في تغيير واقع المجتمع برمته فيما أظن.[/
color]






.................................................. ...............................................

فأتفق معك في ضرورة عدم الاستسلام .. على أن لا يدخل في عموم العدم المواجهة فإنها لا جدوى لها خصوصا إذا كان الأمر مستقبحا عقلا لا شرعا.. كما قيدتم..
.................................................. ...............................................



لا.. لا.. المواجهة بالتأكيد ليست جزءاً من الحل.. إلا إذا اعتبر من هو على الخطأ الطرف الذي يسعى إلى تصحيح الخطأ مواجهاً له، ومعلناً التحدي معه.. فهذا ضمن خطئه الذي لا نملك تجاهه حيلة سوى الاستمرار في محاولة التصحيح.. فيبقى الخلاف لفظياً.







.................................................. ...............................................
ثم أخي أتمنى أن نتفق معا على أن التغيير في العادات يجب أن يسبقه التغيير في العبادات .. والتغيير في طريقة المعيشة (الاقتصاد الفردي) والتغيير في طريقة النظرة إلى التعلم .. فإذا ركزنا على هذه الثلاث أعتقد أن ما ننزعج منه سيخف إلى حد ما..
.................................................. ...............................................



بالطبع أتفق معك تماماً .. إذ العبادات لا خيار لنا ولا للمجتمع إلا امتثالها ودعوة المقصّرين فيها.. ولا مجال للتنازل أو المجاملة في ذلك.. ولا مانع من المواكبة بين الدعوتين لاختلاف الطريقين وعدم تعارضهما.. مع تأكيد الأولوية المطلقة للعبادات.


وأخيراً شيخنا الفاضل.. أكرر اعتذاري إن بدرت بادرة .. خانتني فيها عبارة فمالت عن جادة التأدب معكم.
وكلي تقدير واحترام لاحتمالكم لثرثرتي..
وأتمنى أن يكون لبقية الإخوة مداخلات.. تحول دون استئثارنا بالحديث..وقد سبقتني مشكوراً بالدعوة إلى ذلك، فلك الفضل من قبل ومن بعد.

وتحياتي للجميع.


 
التعديل الأخير تم بواسطة أبو فارس ; 03-16-2010 الساعة 03:44 PM

رد مع اقتباس