عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2010, 01:10 AM   #28
عضو مؤسس


الصورة الرمزية م الإدريسي
م الإدريسي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 61
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 09-06-2012 (03:33 PM)
 المشاركات : 419 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: من العادات الأزوادية



وعليكم السلام, أشكرك أبا أسعد, وقبل تلبية مطالبك في التمثيل أود أن أشير إلى بعض مصطلحات أساسية في تعليقي, قد فهمتها على غير ما أقصد بها, وهذا أمر يتكرر يوميا في عالم طلبة العلم.
فتعليقك على كلمة(الهجر)من تعليقي, فهمت منه أن ذهنك قد ذهب إلى الاستعمال السائد للهجر في المملكة العربية السعودية, وهي: تجمعات البدو وقراهم, وأنا أقصد بالهجر جمع هجرة بمعناها اللغوي الوضعي المشهور.
وفي زعمي أن الأمة القاطنة في الصحراء أغلبها بقايا حضارات سقطت بأسباب معروفة, فتفرق بعض فلول جيوشها وبعض أبطالها الذين لا يرضخون للغزاة, وقصدوا الصحراء؛ ليتحصنوا بها, فليس في الصحراء إلا فصائل عربية وبربرية عاشوا في ظل دول في فترات معروفة, فلما فقدوا السيطرة على أمورهم لجؤوا إلى الصحراء للتمتع بالحرية وتنفس الهواء المجاني.
وكذلك (الخرافة) التي نفيتها عن المجتمع الطارقي ليس القصد منها أن المجتمع الطارقي مجتمع ملائكي, كما أنني لا أقصدأنه لا يوجد أفراد خرافيون, إنما أقصد أن مكونات المجتمع الطارقي أغلبها معروفة بالحِكم, وامتلاك أزمة المناقشة والإفحام, والاستفسار عن الأسباب.
وفي الأمثال الطارقية كثر مما يبعد الخرافة عن المجتمع الذي أنتج تلك الأمثال, وهذا أيضا قد يكون ناتجا عن الاختلاف في فهم مفهوم الخرافة, ولا أقصد الخرافة بمعنى: كل علم فاسد وعمل منحرف, كما عرفه به مؤلف كتاب:
(طرق أهل الباطل في نشر الخرافة - (1 / 3).
وإنما أقصد الخرافة التي جعلت بعض الأمم تلتزم بطقوس معينة تعتقد من ورائها التحكم أو الاستفادة من قوى معينة خفية بطريق غير عقلية ولا مسببة, هذه قليلة في المجتمع الأزوادي, فالقدر الموجود فيه من الخرافة ـ كما تفضلت ـ كله معتمد على الصوفية ومبني على استدلالاتهم, وما يرد عليها من النقد فالنقض, فأصلها دعاوى علمية, فلا أقصد هذه.
أقصد الخرافات التي ليس بأيدي أهلها إلا أنهم أدركوها عند أسلافهم, ولا تلزمني بأن ذلك هو شأن الصوفية, فإنهم مع تفاهة استدلالهم وتهافته إلا أنهم يستدلون ويتبعون منهجا معينا.
ولننتقل إلى أمثلتك للعادات في المجتمع الطارقي:
أولا: قطع السواك من(تادهانت)الشجرة المعروفة.
هذه ليست عادة وإنما هي تجربة يذكرون سببها وهو معقول, فإنهم يقولون: تكرر مرارا أنك إذا قطعت سواكا من هذه الشجرة بعد العصر, فغالبا ما تأتيك الحية(الثعبان)قبل أن تصبح, هذا هو أساس هذه الظاهرة.
وبكل بساطة يمكن فهمه عقليا قبل الحكم عليه بأنه خرافة, فمن المعروف أن بعض الثعابين يتقصى الأثر, وأنها في الغالب لا تخرج من جحورها إلا ليلا, وأن تقصيها يعتمد على حاسة الشم, أكثر من اعتماده على حاسة البصر, فإذا مررت بمقربة من جحورها, وكان ذلك قريبا من الليل بحيث تبقى رائحتك حتى يدركها خروجها, ولا سيما إذا قطعت من تلك الشجرة التي من صفاتها أن لها رائحة نافذة, فقد هيأت لذلك الحيوان بيئة مناسبة للتعرف على أثرك, ومن ثم تقصيه بعد دخول الظلام, طمعا في أن يجد من صاحب الأثر غرة فيلدغه, وهذا وقع مرارا وتكرارا.
ثانيا: عدم النداء وراء المسافر.
فهو سوء فهم لقصة علي بن أبي طالب لما أرسله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال له: اذهب ولا تلتفت, ويذكر أنه ناداه بعد ذلك فرجع علي مقهقرا ولم يلتفت احتراما لأمر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلعل بعض خرافيي المجتمع بفهمك للخرافة فهم من هذا الحديث أن الالتفات ليس جيدا للمتجه إلى مهمة معينة, فعمموه, ثم ابتعدوا عن إحراج المسافر بندائه حتى لا يلزموه بالالتفات.
ثالثا: المرور بين الحدأتين فقد يكون من باب الاحتياط والحذر؛ لأن الراكب على الجمل إذا مر بينهما فطارتا وأحس الجمل بالحفيف في كلا جانبيه فقد يتحرك حركة غير مرغوبة.
أما تعليقك على (العباد) فراجع إلى ما ذكرنا؛ لأنني لم أقصد الخرافة المبنية على استدلال غير صحيح, إنما أقصد الخرافة بمعناها السابق الذي حاولت أن أعرفها به, ويصدق على (الهامة)أو (الصدى)الذي يزعم العرب أنه: طائر خرافي زعموا أنه يخرج من رأس المقتول ولا يزال يقول اسقوني حتى يؤخذ بثأره المعجم الوسيط - (1 / 511)( انظر هامة ), فهذا لا يدعي عنه العرب أي دليل ـ حسب علمي القاصرـ وشكرا.
ولي عودة ولكم الشكر.


 
 توقيع : م الإدريسي

قال الإمام العارف ابن قيم الجوزية -رحمه الله : كل علم أو عمل أو حقيقة أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من الصراط المستقيم وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ).


رد مع اقتباس