عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-2013, 09:42 AM   #24
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الجوهر الفاخر في ترجمة السيد الشريف الشيخ انتالا أق الطاهر



النقطة الرابع عشر : لمحة موجزة عن كشف النقاب عن بيان بعض انضمامات رجال الدين من جماعة أنصار الدين إلى زعيمهم الزعيم السيد إياد ـ حفظ الله الجميع ـ في مجلس اللقاء نفسه فتضرم اللقاء تضرما ساخنا بالإيرادات والاعتراضات في معرض النقاش الديني الهادف الجاد.
إن مما لا ينبغي أن ينساه الذكر، بعد نزهة ـ ساعة البيان من نخب الفكر، أن أتى رجل ذو بسطة في الجسم ـ اللهم زده صحة وعافية وقوة ـ فأراد أن يكلم سيادة الزعيم أياد أق أغالي ـ حفظه الله تعالى ـ في أمر...
فتلطف معه السيد إياد بإرجاء الحديث في ذلك الأمر إلى وقت آخر، فحاول ذلك الرجل أن يكلم السيد إياد في معرض نجوى الحديث بذلك الأمر على عجل في الوقت نفسه.
عند ذلك انتهره السيد إياد مرة أخرى انتهارا تعدى نوعا ما حدود اللطافة الآنفة الذكر...
فاستشعرت خطورة اللقاء وقتئذ، لأن ذلك الرجل المنظر الحديث إلى حين، ليس رجلا بسيطا، بل ظاهره أنه ممن تعلو رجولته مظاهر النجابة، فما يسبب رد حديثه أمر غير بسيط...
ولما مضى ذلك الرجل في سبيله، وإذا برجلين آخرين دونه في الجسم والقامة، وأحدهما أنحف من الآخر، فطلب لهما كرسيان ليجلسا عليهما.
ووضع أحد الكراسي عن يمين السيد الزعيم أياد، والآخر عن يساره ونحن في سبيل الحديث على مسألة: الحكم بغير ما أنزل الله ـ الآنفة الذكر.
وهنا جال مني الفكر في معرض فهم الفروق بين مقام من رد هو وحديثه من رجالات جماعة أنصار الدين، وبين من وضع لهما المقام الكريم.
فإذا الفروق منها أن صاحبي المقام الكريم هما في كيدال لسان الدين، لجماعة أنصار الدين.
أحدهما قيل لي فيما بعد إنه قاض لجماعة أنصار الدين.
قلت: فهل هو قاضيهم في كيدال وما حولها؟؟؟ أو في كيدال فقط؟؟؟
المهم أن ما بلغني نصا أنه القاضي لجامعة أنصار الدين، من غير مزيد بيان آخر.
وهذه المعلومات كلها ظفرت بها بعد جلسة لقائنا ذلك...
الذي تبين لي فيه أنهما من أهل الحديث في العلم، لما لهما من دور نقاشي في نصرة لمذهبهم على أنه الحق...
ومع ذلك فإنهما من رجالات الطوارق الفضلاء، المتمتعين بالسمت الحسن، مع أدب الجليس الحسن ـ أسأل الله أن يهدينا وإياهم، ويهدي بالجميع إلى سواء السبيل ـ إن ربي سميع قريب مجيب الدعاء.
ولعلي إن رجعت إلى موطنهما أن أتشرف باسميهما وقبيلتيهما لأتشرف بذكرهما ذكرا جميلا ـ بإذن الله تعالى.
وإن كان السبب في إغفال حفظ اسميهما زمن الملتقى، هو أن ذهني منشغل بمسائل الملتقى وميدانياته النقاشية الحادة، وصدق الله إذ يقول: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}



النقطة الخامسة عشر: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن بيان شدة أثر هذا الانضمام من الرجلين الدينين لمؤازرة زعيمهما ـ زعيم جماعة أنصار الدين السيد إياد ـ حفظهم الله تعالى ـ المؤازرة الدينية.
إنه بالفعل ضربوا أروع الأمثلة في سبيل الوقوف لنصرة مذهب جماعتهم ـ جماعة أنصار الدين، ومن كانت على مذهبهم القاعدي ـ نسأل الله أن يهديني وإياهم إلى الهدى المستقيم.



فلما تحقق لي في أرض الواقع انضمامهما كرجلي دين وعلم إلى السيد الزعيم إياد ـ حفظهم الله ورعاهم.
كل واحد منهم جاد ومؤمن بحق مذهبه، ومجتهد في نصرة ما عليه جماعته، ومتمسك بمبدأ عقدي راسخ شديد التحيز في مؤازرة قول صاحبه، كأخ له ديني كريم على حق لا بد من نصرته، لا مجرد صديق حميم، ما بلغ بالرهط الثلاثة الأعزاء درجة كبرى في معرض التواصي على نصرة بعضهم بعضا بلوغ درجة قويت بقوة التماسك فيما بينهم على نحو قول من قال:
أخاك أخـــاك إن من لا أخـــا له***كـــساع إلى هيــــجا بغير ســـلاح
فلذا أصبح هذا اللقاء العلمي في المجلس نفسه ذا أطراف جادة في النقاش الديني، كما سبقت الإشارة إليه.
وكل طرف يورد عليّ ويعترض، على ثلاثتهم ما جعلني أنتقل ـ لحظة تحقق ذلك رأين العين ـ إلى ضرب لطيف في فن المناظرة...
وذلك حين يتجاوز النقاش بين خصمين إلى أكثر، من نوع المناظرة بين شخص واحد، مع جمع من الأشخاص المتحدين في طلب نصرة مسألة ما ضد غيرهم...
فبدأت في إحكام ما تيسر لي استحضاره ـ ساعتئذ ـ من قوانين هذا النوع من الجدل الخطير...
سواء كان الخصوم أهل العلم به فيتأدبون بآدابه من جهة، ويجادلون بما يعلمون من نصوص المسألة النقلية والعقلية على نهج سنن أهله خاصة أهل التفوق فيه من جهة...
أو هم غير أهل العلم بعلم فن الجدل، فيدلي كل واحد منهم بدلوه ـ وهذا هو الأكثر الشائع بين الناس ـ جهلا منهم: بما لم يحيطوا بعلمه.
وقد جر من جر إلى ساحة الجدال ـ ممن ليس من أهل البصيرة بقواعد فن أصول الجدل ـ طمع محض في نصرة كل من ابتلي بذلك مذهبه من غير التفات إلى التقيد بقوانين فن المناظرة النقلية والعقلية...
قلت: وليس هذا الموضع موضع الاستطراد في بيان موضوع هذا النوع من الجدل هنا، وإنما أشرت إليه هنا من باب أن يتصور القارئ ما طرأ من أسباب التطور في النقاش الحاد الجاد ـ وقتئذ.
اللهم إلا أني عند ذلك تقمصت في قميص من له اطلاع سابق ببعض مذاهب أهل فن المناظرة المحكمة بالجدل الحسن نقلا وعقلا مع الرهط الثلاثة المعززين بزعامة السيد إياد ـ حفظ الله الجميع.
النقطة السادسة عشر: لمحة موجزة عن كشف النقاب هنا عن بيان شيء من وجوب معرفة شيء من أصول الجدل المحكم بالكتاب والسنة ـ بين يدي هذا الموضوع.
قلت: فلخطورة جانب المناظرات الدينية، نقلا وعقلا، تناولت في كتاب: الكواكب العلية... شيئا مما لا يسع جهله لمن ابتلي به.
ليكون ذكره في: الكواكب العلية.. سببا لمن اطلع عليه في بذل مزيد من النظر في كتب فن المناظرة، ليطلع على ما لا بد من معرفته على أقل واجب في هذا الفن القائل فيه بعض من تربع على عرشه، ذلكم الإمام أبو الوليد الباجي المالكي ـ رحمه الله تعالى ـ قائلا:
((أما بعد فإني لما رأيت بعض أهل عصرنا عن سُبل المناظرة ناكبين.
وعن سنن المجادلة عادلين، خائضين فيما لم يبلغهم علمه، ولم يحصل لهم فهمه. مرتبكين ارتباك الطالب لأمر لا يدري تحقيقه، والقاصد إلى نهج لا يهتدي طريقه. أزمعت على أن أجمع كتابا في الجدل، يشتمل على جمل أبوابه وفروع أقسامه، وضروب أسئلته وأجوبته...
مستوعبا لما يعول عليه في الاستدلال:
· بالكتاب.
· والسنة.
· والإجماع.
· والقياس.
· وغير ذلك من أنواع الأدلة...
وهذا العلم من أرفع العلوم قدرا، وأعظمها شأنا، لأنه السبيل إلى معرفة الاستدلال، وتمييز الحق من المحال.
ولولا تصحيح الوضع في الجدل، لما قامت حجة، ولا اتضحت محجة، ولا علم الصحيح من السقيم، ولا المعوج من المستقيم)).
قلت: هذا النقل وغيره من ضروريات هذا الفن، طرز به كتاب: الكواكب العلية... بمصادرها، ومحققيها، فليس هنا موضع ذكر ذلك هنا.
وبذلك يعرف أن المناظرات العلمية ليست من جملة: مجموعة السهل غير الممتنع.
فهي فن محكم نقلا وعقلا، يتطلب من أهله سعة المعرفة بالأدلة النقلية والعقلية، كما يتطلب معرفة سنن قومه من موقف، عن موقف، إلى موقف آخر، وغير ذلك مما يورث صاحبه خشية المسارعة إلى ساحات الجدل في معرض النقد، فضلا عن المناظرات...
ومن اللائق بالمجادل كعاقل قبل كل شيء أن يقيس نفسه بغيره من أهل مقامه الجدلي ـ افتراضا ـ علما أو مهنة أخرى...
فيصل به جانب استشعار الحذر من ذلك على أن لا يقدم إلى الاعتراض على غيره، إذ قد يعترض في الحقيقة على من يكون مساويا له في تلك المسألة إن وقعت في أي مهنة يشاركه في العلم بها من يعترض عليه.
فيلجمه مثل ذلك الاحتمال، أو غيره، فيكون استشعاره استشعار العاقل اللبيب ـ من يصل به التصور المفترض إلى أن يجعل من تدعوه نفسه للاعتراض عليه، قد يكون أشد تمكنا منه في تلك المهنة علما وفهما لسنن قومها، فتصل به خشية الواقع المحتمل مرة أخرى أن يحجم بعد ما بلغ الهم به درجة الإقدام...
فيترك المبتلى بذلك موقف الاعتراض على نقد الغير إلا فيما لا بد منه من: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المبني الإقدام فيهما على علم من الكتاب والسنة ومن هدي السلف الصالح فيما ينوى فيه نصيحة المنصوح به بعد تحقق ما يترتب عليه وجوب النصيحة.
النقطة السابعة عشر: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن بيان شيء من بعض النماذج من الجدل الذي وقع بيني وبين زعيم جماعة أنصار الدين السيد إياد ـ حفظهم الله تعالى.
إنه لما حكم السيد إياد زعيم جماعة أنصار الدين ـ حفظه الله ـ بقوله:
إن حكومة مالي كافرة، كما تقدم بيانه.
قلت له إن : حكمة مالي حكومة مسلمة، كما تقدم بيانه أيضا.
أورد علي في معرض إقامة البرهان بحكمه ذلك، فقال: إن حكومة مالي كافرة ب: حكم أن حكمت: بغير ما أنزل الله، كما تقدم...
فاعترضت عليه في معرض الطعن في حكمه، بقولي: الحكم بغير ما أنزل الله، لا يكفر صاحبه إلا بقيود، كما تقدم أيضا.
أورد عليّ في معرض صحة حكمه في: كفر من حكم بغير ما أنزل الله.
حين عزز فهمه لآتية: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.
فقال إن الشيخ العثيمين أفتى بذلك، كما عندي فتواه تلك في حد قوله هو.
فاعترضت عليه في معرض الطعن في صحة حكمه على وجه الإطلاق، المفهوم عنده من قبل فتوى الشيخ العثيمين ـ رحمه الله تعالىـ فقلت له: إن الشيخ العثيمين كغيره من علماء السلف الصالحين الربانيين، فإنه فصل في حكم تكفير من حكم بغير ما أنزل الله.
وذلك كما تناوله نص الشيخ العثيمين بقوله نفسه ـ رحمه الله تعالى ـ: ((أما فيما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله، فهو كما في الكتاب العزيز، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
كفر، وظلم، وفسق، على حسب الأسباب التي بني عليها هذا الحكم.
فإن كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعا لهواه، مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به، فهذا لا يكفر، لكنه بين فاسق وظالم.
وأما إذا كان يشرع حكما عاما تمشي عليه الأمة، يرى أن ذلك المصلحة، وقد لبس عليه فيه، فلا يكفر أيضا، لأن كثيرا من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة، ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي، وهو يراه عالما كبيرا فيحصل بذلك المخالفة.
وإذا كان يعلم الشرع لكنه حكم بهذا، أو شرع هذا، وجعله دستورا يمشي الناس عليه، يعتقد أنه ظالم في ذلك، وأن الحق ما جاء به الكتاب والسنة، فإننا لا نستطيع أن نكفر هذا.
وإنما نكفر: من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه، أو مثل حكم الله ـ عز وجل ـ فهذا كافر، لأنه مكذب لقول الله تبارك وتعالى: أليس الله بأحكم الحاكمين.
وقوله: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)).
عند هذا الحد توقف ـ حفظه الله تعالى ـ كما ذيلت له بالقول في أن هذه الفتوى وما في معناها مذكورة في بحث جمعته لكم تحت عنوان هو: الكواكب العلية... بمصادرها...
فابتدرني ـ شكر الله له وسدد خطاه وهدانا وإياه إلى سواء السبيل ـ بطلب سيادته مني تلك النسخة التي أخبرته بأنها معي لهم، فقلت له هي عندي في المقر الذي نزلنا فيه من قبل إدارة الملتقى ـ ملتقى كيدال.
النقطة الثامنة عشر: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن بيان ما تولد كنموذج من نماذج الجدل الواقع بيني وبين الرهط الثلاثة بعد الانضمام من الرجلين الدينين لمؤازرة زعيمهما ـ زعيم جماعة أنصار الدين السيد إياد ـ حفظهم الله تعالى ـ المؤازرة الدينية.
ومن هنا تدخل في الجدل صاحباه الفاضلان على خط واحد، ضدي كقادة في جبهة أمام مجابهة جادة بمعنى الكلمة، كما تعودا في المعارك القتالية بنفسية قتالية شرسة، فانتقلت معهم على ما ملخصه:
فأورد علي مورد منهم بقوله: إن الشيخ العثيمين لم يقل بذلك التفصيل في فتواه التي عندنا...
فاعترضت عليه قائلا له على وجه التأكيد: بل الشيخ العثيمين ممن قال بذلك التفصيل، وفي الكتاب الذي معي نص كلامه بالتفصيل، وسأمدكم بنسخة منه ـ بإذن الله تعالى ـ كما تقدمت الإشارة إليه.
معللا له ما بلغهم من فتوى الشيخ العثيمين المبتورة، بقولي: لعل الفتوى التي وقفتم عليها ساقها ناقلها مكتفيا بنقل ما تدعوه إليه الحاجة منه، فترك نقل بقية الفتوى على التفصيل اللائق نقله نقلا وعقلا...
مضيفا له في القول: أن ثم تناقل المتناقلون ـ بعد ذلك ـ ذلك النقل من جملة فتوى الشيخ العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ كما وقفتم عليه...
فأورد علي مورد منهم بقوله: إن الشيخ العثيمين والشيخ الألباني من علماء السلف المجبرين ببعض الفتاوى خلاف معتقدهم.
فاعترضت عليه قائلا له: إن علماء السلف قديما وحديثا لم يؤثر عنهم أن قالوا بخلاف معتقدهم تحت أي تهديد...
ثم آنسته بأشهر ما يستأنس به فيما نحن بصدده، من الموقف الرائع في معرض تمسك علماء السلف بمعتقداتهم الدينية الصحيحة نقلا وعقلا، قائلا له: انظر على سبيل المثال موقف الإمام أحمد في مسألة خلق القرآن، سجن وعذب، ومع ذلك لم ينقل عنه خلاف معتقده ـ معتقد أهل السنة والجماعة في مسألة خلق القرآن.
فأورد علي مورد منهم بقوله: إن ذلك ليس مطردا بين السلف بل بعضهم قال بخلاف معتقده بسبب التهديد، كعلي بن المديني ويحيى بن معين في مسألة خلق القرآن نفسها.
فاعترضت عليه قائلا له: بل هو مطرد، ولا يناقض ذلك هذا الإيراد، لأن يحيى بن معين، وعلي بن المدين أقرا بعد ذلك بأنهما على مذهب السلف في تلك المسألة، وبينا أن ما قالاه في ذلك الموقف إنما قالاه لأجل اتقاء السيف في سبيل قتلهم، فاحتالا بذلك على وجه تقية.
فتوقف من توقف منهم عند هذا الحد ـ ولله الحمد ـ إلا واحد منهم، فمضى مجادلا بإيرادات منها:
وما يدريك أن الشيخين الجليلين الشيخ العثيمين والشيخ الألباني، لم يقولا ببعض فتاويهم تقية؟
فاعترضت عليه قائلا له: لأنهما لم يؤثر عنهما مخالفة لمعتقد السلف الصالح، كما أثر عن ابن معين وابن المدين المأثور إقرارهما ـ في دواوين الإسلام ذات الصلة بالموضوع ـ بالرجوع من القول بخلق القرآن إلى مذهب السلف في تلك المسألة، كما أقرا بذلك فيما ملخص معناه: أن ما قالاه في موقف التهديد وقع منهما من باب التقية كما تقدم بيانه لا على أنه معتقد توصلا إلى رجحانه.
فأورد علي بقوله: وما يدريك بعدم رجوع الشيخين العثيمين والألباني عن مثل تلك فتوى التي تشترط التفصيل السابق الذكر في تكفير من حكم بغير ما أنزل الله.
فقلت له على وجه الجواب: أدراني بذلك عدم الوقوف على أية فتوى تدل على رجوعهما على دلالة الفتوى التفصيلية الآنفة الذكر، وذلك حسب ما نشر من آثارهم في حياتهم وبعد مماتهم.
فأورد علي بقوله: لعل الحياة ستطول بك حتى تقف على فتاوى تدل على رجوعهما عن مثل تلك الفتاوى التفصيلية.
فاعترضت عليه قائلا له: هذا افتراض محض، فالافتراض شيء، والواقع شيء آخر.
كما لو فتح باب الاحتمالات على مثل هذا الاحتمال لبطلت شرائع الإسلام، ولحلت عراه عروة عروة فتوقف أيضا هو هنا ـ ولله الحمد.
النقطة التاسعة عشر: لمحة موجزة عن كشف النقاب عن بيان ما تولد عن حوار النقطة السابقة من استفتاء من قبل زعيم جماعة أنصار الدين السيد إياد ـ حفظهم الله تعالى.
والاستفتاء تناول حكم: خروجه وجماعته عن حكومة مالي التي كانت عنده كافرة.
فتناول النقاش عدم كفرها وغيرها، لعدم ثبوت ذلك بالرجوع إلى التحقق في توفر شروط تكفير المعين عليها من موانعها.
فلما بلغ بنا النقاش الحاد عند هذا الحد من محاولة الطرفين نصرة مذهبه ببعض ما لخص مما سبق آنفا.
بعد ذلك مباشرة انتقل السيد الزعيم أياد ـ حفظه الله تعالى ـ إلى هذا السؤال المتعلق بمعرفة حكم خروجه وجماعته على دولة مالي، كدولة كافرة مرتدة من قبلهم، إلى دولة مسلمة من قبل غيرهم ـ مقابل نظرتهم تلك التكفيرية، كما سبقت الإشارة إلي بيان ذلك.
فقال لي ـ على وجه الإيراد في معرض الاستفتاء ـ: إذن ما ذا تقول فينا جماعة أنصار الدين، في حكم خروجنا عن حكومة مالي؟ فيما يتعلق بجانب مخالفتنا الشرع في ذلك؟ المبني عليه جانب قتالنا جيش حكومة مالي؟
فقلت له: كل ذلك مخالف للشرع بالكتاب والسنة وما عليه السلف الصالح.
فسكت ـ مشكورا عن الاعتراض أمام هذا الحكم المصادم مع ما عليه هو وجماعته، ومن هم على مذهبه القاعدي ـ لكن السيد الزعيم إياد ـ جزاه الله عني كل خير.
انتقل مرة أخرى إلى إيراد آخر على وجه الاستفتاء أيضا، ـ حفظه الله تعالى من كل كروه ـ قائلا لي ما تقول: في الفرق بين حكم خروج: جماعة أنصار الدين، وبين خروج: حركة تحرير أزواد، في المنظور الشرعي في سبيل مخالفتا الشرع في خروجنا نحن وإياهم على سواء عن حكومة دولة مالي؟
فقلت له: كل واحد منكما ـ جماعة أنصار الدين، وحركة تحرير أزواد، خالف الشرع بالخروج عن ولي مسلم، بل من الواجب السمع والطاعة لمن ولاه الله من المسلمين أمر المسلمين: ولو كان عبدا حبشيا، كما جاء في الحديث الصحيح.
وهو حديث: أبي ذر رضي الله عنه أوصاني خليلي صلى الله عليه و سلم بثلاث: (( أسمع وأطع ولو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف)) رواه مسلم في الصحيح

ففي أثناء هذا الحد من المحاورة المتمتع بالأدب الجم وسعة الصدر من قبل السيد الزعيم أياد، ومن معه من زملائه المشار إليهم ـ حفظ الله الجميع بحفظه أينما كانوا ـ وجزاهم الله عني خير ما جزى من كظم غيظه وهو قادر على عدم كظم غيظه قولا وفعلا، كما أسأل الله أن يهديني وإياهم إلى الهدى المستقيم.

وعلى كل حال فإن وقت المغرب دخل إذ أذن المؤذن لصلاة المغرب، وهو السبب بعد مشيئة النافذة في فض مجلس الحوار الكريم بهدفه النبيل...

فقمنا إلى الصلاة، وبعدها بنافلتها، التقى بنا السيد إياد ـ حفظه الله ـ مرة ثانية لقاء لطيفا ليفيض علينا ببرَد من كرمه الشهير بمشروب آخر لذيذ من العصيرات الباردة المعاصرة، ثم تلطفنا معه في طلب السماحة من سيادته في عودتنا إلى مقر ضيافة الملتقى، فقلت له: إن الغرض من الخطى هو التشرف بزيارة جانب سيادتكم ـ أثابكم الله وشكر لكم.
عند ذلك ابتدر أحد زملائه ـ الذي أخبرت أنه القاضي سابقا ـ في أن يوصلنا إلى مقر الضيافة لدى إدارة الملتقى في سيارته ـ جزاهم الله عنا جميعا خير الجزاء ـ ففعل بإيصالنا بعد أن ودعنا مجريات ذلك اليوم العصيب بحقائق قول من قال، لما يتلوها غدا ـ إن شاء الله تعالى:
وأعلم علم اليوم والأمس قبـــله***ولكنـــه عن علم ما في غد عـــمي
وبهذا النموذج من نقاشات ملتقى كيدال العلم الأول نضرب صفحا عن ذكرها، فيما بعد من نقاشات جرت داخل الملتقى وخارجه كلها في سبيل معرفة الهدى من الضلال لتذكر ـ إن شاء الله تعالى ـ في موضوعاتها: إيقاظ همم ذوي الألباب بتعاليم آية: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب.
وبقية مسائل النقاش ـ فيما نحن بصدده ـ مذكورة أيضا بأدلتها في موضوعها: الكواكب العلية...
وإنما أوردت ما أوردت هنا لأجل ذكر ما لابد منه مما له صلة بهذا الملتقى العلمي الذي حظي بإشراف صاحب الترجمة الشيخ انتالا ـ حفظه الله تعالى.
فلذا فإن ما سيأتي ـ بإذن الله تعالى ـ من ذكر ما يتصل بالملتقى إنما يذكر بصفة خاصة تتعلق بجوانب الملتقى التاريخية الجميلة الذكر في مثل هذا الموضوع تاريخيا
اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما جهلنا، وتقبل منا العمل الصالح إنك أنت السميع العليم.


 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الأسدي ; 05-05-2013 الساعة 09:29 AM

رد مع اقتباس