عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2018, 11:42 AM   #5


الصورة الرمزية عبادي السوقي
عبادي السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 96
 تاريخ التسجيل :  Jun 2009
 أخر زيارة : 05-02-2024 (09:53 AM)
 المشاركات : 386 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية



علاقة المدلش بالمجموعات الحسانية الأولى في المنطقة

لما قدمت المجموعة الأولى من حسان في القرن الثامن الهجري إلى المنطقة صادف ذلك منتصف الازدهار المجلسي إذ قد مر عليه ما يناهز ثلاثة قرون وقد شكلوا قوة واستقلالية سياسية واجتماعية وثقافية منقطعة النظير في المنطقتين من الجنوب إلى الشمال على طول الخط فيما بين النهر السينغالي حاليا وجنوب المغرب وسيطروا على المنطقة بـ " السلاح العلمي السلمي والديني " والكثرة العصبية ووضعوا أسسا متينة لبناء مجتمعهم على قاعدة الدين والعلم والكرم والمسالمة غير المستكينة والاستقامة همهم التعلم والتعليم والتكسب الحلال ومكارم الأخلاق .
ولقد كان مما يحمي القبيلة من الأعداء ويضمن لها الاستقرار تجنب الظلم وعظم الحجم والقدرة على الهيمنة الدينية والدنيوية فالعامل الديني وقلم الشريعة وتاج المروءة كلها تكسب صاحبها زعامة تفوق شجاعة العسكري صاحب السلاح الحربي كما أن اشتراك فصائل القبيلة في النسب والعصبية يكسبها التعاضد والتناصر ويقوي جنابها ويصبح كبراؤها ومشايخها يذودون بعضها عن بعض ويحرضونها على التعاون والتعاضد مما وفر في نفوس الكافة لهم من الوقار . كما يذودون عنها من الخارج أيضا ويساعدهم على ذلك أنجاد القبيلة وفتيانها المعروفون فيها بالنجدة والشجاعة الشيء الذي يكسب العدو رهبة منها ورغبة في مسالمتها
وهكذا كانت لقبيلة المجلس في ذلك العهد مكانة رفيعة وأصالة عريقة ملأت قلوب مختلف الطبقات المجاورة لهم ورسخت لهم المودة الصادقة في نفوسهم ونشرت لهم الذكر الحسن والثناء الواسع داخل وخارج محيطهم لما عرف عنهم من كرم الأخلاق وما تميزت به مواقفهم من صادق الحياد
فكان طبيعيا أن ينظر إليهم قبائل حسان القادمة عليهم نظرة احترام وتقدير ومسالمة ومن ثم ظلوا يبجلون المجلس ويعترفون لهم بفضل الأسبقية والعراقة في المنطقة ويقدرون دورهم الديني والدنيوي فيها ونسبتهم القرشية والأموية وتركوهم على ما وجدوهم عليه ولم يتعرضوا لهم ولم تنلهم منهم هضيمة خلاف ما كانوا يقومون به من محاولة اضطهاد بعض قبائل الزوايا الأخرى


وكما ذكرنا آنفا أنهم أصبحوا يتعايشون معهم في المنطقة ويتسنمون معهم في ذروة المجد في البلاد في مسالمة غير مستكينة واحترام متبادل لكل وظيفته فالمجلسي بقلمه وتعليمه والحساني بسيفه وتغلبه مع أن المجلس حافظوا على مركزهم الديني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وظلوا متحفظين من مخالطة بني حسان وطرق أبوابهم منعزلين عنهم قلبا وقالبا وكانت علاقتهم بهم مبنية على الحذر والتحرز من مخالطتهم والقناعة عما في أيديهم وإيثار أن يكونوا مقصودين لا قاصدين وأن يكونوا أصحاب اليد العليا لا السفلى ولم يكونوا يلجأون إليهم لحل خلافاتهم الداخلية كما كانوا يتحاشون التزلف إليهم ويحرصون على الاستقلالية التامة عنهم مع تبادل الاحترام بينهم رغم الاشتراك الواقع بينهم في استيطان القطر ونسجوا شبكة علاقات طيبة مبنية على السلم والتقدير والاحترام والحياد مع أصحاب السلطة على مختلف طبقاتهم على أساس توزيع عرفي للسلطة بينهما سلطة دينية معنوية احتفظوا بها لأنفسهم سلطة زمنية مبناها التغلب والقوة المادية تبنتها بنوا حسان وأصبح لا تعارض بين وظائف الطبقتين ولا منازعة بينهما ولا طمع لواحدة في وظيفة الأخرى فمارست المجلس القيادة العلمية والروحية وإدارة الشؤون الاقتصادية ومارست بنو حسان القيادة العسكرية واشتركا في السيطرة السياسية وشكلوا بهذا قيادة ثنائية للمجتمع مزدوجة بتمجيد شأن العلم والسلاح واعتبارهما رمز المجد والكرامة فلا مكان إلا لمن يدلي بميزة علمية أو غلبة عسكرية ويلخص المثل الشعبية هذا الموقف : " لا عيش إلا تحت كتاب أو ركاب " ومعناه ( أن قوام الحياة الكريمة لا يكون إلا بالكتاب أي الانتساب لأهل العلم والجاه أوفي الركاب أي الاستظلال بظل أهل القوة والشوكة )
وهكذا كانت علاقتهم مع الموجات الحسانية القادمة من الشمال والتي أقامت بهذه المنطقة برهة مثل لبرابيش وازبيرات ( عرب اركيطة ) وأولاد رزك وأولاد بوعلي ولكتيبات وأولاد خليفة وغيرهم.. طيلة القرون الهجرية : الثامن والتاسع والعاشر وصدر الحادي عشر .
ولعل هذا الانزواء وخصوصا عن أن أصحاب السلطة قديما وحديثا كان من الأسباب الكامنة وراء عدم الشهرة الخاصة والصنائع التاريخية لهذه القبيلة لأن التاريخ صنائع ومجريات ومصادمات .
الهجرات التي شهدتها منطقة القطر المرابطي الشنقيطي وبداية نشأة مجتمع البيظان

الهجرات التي شهدتها المنطقة وأسبابها .

لقد ظل هذا القطر المرابطي الشنقيطي مسرحا لهجرات جديدة من فئات شتى ، ويحيط بهذه الهجرات المتناثرة عبر القرون المتتالية غموض واضطراب كبيران .
وكانت هذه الهجرات النازحة إلى الجنوب في فترات متفاوتة على أنواع متعددة بعضها جاء وهمه الجهاد وفتح البلاد ونشر الإسلام مثل هجرة الفاتحين المبكرة أمثال عقبة بن نافع الفهري وسلالته في القرنين الأول والثاني الهجري ثم هجرة من جاء وهمه الجهاد ونشر الإسلام وبث العلم والفقه مثل هجرة العلماء والدعاة الذين التحقوا بدولة المرابطين من أمثال القاضي إبراهيم الاموي جد قبيلة المدلش ، والمعلم الكبير محمد بن الحسن الحضرمي وعبد الله بن محمد الزينبي جد قبيلة إدغزينبو ، وعبد الرحمن بن أبي بكر جد قبيلة تركز وكانت هجرة هؤلاء في ستينيات القرن الخامس الهجري .
ثم الهجرة الاضطرارية التي أملتها ظروف معينة كهجرة الكثير من المجموعات والافراد الذين دخلوا هذه البلاد بحثا عن الملاذ والأمان والشكل الملائم وكما قيل :
وما غربة الإنسان في شقة النوى === وكلها والله في عدم الشكل
ومن هذا الصنف هجرة الأفراد الخمسة أجداد تشمشه في مطلع القرن الثامن الهجري ثم هجرة بني حسان في نهاية القرن نفسه وهي هجرة قوم ذوي بطولات وصولات ، وكانت وظيفتهم الكبرى وسمتهم المميزة لهم إجادة حمل السلاح والمبارزة ، ولم يشتهر عن هؤلاء العرب أنهم كانوا حملة علم أو دعاة إلى الدين وإن كانوا قد خدموا العلم والدين فيما بعد ، وقد وجد هؤلاء بيئة مناسبة لهم في هذه الأرض لما كانت تعيشه المنطقة من فوضى سياسية خلافا لما كان عليه البلدان التي مروا بها أثناء رحلتهم وتقلبهم ، حيث كانت دول تعرف قدرا من التحضر ولذلك لم تتحمل أنظمتها مقامهم ببلادها لاعتماد حياتهم على الغارات والصراع المسلح .
ثم تتابع وصول أجداد بعض القبائل المحلية من الزوايا وغيرهم إلى القطر ، وتواصلت هجرات القبائل الحسانية على شكل موجات متتالية ، وكان جل القادمين على المنطقة نازحا من الشمال نتيجة للصراعات التي عرفها المغرب الاقصى في أواخر عهد الموحدين وبداية عهد المرينيين وما صاحب ذلك من هجرات جديدة من الشمال للجنوب .إيواء المجلس لبعض القادمين عليهم في المنطقة

كانت لقبيلة المجلس الوجاهة الكبيرة والرئاسة الشهيرة في ناحيتها من هذا القطر دينا ودنيا ، وكثر فيها العلماء والأئمة والقضاة وتوارثوا رياسة العلم مدة طويلة تربوا على خمس قرون وكانو أهل يسر وسؤدد واستقلالية وظل مطلبهم توفير الأمن لهم ولمن جاورهم وقد ساعدت على ذلك عدة عوامل منها شرف نسبهم وزينة حسبهم ومنها أصالتهم العريقة وسبقهم في تعمير هذه المنطقة بالعلم والتعليم لوجه الله تعالى ، والاستغناء والتعفف عما في أيدي الناس وبإكرام الضيف وحفظ الجار ومنها كثرتهم وانتشارهم فكانت أحياؤهم تشكل حرما آمنا ذا هيبة عالية فكانوا يستقبلون القادمين عليهم والنازحين إليهم بصدور رحبة .
هذا وبعد ما يربو على قرنين من تمركزهم في القطر وانتشارهم فيه وبلوغ دولتهم أوجها بدأت تتوافد عليهم من الشمال وغيره من سائر الأقطار الأفراد والأسر الذين يفدون عليهم للحماية أو الحلف أو الجوار أو التعلم .
هذا وكان القادمون على المجلس في هذا القطر على قسمين : قسم نزل عليهم وصاهرهم وجاورهم ، وقسم قدم إلى المنطقة فوجدهم أهل الأرض والدولة والكثرة فجاورهم في الأرض مستقلا عنهم وكانت بينه وبينهم علاقات طيبة وحسن جوار واحترام متبادل .
فمن القسم الأول أجداد الشمشويين الذين انطلقوا من مدينة " تارودانت " في السوس جنوب المغرب ( وهي الآن إحدى عمالات أكادير ) حتى قدموا على أحياء المجلس متفاوتين منهم من قدم عليهم في تيرس ومنهم من قدم عليهم في منطقة الكبلة وكان قدومهم في أواخر القرن السابع أو أوائل القرن الثامن الهجريين وأولهم قدوما " الفغ يد أبيال يوقب " جد قبيلة " إداتفغه " ، ثم الفغ مهنض أمغر جد أولاد ديمان ثم يمس جد قبيلة إدكبهن ، ثم يداج أكدبرع جد قبيلة إدوداي ثم ابهنضام جد بني يعقوب ، ولم تكن تربط هؤلاء الرجال الخمسة رابطه قربى ولا انتساب إلى جد واحد وإنما جمعتهم الهجرة من جنوب المغرب إلى القطر المرابطي الشنقيطي فرارا من الحروب والأزمات التي شهدها جنوب المغرب آنذاك ، فاستقبلتهم قبيلة المجلس كما استقبلت غيرهم بصدور رحبة وحفاوة بالغة وأكرموا مثواهم وتزوجوا فيهم وكان زواجهم من بنات مهندنل بن بادل بن أك بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابراهيم الاموي . فطاب لهم المقام في ذلك الوسط الطيب وأنجبوا الأولاد واقتبسوا من المجلس الشيم الحميدة والأخلاق الفاضلة التي رضعها الأبناء من ثدي الأمهات المجلسيات الطاهرات ، ولم يزالوا معهم حتى بلغ بهم العمران مرحلة خولتهم الاستقلالية حيث تميزوا فيما بعد عن قبيلة المجلس وأسسوا حلفا سموه " حلف تشمشه " ( وهي كلمة صنهاجية تعني الخمسة ) وانتظم حلفهم المستقل لأول مرة على الكثيب الغربي من البير المعروفة بـ " اكننت " التي تقع في الجنوب الشرقي من العاصمة انواكشوط على بعد 73 كلم ( وتقع هذه البير في الشمال الشرقي من بير " لفريوة " التي هي أحد مراكز المدلش ) .

وتأكيدا لاستقلالية هذا الحلف حلف تشمشه فقد استبدل معظمهم ميسم المجلس الذي كانوا يسمون به مواشيهم قبل ميسما من شكل قدم الحبارى ، أمرهم به كدول بن موسى بن عمران الرزكي البوعلي ، أمير أولاد رزك آنذاك والذي أصبح بعد ذلك رمزا لاحتماهم بحماه وحصانته .
ولنزول هؤلاء الرجال الخمسة على المجلس قضية مشهورة مدونة تاريخية فقد تناقلها الكتاب والمؤلفون قديما وحديثا ولهجت بها ألسن الشعراء والمختلفين وحدث بها كثير من العلماء والمبرزين .
وكان الشمشويون ومازالوا يفتخرون ويعتزون بخؤولتهم من المجلس ويتحدثون بامتنان عما عاملوا به أجدادهم من الحفاوة والإكرام ، ينتشر ذلك في تآليف علمائهم ومؤرخيهم وتلهج به ألسنة شعرائهم وناثريهم ، ولا شك أن هذا ينبئ عن مستوى رفيع من كرم الأخلاق وطيب السرائر والوفاء الصادق الذي يعز وجوده ويدل على أنهم كانوا أهلا لما توسمه فيهم المجلس من طيب العنصر وعلو الهمة والذكاء الخارق .
هذا ومن بين من نص على هذه القضية التاريخية العلامة الجليل الشيخ محمد اليدالي المتوفي 1166 ه في كتابه : " شيم الزوايا " ونص عليها المؤرخ الكبير المختار بن حامد الديماني في كتابه : " حياة موريتانيا " وذكرها الأستاذ الباحث محمذ بن باباه في تحقيقه لـ " شيم الزوايا ".
وصرح بها علماء أجلاء شمشويون منهم العلامة الجليل ببها ( محمد فال ) بن محمد بن أحمد بن العاقل المتوفي 1334 ه ، حدث عنه بذلك الشيخان سيد احمد بن مولود بن أحمد محمود بن محمذ بيه ، ومحمد المامي بن محمد الحسن بن اجكان المجلسيان ، وكانا قد نزلا في ضيافته ومنهم العالم الأريب والشاعر الأديب امحمد بن أحمد يوره الديماني 1341 هـ ، حدث بذلك عنه الثقة الدين محمد سالم بن البخاري بن سيد احمد بن حمان بن ألمين المجلسي وكان قد لقيه في رحلة جمعتهما بعض الوقت في مقيل على نجد من أنجاد " الخط " وكان امحمد قد سأله عن قبيلته فلما أخبره أنها المدلش رد عليه قائلا : " نحن أحلافكم نحن أحلافكم " ( كررها مرتين ) وقالها أيضا لجماعة من المدلش كان قد لقيهم في بعض أسفاره منهم الثقة الدو محمد عبد الله بن محمد فال بن نعمه .
ومنهم أيضا الأديب الشاعر ذو السمة العالية والنخوة السامية أبو مدين بن الشيخ أحمد بن سليمان الديماني المتوفي 1364 هـ صرح بذلك لجماعة من المدلش كان قد استضافهم في محظر العلامة يحظيه بن عبد الودود في زورة لابنه محمد بن أبي مدين وهو إذ ذاك طالب في المحظرة المذكورة ومن هذه الجماعة العلامة محمد عال بن نعمه والثقة الضابط حبيب الله بن المبارك المجلسيان .
ومنهم أيضا القاضي محمذ بن محمد فال المتوفي 1386 هـ ، ومنهم الأديب الأريب محمد عبد الله بن الحسن والعالمان المؤرخان محمد بن أبي مدين والمختار بن حامد الشمشويين ، فقد صرحوا بهذا غير ما مرة وفي غير ما مجلس وسمعه منهم العدد العديد من رجال المدلش منهم المؤرخ الثقة الضابط الشيخ بن محمود والعلامة محمد عبد الله بن محمد سيديا والأستاذ الباحث محمد يحيى بن سيد احمد .
كما أشار إليها الأستاذ الأديب أحمد بن محمذ بابه الديماني الأبهمي - وكان قد نزل بجماعة من المدلش يعملون في خارج الوطن وأقام معهم أياما وعندما ودعهم بعث إليهم الأبيات التالية :
مني إلى فتية من مجلس الدين *** تحية أخجلت لمسك دارين
نفسي الفداء لأقوام لقيتهـــــــم *** شم الأنوف بياضين
بياضين
من قربوا الخمس إذ حلوا بمجلسهم *** بالعطف والبذل والإحسان واللين
قضية سجل التاريخ صحتها *** وغير محتاجة منا لتبيين
تلك السيادة لا تنفك ديدنهم *** سادوا على الكل بالمعروف والدين
جازاكم الله عنا الدهر صالحه *** ذاكم دعاء ومشفوع بتأمين

وأشار إليها أيضا العلامة الكبير والمؤرخ الشهير المختار بن حامد الديماني إشارة لطيفة في قصة طريفة جرت بينه وبين بعض أصدقائه وكان فيهم الأديب الظريف حمادي بن السعيدي المجلسي فقال المختار :
إني حليف لنادي العلم مجلسه *** وناصر لهم في المصر والبادي
وإنني حامد وابن له لفتى *** من مجلس العلم أهل الحمد " مادي "

كما أشار إليها أيضا الشاعر الأديب المختار بن أحمد بن محمدا بن محمذن بن محنض بابا الديماني في قصيدة يمدح بها بعض الأفخاذ المجلسية حيث يقول :

قوم نمتهم لإبراهيم جدهم *** سبط الإمام الأشج العدل سل دركه
آباء صدق لهم آباؤهم تركت *** إرث العلى حبذا الآباء والتركه
سائل سجلات تاريخ البلاد لهم *** وسل مشاع حلى للقوم مشتركه
وسل بهم خمسة الحفاظ إنهم *** آووهم وأعانوهم على الحركه
حيث القرابة منهم كالجواز بها *** في الوافدين تقوت تيلك الملكه

من الحكايات والطرف بهذا الشأن:

حيث يروي مؤلف كتاب " الجليس المؤنس في تاريخ وأنساب المجلس " العلامة الشيخ اباه بن محمد عالي بن نعم العبد المجلسي الشنقيطي : حدثني الثقة الضابط حمادي بن السعيدي المجلسي قال : حدثني جدي ( محمد ) بن اسويد بن محمد خويه المجلسي قال : سرت في " غزي المكناسة " يعني "جيش المهاجريه " المجاهدين ضد الاحتلال الفرنسي حتى وصلنا إلى الشيخ ماء العينين بمدينة "السمارة" وكان قد علم بمسيرنا إليه فلقانا بالسرور والفرح وأكرم ضيافتنا ثم ذهب بنا إلى سلطان المغرب وهو آنذاك مولاي احفيظ فقدمنا عليه مراكش وصمنا معه شهر رمضان وأكرمنا غاية الاكرام وأنزل كل ثلاثة منا في قبة ثم قال : وكان من غريب الاتفاق أن كان معي في قبيتي محمد المختار بن الحامد من أعيان قبيلة كنته ووداد بن المحجوب من أعيان قبيلة اسماسيد وكان في القبة التي تلينا الشيخ سيدي بن الشيخ احمد بن سليمان والجيلاني بن أحمد ول حيبل وسيديا بن المختار ولد قطرب الديمانيون . قال أبوك : وكنا نتبادل الأحاديث الودية والمساجلات الأدبية ثم قال : فبيمنا نحن ذات ليلة وقت السحر قال لي الشيخ سيدي " يا ول محمد خويا جايك كاف " فقلت هاته فقال هو أو أحد زملائه :
مايتمونك لكعاد *** بداع ألا يفلـــــــــش
ألا يجبر لعف زاد *** من ذا كهل المدلش
فقلت لهم : أيكم صاحب هذا الكاف ؟ فتبادروا بالقول كلهم يقول : أنا صاحبه ، أنا صاحبه . فقلت لهم ليسمع قائله :
انت فالش فلحين *** لعدت الل تفلــــــش
راع ذا بل امنين *** كامت خلطت شمش
فضحكنا كثيرا فالتفت الينا محمد المختار ول الحامد الكنتي فقال : " يالكوم هاذ الكويفات ما فيهم شيء يظحك و انتوم مايظحكم العبث قولوا لي الاخبار ؟ " فقال له الديمانيون اسال صاحبك يقصدونني .فالتفت الي يريد ان يسألني فقلت له : لا بل اسألهم هم عن ذلك فقال له الشيخ سيدي : أقولها لك أنا : نحن هؤلاء من مجموعة حلف يقال له تشمشه وأصلها خمسة رجال فروا من هذه البلاد ويعني جنوب المغرب بسبب الحروب التي اتقدت فيها حتى وصلوا إلى أحياء المدلش في الجنوب وحالفوهم وسكنوا فيهم وأكرموهم وتأهلوا فيهم فقال الكنتي : الآن طابت نفسي والتفت الي وقال : " ول عمي ول عمي نحن لعمار لكاتلتن ما اتبات فافام امدافعن "


و كان ممن استقبلته المجلس جدا القبيلة الكريمة العريقة انتابه وهما رجلان من قبيلة أولاد الناصر ، اسم أحدهم ألفغ عمر بن عيسى والثاني الشعري بن اشبيشب ويعرف الأول بانتابي الأبيظ وقد تزوج مجلسية وأنجبت له ولدين تفرعت عنهم ذريته التي عرفت بـ " انتابه البيظ " ويعرف الثاني بانتابي الأخظر وإليه تنسب " انتابه الخظر " وكان قدومهما في حدود القرن التاسع الهجري وقد جاورت ذريتهم قبيلة المجلس في المنطقة وصارت بينهما روابط الرحم والصداقة وحسن الجوار والاحترام المتبادل وتسلسل ذلك في ذريتهم جميعا إلى اليوم . إلى ذلك يشير العلامة الجليل عبد الحي بن اتاب الانتابي المتوفي سنة 1404 هـ من قصيدة له :
وجدا قبيلينا من ابناء ناصر *** قد ارعويا عن نهج تلك القبائل
وصدا إلى النهج القويم وبادرا *** إلى مجلس العلم الكرام الأفاضل
وما الفخر إلا للذي تاب واتقى ***وكان على منهاج خير الوسائل

وممن قدم عليهم فكانت بينه وبينهم علاقات طيبة واحترام متبادل وحسن جوار وخؤولات و مصاهرات قبيلة إكمليلن وغيرها
وفي شأن اقدمية المجلس في الأرض وما كان لهم من دور بارز في تعميرها وإيواء الوافدين عليهم وغير ذلك يقول الشاعر الأديب محمدن بن العالم التندغي المالكي من قصيدة له :
ومجلس العلم أدرى بالتراب ومن *** حازوا بها السبق في أمن من الوهن
أووا بها كل من وافاهم فرقا *** حتى أقام عزيزا غير ممتهن
وفجروا من ينابيع المياه بها *** ما فجروا في زمان مورق الغصن
شادوا بها كل بنيان ومدرسة *** كادوا العدو وما حادوا عن السنن

وإلى ذلك يشير أيضا العلامة الكبير الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم اليعقوبي الجوادي من قصيدة له في رثاء بعض أعيان المجلسية :
ولا غرو إن القوم للعلم مجلس *** وما ذا حديث العهد بل لم يزل قدما
إلى ظلهم تاوي الزوايا فأرضهم *** بها وضعوا عدلا كما رفعوا الظلما
فكائن لهم سبقا وفضلا ومنة *** على الناس حقا ليس زعما ولا رجما.


 
 توقيع : عبادي السوقي

أبحث عن الحقيقة شارك في صنع حياه مثاليه أمتلك المعرفة فإن هناك من يحاول إخفائها عنك حتى تظل أسيرا له


رد مع اقتباس