عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2018, 11:41 AM   #4


الصورة الرمزية عبادي السوقي
عبادي السوقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 96
 تاريخ التسجيل :  Jun 2009
 أخر زيارة : 05-02-2024 (09:53 AM)
 المشاركات : 386 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قبيلة المدلش أو المجلس الصنهاجية



علاقة المجلس العامة بسكان قطرهم

لقد ظل يسكن هذا القطر المرابطي وخصوصا في الشريط الساحلي منه في تلك العصور البعيدة والقرون القديمة ( الخامس والسادس والسابع للهجرة ) مزيج من الصنهاجيين والبربر والزنوج وغيرهم .وكانت صنهاجة والبربر أكثر تواجدا في وسط وشمال القطر ، وكانو رحلا يعيشون تحت الخيام ينمون مواشيهم ويعتمدون على غلالها .
وكان السودان أكثر تواجدا في الوسط والجنوب وخصوصا في شواطئ النهر الصنهاجي ( السنغالي ) وكان معظمهم أهل قرى وأخصاص يمتهنون الزراعة والتنمية .
وقد ظلت علاقة المجلس بجميع هذه الشعوب علاقة طيبة وعرفت لهم بين كل هذه الفئات المكانة السامية والتقدير والإحترام وعلى الجملة فقد ظلت علاقة طيبة يطبعها طابع السلم وحسن الجوار وظلت كل هذه الطبقات تعترف للمجلس بالزعامة الدينية والثقافية وترجع إليهم في تعاليم الدين الإسلامي .
ولم يكن ذلك من الغريب لما كان يتمتع به إبراهيم الأموي من الاحترام التام في طبقة السلطة العليا المرابطية فضلا عن غيرها لأنه كان قاضيا عام للأمير ومدرسا ومفتيا لكل الطبقات ترجع إليه في حل المشكلات وتسمي مجلسه مجلس القضاء ومجلس العلم مما جعله ذا مكانة عالية في محيطه وكذلك بنوه وحفدته وبالإضافة إلى ما كانوا يقومون به من التعليم والقضاء وما كانوا يتحلون به من الكرم والسخاء وماكانوا يتصفون به من الأنفة والإباء فقد كانوا ينحدرون من بيت شرف وملك في الحجاز والشام والأندلس وكانوا من ذرية الخليفتين العادلين عمر بن عبد العزيز وعمر بن عبد الخطاب بالإضافة إلى عمومة الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهم.


علاقة قبيلة المجلس بصنهاجة


صنهاجة جيل من الناس كانوا يسكنون المغرب والصحراء الكبرى مابين المحيط الأطلسي في الغرب و " غدامس " في الشرق ولهم شعوب وقبائل وبطون أكثر من أن تحصى ، وقد ذكر بعض المؤرخين أنهم انتهوا إلى سبعين قبيلة وقد انتشروا في البلاد فلا يكاد قطر من أقطارها يخلو من بطن من بطونهم في جبل أو بسيط وكانوا في القرن الثامن الهجري يشكلون غالبية سكان المغرب .
وذكر بعض المؤرخين أن التجمع البشري الصنهاجي يضم فرعين رئيسيين : فرع يعرف بـ " صنهاجة الظل " وهم القاطنون بالجبال ، وفرع يعرف باسم " صنهاجة القبلة " وهم القاطنون بالبسائط القاحلة المعرضون للشمس والترحال المستمر وهم الذين يعرفون بالملثمين أصحاب اللثام وقد قسم ابن خلدون صنهاجة إلى أصحاب مدر غالبهم في الشمال يسكنون الدواوير والقرى وأصحاب وبر يسكنون الخيام وهؤلاء إنما هم قبائل الملثمين الرحل سكان الصحراء .
وكانت مواطنهم مابين المغرب الأوسط وإفريقية وهم أهل مدر إلا لمتونة وكدالة ومسوفة فقد كانت مواطنهم بالصحراء وجنوبها وهم أهل وبر ولذا أطلق عليهم " صحراء الصنهاجيين وصحراء الملثمين " وأخذو في التغلغل إلى الجنوب لانتجاع المراعي وكانوا يخالطون البربر في منازلهم ومساكنهم ويجاورون السودان في قراهم وديارهم .
وذكر ابن حوقل والبكري : أنهم كانوا قبائل بدوية متفرقة على المراعي وطرق القوافل وارتياد مدن التجارة الصغيرة ، وكانو يعيشون مابين القرن الثامن ومنتصف القرن الحادي عشر الميلاديين مابين بداة يرعون الإبل يعانون من الفاقة ، وأصحاب بقر ودواوير مستقرين في الجنوب اتخذو اللثام شعارا بين الأمم ، انتبذوا العمران واستأنسوا بالانفراد والتوحش مشكلين حاجزا ما بين بلاد البربر وبلاد السودان يدينون بالمجوسية حتى كان إسلامهم بعد فتح الأندلس في بداية القرن الثاني الهجري " الثامن ميلادي " في خلافة هشام بن عبد الملك بن مروان لكن إسلامهم كان سطحيا وغير متمكن .
وكان قوام حياتهم ألبان الأنعام ولحومها ينتقلون مابين التخوم الجنوبية لأدرار التمور ووادي درعة في الشمال طلبا للمرعى والكلأ .
ثم بمرور الزمن ظهر منهم قسم شبه حضري بجوار نهر صنهاجة ( الذي عرف بعد بنهر السنغال ) فكان أكثر يسرا وأقوى تماسكا وهو القسم الذي استوسل لهم فيه ملك ضخم أيام العصر الأموي في الأندلس ابتداء من العقد الأول من القرن الثالث الهجري وإلى غاية 414 هـ (1022 م ) تاريخ وفاة الأمير " ترسينا " منذ دولة عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأموي .
وقد توارث دولتهم هذه نحو الثلاثين ملكا توالوا على كرسي الإمارة قبل أن يصل الأمر إلى أبي بكر بن عمر اللمتوني حوالي 443 هـ ( 1053 م )
وفي هذه القبائل الثلاث كانت الدولة الثانية الصنهاجية وهي دولة المرابطين على يد مؤسسها الأول يحيى بن ابراهيم الكدالي ثم يحيى وأبي بكر بني عمر اللمتونيين اللذين اتسع نطاقها على يديهما بالفتوح الإسلامية العظيمة كما مر .
وكانت هذه القبائل تنتشر في هذا القطر وخصوصا في شماله ووسطه وكانت قبائل وبطون المجلسية تجاورهم فيه ، وظلت العلاقة بينهم طيبة يطبعها السلم وحسن الجوار وظل الصنهاجيون يعترفون للمجلس بالزعامة الدينية والثقافية ويرجعون إليهم في تعاليم الدين الإسلامي ويعظمونهم وقد ورث الصنهاجيون ذلك من أميرهم العادل أبي بكر اللمتوني كما ورث المجلس تلك المكانة وذلك الدور من جدودهم إبراهيم الأموي وبنيه ، وهكذا ظلت قبيلة المجلس محل تقدير واحترام واعجاب سائر أجداد المرابطين والصنهاجيين الموجودين في المنطقة آنذاك من نهاية القرن الخامس إلى أواخر القرن الثامن الهجريين أي مايقارب ثلاثة قرون .علاقة قبيلة المجلس بالبربر

(البربر) جيل من الناس هم سكان المغرب القديم ملأوا البسائط والجبال من تلولها وأريافها وضواحيها وأمصارها يتخذون البيوت من الحجارة والطين والخوص والشجر ومن الشعر والوبر ، يظعن أهل العز منهم والغلبة لانتجاع المراعي في الريف والصحاري والقفار ومكاسبهم البقر والشاء والخيل في الغالب للركوب والإنتاج ، وكانت الإبل من مكاسب أهل النجعة منهم ، شأن العرب ، وهي معاش المعتزين منهم ، ينتجعون لها ويظعنون عليها ، ومعاش المستضعفين منهم بالفلاحة ودواجن السائمة .
ولقد كانت للقبائل البربرية أهمية كبرى في توطيد تاريخ المغرب العربي وتشعبوا إلى بطون كثيرة وشكلوا أول فوج غزا الصحراء في القرن الثالث الميلادي وانتشروا فيها ، وكانت لهم قبائل كثيرة منها مغراوة وبدو يفرن وبنوا بزال .. الخ ، وكان لقبيلة مغراوة البربرية في بدوهم ملك كبير أدركهم عليه الإسلام فأقره لهم وحسن إسلامهم وهاجر أميرهم صولات بن وزمار إلى المدينة ووفد على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأسلم على يده فلقاه برا وقبولا وعقد له على قومه ووطنه وانصرف إلى بلاده محبورا مغتبطا بالدين مظاهرا لقبائل مضر ، فلم يزل هذا دأبه ، وقد اختص صولات هذا وسائر الأحياء من مغراوة بولاء عثمان وأهليته من بني أمية وكانوا خاصة لهم دون قريش وظاهروا دعوة المروانية بالأندلس رعيا لهذا الولاء .
ولما هلك صولات قام ابنه حفص بأمر مغراوة وكان من أعظم ملوكهم ثم خلفه في الأمر بعده ابنه خزر ، ولم يزالوا يحفظون العهد للأمويين ، فكانت ذريتهم وخصوصا ملوكهم المغراويون منحازين إلى ملوك الأندلس المروانيين لقرابتهم من عثمان بن عفان رضي الله عنه .
ومن ملوك البربر حميد بن يصليان البربري ولاه الناصر الأموي على المغرب الأوسط فكان من قواد الأمويين به سنة 333 هـ وكذلك كانت بين عبد الرحمن الناصر الأموي علاقة طيبة وتوليه للخير بن محمد بن خزر المغراوي على قومه وليعلى بن محمد البربري اليفرني على قومه .
ولما هلك الناصر وقام بالأمر بعده لابنه الحكم المستنصر الأموي استأنف مخاطبة ملوك العدوة فأجابه محمد بن الخير بن محمد بن خزر المغراوي بما كان من أبيه الخير وجده محمد في ولاية الناصر والولاية التي كانت لبني أمية على آل خزر بوصية عثمان بن عفان رضي الله عنه لصولات بن وزمار جدهم .
ومن ملوك مغراوة البربريين زيري بن عطية بن عبد الله بن خزر أمير ال خزر في وقته ووارث ملكهم البدوي الذي مهد الدولة بفاس والمغرب الأقصى وأورثها بنيه إلى عهد لمتونة وجده عبد الله أخو محمد داعية الناصر الأموي .
وكان مقاتل وزيري ابنا عطية أشد الناس قياما بطاعة المروانيين ، وكان زيري قد أقام الدعوة في المدن التي فتحها مثل " تاهرت " و " تلمسان " وغيرهم للمؤيد هشام بن الحكم الأموي من آخر الملوك المروانيين بالأندلس .
ومن ملوكهم خزرون بن فلفول المغراوي المتغلب على " سجلماسه " والمغرب الأقصى الذي كان هو وبنوه يدينون بالدعوة المروانية ، وكان خزرون هذا قد استولى على " سجلماسة " ومحا منها دولة آل مدرار والخوارج وأقام الدعوة بها للمؤيد هشام المرواني ، فكانت أول دولة أقيمت للمروانيين بذلك الصقع وكتب للخليفة بذلك فعقد له الخليفة هشام على سجلماسة وأعمالها وعهد إليه بذلك فضبطها وقام بأمرها إلى أن هلك فوليها بعده ابنه والودين المغراوي .
وفي تلك الفترة استولى زيري بن عطية على المغرب وملك فاسا بعهد هشام المرواني ، ولم يزالوا على ذلك حتى انتثر سلك الخلافة بقرطبة وبدأ عهد ملوك الطوائف ، وعند ذلك بدأوا يتغلبون على البلاد ويحاولون ضبطها لأنفسهم حتى ظهر عبد الله بن ياسين ومن اجتمع عليه من المرابطين من لمتونة ومسوفة وسائر الملثمين .
ومن مغراوة هؤلاء الأمير لقوط بن يوسف كانت تحته زينب بنت إسحاق النفراوية المشهورة بالجمال والرياسة التي خلفه عليها أبوبكر بن عمر اللمتوني ثم يوسف بن تاشفين .
ومن قبائل البربر أيضا بنو يرنيان اخوة مغراوة كانت لهم صولة واعتزاز وكانوا من افحل جند الأندلس وأشدهم شوكة ، وقد أجاز الحكم من المستنصر الأموي منهم فيمن أجازوه من زناتة في المائة الرابعة .
ومن قبائل البربر أيضا بنو برزال الزنانيون ، كان الحكم المستنصر الأموي قد استخدمهم ، وكانت لزنانة دولة كبيرة إلى جانب دولة صنهاجة وكانت تقع بينهما حروب سجال تظهر هذه تارة وهذه أخرى وكانت دولة زنانة تقوم بدعوة الأمويين لمكان جدودهم : صولات وبنيه من الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأمراء الأندلس المروانيين .
وكانت البربر وصنهاجة يجمعهم وطن واحد ولكن كان العداء مزمنا فيما بينهم وكانت زنانة تتعصب لبني أمية فيما بعد وصنهاجة للعلويين .
وهكذا ظلت قبائل وبطون البربر منتشرة في هذا القطر وخاصة في وسطه وشماله يعيشون تحت الخيام وينمون مواشيهم ويعتمدون على غلاتها يرحلون لانتجاع الكلأ والمراعي وظلت قبائل وبطون المجلسية الأموية تجاورهم في هذا القطر وظلت العلاقة بينهما طيبة يطبعها السلم وحسن الجوار وكانت القبائل البربرية تعترف للمجلس بالزعامة الدينية والثقافية وتكن لهم التقدير والاحترام والتعظيم والإجلال وترجع إليهم في تعاليم الدين الإسلامي وكانت تلك العلاقة المشتملة على ذلك ضاربة في عمق التاريخ ومستمرة في جميع الشعوب عبر العصور وقد ورثوا ذلك من آبائهم وأجدادهم وملوكهم منذ عند خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ومن بعده من المروانيين الشاميين والأندلسيين كما مر .علاقة قبيلة المدلش بـ السودان والزنوج

لقد كانت تقطن في هذا القطر شعوب من السودان منذ القدم تعد من أعرق شعوب الزنوج وكانوا يسكنون في أكثر نواحيه وقد كان لهم على الخصوص تواجد من منطقتي " تجريت " و " اكشار " و " ايكيدي " و " كنار " و " برويت " ويروي ابن زهر وهو صاحب كتاب " روض القرطاس " أن أقصى الجنوب المغربي في القرنين الثامن والتاسع للميلاد كان مأهولا ما بين أقوام سود متقرين أصحاب مداشر وقرى ، وقبائل بدوية متنقلة اشتهرت باسم الملثمين وهي لمتونة وكدالة ومسوفة ، وكان جلهم يسكن الصحراء الغربية شمال المناطق التي يسكنها السود .
وقد تتبع المؤرخون مسيرة أهل " كنار " من الشمال إلى ما وراء النهر انطلاقا من " تنبراهيم " في " تجريت " إلى " كص همر فال " و " دارا " في " جولف " وراء النهر مرورا " تندكسم " ثم بحيرة اركيز ثم " ابصينت " ( كرك ) و " تنكن " و " تيكماطين " في برويت ، وقد مكثوا في هذه المناطق قرونا كثيرة وكانت توجد فيها آثار مساكنهم كالخزف والحجارة وأنواع من الصور والعظام وغير ذلك .
وكانت لهم عدة تجمعات بشرية من مختلف فصائل الزنوج يتألفون من السرغلات والتكارير والفلان وقلة من الوولف وغيرهم ، وأغلبهم فلاحون و منمون .
ومن تلك التجمعات التي كانت تسكن هذه البلاد أهل امبطار وأهل دوراكه وأهل انبل وأهل انبليل ويقال لهما ولما حولهما " انبليلات " وأهل انتينو وأهل ابصينت وأهل انتيكان وأهل بميري وأهل المصطف جوب واهبيب وأهل مصر جوب ، وادوفال الولفيون ، وأهل والو وأهل فوته وأهل نارا وغيرهم وجل هذه المسميات عبارات عن تجمعات قروية ( كصور ) ، تسكنها مجموعات من السودان وقد سميت بأسمائها قصور في جنوب النهر الصنهاجي لعل أهلها كانوا من سكان هذا القطر فنزحوا إلى الجنوب فسكنوا أماكن سموها بأسماء أماكنهم الأصلية التي نزحوا منها مثل قبيلة " مصار اجيوب " التي كانت تسكن برويت فنزحت إلى الجنوب ونزلت ب " جولف " السنغال وأسسوا القرية المعروفة اليوم باسم " إنكك " وكان من رؤسائها في القديم ببكر جوب .
وقد نزح معظم السودان الذين كانوا بهذا القطر اتجاه الجنوب في أزمنة متفاوتة وخصوصا إبان الفتح المرابطي لهذه البلاد ، ومن أخرجهم نزوحا من هذه البلاد شعب ادوفال الذين ينتمون إلى الولف ، وقد سكن معظم ناحيهم جنوب النهر ومنهم أهل والو وأهل فوته ودارا وغيرهم .
وقد كانت هذه العناصر الزنجية تجاور القبائل والبطون المجلسية في هذا القطر وظلت تدين للمجلس بالولاء قبل أن تهاجر أحياؤهم من هذه الأماكن التي كانت تقطنها إلى الجنوب وكانت بينهم علاقة ودية يعيش الجميع فيها في أمن واطمئنان ونسج الحوار بينهم خيوط الألفة والمحبة بل ربما تطورت في بعض الأحيان إلى علاقة عائلية وما زالت بقاياهم حتى الآن تعترف بتلك العلاقة الخاصة التي كانت تربطهم بالمجلس كما كانت للمجلس علاقات خاصة مع العائلات العلمية منهم التي كانت تسكن بهذه الأماكن المذكورة .
ولقد كان سودان هذا القطر وما جاوره على جانب كبير من التدين بدين الإسلام من لدن تلك العصور ومن أحسن الأمم إسلاما وأقومهم دينا وأكثرهم للعلم وأهله تحصيلا ومحبة .
ومن الحكايات الشائعة عند أعيان وأكابر الزنوج ويرويها أيضا بعض مشايخ المجلس المسنين أن المنطقة الواقعة إلى الجنوب الغربي من "تكماطين " المعروفة بـ " انجل بور " وكان يقال لها أيضا " طول بوركبان " ومعناها : نفقة المدلشي ) إنما سميت لهذا الاسم لأحياء الزنوج القاطنين في الجنوب وخاصة الأحياء القريبة من هذه المنطقة كانوا يجتمعون إبان موسم الزراعة المطرية فيزرعونها لـ " امرابط المدلش " فإذا نزل المطر ونبتت الأرض تجمعوا لها أيضا فيتقسمون كل فرقة تبدأ من جهة معينة من تلك المنطقة لقلع النبات الذي يضر بالزراعة ويتجه الجميع إلى نقطة الوسط فيلتقون عندها فعند ذلك يرفعون آلاتهم ويرجعون إلى أحيائهم ومزارعهم الخاصة ومما يترجم العلاقة الحميمية القديمة بين المجلس وزنوج المنطقة اللقب ( الصنت أو اتمجيدة ) الخاص الذي أطلقه الزنوج القدامى على المجلس داخل المنطقة وخارجها والذي يعبر عن عمق التفاهم وحسن الجوار الذي ساد بين الشعبين المجلسي والزنجي فقد كان الزنوج يلقبون المجلسي تمجيدا لهم بـ " تبان " وهذا الصنت أو اللقب عبارة عندهم عن الكرم والمروءة .
والخلاصة أنه كانت للمجلس مع جميع تلك الفئات من صنهاجيين وبربر وزنوج وغيرهم رابطة تعتبر أقوى روابط الاتحاد ، رغم اختلاف الأعراق واللغات وهي رابطة الإسلام وحسن الجوار وكرم التواصل .
كما تربطهم بالمجلس أيضا رابطة التتلمذ التي كان لها الدور الأكبر البارز في صنع التقدير والاحترام والتعظيم والاجلال لأن المجلس منذ وصولهم للقطر في منتصف القرن الخامس الهجري هم أصحاب رعاية الدور الأكبر الذي بدره المرابطون والذي هو نشر الإسلام في كافة ربوع القطر والعمل على بث العلم تطوعا وبذله بسخاء لساكنيه وعلى توحيد صفوف جميع العناصر التي تتعايش فيه ونصحهم ومساعدتهم على حل مشاكلهم الداخلية والخارجية في نظام مبناه المسامحة والتراحم وتحكيم الشرع ومخالقة الجميع بالخلق الحسن والتعفف عما عند الغير .. ولاعتراف الجميع لهم بأنهم من ذرية الخلفاء الأمويين بالشام الذين انطلقت منهم الفتوحات الاسلامية لهذه الأقطار وغيرها وخصوصا في عهد جدهم العادل عمر بن عبد العزيز الشيء الذي خلد لهم الذكر الحسن والمحبة الصادقة في قلوب الناس يضاف إلى ذلك أنهم من فصيلة الخلافة المروانية في الأندلس الذين كان بعض أمراء صنهاجة والبربر يميل إليهم ويدعو لهم على المنابر ولأنهم أحفاد قضاة المرابطين في الجنوب بالإضافة إلى كونهم أمة عظيمة قوية عزيزة الجناب لا تدين لسلطة ولا تألف الانقياد ولا تسأم بمغرم ولا تؤدي خراجا .
كل هده الاعتبارات وغيرها أكسبت المجلس المكانة الرفيعة والمعنوية العالية والاحترام التام والتقدير والإجلال في القديم والحديث بين جميع سكان القطر من مختلف الشعوب على مر العصور وجعلت الجميع يرعى لهم سابقتهم ويحترمهم احترام خاصا ويعتقد فيهم الخير .


 
 توقيع : عبادي السوقي

أبحث عن الحقيقة شارك في صنع حياه مثاليه أمتلك المعرفة فإن هناك من يحاول إخفائها عنك حتى تظل أسيرا له


رد مع اقتباس