عرض مشاركة واحدة
قديم 03-15-2010, 08:33 AM   #6


الصورة الرمزية أبو فارس
أبو فارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 490
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 02-23-2011 (03:43 PM)
 المشاركات : 55 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: من العادات الأزوادية



عزيزي اليعقوبي
أشكر لك هذه الحفاوة الترحيبية
كما أشكرك على ما غمرت به حروفي المتواضعة من ثناء أشك في استحقاقها له.
ثم استأذنك شيخنا في الوقوف مع ما تفضلتم به من بيان شاف كاف حول العادات.. تأصيلاً وتعقيبا.. على وجه يعز الوقوف على مثله.. وقد استفدت غاية الاستفادة من هذا العرض الرائع المردف بالتوجيه، المنمق بالاستعارات والاقتباسات البديعة، مع نكهة علمية ممزوجة بالثقافة لا توجد إلا عند النادر من علمائنا.. فهذا الأسلوب الشرعي الممزوج بالدراية الثقافية والدربة التوجيهية هو ما نحتاجه في عصرنا الحاضر، وهو ما يمكن أن يحدث أثراً ويغيّر في أجيالنا إلى الأفضل، وهو المستعذب لدى الطلاب أمثالي.. فجزيتم خيراً شيخنا الفاضل.


فإن لكل قوم عادات مزعجة ثقيلة مبرمة .. تعدّ عندهم آكد من ركعتي الفجر .. والوتر عند الأحناف... ولو أن الأمر كان فيها على ما يريد الإنسان اختياره منها لكان أمره هينا .. لكن المشكلة أنها مسار إجباري بالنسبة لأهلها، بل هي مناط المروءة والشرف والشهامة والرجولية وتقدير الآخرين في كثير من الأحيان .. وإن كانت تافهة المظهر..

وهذا يا شيخنا ما يثير العديد من التساؤلات..
لماذا تقف المجتمعات مستسلمة أمام عاداتها وأعرافها وعاجزة عن تغيير شيء منها؟ حتى وإن كان الواقع لا يتجاوب معه أو لا يناسبه!! أو حتى يرفضه برمته؟؟ ورغم كل ذلك يتحمله كل فرد من المجتمع تحت أنين كل تلك المفارقات والتناقضات.. وعزاؤه أنه لا يستطيع خلاف ما عليه الناس، وأعرافهم وإن كانت ظروفه لا تتحمل عبء ما توجبه تلك الأعراف والمفتشين عن المخالفين لها..
وأغرب من ذلك كله..أن هذه الطاعة وهذا الانقياد ليس لشيء غير هذه الموروثات العرفية والمخترعات الاجتماعية.. مهما كانت قداسته وتمجيده أصالة أو منطقياً أو بأي اعتبارات أخرى!؟!؟.
والأدهى أننا نظل نرقب المزايدة في العادات إضافة إلى ما كنا نشتكي منه ففي المناسبات مثلاً:نرى مبالغات بل ومبتدعات تتزايد يوماً بعد يوم..استسلمت لها فئات المجتمع عامتهم وخاصتهم علماء القوم فمن دونهم!؟


قد أزعجتني بعض هذه العادات فكنت أتأهب للخوض ضد تيارها، ومنّ الله علي بسؤال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك، فقال لي: بالحرف : احذر من المساس أو التدخل في العادات التي لا تخالف الشريعة الإسلامية...
.. ينبغي أن نظر إلى القسم الممنوع فنركز الجهود على محاربته، وعلى المشروع فنركز رايات الهمم لتثبيته.. ونقدم القسم الثالث عربونا للمجمتع كي يقبل منا تغيير السيئ..


كما أوافقك في كونها مزعجة في بعض جوانبها وأظن الكثير منا منزعج منها.. أظنك توافقني الرأي في ضرورة عدم استسلامنا أمام ما له مثالب أخلاقية أو اجتماعية وإن لم يصل إلى درجة الحرمة.. وأظن الفرصة سانحة لتغيرها إلى الأفضل، خاصة في ظل ما تتمتع به هذه الأجيال من وعي وثقافة وتطلع للتغيير، ثم هي لم تعد تعطي تلك العادات كبير وزن.


تذييل: أنبه في موضوع تهذيب العادات على أساسيات لا بد من الإشارة إلى أصولها:
أولا: حاجّهم بما يعرفون، ولا تحدثهم بمقدار علمك، ولا بحجم قناعتك، فأنت قد تغيرت وتطورت ورأيت وسمعت وقرأت وكتبت، أما هم فأصولهم هذه العادات، فهب أنك تخطب من سيبويه أن يكسر الفاعل. فابذل مهرا عاليا.. فالإقناع لا يتم إلا بعربون.. "ولن تسعوا الناس بأموالكم" وفي وسائل التعبير حتى تجاعيد الوجه صعيد طيب يتيمم به من لا ماء معه أوالهمزة لام.
ثانيا: تحدث عن العادات في إطار عام، ولا تجعلها عنوانا، مثلا: لا تتحدث عن هضم حق الصغير كأنك تريد أن تناقش أبا حنيفة في حجية قياس (تبودار) لكن علق بها في موضوع الإحسان والعدل وحسن الخلق والرفق وانح هذا النحو .. انحت لكل عادة إطارا مقبولا ما...
ثالثا: من المستحسن أن تقدم بالإشادة بالعادة وأن لها أصلا وفوائد، ثم تتخلص إلى مواضع سوء استعمالها ... ولا يكن كأنك تتحدث عن رفع واقع ذهني ..
رابعا: إياي أن أصدّر إلى قومي عادات الآخرين وتقاليدهم..فالناس إنما يحتاجون إلى الدين والعلم والمال.. أما العادات والأعراف فهي هي، فمن المضحك أن أسخر بــتدّبارات، وأنا ألبس العقال، أو أن أسخر بإنفد، وأنا ألبس كرافيت.. لا فرق...


منهج بديع من قلم واع.. وأظنه يحل محل العربون الذي وصفتم.. ففي المحرم والمشروع الأمر واضح ولا غبار عليه كما ذكرتم.. وليس للمجتمع خيار فيه..
وتبقى محاولة التصحيح والتغيير فيما دون ذلك مطلوبة لتلافي المثالب.. ومواكبة اللائق من التطور.. ومسايرة فطرية التغيير.. ولكن بالأسلوب الحكيم الذي تفضلتم به.

ونأمل من الجميع استصحاب توجيهاتكم هذه في نقاش ما يطرحونه من عادات..


وقد كنت أتمنى منكم ترشيح موضوع واحد مما مثّلت به أو من غيره.. للحديث عنه حتى نأتي على ما يمكن من جوانبه: معلومات.. وتعقيبات.. وملاحظات.. وتساؤلات.
فيبدأ كل مشارك بإبداء رأيه في المعلومة المعروضة عن العادة مضيفاً ما ينقصها إن وجد أو مستثنياً منها ما ليس منها.. ثم رأيه حول ما تيسر من جوانبها، مع ملاحظاته، أو تساؤلاته إن وجدت.. وهكذا.. لنجمع بين متعة عرض العادة المختارة، وتصحيح ما يعتريها، أو الإشادة بها وبيان ما يميزها.


شيخنا الفاضل اعذرني فيما عجز فيه قلمي عن الوفاء بحقكم
أو تجاوز فيه حدوده تجاهكم.. وتقبل فائق احترامي وتقديري.




 

رد مع اقتباس