عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-2013, 09:54 AM   #133
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أوراق سوقية, وأسرارتاريخية.



المعلقة التاسعة والثلاثون


المعنون بعنوان


أوهى الصالات بحراسة مغمود الآلات



رأينا تكاسل من عندهم الآلات...

الحمد لله من يمن بالعطاء فيبارك فيه، ويجود على منزوع البركة فيبخل المحروم ولو من شرب الماء الزلال بفيه.
الحمد لله على ما أنعما***حمدا به يجلو عن القلب العمى
والصلاة والسلام على من دعي له بالبركة ـ من قال: من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه.
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير من بورك فيه وله، فسعى وتنافس وسابق إلى المحامد وإن علا به حسبه.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد ' .
لطيفة

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى: ذكر البركة وحقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار...
والمقصود الكلام على قوله :
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم.
فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم وإدامته وثبوته له ومضاعفته وزيادته هذا حقيقة البركة.
جلاء الأفهام ـ محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية
الناشر: دار ابن كثير

الأستاذ الفاضل الدغوغي ـ بارك الله فيك، وزادك رفعة على تواضع.
الأستاذ الفاضل، لما قرأت قولك:رأينا تكاسل من عندهم الآلات للقيام بذلك فاجتهدنا نحن بلقليل الذي عندنا لحفظه وإخراجه للعالم على وجه ولوباجتهاد.
بادئ ذي بدء أشكر للدغوغي ما تمتع به مقاله من التواضع الجميل...
هذا وليس التنويه هنا إلى ذلك أصل هذه المعلقة، بل أصلها ورد مورد المشاركة في كشف النقاب عن معاني: من عندهم الآلات...
لما لهذه العبارة من أبعاد سلبية في معرض تثمين فضل الغير، بقدر ما قد يورث من التثبيط...
فلذلك تناولت هذه المعلقة تلك العبارة لتقرب ضعفها وأنها كأي آلة إذا لم يستفد منها صاحبها ما يستفاد من مثلها وقت الحاجة إليها، فأصبح كآلة مغمودة يحملها صاحبها بين الأعداء يقاتلونه حتى يموت وهي مغمودة.
فلذلك ارتأينا لها من العناوين ـ ما يفيد وجودها كعدمها ـ : أوهى الصالات بحراسة مغمود الآلات.
وكم من مالئ عينيه من شيء غيره***إذا راح نحو الجمرة البيضُ كالدمى
حقا إن الإنسان ليتخيل أحيانا أن غيره أفضل منه في العلم والجاه...
وهو في الحقيقة تخيل قد يكون في بعض الأحايين محض الظن، الذي هو من أكذب أنواع الحديث.
إذ لو أمعن النظر إلى كثير ممن يتخيل فيهم ذلك الفضل المزعوم لوجد مزيد فضلهم...: كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
لعدم قيامهم بحق ذلك الفضل المزعوم، فأصبح من أصيبت مقالته بذلك مثلا بينا لقولهم: حي كميت...
خذ ما أتاك ودع شيئا سمعت به***في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
لذا فقد أزعجتني تلك العبارة من وقت قراءتي لها إلى هذه الساعة.
لأجل ما فيها من تكدير خواطر بعض أهل الهمم العالية، فتناولت هذه المعلقة، لأشارك بكشف النقاب عن شؤم أبعادها...
وإن كان تقال غالبا فيفهم منها التواضع، وذلك الجانب التواضعي لا يمتري اثنان فيه كحق في معرض: فضل التواضع، وحسن سيرة أصحابها.
لذا فالوجه الصحيح من هذه العبارة من حيث الحقيقة، هو ما يأتي من فقه قول من قال: علمت شيئا وغابت عنك أشياء.
ليكون ذلك أدعى لـ:
* بذل المزيد في طلب العلم.
* الاعتراف بفضل الغير.
* التأدب بأدب الإسلام الجليل الجميل...
فذلك كله حق في حد ذاته، ومن حقائق تلك العبارة أنك كما أنت أعلم حقا ممن هو دونك، فمن دونك هو أعلم أيضا ممن دونه، وهكذا...
كما أن هناك من هو أعلم منك، كذلك هناك من هو أعلم منه، وهكذا...
وصدق الله إذ يقول: وفوق كل ذي علم عليم.
هذا جانب من جوانب حقائق هذه العبارة الصحيحة أيضا.
وجانب آخر أن هذه العبارة إذا أطلقت لغير حقائق تلك المعاني الصحيحة اللطيفة، فإنها ترد إليها معاني أخرى مذموة خاطئة، منها ـ على سبيل المثال، لا الحصر ـ معنى من معاني التثبيط للهمم العالية، كما يفيده معنى قول من قال في معرض التثبيط: ما ترك الأول للآخر شيئا.
الذي عارضه ـ بعد تلك المقولة ـ الألباء في كل عصر بقول قائلهم: كم ترك الأول للآخر.
قال الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد ـ رحمه الله تعالى:
((ما ترك الأول للآخر شيئاً...
قيل: لا كلمة أضر بالعلم، والعلماء، والمتعلمين، منها. وصوابها: ((كم ترك الأول للآخر)) .
الكتاب: معجم المناهي اللفظية وفوائد في الألفاظ
تنافس في طيب الطعام وكله***سواء إذا ما جاوز اللهوات
إنه قديما قيل: يكفي من الطوق ما أحاط العنق...
فكذلك يقال في كل شيء تم به المراد على الوجه الخالي من العيوب القادحة، فإذا ورد على تلك الصفة أصبح مما تتم به المحامد على غرار قول من قال: والخبر الجزء المتم الفائدة.
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته***ما قاته وفضول العيش أشغال
إن الواجب هو ما لا يتم الواجب إلا به...
فمتى حصل ذلك الواجب، فالباقي مندوب إليه، إذا لم يشغل عن واجب آخر، فيحرم تحريم: سد الذرائع.
من يقم بالأمور بالجد يهنا***والشقا للذين (قاموا كسالى)
وصدق الله إذ يقول: قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا.
فمن جلالة قدر العمل الصالح قال الصادق المصدوق: لا تحقرن من المعروف شيئا.
ولرب أم أملت في طفلها***همم الملوك فقام يحدو العيسا
ذلك من الحق المجرب، أن تأمل في أي مأمول خيرا، فتفاجئ أحيانا بعكس ذلك ـ والعياذ بالله تعالى ـ وذلك لقاعدة مؤصلة: ما بني على الباطل فهو باطل.
وذلك لأن الأمل هو ضرب من الظن، و: الظن أكذب الحديث.
فكم صاحب قد جلّ عن قدر***فمد له الأسباب فارتفعا معا
ذلك لأن ارتفاع القدر والأسباب يصاب بحرمان تحققهما من قد تغلبه النفس الأمارة بالسوء فيحرم كثيرا من الخيرات لقول من قال نثرا: هناك من لا يحرص على رفعة شأن غيره، رغبة منه في الانفراد بخصال الحمد، وخشية أن ينافسه أحد.
فلا صرمه يبدو وفي اليأس راحة***ولا وصله يبدو لنا فنكارمه
حقا إن من أصيب إلى شيء من تلك الأمراض النفسية الحسدية، فإن كسب وده، والاستفادة من جهده، هما من المحال، كالداء العضال، لأنه ضرب من داء الحماقة التي: أعيت من يداويها.
فيظل المصاب بذلك المرض النفسي عاكفا عليه، كأنفس مال العلمين في الدنيا لديه، فيصير مثل البخيل، الذي يجمع المال ليل نهار، فإذا هو يعمل لغيره، فيشقى بجمعه، ويهنأ غيره به.
كتاركة بيضها بالعراء***وملحفة بيض أخرى جناحها
كما أنه غالبا ما يبتلى من أصيب بذلك الداء العضال، بعرض ما يراه من نفائس ملكه في بيت غيره، مبالغة في استحكام واستشراء ذلك المرض النفسي فيه، فيبتعد عن كل ما يتداوى به.
وهو لا يرى أنه مس بسوء، بل يرى نفسه نفسا معافة، فلذا يرتاح بإبراز نفائسه في بيوتات قوم آخرين، ليثني عليه غير أهل بيته، ويبكي أهل بيته أمامه جوعا فيتباكى هو معهم بكاء الفقير المعدم فيهم.
ومن يكن ذا فضل فيبخل بفضله***على أهله يستغنى عنه ويذمم
حقا إنه مما لا بد منه أن يستغنى أهله عنه وعن مثله حيا وميتا، لأن وجوده أصبح كعدمه، وإن بات في أحضان حرمه.

الختام

فإنه ينبغي لكل عاقل أن يبذل جهده في نفع أهله، لقول الصادق المصدوق: خيركم خيركم لأهله.
كما ينبغي أن يشتغل كل عاقل، بكل جليلة ودقيقة محمودة، وأن لا يحقرها فإن أي محمدة تحمد من المحظوظ بها في ميزان معايير الحامدين، ويتشاعل نارا منها قلب الحاسدين.
وما على العنبر الفواح من حرج***أن مات من شمه الزبال والجُعَل

قاله وكتبه أخوكم


يحيى السوقي


بتاريخ


3/2/1435هـ.


 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 12-09-2013 الساعة 08:12 AM

رد مع اقتباس